عاطف خيري يكتب :- هِجرةّ أخرى يا كمال ! البركة في الأغاني ..

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 06:13 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-19-2009, 01:47 PM

سفيان بشير نابرى
<aسفيان بشير نابرى
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 9574

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عاطف خيري يكتب :- هِجرةّ أخرى يا كمال ! البركة في الأغاني ..



    في نهايات عام ألفين وتلاتة ، وفي واحدة من صباحات السبت ، دخل كمال إلى منزلنا بملبورن . كان الفول على النار وسمندل على شقاوته ، وكان الوقت شتاءا إن كنت تنظرعبر النافذة . جاء كمال وتغيّب عدة مرات : للعمل أحيانا ، لمهاتفة أصدقاء ، للزواج ، ثم للموت في أغلب الأحيان . غربة بالجملة يا رجل ، ثم لغاية ما تعثر على القلم لتضيف إلى قائمة أحبابك واحدا عذبا اسمه كمال الطيب يكون الرجل قد رحل ، ولن تسمع صوته أبدا يترقرق عبر الهاتف مرحبا ، مواسيا ومتفقدا .

    - إنها ملبورن يا كمال. هذه الضجة التي تسمعها من صنيعة السمندل . الدنيا صباح و لم نتناول الإفطار بعد. البلبلة سببها ربما معدل الصوت في التلفاز كان أعلى بينما ظل جرس الهاتف يرن ولم ننتبه ، أنا هذه الأيام لا أستطيع قراءة صحيفة ناهيك عن كتاب ، مشغوليات ، ضف الى ذلك عدم الاكتراث كله نابع من تساقط الأمطار في عز البرد . تشويش كهذا لا يمكن الحديث معه عن الغربة بأية حال ، فكل شئ في وطنه وبالضبط ، بما في ذلك الغرباء : في حيرتهم اللامعة . حسنا ، ما يجعل هذه الكتابة مستحيلة يا كمال هو أنني ألوّح بكلتي يدي . تلويحتي لنبرةٍ عائلية في صوتك يا رجل . للطريقة التي تسند بها صمتك بين الجملة وأختها في مكالمة مع شخوص لم تلتقيهم ولم يلتقوك الا عبر الهاتف وعبر مبادرة منك خضراء مع فارق التوقيت والسقاية . هاهم المهاجرون قد برعوا في ترتيب كهوفهم في بلاد بعيدة وقنعوا بذكرياتهم في مسقط الرأس الذي لم يعد يذكرهم ، وهاهم وقد شرعوا في دخول الانترنت بأسماء مستعارة وقمصان فلسفة شفافة ، قبل ذلك وأثناءه كنت أنت توزع بينهم الشقيق الأكبر والصديق المتفهم في أكواب باهظة الألوان كالتي في بيوت القرى ، وكنت تقدم الشربات للضيوف الذين تبتكرهم عبر مكالمة وأخرى ، والذين يصيرون أهل بيت في فضاء الونسة الماهلة معك ، كنت تجمعهم وهم المتنافرون لأن بعضهم كانت دمعته الكبيرة قد علمته المناديل في الآخرين والبعض الآخر تحت وطأة المحلفين وموظفي الهجرة كان قد استلف قناعا وعزّ عليه أن يخلعه وفريق ثالث اكتشف خطل التمارين الشاقة التي لم تفض إلى ألوهية ولا يحزنون ، فمن رغبة شاهقة لتحمل المسؤلية وللإجابة على الأسئلة الحارقة صارت بحوزتنا عضلات بلا شغل أمام" خفة الوجود غير المحتملة" . البركة في الأغاني يا كمال . كان يجب أن نتعلم منك كيف نقول وجودنا المرتبك دون أن نجرح أحد . كان علينا أن نتعلم أن الوفاء لا يزال أكثر تعقيدا وتقدما من التكنولوجيا . و كان على أن اقول إن الرجال بلا تفاؤل هم محض مسددي فواتير ، وأن عالما بلا نساء ، فوق الثلاثين وطيبات ، هو شتيمة بلا فرز . لم تعد لدي رغبة في وصف الموت بالرشاقة ولا نشرة الأخبار بأفلام العنف ولا الاقلاع عن التدخين - كمواجهة لجمهور العادات - بمسرح بروتلد بريشت . مهمتي الآن هي التغلب على هذا الانقطاع المفاجئ في المكالمة الهاتفية ،ثم من واجبي ايضا اعتبارك في مكالمة أخرى طويلة مع صديق جديد ، يا لها من مكالمة ويا له من صديق .

    -ازييك يا سيد . معاك كمال من المانيا

    لم التق كمال ولا مرّ ة ، لكن كانت لنا عبر الهاتف لقاءات طويلة ، هو رسول الهواتف الرصينة بلا منازع ، وله فيها ونسات ، يديرها هو في الغالب ، بتواطوء مني واعجاب صادق بمقدرته في الاسترسال والتداعي تتقافز المعلومة والملاحظة النافذة والطرافة، كلهن ، برشاقة و جنبا إلى جنب دون أن يساورك الملل أو الرغبة في مشاهدة التلفازأثناء المحادثة . سأظل مثل كثيرين ولوقت طويل اتساءل عن تلك الأريحية النادرة في صوته ، لأنني بعد خطوته الواسعة التي قام بها تجاه مهجر آخر، مهجر لا سبيل معه الى هاتف ، حاولت أن أستعيد تلك العلاقة الطريفة التي نشأت على الرغم مما نحن فيه من جهامة الجغرافيا وفارق التوقيت ، فلم أفلح في الوصول الى طائفة متماسكة من المواضيع التي أثرناها ، ولم أفلح في الوصول الى يقين أثناء تخمين ملامح وجهه ، بل كل ما في الأمر هو القدرة على سماع الصوت رائقا ومن مكان نظيف ومرتب في الذاكرة ، بل أكثر وضوحا من شخشخة الهواتف عبر القارات . هكذا صار الصوت يتكرر وبطرق تتراوح بين السرعة والبطء . ثم تنتابني وبطرق غير مرتبة عدد من الجمل التي يحب تكرارها اثناء الحديث خاصة في بداية المكالمة : ازييك يا سيد ، معاك كمال من المانيا
    إنني أكتب الآن الصوت في غياب صاحب الصوت ، غياب من قبل ومن بعد ، هذا لا شك تلحينٌ لقصيدة ، بل هذه عصرية في بيت إيجار ، الشجرة الوحيدة ،الونسة التي هي أعزّ من الكتاب ، من السينما والتلفاز ، الفتحة المنصوبة تحت البوابة المتهالكة لتصريف مياه الخريف ، المشهد كله يتصبب إلفة و غرابة ، بهدوء وبتوالي عذب ودون مبالغة. تحت الحائط في كرفسة الملاءات وكتمة المغارب يتجول صوتك يا كمال ، قد يأتي الأصحاب في أي لحظة ، لكن أي محاولة للذهاب بالكاميرا نحو أوربا ، كندا، أمريكا ،أو أستراليا ، ستجعل المشهد أشبه بطفل يلهو بالريموت كنترول . إذن لدينا الكثير من الوقت بعد آذان المغرب وعودة اللاعبين من الميدان لتنسيق أمسية معتبرة يؤمها العميق من اللحن والسهر . أقول ذلك ربما لأنني كنت أود أن ألتقيك تحت تلك النعمة من الشقاء ، من الغبار والعذوبة والسودان. أقول ذلك ربما لأنك ورغم إقامتك الطويلة نوعا ما في الغرب ورغم شجنك العالي لغيابك القسري عن بلدك ورغم حرقتك تجاه ما يحدث هناك وما يحدث لأصدقاءك هنا إلا أنك ظللت رائقا ومتماسكا وطيبا وكنت دائما مشغولا وكأنك على أهبة خطوة ما. ذلك ما يحّير الطرقات ، لكن ما يحيرني وما لن أمل النظر إليه ومطالعته هو فهمك للمأزق كله ومن ثم مواساتك للجميع ، تربيتتك على جراحهم وتعزيتك لهم ، ثم صبرك على خطرفات المهاجر : رغبته أن يكون هنا و أن يكون هناك ، أن يبدأ الكتابة محتفظا بكونه متعهد حفلات ثم رغبته أن يكون مغنيا واستاذ لغة في نفس الوغد والوقت . كيف كنت ترى ذلك كله ؟ تفهمه ، تشفق عليه ثم تسودنه وتناقشه مقترحا الطريق ؟ تبدى إعجابك بالرزانة في صوت مصطفى والصعلكة في صوت محمود ، أثناء ذلك تعد لملف كامل عن القصة القصيرة وحركة النقد ، تنفق ساعة كاملة في محاورة كاتب متطرف أو سياسي عاق أو شاعر منتفخ بعد قراءتك لوجهة نظره في أحدى المواقع المأهولة ، كل ذلك ... كل ذلك والروح صاحية وخفيفة، مرحة ومتفهمة . أخشى أن يكون موتك مجاملة يا كمال .
    ***
    ليس الحديث عن الأدب هو ما حّبب كمال إلى الناس ، ولا الأصدقاء المشتركين هم العتبة الحقيقية للصعود معه نحو صداقة طريفة ، ولا احترامه ومواساته للجميع هو ما جعل من صوته قصيدة ، ولا استئناسه غير المسبوق للتكنولجيا عبر الهواتف والرسائل الالكترونية ، ولا مرحه ولا شفقته ثم ولا عقله الراجح ، ولا سؤاله عن الزوجة والأطفال ، ولا العبقرية والتواضع في تجربة الفنان عبد العظيم محمد منصور صديقنا المشترك ، ولا الدليب ولا الباوقة شخصيا ، ولاملاحظاته حول تجربة الكتاب العراقيين في المانيا ، ولا حركة الترجمة ، ولا دار الجمل ، ليست مجلة الطريق ، ولا تحليله الرائق للحضور السوداني الضعيف في حركة النشر والنقد العربيتين ، ليست فرحتي بالقصائد التي بعثها وهي لصديق له بالخليج ثم التي دلني عليها وهي لعشيرته في الانسانية ، ولا مزاحي الدائم معه حول الزواج ومقالبه، ولا ضحكته الطفولية مؤكدا خلالها أنه لن يتغير ولن يتغيب طويلا ، ولا فرحته بالمخطوط الشعري الذي فاجأته به كهدية لتلك الصداقة ، ولا وعده بنشر ذلك المخطوط ، ولا احتماله للصديق الذي صار لا ُيطاق و الصديق الذي ما عاد صديقا لنفسه ، ولا تفهمه و نقده الرقيق للخيابة التي تصيب الكتاب والمناضلين في المنفى ، ليس تعلقه الثقافي ولا توجهه السياسي ، إنما مفردة دارجية في روحه تجعل من وجوده في كل الأحوال : قيلولة قروية شديدة الذكاء و في مكتبة عامة . هذا ولد رضيت عنه أمه ، عاش منسجما مع روحه ومشى خطوته ذاتها دون أن يتذمر ودون أن تتذمر ، أحبه أهله و أصدقاءه ثم أختاره ربّه ، فأي سكلبة بعد ذلك وأي وداع .



    ـــــــــــــــ
    منقول من موقع الفيس بوك
    من نوت صديقي إبراهيم الجريفاوي.
                  

04-20-2009, 04:16 AM

سفيان بشير نابرى
<aسفيان بشير نابرى
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 9574

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عاطف خيري يكتب :- هِجرةّ أخرى يا كمال ! البركة في الأغاني .. (Re: سفيان بشير نابرى)

    قرأت هذه الكتابة وتملكني الفرح بأن الانسانية هكذا مثل الفضاء
    أين ما توجهت الروح بقلب مفتوح ويضج وينضج بالإنسانية لن تغلق
    الابواب في وجههُ فرحت اشد الفرح لانسان يحب أخيه حتي دون أن يلتقيه
    يحبه بكل هذا النقاء والصفاء والمودة فيالهم من روحين .
    شعرت بالحُزن والفقد العظيم والمريع ايضاً وكل شي في وطنه بالضبط
    خصوصا أن عاطف خيري باشا رغم هذه الكتابة حادة النصل يُعلن أنه
    لن يستطيع الكتابة فإي حزن جمد حبر قلبه الذي يسيل ابداً لتصبح كل مهمته
    Quote: التغلب على هذا الانقطاع المفاجئ في المكالمة الهاتفية ،ثم من واجبي ايضا
    اعتبارك في مكالمة أخرى طويلة مع صديق جديد ، يا لها من مكالمة ويا له من صديق .

    ويا له من فقد وحزن ذاك الذي يسير بين الحروف والغياب يخبر عن نفسه في عالم حوارى بالضرورة
    هي الاحاديث التى تقاسمه كمال وعاطف والهم يخبر عن نفسه لنعلم اي عالم جمع بينهم
    واي عاطفة وجودية تنتمى للاخر جعلت ارواحهم حضور امام بعضهم البعض ؟!
    منذ رسائل درويش وسميح لم اقراء رسالة اخذتني وملكتني تماماً مثل ما كتبت يا
    صديقي عاطف حقاً لم اقرأ حزننا او شتاتنا او مصايرناالتى اريقت وعوزنا و
    فاقتنا التى شردتنا مكاناً وزماناً ، لم اقرأ وصف لذاكرتنا الحية لحيواتنا
    التي انتزعت مننا عنوةبليل ولم اتحسس بعد دمعهم (سميح - درويش) دمعة مثل التى شعرتها حين تصفحت هذه الكتابة الشجن .
    فاي رجل كُنت يا كمال الطيب ؟!
    واي روح تلك التي غيبتها تلك المكالمة الطويلة التى انصرفت بها ؟!

    لك التعزية يا عاطف خيري ولك الصبر الجميل يا صديقي

    والبركة في الأغاني يا عاطف .
                  

04-24-2009, 11:20 PM

سفيان بشير نابرى
<aسفيان بشير نابرى
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 9574

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عاطف خيري يكتب :- هِجرةّ أخرى يا كمال ! البركة في الأغاني .. (Re: سفيان بشير نابرى)


    هِجرةّ أخرى يا كمال ؟؟؟
    البركة في الأغاني
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de