اسماء ... بدون مسمي (1)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 04:10 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-29-2009, 01:35 PM

Shihab Karrar
<aShihab Karrar
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 965

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
اسماء ... بدون مسمي (1)

    1- الروح


    الروح ... كلمة غريبة لما تحمله من معاني لها علاقة بالاسئلة الوجودية الكبري التي ما فتئ الانسان يرددها منذ ظهوره علي كوكب الارض، وهي الاجابة التلقائية لسؤال مالذي يجعلنا احياء؟ وما هو ذلك الشيء الذي يفرق الكائنات الحية عن الجمادات؟ وفي طريق الاجابة علي هذين السؤالين برزت فكرة الروح، فالكائن الحي يملك (روحا) هي المحرك الخفي خلف الظواهر البايولوجية المختلفة التي تبدو علي الكائنات الحية، ولكن هنا يبرز سؤال اخر، هل هذه الاجابة صحيحة؟ وكيف نتأكد من صحتها؟ ولكي نجيب علي هذين السؤالين الاخيرين لابد ان نخضع مفهوم الروح لتحليل دقيق ولنري بعد ذلك هل يوجد حقا شيء ما يسمي الروح؟.

    من المعلوم ان اي كلمة لغوية في الدنيا لها دلالة معينة نقصدها حين ننطق بالكلمة او حين نكتبها، فعندما اقول كلمة قلم، تتداعي الي ذهن السامع مجموعة من الصفات المرتبطة بالقلم – أداة كتابة – وحين اذكر كلمة زهرة تتداعي الي ذهن السامع صورة لزهرة ما كانت مختزنة في الذاكرة، وهذه الصورة تعبر عن صفات معينة تحملها الزهرة. وفي بعض الاحيان قد تكون هذه الصورة لشيء متخيل – غير حقيقي – مثل جبل الذهب مثلا، فحين اذكر كلمة جبل الذهب يقوم ذهني بدمج صفات مأخوذة من شيئين حقيقين لينتج شيء متخيل لا وجود له في الطبيعة. ولكن في النهاية توجد دلالة معينة لتلك الكلمة.
    اي كلمة لغوية ما، تكتسب دلالتها من الخبرات التي يمر بها المجتمع البشري، والكلمات نفسها هي عبارة عن اتفاق بين مجموعة ما من البشر سكنت مكان واحد لفترة طويلة، بحيث تعبر الكلمة الواحدة عن مجموعة من الصفات اجتمعت في شيء واحد، بحيث يمكن حذف هذه الكلمة من الجملة والاستعاضة عنها بمجموعة الصفات التي تعبر عنها، فالذي يجعل كلمة كرة تعبر عن مفهوم الكرة المعلوم هو اتفاق متحدثي العربية بشكل تلقائي علي استخدام هذا المصطلح للسطح الذي يكون في ثلالثة ابعاد وتبعد اي نقطة فيه مقدار ثابت عن نقطة ثابتة، فلا يوجد شيء مميز اخر يربط الدال بالمدلول سوي الاتفاق، لذا كانت هناك كلمات عدة تعبر عن شيء واحد بإختلاف اللغات واللهجات . ولذا نجد كلمات جديدة تدخل مختلف اللغات كل يوم.

    ولكي يكون بحثنا هذا مضبوطا، لابد من تحديد المصطلح بشكل قاطع، تحديد نتفق عليه ثم نتحاور حول دلالته،، لان اللغة احيانا تجرفنا خلفها، فنظل نتحدث عن الكلمة لا عن دلالتها، فماهي مجموعة الخبرات التي نستدعيها من الذاكرة حين تذكر كلمة روح بحيث نتعرف علي دلالتها؟ حقيقة لقد بحثت كثيرا ولم اجد خبرات معينة يمكن نسبتها لشيء معين اسمه الروح، فالروح من حيث هي ظاهرة غير واقعة في نطاق الخبرة المباشرة للكائن البشري، مما يضعنا امام طريق مسدود ان حاولنا تفكيك الدلالة بهذه الطريقة، فكلمة روح لا تدل علي شيء معين يمكن قياسه او الاحساس به بواسطة احدي الحواس، اذا فالنتبع طريق اخر للتفكير بحيث نحاول استخراج المعاني المختبئة في الكلمة المندرجة في طياتها. ولكي نقوم بهذه المهمة لابد ان نتوقف قليلا مع معني الدلالة، فحينما نقول ان الكلمة المعينة تدل علي الشيئ المعين، فهذا يعني انه من الممكن حذف الكلمة من الجملة التي وردت فيها واستبدالها بتعريفها والذي هو مجموعة الصفات المرتبطة بالشيء المعين الذي وردت فيه الكلمة. مثلا حين اقول انني اكتب علي برنامج الوورد، وهنا اعني ببرنامج الوورد البرنامج الذي انتجته شركة مايكرسوفت لمعالجة النصوص، لذا يممكني اعادة صياغة جملتي بحيث اقول انني اكتب علي البرنامج الذي انتجته مايكرسوفت لمعالجة النصوص، وهكذا، اي كلمة في لغة ما يمكن تحليلها بحيث ترد الي تعريف اساسي نابع من احساسات اولية مباشرة، بحيث تكون هذه الاحساسات هي المصطبة التي تبني عليها كل تعبيراتنا اللغوية.

    والان لنطبق منهجنا هذا علي كلمة روح، توجد تعريفات عدة للروح – مرتبطة بكل ثقافة وكل شعب علي حدى – ولكنها كلها تتفق علي ان الروح هي الجوهر الكامن خلف الحياة، فالصفة التي تميز الكائن الحي من الجماد هي ان الاول يمتلك روحا بينما الثاني لا يمتلكه، إذا الروح هي ما يفرق بين الجماد والكائن الحي بحسب الفهم الديني للروح، فهل نستطيع ايجاد مرادف للكلمة – ما يفرق بين الكائن الحي والجماد – من واقع معارفنا الحديثة؟

    نعم نستطيع ذلك، فأي طفل اكمل دراسته الابتدائية يعرف ان الكائنات الحية لها صفات مشتركة معينة – مثل القدرة علي الاستقلاب والقدرة علي النمو والتكاثر – بحيث نصف اي مادة تحمل تلك الصفات بأنها مادة حية، وبشكل تقليدي توصف الروح علي انها هي السبب الكامن وراء اكتساب المادة لتلك الصفات. إذا هنا نكون قد وصلنا لنقطة جيدة للغاية، وتعريف واضح وصريح للروح – وهي انها السبب الكامن وراء اكتساب المادة الصفات التي تجعلها توصف بإنها حية – ونكون قد ادخلناها لمظلة علاقة السببية، حيث انها سبب الحياة، ولحسن الحظ، فإن علاقات السببية هي علاقات يسهل التحقق منها بالملاحظة المباشرة والتحليل المنطقي الصارم.

    إذا وجود الروح يعبر عن نفسه في عدد من الصفات المرتبطة بالمادة التي توصف بإنها حية، وهذه الروح غير قابلة للملاحظة والقياس والتجريب في كنهها، وكل ما لدينا هو مجموعة الصفات التي تعبر عنها، سواء ان كانت تلك المادة الحية بكتريا او انسان. لذا فهذه الصفات هي كل ما لدينا لدراسته حتي نري هل ستقودنا الي وجود الروح ام لا.

    اي مادة في الدنيا، تمتلك مجموعة من الصفات تميزها عن غيرها – سواء ان كانت حية ام غير حية – وهذه الصفات تنقسم الي نوعين، صفات مرتبطة بالكم مثل الوزن والطول والحجم وصفات مرتبطة بالكيف مثل اللون و الشكل والتنظيم. فمروحة السقف مثلا، مكونة بشكل اساسي من الحديد والنحاس و البلاستيك بكميات معلومة لكل مادة من المواد الداخلة في تكوينها، فهل يكفي ان احضر نفس الكميات من المواد الداخلة في تكوين مروحة السقف ثم اضعها في مكان واحد لاقول انني اصبحت امتلك مروحة سقف؟ ماهي الخاصية الجوهرية التي تجعل مروحة السقف هي مروحة سقف وليست ملعقة او مفاعل نووي مثلا؟ فمروحة السقف من الناحية الكمية هي عدد من الكيلوجرامات من الحديد وعدد اخر من النحاس وشوية بلاستيك واشياء اخري يمكن حصرها، فهل يدخل الكيف في تمييز الاشياء؟ الاجابة هي نعم بالطبع، فالمروحة هي المكونات المادية الداخلة في تكوينها زائدا تنظيم خاص لهذه المواد يجعلها مروحة، وإذا اختلف هذا التنظيم فهي ستصبح شيئا اخر. وهذا التنظيم الخاص لابد له من وظيفة معينة يؤديها – بغض النظر عن فائدتها او الهدف من وراء هذه الوظيفة – وبدون هذه الوظيفة تصبح مجرد كتلة من الحديد والنحاس والاشياء الاخري.

    ولكي لا ندخل في جدال لغوي لا طائل من ورائه‘ فكلمة وظيفة هنا مقصود بها تأثير معين يمكن ملاحظته لمادة ما في حال وجودها في ترتيب معين، فالجبال مثلا هي كومة من الصخور، ويمكن لجبلين متساويين في الكتلة ومختلفان في الارتفاع – نتيجة لاختلاف القاعدة مثلا – ان يكون لكل منهما تأثير مختلف علي الرياح والسحب، رغم انهما متفقان في كمية المادة في كل منهما، والثلاجة مثلا لها القدرة علي التبريد نتيجة لوجود مادتها في تنظيم معين وليس لاي سبب اخر.

    فالثلاجة عندما تتعطل لا نقول ان الروح الثلاجية- السبب الذي جعلها تكتسب صفة التبريد المميزة لها – قد خرجت، ولكن نبحث عن سبب الخلل في تنظيم اجزاءها المادية الذي جعلها تكتسب خاصية التبريد، وكذلك جهاز الكمبيوتر الذي اكتب عليه الان لا يوجد اي لغز كامن خلف الاشياء المدهشة التي يقوم بها، هو مجرد تنظيم خاص لعدد كبير من رقاقات السيلكون والبلاستيك والمواد الاخري يتيح له القيام بعدد كبير من الوظائف الرائعة، وعندما يتعطل جهاز كبميوتري فلا ابحث عن شيء سوي الاسباب المادية المرتبطة بتركيبه ولا يوجد شخص يستطيع ادعاء شيء غير هذا.

    وعموما كل الاشياء تكمن روحها ان جاز لنا التعبير خلف وظيفتها التي تؤديها، سواء ان كان هذا الشيء ببساطة الملعقة او بتعقيد جهاز الكمبيوتر، والكائنات الحية ليست استثناء، فروحها هي ببساطة التنظيم الخاص الذي توجد به مادتها بحيث يكسبها ذلك التنظيم تلك الصفات الخاصة بالكائنات الحية، ويمكن اثبات ذلك ببساطة‘ فعند قطع رأس انسان ما، يختل التنظيم الخاص الذي يجعل مادته تحمل الصفات الحية، مما يفقده القدرة علي اداء وظيفته نتيجة لفقدانه للسمات العامة التي تميز المادة الحية، وهذا هو الموت الذي لا يوجد اي لغز خاص يحيط به.

    هل معني كلامي هذا ان الروح هي مجرد تنظيم خاص لذرات المادة؟ الاجابة هي نعم، ولا يوجد شيء اخر يدعونا للإعتقاد في وجود شيء منفصل اسمه الروح، يخرج بخروج الحياة من الجسد، فالحياة ليست الا تنظيم خاص لذرات المادة اكسبها تلك الصفات المدهشة بالنسبة لنا، بينما هي لا تعني اي شيء بالنسبة للكون الكبير الذي نعيش فيه. وقد ثبتت هذه النظرة الوظيفية تجريبيا، حيث تمكن العلماء من ترتيب عدد من حلقات احماض امينية وقواعد نايتروجينية في المعمل منذ فترة طويلة – من العام 2002 – وتمكنوا من تخليق عدد كبير من ابسط اشكال الحياة في المعمل، وقد اكتسبت تلك المادة الفيروسية الميتة، فجأة صفات الحياة وبدأت في التكاثر والاستقلاب مثلها مثل نظيراتها الطبيعية تماما، وهذا دليل تجريبي علي صحة النظر الوظيفية للحياة. فكل ما في الامر هو التنظيم الخاص لذرات المادة الذي يكسبها صفات معينة، سواء ان كانت تلك الذرات ذرتين مثل الماء او مليارات مثل الكائن البشري، فالحياة هي تنظيم معين والموت هو ((خلل تنظيمي)).

    تحياتي
    http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/sci_tech/newsid_2123000/2123881.stm
                  

03-30-2009, 11:49 AM

Shihab Karrar
<aShihab Karrar
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 965

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اسماء ... بدون مسمي (1) (Re: Shihab Karrar)

    *
                  

04-02-2009, 09:47 AM

Shihab Karrar
<aShihab Karrar
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 965

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اسماء ... بدون مسمي (1) (Re: Shihab Karrar)

    @
                  

04-23-2009, 09:50 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اسماء ... بدون مسمي (1) (Re: Shihab Karrar)

    موضوع مهم يا شهاب
    اتمنى ان يجد حقه من الاهتمام ...



    لك الود
                  

04-23-2009, 10:23 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اسماء ... بدون مسمي (1) (Re: Abdel Aati)


    الأخ : شهاب كرار
    تحية طيبة

    أشكرك على هذا البوست الجميل، وفيما يخص الروح والكلام عن الروح فقد كان لي مقال نُشر في سودانيزأولاين وفي عدّة مواقع إلكترونية أخرى بعنوان (الروح) حاولتُ فيه مناقشة موضوع الروح. وهو موضوع قريب جداً من هذا الموضوع المطروح هنا الآن. اسمح لي -وليسمح لي الجميع- بوضع هذا المقال أو المبحث هنا لمزيد من النقاش والفائدة.

    بقلم: هشام آدم
    الروح فيما تعارف عليه العامة هو: نفخ من هواء يتلبس الأجساد وتكون بها حياتها، وجاء في لسان العرب باب الجذر "ر.و.ح": الرُّوحُ، بالضم، في كلام العرب: النَّفْخُ، سمي رُوحاً لأَنه رِيحٌ يخرج من الرُّوحِ؛ ومنه قول ذي الرمة في نار اقْتَدَحَها وأَمر صاحبه بالنفخ فيها، فقال:

    فقلت له: ارفعها إليك وأحيها روحك، واجعله لها قيتة قدرا

    أي أحيها بنفخك؛ وعلى هذا فهذا الهواء المنفوخ من مصدر ما له خاصية الإحياء وهو على الأرجح مصدر الحياة الذي بزواله تنتهي الحياة، فيقال في كلام العرب عن الميّت بأنه: "أسلم الروح إلى باريها" أي خالقها أو نافخها، وهو المصدر كما جاء أعلاه، ويُقال: "خرجت روحه" أو "صعدت روحه" وكلها تأتي بمعاني تدل على الموت وتوقف الحياة، وهي بذلك –أي الروح- مصدر الحياة والحركة في الأجساد الحيّة، وخروجها من هذه الأجساد يكون سبباً مباشراً في موتها وانتفاء حياتها.

    وارتباط الحياة بالروح على ما يبدو مرتبط بالأجساد البشرية والكائنات الحيّة المادية المحسوسة، لأن بقية الكائنات غير المرئية كالملائكة والشياطين والجن ليست لها أرواح لأنها لا تمتلك أجساداً في الأصل، ومن هنا تتوّلد أولى الأسئلة المتعلقة بالروح: أيّهما متعلّق بوجود الآخر: هل وجود الأرواح متعلّق بوجود الأجساد أم العكس. وقبل أن نحاول الإجابة على هذا السؤال، لابد أن نتفق على جزئية سبقت الإشارة إليها سابقاً وهي: ارتباط الأرواح بذوات الأجساد المادية: كالإنسان والحيوانات والحشرات فكلها مخلوقات مادية محسوسة، وكلها ذوات أرواح كما أشارت بعض الأحاديث النبوية وفي ذلك قال ابن أبي زيد في مقدمة الرسالة: "وأن ملك الموت يقبض الأرواح بإذن ربه. واحتج له صاحب"كفاية الطالب الرباني في شرح الرسالة بحديث الطبراني: أن ملك الموت قال للنبي صلى الله عليه وسلم : والله يا محمد لو أردت أن أقبض روح بعوضة ما قدرت على ذلك حتى يكون الله هو أذن بقبضها" (من موقع الشبكة الإسلامية)

    فمما لاشك فيه أن الكائنات الحيّة جميعها تستمد حياتها وحيويتها من الروح التي تتلبس أجسادها، وأن خروج هذه الروح تتسبب في مواتها ولاشك. وفي هذا المبحث المتواضع أحاول إيضاح ما قد يُمكن معالجته بالنقاش الجاد حول مسألة الروح التي هي إحدى الاختلاقات الكبرى التي اخترعتها العقلية البشرية في محاولة لتفسير ظاهرة الحياة والموت، وهي إحدى أهم وأقدم الظواهر التي شغلت البشرية لقرون طويلة جداً، تماماً كتلك المحاولات التي حاولت من قبل إيجاد تفسيرات لظواهر أخرى كالبراكين والزلازل والأمطار والفيضانات، وهي ذات المحاولات التي تجعل بعضنا يغوص أكثر ليُجيب عن تساؤلات ما بعد الموت، ويقترح مشروع الحياة بعد الموت، ليخضع هذا المشروع الميتافيزيقي لإضافات وتعديلات على مر الديانات السماوية والثقافات الدينية المتعددة.

    أقول أن الروح كائن لا وجود له على الإطلاق، بل هو مختلق تماماً كبقية المخلوقات المتوهمة: كالشياطين والملائكة والجن والعفاريت وبقية المخلوقات التي لا وجود لها إلا في أخيلة العقليات المتأثرة بالخرافة، وهي ذات الأخيلة العاجزة حقيقة عن تقديم تفسيرات علمية ومنطقية للظواهر الكونية المحيطة بالإنسان. والواقع أن فكرة وجود كائن هوائي يكون مصدراً للحياة هو تفسير بدائي ومتخلف جداً لظاهرة تعتمد على قوانين علمية غاية في الدقة والتعقيد.

    وإن من أولى المشكلات التي قد تواجهنا في نقد هذا المشروع الهلامي هو مستنسخات هذا المشروع نفسه، ومحاولات تجاوز الورطة العلمية والمنطقية بتفسيرات أكثر سخافة، وتقسيمات ما هي في الحقيقة إلا ضرب من الوهم، أو التوهّم: كالتفريق بين الروح والنفس، وكلاهما عندنا ليس بذا قيمة علمية حقيقة تذكر، فكلاهما مخلوقات لا وجود لها إلا في تلك الأخيلة المهووسة بالخرافة والماورائيات. وهذا التفريق في واقعه يضع أصحاب هذا المشروع في محك يصعب الفكاك منه على المستوى التطبيقي، فكل نظرية غير قابلة للتجريب والتطبيق هي نظرية فاشلة علمياً.

    والحقيقة أن حتى الكائنات التي لا توجد لها أرواح هوائية منفوخة قادرة على الحياة واستمداد هذه القدرة من الطبيعة نفسها، عير قوانين ثابتة لا تتغيّر، وهي في ذات الوقت قابلة للدراسة والتمحيص؛ ومن ثم إعطائنا أدلة تُمكننا من القياس. فالنباتات كائنات لاروحية (إن جاز هذا التعبير) ورغم ذلك فهي كائنات حيّة بكل ما تعنيه كلمة (الحياة) من معنى: فهي تنمو وتكبر وتتكاثر وتتنفس وتتغذى وتخرج الفضلات، بل وإنها تتحرك أيضاً. ومن قالوا بروحانية الكائنات لم يُحرّموا -فيما حرّموا- رسم النباتات في الوقت الذي حرّموا فيه رسم (ذوات الأرواح)، كما ذكر الشيخ ابن باز في قوله: " الرسم له معنيان : أحدهما رسم الصور ذوات الأرواح ، وهذا جاءت السنة بتحريمه ، فلا يجوز الرسم الذي هو رسم ذوات الأرواح ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : " كل مصوّر في النار " وقوله صلى الله عليه وسلم : " أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون ، الذين يضاهئون بخلق الله " ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : " إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم : أحيوا ما خلقتم " ولأنه صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله ، ولعن المصور ، فدل ذلك على تحريم التصوير ، وفسر العلماء ذلك بأنه تصوير ذوات الأرواح من الدواب والإنسان والطيور . أما رسم ما لا روح فيه ـ وهو المعنى الثاني ـ فهذا لا حرج فيه كرسم الجبل والشجر والطائرة والسيارة وأشباه ذلك ، لا حرج فيه عند أهل العلم" (من كتابه نور على الدرب ص 202)

    والواقع أن هنالك مفهوماً خاطئاً للحياة من ناحية، ولآلية هذه الحياة وصيرورتها من ناحية أخرى. وافتراض وجود كائن هوائي أو روحي يكون مصدراً لهذه الحياة هو اختزال مخل لعمليات وقوانين حيوية وطويلة ومعقدة، هذا إضافة إلى أنه لا يستند على أيّ سند علمي أو منطقي مريح. وقد أرهقت فكرة خروج الروح من الجسد هذه عقول الكثيرين منذ أزمان سحيقة، حتى أن الأستاذ هادي العلوي يذكر لنا في كتابه (من تاريخ التعذيب في الإسلام) بعض المحاولات التي كان الوليد بن عبد الملك يقوم بها لإخراج الروح من منفذ آخر غير الفم في تعذيبه للبعض، وذلك على أساس أن خروج الروح من الفم أمر مفروغ منه، فكان يدفن الشخص من رأسه في حفرة ثم يأمر فيُهال عليه التراب، ثم يوطأ التراب بالأقدام، فلا تجد الروح مخرجاً آخر إلا دبر المعذب، ما يُوحي بأن الأرواح بحاجة لمنفذ للدخول والخروج، وهذا ما يطرح سؤالاً آخر عن سبب عدم خروج الروح في حالات التثاؤب أو التجشؤ مثلاً طالما أن هذه المنافذ مفتوحاً! وقد لا يعجز الماورائيون عن سد ثغرة كهذه متحججين بأن مسألة دخول/خروج الروح لا تتم إلا بأمر إلهي فوقي.

    والسؤال عن أسبقية الأجساد على الأرواح أو العكس ليس من فقط من قبيل تجديد الخطاب الفلسفي الأزلي (أيهما أزلي الروح أم المادة؟) بل هو من قبيل استنطاق الواقع الخرافي للقائلين بوجود هذه الأرواح. فإذا كانت الأجساد اللطيفة: كأجساد الملائكة النورانية، وأجساد الشياطين النارية هي أجساداً في حدّ ذاتها، فإن ثمة إمكانية لبقاء أجساد بلا أرواح، وبما أن الجسد مادة فإن الشياطين والملائكة ليسوا أجساداً بل أرواحاً أو كائنات لطيفة كما تعارفوا على تسميتها، وهو الأمر الذي يجعلنا نرجّح ضرورة أسبقية الأجساد على الأرواح، وإلا فما الحكمة من خلق أرواح ومن ثم التفكير في حبس هذه الأرواح داخل أجساد؟ بل وما الحكمة أصلاً من خلق أجساد غير قادرة على الحياة إلا بواسطة أرواح؟

    إن قولنا بروحانية الأجساد اللطيفة أو الكائنات اللطيفة (الملائكة/الشيطانين) يجعلنا نتساءل عن سبب اختصاص الإنسان والكائنات المادية الأخرى: حيوانات وحشرات بهذه الخاصية الروحانية: عدم قدرتهم على الحياة بلا أرواح! أو يجعلنا على الجانب الآخر نتساءل ما إذا كانت هنالك إمكانية لوجود أجساد غير مرئية وبالتالي إمكانية أن يكون لكل من الملائكة والشياطين أرواح بدلالة أن كل منهم يطاله الموت في النهاية (ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله، ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون) (الزمر: 68) (كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) (الرحمن: 26/27) أو أن نقول بأن الموت والحياة لا شأن لهما بدخول أو خروج الروح.

    ومن شأن العقلية الماورائية أن تؤمن بأن هذه الأرواح التي خرج من الأجساد عند الموت تعود إليها مرّة أخرى عند البعث لتسكنها من جديد، ويُضاف إلى ذلك حساسية هذه الأجساد الجديدة لتقبّل النعيم والعذاب المتوقعين في الآخرة، الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن سبب بعث الأجساد إذا كانت الذوات هي أرواحاً في الأصل وليست أجساداً، وبهذا نعود للسؤال نفسه عن أسبقية الأرواح والأجساد. فإذا كانت الأجساد ليست سوى خزائن لهذه الأرواح المعتبرة، فلم يتم بعثها لتُعذّب؟ وإذا كانت الأجساد هي الأصل، فلم خلقت الأرواح أصلاً؟ هذا من ناحية؛ ومن ناحية أخرى ارتباط الموت برمزية الكبش الذي يُذبح على خط فاصل بين النار والجنة كما جاء في الحديث: "حدثنا عبد الله بن يوسف بن نامي ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى حدثنا محمد بن عيسى بن عمرويه الجلودي ثنا إبراهيم بن سفيان ثنا مسلم بن الحجاج ثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:يجاء بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح فيقال: يا أهل الجنة هل تعرفون هذا ؟ فيشرئبون وينظرون ويقولون: نعم هذا الموت، ويقال: يا أهل النار هل تعرفون هذا؟ فيشرئبون وينظرون فيقولون: نعم هذا الموت، فيؤمر به فيذبح ثم يقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت" (صحيح البخاري: تفسير القرآن) و (صحيح مسلم: الجنة وصفة نعيمها وأهلها) وهذا يطرح علينا عدة تساؤلات موضوعية للغاية.

    أولى هذه التساؤلات تتشكّل حول الميل الغريب إلى تجسيد المجرّدات والتي لم تُوجد إلى في المجتمعات الوثنية البدائية، والذي قد يقودنا كذلك إلى الكلام عن أصل الديانات وعن ارتباط العقيدة الوثنية بالديانات الحديثة. ولكن ما يهمنا هنا هو معرفة أنّ الإنسان البدائي لم يكن قادراً على التفريق بين العلل والمعلولات، وغير قادر في الوقت ذاته على تخيّل المجرّدات إلا بواسطة النسق التجسيدي الذي انحدرت منه الفلسفة الوثنية في مرحلة لاحقة، فكان البدائيون يرون أن الخير والشر والحب والكراهية ما هي إلا مخلوقات مادية محسوسة، وهم إنما يفعلون ذلك حتى يُمكن تصوّر حركة هذه الظواهر. أما أن نُضطر لتجسيد الموت (وهو أحد المجردات) على هيئة كبش فهو الأمر الذي لا أجد له تفسيراً منطقياً على الإطلاق. وإذا تجاوزنا عن هذه النقطة بالتحديد فإننا سوف نجد أنفسنا أمام تساؤل آخر: كيف استطاع المؤمنون والكفار على حدّ سواء التعرّف على الموت وهو في صورته التجسيدية تلك؟ والواقع أنه لم تجسيد الموت على هيئته الأصلية (هذا على افتراض أن له هيئة أصلاً) فلم يكن من المنطقي أن يتعرف عليه أحد، لأنه –ببساطة- لا أحد يعرف شكل الموت ولا هيئته.

    الحياة تعني الإدراك، وتعني مجموع العمليات الحيوية والعضوية التي يعتمد عليها الكائن الحي في صراعه من أجل البقاء من: تنفس، تكاثر، حركة، غذاء وما إلى ذلك من عمليات بيولوجية وحيوية أخرى. وعندما أقول أن الحياة تعني الإدراك، فإنني أعني بالإدراك إدراك الذاتي والموضوعي بالنسبة للكائن الحيّ، وهذا الإدراك يشمل إدراك الكائن لنفسه ولمتطلباته الحيوية والضرورية، كما يشمل إدراكه لمحيطه الذي يعتمد عليه في الغذاء والحركة والتكاثر؛ وعلى هذا فإن كل كائن يُمكن أن تتوافر فيه هذه الميزات الإدراكية يُمكن أن يُطلق عليه اسم (حي) وإن لم يتحرك أو يتبيّن لنا إدراكه بالشكل المطلوب.

    وفي مسار بحثنا عن الروح في جسد الإنسان (كمثال)، نجد أن الدم قد يكون مرشحاً بقوة لتمثيل هذا الدور، فالدماء هي التي تنقل الغذاء والأوكسجين لأعضاء الجسم وأطرافه، ومجرّد توقف الدم أو تأخره في الوصول إلى عضو ما، يتهالك هذا العضو ويذبل حتى يموت، وفي هذا دليل على أن الدم هو من يهب هذا العضو حياته وحيويته. ولكن هل الدم بتركيبته المعروفة يحمل سر الحياة، أم أن تفاعل الأجزاء الحيوية في العضو مع العناصر التي يحملها الدم هو من يولّد الحياة؟ على الفور نكتشف أن الحياة تنتج من خلال تفاعل ما يتم بين العضو الحيّ والعناصر الموجودة في الدم من غذاء وأوكسجين، وهذا التفاعل يتطلب قدراً من الإدراك الكيميائي والعضوي لكل من العضو والدم، فليس كل دم صالح لتوليد هذا التفاعل، كما أن ليست كل الأعضاء يُمكنها التفاعل مع العناصر التي يحملها الدم.

    وعلى هذا النسق نجد أن الضرورة تقتضي وجود مولّد لهذا الإدراك يُحدد مقدار هذا التفاعل وكيفيته، وينظمه بطريقة تتناسب واحتياجات العضو الحي لتتكامل هي الأخرى ومنظومة الأعضاء الحيوية والتفاعلات من ذات النوع لتولّد لنا في النهاية صورة من صور الحياة في أبسط أشكالها. وفي هذا الصدد نجد أن الدماغ هو المرشح الأقوى لتمثيل هذا الدور؛ إذ أنه المسئول المباشر عن تنظيم مثل هذه التفاعلات، واختلال الدماغ يؤدي في كثير من الأحيان إلى قصور في وظيفة بعض الأعضاء الحيوية والبيولوجية داخل الجسم الحي.

    وأول سؤال قد يطرق أذهاننا هنا، هو: "وما الذي يولد الحركة في الدماغ؟" وأقصد بالحركة هنا: الحركة الحيوية وهي حركة الوظائف والعمليات الدماغية والعصبية فائقة السرعة والتعقيد. والواقع أن الدماغ يُشكل مصدراً من مصادر توليد الطاقة، وهذا التوليد ينتج في حقيقته عن طاقة كهربائية متحوّلة، فهي تتحوّل من طاقة كهربائية إلى طاقة حرارية أو حركية مثلاً. والنقطة الفاصلة بين العقلية العلمية والعقلية الخرافية هي الإيمان بوجود ما يُسمى بالطاقة الكامنة التي لا تتفاعل ولا تعمل إلا في أوساطها المناسبة والمتسقة تماماً مع طبيعتها. فسلك الكهرباء المكشوف يحتوي على طاقة كهربائية كامنة لا تعمل إلا إذا وجدت جسماً موصلاً لتكمل دورتها الكهربائية، ويتمثل هذا الجسم في القاطع الكهربائية الذي بوصله تشتعل الإنارة، وبفصله تطفئ، وقد يكون جسماً آخر يحتوي على خاصية التوصيل الجيّد للكهرباء فيسري خلاله، وإلا فإنه سوف يظل في كمونه.

    بهذا المثال البسيط جداً، يُمكننا شرح عمل الدماغ الذي يؤثر في حركة عضلات القلب، والذي بدوره يضخ الدماء إلى أعضاء الجسم فيكسبها الحيوية والحياة. ليُصبح الدماغ بكل عملياته العقلية والعصبية هو ذلك العضو المادي الذي يولّد الحياة داخل أجساد الكائنات الحيّة، وهذا الدماغ موجود داخل كل كائن حيّ سواء كان هذا الكائن إنساناً أو حيواناً أو حشرة أو حتى نباتاً، ومن يظن أن النباتات بلا أدمغة فهو واهم لأن النباتات تعيش بأدمغة تعمل وفق قوانينها الخاصة، ولكن يُصبح من البلاهة أن نعتقد أن النباتات تمتلك أدمغة كأدمغة الحيوانات والبشر، بل وحتى أن يظن شخصاً بأن لكل كائن دماغ يُشبه دماغ كائن آخر. والواقع أن الخلايا الحيّة تعمل في النباتات وبعض فصائل الحشرات عمل الأدمغة تماماً.

    وعلى هذا أيضاً فالنباتات كائنات مدركة، طالما أنها بأدمغة. وإدراك النباتات إدراك داخلي (ذاتي) وخارجي (موضوعي) وهو الذي يدفع النباتات الصحراوية أن تمد جذورها في الأرض إلى مسافات طويلة بحثاً عن المياه، وتقلّص من حجم أوراقها على السطح لتقلل من عملية تبخر الماء (النتح)، وتعمد إلى منح أجسادها أشواكاً تحميها من الطفيليات التي قد تقتات على الماء الذي بداخلها، وهو ذات الإدراك الذي يجعل النباتات الاستوائية تقوم بوظائفها التي تتناسب من طبيعتها ووسطها المحيط في صراع دائب ومستمر من أجل البقاء.

    لا وجود لما يسمى بالأرواح، وإن كان لها وجود حقيقي فهي موجودة فقط في عقول العاشقين للخرافة والماورائيات، أولئك الكسالى الذين لا يريدون أن يقدحوا أدمغتهم بحثاً عن المعرفة الحقة والمتواضعة، مكتفيين بتلك القوالب الكلاسيكية البائدة التي أصبحت تترنح في مجابهة قوة العلم وانفلات العقد وكسره للحواجز التقليدية العتيقة. أرواح الحقيقية تقبع داخل أدمغتنا المهولة والتي لم نتعرف على كل مزاياها بعد حتى الآن، وسوف يأتي ذلك اليوم الذي يتمكن فيه العلم من فقأ أعين هؤلاء الكسالى ودحر حماقاتهم المريضة.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de