|
قصائد غير منشورة لمحمود درويش
|
محمود درويش: قصائد غير منشورة بيروت الحياة - 19/03/09//
يصدر مطلع الأسبوع المقبل عن دار رياض الريس ديوان للشاعر الراحل محمود درويش يضم القصائد الأخيرة التي كتبها، ومنها ما لم يتسنّ له أن يضع عليها اللمسات الأخيرة بعدما خطفه الموت.
والديوان عنوانه «لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي» وهو مرفق بملف صغير كتبه الروائي الياس خوري الذي كان أول من حصل على مخطوط الديوان.
وكان من المقرر أن يصدر هذا الديوان قبل أشهر لكن ظروفاً أخّرت نشره الى أن تم الاتفاق على إصداره لدى دار رياض الريس التي تملك الحقوق الحصرية لنشر أعمال محمود درويش. هنا أربع قصائد غير منشورة من الديوان ومنها واحدة لم يضع الشاعر لها عنواناً.
بلا عنوان
إذا كان لا بُدَّ من قمرٍ
فليكن كاملاً، ووصيّاً على العاشقة!
وأمّا الهلال فليس سوى وَتَرٍ
مُضمرٍ في تباريح جيتارةٍ سابقة!
وإن كان لا بُدَّ من منْزلٍ
فليكنْ واسعاً، لنربي الكناريّ فيه.. وأشياءَ أخرى
وفيه ممّر ليدخلَ منه الهواء ويخرج حرّا
وللنحلِ حقُّ الإقامةِ والشغلِ في رُكنهِ المهمل
وإن كان لا بُدَّ من سفرٍ
فليكن باطنيّاً، لئلا يؤدّي إلى هدف
وأمّا الرحيل، فليس سوى شغف
مرهفٍ بالوصول إلى حُلُمٍ قُدَّ من حجر!
وإن كان لا بُدّّ من حلم، فليكنْ
صافياً حافياً أزرق اللون، يولد من نفسهِ
كأنّ الذي كان كان، ولكن لم يكنْ
سوى صورة الشيء في عكسهِ
وإن كان لا بُدَّ من شاعرٍ مختلفْ
فليكن رعويّ الحنين، يُجعّد ليل الجبال
ويرعى الغزالة عند تخوم الخيال، ولا يأتلفْ
مع شـيءٍ ســـوى حســّه بالمدى والندى والجمال
وإن كان لا بُدَّ من فرح، فليكنْ ساخناً
كدمِ الثور، لا وقتَ يبقى على حاله
الغناءُ حلالٌ لنا مثل زوجاتنا، فليكنْ ماجناً فاتناً
لكي يخجلَ الموتُ منه.. وينأى بأثقاله
وإن كان لا بُدَّ من علمٍ للبلاد
فليكنْ عالياً، وخفيَّ المجاز.. قليلَ السواد
وبعيداً، كأودية، عن جفاف المكان وأيدي الصغار
وعن غرفِ النوم، وليرتفع فوق سطح النهار.
وإن كان لا بدَّ مني... فإني
على أُهبة المرتضى والرضا، جاهزٌ للسلام
مع النفس. لي مطلبٌ واحدٌ: أن يكون اليمام
هو المتحدّثُ باسمي، إذا سقط الاسم منّي!
عينان
عينان تائهتان في الألوان. خضراوان قبل
العشب. زرقاوان قبل الفجر. تقتبسان
لونَ الماء، ثم تُصوّبان إلى البحيرةِ نظرةً
عسلية، فيصيرُ لونُ الماء أخضر..
لا تقولان الحقيقة. تَكْذبان على المصادرِ
والمشاعر. تنظران إلى الرماديّ الحزين،
وتُخفيان صفاته. وتُهيّجان الظلِّ بين الليلكيّ
وما يشعّ من البنفسجِ في التباسِ الفرق.
تَمتلئان بالتأويل، ثم تحيّران اللون: هل هو
لازورديّ أم اختلطَ الزُمُرّدُ بالزبرجدِ والتركواز
المُصَفّى؟ تَكبران وتَصغران كما المشاعر..
تكبران إذا النجومُ تنَزّهتْ فوق السطوح.
وتصغران على سريرِ الحبّ. تنفتحان كي تستقبلا
حلماً ترقرقَ في جفونِ الليل. تنغلقان كي
تستقبلا عسلاً تدفّقَ من قفيرِ النحل.
تنطفئان كاللاشيء شعرياً، غموضاً عاطفياً
يُشعلُ الغابات بالإقمار. ثم تعذّبان الظلّ:
هل يخضوضرُ الزيتيُّ والكحليّ فيَّ أنا الرماديَّ
المحايد؟ تنظران إلى الفراغ. وتكحّلان بنظرةٍ
لوزيةٍ طوقَ الحمامة. تفتحان مراوحَ الخُيلاء
للطاووس في إحدى الحدائق. ترفعان الحَوْرَ
والصفصاف أعلى ثم أعلى. تهربان من
المرايا، فـــهي أضيق منهما. وهما هما في الضوء
تلتفتان للاشيء حولهما فينهضُ، ثم يركضُ
لاهثاً، وهما هما في الليل مرآتان للمجهول
من قدري. أرى، أو لا أرى، ماذا يعدّ الليلُ
لي من رحلةٍ جويةٍ – بحريّة. وأنا أمامهما
أنا أو لا أنا. عينان صافيتان، غائمتان،
صادقتان، كاذبتان عيناها. ولكن، منْ هي؟
بالزنبق امتلأ الهواء
بالزنبق امتلأ الهواءُ، كأنّ موسيقى ستصدحُ.
كلُّ شيء يصطفي معنى، ويرسلُ فائض المعنى
إليَّ. أنا المعافى الآن، سيِّدُ فُرصتي
في الحب. لا أنسى ولا أتذكّر الماضي،
لأني الآن أولدُ، هكذا من كلّ شيء..
أصنعُ الماضي إذا احتاجَ الهواء إلى سلالته
وأفسدَه الغبار. وُلدتُ دون صعوبة،
كبناتِ آوى، كالسمندلِ، كالغزال.. ولم أهنئ
والديَّ بصحتي وسلامتي. والآن، أقفزُ
صاحياً وأرى وأسمع. كلُّ هذا الزنبق
السحريّ لي: بالزنبقِ امتلأ الهواء كأنّ
موسيقى ستصدح. كلُّ ما حوالي يهنئني:
خلاءُ السقف من شبحٍ ينازعني على نفسي.
وكرسيّ يرحّبُ بالتي تختار إيقاعاً خصوصيّاً
لساقيها. ومرآةٌ أمام الباب تعرفني وتألفُ
وجه زائرها. وقلبٌ جاهزٌ للاحتفال بكلِّ
شيء. كلُّ شيء يصطفي معنى لحادثة الحياة،
ويكتفي بهبات هذا الحاضرِ البلّور. لم أعرفْ
ولم أسألْ: لماذا أحتفي بصداقةِ اليوميّ،
والشيء المتاح، وأقتفي إيقاع موسيقى ستصدح
من زوايا الكون؟ لا أنسى ولا أتذكّرُ
الغد... ربما أرجأتُ تفكيري به، عن غير
قصدٍ، ربما خبّأتُ خوفي من ملاكِ الموت،
عن قصدٍ، لكي أحيا الهنيهةَ بين منْزلتين:
حادثة الحياة وحادث الموت المؤجّل ساعةً
أو ساعتين، وربما عامين... يفرحني تَذكُّرُ
ما نسيتُ: نسيتُ أن أنسى غناء الناي
للأفعى. بلا سببٍ يفيضُ النهرُ بي، وأفيض
حول عواطفي: بالزنبق امتلأ الهواء كأنّ
موسيقى ستصدح!
إلى شاعر شاب
لا تصدّقْ خلاصاتنا، وانسها
وابتدئ من كلامك أنت. كأنك
أوّل من يكتب الشعر،
أو آخر الشعراء!
إن قرأت لنا، فلكي لا تكون امتداداً
لأهوائنا،
بل لتصحيح أخطائنا في كتاب الشقاء.
لا تسل أحداً: منْ أنا؟
أنت تعرف أمّك..
أمّا أبوك... فأنت!
الحقيقة بيضاء. فاكتبْ عليها
بحبر الغراب.
والحقيقة سوداء، فاكتب عليها
بضوء السراب!
إن أردت مبارزة النسر
حلّق مَعَهْ
إن عشقتَ فتاة، فكن أنتَ
لا هي،
منْ يشتهي مصرعهْ
الحياةُ أقلّ حياة،
ولكننا لا نفكّر بالأمر،
حرصاً على صحّة العاطفةْ
إن أطلت التأمّل في وردةٍ
لن تزحزحك العاصفة!
أنت مثلي، ولكنّ هاويتي واضحة
ولك الطرق اللانهائية السرِّ،
نازلة صاعدة!
قد نُسمّي نضوب الفتوة نضج المهارة
أو حكمةً
إنها حكمة، دون ريب،
ولكنها حكمة اللاغنائيّة الباردة
ألفُ عصفورة في يدٍ
لا تعادل عصفورة واحدة
ترتدي الشجرة!
القصيدةُ في الزمن الصعب
زهرٌ جميلٌ على مقبرة!
المثالُ عسير المنال،
فكن أنت أنت وغيرك
خلف حدود الصدى
للحماسة وقت انتهاء بعيد المدى
فتحمّسْ تحمّسْ لقلبك واتبعه
قبل بلوغ الهدى
لا تقل للحبيبة: أنتِ أنا
وأنا أنتِ،
قلْ عكس ذلك: ضيفان نحْنُ
على غيمةٍ شاردة
شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
لا تصدّق صواب تعاليمنا
لا تصدّق سوى أثر القافلة
الخُلاصة، مثل الرصاصة في قلب شاعرها
حكمة قاتلة
كن قوّياً، كثور، إذا ما غضبتَ
ضعيفاً كنوّار لوز إذا ما عشقتَ،
ولا شيء لا شيء
حين تسامر نفسك في غرفة مغلقةْ
الطريق طويل كليل امرئ القيس:
سهلٌ ومرتفعات، ونهرٌ ومنخفضات
على قدر حلمك تمشي
وتتبعك الزنبق
أو المشنقة!
لا أخاف عليك من الواجبات
أخاف عليك من الراقصات على قبر أولادهنّ
أخاف عليك من الكاميرات الخفيّات
في سُرَر المطربات
لن تخيّبَ ظنّي،
إذا ما ابتعدتَ عن الآخرين، وعنّي:
فما ليس يشبهني أجملُ
الوصيُّ الوحـــيدُ علـــيك من الآن: مستقبلٌ مهملُ
لا تفكّر، وأنت تذوب أسى
كدموع الشموع، بمن سيراك
ويمشي على ضوء حدسك،
فكّر بنفسك: هل هذه كلّها؟
القصيدة ناقصة... والفراشات تكملها
لا نصيحة في الحبّ، لكنها التجربة
لا نصيحة في الشّعر، لكنها الموهبة
وأخيراً: عليك السلام
|
|
 
|
|
|
|
|
|
Re: قصائد غير منشورة لمحمود درويش (Re: osama elkhawad)
|
Quote: الوصيُّ الوحـــيدُ علـــيك من الآن: مستقبلٌ مهملُ
لا تفكّر، وأنت تذوب أسى
كدموع الشموع، بمن سيراك
ويمشي على ضوء حدسك،
فكّر بنفسك: هل هذه كلّها؟
القصيدة ناقصة... والفراشات تكملها
لا نصيحة في الحبّ، لكنها التجربة
لا نصيحة في الشّعر، لكنها الموهبة
وأخيراً: عليك السلام
|
ولم يكن درويش يشبه إلا نفسه لم ينسى الشعراء الشباب الموهبين فشملتهم وصيته الاخيرة ---
العزيز اسامة الخواض افتقدناك كثيرا هنا وافتقدنا اسهامك الرائع العميق شعرا وتثرا فلا تغيب طويلا
| |
 
|
|
|
|
|
|
مشاء يا مشاء... شكرا كما نشاء ان تشاء (Re: osama elkhawad)
|
Quote: وإن كان لا بدَّ مني... فإني
على أُهبة المرتضى والرضا، جاهزٌ للسلام
مع النفس. لي مطلبٌ واحدٌ: أن يكون اليمام
هو المتحدّثُ باسمي، إذا سقط الاسم منّي!
|
مشاء يا مشاء يا مشاء شكرا على البهاء فى أزمنة الخوار والخواء شكرا كما نشاء لحظة انتشاء فالشعر درويش يهيم فى الخلاء يبحث عن شاعره .. يحلم باللقاء
سلام لبنتناسلوى .. نورالدين منان
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: مشاء يا مشاء... شكرا كما نشاء ان تشاء (Re: Mannan)
|
فى الانتظار
فى الانتظاريصيبنى هوس ... برصد الاحتمالات الكثير
ربما نسيت حقيبتها الصغيرة فى القطار فضاع عنوانى .. وضاع الهاتف المحمول فانقطعت شهيتها وقالت : لا نصيب له من المطر الخفيف
وربما انشغلت بامر طارىء ... أو رحلة نحو الجنوب لكى تزور الشمس واتصلت ولكن لم تجدنى فى الصباح فقد خرجت لأشترى قاردينيا لمساءنا... وزجاجتين من النبيذ
وربما اختلفت مع الزوج القديم ... على شئون الذكريات فأقسمت ألا ترى رجلا يهددها بصنع الذكريات
وربما اصطدمت بكأسى فى الطريق الى فانطفأت كواكب فى مجرتها ومازالت تعالج بالبهار وبالنعاس
وربمانظرت الى المرآة قبل خروجها من نفسها ... وتحسست أجاصتين كبيرتين تموجان حريرها .. فتنهدت ..وترددت : هل يستحق انوثتى أحد سواى ..؟
وربما عبرت مصادفة بحب سابق لم تشف منه فرافقته الى العشاء وربما ماتت فان الموت يعشق فجأة مثلى
| |

|
|
|
|
|
|
يصدر صباح اليوم الاثنين الديوان الأخير للشاعر محمود درويش (Re: osama elkhawad)
|
قصائد لم يلق عليها نظرة الوداع ... المكان الذي أصبح طللاً في ديوان محمود درويش الأخير ديمة الشكر الحياة - 23/03/09//
يصدر صباح اليوم الاثنين الديوان الأخير للشاعر محمود درويش وعنوانه «لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي» عن دار رياض الريس التي تملك حقوق نشر أعمال الشاعر الراحل. والديوان في 154 صفحة، وقد قسم الى ثلاثة أبواب: «لاعب النرد»، «لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي» و «ليس هذا الورق الذابل إلا كلمات». أما القصائد الموزّعة في هذه الأبواب فهي إحدى وثلاثون.
وأرفق الديوان بكراس خاص للروائي الياس خوري عنوانه «محمود درويش وحكاية الديوان الأخير» وفيه يروي قصة هذا الديوان وكيف وجده وأعدّه وبوّب قصائده.
هنا قراءة في الديوان.
ديوان محمود درويش «لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي»، يصحّ فيه وصف الديوان الأخير، فالشاعر «طوى الجزيرة وجاءنا الخبر» في الصيف المنصرم قبل الصدور. في الديوان احدى وثلاثون قصيدة، تجمعها موهبة قلّ نظيرها في الشعر العربي، وتنفرد كلّ منها بخاصّة منقطعة القرين، فدرويش هو الشاعر الذي لا يستكين إلى منجزٍ مهما كان جميلاً وأصيلاً، ولا يرتاح إلى «شهرة» فيتكئ عليها، ولا يكرّر السير في دربٍ عبدّها وإن أضمرت نجاحاً وانتشاراً. فهذا الديوان لا يتصل بما سبقه إلا بقدر ما ينفصل عنه، ويستطيع القارئ الشغوف بشعر درويش أن يجد بنفسه بعض خيوط الاتصال مع دواوين سابقة، فـ الجدارية، ولا تعتذر عمّا فعلت، وكزهر اللوز أو أبعد، وأثر الفراشة، حاضرة من خلال الخيارات الفنيّة الخاصّة بدرويش، التي أتاحت له أن يطوّر شبه منفرد تيار التفعيلة برّمته، من خلالِ ابتداعه لأشكال شعريّة جديدة، فضلاً عن زيارته للقصيد في ثلاث قصائد، تخصّ أولاها الشاعر وثانيتها الشعر أمّا ثالثتها فتضمّن بيتاً شهيراً للمتنبي، وليس في هذا الأمر مفاجأة، بل صلة وثيقة مع أثر الفراشة الذي تنقّل فيه درويش بين المعقود والمنثور، وكتب فيه القصيد أيضاً (على قلبي مشيتُ، في صحبة الأشياء، ربيعٌ سريع).
لكنّ حضور الأعمال السابقة على هذا النحو، لا يشغل المتن الأساس للديوان الجديد، الذي يظهرُ مفارقاً لها في غير ما أمرٍ. فمن أهمّها، أن معانيه تدور حول الغياب، لا باعتباره نتيجةً ملموسةً للموت الجسدي، بل من خلالِ توسيع معناه ليصبح موضوعاً شعرياً كبيراً، ينفذّ الشاعر منه إلى ما قبل الغياب أي الحياة، التي تعطيه معنىً شعريّاً يبدّد عبره نقيضها أي الموت، فيصحّ القول إن في غياب الشاعر حضوراً، من دون أن يقتصر الأمرُ عليه، ذلك أنّ درويش لم يكن صاحب أوهام شخصيّة تقول بالخلود أو أخته الشهرة، وهو لا يرى فيهما ما يميّزه، بل ما يسجنه في صورة رمزٍ أتعبته في الحياة، لذا جاءت قصيدته «لاعب النّرد» لكسر هذه الصورة النمطية، عبر سؤالٍ «من أنا لأقول لكم؟» لن يتأخر جوابه «أنا مثلكم أو أقلُّ قليلاً»، ويتبعه سردٌ لحياة شخصيّة، من الولادة الفردية التي ليست إلا مجموعةً من الحوادث الشخصيّة (الهرب من الذئاب، محاولة انتحار) والمصادفات، مروراً بشغفين : الحبّ «أدرّب قلبي/ على الحبّ كي يسعَ الورد والشوك»، والشّعر «لولا وقوفي على جبلٍ/ لفرحتُ بصومعة النسر: لا ضوء أعلى!»، وصولاً إلى سؤال ما قبل النهاية «من أنا لأخيّب ظنّ العدم؟»، حيثُ تتكفّل المصادفات بإعطاء «أنا الشاعر» بعداً شخصيّاً نافيّاً عنها بذلك صفةً أَسَرَته، الأنا الناطقة باسم الجماعة، بينما يؤدّي تجاور ضميري أنا ونحن في جملة واحدة، إلى توسيع حدودها لتغدو الأنا التي تحمل الجماعة في وجدانها :«من سوء حظّي أن الصليب/ هو السلّم الأزلي إلى غدنا»، وتتقنُ إصابة الشخصّي والمشترك: «كان يمكنُ ألا أكون مُصاباً/ بجنّ المعلقة الجاهليّة/... لو أن دورية الجيش لم ترَ نار القرى/ تخبز الليل/ لو أن خمسة عشر شهيداً/ أعادوا بناء المتاريس/ لو أن ذاك المكان الزراعي لم ينكسر» أو «شمألتُ شرّقتُ غرّبتُ/ أما الجنوب فكان قصيّاً عصيّاً عليّ/ لأن الجنوب بلادي».
الاستعارة البعيدة
للغياب مراتبه الخاصّة في الديوان، فهو الاستعارة البعيدة، إذ يغدو قريناً للمكان في قصيدتين تستلهمان الوقوف على الأطلال «على محطة قطار سقط عن الخريطة» و «طلليّة البروة»، فالأولى تخصّ فلسطين كلّها، إذ إن القطار الذي كانَ يمرّ بين بلاد الشام ومصر، واقعٌ بين المجاز والحقيقة، فالأرض التي يسيرُ فيها خاليةٌ من البشر، فيها عناصر حيّاديّة «عشبٌ، هواءٌ يابسٌ شوكٌ وصبّارٌ»، تشيرُ إلى مكانٍ محدّد ما أن تجاور مفردات أخرى تُبطن انكسار المكان عبر المجاز تارةً :«عدمٌ هناك موثّقٌ... ومطوّقٌ بنقيضه»، وعبر الحقيقة تارةً أخرى: «وقفتُ على المحطة لا لأنتظر القطار... بل لأعرف كيفَ جُنّ البحر وانكسر المكان» أو«قلنا البلاد بلادُنا/ قلبُ الخريطة لن تصاب بأيّ داءٍ خارجي...فلم نرَ الغد يسرقُ الماضي - طريدته ويرحل». وليس القبول بانكسار المكان ذريعةً للوقوف في أطلاله، بل العكس هو الصحيح، فالأرضُ التي تُعرّف بالغياب ترسم طريق استعارة كبرى للمكان: «أهذا كلّ هذا للغياب؟ وما تبقى من فتات الغيب لي؟»، وليس الغياب كاملاً سوى قرين المكان الكامل غير المكسور:«أرى مكاني كله حولي... الجمال الكامل المتكامل الكلّي في أبدِ التلال ولا أرى قناصتي»، فمن خلالِ مزجٍ متقنٍ للضعف (الغياب) بالقوة (المكان) يتعطل القبول بالانكسار. فالكلام عن الغياب هو الكلام عن المكان، يقول في القصيدة الثانية الخاصّة بقريته «طلليّة البروة»: «أختار من هذا المكان الريح/ أختار الغياب لوصفه»، إذ من خلال هذه الاستعارة الكبرى، يغدو الغياب أقوى حضوراً وأكثرَ ثباتاً، مُبطناً في الآن نفسه زوال الموقت الطارئ على المكان: «هل ترى خلف الصنوبرة القوية مصنع الألبان ذاك؟ أقول كلا لا أرى إلا الغزالة في الشباك. يقول: والطرق الحديثة هل تراها فوق أنقاض البيوت؟ أقول: كلا لا أراها لا أرى إلا الحديقة تحتها». وإن كان الوقوف على الأطلال يفتحُ باباً للغياب، ويعطّل الحاضر الذي لا يمحو الحديقة أو الغزالة من الذاكرة، فإن هذه الأخيرة لا تطوي تحت جناحها الأمسَ البعيد الذي يبُطن استعارة الغياب/ المكان فحسب، بل تطوي كذلك الأمس القريب، الذي يبطن الاستعارة ذاتها، فقصيدة «في رام الله» هي أخت قصيدة «رجل وخشف في الحديقة» من ديوان لا تعتذر عمّا فعلت، وفيها يدّقق درويش قوله عن العودة الناقصة التي لم تكن إلا لجزءٍ من المكان، من خلال سؤالٍ جارحٍ عن الخشف: «هل صارَ يألفُ بيتك؟»، إذ احتاج غالبية الفلسطينيين القاطنين اليوم في رام الله، إلى وقتٍ للألفة معها، فقلّة منهم تملك ذكريات فيها، وكأنّها صورة الفرق بين الذكرى والذاكرة أو بين المنزل والبيت، لذا يهدي درويش، سليمان النجاب قصيدة ثانيةً تشيرُ إلى الأمسِ القصير «الذكرى»: «لا أمس لي فيها سواك/ فما خرجتُ وما دخلتُ، وإنّما/ تتشابه الأوصاف كالصفصاف»، لكن هذه الإشارة اللماحة ستحملُ في طياتها صورة المكان: لي أمس فيها/ لي غيابُ!».
للحبّ والشعر نصيبٌ وافرٌ في الديوان، يفترقان في قصائد ويلتئمان في أكثر من واحدة، كصنوين متلازمين كما في القصيدة الجميلة «بالزنبق امتلأ الهواء»، التي تجمع بين لحظتين تُفضيان إلى الفرح: لحظة الإلهام «بالزنبق امتلأ الهواء كأنّ موسيقى ستصدح» وانتظار موعد عاطفي «وكرسيّ يرحّب بالتي تختار إيقاعاً خصوصياً/ لساقيها. ومرآةً أمام الباب تعرفني وتألف/ وجه زائرها»، وتضمران الحياة كولادة ثانية: «أنا المعافى الآن، سيد فرصتي/ في الحبّ. لا أنسى ولا أتذّكر الماضي،/ لأني الآن أولد، هكذا من كل شيء»، فـ «كل شيء يصطفي معنى لحادثة الحياة» التي تبعدُ الموت إذ تمزج أوّل الحب بأوّل الإلهام: «بلا سبب يفيض النهر بي، وأفيض حول عواطفي: بالزنبق امتلأ الهواء كأنّ/ موسيقى ستصدح!».
وإذ يتجاور الحبّ والشعر، يحضر شاعر الحبّ الشهير نزار قباني، «في بيت نزار قبّاني» الذي أنشأ لدمشق استعارة الياسمين وأدخل البيت الدمشقي جنّة الخلود الشعري: «بيتٌ من الشّعر - بيتُ الدمشقيّ/ من جرسِ الباب حتّى غطاء السرير/ كأن القصيدة سُكنى وهندسةٌ للغمام»، وإن كان درويش سيصف بيت نزار من خلال لون عينيه، فلكي نراه من خلالهما :« ليلهُ/ أزرقٌ مثل عينيه. آنية الزهور زرقاء... دمعه حين يبكي رحيل ابنه في الممرات أزرق... لم تعد الأرض في حاجة لسماء، فإن قليلاً/ من البحر في الشعر يكفي لينتشر الأزرق/ الأبدّي على الأبجديّة»، فالعينُ مرآة القلب وباب الروح كما قالت العربُ، ولعلّ هذا ما ألهم درويش إحدى أجمل غزلياته «عينان»: «عينان تائهتان في الألوان، خضراوان قبل/ العشب، زرقاوان قبل الفجر. تقتبسان/ لون الماء، ثم تصّوبان إلى البحيرة نظرةً/ عسليّة، فيصيرُ لون الماء الأخضر». وإن كانَ ظاهرُ القصيدة يصفُ تبدّل لون عيني الحبيبة بين تدرّجات الأخضر والأزرق، فإن باطنها يصفُ المزاج المرافق لكل درجةٍ لونيّة، على نحوٍ يتحدّ فيه جمال عينيها بروحها، لذا يبدو السؤال الذي يختتتم القصيدة: «عينان صافيتان، غائمتان/ صادقتان، كاذبتان عيناها. ولكن من هي؟» كمفتاحها لا قفلها. فهو سؤال فخّ، يجرّ القارئ إلى القراءة ثانيةً أو أكثر، ليكتشف أن الشاعر يعرفها بدّقة، لأن العين مرآة القلب. وتحيلُ إعادة القراءة على إطالة المتعة في قصيدة «لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي»، التي تخصّ اللقاء بين حبيبين يعاندان الفراق، ويتذكران قصّتهما، ويتحاوران في سرديّةٍ غنائيةٍ، فكلّما طال الحوار/ القصيدة طال اللقاء، وطال الاحتفاء بالحبّ صنو الحياة. لذا جاء مطلع القصيدة طارداً للموت تارةً على لسان الحبيب: «اقترب الموتُ مني قليلاً/ فقلت له: كان ليلي طويلاً/ فلا تحجب الشمس عنّي!»، وتارةً أخرى على لسان الحبيبة: «وقالت: أفي مثل هذا النهار الفتّي الوسيم/ تفكّر في تبعات القيامة؟». فالحبّ احتفاء بالحياة على صورة نهرٍ :« قالت: سيأتي إلى ليلك النهر/ حين أضمّك/ يأتي إلى ليلك النهر»، والحبّ يوّسعُ المدى، ويجعل المحبين أمراء عند اللقاء: «وأنا في ضيافة هذا النهار، أميرٌ على حصّتي/ من رصيف الخريف. وأنسى من المتكلم / فينا لفرط التشابه بين الغياب وبين/ الإياب إذا اجتمعا في نواحي الكمنجات». تتجاور في القصيدة ثلاثة معانٍ كبرى: الحبّ والحياة والشعر، وتتداخل في ما بينها: «لو لم أرَ الشمس/ شمسين بين يديك، لصدّقتُ/ أنك إحدى صفات الخيّال المروّض»، أو «ههنا يولد الحب/ والرغبة التوأمان، ونولد» أو «تقول: كأنك تكتبُ شعراً/ يقول: أتابع دورتي الدموية في لغة الشعراء»، وتستعير من الأجواء الإغريقية مشهداً هومرياً للانتظار فاللقاء بين صورتيّ أوليس وبينيلوب: «أنام وتستيقظين، فلا أنت ملتفّةٌ/ بذراعي، ولا أنا زنّار خصرك/ لن تعرفيني/ لأن الزّمان يُشيخ الصدى/ ومازلت أمشي... وأمشي/ وما زلت تنتظرين بريد المدى»، إذ يوّسع درويش من فضاء قصيدته السردية - الغنائية، عبر سرد الذكريات المشتركة لحبيبين يطول اللقاء بينهما كلّما امتدّت القصيدة، وتكون خاتمتها نفيّاً للفراق: «لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي/ لا أريد لهذا النهار الخريفي أن ينتهي»، ودافعاً لإعادة القراءة.
وبعد، فهذا الديوان وإن أعطى الغياب مكانةً شعريّة رفيعةً من خلال بهاء القصائد فيه وجمالها ورفعتها، فقد أعطى درويش مكانةً أعلى من الغياب الذي «طوى الجزيرة»، فهو الشاعر الذي يصحّ فيه القول: غابَ عن العيون وبقي محصّلاً في القلوب
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: يصدر صباح اليوم الاثنين الديوان الأخير للشاعر محمود درويش (Re: osama elkhawad)
|
الكرمل» تودّع شاعرها عبده وازن الحياة - 23/03/09//
لم يكن يُهيّأ للشاعر محمود درويش أن العدد الأخير من مجلّة «الكرمل» سيكون بمثابة وداع له وللمجلّة التي أصرّ على عدم إعلان توقّفها النهائي على رغم احتجابها منذ العام 2006. صدر العدد الأخير بعد نحو ستة أشهر على غياب شاعر «جدارية» ويحمل الرقم 90 الذي طالما منّى الشاعر نفسه بأن يكون الأخير ليعلن من خلاله توقف المجلة نهائياً. فالعدد السابق الذي صدر عام 2006 كان مزدوجاً وحمل الرقمين 88 و89 وهما رقمان لا يليقان بـ «النهاية» ما داما لا يحملان الرقم «صفر».
كان محمود درويش، كلّما سئل عن موعد إعلان توقف «الكرمل»، يتحاشى الجواب قائلاً إن المجلة لم تحتجب عن الصدور. وأصرّ على عدم إعلان توقفها وكأنه يدرك في طويته أن العدد 90 سيصدر أياً تكن صيغته. ولم تمضِ أعوام ثلاثة حتى صدر العدد الأخير من غير أن يحرّر الشاعر موادّه ويُعمل قلمه في بعضها، ويشرف على طباعتها. وهذا العمل كان يرهقه كما عبّر أكثر من مرّة، لا سيّما بعد ما شهدت المجلة أقسى أزماتها المادية. وقبل عام من رحيله سعى درويش الى تدبير تمويل لها لكنه لم يرض على أي عرض قدم له، فهو رفض أي وصاية على المجلة ولو من بعيد. فهذه المجلة كانت المشروع الرديف في حياته، أي المشروع الذي يقابل مشروعه الشعري الكبير. وكم كان يزعجه أن تُقارَن «الكرمل» بأي مجلة فلسطينية أخرى تبعاً لحماسته الشديدة لقضيتها وللموقع الذي ارتسمه لها والهوية التي أسبغها عليها. لكن المجلة، مثلما كانت مجلة محمود درويش كانت أيضاً مجلة أصدقائه الذين عاونوه في إصدارها، سواء كانوا من مدراء تحريرها أم من مراسليها أو كتّابها الدائمين. إنها مجلة الياس خوري وسليم بركات وزكريا محمد وحسن خضر مدير التحرير الأخير. إنها أيضاً مجلة صبحي حديدي وكاظم جهاد وفيصل درّاج وسواهم من الكتّاب الذين كانوا يمثلون هيئة تحريرها غير المعلنة. هذه الروح الجماعية أصرّ درويش عليها، متخطياً نزعته الفردية أو «سلطته» التي كانت تثير حفيظة بعض «غرمائه»، ومنفتحاً على كل الآراء والمقترحات وحتى على النصوص التي لم تكن تروق له. وفتح أبوابها أمام الموجات الجديدة، الحداثية والمابعد حداثية، في الفكر كما في الأدب والنقد. وكان من حقه فعلاً أن يكتب افتتاحيتها وينشر فيها قصائده ومقالاته مثله مثل الآخرين. ولم يكن مستهجناً أن تبتعد المجلة في أحيان عن ذائقة درويش نفسه وعن أفكاره، موغلة في الحداثة أو ما بعدها، الحداثة الفكرية والفلسفية والمعرفية، حتى باتت المجلة تميل الى أن تكون مجلة فكرية أكثر من كونها مجلة أدبية. ولعل السجالات الفكرية التي قادها بعض كتابها مع المدارس الغربية الحديثة والترجمات التي ضمتها، تؤكد طابعها الرصين والجاد الذي تخطى التخوم أحياناً. وفعلاً كانت تبدو بعض المقالات أو المداخلات عبئاً على المجلة وعلى قرائها الذين كانوا ينتظرونها ليقرأوا نماذج من الإبداع العربي أو العالمي الجديد. وكانت «الكرمل» جريئة جداً في الانفتاح على الثقافة الاسرائيلية ونقدها ومساجلة بعض المفكّرين الاسرائيليين اليساريين والمعتدلين. لكنها لم تغامر مثل مجلة «مشارف» الصادرة في فلسطين المحتلة لتقدم نماذج حية من الإبداع الاسرائيلي الجديد. كانت «الكرمل»، حتى عندما عادت الى رام الله عام 1996، مجلة فلسطينية، ولكن بهوية عربية وعالمية. والعالمية يجب فهمها في معنى الانفتاح والحضور في صميم الشواغل الثقافية التي تنتهب العالم والتحوّلات الجوهرية التي طرأت عليه.
وجد القارئ العربي في مجلة «الكرمل» فسحة من المعرفة والحرية، علاوة على الرصانة والجرأة اللتين تميزت بهما. مجلة أدبية ومعرفية في آن واحد، وهاتان الصفتان نادراً ما اجتمعتا في مجلة مثلما اجتمعتا في «الكرمل». لقد عرفت هذه المجلة كيف تكون معرفية من غير أن تقع لحظة في أسر النزعة الأكاديمية الجافة والمملة، ولا في شباك النظريات المستهلكة والمقولات الجاهزة. كانت مجلة النخبة ومجلة القراء، محترفين أم هواة، قراء الفكر والفلسفة أو قراء النصوص، شعراً وسرداً. ومَن يراجع أعدادها يدرك أنها كانت أشبه بـ «كتاب» في مجلّة وأن رفوف المكتبات، العامة والخاصة، يليق بها أن تضمّ أعدادها.
كان محمود درويش يحلم بأن يُصدر بنفسه العدد الأخير من «الكرمل»، العدد التسعين، الذي يمكن التوقف عنده، لكنّ العدد صدر في غيابه وكان هو مادته الأولى والأخيرة. لم يكن الشاعر يتخيّل أن «الكرمل» ستخصّه بعددها الأخير وأن يكون هذا العدد وداعياً وأن يضم شهادات من أصدقائه الأقربين وقصيدته البديعة «لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي» التي لم يتسنَّ له ان يلقي نظرة أخيرة عليها. لكنّ العدد الذي أشرف على إصداره الكاتب حسن خضر، سيكون المحطة الأخيرة لهذه المجلة التي عانت ما عانى الفلسطينيون في منفاهم الطويل الذي لم ينته، فهي انطلقت في بيروت عام 1981 ثم توقفت خلال الاجتياح الاسرائيلي عام 1982 لتنتقل الى قبرص ثم لتتوقف عام 1993 ثم لينتهي بها المطاف في رام الله عام 1996 ولتتوقف عن الصدور عام 2006 ثم لتصدر عددها الأخير بعد ستة أشهر على رحيل شاعرها.
كان يخامر محمود درويش شعور بأن للمجلات أعماراً مثل البشر، وكان على يقين من أن «الكرمل» يكاد ينتهي عمرها. لكنّ الصدفة الأليمة أن عمر الشاعر انتهى قبل ستة أشهر من انتهاء عمر «الكرمل».
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: يصدر صباح اليوم الاثنين الديوان الأخير للشاعر محمود درويش (Re: osama elkhawad)
|
الياس خوري كاتباً «حكاية الديوان الأخير» الحياة - 23/03/09//
كان لقائي بمحمود درويش، ظهر ذلك اليوم من شهر أيلول ملتبساً وغريباً. ذهبت الى عمان للاشتراك في اجتماعات اللجنة التحضيرية لمؤسسة محمود درويش. مساء اليوم الذي سبقه التقيت بأحمد درويش والمحامي جواد بولس، الآتيين من الجليل، وبعلي حليلة ومارسيل خليفة، في باحة الفندق. علي الذي رافق، مع أكرم هنية، الشاعر في رحلته الأخيرة الى هيوستن تكساس، حيث أجريت له جراحة الشريان الأبهر التي أودت به، روى لنا الأيام الأخيرة من حياة الشاعر، وتطور الانهيار الجسدي الشامل الذي أصابه بعد الجراحة.
كانت ليلة حزينة، لا أدري كيف أصفها الآن، لكنني أراها مثل منام مغطى بالبياض. لم يجعلني كلام علي حليلة أقتنع بأن محمود درويش مات، حتى عندما أضاف أكرم هنية في اليوم التالي بعض التفاصيل الصغيرة، وروى لنا أن درويش رأى في منام ليلته ما قبل الأخيرة معين بسيسو، وتساءل ماذا جاء معين يفعل هنا؟ لم أقتنع. فالموت حين يأتي يتشكل كحجاب سميك يفصل عالم الأحياء عن عالم الموتى. نتحدث عن الميت بصيغة الغائب، وننسى صوته. لكن مع درويش بدا لي الموت بعيداً. كنت أستمع الى الحكايات التي تروى، وأنا أتلفت يميناً وشمالاً، كأنني أنتظر وقع دعسات درويش في أي لحظة.
لكنه لم يأتِ، تركنا نحكي عنه كما تشاء لنا الذاكرة أن نحكي، ولم يكسر دائرة كلامنا بمزاحه وملاحظاته اللامعة.
في صبيحة اليوم التالي، عقدت اللجنة اجتماعها الأول بعدما انضم الينا ياسر عبد ربه وأكرم هنية وغانم زريقات وخالد الكركي وأحمد عبدالرحمن وصبيح المصري. ناقشنا مطولاً مسألة تشكيل المؤسسة، وتكلمنا عن الضريح، والحديقة التي ستقوم حوله، ومتحف الشاعر الذي سيبنى في المكان. تكلمنا في كل شيء، لكنني في الواقع كنت أنتظر نهاية الاجتماع بلهفة، كي نذهب مع علي حليلة الى بيت الشاعر في عبدون.
لم يدخل أحد الى المكان منذ أن غادره درويش في رحلة موته الى أميركا. وكان على مجموعة منا أن تدخل الى البيت بحثاً عن قصائده الأخيرة. قال محمود لعدد من أصدقائه انه يملك ديواناً جديداً جاهزاً في غرفة مكتبه في منزله في عمان، وأكد ذلك ناشره رياض نجيب الريّس.
فتح علي حليلة الباب ودخلنا. كان كل شيء على حاله. البيت يشبهه، أناقة من دون بذخ، وإيقاع هادئ تصنعه اللوحات المنتشرة، ومكتبة تضم كتاب العرب والعالم أمواتاً وأحياء. «لسان العرب» الى جانب ديوان التنبي، مجموعات شعرية وروايات في كل مكان، مرتبة تشير الى أنها قُرئت أو في طريقها الى ذلك. لا أدري لماذا عجزنا عن النطق، وحي تكلمنا لم تصدر عنا سوى أصوات هامسة. أحمد درويش، شقيق الشاعر جلس على الكنبة في الصالون وانفجر بكاء. مارسيل خليفة جلس الى جانبه مواسياً. دخلت مع جواد بولس الى المكتب، حيث من المفترض أن نجد الديوان. كنت أنتظر أن أجد المخطوط على سطح المكتب، لكنني لم أجد شيئاً. كنت أنتظر أن أجد رسالة تشرح لنا ماذا يجب أن نفعل بالديوان، لكن الرسالة لم تُكتب.
لم يكتب محمود درويش وصية. ليلة الجراحة طلب من علي حليلة وأكرم هنية أن يبقيا معه، لأنه يريد أن يتكلم، لكنهما نصحاه بالراحة، لأن وقت الكلام سيأتي بعد نجاح العملية الجراحية!
لم يكتب درويش وصية ولم يتكلم، رغم كل الأخطار التي كان يعرف أنها في انتظاره. عندما استمعت الى علي وأكرم يرويان الوحدة التي كان يشعر بها الشاعر المستلقي على سرير المستشفى الأميركي، أصبت بالقشعريرة، وشعرت بالخوف. في هذه المجموعة من القصائد، سنقرأ قصيدة عن الخوف، وندخل مع الشاعر لحظات النهاية التي يرسمها الخوف من النوم الأبدي على وجوهنا وأجسادنا.
وقفنا أمام المكتب الفارغ حائرين، كنت متأكداً من وجود الديوان، لأن درويش نشر منه ثلاث قصائد في الصحف هي: «على محطة قطار سقط عن الخريطة» و «لاعب النرد» و «سيناريو جاهز»، وقرأ ثلاث قصائد غير منشورة في الأمسية الأخيرة التي أقامها في رام الله، هي: «ههنا، الآن، وههنا والآن» و «عينان» و «بالزنبق امتلأ الهواء».(...)
خطر في بالي أن الديوان في الدُرج، حاولت فتحه، لكن اضطرابي أوحى لي بأن الدرج مقفل بالمفتاح، أين المفتاح، سألت؟ بحثنا عن المفتاح فلم نجده. قلت يجب أن نخلع الجارور، حين امتدت يد أحد الأصدقاء وفتحت الدرج، فانفتح بسلاسة.
أكوام من الأوراق. وقعت عيناي في البداية على قصيدة «طباق»، المهداة الى ادوارد سعيد، المنشورة في ديوان «كزهر اللوز أو أبعد» مكتوبة بخط اليد. من المؤكد أن درويش وضعها هنا، كي يقرأها في محاضرة إدوارد سعيد التذكارية التي تنظمها جامعة كولومبيا في نيويورك في نهاية شهر أيلول، لكن الموت جاء، معلناً الوداع النهائي «لشعر الألم». بحثنا أنا والمحامي جواد بولس شبه يائسين، وفجأة رأيت دفتر بلوك نوت ذا غطاء أزرق وضعت فيه القصائد. أولى القصائد كانت «لاعب النرد». قلبت الصفحات فعثرت على قصيدتي «عينان»، و «بالزنبق امتلأ الهواء». بحثنا في الدرج عن قصائد أخرى، فعثرنا على مسودات قصائد قديمة منشورة، لكننا لم نعثر على قصائد جديدة.
رقمنا المخطوط، وصورنا منه صورتين. أعدنا الأصل الى الدرج في مكانه، وأخذ أحمد شقيق الشاعر نسخة، بينما احتفظت أنا بالنسخة الثانية. وقرّ رأي الجميع أن يُعهد لي بالقصائد، كي أعدّها للنشر، وأكتب حكايتها، على أن تصدر في 13 آذار 2009، أي في يوم عيد ميلاد الشاعر، فتكون قصائده الأخيرة هديتنا الى من أهدى العرب والفلسطينيين أجمل القصائد.
أخذت القصائد الى غرفتي في الفندق، أقفلت الباب وقرأت، وشعرت بالحزن الممزوج بالعجز عن القراءة. في المساء سهرنا في حديقة منزل علي حليلة، وكانت القصائد معي، طلبوا مني أن أقرأ، فقرأت متلعثماً. كانت تلك القراءة سيئة وعاجزة، كيف أقرأ وأنا متيقن من أن درويش سيفاجئنا في أي لحظة ويسخر من وجوهنا الحزينة. لم ينقذ الليلة سوى مارسيل خليفة، أمسك بعوده وغنى الشعر الذي صار أشبه بالدموع. كانت كلمات درويش وموسيقى الروح في قصائده، تلفنا وتأخذنا اليها. كان الحزن، ولا شيء آخر. بدل أن نفرح بالديوان احتلنا شبح الغياب. الحقيقة أن المشاعر اختلطت، إذ كنا، ونحن نعمل في المنزل نشعر بالحضور السري والغريب للشاعر. في غرفتي في الفندق شعرت ان عليّ أن أعيد القصائد الى مكانها في الدّرج، غداً يأتي محمود ويقرر كيف يرتب قصائده، ويتعامل مع التعديلات التي يقترحها. قلت في نفسي إن عليّ التخلي عن هذه المهمة. نمت نوماً متقطعاً، والتبست عليّ الأمور في شكل كامل. قرأت القصائد كلها أكثر من مرة، وتأكد لي أننا لم نعثر على كلّ المجموعة الأخيرة من القصائد. لا شك في أن هناك قصيدة كبرى في مكان ما، وان اضطرابنا منعنا من اكتشاف مكان وجودها.
في صباح اليوم التالي، وبينما أشرب قهوتي رن الهاتف، وسمعت صوت مارسيل خليفة يطلب مني المجيء الى منزل درويش لأن غانم زريقات عثر على القصيدة. في المنزل أخذت قصيدة طويلة بلا عنوان، مكـــتوبة بخط يد درويش في خمس وعشرين صفحة. وعلى عكس الكثـــير من القصائد التي وجدناها، فإنها ناجزة، ولا أثر فيها للتشطيب أو اقتراحات التعديل.
قرأت القصيدة التي قفز عنوانها من بين السطور من دون أي جهد: «لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي»، ووجدتني أمام عمل شعري كبير، قصيدة تصل بالمقترب الملحمي – الغنائي الذي صاغه درويش الى الذروة. ومعها عثرنا على خمس قصائد جديدة.
في تلك اللحظة اقتنعا أننا أمام عمل شعري كبير يشكل إضافة حقيقية على الديوان الذي تركه الشاعر.
(مقطع من النص الذي أرفق بالديوان)
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: يصدر صباح اليوم الاثنين الديوان الأخير للشاعر محمود درويش (Re: محمد جميل أحمد)
|
شكرا للشاعر والناقد والروائي محمد جميل على هذه الاضافة الرائعة وسأعود اليها على مهل. ودعني اهدي اليك هذه المقاطع التي لم تنشر من نص شعري طويل لدرويش: لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي» الحياة - 23/03/09//
يقولُ لها، وهما ينظران الى وردة
تجرحُ الحائطَ: اقتربَ الموتُ مني قليلاً
فقلتُ له: كان ليلي طويلاً
فلا تحجب الشمسَ عنّي!
وأهديتُهُ وردةً مثل تلك...
فأدَّى تحِيَّتَهُ العسكرية للغيبِ،
ثم استدارَ وقالَ:
إذا ما أردتك يوماً وجدُتك
فاذهبْ!
ذهبتُ...
أنا قادمٌ من هناك
سمعتُ هسيسَ القيامةِ، لكنني
لم أكن جاهزاً لطقوس التناسخ بعد،
فقد يُنشد الذئب أغنيتي شامخاً
وأنا واقفٌ، قرب نفسي، على أربعٍ
هل يصدقني أحد إن صرخت هناك:
أنا لا أنا
وأنا لا هُو؟
لم تلدني الذئابُ ولا الخيل...
إني خُلقتُ على صورةِ الله
ثمّ مُسختُ إلى كائنٍ لُغويّ
وسمّيت آلهتي
واحداً
واحداً،
هل يصدِّقني أحد إن صرخت هناك:
أنا ابن أبي، وابن أمي... ونفسي
وقالت: أفي مثل هذا النهار الفتيّ الوسيم
تفكِّر في تَبِعات القيامةِ؟
قال: إذن، حدِّثني عن الزمن
الذهبي القديم
فهل كنتُ طفلاً كما تدّعي أمهاتي
الكثيرات؟ هل كان وجهي دليل
الملائكةِ الطيّبين الى الله،
لا أتذكر... لا أتذكّر أني فرحتُ
بغير النجاة من الموت!
من قال: حيث تكون الطفولةُ
تغتسل الأبدية في النهر... زرقاء؟
فلتأخذيني الى النهر.
قالت: سيأتي الى ليلك النهر
حين أضُمُّك
يأتي الى ليلك النهر(...)
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: يصدر صباح اليوم الاثنين الديوان الأخير للشاعر محمود درويش (Re: osama elkhawad)
|
عزيزي محمد جميل سلامات أعود الى مداخلتك ببعض من التعقيبات قلت :
Quote: ربما كان محمود درويش الشاعر الوحيد الذي يستحق منا أن نكتب عنه لأثره الكبير على كثير من الشعراء العرب |
أعتقد ان في هذا الكلام كثير من المبالغة.فهنالك شعراء كثيرون لهم بصمات واضحة على الشعر العربي وأثروا خاصة في الاجيال الحديثة مثل أدونيس وسليم بركات. لكن ظاهرة محمود درويش تعود لانه حافظ على الذائقة العربية من خلال الاحتفاء بالأوزان الشعرية. وهذا ما جعل منه شاعرا حداثيا وفي نفس الوقت شاعرا شعبيا له متذوقون من شتى صنوف القراء. لم يكتب درويش نصا شعريا نثريا ما عدا في محاولة رقم 7،ان اسعفتني الذاكرة. أدونيس له تأثير كبير على شعراء قصيدة النثر،لكن قصيدة النثر لم تكتسب جمهورا كبيرا،لأسباب من بينها، أن الكثيرين من كتابها يتعذر على كثير من القراء تذوق نصوصهم والاستمتاع بها. وأرى ان الأمر يعود -بخصوص نخبوية قصيدة النثر،الا ان كثيرا منهم لا يجيد كتابتها واستسهل ذلك. وربما لذلك كانت لمحمود درويش في البداية اراء ليست في صالح قصيدة النثر،وقد عدل عن رايه فيها في ما بعد. مع محبتي المشاء
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: يصدر صباح اليوم الاثنين الديوان الأخير للشاعر محمود درويش (Re: osama elkhawad)
|
شكرا عزيزي اسامة على هذا النص الجميل الذي أحببت أن لا ينتهي كما أراد له صاحبه . النص ممتع هجس درويش فيه بالموت ولكنه انتصر للحياة وشهوتها برغبة حارقة وهو يستحضر ويتمنى أن تعود المعجزات إلى ذلك القلب المعطوب كما في المرات التي نجا فيها من الموت .
Quote: لا أتذكر... لا أتذكّر أني فرحتُ
بغير النجاة من الموت! |
هل كان درويش يدرب قلبه مرة أخرى على الإفلات من الموت ، أم أنه أبصره كطيف يدله على وطنه الخالد في كينونة اللغة ؛ وطنه الأبقى والأكثر خلودا وشفافية . فحين يحدث نفسه عن ذكرى حصرية وبطريقة تؤكد معنى الحصر يوشك أن يوهم نفسه برغبة تشبه خلودا عابرا أمام الموت مرة أخرى على قياس صورة الخالق الأعلى
Quote: لم تلدني الذئابُ ولا الخيل...
إني خُلقتُ على صورةِ الله
ثمّ مُسختُ إلى كائنٍ لُغويّ |
هكذا يبدأ درويش رحلة الفينيق مرة أخرى عبر هذه المجازات الجديدة ليمنح الشعر ضفافا أخرى من الأبدية . عزيزي المشاء هذه تداعتيات مع هديتك من هذا النص الجديد لدرويش . وسأعود لاحقا للحديث عن مداخلتك لك مودتي محمد جميل
| |
 
|
|
|
|
|
|
عندما لا يضع محمود درويش لمساته الأخيرة... على ديوانه (Re: محمد جميل أحمد)
|
عندما لا يضع محمود درويش لمساته الأخيرة... على ديوانه شوقي بزيع الحياة - 26/03/09//
ندر أن حظي شاعر عربي بما حظي به محمود درويش من متابعة واهتمام نقديين ومن حظوة وتكريم واسعين أتاحا له على امتداد أكثر من أربعة عقود متواصلة أن يكون الشاعر النجم والأكثر جاذبية للجمهور بعد نزار قباني. لكن الميزة الأهم لدى درويش أنه لم ينم على حرير هذه النجومية ولم يستسلم لإغوائها مدركاً في الوقت نفسه أن انتماءه الفلسطيني وتصنيفه ضمن خانة شعراء المقاومة قد يعطيانه قوة دفع اضافية على المدى القريب، إلا أن هذه الميزة لا تلبث أن يتراجع مفعولها بعد ذلك لتحل محلها مساءلة نقدية قاسية وصارمة.
في تسعينات القرن المنصرم بدت تجربة محمود درويش الشعرية وكأنها تدخل في سباق محموم مع الزمن وتحقق بين مجموعة وأخرى قفزات دراماتيكية واسعة على مستوى الخطاب والمعنى والمقاربة الانسانية كما على مستوى الشكل والبنية وأدوات التعبير بحيث بات على النقاد أن يركضوا لاهثين وراء تحولات الشاعر وخطواته المتسارعة في الطريق الى القصيدة الكونية الشاملة.
خمسة وعشرون عاماً هي المسافة الزمنية الفاصلة بين اصابة محمود درويش بالذبحة القلبية الأولى وبين مواراته الثرى في تراب رام الله إثر العملية الجراحية التي أودت بحياته. ليس غريباً بالتالي أن ننتظر جميعاً وينتظر معنا العالم بأسره ظهور الديوان الأخير الذي كان محمود درويش قد أسرّ لبعض أصدقائه أنه أوشك على الاكتمال وأنه ينتظر لمسات الشاعر الأخيرة. وما زاد من تعطش القراء لصدور العمل الأخير ليس فقط كونه يظهر الى العلن بعد رحيل صاحبه، بل لأنه ينقل الينا وقائع اللحظات الأكثر قساوة من حياة درويش ويكمل ما بدأته «الجدارية» من تفاصيل المواجهة الضارية بين الشاعر والموت. وإذا كانت رائعة محمود درويش «لاعب النرد» أقرب الى البيان الشعري الختامي وبخاصة من خلال خاتمتها المؤثرة التي بدا سطرها الأخير «مَنْ أنا لأخيب ظن العدم» تراجعاً واضحاً عن صرخته السابقة «هزمتك يا موت الفنون جميعها». فقد ظهر لاحقاً أن القصيدة على فرادتها وتضمنها معنى السيرة وطابعها الاستعادي لم تكن قصيدة الشاعر الأخيرة، ولو أنها مكتوبة في الأصل تحت هاجس كونها كذلك. ولم يطل الأمر كثيراً حتى عثر بعض أصدقاء الشاعر في منزله في عمان على جملة القصائد التي كانت قد أعدّت للنشر والتي كان علينا أن ننتظر تاريخ ميلاد درويش في منتصف آذار (مارس) الجاري لكي نقرأها كاملة بين دفتي كتاب أخير صادر عن دار رياض الريس للكتب والنشر.
بدا عنوان «لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي» الذي اختاره الياس خوري للديوان، بعد أن تعذر على درويش تسمية ديوانه بنفسه، ملائماً تماماً لمقتضى الحال، ليس فقط لأن القصيدة نفسها لم تنته بالفعل، بل لأن القصيدة الدرويشية برمتها لن يقدر لها الانتهاء وستظل بالتالي مفتوحة على القراءة المتجددة والتأويل المتباين. وعلى رغم أننا قد قرأنا الكثير من قصائد الديوان منشورة في الصحف أو من خلال أمسية الشاعر الشهيرة في رام الله، فإن هذا العمل شأنه شأن كل أعمال درويش ظل قادراً على مباغتتنا بكل المقاييس. ولكن اللافت في هذا السياق هو أن احساس الشاعر بالموت لم يكن يقينياً بما يكفي لكي يحصر قصائده بفكرة العدم وحدها، لذلك فقد وسّع شبكة اهتماماته ليقارب أموراً مختلفة تتعلق بالحب والهوية والمكان والعلاقة بالآخر، كما برثاء الأصدقاء مثل نزار قباني وإميل حبيبي.
الأمر الآخر اللافت في الديوان هو حرص الشاعر من خلاله على استعادة كل أساليبه السابقة ملحّاً تارة على قصيدة الوزن الخليلي في «من كان يحلم» و «يأتي ويذهب» و «كأن الموت تسليتي»، وتارة ثانية على التناظر الايقاعي الحاد والمنتهي بقافية واحدة تذكر بمناخ البدايات كما في «ههنا، الآن، وهنا والآن»، وتارة ثالثة على السرد الحكائي الذي يقارب السيرة كما في «لاعب النرد»، ورابعة على الحوار والمسرحة والتنوع الدرامي، وخامسة على التقفية الداخلية والموسقة الحروفية، وسادسة على تهدئة الايقاع والتخفف من القافية في تصادٍ واضح مع قصيدة النثر العربية. يبدو درويش بهذا المعنى شبيهاً بالرسامين الكبار الذين يقدمون في مرحلة متأخرة من أعمارهم معارض استعادية يقدمون من خلالها نماذج مختلفة من التجارب التي اختبروها خلال مسيرتهم الطويلة. ولا بد، بالمناسبة، من التنويه باهتمام الشاعر في قصائده الأخيرة بالألوان وبفن الرسم والذي يظهر على الأخص في قصيدة «عينان» التي تبدو استعراضاً مبهراً لمخيلة درويش اللونية بما يتوئم المكاني مع الزماني والصورة مع الايقاع والمرئي مع المسموع لا في هذه القصيدة وحدها بل في سائر قصائد الشاعر.
قد تكون هناك نقاط كثيرة تمكن مقاربتها في هذا العمل الاستثنائي الذي طال انتظاره. لكنني سأتجاوز هذه النقاط لأصل الى مسألة شديدة الأهمية تتعلق بالأخطاء العروضية الكثيرة التي يحفل بها الديوان، وهو أمر يصعب تقبله بالنسبة الى شاعر ممسوس بالايقاع من وزن محمود درويش. وحساسية المسألة لا تكمن فقط في كون الشاعر قد صرح غير مرة بأن القصيدة عنده تتولد بادئ ذي بدء من تواترات ايقاعية غامضة لا تلبث أن تتقمص الكلمات، بل لأن أحداً من القراء لم يسبق له أن لاحظ في أعمال الشاعر السابقة أي خلل ايقاعي أو تعثّر في اقتفاء الأوزان والبحور. لن أتوقف هنا عند بعض الزحافات التي يقع فيها الشعراء أحياناً والتي تتطلب استقامة الوزن فيها إشباع بعض الحروف التي لا تحتاج في الأصل الى إشباع، أو عند الثقل بين بحرين متداخلين كالمتقارب الذي يقوم على تكرار الوحدة الموسيقية (فعولن) والمتدارك الذي يقوم على (فاعلن). إذ يكفي أن نحذف (فا) المتدارك الأولى لكي ندخل في المتقارب. وهو ما يقع فيه درويش والكثير من شعراء التفعيلة. لكن لدينا أمثلة كثيرة على أخطاء وكسور تقع خارج دائرتي الجوازات العروضية والملابسات بين البحور. ففي قصيدة «رغبت فيك، رغبت عنك» نقرأ «... فكّري بالظل كي تتذكري قلت/ قالت كن قوياً واقعياً وانسَ ظلي» حيث يتم الانتقال من دون مبرر من الكامل الى الرمل. وهو ما لا يفعله درويش على الاطلاق.
وفي قصيدة «إذا كان لا بد» نقرأ ما يأتي: «وإن كان لا بد من منزل/ فليكن واسعاً لنرى الكناري فيه... وأشياء أخرى». والخلل واقع هنا في السطر الثاني حيث يؤدي وقوع كلمة «الكناري» بعد سابقتها «لنرى» الى الخروج على تفعيلة المتقارب المكررة «فعولن» لتصبح (مفاعلن) وهو أمر لا يجوز بأي حال.
وفي قصيدة «لو ولدت» التي يشير الصديق الياس خوري في الكتيب التوضيحي الصغير المرفق بالديوان الى أنها من القصائد غير الناجزة والمملوءة بالتشطيبات، نقرأ: «وإن كانت الأم مصرية/ وجدّتك من حلب...» حيث يخرج السطر الثاني عبر لفظة «وجدّتك» تماماً من سياق بحر المتقارب ولا يدخل في أي اجتهاد عروضي مهما بلغت درجة تعسفه. وحتى لو قيل بأن القصيدة هي مجرد مسودة غير ناجزة، فإن العارفين بالشعر يعلمون تمام العلم أن الشاعر الحقيقي لا يخطئ الوزن حتى في مسوداته التمهيدية. وفي قصيدة «كلمات» المنظومة على بحر الرمل ووحدته الايقاعية (فاعلاتن)، نقرأ للشاعر: «أنت أختي قبل أختي/ يا سنونوة في الرحلة» حيث يخرج السطر الثاني عن الوزن تماماً، فضلاً عن الايحاء بالسجع المنفر بين «أختي» و «الرحلة». وفي قصيدة «لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي» التي تقع في خانة المتقارب ووحدته المكررة (فعولن)، نقرأ: «قد يكملان الحديث عن الفن/ عن شهوات بيكاسو ودالي/ وأوجاع فان غوغ والآخرين». وفي حين يستقيم الوزن في البيتين الأول والثالث، حيث يتم تسكين نون فان غوغ ومنع غينه الثانية من الصرف، يخرج البيت الثاني (عن شهوات بيكاسو ودالي) بالبحر عن سياقه ويدخله في بحر آخر هو الكامل.
ثمة أخطاء أخرى تقع في خانة الالتباس بين الأخطاء المطبعية وبين الأخطاء المتصلة بجمع النصوص أو طريقة قراءتها أو مشاكلات متكررة بين الفاصلة وحرف الواو. ففي «لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي» نقرأ «أغني لكي أعزيَ بالموت بالموت» والصحيح هو «أغني لكي أعزيَ الموت بالموت». ولا نعلم بالطبع مصدر الخطأ. وفي القصيدة نفسها نقرأ «ينبئني هذا النهار الخريفي» وفيه خلل عروضي واضح. إلا أن ورود البيت مرة ثانية على الشكل الآتي «...ينبئني ضوء هذا النهار الخريفي» يظهر أن مصدر الخلل هو سقوط كلمة (ضوء) من البيت الأول، ولا نعلم من هو المسؤول عن ذلك. وفي قصيدة «مسافر» نقرأ: «ويسألني وأسأله:/ ماذا بعد أين تسير بي»، والوزن لا يستقيم إلا إذا أضفنا (الواو) الى (ماذا). وفي قصيدة «تلال مقدسة» يرد «ولكنهم يؤمنون أن التلال». والأرجح أن تكون في النص الأصلي «ولكنهم يؤمنون بأن التلال» ولا نعلم من أسقط الباء متسبباً في الخلل الوزني. وفي القصيدة نفسها نقرأ «عُرفُ ديك تنسّك/ أشم رائحة الموت»، بما يحدث خللاً في وزن المتقارب. والأرجح أن يكون الشاعر قد وضع كلمة (أشتم) بدلاً من (أشم) ليستقيم الوزن. وفي قصيدة «الى شاعر شاب» نقرأ: «الحياة أقل حياةً،/ لكننا لا نفكر في الأمر». والأرجح أن تكون (لكننا) مسبوقة بالواو التي تحولت لسبب ما الى فاصلة! وفي قصيدة «كأن الموت تسليتي» نقرأ: «أقول: لست أنا من غاب وليس هنا». والقصيدة على البحر البسيط ذي التواتر الغنائي الانشادي الذي يسهل اكتشاف أعطابه الوزنية. أما الخلل الايقاعي القائم في البيت فمرده الى التباس آخر بين الفاصلة والواو بحيث نرجح أن يكون أصل البيت «أقول: لست أنا من غاب، ليس هنا...».
ثمة التباسات أخرى تتعلق بالقافية التي كان يحرص محمود درويش أشد الحرص على أن تكون بعيدة من الافتعال والتعسف وأن تؤدي وظيفة جمالية ونفسية وايقاعية من طريق التكرار والتماثل والتواشج الصوتي الموحي. وفي قصيدة «فروسية» التي تبدأ على الشكل الآتي: «دهشاً من خفّة الأشياء أوقفتُ حصاني»، كان ينبغي أن تتتابع قافية النون المكسورة في المقاطع اللاحقة. إلا أننا نراها مسكّنة تارة كما في «حرش السنديانْ» و «أشيائنا في اللامكانْ»، ومهملة تارة أخرى من دون تحريك قبل أن تختتم القصيدة بقول الشاعر: «... ولكن لم أجد قربي سوى سرج حصاني». ما يؤكد أن النون المكسورة لا الساكنة هي أساس التقفية. وفي «لاعب النرد» نقرأ «...لو كان في وسعه أن يُري غيره» بينما يظهر من السياق أن الصحيح هو «لو كان في وسعه أن يرى غيره».
لست أعرف بأي حال من المسؤول عما حدث لديوان محمود درويش الأخير، على رغم أن الياس خوري في نهاية مقالته المرفقة بالديوان يقول في شكل واضح: «... غير أنني أتحمل وحدي المسؤولية عنه وعن أخطائه». إلا أن هذا الموقف الأخلاقي ينبغي أن يقترن بجرأة مماثلة عند أكثر من طرف لتبيان مكامن الخلل في ما حدث، حتى لو اقتضى الأمر رسم خريطة طريق جديدة للتحقق من النصوص الأصلية وصولاً الى اصدارها في طبعة جديدة خالية من الأخطاء. وأعتقد أن أي محاولة من هذا القبيل لن يكتب لها النجاح الكامل الا بمساهمة واحد أو أكثر من شعراء التفعيلة الكبار. وبانتظار هذا التصحيح المرتقب، وعلى رغم جسامة الأخطاء، يظل ديوان محمود درويش الأخير علامة شعرية فارقة لا في سياق تجربة الشاعر الراحل فحسب، بل في سياق الشعر العربي الحديث برمته.
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: عندما لا يضع محمود درويش لمساته الأخيرة... على ديوانه (Re: محمد جميل أحمد)
|
شكرا محمد على ايراد هذا المقال المهم لعباس بيضون. أواصل نقاشي معك بايراد مقال للشاعر المصري حلمي سالم حول قصيدة النثر،والتي كما قلنا كان لمحمود درويش موقف سلبي تجاهلها ،قام بتعديله مؤخرا،لكن ذلك لم ينعكس في خطابه الشعري. وما أود التركيز عليه هو ان النماذج السائدة في قصيدة النثر هي نماذج ليست جيدة،وساهمت في تنفير عدد كبير من الشعر ،ولعل ذلك من الاسباب التي جعلت شعر محمود دوريش ذائع الصيت،ولعله ما ساهم في رواج الرواية على حساب الشعر كممثل اساس للثقافة العربية. هنالك شعراء كتيوا قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر مثل سعدي يوسف،لكنني اجد نصوصه الشعرية النثرية ضعيفة، وافضل عليها نصوصه الشعرية التي كتبها بالتفعيلة.
وادناه المقال: دفاعاً عن قصيدة النثر حلمي سالم الحياة - 27/03/09//
شروط الشعر ليست قانوناً مقدساً نازلاً على الأرض، ثابتاً، صالحاً لكل مكان وزمان. بل هي تتغير بتغير العصور التاريخية والاجتماعية وبتغير الأماكن. ذلك أن شروط الشعر – كالشعر نفسه – ظاهرة حضارية ثقافية اجتماعية. وكل ظاهرة حضارية ثقافية اجتماعية تتغير بتغير الحضارة والثقافة والمجتمع والمرحلة.
شروط الشعر، إذاً، وضع بشر، وليست تنزيلاً علوياً أو «توقيفاً» سماوياً. وكل ما هو من صنع البشر، يغيره البشر. هذه الشروط، كذلك، لا يملكها تيار بعينه لوحده، ولا لحظة بعينها لوحدها، ولا فرد بعينه لوحده. إنها ملك حركة التاريخ والمجتمع والبشر. ومثلما وضعها الناس في فترات سابقة، يمكن ناساً آخرين في فترات لاحقة، أن يطوروها أو يعدّلوها أو يبدلوها بغيرها من الشروط. قصيدة النثر استعارة من ثقافة الغرب. وما العيبُ في أن تكون قصيدة النثر استعارة من ثقافة الغرب؟ كثير من أنواع الثقافة العربية الحديثة استعارة من ثقافة الغرب: كالمسرح، والسينما، والفن التشكيلي، والرواية. ولم يتهم أحد هذه الأنواع المستعارة بتهمة استلهام الغرب.
وتمت محاولات عدة – من نقاد ومؤرخين – لإثبات أن هذه الأنواع المستعارة من ثقافة الغرب، كانت لها جذور، أو بدايات بدائية أولية قديمة في الثقافة العربية القديمة. وثقافة الغرب ليست حكراً على الغرب وحده، كما كانت ثقافة الشرق ليست حكراً على الشرق وحده.
ليس وجود أصل للنوع الأدبي في ثقافتنا العربية القديمة هو– وحده – مانح «الشرعية» للنوع الأدبي الجديد. «الشرعية» الحقيقية تأتي من «الضرورة» أو «الحاجة» الاجتماعية التي تفرز نوعاً أدبياً أو فنياً يلبي حاجة ثقافية.
الحق أن قصيدة النثر العربية المعاصرة ليست مجرد اجتلاب من ثقافة الغرب، وليست نبتاً شيطانياً شاذاً في ثقافتنا العربية لا أصول له في ثقافتنا العربية القديمة.
إذ يمكن أن نلمس جذوراً (أو بذوراً) لهذه القصيدة في نصوص سجع الكهان وفي القرآن الكريم وفي نصوص المتصوفة المسلمين وفي بعض كتابات التوحيدي والجاحظ وإخوان الصفا وغيرهم. وحتى لو كان هؤلاء لا يسمّون نصوصهم «قصيدة نثر»، فإن من حقنا كمعاصرين، (يملكون تراثهم) أن نعيد تبويب هذا التراث وأن نصنّفه تصنيفات جديدة معاصرة.
لسنا ندعي أن نصوص النفري أو ابن عربي أو التوحيدي هي «قصيدة نثر» بالتصنيف المفهوم الراهن بالضبط، ولكننا نقصد أنها بذور جنينة في ثفافتنا البعيدة لهذا النوع المعاصر الذي نسميه «قصيدة النثر».
ولن نبالغ إذا قلنا إن قطعة من قطع النفري أو ابن عربي أو التوحيدي تحمل من «الشعر» أضعاف ما تحمله عشرات القصائد العمودية وعشرات القصائد التفعيلية لشعراء معاصرين أو محدثين.
المدهش أن حضور قصيدة النثر العربية المعاصرة في ثقافتنا العربية المعاصرة هو أقدم من حضور قصيدة التفعيلة (أو قصيدة الشعر الحر) بما يقارب أربعة عقود. فقد بدأت بوادر قصيدة النثر المعاصرة في أول القرن العشرين في العقد الأول والثاني والثالث – فيما بدأت بوادر قصيدة التفعيلة (أو قصيدة الشعر الحر) في أواخر الأربعينات.
لكن قصيدة النثر الحديثة – في ثقافتنا العربية – على رغم ذلك السبق الزمني الذي تحوزه، ظلت بعيدة مهمشة، إذ تعاون في إبعادها العموديون والتقليديون والسلفيون الفكريون وقامات الشعر الحر من نقاد وشعراء على السواء، كلٌّ لهدفٍ عنده. هل قصيدة النثر «شعر ناقص»؟
إذا كان كل شعر يفتقد عنصراً أساسياً من عناصره شعراً ناقصاً، فالشعر العمودي شعر ناقص إذا افتقد الشعور الصادق حتى وإن احتوى على الوزن والقافية. وهناك قصائد عمودية هي بهذا المعنى «شعر ناقص». وشعر التفعيلة «شعر ناقص» إذا افتقد اللغة الجميلة والمجاز الجديد الطازج حتى وإن احتوى على الوزن والقافية المتراوحة. وهناك قصائد من الشعر الحر هي – بهذا المعنى - «شعر ناقص» (ونستطيع أن نضرب مئات الأمثلة على «الشعر الناقص» العمودي وعلى «الشعر الناقص» التفعيلي). وما «الكمال» في الشعر؟ وهل «الكمال» في الشعر هو امتلاك الأدوات الأولية؟ هل مجرد امتلاك الأدوات الأولية، وحدها، يصنع شعراً كاملاً أم حقيقياً؟ وهل هناك كمال في الفن؟ الكمال لله وحده.
أليس جوهر كل فن أنه «نقصان» يسعى إلى «اكتمال» لا يكتمل؟
إن حضور الوزن في القصيدة لا يمنحها شعريتها (كما يعتقد بعض التقليديين) ولا يسلبها شعريتها (كما يرى بعض أهل قصيدة النثر) كما أن خلو القصيدة من الوزن لا يسلب منها الشعرية ولا يمنحها إياه، كما يرى أحد الطرفين.
وجود الوزن أو عدم وجوده ليس معياراً للشعرية في ذاته، وليس مثبتاً للجمال أو نافياً له. إن الوقوع في أحد الطرفين الحديين، هو تطرف مثالي عصابي معيب، نربأ بأهل الشعر (شعراء ونقاداً ومحبين) أن يقعوا فيه. وإذا التمسنا العذر – في الوقوع بهذا التطرف المثالي – للشباب (الجديد) بسبب إيقاعات العصر وحماسة الروح الشابة الساخنة، فإن الكبار المخضرمين ليس لهم عذر في ما يعلنونه من تطرف ونفي وعنف، لا سيما إذا كنا بصدد ظواهر جمالية متحولة متحركة، وليدة العلوم الإنسانية التي تختلف فيها الرؤى وتتباين الآراء.
هل قصيدة النثر خرساء؟ وما «الصوت»؟
الصوت ليس هو فقط وليد الحنجرة أو اللسان. فاللوحة التشكيلية «متكلمة» – ذات صوت. والعمارة «متكلمة» – ذات صوت. والشجرة «متكلمة» – ذات صوت.
وليس «الصوت» «نعمة» في كل حال. بل يمكن أن يكون «نقمة» إذا جعل القصيدة قعقعة هاذية وضجيجاً صاخباً مجوفاً. حينئذ يكون «الصوت» «سالباً» للشعرية، لا محققاً لها.
وكم من قصائد العمود وقصائد التفعيلة، الحافلة بالصوت، لم يجعل منها هذا الصوت سوى «جعجعة بلا طحن، وبلا شعر». أليس «الصمت» نفسه كلاماً، «صوتاً»؟
فرّق مؤيدو قصيدة النثر - في سجالهم مع، وردودهم على، خصومها – بين «الوزن» و «الإيقاع»، موضحين أن قصيدة النثر قد تخلو من «الوزن» – بالمفهوم الخليلي التقليدي – لكنها لا تخلو من «الإيقاع»، مبينين أن «الإيقاع» – أو الموسيقى الداخلية – أكثر أهمية وضرورية للشعر، مؤكدين أن كل عمل فني (بل كل نشاط بشري) لا يخلو من «إيقاع». وعلى ذلك، فإن الأساس في الشعر هو «الإيقاع» وليس «الوزن».
ونحن، بالطبع، نتفق مع هؤلاء المؤيدين، لكننا نخطو خطوة جديدة بأن نضيف أمرين:
أ- ليس حتمياً أن يكون هذا «الإيقاع» منتظماً أو نظاماً يمكن تعيينه أو تقنينه أو الإمساك به، كما يطلب بعض كبار خصوم قصيدة النثر.
ب - بل ليس من الحتم المحتَّم أن يوجد الإيقاع من الأساس (خفياً كان أو ظاهراً، منتظماً كان أو غير منتظم)، فمن الممكن أن نقابل نصاً هو شعر من صميم الشعر، من دون أن يكون فيه إيقاع. وقد مرت بنا في مسار القصيدة العربية – من قديمها إلى حديثها – نصوص شعرية بامتياز، وهي خالية من «الإيقاع». وعلى العكس من ذلك: يمكن قصيدة أن تكون محتوية على كل بنود أو معايير الشعر (من وزن وقافية وصورة ولغة ومجاز وشعور ذاتي وتعبير عن الجماعة) وينقصها شيء واحد: هو الشعر نفسه. وما هذا الشعر نفسه؟ الشعر ليس في «تجمع» هذه العناصر أو الاعتقاد انه الإكسير الخفي الذي يعطي هذه العناصر معناها الحق ووجودها الرفيع، الإكسير الذي من دونه تكون هذه العناصر مجرد أدوات، ومن دونه لا يقوم شعر. ولكن بحضوره – وحده – من دون هذه العناصر – يقوم شعر.
ما هو هذا الإكسير؟ «لا تسألوني ما اسمه حبيبي. أخشى عليكم ضوعه الطيوب». قصيدة النثر فيها رديء كثير. نعم. فيها رديء كثير.
ولكن كل تجربة وكل تيار وكل مدرسة شعرية فيها رديء كثير، وجيد قليل.
قصيدة العمود فيها رديء كثير وجيد قليل، وقصيدة التفعيلة فيها رديء كثير وجيد قليل. وهكذا: كل شعر. والشاهد أن خصوم قصيدة النثر لا يستشهدون – في حملتهم عليها – بنماذج منها، وإذا استشهدوا فإنما يستشهدون بالنماذج الضعيفة (لا بالنماذج القوية) من قصيدة النثر.
وعندي أن هذه «فِعْلَةٌ» تفتقر إلى بعض العدل وبعض النزاهة وبعض الأمانة. وإذا اتفقنا على أن كل شعر فيه رديئه وجيده، فمعنى ذلك أن نوع القصيدة في ذاته (عمود أو تفعيلة أو نثر) لا يضمن تلقائياً جودتها. المحك، إذاً، ليس مرهوناً بـ «شعرية» النوع، وإنما مرهون بشعرية الشاعر.
قصيدة النثر لا تنفي قصيدة العمود ولا تنفي قصيدة التفعيلة، وكذلك لا ينبغي لروّاد العمود أو لرواد التفعيلة أن ينفوا قصيدة النثر وعلى وجه الخصوص: لا ينبغي لرواد قصيدة التفعيلة (شعراء ونقاداً) أن يقفوا في وجه تطور الشعر بنفي أو إقصاء أو «استنقاص» التجارب الجديدة، كما فعل رواد العمود التقليديون معهم منذ نصف قرن. ليس ثمة أحد يمسك «عصا المارشالية» في الشعر أو «فصل المقال» فيه. كما أن النفي والإقصاء عمل «الفاشيين» الواحديين، ونحن نربأ بروادنا أن يكونوا فاشيين واحديين، بينما الإيمان بالتنوع والتعدد والتجدد عمل الرحيبين الديموقراطيين المسؤولين. وروادنا رحيبون ديموقراطيون مسؤولون، أو نأمل أن يكونوا رحيبين ديموقراطيين مسؤولين. ولا يليق بنا أن نقع في ذلك التناقض الحاد.
ندعو في السياسة والاجتماع إلى التنوع والتعدد وكسر احتكار الحزب الواحد أو الطبقة الواحدة، بينما نتنكر لذلك في الإبداع والشعر. وإذا كان القدماء قالوا «الشعر صعبٌ وطويل سُلَّمُه»، فإننا – نحن المعاصرين – ينبغي أن نقول «الشعر كثير، وعديدة سلالمه». ألم نقل ذات يوم «الحداثة أخت التسامح»؟
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: عندما لا يضع محمود درويش لمساته الأخيرة... على ديوانه (Re: osama elkhawad)
|
عزيزي المشاء تحياتي ، هنا مقال مهم عن قصيدة النثر للناقدة العراقية فاطمة المحسن . وسأعود للحديث عن إشكاليات قصيدة النثر وعلاقتها بطبيعة الشعرية ، وما إذا كان السجال الذي يدور حول الأشكال الشعرية هو إشكال ثقافي أم إبداعي ، فالخلط الذي ينشأ من عدم الفرز بين الأسباب الثقافية والإبداعية يؤدي عادة إلى موضعة السجال في مكان آخر يكون من العسير تبيان إشكالاته مالم يكون هناك فرز واعي بين الثقافي والإبداعي في سجالات الأشكال الشعرية . مودتي محمد جميل ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصيدة النثر .. ومأزق الشعر والشعرية فاطمة المحسن ـ جريدة الرياض 26/3/2009
لأول مرة يتواجه فريقان من الشعراء في مدينة واحدة، ولأول مرة تتخذ الخلافات الأدبية " الجمالية"، صيغة التمثيل والنيابة، بل صيغة الحرب المعلنة. في القاهرة عقد مؤتمران، مؤتمر نظمه المجلس الأعلى للثقافة، والثاني أقامه شعراء قصيدة النثر.اعتذر الكثير من المدعوين الى المؤتمر الأول،حتى الذين يقفون مع الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي منظم هذا اللقاء،وكان اعتذارهم لاسباب شتى، ولكن الخوف من أن تكون الكلمة مسرح حرب،تشطر الشعراء فريقين، وتتمثل فيها الموجات الأدبية على هيئة أبطال للخير والشر، هذا ما لم يتوقعه وما لا يستسيغه الكثيرون. المعركة لا تبدو عربيا على المستوى ذاته من الأهمية والدلالات، كما حالها في مصر، ففي مصر اليوم كل شيء يتخذ صيغة التأويل والإحالة الى السياسة وفوضى الكلام والاتهامات بالعمالة والعمالة المضاد. كأن أحمد عبد المعطي حجازي فيما كتب عن قصيدة النثر، قد أيقظ الفتنة من سباتها، بل كأنما أيقظ سؤال القصيدة الذي يقف خلف الكواليس دون ان يجرؤ على طرحه احد. جاء كتاب حجازي عن قصيدة النثر التي اطلق عليها تسمية (القصيدة الخرساء) لتنشط الأقلام في الدفاع عنها، بل وتعريفها او إعادة تعريفها، وتحديد موقعها في الشعرية العربية. ولكن كل تلك الكتابات التي حاولت اعادة لاعتبار الى قصيدة النثر لم تكن قادرة على اخفاء مأزقها ومأزق الشعر عموما ،ولعل موقف حجازي الذي قيل بأنه قدم جائزة الشعر هذا العام الى نفسه، يشير الى ان الشعر وصل الى نهاية مشواره، ولم يعد هناك من مزيد. بقيت قصيدة النثر مقبولة في حياتنا دون أسئلة مؤرقة،وهذا أخطر ما في الشعر،واستوت كالعُرف لاينشر الخلق سواها،فهي حاضرة في المواقع الالكترونية والمنابر الصحافية،و لن تجد إلا استثناءات نادرة من الشباب الذين يكتبون التفعيلة، ولم يبق لهذه القصيدة من المشاهير، إلاّ شعراء من الأجيال التي أوشكت أن تصل نهاية شوطها. ولكن قصيدة النثر، مكثت في الكثير من نماذجها في العزلة، لا تجد جمهورا يصغي اليها، ولا مسوقا لديوانها،وتبدو وكأن عصر جماهيريتها الذهبي انتهى بموت الماغوط. في حين استطاع الشعر الحر احتلال موقع متميز في الأدب العربي خلال فترة قياسية، لم تتجاوز العقد او العقدين،وغدا هو الشعر المفضل شكلا وحساسية وذائقة. وانزوى شعر القريض مدحورا حتى بات الشعراء الذين يكتبونه يصنفون دون تردد بانتسابهم الى عالم قديم. أما شعراء التفعيلة فقد داوموا على البقاء كرواد دون منازع الى يومنا، يناكد بعضهم قصيدة النثر ويؤرقون يومها في أحيان. درويش يقول كلمة مستنكرة بحقها، ويحجم عن التثنية، وسعدي يمرر مكره ونزقه دون الإمعان في التجريح، وقلة منهم يعلن ما أعلنه حجازي،لأن ذاكرة الكثير منهم ما زالت طرية،ولم تتصلب شرايينها كي تنسى مجابهات رواد الشعر الحر،وكيف خرجت قصيدتهم منتصرة، لأنها قبل كل شيء حاجة أملتها تطورات المعرفة والقراءات والحساسيات، وهكذا تملي " الحتميات" قانونها. تتعين قصيدة النثر اليوم بكتّاب قلائل يقال عن كل واحد فيهم هذا شاعر جيد، وليس بها كجنس يجري الخوض في جمالياته وتحديد اتجاهاته وطرائق كتابته وتمايزات كتابه ؟ . ولعل هذا الحال سبب مشكلة يتبادل فيها النقاد والشعراء الإتهامات، فالشعراء محبطون من جهل النقد وافتقاده الى أدوات القراءة الحديثة وفهم ما يبتكرون، والنقّاد ينعون على هذا الشعر تشتت أجياله وتحوله الى مطية لكل من هب ودب من العاطلين عن الادب. ولا شك ان قصيدة النثر انتشرت في زمن غادر فيه الشعراء الى الأجناس الأخرى من الكتابة، وما عادت تجربة الكتابة عند الكاتب تبدأ بالشعر، كما كان التقليد في السابق. وبار ديوان الشعر في الأسواق، وانصرف القراء عنه الى الرواية، وبات ناشر الشعر مثل مغامر تحركّه حمية الدفاع عن شيء نبيل ينبغي أن لا يغرب عن حياتنا. ولن تجد في مراجعات الكتب اوالبحوث والدراسات الاّ حصة ضئيلة للشعر، وناقد القصائد الجديدة مثل الحاطب في ليل، إزاء هذا الفيض من الكتابات التي تندرج في باب قصيدة النثر. في هذه المعمعة تعرّض الكثير من شعراء قصيدة النثر الى الاهمال والتجاهل، كأنما النقد قد ختم على الشعرية عموما بالصمت. إذن هي أزمة شعر وشعرية، وليست أزمة نوع شعري، ولكن هل اسهم هذا النوع، اي قصيدة النثر، في تحطيم عرش الشعر عند العرب، وذبح بقرتهم المقدسة؟ . المؤكد ان الحياة الجديدة تنتظم في ايقاع يختلف عن السابق، ولكن الشعر لن يغادرها مهما عز مناله، فقصيدة النثر، مثل الأنواع التي سبقتها أنتجت شعراء من أفضل ما انتجته الشعرية العربية على الأقل في العقود الاخيرة،على الرغم من جهل الناس بهم، او قلة تداول مطبوعهم، وهم لاينافسون سعدي ودرويش مثلا، لانهم يقفون في فضاء آخر من الإبداع الشعري . وجود قصيدة النثر في الأساس يعني فيما يعني، خذلان جماهيرية الشعر وشعبيته، تحطيم فكرة التواصل في الشعر الكلاسيكي عموما وليس الشعر العربي وحده. أبقت قصيدة التفعيلة عرى التواصل قائمة من خلال الوزن، ولكن قصيدة النثر بتخليها عنه بقيت عارية من ذاكرة كان يمرر من خلالها الجديد دائما وفي كل تقاليد القول. ان فكرة الانقطاع في قصيدة النثر إقتضت مجالا للقول وحساسية ولغة مختلفة، ولكن نماذجها السائدة في الغالب، بقيت تحوم حول قصيدة التفعيلة، ولا تملك التصميم على الإنفصال عنها. يحدد النقاد الذين ادلوا بدلوهم في تعريف قصيدة النثر، ان شرط التواصل يأتي من غنائية القصيدة وتكثيفها وجعلها مصقولة كالبلور، وتلك المصطلحات كما أراداتها سوزان برنار،واضعة دستورها عند العرب، ينضاف اليها ما جاء به رامبو ومالارميه ( السحر الايحائي) و (الابجدية السحرية، والطلسم الغامض)، وهي تعبيرات بالكاد تمسك باصولها ومنطقها معادلات النقد . أنسي الحاج يقدم شروطه : الايجاز والتوهج والمجانية . ولا يقيم كبير وزن الى الايقاع والتصويت : رنة الاحساس، توقيع الجملة، سجع المشاعر، وسواها من المصطلحات التي رافقت ظهور قصيدة النثر. ان مشكلة قصيدة النثر هي شرعة الشيوع فيها، استباحتها، فيما هو الشعر كلام لايلزم صاحبه معرفة قوانينه، وما دامت تلك القوانين في الأصل من المبهمات. هل نعود الى تأثير غياب النقد؟ ربما، وربما ان روح العصر على اختلاف مع روح عصرنا نحن العرب، فنحن نبحث في القصيدة على ما نعرفه من قواعد وجدت في شعر غير شعرنا، دون بيان المتطلبات الجوهرية الجمالية والروحية تبعا للعصور والأفراد، حسبما فُسرت قصيدة النثر في مصدرها الفرنسي. الشعر يبقى حاجة ، ولن تطوى صفحاته، فهو حاضر في كل فن، وهو حاضر في كل هنيهة من حياتنا، ولكن كيف يمسك الشاعر ذلك الحضور وتلك الهنيهات الفالتة، تلك قضية تعود الى اختلاف مبدع عن مبدع، وهذا يشمل الشعر مثل الرواية وكل أجناس الإبداع، فلماذا نحّمل قصيدة النثر تلك الحمولة الثقيلة.
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: عندما لا يضع محمود درويش لمساته الأخيرة... على ديوانه (Re: osama elkhawad)
|
معظم ما يكتب تحت يافطة قصيدة النثر عربيا ليس قصيدة نثر بالمعني الاصطلاحي الغربي Prose poem بما ان منشأ قصيدة النثر غربي اصلا، بل هو اقرب الى ما يسمي في الغرب الFree Verse اي الشعر الحر. ما هو الفرق، فعلا، بين قصيدة النثر في النسخة العربية (او في الغالب الأعم من هذه النسخة) وبين الأصل الذي جاءت منه؟ انه فارق كبير. ولكني دعني اسأل قبل ذلك. ما هو الفارق بين قصيدة النثر العربية، وبين قصيدة التفعيلة، الفارق ليس كبيرا. الأولى لا تحمل وزناً ولا قافية، بينما الثانية تفعل ذلك! انت تعرف ان قصيدة النثر الغربية لا تكتب، ابدا، ولا هي قريبة، قطعا، من النسخة العربية. اول الفوارق شكلي. انه تقطيع القصيدة وصفها على الصفحة، اي طالب اوروبي او اميركي في الثانوية يعرف، من مجرد النظر الى الصفحة، الفارق بين قصيدة النثر والشعر الحر. فالاولى تكتب على شكل كتلة نثرية على الصفحة.. بينما قصيدة النثر العربية، في مجملها، لها تقطيع يشبه تماما. تقطيع قصيدة التفعيلة. هذا أمر لاحظته بعد سنين من الاقامة في الغرب والاحتكاك بشعراء غربيين، والقراءة في مهرجانات غربية. ولكن هذا ليس هو الفارق او السور الصيني العظيم الذين يفصل القصيدتين عن بعضهما البعض.. فالأمر يتعلق كذلك بعالم القصيدة نفسها، باللغة. كأن طموح الشعر هنا هو النثر وليس العكس، حيث ستجد عالم النثر قائماً بما يعني السرد، ولكنه ليس نثرا اخباريا وظيفيا، بل هو نثر مشعرن اذا جاز التعبير، اي النثر الذي يخترقه توتر الشعر وتثوي في اعماقه، لا على سطحه، جمرة الشعر. هذه أمور فكرت فيها كثيراً في السنين الاخيرة. كيف يمكن ان تصل الى الشعر عن طريق النثر؟ او كيف يمكن ان تزج النثر في الحقل المخصوص للشعر؟ قصيدة النثر العربية، السائدة، لا تفعل ذلك تماما. فعالمها ليس نثرياً ومادتها ليست، تماماً، نثرية.. هنا ارجع الى الشكل مرة اخرى. فالسطر الطويل والجملة الطويلة الملتفة التي لا يمكن تقطيعها على شكل قصيدة التفعيلة يمكن لهما ان يستضيفا عالم النثر، بما يعني الحياة النثرية وما هو مستبعد لاسباب جمالية، من القصيدة. وفي هذا الخصوص، قرأت مؤخراً قصائد عربية، ذات سطر طويل.. وذات كتلة، تبدو نثرية، على الصفحة.. ولكن هذه الجملة الطويلة يمكن تقطيعها من دون اي ضرر يلحق بشكلها ونفسها في شكل قصيدة التفعيلة. فالسطر الطويل في هذه القصيدة التي تدعي شكل قصيدة النثر له تجهيز اجباري. فهو، كجملة ونفس ومعنى، ينقطع في منتصف الصفحة. التواصل في السطر والكتلة مفروض من الخارج بينما هو عندي في حياة كسرد متقطع تلقائي ومتدفق بشكل طبيعي، ومن المستحيل تقطيعه او صفّه بطريقة اخرى. هذا الفارق هو الذي يجعل حياة كسرد متقطع أكثر نثرية من كل اعمالي السابقة. *من اقوال الشاعر الاردني أمجد ناصر في حوار له مع عباس بيضون. وفي انتظار مداخلة محمد جميل التي اتمنى ان تكون "شحمانة". المشاء
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: عندما لا يضع محمود درويش لمساته الأخيرة... على ديوانه (Re: osama elkhawad)
|
عزيزي المشاء .. تحياتي . آسف على التأخير . في خصوص الحديث عن الفرز بين الثقافي والإبداعي في قضية أشكال الشعر ، سنجد أنفسنا أمام سجالات شكلانية تندرج في ماهو ثقافي ، فيما يحسبها البعض ذات علاقة بالإبداع . بمعنى أن الأشكال الشعرية رغم أهميتها هي لاحقة للشعر وليست شعرا ، وبما أن الشعر حالة شعورية قائمة بالنفس فإن تشكله في اللغة لا يجعل من أحد تلك الأشكال دالة حصرية عليه . هناك الكثير من الحيثيات الموضوعية تدرج الإيقاع العروضي ـ بالضرورة ـ في مسألة الشعرية ، أي في كون ذلك الإيقاع هو جزء من الحالة التي تجعل من الشعر اختراقا للغة ، بحيث يوازي هو اختراقا للأصوات أيضا . وفق هذه الحيثية سيكون من الصعوبة بمكان نفي الإيقاع العروضي ضمن أي حجة من حجج النقد الحديث ، هناك حجج لأيدلوجيي قصيدة النثر ، لكنها موضوعيا لا يمكن أن تمتلك حجة نقدية متماسكة . والمعنى أن إطراح ونفي الوزن لمجرد أنه قديم ، لا يمكن أن يكون حجة . صحيح للوزن العروضي آفات كالحشو ، ولكن هذه الآفات هي جزء من أي شكل شعري ولاشك ، تماما كالمجانية التي هي بعض الآفات الشكلية لقصيدة النثر . طبعا هذا لايعني بأي شكل من الأشكال نفي شعرية قصيدة النثر قصيدة ، وإلا وقعنا في ضرورة التعريف الجامع المانع للشعر لكي ندخل فيه ماهو من الشعر ونخرج منه ماليس من الشعر فقط عبر التعريف ـ وهو مستحيل بالطبع ـ لأنها بالفعل شعر وشعر كامل الشعرية عند كتابتها عبر موهبة كبيرة وعبر وعي عميق بحيثياتها . كل هذه الأشكال تندرج في سياق أهم منها وهو الموهبة الشعرية . من ناحية أخرى تفترض كتابة الشعر من حيث هي إدراك بتاريخه وأدواته ومادته (اللغة) تماما كأي مهنة تقتضي من صاحبها معرفة بأصولها و مادتها كمعرفة الحديد بالنسبة للحداد مثلا . والقياس مع الفارق بالطبع ولهذا فإن أي اختبار نقدي عميق لشعرية الإيقاع الوزني والعروضي لا يمكن أن يصدر رأيا موضوعيا بإهداره بحجة القدم أو التقليدية . فطبيعة الشعر ومعالجته لاتخلو من تحدي اللغة . وهو نفس التحدي الذي تقتضيه اللغة في قصيدة النثر أيضا ، والتفعيلة كذلك ؛ طالما ليس هناك تعريفا جامعا مانعا للشعر ـ اللهم إلا من خلال العلامة الظاهرة كدلالة الروح على حياة الجسد دون أي تفسير لكنه تلك الروح ـ ولهذا فإن القبول بأشكال الشعر الثلاثة أي تجاورها دون نفي أي واحد منها ـ لعدم وجود حجة موضوعية لذلك النفي سوى الايدلوجيا ـ هي ضرورة يقتضيها أي وعي عميق بمعنى الشعر ـ كما ذهب إلى ذلك عباس بيضون ـ . ولهذا فإن إنصراف الكثير من الشعراء الشباب ـ وهم مئات الألوف إن لم نقل ملايين في العالم العربي ـ الذين يكتبون قصيدة النثر ، عن كتابة الشعر العمودي أو التفعيلة ـ ولو من حيث التجريب ثم اختيار الشكل المناسب بعد ذلك من الأشكال الثلاثة أي من باب معرفة الحداد بالحديد ـ يندرج فيما هو ثقافي أي في الحالة الثقافية البائسة والمتصلة بعدم معرفة اللغة وعدم معرفة تاريخ الشعر والملتبسة بروح الاستلاب إزاء واقع ثقافي آخر . وهي حالة ثقافية يشهد الجميع على مستوى انحطاطها في درك عميق من الجهل . ولهذا تنعكس هذه الحال أيضا فيما يكتبونه من النماذج الرديئة جدا لقصيدة النثر كما هو معروف وشائع . وهكذا نجد أن الخلط بين ماهو ثقافي له أسبابه الموضوعية ، وبين ماهو إبداعي له أسبابه الذاتية ، هو الذي يعوم صراع الأشكال الشعرية في السجال الذي يدور بين معسكرات كل واحد منها يتوهم أنه يكتب الشعر ، ويفترض شكلا معينا للشعر ، مخالفا بذلك طبيعة الشعر نفسها التي تسبق الشكل ابتداء . في صحيفة الحياة مثلا ممنوع نشر قصيدة عمودية في ملحقها الثقافي آفاق أو حتى في الصفحة الثقافية اليومية ـ التي يشرف عليها احد آيدلوجيي قصيدة النثر ؛ الشاعر عبده وازن ـ وهو منع يصدر عن محض تحكم وانحياز لشكل معين من أشكال الشعر ضد شكل آخر ، فيما الملحق الثقافي لصحيفة السفير مثلا والذي يشرف عليه أحد كبار شعراء قصيدة النثر (الشاعر عباس بيضون) تتجاور الأشكال الشعرية وتنشر في الملحق كشعر . وحين تقول : Quote: لكن قصيدة النثر لم تكتسب جمهورا كبيرا،لأسباب من بينها، أن الكثيرين من كتابها يتعذر على كثير من القراء تذوق نصوصهم والاستمتاع بها.
|
ألا ترى أن مثل هذاالتعذر يندرج في تلك المسألة الثقافية ، وإن تضمن أيضا سؤالا ملتبسا حول طبيعة الشعر الأولى باعتباره حقيقة من حقائق الحياة وبحسبانها كذلك لابد أن تكون لجميع الناس مثل الماء والهواء ؟ أتمنى أن تكون هذه مقدمة لحوار متصل من أجل مقاربة أكثر للفرز بين ماهو ثقافي وإبداعي في سجال الأشكال الشعرية. ففي ذلك الصراع ظل الغائب الأكبر هو الشعر نفسه للأسف وهو في ظني انعكاس لواقع ثقافي بائس أكثر منه صراعا بين الأشكال الشعرية . مودتي محمد جميل
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: عندما لا يضع محمود درويش لمساته الأخيرة... على ديوانه (Re: محمد جميل أحمد)
|
هذه شهادة في حال الشعر اليوم ، ضمن الواقع الثقافي الذي تعيشه الثقافة العربية ، وهي شهادة لشاعر كبير من شعراء قصيدة النثر ، وناقد كبير، أيضا ، بل ومثقف اتسم بموسوعية في المعرفة الأدبية والثقافية الحديثة ؛ إنه الشاعر والناقد والمثقف اللبناني المرموق عباس بيضون . المشرف على الملحق الثقافي لصحيفة السفير اللبنانية محمد جميل ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ديناصور أدبي * عباس بيضون ـ صحيفة السفير اللبنانية / الجمعة 3/4/2009
مهرجانات او ثلاثة في القاهرة والشارقة. ربيع للشعراء في كل مدينة وبلدة فرنسية. مع ذلك فالجميع غاضبون. الف شاعر اجتمعوا في مكان واحد لكن الشعر لم يرض. ما أكثر الشعراء وأقل الشعر يقولها، على حد سواء، كهول وشبان. يقولون أن الشعر لا يقيم في بيوت ومهرجانات وأن العالم كله مداه. لن نخالفهم بالطبع فمن يخطر له أن الشعر ميسور بهذا القدر، مبذول بهذه الوفرة. مع ذلك نشعر بأنهم اشتطوا في غضبهم. نفكر أحيانا ان هذا الغضب لا ينفع الشعر كثيرا فهو يغلو في تنزيه الشعر فيما الشعر، كما نعلم، يرتجف من البرد. يظنون أن الشعر لا يزال إلهاً فيما هو من زمن بعيد بات متسولاً. أتينا من دولة الشعر فاليوم لا تتفضل عليه دور النشر والميديا بأكثر من لقمة، ينساه القراء وينساه النقاد وتنساه الصحافة وينساه الناشرون كأنه لم يكن. أتينا اليوم من دولة الشعر ومقام الشعر وحضرة الشعر، فهو تقريباً ديناصور أدبي وقد تكون هذه اقامته الأخيرة على الأرض، ليس في هذا مبالغة فاليوم يطرد الشعر من السوق حيث تكون السوق، ولا تقوم له مناسبة الا بتفضل من مؤسسة او دولة، ولا يزال يلقى الدعم الذي تلقاه انواع مهددة. ولا يزال يذكر كرمى لتاريخ الأدب ولمكانته في الماضي القريب وهذه جميعها لا تجعل له قائمة ولا تحول دون تداعيه. هذه هي حال الشعر ففيم الغضب، ولمن نغضب. للشعر وهو في حاله هذه غير قادر على الغضب، أم لنفوس تحسب ان الشعر عزها ومقامها. ما في الشعر من بؤس ومن انتكاس لا يستوي معهما الغضب، قد يحتاج الى كل شيء إلا إلى هذا الانتخاء والاعتداد، فهو بالتأكيد لا يستطيع ان يفاصل او يساوم او يشترط او يرفض او يرد، كل ما يقيل له عثرة مقبول وكل ما يقيم له ذكرا مشكور وكل ما يجعل له عيدا او اجتماعا باسمه وعلى اسمه محمود. لو تركت الأمور لتلقائها وعلى رسلها وترك للسوق أن تقرر لما سمعنا للشعر ذكراً، أي ذكر، ولكنا نتحسر على مناسبات كهذه، ولَكُنّا لا نصدق ان تكون للشعر عودة. لا بد من وعي لما نحن فيه من ضيق. وعي يدعونا إلى قدر من التواضع والتنازل والبساطة. من كانت حاله حالنا، ومن يدري ان الشعر جميعه صار في حال من الازراء والبؤس وجميعه غدا مهجورا ثانويا. من يدري ذلك لا يدعي ملكاً ولا صولة ولا مجداً فارغاً. من يرى ذلك لا يفاضل ولا يطاول ولا يقسم الناس منازل وطبقات، ولا يهم بطرد أحد من جنة الشعر ولا يضيق بأحد ولا يجعل من الشعر كنزاً مرصوداً، أو يدعي له عرقا مخصوصاً ورحماً ثابتة، ولا يقيم من نفسه معياراً ولا حارساً، ولا يصرخ على غيره ولا يقدم قوائم سوداء ولا بيضاء. من يعرف ان هذا هو حال الشعر يعرف انه لم يعد تاجاً على رأس أحد، وأن من طلبه على ما هو فيه من الثانوية، ودنو المنزلة جدير بأن يلقى التشجيع والدعم. وأن ليس لأحد ان يطرد أحدا أو أن يضيق بأحد. وليس لأي ان يقسم الناس منازل وطبقات، او ان ينصب من نفسه معيارا أو أن يُصنِّف بين كبير وصغير فالشعراء عند انفسهم متساوون، ومن شاء ان يقرأ او يحب او يفضل فهذا شأنه وعلى حسابه. ما فيه الشعر من حال يكشف الحجاب فليس هناك اليوم سوى نصوص تتناظر وانداد فيما بينهم. اما المفاضلة فليست من شأن الشاعر، إنها شأن القارئ إن وجد وإن لم يوجد فلا بأس ان تتساوى النصوص تساوي الاشخاص والناس والحقوق. ثمة بالطبع من لا يدرون ما صار اليه الشعر. ما زالوا في جنة بائدة ومملكة ضائعة، هؤلاء يفعلون ما يشاؤون. ينصبون انفسهم وينصبون غيرهم ويقيمون من الخراب عرشا ويولون ويعزلون ويتسمون كما يحبون. اولئك لا نجادلهم في ما هم فيه. قد يكون هناك من يتابعهم ويصدقهم ويقرهم لكن هذا شأن اولئك وهؤلاء، لهم ان يجترحوا ألقاباً ومسميات وأدواراً. ليتسموا فراعنة أو امراء أو فطاحل أو محولاً. ليسوا وحدهم في هذه الأمة من يقيمون في سلطنة مفقودة، منذ الأندلس لا نزال نعيش في حلم العودة. ثم الا يدعونا ما نحن فيه إلى سؤال انطولوجي. اذا لم يقم الشعر في فنادق واحتفالات فأين نظنه يقيم. وعلى نحو آخر أين هو الشعر. والسؤال هو نفسه بصيغة ثانية: ما هو الشعر: أعرف أنها أسئلة بلا جواب لكن من لا يفتأون ينفون الشعر عن هذا وتلك لا يحترسون من ان يواجهوها. اذا قلت ان هذا ليس شعرا فلن تأمن من ان يسأل أحد عن عيار الشعر، وستنتبه عند ذلك ان ليس بين يديك سوى قصائد، سوى نماذج ولا يدعي أي منها انه الشعر أو أنه عيار الشعر او أنه مثال الشعر، ليس بين يدينا سوى قصائد أحببناها وربما نجد فيها تجليا للشعر، لكن هذا لا يعفي من انها لا تستغرق الشعر ولا تحصره. اين هو الشعر، وما هو الشعر، لم يدع أحد أن الشعر ينتهي في هذه القصيدة ولا هذا الاثر، وإن تراءى أحيانا أننا وجدنا نهاية للشعر وأن شعراً ما يمكن ان يكون كماله وختامه، للأنبياء والآلهة خاتمة، لكن الشعر لا ينتهي، واذا كان الأمر فمن حقنا أن نفكر اذا كان بدأ أصلاً. من حقنا ان نسأل اذا لم نكن دائماً في انتظاره وما نسميها اشعاراً ليست سوى وقفات الانتظار. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ http://www.assafir.com/weeklychannel.aspx?EditionId=1203&ChannelId=7120
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: عندما لا يضع محمود درويش لمساته الأخيرة... على ديوانه (Re: osama elkhawad)
|
أدناه رد الناقدة ديمة الشكر على مقال الشاعر شوقي بزيع محمود درويش لا يخطئ في الوزن: مقارنة بين المخطوط الأصلي والديوان المطبوع ديمة الشكر
يثير ديوان الشاعر محمود درويش «لا أريد لهذه القصيدة ان تنتهي» الصادر حديثاً عن دار رياض الريس، سجالاً تبعاً لاحتوائه على مشكلات عروضية. هنا مداخلة نقدية تنطلق من المقارنة بين المخطوط الأصلي (بخط الشاعر) والديوان المطبوع، وتوضح الالتباس الذي أثارته تلك المشكلات العروضية. < للعروض باب لا يفتحه إلا الشعر، إذ يعرف انطلاقاً من الشعر نفسه. فالشعر أحد الفنون التي تغني الإنسان وتسمو به، وتزيده رقياً، والفنان في الشعر هو الشاعر. وقديماً قالت العرب، إنما سمي الشاعر شاعراً لفطنته. ومنه: ليت شعري، أي: علمي. ولا شك في أن فطنة شوقي بزيع تظهر في قصائده، لكنها تظهر أيضاً في مقالاته، وهي في الحالين تضيء درب النقد، وتؤثر فيه، إذ لا ريب في أن مقاله الأخير المنشور في «الحياة» (منشور ادناه)، أثار جدلاً واسعاً نظراً إلى ما تضمنه من سردٍ لأخطاء عروضية ومطبعية وقعت في النسخة المطبوعة من ديوان محمود درويش الأخير «لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي». وقبل الكلام عن أي شيء لا بد من لفت الانتباه إلى نبرة الحيرة الواضحة في مقال بزيع، فهو يكاد لا يصدق أن «ملك الإيقاع» يقع في أخطاء مماثلة، حتى لو كان المخطوط في أصله المسودة غير النهائية، إذ يكتب حرفياً: «وهذا أمر يصعب تقبله بالنسبة إلى شاعرٍ ممسوسٍ بالايقاع من وزن درويش». ولبزيع الحق كله في الإشارة إلى الأخطاء الواردة في النسخة المطبوعة من الديوان، لا بل إن بعض الشعراء الغيارى مثله على الإيقاع وعلى إرث درويش الشعري، لن يتوانوا بدورهم أن يحذوا حذوه فيكتشفوا أخطاء أخرى، وتكون النتيجة التي تشبه الفضيحة أن محمود درويش، وهو من هو، قد أخطأ في الإيقاع! وهذا بعيد من الحقيقة بعد الأرض عن الشمس. ولعل من قيض له الاطلاع على نسخةٍ من المخطوط يستطيع من دون أن يرف له جفن، تأكيد خلو المخطوط من أي أخطاء، ومن أي نوعٍ كانت. ولئلا تلتبس الأمور فتفهم كما لو أنها من قبيل مديحٍ لا يحتاجه درويش أصلاً، لا بد من تفنيد كل خطأ ذكره شوقي بزيع. يكتب عن قصيدة «رغبت فيك، رغبت عنك» و «نقرأ «... فكري بالظل كي تتذكري قلت/ قالت كن قوياً واقعياً وانس ظلي»، حيث يتم الانتقال من دون مبرر من الكامل إلى الرمل. وهو ما لا يفعله درويش على الاطلاق». وهذا صحيح إلى أبعد حد، فدرويش لا ينتقل مطلقاً من الكامل إلى الرمل، ولذلك أسباب عديدة منها، أن الكامل بحره الأثير الذي وسمه بجرسٍ درويشيٍ لا تخطئه أذن. ومنها ايضاً أن لا علاقة عروضياً بين البحرين تسمح «تقنياً» بانتقال مشابه، إذ ينتمي البحر الكامل إلى دائرة المؤتلف، أما الرمل فينتمي إلى دائرة المشتبه. ومنها أن القصيدة المذكورة تتضمن كثيراً من التدوير، وعليه فإن تقطيعها يعتمد بدقة، البدء من أولها إلى آخرها ككتلة واحدة، لا من بدايات سطورها، فهو لا يبدأ عند كلمة «فكري»، فهذه الأخيرة موصولة عروضياً بـ «نو» من كلمة سنونو التي تسبقها (تدوير)، وهما معاً يؤلفان تفعيلة متفاعلن (مزاحفة بالإضمار) فيكون التقطيع: نو فككري (متفاعلن) بالظللكي (متفاعلن) تتذكري (متفاعلن) ني قلت قا (متفاعلن) لت كن قوي (متفاعلن) ين واقعي (متفاعلن) ين وانسـ ظلـ (متفاعلن)... لا خروج هنا من الكامل إلى الرمل، بل مراوحة بين التفعيلة السالمة متفاعلن والمزاحفة بالإضمار متفاعلن، ودرويش لا يخطئ في الوزن. ويصح الأمر عينه في قصيدة «لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي»، التي يكتب عنها شوقي قائلاً: « نقرأ «قد يكملان الحديث عن الفن/ عن شهوات بيكاسو ودالي/ وأوجاع فان غوغ والآخرين». وفي حين يستقيم الوزن في البيتين الأول والثالث، حيث يتم تسكين نون فان غوغ ومنع غينه الثانية من الصرف، يخرج البيت الثاني(عن شهوات بيكاسو ودالي) بالبحر عن سياقه ويدخله في بحر آخر هو الكامل». هذه تقطّع هي أيضاً ككتلةٍ واحدة من بدايتها وحتى نهايتها، لئلا يمكر التدوير ويخفي جرس البحر المتقارب الذي كرس درويش له ديواناً برمته (سرير الغريبة) فاختبر فيه إمكاناته الإيقاعية الوفيرة التي تظهره مختلفاً وفقاً لشكل القصيدة. وعليه يكون التقطيع كما يأتي: غريباً (فعولن) ن مثلي (فعولن) ومثلـ(فعول) ك قد يك (فعولن) ملان الـ (فعولن)حديث (فعولن) عن الفن(فعول) ن عن شـ (فعول) هوات (فعولن) بيكاسو (فعولن) ودالي (فعولن). فدرويش يراوح بين تفعيلتي المتقارب فعولن السالمة وفعول التي دخلها زحاف القبض، ولا يخرج من المتقارب إلى الكامل على الإطلاق، لأن درويش لا يخطئ في الوزن، وتبقى مفردة أجنبية واحدة مثاراً للخلاف؛ بيكاسو، إذ من الصحيح أنها تكتب بالياء فيكون وزنها خارجاً عن المتقارب، لكن العروض لا يعترف بالخط بل باللفظ. ولا شك في أن درويش كان سيبدل الياء بالكسر ويلفظها بكاسو، كدأبه في لفظه الشهير لاسم ريتا حيث كان يخفف تاءها. أما القصيدة الثالثة فهي «كلمات»، التي يكتب عنها شوقي بزيع ما يأتي: «وفي قصيدة «كلمات» المنظومة على بحر الرمل ووحدته الايقاعية (فاعلاتن)، نقرأ للشاعر: «أنت أختي قبل أختي/ يا سنونوة في الرحلة» حيث يخرج السطر الثاني عن الوزن تماماً». لعل التشكيل الصحيح لهذا المقطع يؤدي دوراً رئيساً في التقطيع، إذ يجب وضع الشدة على الواو الثانية من كلمة سنونوة، ووضع حركة الفتحة على تائها، وتوزن كما يأتي: أنت أختي (فاعلاتن) قبل أختي (فاعلاتن) يا سنونو (فاعلاتن) وة في رح (فعلاتن) لة لم أذ (فعلاتن)، هب بعيداً (فاعلاتن). يراوح درويش بين تفعيلتين لبحر الرمل فاعلاتن السالمة وفعلاتن التي دخلها زحاف الخبن، ودرويش لا يخطئ في الوزن. تبقى قصيدة «لو ولدت» التي يقول عنها شوقي بزيع: «نقرأ «وإن كانت الأم مصرية/ وجدتك من حلب...» حيث يخرج السطر الثاني عبر لفظة (وجدتك) تماماً من سياق بحر المتقارب ولا يدخل في أي اجتهاد عروضي مهما بلغت درجة تعسفه». هذه القصيدة تشكو أولاً من خطأ طباعي فالأصل فيها (وجدك) وليس (وجدتك)، وإذ أخذنا في الاعتبار، إنصافاً للحق، أن المخطوط هو مسودة الشاعر، لا النسخة النهائية، فمن المرجح أن درويش كان سيسقط الواو ويضع فاصلةً بين «أم مصريةٍ» و «جدك»، ويعيد توزيع سطور القصيدة. وفيما عدا هذا كله، فإن الأذن المرهفة لشوقي بزيع اصطادت الأخطاء المطبعية في النسخة المنشورة. ولعل أفدحها إبدال مفردة بأخرى، كما في قصيدة «إذا كان لا بد» حيث وردت كما يأتي: «وإن كان لا بد من منزل/ فليكن واسعاً لنرى الكناري فيه»، والصحيح هو: «وإن كان لا بد من منزلٍ/ فليكن واسعاً لنربي الكناري فيه»، وهي تجري على وزن المتقارب. أما الأخطاء الأخرى التي صوبها شوقي بزيع بحسه الإيقاعي العالي، ومعرفته الوافية بشعر درويش، وحرصه الشديد على الإيقاع وجمالياته فهي صحيحة مئة في المئة، وكأن العروض قد رسم في ذهن شوقي بزيع صورةً دقيقةً للمخطوط. لا بد إذاً من العروض، على رغم التطير السائد من العروض، ولا بد من شاعرٍ روحه مموسقة كروح شوقي بزيع، ولا بد أيضاً مما ليس منه بد، لا بد من إعادة طبع الديوان إنصافاً لروح أمير الإيقاع محمود درويش. (عن الحياة).
________________________________________
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: عندما لا يضع محمود درويش لمساته الأخيرة... على ديوانه (Re: osama elkhawad)
|
الشاعر لا يخطئ... لكنّ الأخطاء كثيرة شوقي بزيع الحياة - 03/04/09// بكثير من اللياقة تحاول الكاتبة والناقدة ديمة الشكر أن تناقش الأخطاء الواردة في النسخة المطبوعة من ديوان محمود درويش الأخير «لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي»، والتي أشرت الى بعضها في مقالتي المنشورة في جريدة «الحياة» بتاريخ 26/3/2009 تحت عنوان «عندما لا يضع محمود درويش لمساته الأخيرة على ديوانه». وإذ لا أملك في هذا السياق سوى أن أشكر الكاتبة على ما أسبغته عليّ من نعوت تتعلق بالأذن المرهفة والحس العالي بالإيقاع، يتوجب عليّ أن أناقش مع ديمة بعض النقاط المتعلقة بالديوان وصولاً الى تفنيد «التفنيد» الذي قدمته في ردها على ما كتبته، وذلك بالطبع تبياناً للحقيقة وحرصاً مني على ألاّ يقع القارئ تحت وهم الشعور بأن الأخطاء التي تحدثت عنها هي من بنات أفكاري العروضية وأن ما حدث للديوان بالتالي لا يستحق كل هذا الضجيج. وهنا لا بد من أن أورد الملاحظات الآتية: أ - يرد في رأس مقالة ديمة أنها تجري مقارنة بين المخطوط الأصلي والديوان المطبوع. وإذا لم يكن من صلاحيتي ولا من شأني أن أناقشها في طريقة حصولها على المخطوط، فإن ما أنا معني بالإشارة اليه هو أنني أناقش في مقالتي ما هو بحوزتي وبحوزة القراء لأنني وإياهم لم نطلع على المخطوط الأصلي بل على الديوان في صيغته المنشورة. ب - ما دامت ديمة تملك نسخة عن المخطوط، ولا بد لها من أن تكون قد قرأت الديوان المطبوع، فلماذا لم تشر في مقالتها الأولى، السابقة على مقالتي، الى الفروق الكثيرة بين الاثنين والى الأخطاء التي تعد بالعشرات في الصيغة المنشورة. ألا يستحق الأمر إشارة كهذه بالنسبة الى شاعر من وزن محمود درويش، خصوصاً أنها ملمة بعلم العروض كما يتبين من مقالتها الثانية؟ ج - ان اصرار ديمة بعد كل تفنيد لملاحظاتي العروضية على الديوان المطبوع على عبارة «ان محمود درويش لا يخطئ في الوزن» وتكرار هذه المقولة واتخاذها عنواناً للمقالة يدفع القارئ الى الظن أنني أنسب الأخطاء المذكورة الى الشاعر نفسه وهو ما لم يدر في خلدي على الإطلاق وأنا الذي أردفت وصفي لدرويش بأنه شاعر ممسوس بالإيقاع. ولا بد تبعاً لذلك من أن يكون الخطأ قائماً في مكان آخر يتوجب التحقق منه. أما في الجانب المتعلق بالعروض، فلا بد من أن أنوّه بالجهد الواضح الذي بذلته ديمة في تتبع النصوص واقتفاء متتالياتها الوزنية والإيقاعية وصولاً الى تقطيعها وفق سياقها التفعيلي. إلا أن ذلك الجهد لا يؤدي مبتغاه سوى في حالة واحدة من الحالات المشار اليها بينما تظل الحالات الأخرى في خانة الأخطاء التي لا بد من تفحص حقيقتها وتصحيحها. وسأعرض واحدة واحدة مضيفاً اليها هذه المرة خطأين جديدين لم أشأ أن أذكرهما في مقالتي الأولى، لئلا تطول المقالة أكثر مما يجب: 1 - في قصيدة «رغبت فيك، رغبت عنك» يخرج النص المطبوع عن البحر الكامل في القول «فكري بالظل كي تتذكري قلت/ قالت كن قوياً واقعياً وانس ظلي». وهو ما وافقتني عليه ديمة، لكنها حين تعمد الى تقطيع النص تعمد الى تعديله على الشكل الآتي: «فكري بالظل كي تتذكريـ (ني) قلت/ قالت كن قوياً واقعياً وانس ظلي»، مشيرة الى أنه يرد كذلك في المخطوطة. وهو ما لا يدحض مقولتي حول الأخطاء بل يؤكدها لأنني أتعامل مع ما هو منشور على الملأ. ومن يتحمل بالتالي المسؤولية عن حذف (ني) من تتذكريني؟ 2 - أشرت الى خطأ عروضي آخر يرد في قصيدة «كلمات» وفي سياق القول المنسوب الى الشاعر: «أتت أختي قبل أختي/ يا سنونوةً في الرحلة/ لم أذهب بعيداً»، وهو ما يخرج عن سياق بحر الرمل ووحدته فاعلاتن. وترد ديمة بالقول ان علينا تشديد واو (سنونوة) الثانية ووضع فتحة على التاء المربوطة لكي يستقيم الوزن. ولا أدري كيف تأتَّى للكاتبة هذا المخرج، خصوصاً وقد ذكرت أن ما أناقشه هو النص المطبوع الذي يضع فتحتين اثنتين فوق تاء (سنونوة) المربوطة مما يفضي الى خلل وزني واضح. وإذا سلّمنا مع ديمة بتشديد واو (سنونوة) الثانية كنوع من الاجتهاد الفضفاض، فإن الاكتفاء بفتحة واحدة أو حتى بضمة فوق التاء المربوطة يقع تحت باب الخطأ النحوي حيث لا يجوز لنا القول «يا رجلَ في البيت»، على سبيل المثل. 3 - أوافق ديمة على امكانية استقامة الوزن في نص «قد يكملان الحديث عن الفن/ عن شهوات بيكاسو ودالي/ وأوجاع فان غوغ والآخرين» الوارد ضمن قصيدة «لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي» شرط حذف ياء بيكاسو كما اقترحت. 4 - أما بالنسبة الى القول «وإن كانت الأم مصرية/ وجدَّتك من حلب» في قصيدة «لو ولدت»، فإن ديمة تعترف بأن ما ورد في المخطوط هو لفظة «وجدُّك» لا «وجدَّتك» مما قاد الى الخطأ العروضي. وهو يؤكد ما أوردته في مقالتي السابقة وأنا الذي لم أطلع على المخطوط. 5 - أما بالنسبة الى الخطأين الإضافيين اللذين أشرت اليهما في ما سبق، فهما على الشكل الآتي: أ - في قصيدة «كلمات» والتي تبدأ على الشكل الآتي «كلمات كلمات... تسقط الأوراق/ أوراق البتولا شاحبات/ ووحيدات على خاصرة الشارع/ ذلك الشارع المهجور منذ انتهت الحرب/ ونام القرويون الودودون على أرصفة المدن الكبرى» ثمة خلل عروضي قائم عند نهاية النص حيث يرد بعد (نـ على أر) المعادلة لتفعيلة (فاعلاتن) (صفتل مدنل كبرى) وهو خروج واضح على تفعيلة الرمل ينبغي التحقق منه في المخطوط. ب - في قصيدة «لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي» يرد ما يأتي «وقد دلَّكتها السنابل/ سمراء من سهر الليالي/ بيضاء من فرط ما ضحك الماء». ولا يملك أي عارف بالعروض سوى ملاحظة الخروج على المتقارب ووحدته (فعولن) في لفظة (الليالي) والتي على رغم عدم اطلاعي على المخطوطة أرجح أن يكون أصلها في الجملة (سمراء من سهر الليل/ بيضاء من فرط ما ضحك الماء) لكي يستقيم الوزن. 6 - ينبغي في هذا السياق أن اشير الى ثغرات كثيرة لا علاقة لها بالعروض بل تتعلق بتحريك المفردات وتسكينها وبوضع الشدة كما بوضع النقاط والفواصل في شكل خاطئ يمكن أن يعوق قدرة القارئ على متابعة النص أو قراءته قراءة صحيحة. 7 - لا أملك في الختام سوى القول ان الغاية من مقالتي حول الديوان لم تكن تهدف الى ادانة أحد أو الانحياز الى طرف معني بإصداره ضد طرف آخر بل الوقوف على ما حدث تبياناً للحقيقة وإنصافاً للشاعر. ومن حقي وحق الجميع أن يطالبوا بكشف النقاب عن المخطوط الأصلي وبتأليف لجنة من الشعراء والنقاد وأهل الاختصاص تهــتم بأمـر الديــوان وتعمل على تصحيح الأخطاء الواردة في النص المطبوع وعلى تلافي النواقص والثغرات وصولاً الى اصداره في طبعة جديدة تليق بالشاعر وقرائه
| |
 
|
|
|
|
|
|
الريس مهاجما الياس خوري بخصوص الديوان الاخير لمحمود درويش (Re: osama elkhawad)
|
رياض الريس: مَن صادر محمود درويش؟ الحياة - 03/04/09//
يثير ديوان الشاعر محمود درويش «لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي» الصادر بعد رحيله المزيد من السجال الذي انطلق من خلال رصد الأخطاء العروضية والطباعية الكثيرة التي اعترت الديوان المطبوع. وكانت «الحياة» أول من أشار اليها وتناولها تفنيداً. هنا رد من الناشر رياض الريس يوضح فيه الالتباس الذي اكتنف نشر الديوان من دون الحصول على المخطوط الأصلي، إضافة الى توضيح من الشاعر شوقي بزيع يتعلق بالمقالة التي كتبتها الناقدة السورية ديمة الشكر في «الحياة». < أشارت مجموعة من الشعراء والنقاد الى أخطاء وقعت في الديوان الأخير للشاعر الكبير الراحل محمود درويش «لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي» الصادر عن «شركة رياض الريس للكتب والنشر» في شهر آذار (مارس) 2009. وحدد هؤلاء الشعراء والنقاد (شوقي بزيع في «الحياة» ومحمد علي شمس الدين في «السفير» وديمة الشكر في «الحياة» مثالاً)، أن الأخطاء التي رصدوها في الديوان، وهي أخطاء تتعلق بالوزن والتقطيع والتنقيط والتحريك، ما كان يمكن للشاعر الراحل أن يرتكبها لو كان حياً. وهذه الأخطاء أساءت كثيراً الى سمعة الشاعر وقيمة الديوان. إن «شركة رياض الريّس للكتب والنشر» الناشر الحصري لجميع أعمال محمود درويش، بموجب عقود رسمية قانونية معه ومع ورثته بعد رحيله، والتي قامت منذ مطلع التسعينات بجمع (وتحرير وعنونة ونشر) أعماله الكاملة من دون أن يقع فيها خطأ واحد جسيم، وكان التعاون كاملاً والثقة بيننا وبين الشاعر الراحل كبيرة، يهمها أن تؤكد أن ما حصل من أخطاء في الديوان الأخير، والتي تعتبر معيبة في حق الشاعر الكبير، تعود الى الأسباب الآتية: أولاً: رفض الياس خوري، الذي أنيط به إعداد (وتحرير وتبويب) الديوان الأخير، تزويدنا بالنسخة الأصلية بخط الشاعر لقصائده، كلما جرت العادة مع الشاعر في كل ما تم نشره من أعمال سابقة، وعلى رغم إلحاحنا على مدى خمسة أشهر على هذا الأمر تحديداً واتصالنا بـ «لجنة الأصدقاء» التي كلفت الياس خوري بهذه المهمة، ولكن لا حياة لمن تنادي. ونحن لا نعرف تحديداً من هي «لجنة الأصدقاء» هذه وما سبب تكليفها لإلياس خوري بالذات الذي لم يجر بيننا وبينه أي اتصال مباشر طوال فترة إعداد الديوان، كما تتطلب العلاقة بين مؤلف - وناشر. ثانياً: اعتمدنا في نشر الديوان على النسخة الإلكترونية التي زودنا بها المحامي جواد بولس، بصفته القانونية وكيلاً عن ورثة الشاعر محمود درويش، بعد أن سلّمنا نسخة مطبوعة عند توقيع العقد وكتب عليها بخط يده وتوقيعه عبارة «هام جداً. يعتمد النص المرسل بالإيميل لأنه معدّل بعد دراسة ونقاش». واعتبرناها النسخة الأصلية، كما دوّن المحامي بولس على النسخة المطبوعة عبارة: «هذه مسودة. خاصة جداً جداً. ليست للعرض أو النشر». ونسي كما يبدو المحامي كلياً إلحاحنا المستمر بإرسال النص الأصلي للمخطوط بخط الشاعر. ثالثاً: ليس في الديوان الأخير المنشور، أي خطأ لغوي أو طباعي أو ما شابه ذلك. وقد التزمنا تنفيذ ما ورد في النسخة المعتمدة التي أعدها الياس خوري، والذي يروي حكايتها «البوليسية» في الكتيب الذي وزّع مع الديوان تحت عنوان «محمود درويش وحكاية الديوان الأخير» بطلب من محامي ورثة الشاعر الراحل. ويؤكد صاحب الكتيب بقلمه مسؤوليته عن تحرير الديوان (الكتيب)، الصفحة 30) بعد أن حكى بالتفصيل الممل طريقة العثور على القصائد وكيفية تعديلها وتنقيحها وتبويبها. وانحصر تدخلنا كناشرين في أمر واحد هو اصرارنا على رفض «حكاية الياس خوري» وعدم دمجها مع الديوان ووضعها في مقدمته كما طلب الينا مراراً وتكراراً لأن الشاعر الراحل الكبير، الذي لم يسبق أن قدم أحد أو آخر لأي من دواوينه، لا يحتاج الى من يتسلق على تركته الأدبية. وقد طبعت «الحكاية» في كتيب منفصل عن الديوان كتسوية بعد موافقة المحامي جواد بولس ومعدّ الكتيب الياس خوري، حرصاً منا على صدور الديوان بعيد ميلاد الشاعر في 13 آذار (مارس) بناء على إلحاح محاميه وشقيقه المقيمين في فلسطين المحتلة. رابعاً: إن اعتراف الياس خوري بالمسؤولية، من قبيل التفاخر كما جاء في الكتيب، لا يبرز الخطأ. كذلك فإن توضحينا لا يهدف الى التبرؤ من أخطاء قد تكون وقعت في الديوان، ولا تهرباً من مواجهة أي نقد تعرض له الكتاب أو قد يتعرض له. كل ما يهمنا هو وضع الأمور في نصابها توضيحاً للصورة، علماً بأننا لا نملك المخطوط الأصلي. خامساً: قد يتساءل القارئ لماذا لم يتعرض أي ديوان من دواوين محمود درويش السابقة والتي نشرت حتى الآن، الى هذا الكم من الأخطاء. الجواب أن الشاعر الراحل كان يرسل لنا مخطوطاته بخط يده (المجموعة الكاملة موجودة لدينا)، وكنا نتبادل الآراء بشأن العديد من الأمور اللغوية التي كانت ترد في النص الأصلي، وكان الشاعر الكبير يتقبل ذلك بكل تواضع ورحابة صدر. بعكس ما حصل بعد رحيله من قبل من تولى مسؤولية التحرير والتبويب والإعداد. سادساً: توقفنا مطولاً عند ما كتبته السيدة ديمة الشكر في «الحياة» بتاريخ 1 نيسان (ابريل) 2009، والتي تقول فيه إنها تملك المخطوط الأصلي بخط الشاعر، والتي قامت بمقارنته بالديوان المطبوع، وتساءلنا من أعطى السيدة ديمة الشكر (التي لا نعرفها) النسخة الأصلية من الديوان ومن أين أتت بها، وبأي حق، وبأي صفة؟ هذه النسخة الأصلية التي لم تعط لنا أو تصلنا والتي لو كانت وصلتنا لما وقعت هذه الأخطاء في الديوان. لا بد من التساؤل هنا: مَن صادر محمود درويش بعد رحيله، وماذا استفاد من لعبة التسلق هذه؟ سابعاً: ستقوم «شركة رياض الريس للكتب والنشر» بإعادة طباعة ديوان محمود درويش الأخير في طبعة جديدة بعد اعادة النظر في نصوصه بناء على خبرتها في كتابات الشاعر وملاحظات الشعراء والنقاد، من دون الكتيب الذي أعده الياس خوري، والذي سقط حكماً بسبب هذه الأخطاء، ولم يعد له مبرر أصلاً. وتدرس الشركة امكانية المساءلة القانونية تجاه الخسائر المعنوية والمادية التي تعرضت لها سمعتها المهنية الى جانب الإساءة الى تراث الشاعر. ثامناً: إن المسؤولية الحقيقية عن هذا الأمر، تتحملها «لجنة الأصدقاء» الذين كلفوا الياس خوري بمهمة ليس أهلاً لها. والحديث عن ذلك يحتاج الى مجال آخر يقع خارج نطاق هذا التوضيح.
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: الريس مهاجما الياس خوري بخصوص الديوان الاخير لمحمود درويش (Re: osama elkhawad)
|
محمود درويش... معركة «الدّيوان الأخير» الرّيّس يتّهم الياس خوري ويستعدّ لإصدار طبعة جديدة
رياض الريّس غاضب هذه الأيام. بعدما فتح النار على جائزة «بوكر» العربيّة ومديرتها الإداريّة، ها هو يتّهم الياس خوري بمحاولة «التسلّق على تركة محمود درويش الأدبيّة»، بل إنّه يحمّل الرّوائي، الذي كُلّف بجمع قصائد الشاعر الفلسطيني الراحل وإعدادها للنشر، مسؤوليّة كلّ الأخطاء التي شوّهت «الديوان الأخير»
زينب مرعي لا شكّ في أن رحلة البحث عن نصوص غير منشورة تركها صاحبها ومضى، مغامرة مشوّقة... وخصوصاً حين يتعلّق الأمر بشاعر اسمه محمود درويش. قبل رحيله، أسرّ المذكور إلى عدد من الأصدقاء بأنه يملك ديواناً جديداً جاهزاً في غرفة مكتبه في منزل عمان. ما قصّة هذا الديوان؟ ولماذا أثار كلّ هذه الضجة؟ بعد رحيل الشاعر، دخلت مجموعة من الأصدقاء إلى منزله في عمّان: شقيق الشاعر أحمد درويش، المحامي جواد بولص، علي حليلة، مرسيل خليفة وأكرم هنية. هؤلاء كانوا وراء الاهتداء إلى مخطوطات القصائد، وجمعها في كتاب صدر أخيراً عن «دار الريّس» بعنوان «لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي ـــــ الديوان الأخير». القصّة باتت معروفة بعدما رواها الياس خوري. ولعل نصّ الأديب اللبناني والناشط الثقافي والسياسي على جبهات كثيرة، كان الشرارة التي فجّرت ما بات يعرف بالقضيّة! طريقة العثور على القصائد لم تكن مثار جدل، بل كيفيّة التعامل مع تركة شاعر بحجم محمود درويش. لماذا تولّى إلياس خوري وحده جمعها وإعدادها للنشر، بدلاً من اللجوء إلى لجنة من الاختصاصيّين؟ السؤال ازداد إلحاحاً بعدما اكتشف شعراء ونقّاد بعض الأخطاء في الديوان الأخير. وهنا غضب الريّس، وقرر إعلان الحرب (الإعلاميّة، وربما القضائيّة لاحقاً) على إلياس خوري الذي كان أعدّ نفسه لموقع البطولة، فإذا به في قفص الاتهام.
رياض الريّسقد تكون «مقدّمة» الديوان التي أصرّ الأخير على كتابتها، أوّل أسباب الخلاف بين الطرفين. رفض رياض الريّس أن يُفتتح الديوان بمقدّمة الياس خوري، لأنّ الشاعر، كما يذكّر ناشره الحصري في بيان أصدره عن الموضوع: «لم يسبق أن قدّم أحد أو أخّر لأيّ من دواوينه... لذا طبعت «الحكاية» في كتيّب منفصل عن الديوان كتسوية بعد موافقة المحامي جواد بولص ومعدّ الكتيّب الياس خوري». الياس خوري يوضح أنّه مذ أُثيرت كلّ هذه الضجة حول الديوان وهو يفضّل الصمت، لكنه مع ذلك يوضح لـ«الأخبار» أنّ ما كتبه لا يعدّ مقدمة: «كتبت نصّاً يخبر حكاية العثور على المجموعة، وتفاصيل العمل عليها، على أن يُنشر في نهاية المجموعة لا كمقدمة لها، انطلاقاً من قناعة اللّجنة التي كلّفتني بإعداد المخطوط للنشر، بأنّ هذه المعلومات حقّ للقارئ. وجرى بعد ذلك الاتفاق على نشره ككرّاس مرفق». ويرى خوري أنّه ليس لديه ما يقدّمه ضدّ الاتهامات التي توجّه إليه، إلا ما كتبه في الكرّاس المرفق للديوان ونُشر أيضاً في «الملحق» الثقافي لجريدة «النهار» وفي مجلة «الكرمل». بالنسبة إلى الناشر، فإنّ إصرار خوري على إلحاق هذه المقدمة بالديوان كان محاولة «للتسلّق على تركة درويش الأدبيّة»: «لا شكّ في أنّ تركة درويش الأدبيّة كبيرة، وأيّ محاولة لربط اسم شخص ما باسم درويش أو أي ديوان له، هو أمر مغرٍ، بما إنّه لطالما كان اسم الشاعر قوياً، إن لم يكن الأقوى، على الساحة الأدبيّة. ما يفتح الأبواب أمام الظنّ المشروع، إن كان هناك من يحاول تسليط الأضواء على نفسه من خلال هذا الديوان الأخير». أما الياس خوري، فيرفض إيلاء أهميّة لهذا الاتهام الموجّه إليه: «حكاية حب الظهور وقاموس الشتائم التي انهالت عليّ، نافلة ولا تستحق جواباً». هل يكفي هذا الترفّع للردّ على تساؤلات القرّاء؟ كثير من الأدباء فضّلوا الوقوف على الحياد في هذا الخلاف، لكن بعضهم كالشاعرين شوقي بزيع ومحمد علي شمس الدين أشارا إلى وجود أخطاء عروضيّة كثيرة، وأخرى مطبعيّة في الديوان، الأمر الذي لا يليق باسم الشاعر محمود درويش. وطالب بزيع وسواه بأن تُصحّح هذه الأخطاء وتُعاد طباعة الديوان. لا يُنكر الريّس وجود الأخطاء، لكنّه يلقي باللائمة والمسؤوليّة على الياس خوري الذي أنيط به إعداد الديوان الأخير وتحريره وتبويبه. فقد رفض، حسب الريّس، تزويد الدار بالنسخة الأصلية المكتوبة بخطّ الشاعر، كما جرت العادة مع الشاعر في كل ما تم نشره من أعمال سابقة. يشير الريّس في بيانه، الذي لم تنشره الصحافة اللبنانيّة حتى تاريخ كتابة هذه السطور، إلى أنّه ألحّ على خوري طالباً تسلّم المخطوط على مدى خمسة أشهر. ويواصل: «اتصلنا بـ«لجنة الأصدقاء» التي كلّفت الياس خوري بهذه المهمة، ولكن لا حياة لمن تنادي». لذلك اعتمدت الدار في نشر الديوان، كما يقول الريّس، على النسخة الإلكترونية التي زوّده بها المحامي جواد بولص ـــــ بصفته القانونية وكيلاً عن ورثة الشاعر ـــــ بعدما سلّم الريّس نسخة مطبوعة عند توقيع العقد. ويؤكّد الريّس أنّه سيعيد إصدار ديوان محمود درويش الأخير في طبعة جديدة، احتراماً لذكرى الشاعر وللحفاظ على اسمه، بعد إعادة النظر في النصوص بناءً على مقارنتها بكتابات الشاعر، والأخذ بملاحظات الشعراء والنقاد، وذلك «من دون الكتيّب الذي أعدّه الياس خوري، والذي سقط حكماً بسبب هذه الأخطاء، ولم يعد له مبرر أصلاً». من جهته، يفضّل خوري عدم التعليق على موضوع تسليم أو عدم تسليم النسخة الأصلية لدار النشر. وهو كان قد كتب في «مقدّمته» أنّه والمحامي بولص حرصا على إعداد نسختين عن الأوراق الأصليّة، واحدة لكلّ منهما، ثم أعادا الأوراق الأصليّة إلى مكانها في درج درويش. ويضيف خوري: «على كلّ، أنا لست المرجع الصالح للحديث عن تفاصيل الاتفاق مع «دار الريّس». هناك مرجع واحد هو المحامي الأستاذ جواد بولص الذي وقّع العقد باسم عائلة درويش مع الناشر، وأعطاه نصّ المجموعة، علماً بأنني لست طرفاً في ذلك». ويرفض خوري، من جهته، رفضاً قاطعاً أن يكون هناك أي خطأ في القصائد، ويعلّق قائلاً: «لم أسمح لنفسي بالتدخّل (في النص) إلا حين وضع الشاعر الراحل إشارات واضحة، وهي حالات نادرة. كذلك فإنّه لا وجود لأي خطأ عروضي في المجموعة، على الإطلاق. ومع احترامي للجميع واقتناعي بأن بعض الملاحظات كُتب بنيّات حسنة، وأشارت إلى بعض الأخطاء المطبعيّة، فإنني لا أعتقد أن محمود درويش في حاجة إلى تلقّي دروس في العروض من أحد».
عدد السبت ٤ نيسان ٢٠٠٩
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: الريس مهاجما الياس خوري بخصوص الديوان الاخير لمحمود درويش (Re: osama elkhawad)
|
مرافئ تركة درويش
خبر عاجل المصدر: خليل قنديل التاريخ: الإثنين, أبريل 06, 2009
مَنْ كان أول من أدخل مفتاح شقة درويش في العاصمة الأردنية عمّان في أُكرة بابه بعد موته، وعبر الفراغ البيتي الذي خلفه الشاعر الراحل درويش؟ ومَنْ الذي ترك رائحة الموت التي تذكر بالغياب والموت الأبدي، وذهب باحثاً عن أوراق الشاعر الذي تعوّد ألا يترك ورقة تدل عليه إلا قصائده المكتملة في كتاب؟ وهل حين خرج درويش من شقته متوجهاً إلى أميركا لإجراء العملية التي قتلته كان يعي ببوصلته الاستشعارية كشاعر أنه ذاهب إلى حتفه، وكان عليه أن يضع ديوانه الشعري الذي لم يكتمل في مكان سهل الاستدلال عليه من قِبل الأحبة والأصدقاء؟
وهل كان درويش من الفطنة بحيث يتصور أنه من الممكن لو توفي أن تتشكل لجنة تطلق على نفسها مسمى «أصدقاء درويش» كي تتولى هذا الديوان وبقية آليات التأبين التي أقيمت في غير عاصمة عربية؟
وهل فكر درويش ولو لمرة واحدة بالاحتفاظ بمسوّدات قصائده كي تتحول إلى إرث يستفيد منه الورثة حينما يتقدم العالم العربي ويصل إلى مستوى الإعلان عن مزادات لبيع مسوّدات الشعراء والكتاب أسوة بما يحدث في العواصم العالمية، خصوصا الغربية، كي تباع قصائده بحبرها وبتشكل حروفها اليدوية؟
أسئلة كثيرة تثيرها هذه الزوبعة الدرويشية التي اثارتها جهات كثيرة في الوطن العربي بعد صدور ديوان الشاعر محمود درويش الذي حمل عنوان «لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي» بعد أن تم تجميعه من قِبل أصدقاء الشاعر الراحل وصدر حديثاً عن «دار رياض الريس».
حيثيات الزوبعة الدرويشية تقول إن مجموعة من الكُتّاب والشعراء العرب مثل شوقي بزيع ومحمد علي شمس الدين وديمة شكر تشير إلى أن الأخطاء التي رصدوها في الديوان هي أخطاء تتعلق بالوزن والتقطيع والتنقيط والتحريك ما كان يمكن للشاعر درويش أن يقع فيها لو كان حياً.
وفي الحيثيات المتتالية للزوبعة نقرأ في ما يشبه البيان التوضيحي للناشر رياض الريس كشفه عن ملابسات كثيرة حول الخطوات المتعثرة التي صدر فيها الديوان، مشيراً إلى أن الروائي اللبناني إلياس خوري الذي أُنيط به إعداد وتحرير ديوان درويش الأخير رفض تسليم النسخة الأصلية المكتوبة بخط الشاعر، موضحاً أنه اعتمد كناشر على النسخة الإلكترونية التي زوّده بها وكيل ورثة الشاعر درويش جواد بولس. ويكشف الريس في بيانه عن كتيب للروائي إلياس خوري، وصفه بـ«القصة البوليسية»، وزع مع الديوان تحت عنوان «محمود درويش وحكاية الديوان الأخير». كما يعرب عن استغرابه من إعلان السيدة ديمة شكر في صحيفة الحياة أنها تملك المخطوط الأصلي للديوان بخط الشاعر. إنها إذن تركة درويش التي ما أن بدأ الإعلان عن موته حتى بدأت تتبرعم في رؤوس الكثيرين حتى بدأت تكبر وتتعمشق كي تتحول من حالة المريد الذي كان يحيط بالشاعر حد الوله، إلى حالة الإحلال في مكانة الشاعر.
إن تركة محمود درويش في ديوان شعري لم يكتمل تشير إلى طبيعة عربية دهرية ومزمنة تعمل دائماً وحينما تغيب قامة الرمز وتستقر في لحدها، على محاولة قتل الرمز.
وما أكثر قتلة درويش!
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: عندما لا يضع محمود درويش لمساته الأخيرة... على ديوانه (Re: محمد جميل أحمد)
|
عزيزي محمد جميل سلامات اوافقك في كثير من ارائك والتي تدور حول ثنائية الثقافي والابدعي ،وتنعكس خيبتك في انحسار الشعر نفسه. لماذا تتقدم الرواية بكل اشكالها و يتدهور الشعر؟نعم يتدهور لان العلاقة بينه وبين متذوقيه تبدو شبه غائبة. هل الشعر محتاج لان يستعين بفنون واشكال اخرى مثل المتيميديا؟ربما. اختلف معك حول القصيدة العمودية،فهي بطريقة كتابتها لا تستوعب تكنيكات يلجأ اليها الشعر مثل الحوار والتداعي والمزج بين الازمان.ولهذا كانت القصيدة المدورة التي تشبه قصيدة النثر في شكلها،لكنها موزونة من التفعيلات التي تستخدمها. ليس للقصيدة العمودية ان تلبي مطالب الشاعر في استخدام تكنيكات مختلفة من خطابات ابداعية أخرى مثل الفنون التشكليلية كما في الكولاج والحوار والتداعي كما في السرد الذي تاثر بنظرية فرويد حول التداعي واطلاق عنان اللاشعور. ربما يفتح هذا الباب للحديث عن قصيدة النثر في السودان حاليا وما يكتبه الشعراء. دعنا نذهب الى الارشيف الضاري الذي نشر في سودانفوراول ،ويتضمن نماذج لما يكتبه الشعراء الجدد اليوم الذين لم أقرا لهم كثيرا من النصوص. مع تقديري الفائق المشاء
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: عندما لا يضع محمود درويش لمساته الأخيرة... على ديوانه (Re: اسامة الكاشف)
|
يا سمي اسامة الكاشف القصة ما في الرمادي فلدرويش نص شعري عن الاخضر،وفي الجدارية نجد البياض راجع لاهوت الوردة في صيغته الاصلية فقد تكلمت عن ذلد وعن دلالات الالوان عند محمد عبد الحي والشاعر المغربي بنيس كنت عايز اعرف اري محمد جميل في ان نتناول ولو باختصار الارشيف الضاري للشعراء والشاعرة الجدد في السودان. ساقول كلامي ولكن احتاج الى زمن مع محبتي المشاء
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: عندما لا يضع محمود درويش لمساته الأخيرة... على ديوانه (Re: osama elkhawad)
|
هعود الى الارشيف الضاري ونقرا فيه ما يلي: لا أدري إن كان هذا الشكل من الكتابة يقبل التعريف، ولكنني وجدت أن أنبِّه أن كاتبها لا يصنفها مع الشعر وكفى. ييبدو ان هناك اعترافا واضحا في ما يميز بين الكتابة النثرية بشكل عام والقصيدة النثرية معظم النصوص المنشورة هي من قصسيدة النثر لكنها ضعيفة في دالها ومدلولها. ولا يبدو ان هنلك اممتداد لما تاسس في قصيدة النثر السودانية. وساعود بتفصيل اكثر المشاء
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: عندما لا يضع محمود درويش لمساته الأخيرة... على ديوانه (Re: معتصم الطاهر)
|
المهندس معتصم الطاهر ما نقلته هو عن بوست مهم في سودانفور اول، وللاسف لم يلق الاهتمام الكافي لانه ليس بقلم السادن حسن موسى. وهو اي البوست عبارة عن نماذج من كتابات الشعراء الجدد والشاعرات. انا اتامل فيه من على البعد،لا اعرف السياق الذين يكتبون فيه في مجتمع على حافة الانهيار. فليعذرني اصحاب تلك الكتابات لذلك النقصان في الرؤية. وساعود ببعض من الاستصبارات مع مودتي المشاء
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: عندما لا يضع محمود درويش لمساته الأخيرة... على ديوانه (Re: osama elkhawad)
|
الصديق الكاتب الشقليني عذار لم اقرا مداخلتك الا اليوم فاعذر لي عدم الرد اليك وفي حينه تماما كما ينبغي لكاتب مثلك. نتمنى عودتك بشيئ عن درويش او عن شعر الكتاب والكاتبات الشباب المنشور في الارشيف الضاري في سودافوراول. وهذه دعوة ثانية للصديق محمد جميل لنلقي نظرة ولو انطباعية عن ذلك الشعر وعن اولئك الفتية والفتيات. المشاء
| |
 
|
|
|
|
|
|
|