هل حقا يحكم العرب السودان؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-23-2025, 03:12 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-04-2009, 06:24 PM

Abdulgadir Dongos
<aAbdulgadir Dongos
تاريخ التسجيل: 02-09-2005
مجموع المشاركات: 2609

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
هل حقا يحكم العرب السودان؟

    +






    هل حقا يحكم العرب السودان؟ ... بقلم: بله حامد الناير-لندن
    الاثنين, 04 مايو 2009 18:02

    هل حقا يحكم العرب السودان ( والمقصود هنا السودان الحديث الانجليزي المصري ) ؟ , أم أن مقولة حكم العرب للسودان ليست سوى أكذوبة كبرى وتدليس تاريخي يندرج ضمن وسائل أخرى في استراتيجية إقصاء العرب أنفسهم وتهميشهم ؟ الاجابة بالمصادقة على الشق الأول من هذا السؤال تكاد أن تكون من المسلمات غير القابلة للجدل لدى كثير من الأوساط خاصة السياسية . المقال محاولة لفحص هذه المسلمات لجهة إلتماس الاجابة على هذا السؤال الصعب, وذلك من خلال تعرية المكونات الإجتماعية والجهوية للمركب القبلي المهيمن على مركز السلطة والثروة واستنطاق ركام الحقائق التي تدخل في دائرة المسكوت عنه سودانيا سواء بسبب التضليل التاريخي و المصالح الايدلوجية او التواطؤ. على ان ذلك لا يعني أن المقال يصدر عن صيغة ايدلوجية في الاتجاه المعاكس وانما هو صادر عن رؤية نقدية للأسس الأجتماعية والثقافية للتهميش . ذلك انه اذا كان كشف المستور والنطق بالمسكوت عنه وتسمية الأشياء باسماءها أمر تفرضه مقتضيات الموضوعية والنظر النزيه, فانه وبذات القدر أمر تفرضه استثنائية تأزم الحالة السودانية العالقة على شفا الصوملة او مصير يوغسلافيا السابقة بشكل لم يعد فيه ما يسمح بغير قول كل الحقائق عارية. لاينطوي هذا الكلام على زعم اكتشاف حقائق جديدة بقدر ما هو مجرد محاولة تسليط الضوء على جملة من الحقائق التي ربما يدخل بعضها في خانة البديهيات ولكن جرى التعتيم عليها و تحريم الحديث عنها لعشرات السنين.



    لفظ العرب المستخدم هنا, يراد به المجموعات السودانية ذات الاصول العربية . وتتكون هذه المجموعات أساسا من القبائل البدوية الرعوية او تلك التي كانت تمتهن الرعي وتحولت لاحقا الى الزراعة والتي تقيم بشكل رئيسي في اواسط السودان في سهول الجزيرة والبطانة والنيل الابيض وكردفان وبعض مناطق دارفور وشرق السودان وشماله. والمعلوم تاريخيا ان هذه المجموعات والتي يعد اكبرها مجموعات الكواهلة دخلت السودان في هجرات جماعية كقبائل بحثا عن المراعي وقد استقرت في المناطق المشار اليها وماتزال نسبة كبيرة منها يعيشون كبدو رحل . وهي قبائل عربية تسودنت من خلال تزاوجها مع المجموعات المحلية واستيعاب مكوناتها داخل نسيجها القبلي والثقافي. بالعودة للسؤال المطروح حول موقع هذه المجموعات العربية من ( النادي الحاكم ) "وهذا تعبير آخر يقصد به الكاتب مجمع عضوية النخبة الحاكمة والمصطلح يتسع ليشمل جميع الفئات العليا التي تعاقبت على مقاليد السلطة في البلاد منذ عام 1956 والى اليوم مع تغيير اللافتات والشعارات حسب ظروف كل مرحلة " , فان المتتبع للأصول الجهوية لعضوية ذلك النادي يجد انها , خلافا للدعاية السياسية السائدة, لاتنتمي لأي من المجموعات العربية المذكورة آنفا وانما تعود حصريا الى فئة الجلابة الشماليين الذين ينتمون الى المجموعة القبلية النوبية المستعربة ( الشايقية / الدناقلة / الجعليين) التي تقيم على الشريط النيلي في شمال السودان . الواقع ان ذلك الشريط النيلي لم يشكل ابدا- مع استثناءات قليلة- منطقة جذب لتلك القبائل البدوية التي دخلت السودان سواء قبل او بعد الاسلام , وذلك بسبب انه شريط ضيق وتسكنه اصلا مجموعات تمتهن الزراعة وهي مهنة لاعلاقة لها بالمجموعات البدوية تلك التي كانت تبحث عن المراعي الواسعة لمواشيها . هذا لا يعني ان هذه المناطق لم تشهد هجرات وتداخل بل العكس حدثت عملية تلاقح تاريخية طويلة ادت الى استعراب هذه المجموعة تضمنت ايضا هجرة افراد استقروا في تلك المناطق كتجار وعلماء ورجال دين وهم الذين تولوا مهمة نشر الاسلام واللغة العربية بين أولئك النوبين ولكن ليست هجرة قبائل كما هو حال القبائل الرعوية المتوطنة في اواسط السودان والتي تشكل الكتلة الرئيسية للوجود العربي فيه وفي ذات الوقت الغالبية الساحقة بين سكانه.


    العروبة اذا بالنسبة لهذه المجموعة القابضة على المركز هي ايدلوجية للسيطرة السياسية والاقتصادية وقهر وتهميش المجموعات الاخرى أكثر منها انتماءا ثقافيا , مثلها في ذلك مثل اي ايدلوجية أخرى تستخدم لاضفاء مشروعية على هذه السيطرة في مجتمع تقليدي يدين قسم كبير منه باسلام يحكمه نمط تدين أكثر تقليدية ينتمي الى القرون الوسطى. لهذه الأسباب نجد هذه الفئات قد ظلت ترفع راية العروبة والاسلام في مواجهة المجموعات السكانية غير العربية في ذات الوقت الذي ترفع فيه عاليا راية الإنتساب الى قريش في مواجهة المجموعات العربية الأصل .


    ( 1 )



    بتتبع تاريخ سيطرتها على المركز, نجد ان صعود هذه المجموعة قد ارتبط بفترة الحكم التركي التي شهدت ميلاد السودان الحديث بحدوده الحالية . قبل الإحتلال التركي كانت قبيلة الشايقية أول قبيلة "تنفض يدها "من الحلف السناري ( حلف الفونج و القبائل العربية بقيادة القواسمة ) في حوالي العام 1705م وقامت بعد ذلك التاريخ بقطع طريق القوافل العابرة الى مصر واصبحت تهديد أمن المسافرين. وبالرجوع لتاريخ تلك الفترة نجد تحذيرات العديد من الرحالة الذين زاروا سنار في ذلك الوقت من خطر قطاع الطرق من الشايقية. عقلية قطاع الطرق تلك هي التي ستتحكم فيما بعد بمصير السودان باسم العروبة والاسلام لتوصله بعد سلسلة من الكوارث النكبات الى وضعه الراهن( حقبة الإبادات الجماعية وتفتيت البلاد على أسس دينية وعرقية والتي لاتدخل في موضوع هذا المقال) . بعد الإحتلال التركي ومن خلال تعاونها مع المحتل وانخراطها في صفوف قواته العسكرية حققت هذه المجموعة الكثير من المكاسب الاقتصادية والاجتماعية التي ادت الى ظهور ما عرف بفئة الجلابة من بين صفوفها مستفيدة من السوق الموحد الذي خلقته الادارة الجديدة وحاجتها لعملاء محليين للمساعدة في تنفيذ سياسات واهداف الإحتلال والمتمثلة في جلب البضائع والسلع والرقيق وارسالها الى مصر بالاضافة الى المساعدة في التوسع جنوبا وغربا وحفظ الأمن.


    والمتمعن في منشورات المهدي التي تتحدث عن الترك والشايقية في تلك الفترة الدقيقة من تاريخ السودان, يمكنه ادراك حقيقة أبعاد ذلك التحالف . المهم أنه ومن بين صفوف أولئك الجلابة خرجت الفئة الجديدة الصاعدة التي تهم موضوع هذا المقال, التي انجزت مهمة تاسيس ووضع قواعد النادي الحاكم الذي سيرث فيما بعد حكم البلاد عن المستعمر الإنجليزي وعملت على تطوير العديد من آليات الهيمنة والأبعاد التي تضمن صفاء عضوية ذلك النادي الا من بعض العضوية الشرفية لبعض الأفراد من خارجه لزوم الديكور اما العضوية الكاملة فتظل حصريا للمتحدرين من الأصول الجهوية لفئات الجلابة ومن خلال ذلك استطاعت تأمين هيمنتها الشاملة على مركز السلطة والثروة دافعة في ذات الوقت كل شعوب السودان عربا وأفارقة نحو الهامش القسري. ولعل أهم هذه الآليات قد تجلى في حرصها على المحافظة على الادارة الاستعمارية بذات ركائزها الأساسية كادارة ذات بنية سلطوية صممت لاغراض تحقيق وادامة السيطرة الاستعمارية وحفظ الأمن ونهب ثروات البلاد لمصلحة المستعمرين ( الذين تغيرت فقط ألوان بشرتهم بعد الاستقلال) وليس تأسيس دولة حكم وطني هدفها تحقيق التنمية والعدالة والحكم الرشيد. ولذلك ومن خلال سيطرتها على جهاز الدولة بتركيبته المذكورة ضمنت هيمنتها على ثروات البلاد باعتبارها ريع وغنيمة جارية . وهي سيطرة لم تقتصر فقط على السلطة السياسية بمعنى المناصب السيادية والتنفيذية العلياء وانما على كامل جهاز الدولة حيث تمتد لتشمل كافة المراكز القيادية في الخدمة العامة المدنية والعسكرية الجيش / الأمن/ الشرطة / القضاء/ الدبلوماسية/ المؤسسات والشركات العامة..الخ , بالقدر الذى لايترك لجموع الهامش الأخرى سوى التسليم بدور الرعية . أما اذا وضعنا في الاعتبار واقع التنوع العرقي والديني والثقافي في السودان مقرؤا مع حقيقة ان نسبة هذه الفئات المسيطرة لاتتجاوز وفق اعلى تقدير 3 الى 4% من مجموع السكان فإن ذلك يضعنا أمام واقعة نظام سياسي واقتصادي قائم على أسس حصرية قل أن يوجد لها مثيل في التجارب السياسية المعاصرة. ما يجدر التنبيه اليه في هذا الصدد ان الكاتب لايعني بما جرت الأشارة اليه , ان سيطرة الفئة الحاكمة تتم لمصلحة كامل تلك المجموعة المذكورة حيث ان الموضوعية تقتضي الاقرار بحقيقة ان هناك العديد من افراد تلك المجموعة يدخلون في دائرة المهمشين ( بفتح الميم الثانية)مثلهم مثل جموع الهامش الأخرى, ولكن الذي يرمي الكاتب الى التأكيد عليه بوضوع هو أن انتماء أي شخص الى هذه المجموعة الضيقة هو الشرط الأساس الذي يؤهله للعضوية الكاملة في نادي النخبة الحاكمة والمهيمنة وليس مواطنيته السودانية.



    في الجانب الآخر فإن الناظر بقليل جدا من الحياد للاوضاع الاجتماعية والاقتصادية السائدة في المناطق التي الخاصة بالمجموعات العربية يجدها بين أكثر مناطق السودان اهمالا وغيابا للتنمية بأي معنى لها بالرغم من كونها أهم مناطق الإنتاج الرعوي والزراعي حيث ما يزال العرب الرحل في مرحلة البحث عن المياه الصالحة للشرب لهم ولمواشيهم . حتى بعض المناطق التى تحقق بها قدر من التنمية فانها قد تعرضت لما يشبه الحصار الداخلي المزمن ان لم نقل التدمير المنهجي من قبل النخبة المهيمنة على المركز. والمثال الساطع لذلك مشروع الجزيرة الذي أنشأه المستعمر ويعيش داخله اكثر من ربع سكان السودان والذي ظل يشكل المصدر الرئيسي للفائض الإقتصادي لحكومات الجلابة المتعاقبة قبل ان يدفع للانهيار التام, نجد انه قد فرضت على أهله على مر العقود ومنذ رحيل المستعمر علاقات انتاج وشروط حياة جعلتهم محكومين بالعيش داخله كالحيوانات وقد نخرت البلهارسيا والملاريا عظامهم وهم الذين القي عليهم طوال هذه العقودعبء حمل البلاد على ظهورهم كالجمال قبل ان يكون هناك عائد بترول اوغيره من المنهوبات.


    اما حقيقية نصيب العرب من السلطة السياسية والمشتق بطبيعة الأشياء من واقعهم الإقتصادي والإجتماعي فهو أكثر ضآلة من نصيبهم من الثروة القومية. حيث ان إعمال الفرز المشار اليه يضعنا أمام حقيقة واقعهم الفريد كأغلبية مهمشة. ذلك أنه و على سبيل المثال اذا كان منصب الرئيس في النظام السياسي القائم منذ الاستقلال محرما على الجنوبي او الفوراوي او البجاوي وفقا لأحكام الدستور غير المكتوب لدولة الجلابة فانة ووفقا لذات الدستور محرم أيضا على أي شخص ينتمي ل((عرب)) الجزيرة او الشكرية او الكبابيش على سبيل المثال ايضا لا الحصر. ومع ذلك فإن مؤدى ايدلوجيا العروبة والاسلام التي يتبناها النادي الحاكم ليس فقط محاولة إكساب الشرعية لهيمنته التي يراد لها الدوام وانما أيضا التملص والإفلات من مسؤلية الظلم التاريخي الذي مارستة وماتزال تمارسه هذه القوى في مواجهة كافة المكونات السودانية الأخرى خصوصا في الجنوب ودارفور وشرق السودان ومحاولة إلصاقها بالعرب وهم من جملة الضحايا وبذلك يكون ظلمهم مضاعفا من خلال تهميشهم وفي ذات الوقت تحميلهم مسؤلية واقع التهميش المستمر. واذا كانت أهم قوى الهامش قد نالت نصيبا من السلطة والثروة بعد اتفاقية السلام الشامل فان عرب السودان مازال نصيبهم من السلطة صفرا كبيرا بحيث ينطبق عليهم قول القائل:


    باسمه تؤكل الدنيا جميعا وما منها قليل في يديه.


    [email protected]







    http://www.sudaneseonline.com/arabic/index.php?option=com_con...9-17-14-27&Itemid=55













    دنقس.
                  

05-05-2009, 09:49 PM

Abdulgadir Dongos
<aAbdulgadir Dongos
تاريخ التسجيل: 02-09-2005
مجموع المشاركات: 2609

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل حقا يحكم العرب السودان؟ (Re: Abdulgadir Dongos)

    +



    فهمي هويدي يكتب: الفشل المقدس في علاقات مصر والسودان
    الثلاثاء, 05 مايو 2009 21:59

    ملف العلاقات المصرية السودانية مرشح بقوة لأن يحتل موقعا بارزا في كتاب الدهشة، من حيث إنه محمل بأثقال الماضي بأكثر منه مستجيب لاستحقاقات الحاضر والمستقبل.



    (1)



    هل يمكن أن يكون هناك حضور الصين في السودان أقوى من الحضور المصري، بحيث تفتح معاهد لتعليم اللغة الصينية في حين يغلق فرع جامعة القاهرة في الخرطوم؟ ولماذا أصبح الماليزيون يديرون واحدا من أهم فنادق العاصمة السودانية بينما ينحصر أبرز وجود لمصر في الشمال في وفرة عمال البناء؟ وهل يعقل أن تستمر إسرائيل طوال الخمسين سنة الأخيرة في نصب شباكها حول السودان وتنجح في اختراق أطرافه، في حين تستمر مصر في الانسحاب منه والانصراف عنه؟ ولماذا فشل البلدان "الشقيقان" في إقامة علاقة ناجحة منذ استقلال السودان قبل أكثر من خمسين عاما وحتى الآن؟



    لست في وارد الإجابة على الأسئلة التي ظلت تلح عليّ أثناء زيارة الخرطوم وبعدها. وإن كنت لا أخفي أن فيها من الاستنكار أكثر مما فيها من الاستفهام. لكني أزعم أن استدعاء السياق التاريخي قد يكون عنصرا مساعدا على فهمها بصورة أفضل. ذلك أن خلفية علاقات البلدين مرت بأطوار عدة، لا تزال أصداؤها حاضرة في الإدراك المتبادل بين البلدين.



    ومما يجدر ذكره في هذا الصدد أن كثيرين من المثقفين المصريين والسودانيين لا يعرفون أن السودان الحديث هو في حقيقة الأمر أحد مشروعات النخبة التركية المتمصرة بقيادة محمد علي باشا. ذلك أنه لم توجد دولة باسم السودان قبل مجيء محمد علي وأحفاده إلى منابع النيل، حيث كانت الدولة التي تجاور مصر جنوبا هي سلطنة التويخ التي تمتد حدودها بين وادي حلفا وتخوم سنار.



    هل يمكن أن يكون هناك حضور الصين في السودان أقوى من الحضور المصري؟ ولماذا أصبح الماليزيون يديرون واحدا من أهم فنادق العاصمة السودانية بينما ينحصر أبرز وجود لمصر في الشمال في وفرة عمال البناء؟



    وإلى غربها كانت توجد سلطنة كردفان بقيادة المندوم مسلم، ثم سلطنة دارفور التي كانت تتواصل مع مصر عن طريق درب الأربعين -أي درب الأربعين يوما- وهي الفترة التي تستغرقها رحلة القوافل للوصول إلى الحدود المصرية من الفاشر. وجنوبا كانت القبائل الجنوبية تعيش كما خلقها الله سبحانه وتعالى كتجمعات لا تعرف الدولة أو السلطة المركزية، ولكل لهجته وعاداته وطرائقه في الحياة.



    تمكنت مصر من لمّ هذه المكونات الجغرافية والبشرية على مراحل مختلفة، ابتداء من عام 1820 إلى عام 1874. ثم أطلق عليها الخديوي إسماعيل في أحد فرماناته اسم "السودان المصري". واستمر الحال كذلك إلى أن اندلعت الثورة المهدية، التي لم يسع برنامجها الروحي والسياسي إلى قطيعة مع مصر، بل إلى زيادة التواصل معها عن طريق إقامة دولة إسلامية متحدة بين مصر والسودان.



    حين سقط مشروع الثورة المهدية الذي عبر عن الشوق لإقامة دولة متحدة على وادي النيل، فإنه أفسح الطريق أمام دولة الحكم الثنائي ابتداء من عام 1899، التي كانت في حقيقتها حكما إنجليزيا روحا وإدارة، إذ لم يكن لمصر من نصيب في إدارة السودان إلا دفع تكاليف إدارة شؤون البلاد من الخزينة المصرية.



    لذلك فإن مشروع السودان الحديث الذي أقامه الإنجليز، وما فيه من سكك حديدية ومدارس ومشروعات زراعية وجيش نظامي، وغير ذلك من مطلوبات الدولة إنما تم سداد تكاليفه من الخزينة المصرية، باعتبار أن السودان كان يعد آنذاك إقليما مصريا. في حين أن الإدارة الإنجليزية كانت ترمى إلى هدف آخر هو أن يكون السودان للسودانيين، حتى لا يقوم مشروع دولة وادي النيل، التي تمتد من البحر الأبيض المتوسط إلى الأدغال السودانية.



    (2)



    الفقرات السابقة مهمة في ذاتها وفي مصدرها. فهي تسلط الضوء على خلفية الحضور المصري في السودان منذ قرنين من الزمان. وتفسر بالتالي لماذا اعتبرت النخبة الحاكمة في مصر طوال العهد الملكي أن السودان جزء من مصر، وأن وحدة وادي النيل هي الأصل، وهي المطلب الذي تمسكت به جنبا إلى جنب مع مطلبها جلاء الإنجليز عن البلاد. أما مصدر هذه الشهادة فهو واحد من أبرز المثقفين السودانيين، هو مدير جامعة أفريقيا العالمية الدكتور حسن مكي (نشرت بجريدة الأهرام في 2/12/2008).



    هذه الصفحة طويت بعد قيام ثورة يوليو/تموز 1952، التي اعترفت بحق السودان في تقرير مصيره، مما ترتب عليه انحياز ممثليه إلى الاستقلال، الذي أعلن رسميا في أول شهر يناير/كانون الثاني 1956. وهذا الاستقلال نقل علاقات الطرفين إلى طور آخر. فقد شغلت مصر في المرحلة الناصرية بمعاركها المشهودة. في الوقت الذي احتفظت فيه بعلاقة ود طيبة مع السودان المستقل، وقد تطور الأمر على نحو أكثر إيجابية في عهد الرئيس السادات الذي توصل إلى اتفاق مع الرئيس جعفر نميري (1978-1985) حول صيغة "التكامل" التي أقامت مؤسسات عدة للتعاون بين البلدين.


    ولكن حكومة السيد الصادق المهدي التي جاءت بعد ذلك ألغت التكامل وتبنت ما سمي في حينه بـ"ميثاق الإخاء"، الذي كان بمثابة نكوص أدى إلى تراجع العلاقات خطوات إلى الوراء. وفي عهد حكومة الإنقاذ التي تولى السلطة فيها الرئيس عمر البشير عام 1989 حدثت محاولة اغتيال الرئيس مبارك عام 1995، التي شاركت فيها بعض أطراف الحكم في الخرطوم، مما ضاعف من تراجع علاقات البلدين وأدى إلى تدهورها.
    هذا التاريخ، القديم منه والحديث، ظل حاكما لمسار العلاقات طول الوقت. فقد تعددت قراءة الماضي البعيد على نحو أقام حاجزا في الإدراك السوداني أمام التفاعل المنشود. أما الماضي القريب فقد أضاف حاجزا في الإدراك السياسي المصري زاد الأمور تعقيدا. وما كان لهذا وذاك أن يحدث إلا في غياب رؤية إستراتيجية مشتركة تحدد الأهداف العليا، وتفرق بين ما هو مصيري وعارض أو بين التناقض الرئيسي والتناقضات الثانوية. وهذا منطوق يحتاج إلى بعض التفصيل.



    (3)



    أشاعت الخلفيات التاريخية حساسية مفرطة لدى شريحة واسعة من المثقفين السودانيين إزاء التعامل مع مصر, فمنهم من اعتبر الوجود المصري منذ أيام محمد علي باشا "احتلالا"، ومنهم من اعتبر أن مصر ظلت عازفة عن الاعتراف باستقلال السودان والتعامل معه باعتباره شقيقا وندا



    فقد أشاعت الخلفيات التاريخية حساسية مفرطة لدى شريحة واسعة من المثقفين السودانيين إزاء التعامل مع مصر. فمنهم من اعتبر الوجود المصري منذ أيام محمد علي باشا "احتلالا"، الأمر الذي أثار جدلا طويلا لم يتوقف بين المثقفين السودانيين والمصريين (الأخيرين اعتبروه فتحا). ومنهم من اعتبر أن مصر ظلت عازفة عن الاعتراف باستقلال السودان والتعامل معه باعتباره شقيقا وندا، وتصرفت في مواقف عدة كما لو أن السودان لا يزال تابعا لها. ومنهم من ذهب إلى أن النخبة المصرية تستعلي على السودانيين وتنظر إليهم نظرة دونية (أحدهم قال لي لماذا يظهر السوداني "بوابا" في الأفلام السينمائية المصرية، في حين أن المصريين أصبحوا يؤدون هذه الوظيفة في أغلب دول الخليج)، إلى غير ذلك من الدعاوى والانطباعات التي سجلها كتاب "النداء في دفع الافتراء" (1952) للمؤلف السوداني محمد عبد الرحيم.



    صحيح أن ثمة أجيالا من المثقفين السودانيين تجاوزت تلك الحساسيات (أغلبهم ممن درسوا في مصر وخالطوا أهلها). لكن هذه الأجيال بسبيلها إلى الانقراض، فضلا عن أنه في غياب الحضور المصري في السودان فإن الأجيال الجديدة باتت تستشعر غربة إزاء مصر، حتى أصبحت غير محصنة ضد فيروس الحساسيات باختلاف مصادره.



    وضاعف من سلبية الموقف أن مصر السياسية لم تبذل جهدا ملموسا لتصحيح تلك الانطباعات خلال العقود الثلاثة الأخيرة بوجه أخص، التي بدا فيها السودان مهمشا في الإستراتيجية المصرية. حتى سمعت من أحد كبار السياسيين السودانيين أنهم في الخرطوم شعروا بعد محاولة اغتيال الرئيس مبارك أن السودان سقط من منظومة الأمن القومي المصري.



    في هذا الصدد لا يستطيع المرء أن يكتم شعوره بالدهشة حين يجد أن بلدا كبيرا ومهما للغاية بالنسبة لمصر يهمش هكذا أو يغيب في رؤيتها السياسية. إذ هو بالنسبة لنا ليس جارا وشقيقا فحسب، ولكن أيضا سودان نهر النيل، وما أدراك ما نهر النيل. وسودان العمق الإستراتيجي، وسودان الموارد البشرية والاقتصادية الكبيرة. هذا إذا تجاهلنا دوره كباب للعرب والمسلمين إلى أفريقيا. يطل على ثماني دول منها (غير مصر). هو باختصار وبالمعيار النفعي البحت إحدى ضرورات الدفاع عن الأمن القومي المصري والعربي.



    هذه الدهشة تتضاعف إذا علمنا أن إسرائيل أدركت منذ وقت مبكر أهمية السودان بالنسبة لمصر والعرب. وهو ما أشرت إليه في كتابات سابقة، عرضت فيها خلاصة لبحث عميد الموساد المتقاعد موشي فرجي حول علاقة إسرائيل بحركة تحرير جنوب السودان، الذي قدمه في عام 2003 إلى مركز ديان لأبحاث الشرق الأوسط وأفريقيا التابع لجامعة تل أبيب، وإلى محاضرة وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي السابق آفي ديختر حول الرؤية الإستراتيجية لدول المنطقة، التي ألقاها في معهد الأمن القومي بتل أبيب (عام 2008). وفي الوثيقتين كلام صريح عن سعي إسرائيل إلى إضعاف السودان وإنهاكه لكي لا يصبح قوة مضافة إلى العالم العربي، ولكي يتحول إلى عنصر ضغط على مصر.



    ولا يخفي البحث الأول أن ذلك المخطط الإسرائيلي دخل إلى حيز التنفيذ منذ أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات من القرن الماضي. حيث ظل تفتيت السودان وإثارة الاضطرابات فيه هدفا إستراتيجيا إسرائيليا، ترجم على الأرض من خلال الدعم الكبير الذي قدم إلى حركة الانفصال في الجنوب، وهو الذي انتقل بعد ذلك إلى دارفور على النحو الذي ستفصل فيه لاحقا.



    (4)



    بوسعنا أن نقول إن السودان أخطأ عدة مرات في حق مصر. فقد استبد الغضب بالبعض حين استقر بالقاهرة الرئيس السابق جعفر نميري بعد إسقاط نظامه في منتصف الثمانينيات، وذهبوا في المطالبة به إلى حد حرق العلم المصري. وحين ألغي التكامل بين البلدين، وتم إغلاق فرع جامعة القاهرة في الخرطوم، كما تم الاستيلاء على استراحات الري التي أقامتها مصر على النيل. وتواصلت تلك الأخطاء حين تبين ضلوع بعض عناصر الحكم في محاولة الاغتيال الآثمة.



    مصر والسودان فشلا في صياغة علاقة إيجابية تنبني على رؤية إستراتيجية تستعلي فوق العوارض والصغائر وتحقق مصالحهما العليا المشتركة, وإذا ظلت مصر تعتبر نفسها الشقيق الأكبر فإن مسؤوليتها عن الفشل تغدو أكبر



    بالمقابل ينبغى أن نعترف بأن مصر الراهنة لم تتعامل مع السودان بما يستحقه من مودة. ولم تتصرف معه بمنطق الدولة الحريصة على تأمين حدودها الجنوبية. في الستينيات وبداية السبعينيات، أقيم حفل أضواء المدينة في الخرطوم، وقدمت الحفل الذي غنى فيه عبد الحليم حافظ الفنانتان سعاد حسني ونادية لطفي. كما زارت العاصمة السودانية فرقة رضا للفنون الشعبية وعرضت هناك مسرحية "مدرسة المشاغبين" التي كان عادل إمام وسهير البابلي أهم أبطالها. ولم تنس حتى الآن زيارة أم كلثوم في عام 1965 التي نشرت جريدة "الصحافة" ترحيبا حميما بوصولها تحت عنوان: "أهلا سحابة المطر الواعد".



    هذه الصورة اختلفت خلال العقود الثلاثة الأخيرة. فهم يقولون مثلا إن وزير الثقافة المصري لم يزر السودان منذ تولى منصبه قبل أكثر من عشرين عاما، وأن وزير الزراعة حين زارها مؤخرا فإن نظيره السوداني قال له وهو يرحب به في المطار: "أهلا بأول وزير زراعة مصري نراه في الخرطوم منذ 22 عاما"، ويعتبرون أن وزير الإعلام في حالة مقاطعة للسودان.


    يقولون أيضا إن مصر توقفت عن استكمال مشروع قناة جونقلي التي تم إنجاز ثلثيها، رغم أن الظرف أصبح مواتيا لإكمال الثلث الأخيرة، والتي إذا استكملت ستضيف الكثير إلى السودان، من ذلك أنها ستختصر الطريق من بورسودان إلى ملكال من أسبوعين إلى يومين أو ثلاثة.يقولون كذلك إن حالة النقل البحري بين البلدين تعبر بقوة عن بؤس الجسور الممتدة بينهما. فقد غرقت أربعة مراكب بركابها خلال السنوات الأربع الأخيرة، علما بأن أحدث مركب عامل على الخط بني في عام 1972 "عمره 37 عاما" وهناك مركب أخرى يعمل منذ عام 1959(!).
    يضيفون أن الدولة خصصت لشركة التكامل الزراعي السوداني المصري 170 ألف فدان قبل أكثر من عشرين عاما، ولكن مصر تقاعست عن استثمارها بحيث لم تزرع منها طوال تلك الفترة غير 5 آلاف فدان فقط.


    لست في مقام تبرئة أو إدانة أي طرف. ولكن أهم ما يستخلصه المرء من هذه الشواهد والانطباعات أن البلدين -رغم حاجة كل منهما للآخر- فشلا في صياغة علاقة إيجابية تنبني على رؤية إستراتيجية تستعلي فوق العوارض والصغائر، وتحقق مصالحهما العليا المشتركة.
    أردت أيضا أن أنبه إلى أن الذاكرة المسكونة بالرواسب والحساسيات ظلت عبئا أثقل وتيرة التقدم إلى الأمام، وأن مصر إذا ما ظلت تعتبر نفسها في مقام الشقيق الأكبر فإن مسؤوليتها عن ذلك الفشل تغدو بدورها أكبر.


    نقلا عن الجزيرة نت

























    دنقس.
                  

05-05-2009, 11:52 PM

Albino Akoon Ibrahim Akoon
<aAlbino Akoon Ibrahim Akoon
تاريخ التسجيل: 08-27-2005
مجموع المشاركات: 1762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل حقا يحكم العرب السودان؟ (Re: Abdulgadir Dongos)

    dear brother dongos
    I agree that Arabs hasn't ruled Sudan and that Arabs tribes and specialy
    Baddu have lived a harmony among their felows Africans brother they respect
    The right of each other and avoided clashes with other groups .
    But like you said the arabized groups not only in north but also in west are
    The big problem they insisted to be Arabs decendents thought they are interacial
    Mixed blooded and African rather than Arabs.
    But you see the made up a fake family tree that connected them directly to quriash and
    The prophet's family , we all know that fact but they are blinded in their pretendence
    And will accept nothing else. And that's the delima of our nation and the curse
    That will take us to hill.
    Sudanese Arabs know their backroud and they don't even need a fake family tree to
    Prove that reality but the arabized groups are the one who wanna prove it by faking
    Or fighting to death .
    Thanks man got your comments and valueble post and please keep it up and add some more
    On it I'll be around
    Akoon
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de