" القضاء السوداني والعدالة الجنائية الدولية" - رابطة القانونيين بقطر - المتحدث د. أمين مكي مدني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-15-2024, 08:04 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-25-2009, 04:11 PM

حسن طه محمد
<aحسن طه محمد
تاريخ التسجيل: 03-01-2007
مجموع المشاركات: 3653

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
" القضاء السوداني والعدالة الجنائية الدولية" - رابطة القانونيين بقطر - المتحدث د. أمين مكي مدني


    في اطار الفعاليات التي تقيمها رابطة القانونيين السودانيين بدولة قطر وآخرها ندوة ( العدالة الانتقالية ) والتي بحمد الله لاقت حضورا مميزا واقبالا كبيرا.

    تنظم الرابطة

    في السابعة مساء يوم الخميس 28/5/2000م بالسفارة السودانية بالدوحة


    نــــــدوة قــــــانــونـــــــــيــة



    بــعــنــوان


    " الــقــضــاء الــســودانــي والــعــدالــة الــجــنــائــيــة الــدولــيــة "

    يــتحــدث فــــيــــــهــــــا

    الــــدكـــتــــور / أمـــــيـــــن مـــــــكــــي مــــــــدنـــــــي


    - المحامي والاستاذ السابق بكلية القانون - جامعة الخرطوم

    - الوزير السابق في الحكومة الانتقالية بعد انتفاضة ابريل 1985م.

    - الممثل السايق للمكتب الاقليمي للمفوض السامي للامم المتحدة للمنطقة العربية لحقوق الانسان UN - OHCHR

    - رئيس مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الانسان

    - الخبير في القانون الدولي

    - له كتب ومقالات حول حقوق الانسان والقانون الانساني.


    الدعوة موجه للجميع لحضور هذه الندوة الهامة .
                  

05-25-2009, 04:17 PM

حسن طه محمد
<aحسن طه محمد
تاريخ التسجيل: 03-01-2007
مجموع المشاركات: 3653

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: " القضاء السوداني والعدالة الجنائية الدولية" - رابطة القانونيين بقطر - المتحدث د. (Re: حسن طه محمد)

    رابطة القانونيين السودانيين بقطـــــر


    دعــــــوة عــــــــــــــــــــامــــــــــــــة

    نـــدوة : " القضاء السوداني والعدالة الجنائية الدولية "

    المتحدث : الدكتور / أمين مكي مدني

    الزمان : السابعة مساء الخميس 28/5/2009م.

    المكان : مبني السفارة السودانية بالدوحة - قطر


    مرحب بالجميع
                  

05-25-2009, 04:20 PM

حسن طه محمد
<aحسن طه محمد
تاريخ التسجيل: 03-01-2007
مجموع المشاركات: 3653

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: " القضاء السوداني والعدالة الجنائية الدولية" - رابطة القانونيين بقطر - المتحدث د. (Re: حسن طه محمد)

    عزيزنا بكري ابوبكر

    نأمل رفع هذا البوست لأهمية الموضوع


    دمتم،،،،
                  

05-25-2009, 04:33 PM

wadalzain
<awadalzain
تاريخ التسجيل: 06-16-2002
مجموع المشاركات: 4701

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: " القضاء السوداني والعدالة الجنائية الدولية" - رابطة القانونيين بقطر - المتحدث د. (Re: حسن طه محمد)

    دكتور أمين مكى مدنى أستاذى علمنى حرف القانون الجنائى وهو استاذ متمكن فى تخصصه بالاضافة الى أنه لديه حس عالى بحقوق الانسان والديمقراطية ، لم يكن ابدا استاذا جامعيا ومحاميا يحاضر ويجلس فى ابراج عاجية بل كان يحاضر فى قاعات الدرس فى بدايات الثمانينات ويأتى مساءا يقدم الندوات فى نقد قوانين نميرى المجافية لحقوق الانسان وكان أحد الشخصيات السودانية البارزة التى ساهمت مساهمة فعالة فى انتفاضة ابريل ، لقد رأيته بأم عينى فى الثالث من ابريل 1985 وهو يخوض غمار المسيرات والمظاهرات متقدما لا هيابا من دخان الغاز وازيز الرصاص المتطاير حولنا ولقد كافأته الانتفاضة بأن عين وزيرا للاشغال وكان من ابرز وزراء الفترة الانتقالية وعند مجىء الانقاذ كان ايضا متماهيا مع معتقده وافكاره فى مناهضة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان وحرياته فظل ينافح الانقاذ بكل ما أوتى من فكر وعلاقات دولية واقليمية وصدرت له كتب ومقالات تكشف الانتهاكات والمخالفات فكافأته الانقاذ بأن صادرت منزله بالخرطوم .

    كنا ونحن طلاب بالجامعة نلجأ اليه فى مكتبه ليمدنا بأفكاره وماله فى دعم مشاريعنا وبرامجنا .

    الف مرحب بالدكتور أمين مكى مدنى عالما قانونيا لا يشق له غبار
                  

05-25-2009, 04:39 PM

wadalzain
<awadalzain
تاريخ التسجيل: 06-16-2002
مجموع المشاركات: 4701

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: " القضاء السوداني والعدالة الجنائية الدولية" - رابطة القانونيين بقطر - المتحدث د. (Re: wadalzain)

    مقال نشر له فى جريدة الاخبار السودانية


    المادة (16) سبيلنا للخروج من أزمة الجنائية الدولية
    الكاتب/ أمين مكي مدني المحامي
    Monday, 30 March 2009
    بداية، أود أنّ أزجي خالص الشكر والعرفان للأخوة في جمعية العلوم السياسية السودانية لتكرمهم بدعوتي للمشاركة في ندوة بتاريخ 16 مارس الجاري حول تداعيات قرار الغرفة التمهيدية المحكمة الجنائية الدولية القاضي بتوقيف الرئيس البشير.

    كان عنوان الندوة (المحكمة الجنائية الدولية تهديد للنظام العالمي)، إن لم تخني الذاكرة، إذ لا أذكر تحديداً. جمعت الندوة أكثر من خمسين شخصية من أساتذة العلوم السياسية والقانون وطلاب البحوث والدراسات بمختلف الجامعات السودانية. أدار الندوة باقتدار الأستاذ الكرسني وشارك بالمساهمة الرئيسية فيها كل من الأستاذ بابكر الشيخ، عميد كلية القانون بجامعة الأزهري والأستاذ حسن الساعوري، مدير جامعة النيلين السابق وشخصي الضعيف وأعقبها حوار حيوي حول الأمر.


    خلصت أعم الرؤى إلى أنّ البلاد تمر بأزمة سياسية حقيقية، وأنّ لابد من وقفة الجميع للمشاركة في الخروج منها. لن أجرؤ أنّ أقدم على استخلاص نتائج محددة للندوة بشكل عام، أو أنّ أنسب إلى شخص أو آخر مقولة محددة خشية أن أدخل في مغالطات وجدال لا جدوى منهما، فضلاً عن قناعتي أنّ هذا دور مناط بالقائمين على أمر الندوة. غير أنّني رأيت من المناسب أنّ أطرح على القارئ بعض ما أدليت به من أفكار يبدو لي أنّ أكثرها قد وجد استحساناً أو موافقة من الحاضرين، وإنّ كنت قد سبق وعبرت عن بعضها من خلال الصحافة اليومية قبل صدور قرار المحكمة الجنائية بإيقاف الرئيس البشير، ما يلقي بظلال مختلفة على الأمر وما يدعو إلى طرح بعضها مرة أخرى في ضوء المناقشات التي جرت في الندوة علّ القراء يجدون فيها ما قد يفيد؟ أو بعض ما يدفعهم للمشاركة إزاء هذا التطور الخطير والأزمة التي تتطلب تكاتف كل الجهود دون إقصاء بأي سبب كان.


    بداية، نقول إنّ من حق أي مسؤول أو مواطن عادي التعبير عن رأيه بالمسيرات والتظاهر ووضع الملصقات ورفع الشعارات المناهضة للمجتمع الدولي أو غيره, ومواقفه وقراراته، ذلكم في إطار حرية الرأي والتعبير، شريطة أن لا يصل هذا إلى حد التهور والعنف والعدوان على الآخرين، وألا يكون خصماً على فاعلية الدولة في تسيير أعمالها العادية في خدمة المواطن ودفع عجلة الإنتاج. كما نقول إنّ الأزمة الراهنة ليست أزمة الرئيس البشير، أو حزب المؤتمر الوطني، أو حتى النظام الحاكم بشريكيه، بل هي أزمة لها تداعياتها على البلاد جميعها، أزمة بقاء أو فناء، وتمزق أو شتات للسودان، وفق احتمالات الشقاق التي أخذت تظهر بوادرها فيما بين الحكومة والفصائل المسلحة عقب صدور القرار وإبعاد بعض منظمات المجتمع المدني الدولية.


    نقول، دون مساس بموقفنا المؤيد لمبدأ عدم الإفلات من العقاب تجاه أي شخص، مهما علا شأنه أو مكانته في الدولة، إن إيقاف الرئيس في الوقت الحالي، تحت ظل نظام شمولي يمسك بجميع مفاصل السلطة التشريعية، والقضائية، والتنفيذية، بما فيها القوات المسلحة، وقوات الأمن الوطني بسلطاتها الاستثنائية، والشرطة، والدفاع الشعبي، فضلاً عن أجهزة الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني، أمر يشكل مخاطر جمة، بداية بالنسبة لتحقيق جميع مقتضيات السلام في دارفور، خاصة مع الفصائل المسلحة التي أعلنت مسبقاً أنّ قرار المحكمة بمثابة انتصار لها وهزيمة للنظام الذي يزعمون أنّه قد سقط سلفاً، وفق حساباتهم، وبالنسبة إلى تهديد تنفيذ اتفاقية نيفاشا، خاصة في أمر قضية أبيي، وإجراء الاستفتاء الذي لن يتم في موعده دون إجراء انتخابات تأتي بحكومة ديمقراطية، وإعاقة بلوغ آليات التحول الديمقراطي بإلغاء أو تعديل القوانين الاستثنائية، وكفالة استقلال القضاء، وتنقية وإيجاد المؤسسات العامة التي تعمل وفق أُطر ديمقراطية مقبولة لدى الجميع.


    الحديث عن التظاهرات والهتافات ضد النظام العالمي الذي تسيطر عليه قوى الاستبداد والاستعمار والصهيونية، برغم صحة جله، لن يفيدنا كثيراً اليوم، كما أنّه ليس بالجديد أنّ منظمة الأمم المتحدة أُنشئت إبان موجات التحرر الوطني في معظم أنحاء العالم، وأنّ نظامها، أي الأمم المتحدة، انبنى منذ بدايته على قاعدة هيمنة الدول الكبرى (الاستعمارية والرأسمالية والداعمة للصهيونية) خاصة بإعطائها حق القرار أو النقض في مجلس الأمن في جميع المسائل المتعلقة بالسلام والأمن الدوليين، وفي السعي لوقف النزاعات المسلحة الدولية والداخلية. فما نهتف بالتندية به اليوم حول ما يقومون به في العراق وأفغانستان وغزة، قديم قدم الأمم المتحدة كما برز في جميع المنازعات ذات الصبغة الإقليمية الدولية, كما الحرب الكورية (1951) وحرب السويس (1956) والكونغو (1960) وخلافها. أما غزة التي تصدرت هتافاتنا اليوم فعمر مصيبتها أكثر من ستين عاماً صدرت إبانها عشرات القرارات من مجلس الأمن والجمعية العامة تتعلق بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، وترسيم الحدود، ومنع بناء المستوطنات، وتهويد القدس، وعودة اللاجئين... الخ, ظلت جميعها حبراً على ورق، فضلاً عن الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان الفلسطيني من اغتيال، وجراح، وترحيل قسري، واعتقال إداري، وإغلاق للمعابر وغيرها.. وغيرها.


    إذا تمعنا في كل ما تقدم، لأدركنا أنّ الهتافات والعويل والشجب والإدانة للاستكبار والصهيونية والاستعمار، على مشروعيتها، لن توصلنا وحدها لتحقيق غاياتنا، وطالما نحن أمام محنة سودانية ينبغي أن نسعى لحلها على الصعيد المحلي من خلال تكاتف جميع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والاتحادات والنقابات المهنية والفئوية والجمعيات الدينية والخيرية، دونما اعتبار لانتماءاتها السياسية أو الجهوية، مع الخبراء والمختصين من رجالات البلاد القانونيين والإداريين والدبلوماسيين وذوي الاختصاصات الأخرى للمشاركة جميعاً عبر السبل المتاحة كافة للخروج من النفق المظلم.


    أما بالنسبة لموضوع الأزمة الحالية نقول بإيجاز شديد إنّ الحكومة قد أعلنت مسبقاً وأكدت بعد صدور قرار غرفة ما قبل المحاكمة القاضي بإيقاف الرئيس البشير, إنها- الحكومة- ترفض القرار والهيئة والمدعي العام كونها لن تتعامل مع المحكمة كون السودان غير عضو في النظام الأساسي للمحكمة، وأنّه لا ينبغي ممارسة أي اختصاص بحقه. وقد سبق أن قلنا إنّ السودان بالفعل ليس عضواً بالمحكمة، كونه لم يصادق على نظامها الأساسي. كما قلنا إنّه، برغم ذلك، فإن النظام الأساسي للمحكمة يجيز في مادته 13(ب) لمجلس الأمن الدولي إحالة أية حالة يرى أنها تهدد السلام والأمن الدوليين إلى المحكمة، دونما إشارة لكون الدولة المعنية عضواً في المحكمة أم لا. ويلزم التوضيح هنا أن رأينا الذي أكدناه مسبقاً أنّ مجلس الأمن لا يستمد صلاحياته تلك من المادة 13 (ب) المذكورة فحسب، بل من مسؤوليته عن حماية السلام والأمن الدوليين بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي ارتضاه السودان بحكم عضويته في المنظمة الدولية. فالفصل السابع من الميثاق يخول مجلس الأمن في مادتيه (41، 42) اتخاذ جميع الترتيبات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية وفرض الحصار على كل من يهدد السلام والأمن الدوليين. على الصعيد القضائي, يذكر أنّ مجلس الأمن كان قد كونّ محكمتين دوليتين قبل إنشاء محكمة روما، لمحاكمة مرتكبي الانتهاكات في يوغسلافيا السابقة (1993) ورواندا (1994) وما زالت المحكمتان تزاولان أعمالهما. فإذا سلمنا بأنّ لمجلس الأمن الحق في تكوين محكمة دولية خاصة للعناية بهذه الحالة هنا أو هناك، فكيف يستوي عقلاً أن يفقد سلطة الإحالة إلى محكمة قائمة دائمة لتولي الأمر؟


    علي كل، انبنى موقف السودان الرافض بالأساس على عدم عضويته في المحكمة, وعدم وجود مسوغ يجيز لها إصدار أمر التوقيف، وبالتالي عدم نية الحكومة التعامل مع المحكمة بأية صورة من الصور. هذا فضلاً، عن نبض الجماهير الغاضبة التي تركز على ازدواجية المعايير بمواجهة السودان دون غيره، خاصة الدول الكبرى التي ترتكب الانتهاكات في غزة والعراق وأفغانستان وخلافها. كما أنّ دول الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي ومجموعة الـ 77 أجمعت كلها كمؤسسات إقليمية دعمها للسودان برفض أمر إيقاف الرئيس البشير. غير أنّ هذه المجموعات الإقليمية قد تختلف مع السودان في جزئية رفض القرار بصورة قاطعة, والعمل على ضرورة إلغائه تماماً، بل ترى أنّه ما زالت لدى السودان فرصة في استغلال نصوص المادة (16) من ميثاق المحكمة التي تخول مجلس الأمن إيقاف أي تحقيق أو محاكمة لمدة 12 شهراً قابلة للتجديد. هذا التوجه لا يجد قبولاً من الحكومة السودانية التي، برغم عدم اعتراضها المعلن على سلوك تلك المجموعات الإقليمية، تصر على ضرورة إلغاء قرار مجلس الأمن كلية.


    من جانبنا نرى أنّ موقف الحكومة هذا قد لا يخلو من بعض تشدد وعدم واقعية، إذ ربما كان تراجع مجلس الأمن عن مثل هكذا قرار بإلغاء الإحالة أمرا غير مسبوق وبعيد المنال في الظروف الحالية. فهي ظروف يستحكم فيها العداء خاصة مع الدول الغربية الثلاث، أمريكا وبريطانيا وفرنسا، التي تملك جميعها حق النقض بالنسبة لطلب التأجيل الذي تسعى إليه المجموعات الإقليمية المذكورة. وإذا كانت تلك الدول الثلاث المذكورة دائمة العضوية في مجلس الأمن قد أعلنت في وقت سابق، اعتراضها على إعمال المادة (16) للتأجيل، فكيف يكون حالها من الإلغاء الكامل للقرار؟ هل تحتاج الإجابة إلى جهد كبير؟.


    علنا نتوقف هنا قليلاً للتعقيب على بعض ردود أفعال صدرت من هنا وهناك تنادي ببدء إجراءات جنائية ضد المدعي العام أوكامبو بصفته إرهابياً، أو شكوى المحكمة الجنائية، وأحد أو بعض أعضاء مجلس الأمن الدائمين، إلى محكمة العدل الدولية، وهكذا من مقترحات نقول إنها لا ترتكز إلى حجة أو سند قانوني ولا تتعدى كونها ردود أفعال غاضبة. كذلك الحديث عن إصدار قانون سوداني يمنع محاكمة أي سوداني خارج السودان بموجب أي قانون دولي والعمل على الإفراج عنه ولو بالقوة. حديث لا يخلو من تبسيط مخل بمفاهيم القانون. فالقانون الدولي الذي تصادق عليه الدولة يصبح عادة من قوانين البلاد الداخلية تلقائياً أو بقانون محلي يفعل ذلك (المادة 27 من الدستور الانتقالي), عليه فإن محاكمة أي سوداني خارج البلاد تكون بموجب قوانين تلك الدولة، سواء أستحدث من مصادر محلية أو أجنبية. فكيف يحظر القانون السوداني المقترح تلك المحاكمات؟ هل ينبغي أنّ يفعل القانون السوداني ذلك ويجيز لنفسه محاكمة غير السودانيين أمام محاكمنا؟ وفي حال إصرارنا على رفض محاكمة سودانيين بالخارج فما هي القوة التي نلجأ إليها لاستعادتهم إلى الوطن؟


    إننا نقول بعد كل هذا طالما أنّ حكومة السودان تنعم بدعم الدول أعضاء الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي ودول عدم الانحياز ومجموعة الـ77، فلا شك أنها تستند إلى ما يفوق ثلاثة أرباع دول العالم، جميعها أعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وبافتراض أنّ قرار غرفة ما قبل المحاكمة غير شرعي، ولا يستند إلى القانون الدولي، فإن هذا الكم الهائل من الدول المساندة للسودان يمكنها استصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة بالتقدم بطلب إلى محكمة العدل الدولية لإصدار فتوى حول قانونية قرار الإحالة من منظور القانون الدولي, حتى وإنّ كان الأمر قيد النظر أمام مجلس الأمن. علنا نذكر في هذا قيام الجمعية العامة بطلب إلى محكمة العدل الدولية بإصدار فتواها حول مشروعية عمل إسرائيل في بناء الجدار العازل. جاءت فتوى المحكمة بأغلبية 14 صوتاً مقابل واحد (القاضي الأمريكي) بمخالفة بناء الجدار للقانون الدولي وبالتالي عدم مشروعيته. وعلى الرغم من أنّ فتوى المحكمة ليست ملزمة قانوناً، فقد كان لها الأثر المعنوي والأخلاقي حول ممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي.


    يدفع بنا هذا الموقف إلى مساندة المساعي الإقليمية الرامية إلى تأجيل الأمر لمدة 12 شهراً منعاً لأية مواجهة محتملة أو إجراءات عقابية يمكن أن يفرضها مجلس الأمن، ويدخل البلاد في ما لا تحمد عقباه. علينا الانتباه إلى أنّ ما يلوح به بعض المتفائلين من أنّ حق النقض الذي تملكه كل من الصين وروسيا في مجلس الأمن سوف يمنع المجلس من إصدار أي قرارات عقابية بحقنا, بيد أنّ هذا يثير أسئلة أخرى عن مقارنة المصالح الصينية الأمريكية والروسية الأمريكية في ظل الأزمة الاقتصادية الدولية الراهنة، وطرح السؤال عما إذا كانتا ستقفان إلى جانب السودان وبتروله المتدني سعراً وكمية، أم مع مصالح كل منهما الاقتصادية المركبة مع الولايات المتحدة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تهيمن على العالم اليوم؟ ولعل سائلا آخر يقول لماذا وافقت روسيا وامتنعت الصين عن التصويت وقت صدور القرار 1593 الذي أحال قضية دارفور إلى المحكمة في المكان الأول؟ ألم يكن من الممكن لأي منهما إيقاف صدور ذلك القرار كي يكفينا شرور كل ما تبعه من بلاوى وويلات نعاني منها اليوم؟


    نخلص من هذا، لنقول إننا نرى أن السبيل الأوحد للخروج من الأزمة هو العمل على كسب العدد الهائل من الدول المساندة لنا لاستصدار قرار من مجلس الأمن بتأجيل قرار المحكمة لمدة 12 شهراً وهي، كما أسلفنا، قابلة للتجديد بلا حدود قصوى. غير أن الأمر لا ينبغي أن يؤخذ بهذه البساطة إذ إنّ إعمال المادة (16) من نظام المحكمة الأساسي لم يوضع جزافاً، بل لمعالجة مثل هذا الموقف الذي نحن فيه، أي العلاقة الجدلية بين السلام والعدالة. فهناك خلاف فقهي قانوني حول لمن الأولوية: إحقاق السلام، أم المحاسبة والعقاب؟ إننا نرى أن لا تناقض أو خلاف بين الاثنين، أي تزامنهما بمعنى المحاسبة على الانتهاكات في ذات الوقت التي تسير فيه عملية إحقاق السلام. كما نرى أن على الحكومة السودانية الوفاء بهذه المقتضيات أساساً ضرورياً لاستصدار قرار التأجيل. هذا يعني بالضرورة بدء التحقيقات الجادة في مواقع الأحداث عن جميع الانتهاكات الجسيمة المزعومة التي وقعت من قصف جوي، وقتل، واغتصاب، وجراح، وحرق للقرى، وترحيل قسري، ونهب وتدمير للممتلكات، وتعذيب واعتقال قسري، وخلافها، سواء من جانب مسؤولي وقوات الحكومة أو من جانب الفصائل المسلحة. كما يقتضي ذلك إدخال جرائم القانون الدولي ضمن القانون الجنائي السوداني، فضلاً عن التعجيل بتكوين محاكم مستقلة من القضاة المستقلين، سواء في الخدمة أو خارجها والاستعانة، ما دعي الحال, بقضاة ومدعين ومحامين هجين من الدول العربية والإفريقية.


    كما أن مقتضيات العدالة تقتضي التعويض الفردي والأسري لجبر الضرر بالنسبة لمن انتهكت حقوقهم جميعاً، سواء التعويض المادي مقروناً مع إعادة التأهيل وظيفياً وطبياً ونفسياً، وإعادة بناء القرى والمدن المدمرة ومنشآتها التعليمية والصحية ودور العبادة والخدمات الحكومية، وإعادة بناء الطرق والمنشآت العامة والخاصة.


    على صعيد السلام المستديم ينبغي على الحكومة فتح الباب واسعاً أمام الفصائل المسلحة وممثلي أبناء دارفور دون إقصاء، كما أن الحل الشامل للمشكلة يكون بضمان فاعلية أي اتفاق للسلام، بما في ذلك تفعيل اتفاقية نيفاشا, كما يظل من الضروري اتخاذ كل الخطوات اللازمة للتحول الديمقراطي من إلغاء للقوانين الاستثنائية، وإتاحة الحريات العامة بما يكفل قيام الانتخابات المزمعة في أوانها، ومن ثم إجراء الاستفتاء في أجواء من الحرية والديمقراطية، وإحقاق السلام الشامل، وبذل الجهود اللازمة في مجال إعادة الإعمار والتنمية، والعمل الجاد للإسراع بسد فجوات الخدمات الإنسانية التي تركها قرار طرد المنظمات التطوعية الدولية, وكل ما يلزم ويدعو ويسند إصدار قرار الإرجاء، وضمان تمديده كل عام، حتى تتحقق أمانينا الوطنية في السلام والوحدة والاستقرار والتنمية
                  

05-25-2009, 04:42 PM

wadalzain
<awadalzain
تاريخ التسجيل: 06-16-2002
مجموع المشاركات: 4701

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: " القضاء السوداني والعدالة الجنائية الدولية" - رابطة القانونيين بقطر - المتحدث د. (Re: wadalzain)

    من مقالاته ايضا


    حقوق المحتجزين في السجون وأماكن الاعتقال
    الكاتب/ د. أمين مكي مدني- المحامي
    Wednesday, 18 February 2009
    يشمل الاحتجاز حرمان الشخص من حريته بحجزه في مكان ما، أولاً نتيجة حكم قضائي بالسجن لارتكاب جريمة بمخالفة القانون، ثانياً أثناء التحري بواسطة الشرطة أو النيابة أو القاضي عادة لفترة محددة رهينة بانتهاء التحقيق،

    أو بدء المحاكمة في الجرائم الخطيرة, ثالثاً اعتقال الشخص دون تهمة أو محاكمة بموجب قوانين أمن الدولة التي ربما تقع مخالفة لمبادئ الشرعة الدولية وقواعد دستور البلاد المتعلقة بحقوق الإنسان.

    على الرغم من أهمية الأمر، لسنا معنيين في هذا المقال بتفصيل مبررات أي من أنواع الاحتجاز سالفة الذكر بصفة محددة، بقدر ما أننا معنيون بانطباق مبادئ ومعايير حقوق الانسان على معاملة الشخص المحتجز، أيّاً كانت أسباب الاحتجاز وأيّا كان مكانه، فالشخص الذي تسلب حريته، سواء كان سجيناً محكوماً، أو معتقلاً في انتظار تكملة التحري أو المحاكمة أو الشخص الذي تعتقله السلطات الأمنية اعتقالاً قد يكون تعسفياً أو بموجب قانون استثنائي مشكوك في شرعيته، جميعهم محرومون من حرياتهم استناداً إلى هذا التشريع أو ذاك، بسبب فعل أو امتناع معين قد ينالون عليه جزاءهم أو يخلى سبيلهم، بحسب كل حالة على حدة، غير أنهم جميعاً ودون استثناء، لا ينبغي أنّ يتم الانتقاص من حقوقهم وحرياتهم الأساسية، عدا تقييد وجودهم خارج مكان الاحتجاز حسب مقتضيات القانون المعني.

    لأجل ذلك اهتمت المؤسسات الدولية العامة والمتخصصة وعدد من المنظمات غير الحكومية الدولية والإقليمية والوطنية باتخاذ الترتيبات اللازمة والسعي مع السلطات الحاكمة لضمان كفالة حقوق السجناء، باعتبارهم بشراً عاديين ينبغي أنّ يتمتعوا بجميع حقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وفق العهود والمواثيق الدولية والإعلانات والقواعد التي يتم وضعها من حين لآخر لكفالة تلك الحقوق.

    في هذا الصدد ينبغي أن تنطبق على أولئك الأشخاص المبادئ الواردة في الصكوك التي تنظم حقوقاً كالحق في الحياة، والعبادة، والتعبير، والصحة، والمعاملة الإنسانية وجميع الحقوق، عدا حرمانهم من حرياتهم لأجل محدد. لأجل ذلك تحديداً، انعقدت عشرات المؤتمرات والاجتماعات للدول وذوي الاختصاص، على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولجنة الأمم المتحدة لمنع الجريمة، ومؤتمرات دولية عديدة في عواصم مختلفة من أنحاء العالم عبر السنين لإعداد المبادئ والقواعد الإرشادية الخاصة بسلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون وتنظيم حقوق النزلاء من رجال ونساء وأطفال وخلافهم. وقد نتج عن هذه اللقاءات المختلفة تبني عدد من المبادئ والقواعد الإرشادية التي رأى المختصون أنها تشكل ضروريات قصوى لاحترام كرامة المحبوسين، وحماية حقوقهم وحرياتهم الأساسية. على الرغم من أنّ هذه المبادئ والقواعد لم تصدر في صيغة اتفاقيات أو صكوك قانونية تلتزم بها الأطراف، وتحاسب وفق آليات محددة على عدم الالتزام بها، إلا أنها مبادئ عامة وقواعد وضعت بحكم التجارب المختلفة كي تستفيد منها الدول في صوغ قوانينها ولوائحها في ضمان المعاملة الإنسانية الحافظة لكرامة السجناء, بصفة عامة.

    يمكن أن نورد تلك المبادئ التي ينبغي تطبيقها وبإيجاز شديد فيما يلي:

    حفظ سجلات أسماء وهوية المحتجزين، سبب احتجازهم، وقت الدخول وإطلاق السراح، فصل النساء عن الرجال، والأطفال عن الكبار، والمحكومين عن المنتظرين، أو المحبوسين لأسباب أمنية، توفير مستلزمات الصحة والبيئة السليمة والنظافة العامة الشخصية، توفير الوجبات الغذائية والخدمات الطبية اللازمة، ممارسة الرياضة، وسائل القراءة والترفيه والعبادة واختيار موظفين من ذوي الكفاءة والنزاهة والإنسانية في التعامل مع المحبوسين، وفيما عدا القيود التي تقتضيها ظروف السجن، الحفاظ على جميع الحقوق المدنية والحريات الأساسية الواردة في الشرعة الدولية.

    عوداً إلى قانون السجون، فعلى الرغم من أنّه يعنى بصفة أساسية بتنظيم وإدارة السجون على مستوى القطر، نجد أنّه قد أفرد الفصل الرابع منه للمبادئ الخاصة بمعاملة النزلاء. فالمادة (9) من القانون تنص على توظيف جميع الطاقات والوسائل الصحية والتربوية والدينية والتعليمية لتأهيل وإصلاح النزلاء. كما أنّ ممارسة الحقوق المدنية والسياسية تقتضي مساهمة السجناء في الحياة العامة خاصة المشاركة في الانتخابات البرلمانية الدورية، أيّاً كانت اتجاهاتهم السياسية. كما يحق للمحتجزين تحسين قدراتهم وكفاءاتهم العلمية والمهنية من خلال الالتحاق بالمعاهد والجامعات بالانتساب واتخاذ الترتيبات اللازمة للحصول على المواد العلمية والجلوس للامتحانات مع توفير المراجع ومواد الدروس في مكتبات داخل السجون، فضلاً عن برامج التدريب المهني والفني داخل أماكن الاحتجاز لتأهيلهم واكتساب حرفة أو مهنة تساعدهم في الاعتماد على ذواتهم عند العودة إلى الحياة خارج السجون، إضافة إلى برامج الإرشاد والوعظ الديني والترفيه لجميع النزلاء دون اعتبار لاختلاف معتقداتهم.

    بالنسبة لموظفي السجون تقتضي القواعد التزامهم بأسس السلوك المحددة في معاملة السجناء واحترام إنسانيتهم وحقوقهم. كما أصدرت المنظمة الدولية قواعد خاصة بالسلوك وباستعمال القوة والأسلحة النارية بواسطة موظفي السجون تعرض مخالفيها للمساءلة والحساب. فضلاً عن المبادئ الخاصة بمعاملة الأحداث من ناحية القضاء الخاص بهم والترتيبات اللازمة لمنع جنوحهم.

    هذه الاعتبارات وغيرها قادت العديد من الدول خاصة في الغرب وبعض دول المغرب العربي إلى إتباع إدارة السجون إلى وزارة العدل بدلاً عن وزارة الداخلية. ذلك لاعتبار أن مهام وزارة الداخلية عادة ما تختص بتلقي البلاغات عن طريق الشرطة ومباشرة التحري والبحث عن المتهمين وإيداعهم المعتقلات وتوجيه التهم لهم عن طريق النيابة. إلا أنّ هذا الدور قد لا يتماشى مع مقتضيات إعادة التأهيل والتدريب وتهيئة المتهم للعودة معافي إلى مجتمعه بعد أن يكون قد دفع ثمن جرمه. هذا على افتراض أن تكون وزارة العدل هي الجهة الأنسب للقيام بهذا الدور.

    إذا ما عرضنا على الأمر في السودان نجد أنّ الدستور الانتقالي عرض لمسألة السجون في اقتضاب واختصار لا يخلوان من قصور. فالمادة 149 من الدستور تعنى بما يسمى (خدمات السجون والحياة البريّة) ومع الاحترام التام لواضعي الدستور فشلنا في إدراك ماهية الصلة بين السجون والحياة البرّية. فالأولى تعنى بالبشر وترتيب معاملتهم واحترام إنسانيتهم وتهيئتهم بالتأهيل للعودة إلى مسيرة المجتمع الإنساني، بينما الثانية، فيما يبدو، تتعلق بأمور الثروة الحيوانية!! نتساءل ألم يكن من الأجدى إدراج مسألة السجون في باب حقوق الإنسان؟.. على كل، نعود للمادة 149 فهي تكتفي بالنص على أنّ السجن (تأديب وتهذيب) وتضيف جملة أخرى تحظر المعاملة القاسية المهينة للكرامة الإنسانية أو التي تعرضّ الصحة للخطر.

    أما من ناحية القانون فيعنى بالسجون قانون (تنظيم السجون ومعاملة النزلاء لسنة 1992م) الذي يتبُع إدارة السجون لوزارة الداخلية, بداية، نلاحظ أنّ القانون يعرف الشخص المحتجز، أي السجين شاملاً الشخص المحكوم عليه بواسطة السلطات بمن في ذلك (الشخص المودع بالسجن بواسطة سلطة مختصة، ويشمل المتحفظ عليه لدواعي الأمن والعدالة)، ما يعني بوضوح احتمال حبس الأشخاص دون محاكمة، لدواعٍ أمنية، أي جواز الاعتقال التعسفي بموجب القوانين الاستثنائية، خلافاً لقواعد الدستور القومي الانتقالي لسنة 2005 الذي اعتبر المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي يصادق عليها السودان جزءاً من الدستور. وقد ظلت هذه سمة بارزة لقوانين السجون في ظل الأنظمة الشمولية التي تخول نفسها بموجب ما يسمى قانون أمن الدولة أن تحتجز المواطنين المعارضين للنظام الحاكم أو المشتبه في معارضتهم له في السجون (أو أماكن احتجاز سرية) دونما تهمة أو محاكمة. ومن المعروف أن الحجز في السجون يعد أخف وطأة من الاحتجاز في أماكن الأمن الخاصة (بيوت الأشباح) دون أن يدرك المحتجز أو ذويه أو محاميه مكان احتجازه، وكيف تتم معاملته وكم من الوقت سيبقى، وهل سيخرج في حالة نفسية وجسدية مزرية، هذا إن خرجوا أحياء أو سليمي الجسم والعقل في المكان الأول.

    قبل ختام ما تقدم، وقع في يدي تصريح غريب نسبته صحيفة الأحداث (16 فبراير 2009) إلى السيد مدير السجون يشكو فيه ازدحام سجون الخرطوم بحوالي 12 ألف نزيل منهم 1200 من النساء في سجن أم درمان معهن 200 طفل، زائداً مشكلات الصرف الصحي وغيرها. ولعل هذا يقع في صميم ما قصدناه من هذا المقال. أما وجه الغرابة فإن السيد المدير، حسب الصحيفة، واصل ليقول إنّ السجن لم يعد (وصمة اجتماعية وعاراً, وبات يرتاده أولاد الناس وبنات القبائل).. هكذا؟! لست أدري إن كان من المفترض أن يكون في هذا دواعي إعزاز لنا وفخار!! غير أنّ المأساة الحقيقية تكمن فيما يدور في ذهن المسؤول الأول عن حقوق ورفاه النزلاء من تمييز بينهم بأية أسباب كانت... وليته يفصح عن من هم (أولاد الناس وبنات القبائل)؟ ومن هم دون ذلك؟

    في الختام، نقول إنّ قانون السجون الحالي في حاجة حقيقية إلى إعادة نظر لضمان احتوائه على المبادئ والمعايير والقواعد الإرشادية التي صدرت عن عدد من المنظمات الدولية المعنية بحقوق السجناء والمعتقلين بما في ذلك حفظهم في الأماكن المخصصة لذلك قانوناً وضمان إحقاق ذلك بإتباع إدارة السجون لوزارة العدل بدلاً عن وزارة الداخلية
                  

05-25-2009, 04:43 PM

أحمد الشايقي
<aأحمد الشايقي
تاريخ التسجيل: 08-08-2004
مجموع المشاركات: 14611

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: " القضاء السوداني والعدالة الجنائية الدولية" - رابطة القانونيين بقطر - المتحدث د. (Re: wadalzain)



    ندوة مهمـة

    أرجو توثيقها وتسجيلها وبثها على وسائط النت في اليوتيوب وغيره

    مع التحية للاخوة المنظمين ولاستاذنا د أمين مكي مدني


    أحمد الشايقي
                  

05-25-2009, 04:48 PM

wadalzain
<awadalzain
تاريخ التسجيل: 06-16-2002
مجموع المشاركات: 4701

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: " القضاء السوداني والعدالة الجنائية الدولية" - رابطة القانونيين بقطر - المتحدث د. (Re: أحمد الشايقي)

    ومن مقالاته ايضا


    الولاية القضائية الدولية أكثر فاعلية من المحكمة الجنا&#65533;
    الكاتب/ د.أمين مكي مدني
    Tuesday, 21 October 2008
    نشد الجمهور السوداني صدور قرار مجلس الأمن رقم 1593 بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لسنة 1945بإحالة ملف السودان الخاص بانتهاكات القانون الإنساني الدولي في دارفور بناء على لجنة التحقيق الدولية التي كونها مجلس الأمن نفسه بموجب قراره (1564) بتاريخ 18سبتمبر 2004خاصة بعد قرار المحكمة الجنائية الدولية إيقاف أثنين من السودانيين،





    أحدهما يحتل مركزاً وزارياً، وتسليمهم إياها.رد فعل الحكومة السودانية إزاء القرار 1593 نفسه وما ترتب عليه من طلب من المحكمة الدولية كان عنيفاً وغاضباً من منطلق ان الحكومة السودانية، وان وقّعت، لم تصادق على النظام الأساسي للمحكمة وبالتالي ، لا اختصاص لها بالسودان، وليس هناك من مبرر لظهور مواطنيها أمام المحكمة. أما إحالة الأمر من مجلس الأمن إلى المحكمة بموجب الفصل السابع فقد اُعتبر تدخلاً في الشؤون الداخلية ومساساً لسيادتها الوطنية، خلافاً لمبادئ الميثاق نفسه.


    ثالثة الأثافي، والأمر الذي أقام الدنيا ولم يقعدها حتى اليوم، كان طلب مدعى المحكمة أوكامبو إلى هيئة ما قبل المحكمة بتوجيه تهم بالإبادة الجماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في مواجهة رئيس النظام الحاكم نفسه، صدرت البيانات الرسمية من أعلى المستويات وحشدت الجماهير في تظاهرات عارمة ورافضة، وتبارى المسئولون ،حتى الخبراء القانونيون منهم في إعلان رفضهم الطلب، وهرع الوزراء وكبار رجال الدولة إلى الدول العربية والإفريقية واللاتينية، سعياً محموماً لاستقطابها إلى صف الحكومة السودانية، كل هذا قبل أن تقرر هيئة ما قبل المحاكمة إن كان طلب المدعى مقبولاً لديها أم لا.

    أما الدول الكبرى في الغرب فقد وقفت ساندة للمحكمة بصفتها إحدى أذرع تطبيق العدالة الجنائية الدولية التي لا ينبغي ان تجهض أو تخضع لاعتبارات سياسية في أول قضية تعرض أمامها على الإطلاق. من هنا تقلص قبول الدول والمؤسسات الموالية للسودان كالجامعة العربية، والاتحاد الإفريقي ، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ومجموعة الأفروكاريبى، من التأمين التام على الوقوف المطلق إلى جانب السودان، إلى مساندة مشروعية المحكمة، وانعقاد اختصاصها، مع إرجاء النظر في أمر اعتقال الرئيس السوداني، أي الطلب إلى مجلس الأمن بممارسة سلطاته بموجب الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، مقروعة مع المادة 16 من نظام المحكمة الجنائية الدولية، كي يقوم مجلس الأمن ، في حالة الموافقة على توقيف الرئيس، بطلب إلى المحكمة الدولية بوقف إجراءات النظر في القضية لمدة 12 شهراً قابلة للتجديد وفق نص المادة 86 من النظام الأساسي للمحكمة.

    غنى عن القول، أن الغرض الأساسي من تأجيل الإجراءات وفق المادة 16 هو منح الدولة المعنية الفرصة للقيام بإصلاحات جذرية وفورية تؤكد قدرتها على تجاوز أزمة انتهاكات حقوق الإنسان. هذا يعنى بالنسبة لدارفور إعادة بناء المدن والقرى التي تم إحراقها بالكامل، والعمل على العودة الطوعية لكل أبناء الإقليم من الخارج وفى المعسكرات داخل البلاد العودة إلى ديارهم، وممارسة حياة طبيعية في المرعى، والزرع، وتوفير خدمات الصحة والتعليم والعمل والنقل والبيئة.. إلى نحو ذلك.كما أنها تعنى تعويض الأسر والأفراد عما لحق بهم من أضرار وظلم، وإعادة تأهيل المرضى طبياً ونفسياً، فضلاً عن محاكمة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان، أمام محاكم مستقلة نزيهة، ثم الحل السياسي لقسمة الثروة والسلطة وتطلعات أبناء الإقليم عامة في مؤتمر يجمعهم جميعاً مع السلطة الحاكمة والقوى السياسية الأخرى.


    هذه ، لا شك أعباء جسام ينبغي إيجاد الموارد الكافية لها مع الأخذ في الاعتبار استعداد المجتمع الدولي والعربي للإسهام في تذليل الصعاب. فإن صدقت النوايا السياسية وتم العمل بجد في إيجاد الحلول المقبولة اللازمة، فإن موافقة مجلس الأمن على تمديد فترة الـ 12 شهراً لفترة أو فترات أخرى مماثلة لن تقف عائقاً دون وقف إجراءات المحكمة الدولية. هذا ما طرحناه من قبل فرفضه البعض، وأستنكره البعض الآخر وقبله البعض في صمت لكنا نكرر القول ألاّ خلاص لنا سوى هذا السبيل. وقلنا إن هذا أو الطوفان.


    أما ما قصدنا أيه اليوم هو إيضاح أن هناك جانبا آخر من العدالة الجنائية الدولية ربما لم نولِه العناية الكافية وهو ربما كان أوسع انتشاراً وأكثر فاعلية من الإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية. ذلكم هو مبدأ ما يسمى " الولاية القضائية الدولية " UNIVERSAL JURISDICTION وهو باختصار شديد أن يتضمن قانون الدولة (أية دولة) قاعدة تنص على محاكمة أي شخص يرتكب انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان، دون اعتبار لجنسية الشخص، أو مكان، أو زمان ارتكاب الجريمة أو صلته بالدولة المعنية. معنى هذا أن لا فرار من العقاب، وأن ارتكاب مثل هذه الأفعال سيظل يلاحق الشخص المعنى أين ما كان، وقت ما كان حتى لو ارتكب جريمته خارج البلد المعنى . وقد استند هذا المبدأ لحد كبير على اتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949 التي أتاحت محاكمة مرتكبي الجرائم ضد الانتهاكات الجســيمة دون مراعاة لجنسياتهم أو تسليمهم لدول تجيز محاكمتهم. وقد أطلـق البعــض على هذا المبــدأ صفة الـ WAKEUP CALL أي جرس الإنذار الذي ينبههم إلى مراعاة هذه القاعدة في سلوكياتهم عملاً بمبدأ عدم الفرار من العقاب وإلزامية تطبيق قواعد القانون الدولي الآمرة JUS COGENS وعدم جواز تعديلها بأي اتفاق بين الدول. اعترفت بهذا عدد من الدول الأوربية ودول أمريكا اللاتينية، خاصة استراليا وكندا والنمسا والبرازيل وشيلي والد نمارك والمكسيك والإكوادور وبنما وبيرو وفنزويلا وبلجيكا وسويسرا وبريطانيا وفرنسا وآخرين. على سبيل المثال، يذكر أن أسبانيا كانت قد طلبت من بريطانيا تسليمها الجنرال بينوشيه الذي حكم شيلي في الفترة من 1973 -1990 لمحاكمته على جرائم اغتيال واختفاء قسري وتعذيب اقترفها بحق مواطنين أسبان كانوا يعيشون في شيلي في تلك الحقبة؟ أثارت القضية كثيراً من الجدل السياسي والقانوني وصل إلى مجلس اللوردات البريطاني الذي قضى بحق أسبانيا في استلام ومحاكمة بينوشيه عن تلك الأفعال، وكان ذلك سيتم لولا أن وزير الداخلية البريطاني آنذاك، المستر جاك سترو، وزير الخارجية فيما بعد، وزير العدل الحالي، رفض أمر التسليم بسبب صحة بينوشيه المعتلة التي لا تمكنه من الوقوف أمام القضاء الأسباني ذلك وفق السلطات التي يمنحها القانون للوزير البريطاني المختص. على الرغم من ذلك، ثبت تماماً مبدأ صلاحية أية دولة في محاكمة أشخاص أجانب ارتكبوا خارج تلك الدولة انتهاكات جسيمة دونما اعتبار لجنسياتهم أو لمكان أو زمان ارتكاب الانتهاك. ففى دول أخرى مثلا بلجيكا وسويسرا تتم محاكمات مستمرة لضباط روانديين ارتكبوا جرائم إبان الحرب الأهلية في رواندا بداية التسعينات،عند فرارهم إلى تلك الدول سعياً وراء اللجوء السياسي. فى بلجيكا كما أقيمت أيضاً دعاوى جنائية ضد شارون، رئيس الوزراء الإسرائيلي، الأسبق لمسؤوليته عن إبادة صبرا وشاتيلا في المخيمات الفلسطينية بلبنان. وبالفعل شرعت السلطات القضائية فى اتخاذ الإجراءات اللازمة،إلا ان الضجة الدولية التى أثارها الأمر فى ذات الوقت بقيام إسرائيل برفع دعوى ضد ياسر عرفات للقيام بأعمال إرهابية، وقضايا ضحايا العراق برفع دعوى ضد بوش وكولن باول وديك شيلي بقصف بغداد، أثار ضجة هائلة وسط الرأي العام الأوربي، البلجيكي خاصة، أدى إلى قيام البرلمان البلجيكي بتعديل دستوره ليشترط أن يكون المتهم من بلجيكا أو أن تكون الجريمة المدعاه ذات صلة بالأراضي البلجيكية، مما أدى إلى وقف تلك القضايا.


    وفى إفريقيا أقام دعاة حقوق الإنسان في السنغال دعاوى ضد حسين هبري الرئيس السابق لتشاد بارتكاب انتهاكات جسيمة إبان فترة حكمه، غير ان ثغرة ما في دستور السنغال كانت تشترط نوعاً من صلة الجريمة بالأراضي السنغالية، وإزاء ضغوط منظمات المجتمع المدني هناك تمت إزالة تلك الثغرة وأصبح من الممكن محاكمة هبري والأمر ما زال قيد الانتظار.


    هكذا يبدو أن مبدأ الولاية القضائية قد أخذ في الاستقرار خاصة بعد انعقاد محكمتي يوغسلافيا السابقة في التسعينات وأخيرا قيام محكمة روما. ويشجع الدول المختلفة على تبنى مبدأ الولاية القضائية الدولية تفادياً لتعقيدات وكلفة والمدى الزمني الذي تستغرقه المحاكم الدولية.


    نختم، لنقول، إن تواجد أو فرار مرتكبي الانتهاكات إلى أي بلد يطبق مبادئ الولاية القضائية لن يمكنه من الإفلات من العقاب، وأن أجهزة العدالة في الدول المختلفة يجوز لها اعتقاله ومحاكمته عن أي انتهاك جسيم يرتكبه في أي مكان دون مراعاة لموطنه الأصلي أو جنسيته أو مكان أو زمان ارتكاب الجريمة.وما من شك أن انتشار مبدأ الولاية القضائية الدولية سيكفيننا الكثير من صعاب تكوين المحاكم الجنائية المحلية في الحالات التي تعجز فيها الدولة أو لم ترغب في محاسبة مرتكبي تلك الانتهاكات الذين سيكون خيارهم الأوحد عندئذ عدم القدرة على مغادرة بلادهم لمواجهة العدالة الجنائية وإلا يظل الخيار المحاكمات الدولية كمحكمة لاهاي أو المحاكم المختلطة كما اختارت سيراليون وتيمور الشرقية وكمبوديا، فأي خيار يفضل مرتكبو انتهاكات حقوق الإنسان ؟.

                  

05-25-2009, 04:52 PM

wadalzain
<awadalzain
تاريخ التسجيل: 06-16-2002
مجموع المشاركات: 4701

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: " القضاء السوداني والعدالة الجنائية الدولية" - رابطة القانونيين بقطر - المتحدث د. (Re: wadalzain)

    ومن كتاباته ايضا


    المنظومة السودانية لحقوق الإنسان
    الكاتب/ د.أمين مكي مدني
    Tuesday, 14 October 2008
    حينما يأتي الحديث عن "منظومة" سودانية لحقوق الإنسان نقول هذا تجاوزاً، إذ ليست هناك من منظومة أو حتى حقوق إنسان فيما نحن فيه الآن. تاريخياً، تنادى عدد من قادة الفكر منتصف الستينيات لإنشاء هيئة قومية لحقوق الإنسان تعمل لنشر ثقافة وتعزيز حماية حقوق الإنسان وفق الشرعية الدولية التي أخذت تتنامى علمياً بوتيرة فاعلة في ذلك الوقت.


    توالت جهود تلك المجموعة حتى نهاية 1967 حين أعلنت قيام "اللجنة القومية لحقوق الإنسان" كأول منظمة تعمل في ذاك المجال. في العام التالي عقدت اللجنة أول مؤتمر عام لها خاطبه رئيس مجلس السيادة آنذاك السيد إسماعيل الأزهري. ناقش المؤتمر عدداً من البحوث والمقترحات تمخضت عنها إجازة سفر قيّم بعنوان "فكرة حقوق الإنسان" للدكتور مدثر عبد الرحيم،"وسائل حماية حقوق الإنسان" للمرحوم القاضي محمد يوسف مضوي, "حماية حقوق الإنسان في البلاد النامية" لمولانا المرحوم أبو رنات، رئيس القضاء آنذاك، "حقوق الإنسان الإنسانية والمدنية والسياسية" للمرحوم الدكتور حسن عمر، "الحرية النقابية في السودان" للأخ عمر شمينا المحامي حالياً, و"الحقوق الاقتصادية والاجتماعية المضمنة في وثائق واتفاقيات حقوق الإنسان" للسفير بشير البكري، أمد الله في أيام من بقي منهم.


    لم تبلغ اللجنة بالكاد عامها الأول حتى قطع انقلاب مايو 1969 الطريق على كل ما هو ديمقراطي، لستة عشر عاماً حسوماً، وبرغم تقلبه بين اليسار والوسط واليمين والغلو الديني طوال فترة حكمه، أستند بالأساس على البطش والسطوة والقمع وتغييب مبادئ حقوق الإنسان الأساسية، والحريات العامة، واستقلال القضاء، وفصل السلطات، إلى أن وصلت به أيامه الأخيرة إلى فرض حالة الطوارئ ومحاربة القضاء وإدعاء فرض دولة الشريعة تحت قائدها الباطش الذي كان قد تمرس في إعدام زملائه، ومقابلة المعارض بالرصاص والقبور الجماعية. بطاقته الأخيرة إعلان نفسه إماماً لمسلمي البلاد في سودان الشريعة الذين سامهم سجناً، وتعذيبا،ً وإعدامات وقتل خارج نطاق القضاء وقطع للأيدي والأرجل لمن عدموا سبل العيش الكريم كافة.

    في تلك الأثناء قام نفر من المواطنين بالعمل على ضرورة إيجاد منظمة لحقوق الإنسان تتمكن، على أقل تقدير، من نقل حقيقة أوضاع حقوق الإنسان المزرية إلى العالم الخارجي من خلال تقارير ترسل إلى المنظمات الشبيهة كاتحاد المحامين العرب، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان بالقاهرة، اللتان قامتا بدورهما في نقل حقيقة ما يدور في السودان الى العالم الخارجي. كانت تلك بدايات "المنظمة السودانية لحقوق الإنسان". التي كان مؤسسوها وعلى رأسهم الأستاذ محمد عمر بشير رحمة الله يعملون بكل السبل مع الجهات العربية والخارجية، خاصة أنه كان على رأس اتحاد المحامين العرب آنذاك الأستاذ فاروق أبو عيسى ومن قادة المنظمة العربية الأستاذان فتحي رضوان ومحمد عاطف والأستاذة منى مكرم عبيد.

    بعد انتفاضة أبريل 1985 المجيدة وعودة الديمقراطية بدأ السودان في استعادة عافيته بإلغاء قانون أمن الدولة والقوانين التعسفية الأخرى، واستعادة هيبة القضاء، وإجراء انتخابات الجمعية التأسيسية، وعودة الأحزاب ومنظمات الصحافة الحرة والمجتمع المدني الى فاعليتها في العمل العام، إلى غير ذلك مما بشر الناس بتغيير حقيقي. غير ان فترة الديمقراطية الثالثة التي كان من المقدر لها أن تضع أسس الاستقرار في إطار التحول الديمقراطي عجزت عن ذلك في لجم التحالفات الحزبية وتكوين وحل الحكومات الائتلافية المختلفة التي عجزت عن التصدي لقضايا المواطن الحياتية، لم تكد تولد كي توأد بوقوع الانقلاب في 30 يونيو 1989.

    كانت المنظمة السودانية التي عملت على نشر الانتهاكات من خلال الرسائل السرية إلى الخارج قد سجلت نفسها كمنظمة مجتمع مدني عقب الانتفاضة يرأسها المرحوم الأستاذ محمد عمر بشير. غير أن مصيرها عقب الانقلاب كان مثل مثيلاتها من منظمات المجتمع المدني والنقابات والأحزاب والصحافة، التي حظرت جميعها، وصودرت أموالها، وزج بقادتها في السجون، وتعرضوا لأبشع أنواع التعذيب في السجون وبيوت الأشباح، كما تم اغتيال العديد منهم، وتم تشريدهم تعسفياً من الخدمة، قضاة وأطباء ومهندسون وموظفون وعمال وغيرهم، مما أدى إلى هجرة عشرات الآلاف من العقول شمالاً وغرباً وشرقاً. على مستوى المؤسسات تم إلغاء الدستور وخلت الهيئات الدستورية من مجلس سيادة ووزراء وجمعية تأسيسية بعد إعلان حالة الطوارئ الذي وضع السلطات كافة في يد العسكر الجدد الذين أعلنوا أن مبررهم في كل ذلك هو إقامة "دولة الإسلام وإقامة التوجه الحضاري الديني" وإعادة صقل المواطن السوداني، والانتصار لقضية الإسلام بهزيمة الكفرة الأعداء في جنوب الوطن.. وإلى نحو ذلك.

    بهذه الصورة ظلت البلاد تُحكم لما يزيد عن عقد ونصف العقد من الزمان حتى وصل الحال إلى ما نحن عليه اليوم، قهر وقمع وقوانين قمعية تعسفية، انهيار تام لمؤسسات الدولة، وأزمة اقتصادية طاحنة, مواطن مسحوق مقهور لا يدري لمَ يصحو ثم يعود لينام دون أن يسد رمقه, في ظل اقتصاد منهار وشبه غياب لخدمات الصحة والتعليم والسكن والتنقل، وتحت قوانين جائرة وأجهزة قمعية باطشة وقضاء فقد استقلاله وكاد أن يصبح ضمن أدوات النظام الحاكم. انعقدت في ظل كل هذا، وربما بسببه، محادثات السلام مع قادة أبناء الجنوب واٍستبشر الكل خيراً بتوقيع اتفاقية السلام الشامل في 2005، ومن بعدها صدر الدستور الانتقالي ليعم السلام ويحل الرخاء بالبلاد ويفك كرب العباد. بعد تكوين حكومة الوحدة الوطنية بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، كان الإنجاز الحقيقي الملموس في وقف الاقتتال ونزيف الدم والخراب الذي لحق كل شيء في الجنوب وكلف الشمال غالياً.

    ما من شك أن اتفاق السلام كان كسباً مشروعاً غير أننا في إطار حديثنا عن التحول الديمقراطي وإحراز التغيير المنشود في مجال حقوق الإنسان لم نحصد سوى الهشيم، بعد ثلاث سنوات عجاف لم يتبدل فيها شيء ونحن نمني أنفسنا أننا على بعد أشهر معدودة من إجراء الانتخابات وتحقيق الديمقراطية المرجوة!!.

    ليس إلا مكابر من يزعم أن أزمة دارفور، والتي تفجرت قبل إبرام سلام الجنوب بعامين، كان لها أثرها السالب في السير قدماً نحو التحول الديمقراطي، في ظل المأساة الإنسانية التي فشلنا في إيجاد الحلول المناسبة لها والمعارك التي اشتعلت مع المجتمع الدولي بسببها في مواجهة ضروريات إحلال السلام في دارفور ومجلس الأمن والمجتمع الغربي والمحكمة الجنائية الدولية وخلافها مما يملأ الساحة اليوم.

    الحديث الذي لا طائل من ورائه عادة ما يطول!! لكننا نقول باختصار شديد إن الخروج من أزماتنا الحالية يقتضى أن ننصرف عن التفكير الوهمي أن ما يتهدد رجال الحزب الحاكم وسلطاتهم وثرواتهم، يتهدد أيضاً مصير البلاد ومستقبل وحدتها وجودة ما قيل عن حل أزمة دارفور داخلياً وخارجياً يتبلور في الديمقراطية وحقوق الإنسان وارتضاء مقتضيات التحول الديمقراطي والالتزام بمعايير حقوق الإنسان. مقتضيات ذلك عديدة نلخصها فيما يلي:-

    •1. تنفيذ جميع بنود اتفاق السلام الشامل والدستور، خاصة قيام مفوضيات حقوق الإنسان والانتخابات، الإصلاح القانوني بإزالة القوانين التعسفية لمواءمتها بالدستور، خاصة قانون الأمن الوطني والمخابرات، قانون الصحافة والمطبوعات، قانون النقابات، القانون الجنائي وقوانين العقوبات الجنائية وخلافها، وإعادة النظر في القوانين التي تمت إجازتها خلال حكم الإنقاذ بمخالفة الدستور بما في ذلك قانون منظمات العمل الطوعي، قانون الأحزاب، والحصانات الواردة في قانوني الشرطة والقوات المسلحة.

    2. إطلاق الحريات العامة والاجتماعات والمواكب السلمية وحملات الانتخابات ورفع الرقابة على الصحف والنشر وحرية عمل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني.

    3. الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي ترفضها الحكومة بما في ذلك التصديق على اتفاقية مناهضة التعذيب والبرتوكول الاختياري الملحق بها، والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية؟ والانضمام إلى اتفاقية حماية العمال المهاجرين، واتفاقية مناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والبرتوكول الاختياري الملحق بها، البرتوكول الأفريقي الخاص بالمحكمة الجنائية لحقوق الإنسان والشعوب، الميثاق العربي لحقوق الإنسان، والميثاق الأفريقي لحقوق النساء.

    4. الإصلاح القضائي للمؤسسة العدلية التي كانت قمة الاستقلال والنزاهة حتى مواجهة نميري لها بداية الثمانينيات وهجمته الشرسة عليها وقت إعلان قوانين سبتمبر وابتداع ما سُمي بالعدالة الناجزة. تواصل تدني هيبة المؤسسة العدلية ووصل إلى قمته بقيام النظام الحالي, عزل معظم الأكفاء والمستقلين من أجل "الصالح العام" وإحلال عدد من ناقصي الكفاءة والخبرة مكانهم, والتدخل في الشأن القضائي والامتناع عن تنفيذ أحكامه ما نفى عنه مرجعية العدالة كملاذ أخير.

    قلنا في بداية المقال, إننا نقول "منظومة" حقوق الإنسان مجازاً، وعلها كذلك في أماكن أخرى، غير أننا معنيون بهذا البلد في المقام الأول ونصلي لله أن يرفع البلاء عنه وان يعيد لإنسانه حريته وحقوقه وكرامته وان يهديه إلى سواء السبيل وان يجنبه بطش الحكام وقهر السلطان وان يكفينا شرور محاكم تحكم كما قضت محكمتنا الدستورية الموقرة أخيراً في حكمها في قضية كمال محمد صابون وآخرين ضد حكومة السودان (2008).


    والله ولي التوفيق

    رئيس المرصد السوداني لحقوق الإنسان

                  

05-25-2009, 04:54 PM

wadalzain
<awadalzain
تاريخ التسجيل: 06-16-2002
مجموع المشاركات: 4701

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: " القضاء السوداني والعدالة الجنائية الدولية" - رابطة القانونيين بقطر - المتحدث د. (Re: wadalzain)

    ويكتب ايضا


    المنظومة الإقليمية لحقوق الإنسان
    الكاتب/ د.أمين مكي مدني
    Tuesday, 23 September 2008
    كما تقدم في حديثنا السابق عن المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، نرى من الضروري التعرض إلى العهود والمواثيق الإقليمية لحقوق الإنسان، والتي سعت الدول المعنية لإرسائها والالتزام بها على الصعيد الإقليمي المحلى، آخذاً في الاعتبار القيم والتقاليد المحلية،

    وحرصاً على إشراك السلطة القضائية في إنفاذ التزامات الدول الأعضاء بمبادئ حقوق الإنسان على الصعيد الإقليمي، الأمر الذي لم يتم، وربما صعب الوصول إليه، على الصعيد الدولي، ما أدى إلى قيام بعض الشعوب إلى إصدار عهود خاصة بها. على الصعيد الأوربي،مثلاً، قامت دول المجلس الأوربي في العام 1950 بإصدار" الميثاق الأوربي لحقوق الإنسان" الذي حوى جميع الحقوق والحريات الأساسية، وتم بموجبه تكوين "لجنة ومحكمة لحقوق الإنسان". تقوم اللجنة بالنظر في الشكاوى من منظمات ومواطني دول المجلس الأوربي، وتقرر في مدى مقبوليتها، من ناحية مقدم الطلب وجدوى وجديه طلبه، ومن ثم تقرر فيما إذا كان هناك مجال لتسويته وإحالته إلى الدولة المعنية، أو التقرير بعدم مقبوليته.أما إذا أقرت بقبوله كدعوى، ربما تكون فيها مخالفة صريحة للميثاق، تقوم بإحالته مباشرة إلى اللجنة ومن ثم إلى المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان إلتى يكون قرارها نهائياً وملزماً للدولة التي ينتمي إليها مقدم الدعوى وذلك بموجب صريح نصوص الميثاق الذي صادقت عليه الدول المعنية.بلغ النظام الاوربى حداً من النجاح لدرجة أن الذين تنتهك حقوقهم أو الذين يتعرضون للأذى والتعذيب، أو الذين يحرمون دون سبب مبرر للحرمان من الصحة أو السكن أو التعليم، أو الذين تصادر حرياتهم في النشر أو العقيدة أو السفر أو السكن، إلى كل ذلك من الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، يحق لهم إيصال شكاواهم في النهاية إلى المحكمة الأوربية إلتى يكون لها القول الفصل ، حتى وان كان التضرر أو التظلم من إي قرار صادر من جهة قضائية وطنية فى الدولة موقع الانتهاك. على الصعيد الأمريكي (الأمريكيتين) أصدرت الدول المعنية المنضمة إلى منظمة الدول الأمريكية OAS " الميثاق الأمريكي لحقوق الإنسان " بمدينــة ســان هوســية بكوســـتاريكا فى 1969. حوي الميثــــاق جميــــع الحقــــوق والحريــــات الأساســــية، كمـــا أنشــــأ لجنــــة ما بيـــن الأمريكيتين لحقــــوق الإنســـان INTER – AMERICAN HUMAN RIGHTS COMMITTEEلتعزيز احترام وحماية حقوق الإنسان، ونشر الوعي بها، واستلام الشكاوى من الأفراد والهيئات، المختلفة ضد الدول الأعضاء. كما تم إنشاء المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان (كوستاريكا) إلى لم تنضم إليها الولايات المتحدة الأمريكية. غير أن بقية الدول وافقت على الانضمام والتعهد بتنفيذ قرارات وأحكام المحكمة. كما العهد الأوربي، قام النظام الأمريكي من خلال اللجنة والمحكمة بإحقاق العديد من الحقوق والحريات و مأسسه مبادئ حقوق الإنسان في الأمريكيتين. هذا لا يعنى بالطبع أن توقفت تماماً تجاوزات مبادئ قواعد ومبادئ حقوق الإنسان داخل تلك الدول، أو فيما بينها. فهذه مسألة تراكمية نضالية يصعب أن تصل الكمال في علمنا هذا. أما في أفريقيا، فقد تواصلت جهود عدد من الدول ومنظمات المجتمع المدني الأفريقية نحو إيجاد ميثاق أفريقي لحقوق الإنسان عدة سنوات، منذ أن كلفت القمة الأفريقية في 1979 لجنة خبراء لإعداد مشروع الميثاق. أخيراً تم إصدار الميثاق بالإجماع في قمة 1981.بواسطة القمة الأفريقية ، وظلت الجهود تبذل لدخوله حيز النفاذ إلى أن تم ذلك في 21 أكتوبر 1986 ( اليوم الأفريقي لحقوق الإنسان ) بعد تصديق السودان عليه عقب انتفاضة أبريل 1985). خلافاً للميثاقين الأوربي والأمريكي سمي الميثاق الأفريقي "الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب" تأكيدا على حقوق الشعوب في تقرير المصير، الذي أقرته الشرعة الدولية، ولضمان حقوق الأقليات داخل الوطن الواحد في إطار التعدد الوطني، ذلك في أعقاب تقسيم الاستعمار للحدود الجغرافية للدول الأفريقية، مراعاة لمصالحة الخاصة، دونما اعتبار للنسيج الجغرافي والثقافي والآثنى بين الشعوب الأفريقية المختلفة. عدا ذلك، تضمن الميثاق جميع الحقوق المدنية والسياسة والإقتصادى، فضلاً عن تكريس بعض الحقوق المؤطرة في الأعراف الأفريقية المتعلقة بالقبيلة والأسرة والعادات والتقاليد الاجتماعية – هذا إلى جانب عدة نصوص عن واجبات الفرد نحوا لأفراد الآخرين ونحو الجماعة. مؤسسياً، أنشأ الميثاق " لجنة لحقوق الإنسان والشعوب" في (بانجولي) من 11 شخصية أفريقية تنتخبهم القمة بصفاتهم الشخصية من ذوى الخبرة والمعرفة. أوكلت إلى اللجنة مهام تعزيز واحترام وحماية حقوق الإنسان، والنظر في شكاوى الانتهاكات المقدمة من الحكومات والمنظمات غير الحكومية، وإبداء وجهة النظر فيها، وتقديم توصياتها إلى مؤتمر رؤساء الدول لتقرر فيه، علماً أن قراراته تصدر بالإجماع. مهما كان الحال، فقد تمكنت اللجنة من رفع شكاوى عديدة من منظمات المجتمع المدني ومجموعات أخرى إلى القمة الأفريقية.جدير بالذكر أن اللجنة تجتمع مرتين في العام، مرة في بانجولا وآخري في دولة أفريقية خارج القامبيا، كما تحرص اللجنة على حضور منظمات حقوق الإنسان لتلك الاجتماعات. فى تطور هام لاحق أصدر الاتحاد الأفريقي البروتوكول الخاص بالمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والذي دخل حيز النفاذ في ديسمبر 2003 بعد مصادقة الدولة رقم 15 عليه. ولم تصادق على البروتوكول أية دولة عربية واحدة في القارة الأفريقية سوى ليبيا. تتلقى القمة الأفريقية من اللجنة الأفريقية والدول الأطراف في البروتوكول، والدول التي توافق على اختصاصهاً والأفراد والمنظمات غير الحكومية في حال قبول ذلك بواسطة الدول الأطراف. بخلاف اللجنة، يجوز للمحكمة إصدار أحكام ملزمة في القضايا التي تعرض أمامها، أسوة بالمحكمة الأوربية والمحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان.وينتظر قيام المحكمة قريباً بعد اختيار القضاة والمسجل وقلم المحكمة وغالباً ما يكون مقرها في أعروشا بجمهورية تنزانيا. جدير بالذكر أن القمة الأفريقية أصدرت بروتوكولات أخرى تتعلق بحقوق اللاجئين والطفل والميثاق الأفريقي لحقوق النساء الذي دخل حيز النفاذ في نوفمبر 2005 . بالمقارنة لما تقدم، نجد أن الدول العربية تقف فى مؤخرة المجموعات الإقليمية بالنسبة لتعزيز واحترام وحماية حقوق الإنسان، ما يعكس عدم إيلاء الأهمية اللازمة لهذا الأمر. فالجامعة العربية كونت منذ عدة عقود لجنة حقوق الإنسان في إطار الجامعة، إلا ان جميع أعضاء اللجنة تعينهم الحكومات من بين موظفيها. عليه فإن دور اللجنة يقتصر على النظر في انتهاكات حقوق الإنسان على ما يجرى في فلسطين والعراق وربما سوريا، في حالات الاحتلال والعدوان الأجنبي، ولا تجرؤ على تناول أوضاع حقوق الإنسان في أي بلد عربي، بما لا يرضى حكومة ذلك البلد. كما لا تنظر اللجنة في أية شكاوى حول انتهاكات داخل أي بلد عربي. أما عن الميثاق العربي لحقوق الإنسان فقد بدأ التفكير فيه منتصف السبعينيات وصدر مشروع الميثاق في 1994، لكنه ظل في أضابير الجامعة حتى انعقاد القمة العربية في تونس عام 2004 التي قامت بإصداره وعرضه للتوقيع والتصديق ونص على دخوله حيز النفاذ إذا ما وقعت عليه 7 دول قد تم ذلك في مارس 2008، حين أصبح هناك ميثاق عربي لحقوق الإنسان انضمت إليه سبع من بين اثنتين وعشرين دولة. بالنظر إلى نصوص الميثاق تجد أنه أقل سقفاً من الالتزامات التي وضعها المجتمع الدولي بالشرعة الدولية لحقوق الإنسان – الإعلان العالمي لسنة 1948 والعهدين الدوليين لسنة 1966 ومصدر الغرابة هنا هو موافقة حوالي 13 دولة عربية قد صادقت على مواثيق الشرعة الدولية لحقوق الإنسان إلتى وضعت عليها التزامات أشد صرامة من تلك التي يفرضها ميثاق عربي لا يوافقون التصديق عليه!؟ كما سلف القول، يتدنى الميثاق العربي درجات من مبادئ الالتزام بالشرعة الدولية وآليات نفاذها. بداية، اللجنة المكلفة بالأشراف على التزام الدول العربية لجنة خبراء هم موظفون لدى حكوماتهم وبذا يفتقدون سمة الاستقلالية في الرصد والشجب أو إدانة مواقف حكوماتهم، بل يقفون في صف المدافعين عن قوانينها وأية دعاوى بالانتهاكات فيها ،أن وردت. فالانتهاكات إلى تنظر فيها اللجنة لا تتعدى كما ذكرنا الانتهاكات الإسرائيلية في فلسطين أو القوات الدولية في العراق وربما التدخل في الصومال. أما تناول قانون أو ممارسات أو شكاوى في أي بلد عربي من دول الجامعة العربية فهو أمر غير مباح، ذلك أن الأمر حسب الجامعة يقع في دائرة الشؤون الداخلية والسيادية لكل أعضاء الجامعة العربية. هذا، فضلاً عن زعم معظم الدول العربية، زوراً وبهتاناً، أن ليس بها انتهاكات لحقوق الإنسان وأن مبدأ عالمية حقوق الإنسان أمر ترفضه بحجة أن المواثيق الدولية مفاهيم غربية أو كنسية تجافى مبادئ الشريعة الإسلامية المعنية بحقوق الإنسان. ما من شك أن هذه ليس سوى فرية يدحضها أن واقع حقوق الإنسان في العالم العربي من قوانين استثنائية تعسفية تبرر انتهاك حقوق الإنسان بمصادرة حرية الرأي والتعبير ، وممارسة الاعتقال والتعذيب، وحريات التنظيم السياسي والنقابي ، وتفشى أجهزة الأمن القمعية والمحاكم الاستثنائية والعسكرية، ما يتنافى تماماً مع مبادئ الشريعة الإسلامية، هذا، فضلاً عن اللجوء إلى إعلان حالات الطوارئ لتبرير مصادرة الحقوق، ونزوع أعلى المحاكم، بما فيها ما يسمى " الدستورية" بالهرولة والتباري لإرضاء الحاكم الذي غمرهم بالمرتبات العالية وبمخصصات وامتيازات لن يجدونها في ممارستهم أي جانب آخر من المهنة. إذا توقفنا قليلاً للنظر في محتوى الميثاق العربي نرى تركيزه على ان انطلاق حقوق الإنسان يأتي من مبادئ الشريعة الإسلامية إلى تؤكد على حق الإنسان في الكرامة والعدل والحرية والسلام العالمي. هذه دون شك قيم رفيعة سامية لا جدال حولها. غير أن واقع الأمة العربية وأوضاع حقوق الإنسان فيها لا تنحو إلى تأكيد ذلك وإلا لما تعثرت أوضاع حقوق الإنسان بالصورة السائدة فيها اليوم، والآلية الضعيفة للرقابة عليها وتطبيقها بواسطة لجنة موظفين تابعين للحكومات، ورفض حاسم لقيام محكمة عربية لحقوق الإنسان. كما ان بنود الميثاق تجيز للدول العربية إصدار قوانين مقيدة للحريات بمبررات فضفاضة مثل حماية الأمن والاقتصاد الوطني ، والنظام والصحة العامة، وحتى في النص على حالة الطوارئ المعلنة التى تهدد الحياة والسلامة يجوز للدولة اتخاذ من الإجراءات التى تصون التزاماتها بموجب الوضع الذي تراه قائماً. ولا يضع الميثاق أي قيود على الحقوق الغير قابلة للانتقاص كالتعذيب وعدم تكرار المحاكمة عن نفس الفعل، ومنع الاسترقاق، والسجن لعدم الوفاء بالتزام مدني، وعدم رجعية القوانين، والاعتراف بالشخصية القانونية، وحرية الفكر والوجدان.ومن الغريب أن هذه نصوص قبلتها غالبية الدول العربية التى انضمت إلى الشرعة الدولية لحقوق الإنسان ، كما تقدم ذكره. نختم، فنقول أن تعثر ولادة الميثاق العربي لحقوق الإنسان وقصور مبادئه عن نصوص الشرعة الدولية وضعف آلية الرقابة الكامنة في اللجنة " الحكومية" ورفض الدول العربية مبدأ قيام محكمة لحقوق الإنسان، كما حدث في الدول الأوربية والأمريكية والأفريقية، كل هذا مرده إلى طبيعة الأنظمة السياسية العربية كافة نتيجة تسلط الأنظمة السياسية المتمثلة في تغييب الديمقراطية والمشاركة الشعبية، وتسلط الأنظمة الحاكمة، وتحريم مبدأ تداول السلطة، ما يفضى بالضرورة إلى مصادرة الحريات الأساسية وحقوق الإنسان وحظر المجتمع الدولي من التدخل بدعاوى السيادة الوطنية ورفض التدخل في الشؤون الداخلية لشعوب تعانى من بطش حكامها الذين يتناسون أن السيادة الوطنية هي سيادة الشعب، وليس حماية الحاكم المتسلط.

    *رئيس المرصد السوداني لحقوق الإنسان

                  

05-25-2009, 05:05 PM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: " القضاء السوداني والعدالة الجنائية الدولية" - رابطة القانونيين بقطر - المتحدث د. (Re: حسن طه محمد)



    تكريم الدكتور امين مكى مدنى فى المركز العربى لتعزيز حكم القانون والنزاهة فى بيروت عام 2004
                  

05-26-2009, 05:58 AM

حسن طه محمد
<aحسن طه محمد
تاريخ التسجيل: 03-01-2007
مجموع المشاركات: 3653

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: " القضاء السوداني والعدالة الجنائية الدولية" - رابطة القانونيين بقطر - المتحدث د. (Re: Adil Osman)

    Quote: ندوة مهمـة

    أرجو توثيقها وتسجيلها وبثها على وسائط النت في اليوتيوب وغيره

    مع التحية للاخوة المنظمين ولاستاذنا د أمين مكي مدني



    الاستاذ احمد الشايقي

    شكرا ويا ريت كنت تكون معانا

    بالتاكيد سنقوم بتوثيق هذة الندوة الهامة.

    دمتم ،،
                  

05-26-2009, 06:01 AM

حسن طه محمد
<aحسن طه محمد
تاريخ التسجيل: 03-01-2007
مجموع المشاركات: 3653

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: " القضاء السوداني والعدالة الجنائية الدولية" - رابطة القانونيين بقطر - المتحدث د. (Re: حسن طه محمد)


    الزميل ود الزين

    سكرا علي هذه المقالات القيمة

    والجاي علي الطبيعة

    دمتم،،
                  

05-26-2009, 06:06 AM

حسن طه محمد
<aحسن طه محمد
تاريخ التسجيل: 03-01-2007
مجموع المشاركات: 3653

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: " القضاء السوداني والعدالة الجنائية الدولية" - رابطة القانونيين بقطر - المتحدث د. (Re: حسن طه محمد)

    Quote: تكريم الدكتور امين مكى مدنى فى المركز العربى لتعزيز حكم القانون والنزاهة فى بيروت عام 2004


    الاخ عادل عثمان

    شكرا ليك كتير وهل مزيد من الصور ؟

    دمتم،،
                  

05-26-2009, 07:04 AM

أحمد الشايقي
<aأحمد الشايقي
تاريخ التسجيل: 08-08-2004
مجموع المشاركات: 14611

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: " القضاء السوداني والعدالة الجنائية الدولية" - رابطة القانونيين بقطر - المتحدث د. (Re: حسن طه محمد)


    سعادة المستشار حسن طـه


    شكرا وأتمنى لو استطعت الحضور حقيقة

    سأكون بالبحرين في مهمة في نفس التاريخ

    هؤلاء هم الرجال الأحرار العلماء ذوي المساهمات الأصيلة في الثقافة والعلوم ببلادنا,

    وهم الرواد الذين لا يكذبون أهليهـم



    أحمد الشايقي
                  

05-26-2009, 09:34 AM

الطيب شيقوق
<aالطيب شيقوق
تاريخ التسجيل: 01-31-2005
مجموع المشاركات: 28804

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: " القضاء السوداني والعدالة الجنائية الدولية" - رابطة القانونيين بقطر - المتحدث د. (Re: أحمد الشايقي)

    مولانا ود البوب

    ما شاء الله دياركم عامرة بالحراك القانوني

    حاولوا اقناعه للترشح للرآسة الجمهورية .
                  

05-26-2009, 09:48 AM

حسن طه محمد
<aحسن طه محمد
تاريخ التسجيل: 03-01-2007
مجموع المشاركات: 3653

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: " القضاء السوداني والعدالة الجنائية الدولية" - رابطة القانونيين بقطر - المتحدث د. (Re: الطيب شيقوق)

    Quote: حاولوا اقناعه للترشح للرآسة الجمهورية .


    مولانا شيقا

    سانقل اقتراحكم للدكتور


    دمتم،،،
                  

05-26-2009, 10:38 AM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: " القضاء السوداني والعدالة الجنائية الدولية" - رابطة القانونيين بقطر - المتحدث د. (Re: حسن طه محمد)

    الاخ حسن طه
    تحية طيبة
    فى صور كثيرة فى الانترنيت للدكتور امين مكى مدنى المحامى والاكاديمى والناشط فى حقوق الانسان المعروف.
    هذه واحدة منها. فهو عضو فى هيئة الدفاع عن المتهمين بالهجوم على امدرمان العام الماضى.
    الدفاع عن اى متهم حق اصيل من حقوق الانسان. بالذات المتهمين امام المحاكم "الخاصة" ومحاكم "الارهاب"


                  

05-26-2009, 04:31 PM

حسن طه محمد
<aحسن طه محمد
تاريخ التسجيل: 03-01-2007
مجموع المشاركات: 3653

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: " القضاء السوداني والعدالة الجنائية الدولية" - رابطة القانونيين بقطر - المتحدث د. (Re: Adil Osman)
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de