أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-22-2024, 04:34 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-28-2003, 03:46 PM

Moawia Yassin
<aMoawia Yassin
تاريخ التسجيل: 09-10-2002
مجموع المشاركات: 31

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني

    سلام الرؤوس الثلاثة هل يمسح مرارات الماضي ويرمي * سودان الرؤوس الثلاثة والمزاوجة بين المشروع الحضاري ورؤية السودان الجديد!

    يبدو أن السلام الذي بات على الأعتاب يَعِد بنقل السودان من مرحلة الثنائيات (هلال-مريخ، أمة-اتحادي، صحافة-أيام وهلم جراً) الى شراكة الرؤوس الثلاثة التي ستهيمن على "السودان-الحضاري-الجديد": الرئيس الفريق عمر حسن البشير، ونائبه الأول العقيد الدكتور جون قرنق دي مابيور، ونائبه الأول-الثاني علي عثمان محمد طه.
    قدرالسودان دوماً أن يتنازع أمره طرفان. وقد تضيف أطراف ثالثة نفسها الى اللعبة، لكنها مهما كانت جديرة بالإعجاب وقادرة على تحقيق المنجزات، لا تستطيع مطلقاًً أن تنتقص من هالة القمتين اللتين تتنافسان كأن الساحة تخلو من ثالث لهما. فثمة فرق رياضية عدة جديرة ومؤهلة وتضم لاعبين مقتدرين، لكن الكرة عند السودانيين هي في نهاية المطاف تلك التي يلعبها "الهلال" و"المريخ". ومع أن الساحة السياسية تعج بأحزاب كثيرة ومتنوعة، كحزب البعث (جناح سوريا)، وحزب البعث (جناح العراق)، وحزب "البهجة"، وحزب الأمة جناح الإصلاح والتجديد، والحزب الوطني الإتحادي جناح الأمين العام، والحزب الناصري، لكن الساحة لا تعبأ إلا بمناورات الحزبين الكبيرين، وبما يقوله "سيداهما".
    كان ذلك هو مشهد الحياة العامة في السودان حتى منتصف العام 1989، حين وقع الإنقلاب العسكري الذي تزعمه الفريق عمر حسن البشير. وأضحى ذلك الموعد مهماً في التاريخ السياسي الحديث للبلاد. فقد ظهر في الأفق من يبشر السودانيين بإنتهاء إزدواجية الحزبين الكبيرين، ونفوذ زعيميهما الصادق المهدي ومحمد عثمان الميرغني، لتظهر إزدواجية جديدة من رحم العدم: الدكتور حسن عبد الله الترابي والفريق الركن عمر حسن أحمد البشير. وهي الثنائية التي قيض لها أن تبقى نحو عشر سنوات قبل أن تواجه مخاطر التفكك والإنهيار، بسبب التناحر والصراع على السلطة، والعجز عن إنقاذ السودان. وتحولت المعركة بين الثنائي الجديد في ساحة السياسة السودانية حرباً هوجاء، على الأصدقاء قبل الأعداء، وعلى أهل البيت قبل الجيران. حتى صارت عداء شخصياً، وصراعاً من أجل البقاء، وحرباً تستخدم فيها أقصى مهارات الدهاء والمكر والخديعة، ولا تلويح فيها إلا بالقوة الماضية البتارة.
    وانتهى الأمر بالاقصاء. نُقل الترابي الى منزل حكومي ذي أثاث فخم، وبقي فخامة الفريق في القصر. ولكن هل انتهت بذلك الازدواجية التي شكا الفريق من آلامها وأهوالها أمام الملأ عبر شاشات التلفزة؟ لا. لأن ازدواجية أذكى وطدت أقدامها في القصر نفسه: الرئيس ونائبه الأول الذي يدير البلاد من وراء ستار!
    لا يجدر بالمرء أن يبدي تشاؤما فيما تلوح بوادر السلام، غير أن الأمور تشي، بشكل لا لبس فيه، أن دولة اتفاق السلام المقبل ستحدث توسيعاً في نطاق تلك الازدواجية، لتصبح ثلاثية الرؤوس: البشير وعلي عثمان والعقيد الدكتور جون قرنق. ومهما حاولنا التشبث بالتفاؤل والنأي عن التشاؤم لنعطي الدولة الجديدة، الآتية بسرعة النيازك والشهب، فرصة، إلا أن الحدس ينبئنا بأنها لن تختلف شيئاً عن ازدواجية الترابي-البشيرثم البشير-علي عثمان. والله وحده يعلم ماذا سيكون نصيب قرنق الحقيقي من السلطة، بعد أن يدخل مكتبه الجديد في القصر الجمهوري، وبعد انقضاء "شهر العسل" الذي سيقوم خلاله بزيارات لأصقاع البلاد ليشرب القهوة في المتمة وأماكن أخرى.
    الدولة الآتية ستكون في نهاية المطاف حاصل قسمة بين الجيش الشعبي لتحرير السودان وحكومة الجبهة الاسلامية القومية التي تعتبر مشاركة الوسطاء الأمريكيين والايطاليين والدنماركيين والنرويجيين في مفاوضات السلام والتعهدات التي سيقدمونها لإسناد السلام اعترافاً بشرعية حكمها للسودان. وهو بالطبع منطق معوج. لأن مبادئ العدالة الطبيعية والعرف السليم والفطرة تؤكد المبدأ الشرعي القائل بأن ما بني على باطل يبقى باطلاًً مهما تمت محاولات تجميله وتمويهه وتدبيجه بلباس الحق.
    إن من حق الشعب السوداني أن تعاد اليه ديمقراطيته التي وأدتها الجبهة الإسلامية القومية في 1989، بعدما جهد في انتزاعها بنضال مرير استمر طوال سنوات نظام الرئيس السابق جعفر نميري الست عشرة. ومهما تم فرض حكم الأمر الواقع (DE FACTO) خلال سنوات انقلاب الفريق البشير، فلا يمكن إيجاد مسوغ يضفي شرعية على الخطوات التي أقدم عليها نظامه في شأن القضايا القومية الكبرى محل الخلاف والتنازع. هل فوضه السودانيون بإجماع، ولو يسي،ر أن يمضي في الحرب الأهلية على هذا المسار الذي انتهى بتقويض قدرات الجيش القومي، وترسيخ التنافر بين أبناء الشعب من خلال اطلاق النداءات الجهادية، وإضفاء البعد الديني على الحرب التي انتهت الى التفاقم ليس في الجنوب وحده، بل شملت الشرق والغرب وجنوب غرب البلاد؟ مَن مِن السودانيين فوّضه ليختط "ثوابت وطنية" جعلها سقفاً أعلى لنظامه وأدخل البلاد بسببها في متاهة عزلة كبرى وفقر مدقع وعداء بين جماعات الأمة؟
    لقد بدت تباشير السلام. لكنها لم تأت نتيجة لإخلاص البشير ونظامه وبحثهما الجدي عن السلام. بل جاءت نتيجة الضغوط الاقليمية والدولية، ومن جراء الخوف المرعب الذي أثاره "المشروع الحضاري" الذي ابتدعته عقلية الدكتور حسن الترابي. هل سينسى السودانيون وجيرانهم أهوال المشروع التي بدأت ببيوت الأشباح، وسَوق الصغار الى الجبهات والخنادق، وانتهت باستضافة أسامة بن لادن وكارلوس ابن آوى وراشد الغنوشي واخوان ليبيا، وتهجم الرائد يونس على الملك فهد والرئيس حسني مبارك وغيرهما من زعماء المنطقة؟ هل هذا هو المشروع الذي يحلم السودانيون قاطبة بتطبيقه وتحكيمه؟
    قد يقول قائل إن السلام يوجب الصفح والسماح والغفران. ولكن هل الصفح عما حدث في السودان منذ 30 يونيو 1989 حتى اليوم ممكن؟ وحتى إذا تنادى السودانيون للدعوة الى الصفح والصلح، من منهم يستطيع أن يقنع أصحاب الوجعة، من قتل أبناؤهم، ومن أهينت كرامتهم، ومن قطعت أرزاقهم، ومن مرغ شرف عائلاتهم في وحل الاغتصاب والإساءة والتعذيب؟
    ومن سيقنع السودانيين الذين تتعدد انتماءاتهم وتتباين قناعاتهم الفكرية وولاءاتهم العشائرية والطائفية بأن "الناس ديل" تغيروا حقاً؟ ومن سيقنع السودانيين بالتوافق على دولة جديدة يظل مسؤول الأمن الأول فيها علي عثمان، وواجهتها الرئاسية الفريق البشير الذي اعترف على رؤوس الأشهاد، بعدما أعلن قرارات الرابع من رمضان، بأنه عضو في تنظيم الجبهة الإسلامية القومية؟
    إن ازدواجية الرأسين لا تزال أمراً مخيفاً بالنسبة الى السودانيين. لسبب بسيط: أن بنود الرأسين وتنظيمهما ليست بنود السوداني العادي أو السودانية العادية. والحقيقة أن الجبهة الاسلامية لم تختف من على ظهر الوجود بعدما أعلن الترابي حلها بعيد انقلاب 1989. كالعهد بها أخذت مظهراً جديداً يناسب المرحلة. وذلك دأبها منذ أن استولى الترابي على قيادة تنظيم الاخوان المسلمين، مستبعداً زعاماته المؤسسة، فهي طوراً "جبهة الميثاق الاسلامي"، وتارة "اتجاه اسلامي"، وحيناً "مؤتمر وطني"، وطوراً آخر "مؤتمر شعبي". وليس ثمة دليل على أن رأسي الدولة الحاليين قطعا ما لهما من صلة بحزبهما الذي ترعرعا في كنفه، ليرتديا عباءة القومية ويقضيا الى الأبد على ارتياب السودانيين في بنودهما.
    حتى بعدما حصل الانشقاق في قيادة الجبهة، واختار "التلاميذ" السلطة التنفيذية ومكاسبها وامتيازاتها، تاركين "شيخهم" معلقاً في هواء أوهام قدرته على تحريك الشارع واستجابة الجماهير لإشارة بنانه ضد البشير ومجموعته، عادت القيادة التنفيذية الى الشكل المزدوج لترسيخ غسل الدماغ، وتثبيت الكذبة الكبرى في شأن الهوية الحقيقية للحكم والنظام. ولم يتبدل شيء بعد قرارات رمضان، إذ إن الازدواجية أضحت بين البشير ونائبه الأول، وتحول الدثار الحزبي من صيغة الجبهة الاسلامية القومية الى مظلة المؤتمر الوطني.
    على العقيد قرنق أن يواجه هول ما هو مقبل عليه. فإذا كان "هولاء الناس" قد نجحوا في خداع السفير المصري سعد الفطاطري في 1989 (كما تجري الطرفة الشائعة المنسوبة الى مطرب سئل كيف وقع في فخ التغني لنظام الانقاذ، فرد بأن جماعة الانقاذ استطاعوا أن يخدعوا السفير المصري، فهل سيعجزون عن خداعه وهو البسيط الذي لا يفهم شيئاً في السياسة؟!)، فهل سيصعب عليهم أن يخدعوا قرنق في 2004؟
    لولا خشية الاتهام بالإغراق في التشاؤم، لقال المرء إن دولة السودان-الحضاري-الجديد (وهي منحوتة من المزاوجة الوشيكة بين المشروع الحضاري والسودان الجديد الذي تنادي به أدبيات الجيش الشعبي) ستبدأ أول عهدها برؤوسها الثلاثة، ثم لن تلبث أن تعود الى رأسيها الحقيقيتين.
    يبد أنه ما يزال الأوان مبكراً للقطع بمآلات الأمور. ففي الجنوب قادة ومثقفون يملكون أوزاناً عشائرية مهمة سيكون لهم رأي في هذه القسمة بين قرنق والجبهة الإسلامية. كما أن الساسة الشماليين، مهما كان شأن تمزقات أحزابهم، يستطيعون أن يعبثوا بالأمور بحيث لا تأتي بما تشتهيه سفن الشراكة "الذكية" الجديدة.
    ومن الملاحظ أن غالبية السودانيين الذين ليس لهم انتماء سياسي أو حزبي لم يهللوا للاتفاق السلمي المرتقب. الجبهة الاسلامية وحدها هللت له، وكرست قنواتها التلفازية والإذاعية لمنولوجها المستمر مع ذاتها منذ يونيو 1989. هل هو حدس السودانيين ينبئهم بأن المسألة لن تعدو أن تكون سياسة في سياسة، وأنها إحدى "البرمات" التي ينتجها مصنع الكذب الذي أنشأته الجبهة الاسلامية لتطلق الكذبات وتصدقها وحدها؟
    الله وحده علام الغيوب. نضرع اليه أن يكون سلاماً حقيقياً يهيئ الظروف الملائمة لعودة شتاتنا من أصقاع الدنيا وفجاج الأرض. من منا لا يحب السودان. ولكن أي سودان هذه المرة؟

    ليس من السهل القطع بما ستسير عليه الأمور في نظام"“الرؤوس الثلاثة" الذي سيسفر عنه اتفاق السلام الشامل المرتقب بين الحكومة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان الذي يتزعمه العقيد جون قرنق. إذ إن من أهم سمات الاتفاق، الذي تؤكد الدلائل أنه أضحى وشيكا، أنه لم يأت برغبة مخلصة من الطرفين ولا بإرادتهما، بل فرض عليهما فرضاً، من دون أن يكتب لأي منهما تحقيق الانتصار العسكري الذي ظل يحلم به منذ اندلاع الحرب الاهلية، وحتى بعد توسيع نطاقها لتشمل الشرق والغرب والجنوب الغربي، الى جانب جبهات الجنوب التاريخية.
    ويجب أن نقر، في المبتدأ، بأن "نظام الرأسين" ذهب الى المفاوضات مهيض الجناح، إثر الهزائم العسكرية التي مني بها في الغرب والشرق وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق، وغالبيتها مناطق لا تخضع لسلطانه. ومع أن الجيش الشعبي ساهم في "احتلال" عدد منها، إلا أن بعضها هزم النظام بإرادة بنيه، مثل دارفور، وبعضها ساهم بنوه مساهمة ملموسة مع قوات الجيش الشعبي في التمرد على إمرة الخرطوم، كما هي حال جبال النوبة والأنقسنا ومناطق البجا في الشرق. لكنه مع ذلك يتمسك بأنه صانع السلام.
    لعل أولى وأبرز العقبات التي سيصطدم بها تطبيق اتفاق السلام انعدام عامل الثقة بين طرفيه. ويزيد هذا العامل خطراً أن الحكومة السودانية تفتقر أصلاً، منذ وقوع الانقلاب الذي أتى بها الى السلطة في يونيو 1989، الى المصداقية لدى شعبها والمجتمع الدولي والقوى الاقليمية. فهي تستصحب (وهذا أحد الألفاظ التي رسختها الجبهة الاسلامية القومية من خلال أدبيات مؤسسها وزعيمها الروحي "السابق" الدكتور حسن الترابي) مشروعاً حضارياً أخاف للعالم أجمع، ينطوي على إقامة دولة دينية متطرفة تؤمن بتصدير الثورة، والتوسع الجغرافي من خلال إلغاء الحدود، واحتضان الفكر الأصولي المتشدد باعتباره نشراً للدين وإعلاء اراية الجهاد، وفرضاً للتعريب والأسلمة. ولم تحدث تحولات ملموسة في أفكار النظام السوداني إلا تحت ضغوط وتهديدات، خصوصاً بعد قصف مصنع الشفا للأدوية في الخرطوم البحري العام 1998 بصواريخ أمريكية، وأيضاً بعد وقوع هجمات 11 سبتمبر 2001 التي أدت إلى رضوخ النظام المناهض لأمريكا لطلب واشنطن نشر فريق من عملاء وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي في البلاد أكثر من 14 شهراً، تم له خلالها الإطلاع على وثائق النظام المصرفي، وملفات أجهزة الأمن، وزيارة المزارع ومعسكرات التدريب التي كان يخصصها لزعماء المنظمات الأصولية التي تناصب الولايات المتحدة العداء، خصوصاً تنظيم "القاعدة" الذي يتزعمه أسامة بن لادن، الذي أقام في الخرطوم خلال الفترة 1992-1996، والتحقيق مع "الأفغان العرب" الذين زرعوا في المنازل والشقق في مختلف أحياء مدن العاصمة المثلثة.
    وعلى الرغم من أن النظام خفف غلواء دعاياته الأيديولوجية بعدما اشتدت الضغوط الأمريكية التي استهدفته، وبعدما أُحكم عليه خناق العزلة الدبلوماسية، والقطيعة الاقليمية، بعد نجاة الرئيس المصري محمد حسني مبارك من محاولة اغتيال في أديس أبابا العام 1995، اتهمت القاهرة زعماء النظام السوداني بالتواطؤ فيها، إلا أن البنود التي يمكن أن ينتهجها أولئك القادة ما تزال تثير الارتياب والهواجس. وهي بدورها تثير عدداً من الأسئلة المشروعة:
     ماذا سيفعل النظام للاحتفاظ بخطابه الاعلامي "الرسالي القاصد" في شراكته الجديدة مع الجيش الشعبي؟ هل سيقبل أن يتولى منصور خالد أو ياسر عرمان - مثلاً- وزارة الاعلام ليتم الانقلاب بواقع 380 درجة على الخطاب الذي يصدر كل يوم عن إذاعة وتلفزيون أم درمان؟ وهل سيقبل الشركاء الجدد أن يستمر تقديم "في ساحات الفداء"؟ وأن يستمر انتاج برامج التلفزيون القومي في بيوتات الانتاج التابعة للتنظيم الذي يسطر على النظام؟
     ماذا سيفعل النظام بسياسته الخارجية الرافضة للمعونات والعلاقات الوطيدة مع الدول الغربية إذا تولى وزارة الخارجية باقان أموم أو ابراهام (نيال) وليام دينق؟ هل سيقبل التفكيك فعلياً؟ أم أن أمامه ثمة هامشاً للمناورة، كأن يكون الوزير من جماعة قرنق وزيراً لالتقاط الصور وحضور جلسات مجلس الوزراء، بينما الوزير الحقيقي هو مدير المكتب التنفيذي أو وزير الدولة التابع للجبهة؟
     إذا كان قرنق سيأتي بالسياسات التي اتفق عليها مع التجمع الوطني الديمقراطي وتشمل إطلاق الحريات السياسية والصحافية والتزام حقوق الانسان… هل سيتحمل النظام أي قدر من الحريات؟ هل سيسمح لأي صحيفة مستقلة بأن تنتقد النائب الثاني-الأول أو الأول-الثاني علي عثمان محمد طه؟ وهل سيسمح أصلاً بأي انتقاد للفريق البشير؟ هل سيسمح لأي صحيفة بإثارة مظالم حدثت إبان نظام الرأسين السابق والحالي؟
     هل سيقبل النظام التوقيع على أي اتفاقية لمراعاة الشفافية المالية حسب مطالب المانحين والمنظمات التي تمول البرامج الانمائية والإنشائية؟ هل سيسمح بتوضيح موازناته ونفقاته؟
     صحيح أن الاتفاق على تقاسم السلطة والثروة لن يخرج عن نطاق قسمة بنسبة 40% للحكومة و60% للجيش الشعبي وحلفائه. ولكن هل سيقبل النظام التنازل عن المناصب والمكاسب التي أتاحها للجيش العرمرم من أنصاره والموالين له؟ ماذا سيفعل بالمناصب "الواجهة" التي استحدثها لرجال أمنه كمنظمات الشهداء والمجالس القومية الوهمية وغيرها من الشركات الغامضة؟ وماذا سيفعل لأعضائه الذين يشغلون مناصب مزدوجة، بأن يكون الفرد منهم رئيس مجلس قومي أو وزيراً اتحادياً وفي الوقت نفسه يحمل رتبة مقدم أو عميد في أحد الأجهزة الأمنية لزيادة دخله؟
    لقد قال العقيد قرنق إن مسيرة السلام لم يعد ممكناً العدول عنها بعد توقيع اتفاق الترتيبات الأمنية والعسكرية. وفي ظل الضغوط الأمريكية والاوروبية والاقليمية المتنامية لوقف الحرب الأهلية السودانية، يتعين أن نفترض أن السلام بات مفروغاً منه. ولا يجدر بنا أن نتشاءم حيال حدث ظلت بلادنا وأبناؤها - في الوطن والشتات - يتطلعون إليه طويلاً، لكننا لا نريد للبلاد أن تدخل سلاماً ينقطع بنهاية الفترة الانتقالية لتعود دوامة الحرب الأهلية. فمن الواضح أن اتفاق نيفاشا المرتقب سيكون جزئياً وثنائياً، لن يعالج مشكلة شرق السودان، ولن يتضمن شيئاً في شأن غرب السودان (دارفور)، ولن يوضح ضمانات محددة لإبقاء وحدة البلاد. ومع ذلك فإن الشعب السوداني المغلوب على أمره لن يملك سوى الموافقة عليه، والتعايش معه باعتباره مفروضاً عليه، مثلما فرضت عليه الحرب الأهلية، ومثلما فَرض عليه النظام سطوته وبطشه طوال السنوات الأربع عشرة الماضية.
    إن توقعاتنا، طبقاً لاتصالاتنا مع قادة الجيش الشعبي، تنصرف الى أنهم سيفون بتعهداتهم مع التجمع الوطني الديمقراطي، باعتباره يمثل الشريحة الكبرى للرأي العام السوداني. وسيكون في صدارة تلك التعهدات إطلاق الحريات العامة. لكن ذلك لن يتأتى من خلال تعديل القوانين الأمنية فحسب، ولا بإلغاء حالة الطوارئ، بل بإزاحة العقلية الأمنية التي كرست كبت الحريات وتكميم الأفواه. وهي العقليات ذاتها التي تفاوضت مع قرنق في نيفاشا، وتحلم بأن تحافظ على نفوذها ومكرها ودهائها في ظل النظام الجديد. وذلك يتطلب – صراحة - إلغاء جهاز الأمن الحالي قبل بدء الفترة الانتقالية، لمنع تصفية الحسابات بعد أن يصبح التفكيك أمراً لا مندوحة عنه.
    صحيح أن الولايات المتحدة التي وقفت وراء اتفاقات نيفاشا تريد استمرار هيمنة قادة الجبهة الاسلامية القومية على جهاز الامن مع تطعيمه بعناصر من الجيش الشعبي، وذلك عرفاناً بـ "جميل" الجبهة التي تعاونت أمنياً مع واشنطن منذ تفجير سفارتيها في شرق إفريقيا العام 1998، غير أن مبادئ العدل والإنصاف والقانون الطبيعي تملي النظر بعين العدل الى مطالب آلاف السودانيين الذين تضرروا من ممارسات جهاز أمن النظام السوداني خلال الحقبة الممتدة منذ وقوع انقلاب العام 1989 حتى اجتياز العقيد قرنق بوابة القصر الجمهوري. مثل هذه الظلامات لا بد من النظر فيها، وهي لن تسقط بالتقادم، إلا في ظل لجنة للحقيقة والمصالحة على غرار تجربة جنوب إفريقيا، وهو ما لم يحصل في السودان. وإذا كانت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ظلت تطالب بديّة ضحايا تفجير طائرتي لوكربي (198 ويوتا (1989) حتى ظفرت بذلك من الجماهيرية الليبية بعد كل تلك السنوات، فلماذا تستكثر هذه القوى الديمقراطية المهيمنة على العالم على السودانيين أن ينال جلادوهم العقاب الرادع أو يحصل ذوو الضحايا على التعويضات المالية المناسبة؟
    هل سينسى الأهل والأقارب أنهر الدم التي سالت جراء المحاكمات الصورية وجراء التعذيب في بيوت الأشباح والمعتقلات؟ وهل سينسى الناس الخسائر التي لحقت بهم جراء الفصل التعسفي والتصنيف الظالم؟ وهل سيسكت الناس على المال الذي نهب وكشوف الحساب التي لم تُقدّم؟
    لا نعتقد بأن العقيد قرنق سيترك هذه الأسئلة بلا إجابات، لأنه ببساطة لم يحارب طوال العقدين الماضيين ليرضى بكرسي وثير في قصر الحاكم العام، وبيت ضيافة فخم الأثاث؟
    كل الدلائل تشير الى أن سلام 2003-2004 سيكون محطة استراحة لن تلبث أن تفجرها الصراعات الآتية بين شركاء الاتفاق، وبين شركاء نظام الرأسين القدامى والحاليين، وبين صراعات الأحزاب التي خرجت من مفاوضات نيفاشا من دون "حُمّص".
    .. والله يكضّب الشينة..
    معاوية حسن ياسين

    (عدل بواسطة Moawia Yassin on 09-28-2003, 03:52 PM)

                  

09-28-2003, 04:06 PM

مهيرة
<aمهيرة
تاريخ التسجيل: 04-28-2002
مجموع المشاركات: 953

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني (Re: Moawia Yassin)

    الله يكضب الشينة يا ود امى،والله ياهو الرماد كال حماد
    تحياتى
                  

09-28-2003, 04:14 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22512

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني (Re: مهيرة)

    الأستاذ معاوية ياسين
    سلام كبير أوي
    لا فض فوك أبدا ، تحليل عميق غائر إلى عمق الواقع السوداني اليوم و في هذا الإتفاق.
    و بمناسبة الرؤؤس الثلاث ، فهي توافق مزاجية البعض من موالي الرأس الأولى: التالتة تابتة
    و توافق مزاجية آخرين من موالي الرأس الثانية: سيد الحيشان التلاتة
    و توافق أخيرا مزاجية : على الطلاق بالتلاتة ، و هم بقية خلق الله
    و أرجو أن أكون قد أوصلت المعنى
    شكرا معاوية
                  

09-28-2003, 05:15 PM

nazar hussien
<anazar hussien
تاريخ التسجيل: 09-04-2002
مجموع المشاركات: 10410

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني (Re: ابو جهينة)

    والله يا معاوية هي اسئلة مهمة لكل السودانيين وليست لقرنق وحده
                  

09-28-2003, 05:19 PM

NEWSUDANI

تاريخ التسجيل: 10-10-2002
مجموع المشاركات: 2021

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني (Re: Moawia Yassin)

    يا استاذ معاوية
    أشــنى من الفيها السودان دي مـــافي

    هل يمكن للدكتور الثوري جون قرنق أن يسهم في دعم أو حماية أي أنسان ظالم؟؟؟كلا
    ثم السؤال أين باقي القوى السياسية لماذا لا تتحرك الآن والنظام يترنح ولا يقدر على مواجهة أي مد جماهيري ولا المليون مصلي خلف الأمام ديل حدهم السلام
                  

09-29-2003, 05:37 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني (Re: Moawia Yassin)

    تحليل اكثر من رائع يا استاذ معاوية
    لقد ازحت عني هما ثقيلا وعبرت عن الكثير مما جال بخاطري
    والذي لا املك الوقت ولا المزاج التعبير عنه
    لا ادري لماذا هذا الصمت من ناس التجمع
    وين الناس الكانوا جاهزين لتوزيع شهادات العمالة والخيانة!!؟
                  

09-29-2003, 05:47 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني (Re: Moawia Yassin)

    قرات بتمعن تساؤلات الاستاذ معاوية يسن التى يبحث فيها عن اجابات عاجلة ومعظمها محير وفى نفس الوقت يمكن حلها اذا صمدت الحركة الشعبية وبدعم من القوى السياسية الاخرى المتحالفة معها ..
    اسئلة الاستاذ معاوية هى من صميم الاتفاق الذى تم وتساعد كثيرا طرفى النزاع الحكومة والمعارضة والطرفين المعنيين بالمحادثات لا شك .
    سوف تحاول الجبهو الاسلامية كما تكهن الاستاذ معاوية ممارسة اسلوبها الذى اعتادت وتربت عليه منذ قيامها وحتى الان ..اعدام المستندات واخفاء الحقائق والمعلومات ..هى تحاول اخفاء كل شىء ومن جهة الطرف الاخر القادم للسلطة فانه سيسعى لمعرفة كل شىء وهنا سوف نرى الي من يتم الاحتكام هل الي مجلس الامن ام لامريكا راعية المحادثات ام الي قضاء جلال علي لطفى الذى هندسته وقاسته علي مقاسها ام ينشا جهاز قضائي سودانى بمواصفات القضاء القانونية مستقلا عن السلطة
    ..اشيد بمقال الاستاذ معاوية الذى عبر عن ما يجيش فى نفوس الكثيرين من اسئلة ونحن نستشرف مرحلة السودان الجديد والذى نتمنى ان يكون جديد فى كل شىء وان تترك الجبهة الاسلامية اساليبها المكروهة من الشعب السودانى وان يكونوا صادقين هذه المرة علي الاقل لانها الفرصة الاخيرة لهم لمحو اثار تلك الاساليب القبيحة التى عددها الاستاذ معاوية فى مقاله الرائع
                  

09-29-2003, 06:20 AM

مارد

تاريخ التسجيل: 04-24-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني (Re: الكيك)

    أستاذ معاوية

    الصفات البشعة لنظام الإنقاذ والتى عددت كثيرا منها هنا ! لماذا لم يرصدها قلمك بهذا الحماس وهذه الدقة فى السنوات الماضية.. خاصة حينما كانت الإنقاذ أشد فتكا وقوة وضراوة !!؟

    (عدل بواسطة مارد on 09-29-2003, 06:22 AM)

                  

09-30-2003, 09:25 PM

Moawia Yassin
<aMoawia Yassin
تاريخ التسجيل: 09-10-2002
مجموع المشاركات: 31

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني (Re: مارد)

    up
                  

09-30-2003, 09:22 PM

Moawia Yassin
<aMoawia Yassin
تاريخ التسجيل: 09-10-2002
مجموع المشاركات: 31

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني (Re: الكيك)

    up
                  

09-30-2003, 09:34 PM

altahir_2
<aaltahir_2
تاريخ التسجيل: 11-17-2002
مجموع المشاركات: 3949

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني (Re: Moawia Yassin)

    عزيزع الاستاذ معاوية يس
    لك التحية والإجلال
    ها نحن نحاول ان نقدم اجوبة على اسئلة عصية.ونرى آفاقاً لسلام وحل عادل وشامل ولكن الغيب وحده بيد الله .حاول اذا توفر لك شيئا من الوقت الاطلاع والتعليق على البوست الآتى . وانت ادرى في السودان يوجد حوب البعث السودانى المستقل عن سوريا والعراق ايضا مع خالص التحية
    ضياء الدين ميرغنى _هولندا

    االامين العام لحزب البعث السودانى يكتب دراسة هامة عن التنوع الثقافى والوحدة
                  

10-01-2003, 12:18 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني (Re: Moawia Yassin)

    النائب الأول في أول حديث لرئيس التحرير بعد عودته من نيفاشا حــول المســار الشــاق للمفــاوضــات..

    گيـف تسنى للطــرفين إجتيــاز عقباتها والوصــول إلى الإتفـــاق؟

    المفاوضات إرتكزت على الإگتشاف الشخصي المتبادل بيني وقرنق


































    مفاوضات نيفاشا بين النائب الأول الأستاذ علي عثمان محمد طه والدكتور جون قرنق رئيس الحركة الشعبية رغم ما توصلت إليه من نتائج إيجابية حسمت خلالها أكثر القضايا العالقة تعقيداً، وهي قضية الترتيبات الأمنية، إلا أن العديد من التساؤلات والكثير من الشكوك قد احاطت بشأن مدى إحرازها للنجاح المنشود، وذلك اعتماداً على طول المدة التي استغرقت خاصة وسط حالة التعتيم التي أُحيطت بها مما أفسح المجال للتكهنات والشائعات التي كان بعضها لا يخلو من غرض أو سوء نية خصوصاً من قبل (أعداء السلام) الذين روجوا أن النائب الأول وضع مستقبله السياسي في كفة ونجاح المفاوضات في الكفة الأخرى، وهو ما أدى الى استطالة زمن عملية التفاوض من منطلق أنها تمثل مسألة شخصية على حسب ما روجته تلك الشائعات. ونشير أيضاً الى أنه بعد توقيع الاتفاق أشارت نفس الجهات (المعادية للسلام) الى أنه تضمن تنازلات. أما الذين أحسنوال الظن بالرجل وهم كثر ويمثلون أغلبية الناس فقد كانت مشاعرهم تؤازر جهود النائب الأول وتحرص على متابعة أنباء المفاوضات بترقب واهتمام كبيرين، وعزت طول المدة الى حرصه على بحث القضايا المختلفة بأناةٍ وصبر تجنباً للوصول الى حلول متسرعة. بينما كانت فئة أخرى تعتبر أن علي عثمان لن يتوصل الى اتفاق مع قرنق وأن المفاوضات ستصل الى نهاية سلبية مثلها مثل جولات سابقة للتفاوض اعتماداً على تراكمات انعدام الثقة بسبب تباين المواقف المعلنة للطرفين. ولهذا يبقى السؤال المهم هو: كيف جاءت النتائج على عكس توقعات البعض الذين فوجئوا بحدوث الاتفاق بصيغته المعلنة؟.. إذ تبين أن طول المدة كانت أهميته ليس تجاه التعمق في دراسة القضايا فحسب وإنما لأجل خلق الثقة بين الطرفين وكسر حاجز انعدام الثقة بينهما. وأنا في طريقي الى النائب الأول ظلت ترتسم في ذهني دوائر كل تلك التساؤلات وعلامات الاستفهام، وكنت على ثقة بأنني سأجد لديه إجابات تبدد ما أحاط بالمفاوضات من ضبابية، وكثير من تلك الأسئلة كانت لديَّ إجابات ذاتية عليها لكنني آثرت أن أطرح عليه تلك الأسئلة لأجل أن يتلقى الناس الإجابات حولها من النائب الأول مباشرة. وقد طرحت عليه في البدء السؤال الذي كان الأكثر ترديداً على الساحة: لماذا استغرقت المفاوضات كل هذا الوقت؟ وهل ذلك يعود الى أن القضية التي تناولها البحث وهي قضية (الترتيبات الأمنية) كانت من الصعوبة الى هذه الدرجة؟. ولماذا اخترتم بحث هذه القضية بالذات دون بقية القضايا الأخرى وهل ذلك يعود الى أنها أكثر القضايا إثارة للخلاف بين الطرفين وتعد قضية مستعصية يتوقف عليها مصير بقية القضايا الأخرى والمفاوضات كلها؟

    = أجاب النائب الأول على تساؤلاتي هذه باستفاضة في الجوهر والمضمون ومن خلال إجابته تبينت لديَّ صورة أجواء المفاوضات على حقيقتها وكيف كانت تسير. إذ قال إن الزمن تفسره عدة عوامل من بينها أن اللقاء بطبيعته هو الأول من نوعه. وبالنظر للمنطلقات التي ينطلق منها كل طرف فقد كانت هناك حاجة ماسة للاقتراب على الصعيد الشخصي.

    ü قاطعته: هل يعني ذلك اختبار كل طرف لشخصية الآخر؟

    = قال: نعم، ويقرأ شخصية من يريد أن يتفاوض معه بغض النظر عن التفاصيل والوصول لاتفاق.

    = وتابع الأستاذ علي عثمان قائلاً: تبقى الحقيقة وهي أن نجاح المفاوضات يعتمد في النهاية على إرادة الرجال الذين يقومون على مسؤولية التنفيذ ومدى جديتهم وصدقهم في أن يلتزموا بما توصلوا اليه. إن جانباً كبيراً من الوقت كان ضرورياً لنقضيه فيها ليس فقط ما نسميه علاقات عامة ولكن شيئاً أعمق من ذلك. بمعنى أنها كانت أقرب الى المصالحة النفسية التي تزرع بذرة الاطمئنان وتعين على طرح الشكوك والأوهام والانطباعات الموجودة لدى كل طرف عن الطرف الآخر. وقد نجحنا في تجاوز هذه النقطة بفضل المفاوضات المباشرة.

    = ومضى النائب الأول قائلاً: أنا هنا أحب أن أصحح أن المفاوضات كانت ذات خصوصية ولم تكن سرية وهناك فرق بين أن تكون سرية وبين أن تكون خاصة، بمعنى أنها ليست في الهواء مباشرة ولا بحضور الأطراف ولكن نتائجها واتجاهاتها ومواقفها كانت تبلغ للكافة أولاً بأول. ولذلك كان الرأي العام العالمي كله متابعاً. فإذن، ليس هناك شئ سرى بمعنى أنه كان هناك ما يقال في السر والهمس ولا يراد له أن يخرج للجهر أو أن يعلمه الناس، هذه مسألة مهمة جداً.. ولكن هذه الخصوصية في أن يكون الحوار مباشراً وبين طرفين دون حضور طرف ثالث أدى الى النجاح في هذه النقطة.. نقطة الاكتشاف المتبادل للصعيد الشخصي وقراءة الأفكار ثم التعرف على منهجية التفكير أو فرصها في المستقبل إذا ما وقع اتفاق. وهذا لم يكن ليتأتى لو أن هذا اللقاء كانت فيه أطراف أخرى، لأن هذا النوع من الحديث والحوار لا يصلح في حضور الآخرين. ولذلك ما يبدو الآن وكأنه مجرد قمة لجبل الجليد التي برزت للناس من خلال اتفاق الترتيبات الأمنية تحته مساحة واسعة من الترتيبات الشخصية والنفسية التي انبنى عليها ما بدأ يطفو للسطح وما يمكن أن يكون له أثر حقيقة ليس فقط في معالجة الترتيبات الأمنية ولكن حتى في ترتيب بقية الملفات والقضايا العالقة الأخرى.

    = قلت له: لابد أن وجودك مع جون قرنق قد شكل فرصة بالنسبة لكم للتعرف على شخصيته عن قرب.. وباختصار كيف وجدت جون قرنق؟

    - جاءت إجابته بالقول: مؤكد أنه رغم ما كان يسمعه الإنسان وترسمه مواقف الحرب والقطيعة السياسية فإننا قطعاً وجدنا الصورة مختلفة ومغايرة، بمعنى أن الحوار بيننا جرى أولاً على نهج فيه قدر كبير من اللباقة واللياقة والاحترام المتبادل، وليس معنى ذلك أنه كان مجاملاً لأنه كان طرحاً لمواقف أساسية لطرفين بينهما حرب ويريدان أن يتوصلا الى اتفاق ولذلك لم يكن هناك من سبيل في أن تطرح الأمور في شئ من المداراة والمجاملة. لقد كان هنالك قدر كبير من الوضوح والصراحة والمباشرة في طرح الأفكار ولكنها في قالب به قدر كبير أيضاً من اللياقة والاحترام للطرف الآخر.. ووجدت فيه كما قلت سابقاً قدرة على إدارة الحوار بطريقة منهجية ومرتبة، وان اختلفت مع الآراء ومع النتائج التي يتجه إليها الطرح ولكنك تحترم المنهج في طرح القضايا. وقد قادنا هذا الى بعض التحليق والنظر في القضايا الفكرية على الصعيد النظري حول عدد من القضايا تشمل هوية السودان وتركيبته المتنوعة وحاضره ومستقبله وكيف يمكن أن يبنى هذا المستقبل من حيث تنميته واقتصادياته ودوره وموقعه وبيئته الإقليمية وذلك يعني الاعتزاز بالإنتماء للسودان والحرص على كل مكوناته وجمعها في إطار يسمح بالتمازج والتداخل الاجتماعي والتلاحم لصنع سودان منسجم ليس نسخة مكررة ولكنه بتباينه وتنوعه (وهذه قاعدة مهمة اتفقنا عليها) ان الحل ينبغي أن يستصحب وينبني على أساس التعدد والتنوع في السودان في كل المجالات لكنه تنوع وتعدد يفضي الى التوحد ويفضي الى الانسجام ولا يؤدي الى التناقض أو الصدام.

    = قلت للنائب الأول: إن اتفاقكم كان مفاجأة إذ أنه في مفهوم بعض الناس كانت هنالك قضايا أكثر أهمية مثل قضية قسمتي السلطة والثروة.. فلماذا أعطيتم الأولوية لمسألة الترتيبات الأمنية وهل يعني ذلك أنها المفتاح لمعالجة كل القضايا التفاوضية، وأن أهميتها إذا حُلت عقدتها ستؤدي الى انسياب عملية التفاوض بعد ذلك بشكل سلس؟

    - أجاب: نعم. ان هنالك أسباباً ودوافع عديدة وراء ذلك. السبب الأول هو سبب منطقي يقتضي ترتيباً أن نبدأ بالملف الأمني العسكري لأننا في حالة حرب. والمنطق يقتضي أن لا تدخل الى ترتيب البيت وبنائه إلا بعد أن تطفئ النيران أولاً وتطمئن الى أنها لن تشتعل مرة أخرى وتبعد عنها كل الوقود الذي يساعد على اشتعالها، فكان لابد من التركيز على قضية وقف الحرب وترتيب الأدوات التي تقوم عليها الحرب وهي القوى المتحاربة وترتيب وضعها والعلاقات بينها.

    وتابع بالقول: إن السبب الثاني هو أيضاً مهم، لأنك بغير أن يطمئن الناس الى أن هنالك اتفاقاً حول ترتيبات الميزان العسكري، فإنهم لن يطمئنوا الى الدخول في ترتيبات الميزان السياسي، وهو ما تعارفنا عليه بأنه (المفتاح في بقية الملفات) وهذه - كلمته- والسبب هو أنك بترتيب المسألة العسكرية على وضع يكون شاهداً ودليلاً على أن الحرب لم تنته باستسلام طرف ولا بهزيمة طرف، أو أنها قامت على وضع فيه اعتراف بالطرفين كحقائق موجودة على الأرض في ميدان الصراع، فإن هذا الوضع يمكن أن يُنقل الى تسوية ويصبح أساساً لميزان التسوية السياسية وهو مايعرف بوضع (التعادلية) لا غالب ولا مغلوب، ولا مهزوم ولا منتصر، بل وضع فيه اعتراف متبادل وفيه اتفاق على إطراح الحرب، وهذا يمثل أهم عنصر. يعني أنه حينما أُسأل: ماهو المغزى النهائي من هذه الترتيبات العسكرية الأمنية؟ أقول إن الحرب بطبيعتها بطولها ومداها، وبعنفها وضراوتها التي بلغتها وبنتيجتها التي انتهت إليها، فهذه الاعتبارات الثلاثة هي أكبر عامل إطفاء وضمان لعدم تجددها مرة أخرى. يعني لو كانت الحرب هينة لينة وقليلة التكاليف أو قصيرة العمر أو أنها قد انتهت بميزان عسكري فيه تباين ضخم على الأقل في المسرح الذي تجري فيه العمليات وهو الجنوب، لقلنا إن طرفاً ما يمكن أن تحدثه نفسه بأنه إذا لم تسر الأمور على النحو الذي يشتهيه يمكنه أن يعود الى موقعه الأول ويعيد استخدام العصا مرة أخرى، ولكن الحرب بطولها وزمانها وبحجم ضراوتها ودمارها وخرابها الذي ألحقته وبانعكاسها على حياة الناس في الشمال والجنوب في جانب الحكومة والحركة.. نزوحاً وتشرداً الى الخارج ومعسكرات اللاجئين في جانب الحركة أو استنزافاً للموارد وحفظاً على حياة الناس اليومية وظروفهم المعيشية، وأنها لم تنته الى نصر حاسم لطرف ما بحيث يتناسى الآخر أو يرفع راية الاستسلام، هذه الاعتبارات الثلاثة هي التي أفضت الى أن يقدم الناس على ترتيب هذا الأمر أولاً بإيقاف النزيف والتأكيد على عدم العودة الى الحرب مرة أخرى ثم من بعد ذلك يأتي السؤال.. كيف نصنع السلام وكيف نبني الدار الجديدة.. السودان؟

    = وعدت لأسأله حول ما إذا كانت هنالك تنازلات قد قام النائب الأول خلال المفاوضات بتقديمها للطرف الآخر، في ظل ما ردده البعض في هذا الصدد قائلاً، إنه إذا كان ذلك صحيحاً فما هي تلك التنازلات وما هو حجمها وهل ستخل بالموازين أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد تكهنات صدرت من جهات بعينها لا مصلحة لها في السلام وتريد التشويش على مسيرته؟

    - أجاب: ان الذي قدمناه كان قراراً كبيراً وجريئاً، وهو أن نلتزم بخفض القوات في الجنوب وبوضع معايير جديدة لميزان تراجع القوى العسكرية، وهذا أمر تقتضيه طبيعة النقلة المطلوبة لتحقيق السلام، لأنك لا تستطيع أن تبني السلام على ذات اعتبارات ميزان القوى العسكرية إبان الحرب بل لابد من رؤية سياسية لكيفية وضع المعيار والميزان السياسي العسكري.

    = قاطعته: تعني التوصل الى قواسم مشتركة؟

    - عاد ليجيب: نعم، ومن هنا جاءت فكرة أن تحمل المسؤولية العسكرية المشتركة لأنك لا تريد أن تجعل القوات بلا مسؤولية، ولذلك حُدِّدت هذه المهام في (مهام القوة المشتركة) التي حددت بالرمزية للسياسة وبالرمز للوحدة وللقيام بمهام التأمين الاستراتيجية على نحو مشترك.. ولذلك هي إعادة تكييف للدور العسكري وليس إقصاءً له، ونحن بهذه الترتيبات قد أعدنا تكييف ورسم الدور العسكري ليكون السلام مستنداً إليه وليس خصماً عليه أو من حقنا أو للدور العسكري في المرحلة القادمة.

    = قلت له: إذا كان الأمر هكذا بالنسبة للترتيبات الأمنية، هل تتوقع عند اجتماعكم مرة أخرى في 6 أكتوبر المقبل الى أي مدى سيكون هذا الاتفاق عاملاً إيجابياً لدى بحث بقية القضايا العالقة التي سيتم طرحها في تلك الجولة؟ وهل ستتسم هذه المرحلة بنفس المرونة التي تعاملتم بها في الجولة السابقة؟

    - أجاب الأستاذ علي عثمان: بلا شك أن هذه المرونة الواسعة التي أبدتها الحكومة في وضع الترتيبات الأمنية والعسكرية قد أعطت قضية الثقة دفعة قوية، ولذلك قامت شاهداً حياً على الجدية والمصداقية لأنك لا تريد أن ترتب الأوضاع الجديدة على شئ من الإكراه أو ضغط القوة.

    = وتوقف النائب الأول برهة ليعود للقول: كذلك فأنا أتوقع أن يكون لهذا أثره على مرونة الحركة في الجولات القادمة في ما يتعلق بالقضايا العالقة لأنها ستكون حينئذ قضايا تستند الى الموضوعية والمعايير المرتبطة بالعدالة لجميع الأطراف وأنحاء السودان والمستندة أيضاً الى التجربة الإنسانية والمتمثلة في ما سيقدمه الخبراء والفنيون من المجتمع الدولي الذين ستستقدمهم (الإيقاد) لوضع خبرتهم وتجاربهم في خدمة هذا الميزان -أي ميزان العدالة والموضوعية- بين الأطراف في معالجة القضايا القادمة.

    = قلت له متسائلاً: هل العقيد جون قرنق يتفق معك في هذا الفهم في أن ما سيتم التوصل إليه من اتفاق سيكون عادلاً لا ظلم فيه من جهة على أخرى؟

    - أجاب: لقد تداولنا أمر السلام مطولاً في لقاءاتنا هذه وبحثنا كيفية أن يكون السلام مستداماً، واستدامته تتمثل في أن يكون عادلاً ومنصفاً وأن يكون شاملاً ومرضياً لكل أهل السودان خاصة في ما يتعلق بالتنمية وقسمة الموارد والخدمات وكذلك حق المشاركة السياسية لنضمن حشد أكبر قدر من القبول والسند والتأييد لمشروع السلام القادم.

    = وعدت أسأله من جديد من منطلق هذا التفاهم الذي عبر عنه من خلال حديثه: هل هذا هو السبب الذي جعلك تردد أن هذه المفاوضات كانت سودانية- سودانية؟ وأين كان دور الشركاء والوسطاء؟

    - أجاب النائب الأول أن الشركاء والوسطاء يسجل لهم أنهم استجابوا وتجاوبوا مع هذه الرغبة السودانية من الطرفين بأن يكون اللقاء له هذه الخصوصية. (ولعله حاول أن يؤكد أن الكلام الذي يشاع ويفهم منه ضمنياً تقديم تنازلات اثر بعض الضغوط، حاول ضمنياً أن ينفي ذلك). ولكن ذلك لا يعني أنهم لم يكونوا على علم ومتابعة للنتائج التي ننتهي إليها في كل جولة من جولات التفاوض. لقد كانوا يقدمون كل السند المطلوب لتيسير الجهد المطلوب لدفع المفاوضات، خاصة حينما تدخل في ما يمكن أن نسميه التأزم والتباين في المواقف. نحن نقدر للوسطاء خاصة في سكرتارية (الإيقاد) جهدهم المقدر في دفع الأمور ومحاولات تقريب وجهات النظر، وفي تيسير أقصى درجات الهدوء المعينة والظروف المواتية التي تجعل التفاوض موجباً وبناء، وكذلك الأطراف الأخرى، الأطراف القريبة التي كانت تسعى بين الحين والآخر وتستحث الأطراف على الوصول الى اتفاق وتجاوز ما يواجههم من صعوبات. ولكنني أؤكد أن ذلك لم يكن إملاءً أو فرضاً، ولكنها كانت كلها جهوداً تصب في ما تقتضيه وظيفة الوسيط ودور المنسق.

    = وقلت للنائب الأول: نخلص من كل ما قيل في هذا الحديث الى التساؤل حول استقرائك للموقف، فهل أنت متفائل بنجاح المحادثات القادمة؟ وهل المرحلة المقبلة ستكون حاسمة ونهائية؟

    - وقال في إجابته بتفاؤل لا يخلو من الحذر: المفاوضات فيها قضايا تحتاج الى نظر والى كثير من التفصيل والحوار الجاد، فهي لن تكون يسيرة وسهلة ولكنها ليست مستحيلة وصعبة. وما دمنا قد تغلبنا على ما هو أكثر صعوبة وهو الترتيبات الأمنية والعلاقات العسكرية بين الطرفين. فأنا على يقين من أننا سنتوصل الى إجابة سياسية حول بقية القضايا العالقة.

    = قلت له: إن النتائج التي أسفرت عنها جولة المفاوضات السابقة بينك وبين العقيد قرنق وما تم التوصل إليه من اتفاق حول واحدة من أكثر القضايا تعقيداً.. هل يكون ذلك عاملاً مرجحاً في أن البلاد مقبلة على طي صفحة الحرب والنزاع وأن السلام قادم وأن الاتفاق عليه بات وشيكاً. وإذا ما افترضنا أن السلام سيتحقق بالفعل فما هي الضمانات المطلوبة في رأيكم لحماية هذا السلام وتحصينه من المخاطر، خاصة أنه من الملاحظ أنكم وقرنق تحدثتما عن مشاركة القوى السياسية الأخرى في صنع السلام، فهل يعني ذلك أن هذه المشاركة ستشكل حماية كافية للسلام وتؤمِّنه من الانتكاسات؟

    - قال: إنه من المؤمل أن يكون هذا السلام سلاماً مستداماً وعادلاً ومرضياً للناس وأن يتيح فرصة واسعة لمشاركة القوى السياسية.

    = وتوقف برهة عن الحديث ليعود للقول: لا ريب انها ستكون فرصة تمكن من أن يصبح السلام وثيقة تعاهد وطني للجميع حتى لو كانت المشاركة منقوصة أو بصورة تعجِّل أو تفتح المجال لتحقيق ما هو مطلوب، لأن من بين المسائل التي اتفقنا عليها أن تكون هنالك انتخابات وأن يكون هنالك (تداول سلمي) للسلطة، ولذلك نريد أن تكون هذه وثيقة للتعاهد الوطني نبلغ بها الغاية في أن يحدث استقرار سياسي وأن تجرى انتخابات في المواقيت التي يتفق عليها لتقرر الأوزان الحقيقية للقوى السياسية ولتمكن أهل السودان من أن يختاروا من يتولى أمورهم خلال المرحلة المقبلة بقدر كبير من المسؤولية الوطنية ومن الاستقرار النفسي والسياسي لأهل السودان.

    ü لابد لنا أن نشير على ضوء ما قاله النائب الأول الى أن إمكانية الوصول الى حل نهائي خلال جولة المفاوضات المقبلة في تزايد مستمر، خصوصاً أن هنالك ترقباً عالمياً بشأنها وأن هنالك قوى جديدة إقليمياً ودولياً حريصة على إحلال السلام في السودان، وتلك تصبح عوامل ومسببات في أن فرص السلام أكثر احتمالاً من ذي قبل، خصوصاً إذا تزايدت معدلات توافر وبناء الثقة بين طرفي النزاع. ويمكن القول بأن السلام قد يتحقق، لكن تبقى ثمة أسئلة تطرح نفسها بإلحاح: كيف يحافظ الناس عليه ويجعلونه مؤدياً الى وحدة البلاد، وكيف يجعلون هذه الأجواء المحيطة بعملية السلام أكثر انفتاحاً بمشاركة كل القوى السياسية ليتجسد فيها حقيقة ما قاله النائب الأول بجعل وثيقة السلام تتحول الى وثيقة للتعاهد الوطني ليست قابلة للخرق أو النقض. وعلى كلٍ دعونا ننظر بمنظار التفاؤل القائم على حقائق الواقع هذه المرة، وأن نودع زمن النظرة التشاؤمية وأن نتخلص من حالة اليأس والإحباط لأن الأعمال الخيِّرة لا يصنعها اليائسون والمتشائمون الذين فترت همتهم عن إمكانية قهر الصعاب وتخطيها. وتلك كلها مؤشرات واقعية تنبئ بأن واقعاً جديداً يزخر بالتحولات الإيجابية يحيط بقضايا الوطن وفي مقدمتها عملية السلام التي ظلت أملاً كبيراً يراود الناس منذ زمن بعيد، ونأمل أن يكون الوقت قد حان لتحقيقه بكل ما يحمله ذلك من إيجابيات كثيرة ستعود بالخير والنفع والفائدة على أبناء السودان كافة.




    للأستفسار أو طلب معلومات يرجي مراسلتنا علي العنوان التالي
    [email protected]
    ©جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع صحيفة الراي العام 2003
    Copyright © 2003 AL RAYAAM NEWSPAPER. All rights reserved
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de