|
المنبر – صخرة سيزيف أم إنهيار المعبد
|
أخانا العزيز الكريم بكرى أبو بكر
الزملاء الأعزاء
هو ذات الموضوع الذى تنادى به بعض زملاء أفاضل هنا، وماوددت قوله لا يخرج عن نفس المسار، ولكن أضف اليه إشفاقا ممزوجا بمحبة،و اعتذر مسبقا عن الإطالة، وعن تناقض القصد مع ممارسة المنهى عنه =====================
هاجس ثان
كما نرى، فقد بح صوت الرجاء من لدن أخينا بكرى، وربما التوسل كى لا نهدر ما هو متاح من ساحة، تقاس بالأرقام ومحدودية المجال لا تخفى على عين، أو أصبع، وقد كان الهاجس الأول قبل حين يذهب فى ذات السياق ويجرى فى نفس مجرى المعنى أى معنى؟
نسلم جميعنا هنا، بأن ما أتيح لنا فى هذا المنبر، يزيد عن كونه ملتقى لإتكاءات نرشف قيها بضع أقداح من قهوة الإمتاع والإستمتاع، ولكن يظل السؤال مائلا، وماهى تلك الزيادة؟ قد تكون مدركة ومفهومة ضمنا، وفى داخل اللاوعى لكل منا، ولكن كيف السبيل لإستنطاق ما ندرك ونفهم؟ وقد تختلف الرؤيا أيضا لدى بعض، كل على حسب إشتهاءه لكيفية إيجاد أو وجود المنبر، ولكن وحتى عند هذا البعض، وبقليل من التبصر وعقد القليل من العزم على تفعيل المتاح لما هو مرجو، سوف يؤدى الى تحقيق الفائدة، أو بعضا منها
ليسأل كل فرد منا هنا نفسه سؤال واحد أحد، ماذا يريد من هذا المنبر؟ وحين تطل الإجابة برأسها، حينها سوف تتفتح الطريق للوصول لا أقول الى حيث سدرة منتهى المبتغى فى تجليه الأعلى، بل لملامسة بعض الأغصان وتفيؤ ظل الإستفادة
الحوار والجدل والنقاش، كلمات تضرس بكل شراسة على مدار الكلام، وخلف كل منها عوالم وفضاءات من أمور أخر، كل واحد فيها يشكل بحد ذاته إشكالية أرى أنها، وحتى راهن اللحظة، قد إستعصت علينا وصعب الولوج الى دواخلها وإستثمار ما فيها من ثمار تكفل إشباع حاجتنا من جوع الأسئلة وما أكثرها الآن فى واقع نعرف مدى وعورته ومدى الحاجة الى فتح مسالك فيه، وإن ضاقت بنا أو بنفسها، للوصول الى صيغ عديدة، تبدأ من التصالح مع النفس أولا وما لها وما عليها، وتمر بتأطير القبول المتبادل مع الآخر، أيا كان هذا الآخر، لتنتهى بخلق وتشكيل يوتوبيا الحد الأدنى فى فسيفساء الواقع السودانى المر والذى كما قلت نعرف خطورة تداعياته وإرهاصات تصدعه الذى تعدى مرحلة القلق والتململ الى إشهار أسلحة فاتكة وبداية غرسها فى جسد هو الضمان وهو المعنى المحفز لخلق حياة نكون جديرين بها وتكون كافية ومغنية بنفسها وبكل مناحيها، عن غيرها لنا
كيف؟؟؟؟
لا أظن أن أحد، مهما بلغ من مثالية وتفاؤل ساذج، يعتقد بأننا ومن منطلق ما أنادى به من فقه متفق عليه، ضمنيا، للحوار هنا، لا أظنه يعتقد بتحقيق ما نريد بين رمشة طرف ومثيلتها، فنحن قطعا ها هنا، لا نخرج بتوصيات أو مقررات لوضعها بين لجان تنفيذية تتولى شأن التفعيل وخلق الواقع المحسوس، وليس فى استطاعتنا كذلك فرض أمر أو إملاءه على جهة ما، إذن ما هو السبيل لتفعيل المشاركة والإسهام، بكل أشكاله، بدءا من خاطرة رومانسية أو تهويمة صوفية، أو نص تحريضى مباشر أو قصيدة تحمل معناها خلف حروفها، وإنتهاءا بالشجب والإستنكار، وفى هذى وتلك، يكمن التحليل والإستبصار والإستلهام، يكمن الرأى والرأى المغاير، تتشكل الرؤى وتقتات على جنى إحداها من الأخرى، تتلاقح الأفكار وتتناسل، شريطة أن يكون معنى ومراد الحوار، هو طرح ما يراد طرحه، وضع البرهان والحجة، سيادة المنطق القويم على جاهلية الإنفعال الأعوج، وقبل كل ذلك، تقبل الآخر، ليس بدواعى تثبيت المنهج الديمقراطى التشاركى فحسب، بل تكريسا لبديهية وحتمية وجود هذا الآخر، متنافرا كان أو متطابقا
قد تطفو نرجسية التناول أو سذاجة الطرح من بين ما قيل، ولكنها حقيقة المشهد التحاورى هنا فى هذا المنبر واذا عدنا لطرح السؤال الجوهرى الأول، عن ماذا نريد من تواجدنا هنا، قد تتجلى الإجابة لكل فرد منا وتشخص أمامه، إن هو أعمل البصيرة واخترق غيهب ذلك السديم التخيلى المتوهم، فما من حوار إلا واستعجل أفراده الوصول الى خط النهاية، وغالبا ما ينتهى قبل أن يبدأ، ولا نكون قد عرفنا أو نابنا من الفهم سوى العنوان، وتصطدم الدهشة بقشرة الخارج، ويتأرجح السؤال ويراوح مكانه مثل صخرة سيزيف، فما أن يبدأ حتى يعود الى نقطة البدء، والخوف كل الخوف أن يتفجر فى داخل كل منا، شمشون يهدم المعبد على من فيه
المنبر هبة ربما لن ندرك قيمتها إلا اذا فقدناها، ليدلو كل فرد بدلو مما يحويه ماعون عطاءه، وليرمى كل واحد بسهم من كنانة أفكاره، كيفما شاء، فهناك فريق يحبذ مباشرة الطرح بما لديه من إسهام، وهناك من فريق يفضل عدم المباشرة فى تناول ما يريد، وأنا منه، ولكن ليكن هناك مبتغى وهدف فيما يقال، أيا كان نوعه وكيفما كانت طبيعته، وإدراك ذلك سهل ويسير لكل منا
لماذا لا تقام ندوة ثابتة يحدد موضوعها بدقة ويسهم فيها أصحاب الإختصاص حسب طبيعة ونوعية الموضوع المراد تناوله، لتعميق المفاهيم وإستيضاح ما خفى من جوانب قد تغيب عن البعض، وما أكثر المحاور والمواضيع، إن توفرت النوايا، وتخلت المواضيع السائدة عن طبيعة الجاليريهات إن جاز التشبيه
والى أن يتجوهر الأمل ويتكرس المراد، لا أقول فلنخض مع الخائضين، ولكن أقول لنترفق بأنفسنا وبما نمتلكه الآن من فرصة قد يصعب تكرارها، وإن تكررت فقد لا تكون كما نود
فلنشارك ونكتب، كل ما يريده، ولكن لتكن هناك فائدة ونتيجة، حتى لا يكون ما نستهلكه نحن وأخونا بكرى من وقت وجهد ومال، حصاد هشيم، فإن كان العائد مجزيا، كان الثمن مقنعا، حتى لا يضيع المنبر وتضيع معه فرصة هى أثمن ما تكون
لن أنادى بتقليل حجم المشاركة، بل بتفعيلها وجعلها على قدر العزم المنشود، ولا اقترح صيغة ما خف وزنه وغلا ثمنه، فكل جهد ومشاركة هى قطعا تحمل قيمتها فيها، سواء كبرت تلك القيمة أم صغرت، وفى كل إسهام يوجد حتما معنى وفائدة
وأعتذر بعد كل هذا التحبير، بل ويسكننى الخجل كذلك، لما استهلكته من قدر لا أظنه هينا من طاقة المنبر، لكنه والله هاجس المحبة وغريزة إبقاء ما هو جميل ومطلوب، لنا جميعا، فإن كنت لا محالة مقترف ذلك الإهدار، فإنى أتنازل طوعا عن مشاركاتى القادمة لأى مدة أرى أنها ستساوى ما اقتطعته من حجم المنبر
وليسامحنى هذا الطائى، بكرى أبو بكر، فوالله ما قصدت سوى الخير لنا ولهذا الوطن الصغير، لينعكس شعاعه دافئا وفائدة على الوطن الكبير
أدامكم الله
|
|
|
|
|
|
|
|
|