|
|
 توسعة وعمارة المسجد الحرام
|
قال الله تعالى " إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعلمين * فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمناً ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ، ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين *
صدق الله العظيم
قد كان المسجد الحرام وما يزال موضع عناية واهتمام المسلمين في كل عصر من العصور وذلك بسبب وجود الكعبة المشرفة فيه .
وقد شهد المسجد الحرام منذ فجر الإسلام بعض التحسينات والإصلاحات من وقت وآخر لتسهيل الصلاة فيه والطواف حول الكعبة .
كان الخليفة عمر رضى الله عنه أول من قام بتوسعة المسجد الحرام ومن ذلك الوقت تتالت التحسينات والإصلاحات على المسجد الحرام حتى وصلت إلى التوسعة السعودية الراهنة .
ومن خلال إطلاعي على تقرير من إعداد اتحاد المهندسين الاستشاريين *الباكستاني* عن مشروع الملك عبد العزيز لتوسعة المسجد الحرام بصفته الاستشاري لمشروع التوسعة ونسبة لأهمية التقرير لما يحتويه من معلومات ووثاثق سوف انقل لكم التقرير تباعاً
منطقة الحجاز
تعرف المنطقة الغربية من المملكة العربية السعودية بالحجاز ، والحجاز منشأ العرب يتكون من رقعة ضيقة من الأرض يبلغ طولها حوالي 1400 كيلومتر وهى تقع على طول الساحل الشرقي للبحر الأحمر ومعنى كلمة " حجاز " الحاجز بين شيئين ومن المحتمل أن يكون الاسم قد نشأ من وضعها الجغرافي إذ يتكون عمودها الفقري من سلسلة جبال السرات التي تمتد بمحاذاة البحر وهذا الحاجز يفصل المنطقة المنبسطة بحذاء الساحل التي تسمى تهامة عن هضاب نجد ، ويمر مدار السرطان بين المدينتين المقدستين بالحجاز : مكة المكرمة والمدينة المنورة
المدينة المقدسة
مكة المكرمة هي أقدس مدينة عند المسلمين في العالم وقد نشأت حول الكعبة المشرفة وفيها ولد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ونزل عليه الوحي فيها .
لقد ضربت مكة المكرمة بسهم وافر في تأريخ البشرية بحكم كون بها بيت الله ( البيت العتيق ) , وقد أشار إليها القران الكريم بأنها " أم القرى " وقد سميت كذلك ـ حسب ما يقوله المؤرخون ـ للاعتقاد بأن منطقة مكة المكرمة هي قلب العالم وأن المنخفض في وسط المدينة سمى بسرة مكة لذلك .
ولم تصبح مكة مدينة حتى عام 200 قبل الهجرة تقريباً وقبل هذا العهد كان الناس يعيشون بعيداً عن الكعبة على السفوح المنخفضة من الجبل الأحمر وجبل أبى قيس الذي يشرف على الكعبة .
ولما أصبح قصي بن كلاب ـ وهو من نسل إسماعيل عليه السلام ـ سيداً لمكة أخذ على نفسه بناء المدينة وصممها بحيث تكون الدور في دوائر مختلفة حول الكعبة حسب قوانين طبقية وقبلية صارمة ، كان بيته وبيوت أولاده تصل على ميدان فضاء يحيط بالكعبة .
وكانت البيوت الأولى في مكة كما وصفت في القرنين الأول إلى الثالث الهجري مكعبة الشكل لكل منها باب واحد . وكانت عادة تبنى بالحجر المنحوت أو غير المنحوت أو بالطوب الأحمر أو غير المحروق ، وفى بعض الأحيان كانت تزين البيوت بالرخام أو الأحجار الملونة أو الأصداف التي توجد على الساحل العربي ومن هذه البداية البسيطة اتسعت مكة لتصبح المدينة المباركة للعالم الإسلامي بأجمعه فيما بعد .
تأريخ الكعبة المشرفة
تقع بين القمم البركانية لجبال السرات ومناطق ذات ممرات رملية ووديان طبيعية ، وفى أحد هذه الوديان ( وادي إبراهيم ) تقع الكعبة المشرفة داخل المسجد الحرام .وموضع الكعبة كموضع الفص الثمين في الخاتم يقصدها الحجاج وهم يرددون التلبية " لبيك اللهم لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك لبيك ".
وقد روى أن آدم عليه السلام هو الذي وضع أساس أول بيت لله "الكعبة "لقد كان هذا البيت المقدس هو الذي أوحى به الله إلى سيدنا إبراهيم (ع ) أن يترك زوجته هاجر وطفله إسماعيل ( ع )بجانبه وعهد إلى إبراهيم بإعادة بناء هذا البيت الأول للناس ـ البيت العتيق ـبمساعدة ابنه إسماعيل " وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ، ربنا تقبل منا انك أنت السميع العليم ، ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وارنا مناسكنا وتب علينا انك أنت التواب الرحيم ، ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم انك أنت العزيز الحكيم " صدق الله العظيم البقرة الآية 127-129
لقد كان هذا البيت لكل الازمان القادمة مثابة للناس وأمنا : " إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا وهدى للعالمين. فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت ، من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين " آل عمران الآية 96-97 .
ولما رفع إبراهيم وإسماعيل القواعد بنيا شكلا شبه منحرف غير منتظم أطواله 32 ذراعا من الجانب الشمالي الغربي في 32 ذراعا للجانب الشمالي الشرقي و37 ذراعا في الجانب الجنوبي الغربي و20ذراعامن الجانب الجنوبي الشرقي وبمشقة كبيرة أقاما هذا لبناء دون مونة واضعين الحجر فوق الحجر ، وقد نصبا حجرا خاصا كعلامة بدء الطواف في الجانب الشرقي .
ولما ارتفعت الجدران وأصبحت ذراعا إبراهيم غير قادرتين على الوصول إلى أعلاه أحضر إسماعيل حجرا ليقف عليه إبراهيم و لاتزال آثار قدميه باقية عليه حتى الآن وهو الحجر الذي يشار إليه بمقام إبراهيم اليوم . وتوقفا حينما بلغت الجدران ارتفاع تسعة أذرع ن وقد سميت الكعبة بهذا الاسم نظرا لشكلها المكعب .
وبهذا البناء البسيط الذي لا سقف له عبر إبراهيم عليه السلام عن طاعته وانقياده لأمر الله فأنشأ هذا الرمز المتواضع للأيمان بالله على أساس عقيدة التوحيد في عالم وثنى تظهر فيه الأصنام الضخمة والأهرامات وكان من شأن هذه العقيدة أن تغير وجه الإنسانية كما قال تعالى " وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود . وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ، ليشهدوا منافع لهم ويذكروا أسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بيهمة الأنعام فكلوا منها أطعموا البائس الفقير ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق " سورة الحج 26-29
وفى وسط الصحراء إعتلى إبراهيم الحجر واتجه نحو الجهات الأربع مؤذنا شفى الناس جميعاً بأن يأتوا ويطوفوا بالبيت العتيق .. تلبية للدعوة منذ أيام إبراهيم إلى الأبد حضرت الجموع من معتنقي الإسلام وتوافدوا من كل حدب يرددون " لبيك اللهم لبيك ، أن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك " وحين غادر إبراهيم الكعبة ومكة والحجاز إلي الأبد دعا ربه : " رب أجعل هذا البلد آمنا واجبني وبنى أن نعبد الأصنام رب أنهن اضللن كثيراً من الناس فمن تبعني فانه منى ومن عصاني فإنك غفور رحيم ، ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير زرع عند بيتك المحرم ليقيموا الصلاة فأجعل أفئدة الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون . ربنا انك تعلم ما نخفى وما نعلن وما يخفى على الله من شيْ في الأرض ولا في السماء " سورة إبراهيم .
ومنذ أربعين قرناً تقريباً ، أي منذ عهد إبراهيم والكعبة لا تزال تحتفظ بموقعها وشكلها وأساسها ، ويروى التاريخ أن الكعبة منذ أيام إبراهيم قد أعيد بناؤها على الأساس الذي أقامه إبراهيم عليه السلام .
لقد ظلت الكعبة على هذه الحالة حتى زمن قريش وقد وصفت في مصادر كثيرة عاى أنها سياج صغير لا سقف له يتكون من جدار يرتفع قليلاً عن قامة الإنسان وقد وصفها الأزرقى في كتابه على أن ارتفاعها كان أربعة أمتار ونصف من الدبش وضع بلا مونة زكانت أركانها الأربعة تحتوى على أربعة أحجار كان العرب يعظمونها ، وكان جدار بئر زمزم داخل البناء الذي كان حول الكعبة وقبل الهجرة إلى المدينة المنورة بثمانية عشر عاماً أعادت قريش بناء الكعبة .
ويسجل الأزرقى هذه الإعادة لبنائها بالأسلوب التالي :
" لقد تحطمت سفينة تجارية إغريقية في ذلك الوقت عند الشعبيبية – ميناء مكة التى سبقت جدة - .
وقد شيدت الكعبة بمدماك من الحجر يتلوه مدماك آخر من خشب الساج ، وكان مجموع المداميك 31 ستة عشر منها من الحجر وخمسة عشر من الخشب ، إذ أنهم بدأوا بصف من الأحجار انتهوا بصف منها .
ولما جاء وضع الحجر الأسود فى مكانه نشب بين زعماء قريش نزاع فيمن يكون له شرف وضعه وأصبح الموقف خطيراً يهد بإراقة الدماء ولقد عهد إلى محمد عليه الصلاة والسلام أن يتخذ قراراً يقبله الجميع حتى يتفادوا ذلك الموقف الخطير .
وكان باب الكعبة مرتفعاً عن الأرض حتى أن عتبته ترتفع عن سطح الأرض بمقدار 4 اذرع ، وبنوا سطحاً مستوياً مقام على ستة أعمدة – صواري- فى صفين فى كل صف ثلاثة منها .
وأصبح هيكل الكعبة على ارتفاع 18 ذراعاً بدلاً من تسعة اذرع كما كان قبلاً .. وكان كل مدماك بالارتفاع 31 سم تقربياً ، وكان بالركن الشمالي المعروف بالركن الشامي سلم خشب يؤدى إلى السطح . وكانت الكعبة فى ذلك الوقت تغطى بقماش يسمى * قباطى *والذي كان بدوره يغطى بقماش مقلم من الصوف .
وكان سقف الكعبة وجدرانها وأعمدتها مزينة بصور الأنبياء والملائكة والأشجار وكانت صور الأنبياء بما فيهم سيدنا إبراهيم الذي كان على هيئة رجل عجوز يمارس العرافة بالسهام .
ويروى أن الفناء الذي يحيط بالكعبة والمستعمل للطواف حتى بزوغ الإسلام كان مستديراً تقريباً وعند ظهور الإسلام سميت هذه المنطقة بالمسجد الحرام كما جاء فى القران الكريم " سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله " سورة بنى إسرائيل .
بعد الهـجـــــرة
لقد أستجاب الله دعاء إبراهيم بأن بعث رسولاً من ذريته ، فبعد أكثر من ألفين وستمائة عام جاء محمد صلى الله عليه وسلم الذي أخذ يتلو آيات الله وغير وحه البلاد .
لقد أتم محمد صلى الله عليه وسلم رسالة إبراهيم. وفى السنة التاسعة من الهجرة وبعد قرون عديدة أقيم الحج لأول مرة حسب مناسك الصحيحة تحت قيادة أبي بكر الصديق رضى الله عنه . وأدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الحج في السنة العاشرة من الهجرة ن ومنذ ذلك الوقت ومع انتشار الإسلام في أنحاء العالم أخذ عدد الحجاج في ازدياد مم أوجب توسعة المسجد الحرام والمطاف من وقت لأخر ، فقام عمر بن الخطاب رضى الله عنه ثاني الخلفاء الراشدين بأول توسعة ، وتمت آخر توسعة في العهد السعودي .
العهـد الاسـلامى الأول
سيدنا عمر رضى الله عنه 17هـ
حين وصل عمر رضى الله عنه إلى مكة لاداء العمرة ورأى ما اعترى الكعبة من سوء الحال أمر بأن يرمم ما بها من خلل وتروى بعض المصادر أن التلف سببه سيل أم نهشل الذى أنحدر من جانب المسعى وأحدث تلفاً عظيماً . ورأى أيضاً الحاجة إلى توسعة مساحة المسجد الحرام حول الكعبة كي يستوعب المسلمين الذين زاد عددهم فاقتضى ذلك هد بعض الدور القائمة حول الكعبة بعد أن دفع التعويضات المستحقة ، وتؤكد جميع الروايات الموثوق بها الحقيقة القائلة بأنه لم يكن هناك جدار يحيط بالكعبة على عهد النبي عليه الصلاة والسلام وعهد أبى بكر رضى الله عنه .
بنى عمر رضى الله عنه جداراً يحيط بالكعبة يرتفع اقل من قامة الإنسان وكان للجدار أبواب وقد وضعت عليه مصابيح كي تضيء بعد سدول الظلام . ويسجل التاريخ أيضا أنه أقام سداً ليمنع أي سيل آخر من أن يحدث أضرارا بالكعبة ، وكان صحن المسجد الحرام ذا أضلاع كثيرة ويضم بئر زمزم .
سيدنا عثمان بن عفان 26هـ
بعد مرور عشرة سنوات على توسعة المسجد الحرام في عهد الخليفة عمر رضى الله عنه، شعر الخليفة عثمان رضى الله عنه بالحاجة لتوسعة جديدة ، وكان ذلك لكثرة عدد الحجاج ولانتشار الإسلام السريع في أقطار جديدة . ففي سنة 26 هـ وسع المسجد الحرام بهدم الدور المحيطة بعد تعويض أصحابها وإضافة مساحتها إلى المسجد الحرام وجدد المسجد تجديداً شاملاً وفى عهده أدخلت الأروقة المسقوفة للمصلين لأول مرة . وكانت التوسعة على شكل مربع تقريباً بأركان مشطوفة .
نواصــــــــــــــل
|
|
 
|
|
|
|
دورنقاس
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست