|
محمد محمود / حول مشروعية نقد الشريعة في الرد على بيان " هيئة علماء السودان "
|
حول مشروعية نقد الشريعة في الرد على بيان " هيئة علماء السودان "
محمد محمود *
البيان الذي أصدرته هيئة علماء السودان بتاريخ 24 إبريل 2009 بعنوان " بيان من هيئة علماء السودان حول مفتريات ياسر عرمان " بيان يحتاج إلى وقفة ومراجعة نقدية وخاصة أن السودان أضحى الآن في مفترق عسير وهو يواجه خطر التمزق والتفكك بعد عشرين عاما من استبداد الإسلاميين وإفلاس مشروعهم .
وأول ما يلاحظه القاريء للبيان هو نزعة هيئة علماء السودان للحديث نيابة عن الله وكل المسلمين ، وتأسيسا على ذلك مصادرة التعدد وحرية الاختلاف مع المسلمين الذين ربما يحملون رأيا مغايرا ومع غير المسلمين (بطبيعة الحال) . وثاني ما يستوقف انتباه القاريء هو لغة البيان المعجونة بالعنف والمتوترة بما يصفه البيان بالغضبة في الله ، وهي لغة تبلغ قمة عنفها وتشنجها عندما ينفجر كاتبو البيان " الموت ثم الموت لأعداء الإسلام " . والناس في عرف هيئة علماء السودان إما في خندق حماة الدين الذين يدافعون عنه بالسنان ويموتون عليه ليحققوا دخول الجنان ويعصموا أنفسهم من النيران ، أو في خندق الطاعنين في الإسلام والذين لا يصلحون إلا مادة لإقامة دين الله فيهم وتطبيق حد الله عليهم (أي قتلهم) . ورغم أن المرء من حقه أن يتوقع ممن يدّعون العلم ويطرحون أنفسهم كعلماء لكافة المسلمين بل وكحملة رسالة للعالم بأسره أن يتحدثوا بمسئولية العالم ، وهي مسئولية يجب ألا تنطوي على عنف أو ضغينة وإنما على رغبة لإقامة الحجة والاستعداد للاستماع لوجهات نظر الآخرين ووزنها بميزان العلم والبصيرة . إلا أن المرء لا يندهش البتة من موقف هيئة علماء السودان ولغتهم إذ أن كل ذلك العنف والإقصاء الذي يلازمه متجذران ومتأصلان في الخطاب الإسلامي المعاصر ، وخاصة عندما يعبر ذلك الخطاب عن سلطة نظام استبدادي شمولي .
وما يجب تقريره في البداية هو أن الحديث عن الشريعة ، وخاصة عندما يتعلق الأمر بقوانين العقوبات وهو ما يركز عليه بيان هيئة علماء السودان ، هو أمر عام لابد أن يناقشه المسلمون وغير المسلمين لأن غير المسلمين تمسهم الشريعة أيضا وتؤثر عليهم وخاصة في بلد متعدد الأديان كالسودان . نحن نعيش في عصر يختلف اختلافا بينا عما سبقه من العصور ويتميز ، ضمن أمور أخرى ، بميزة الفضاء الفكري العام الذي تثار فيه كافة المسائل وتخضع فيه كل الأمور للنقاش والأخذ والرد . ولأن هذا الفضاء الفكري قد أضحي الآن فضاء عالميا لا تحده الحدود الجغرافية فإننا نعيش في عالم قد تهاوت فيه ، ولأول مرة في تاريخ البشرية ، أسوار كبت الرأي وسجنه تهاويا فعليا . ورغم أن حرية نقاش ما يتصل بالإسلام في البلاد الإسلامية وحرية ترك الإسلام ما تزال تخضع للقمع الذي يصل حد القتل ، وخاصة في البلاد التي تحكمها أنظمة إسلامية ، إلا أن ذلك لا يعنى الغياب التام لأثر الفضاء الفكري العام على هذه البلاد وما يدور فيها . بل ويمكننا القول إن أثر هذا الفضاء الفكري هو ما يفسر ردود الفعل الشرسة والعنيفة للإسلاميين حتى في أوربا التي لا يحتويهم فضائها الفكري وحسب وإنما يوفر لهم أيضا حريات تنعدم في الكثير من البلاد الإسلامية . إلا أن العنف اللفظي أو الفعلي (أو ما يسميه بيان العلماء " الجهاد باللسان أو بالسنان ") ليس بلغة العلم أو العلماء ، إذ أن لغة العلم والعلماء هي ، كما أشرنا ، لغة المجادلة المنطقية دفاعا عما يعتقد العالم بصحته ومن غير مصادرة لآراء من يختلفون معه أو قمع لحريتهم في التعبير عن معتقداتهم . هذا هو ، في رأينا الأساس السليم والوحيد الذي من الممكن أن ننطلق منه إن كنا ذوي رغبة حقيقية في إحداث تغيير سلمي يستند على شرعية دستورية وليس على فوهة البندقية وتجييش " الدبابين " . الاعتراف بحق الآخرين في الاختلاف والاستعداد للدخول في حوار معهم ومقارعتهم الحجة بالحجة هو اللغة الحقيقية والوحيدة للعلم والعلماء .
والفضاء الفكري في السودان وغيره من البلاد الإسلامية لا يطرح أمر الشريعة من زاوية الدفاع عنها فحسب ولكن أيضا من زاوية الاعتراض عليها ، وهذا أمر لابد أن يقبله الإسلاميون ويسلموا به إن كانوا يودون المشاركة بتحضر في الفضاء الفكري لعصرنا --- لابد أن يقبلوا بالمشروعية الفكرية لنقد الشريعة . وهذه المشروعية الفكرية لنقد الشريعة هي جزء لا يتجزأ من طبيعة عصرنا وروحه النقدية الأصيلة التي أطلقت العقل من عقاله ليجول في كل الأرجاء ولا يتوقف عن التساؤل والبحث للوصول لحقائق الأشياء . هذه المشروعية النقدية الأصيلة واقع فكري لابد للإسلاميين من مواجهته مواجهة الحوار المتحضر ولا يجديهم أن يحاولوا ابتذاله بالحديث عن " مخالطة اليهود والنصارى " .
والشريعة وتطبيقها هو أكثر المواضيع المثيرة للانقسام والفرقة والجدل في السودان خاصة بعد سبتمبر 1983 ، وهو انقسام وصل مداه التدميري والمأساوي منذ انقلاب البشير إذ لقي العشرات من الآلاف من المواطنين حتفهم في ساحات الموت في الجنوب بدعوى الدفاع عن ثوابت المشروع الإسلامي المعرضة لهجمة الكفر . وستظل الشريعة دائما مصدرا للانقسام والفرقة والجدل لأنها تصطدم بواقع قد تحول تحولا كبيرا وسيظل دائما مفتوحا على التحول . ستصطدم الشريعة دائما بواقع التحول في مجتمعات المسلمين لأنها محاولة لتكريس ما يشبه الثبات (ولا ثبات) وفرض الماضي على الحاضر والمستقبل (وهيهات) . وإن كان أمر التفصيل في نقد الشريعة يتجاوز حدود هذا المقال القصير (وهو أمر نتمنى أن نعود له في المستقبل) إلا أنني وفي الرد على بيان هيئة علماء السودان سأركز بايجاز شديد على مسألتين لإبراز عدم مناسبة الشريعة لعصرنا .
أول هاتين المسألتين هو المساس بحرية الفكر والضمير والعقيدة . ورغم أن هذه الحرية قد أصبحت من الحريات التي أجمعت عليها مواثيق حقوق الإنسان وبذا أضحت جزءا لا يتجزأ من العرف الدولي المتعلق بالحقوق في عالمنا المعاصر وهو عرف يحمي ، ضمن ما يحمي ، حقوق المسلم في حرية الاعتقاد وحرية الدعوة لدينه ، إلا أن دعاة الشريعة ومطبقوها شاءوا أن يخرجوا على هذا الإجماع الدولي ببعث حد الردة وتطبيقه وهو حد يصادر حرية العقيدة ويهدر حق الحياة (وهو الحد الذي عبرت عنه المادة 126 من قانون القانون الجنائي لسنة 1991) . وبخروجهم على هذا الإجماع فإنهم يريدون خلق واقع تشريعي قائم على التمييز الديني ، فبينما ينشط دعاة الإسلام في نشر الإسلام وبينما أن أي صاحب معتقد آخر من حقه أن يعتنق الإسلام فإن خروج أي شخص من الإسلام يصبح جريمة حدية يعاقب عليها بالموت بعد الاستتابة . هذا لا شك وضع غير مقبول بمقياس العقل أوبمقياس الأخلاق أوبمقياس الحقوق والحريات .
والمسألة الثانية التي أريد الإشارة لها هي التمييز ضد المرأة وضد غير المسلمين الذي يرسخه انبعاث الشريعة . أوضاع المرأة في الشريعة وأوضاع غير المسلمين تعكس قيم الزمان والمكان اللذين نشأت فيهما الشريعة واللذين تطورت في إطارهما لاحقا أي القرن السابع في الجزيرة العربية والقرون اللاحقة في ظل تطور المدارس الفقهية . وانبعاث مثل هذه الأوضاع وتكريسها ، من انتقاص للحقوق السياسية والمدنية للنساء ولغير المسلمين ، يسلبهم من كامل حقوق المواطنة ، إذ يجعل النساء المسلمات مواطنات من الدرجة الثانية ويجعل غير المسلمين مواطنين من الدرجة الثالثة . إن القفزة التي حققتها المرأة في مجتمعنا لابد أن تصاحبها قفزة تشريعية ترفع عنها كل أشكال التمييز وتسبغ عليها كافة حقوق المواطنة . وبالمثل ، ولأن المواطنة هي أساس الحقوق فإن أي شكل من أشكال التمييز ضد غير المسلمين لا يمكن أن يكون مقبولا .
إن واقع الشريعة حتى اليوم يبرز أنها ليست بخيار السودانيين لأنها لم تأت عبر استفتاء ديمقراطي وإنما فرضها عليهم نظام نميري ومن بعده نظام البشير فرضا . إلا أن واقع الشريعة يبرز أمرا آخر وهو أنها لا يمكن أن تقوم إلا في ظل غياب قانون دستوري ، إذ بينما يؤكد القانون الدستوري على المساواة التامة بين المواطنين فإن الشريعة تميز بينهم على أساس الجنس والدين . وإن كان طموح السودانيين هو طموح العيش في بلد يتساوى فيه المواطنون ، ولا نشك في أن هذا هو طموح غالبيتهم الساحقة ، فإنه طموح لا يشبعه ولا ينجزه إلا العيش في ظل قوانين دستورية لا تنطوي على تمييز . وتحقيق هذا الطموح مهمة طويلة وعسيرة وهي مهمة تتطلب في رأينا ، ضمن ما تتطلب ، نقد الشريعة والوقوف ضد عنف حملة الشريعة .
* محاضر سابق بكلية الآداب بجامعة الخرطوم يعيش حاليا في المملكة المتحدة . kassalawi99 at hotmail.com
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: محمد محمود / حول مشروعية نقد الشريعة في الرد على بيان " هيئة علماء السودان " (Re: Amin Elsayed)
|
Quote: أول هاتين المسألتين هو المساس بحرية الفكر والضمير والعقيدة . ورغم أن هذه الحرية قد أصبحت من الحريات التي أجمعت عليها مواثيق حقوق الإنسان وبذا أضحت جزءا لا يتجزأ من العرف الدولي المتعلق بالحقوق في عالمنا المعاصر وهو عرف يحمي ، ضمن ما يحمي ، حقوق المسلم في حرية الاعتقاد وحرية الدعوة لدينه ، إلا أن دعاة الشريعة ومطبقوها شاءوا أن يخرجوا على هذا الإجماع الدولي ببعث حد الردة وتطبيقه وهو حد يصادر حرية العقيدة ويهدر حق الحياة (وهو الحد الذي عبرت عنه المادة 126 من قانون القانون الجنائي لسنة 1991) . وبخروجهم على هذا الإجماع فإنهم يريدون خلق واقع تشريعي قائم على التمييز الديني ، فبينما ينشط دعاة الإسلام في نشر الإسلام وبينما أن أي صاحب معتقد آخر من حقه أن يعتنق الإسلام فإن خروج أي شخص من الإسلام يصبح جريمة حدية يعاقب عليها بالموت بعد الاستتابة . هذا لا شك وضع غير مقبول بمقياس العقل أوبمقياس الأخلاق أوبمقياس الحقوق والحريات . |
Amin
.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمد محمود / حول مشروعية نقد الشريعة في الرد على بيان " هيئة علماء السودان " (Re: Amin Elsayed)
|
Quote: والمسألة الثانية التي أريد الإشارة لها هي التمييز ضد المرأة وضد غير المسلمين الذي يرسخه انبعاث الشريعة . أوضاع المرأة في الشريعة وأوضاع غير المسلمين تعكس قيم الزمان والمكان اللذين نشأت فيهما الشريعة واللذين تطورت في إطارهما لاحقا أي القرن السابع في الجزيرة العربية والقرون اللاحقة في ظل تطور المدارس الفقهية . وانبعاث مثل هذه الأوضاع وتكريسها ، من انتقاص للحقوق السياسية والمدنية للنساء ولغير المسلمين ، يسلبهم من كامل حقوق المواطنة ، إذ يجعل النساء المسلمات مواطنات من الدرجة الثانية ويجعل غير المسلمين مواطنين من الدرجة الثالثة . إن القفزة التي حققتها المرأة في مجتمعنا لابد أن تصاحبها قفزة تشريعية ترفع عنها كل أشكال التمييز وتسبغ عليها كافة حقوق المواطنة . وبالمثل ، ولأن المواطنة هي أساس الحقوق فإن أي شكل من أشكال التمييز ضد غير المسلمين لا يمكن أن يكون مقبولا . |
Amin
.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمد محمود / حول مشروعية نقد الشريعة في الرد على بيان " هيئة علماء السودان " (Re: Amin Elsayed)
|
Quote: إن واقع الشريعة حتى اليوم يبرز أنها ليست بخيار السودانيين لأنها لم تأت عبر استفتاء ديمقراطي وإنما فرضها عليهم نظام نميري ومن بعده نظام البشير فرضا . إلا أن واقع الشريعة يبرز أمرا آخر وهو أنها لا يمكن أن تقوم إلا في ظل غياب قانون دستوري ، إذ بينما يؤكد القانون الدستوري على المساواة التامة بين المواطنين فإن الشريعة تميز بينهم على أساس الجنس والدين . وإن كان طموح السودانيين هو طموح العيش في بلد يتساوى فيه المواطنون ، ولا نشك في أن هذا هو طموح غالبيتهم الساحقة ، فإنه طموح لا يشبعه ولا ينجزه إلا العيش في ظل قوانين دستورية لا تنطوي على تمييز . وتحقيق هذا الطموح مهمة طويلة وعسيرة وهي مهمة تتطلب في رأينا ، ضمن ما تتطلب ، نقد الشريعة والوقوف ضد عنف حملة الشريعة .
|
Amin
.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمد محمود / حول مشروعية نقد الشريعة في الرد على بيان " هيئة علماء السودان " (Re: Amin Elsayed)
|
Quote: والشريعة وتطبيقها هو أكثر المواضيع المثيرة للانقسام والفرقة والجدل في السودان خاصة بعد سبتمبر 1983 ، وهو انقسام وصل مداه التدميري والمأساوي منذ انقلاب البشير إذ لقي العشرات من الآلاف من المواطنين حتفهم في ساحات الموت في الجنوب بدعوى الدفاع عن ثوابت المشروع الإسلامي المعرضة لهجمة الكفر . وستظل الشريعة دائما مصدرا للانقسام والفرقة والجدل لأنها تصطدم بواقع قد تحول تحولا كبيرا وسيظل دائما مفتوحا على التحول . ستصطدم الشريعة دائما بواقع التحول في مجتمعات المسلمين لأنها محاولة لتكريس ما يشبه الثبات (ولا ثبات) وفرض الماضي على الحاضر والمستقبل (وهيهات) . وإن كان أمر التفصيل في نقد الشريعة يتجاوز حدود هذا المقال القصير (وهو أمر نتمنى أن نعود له في المستقبل) إلا أنني وفي الرد على بيان هيئة علماء السودان سأركز بايجاز شديد على مسألتين لإبراز عدم مناسبة الشريعة لعصرنا . |
Amin
.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمد محمود / حول مشروعية نقد الشريعة في الرد على بيان " هيئة علماء السودان " (Re: Amin Elsayed)
|
شكراً الاخ امين السيد والتحية للدكتور محمد محمود ، صاحب مجلة اليقظة التي كان يصدرها لوحده في جامعة الخرطوم هذا المقال اعتقد ان الدكتور محمود سيتبعه بدراسة ، ولانه الرجل العالم لا يلقي بكلام سريع يموت او يطويه النسيان ، ولاننا نود ان نستزيد من اراءه النيرة ورايه الثاقب وعلمه الغزير ، لان الاوضاع في بلادنا مقلوبة تماما ، اذ يقرر في امر الدين والتشريع متفيقهون يطلقون اللحى والبخور للسلطان ، لذلك جاءت ما يسمى بتطبيق الشريعة بالهاتفية والصراخ ، ولاسواء بالعقاب لكل ذو عقل - اغتيال الشهيد محمود محمد طه - والمفارقة ان ذات الهتيفة من هيئة علماء السودان - الذين شغلتهم زواج المسيار - كانوا من صفقوا لتطبيقات النميري الكاذبة للشريعة ، ومعهم من يسمون انفسهم علماء جاءوا من مصر واولهم الدكتور القرضاوي الذي ايد الشريعة في العام 1983 ونقدها في العام 1985 بعد سقوط السلطان ، هم انفسهم ومعه ذات الشيخ القرضاوي ايدوا شريعة 1990 في نسختها البشيرية - الترابية ، لذلك فان مثل هؤلاء الكذابون لا يمكن ان يؤتمنوا في معاش الناس وحواتهم ، لسبب بسيط انهم كذابين ، ونقد الشريعة التي يمسكون بتلابيب الهوامش لمحاكمة مواطنيين في بلد نسبة الامية فيه تقارب التسعون بالمئة وبلد التعدد الديني والثقافي اكبر واقدم منهم ، يصعب تطبيق الشريعة ، ويجب على مثقفينا ان ينفذوا الى ذلك دون خوف او وجل ، لان ما يجري حالياً نوع من التكسب الرخيص .. شكراً مرة اخرى لك الاخ امين ، ولاستاذنا الجليل دكتور محمد محمود ..
| |
|
|
|
|
|
|
|