مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 11:52 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-24-2003, 02:50 PM

د.منصور خالد


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً

    في البدء كان اعتراف
    وَلَدَّت بشائر السلام التي عمت البلاد عقب اجتماع ماشاكوس الأول، (20 يوليو 2002)، ولقاء البشير-قرنق (27 يوليو 2002) انطباعاً لدى كثير من المراقبين أن أهل السودان قد يفلحون أخيراً في استنقاذ أنفسهم من متلازمة تدمير الذات (self-destruction syndrome) لينصرفوا إلى توحيد وطنهم على أساس طوعي رضائي، ثم إلى التسخير الرشيد لطاقاته المهدرة حتى يستدركوا ما فاتهم من نماء ورفاه. ذلك أمل كان له ما يبرره، رغم أن الأمل لغة هو رجاء ما يُستبعد وقوعه. كنا من المؤملين خيراً، ولرجائنا المستبشر دواعيه. أهم تلك الدواعي انتهاء مفاوضات ماشاكوس الأولى إلى توصيف سليم لظاهرة الحرب، وتحديد واضح لأعراضها ونتائجها. خُيل إلينا يومذاك أن المفاوضين من أرباب العقائد الذين صَيَّروا حرب السودان الأهلية جهاداً في سبيل الله، وحولوا خصومهم السياسيين إلى كفار لا ذمة لهم، ثم أوهموا ناشئتهم بهذا، قد نبذوا تلك الخُزَعْبيلات الأيديولوجية. تصورنا أيضاً أنهم بتلك القراءة الموضوعية الهادئة للواقع تخلوا عن الزُعمات التي ظلوا يستذرعون بها كلما انكبوا على وجوههم في حفرة حفروها بأيديهم، أو كلما أصبحوا في عشواء من أمرهم بسبب سياساتهم الجامحة (إنه ابتلاء يا شيخنا). ذلك التوصيف والتحديد تضمنتهما ديباجة البروتوكول التي جاءت على الوجه التالي:
    بما أن الطرفين يرغبان في الوصول إلى حل عادل ومستدام للصراع السوداني بمعالجة جذور الصراع وخلق اطار للحكم يحقق مشاركة عادلة في السلطة والثروة ويضمن حقوق الإنسان.
    ووعياً بأن حرب السودان هي أطول صراع متواصل في أفريقيا، وأنها كبدت البلاد خسائر مريعة، ودمرت البنى التحتية في القطر، وأهدرت موارده الاقتصادية، وقادت إلى معاناة غير محدودة، خاصة بالنسبة لأهل جنوب السودان.
    وإحساساً بالظلامات التاريخية والتباينات في التنمية بين مناطق القطر المختلفة وبضرورة رد ذلك الظلامات.
    واعترافاً بأن هذه فرصة سانحة للوصول إلى اتفاق سلام عادل ينهي الحرب.
    والتزاماً بالسعي للوصول إلى حل سلمي شامل متفاوض عليه للصراع السوداني بناء على إعلان مبادئ الإيقاد ولمصلحة كل أهل السودان ...
    ذلك هو الإطار الرؤيوي الذي انبنى عليه البروتوكول الرئيس، فما عداه تفصيل. ولو لبث النظام أو أبطأ عند مشروعه الحضاري الذي بشر به واندفع في سبيله غازياً ومرابطاً، لما كانت هناك جدوى لمواصلة الحوار، ناهيك عن إمكانية التوافق على بروتوكول حاكم. النزوح عن رطانة المشروع الحضاري إلى لغة يفهمها الناس، وتتناول المشاكل الحقيقية الملتصقة بحياتهم قاد للإعتراف بأن للازمة جذوراً سياسية على رأسها الظلم التاريخي، وأدى للإقرار بما تكبده السودان من خسائر وتدمير واهدار للموارد بسبب الحرب، ثم للالتزام بإنهاء تلك الحرب والعمل على تحقيق حل شامل ومتكامل للازمة السودانية.
    من الناحية الموضوعية استهدف البروتوكول في فقراته التطبيقية (operative paragraphs) خمس قضايا رئيسة:
    قضية السلام العادل
    قضية الوحدة الطوعية عبر ممارسة الجنوب لحق تقرير المصير، وبعد فترة انتقالية يعمل فيها الطرفان على جعل الوحدة خياراً مغرياً لأهل الجنوب.
    قضية الديمقراطية التعددية كمنهج للحكم في الفترة الانتقالية وما تليها من فترات والتأكيد على سيادة حكم القانون والالتزام دستورياً بمواثيق حقوق الإنسان.
    قضية نظام الحكم خلال تلك الفترة مع توصيف للخطوط العامة لسلطات الكيانات الحاكمة: الكيان الشمالي، الكيان الجنوبي، الكيان الوحدوي (union government) مع ترك التفصيلات للتفاوض.
    قضية الدين والسياسة والتي إستُهل الحديث حولها بديباجة تعترف بأن "السودان قطر متعدد الثقافات والأعراق والديانات واللغات"، وتؤكد أن "الدين لن يستخدم لأداة للتفرقة". ولا شك في أن إفراد فقرة خاصة في البروتوكول للحريات الدينية بدلاً من الاكتفاء بالإشارة إليها كجزء من الحريات المدنية التي تتضمنها مواثيق حقوق الإنسان المشار إليها آنفاً، يعني الاعتراف بأن لتلك القضية أهمية خاصة.
    هذه القضايا (باستثناء حق تقرير المصير لجنوب السودان) ظلت هي محاور التفاوض في كل محادثات السلام في الماضي منذ مؤتمر المائدة المستديرة والى الاتفاقات التي تمت في الفترة الديمقراطية التي تلت سقوط نظام نميري.
    من أين جاء حق تقرير المصير؟
    يعود إنسراب موضوع حق تقرير المصير إلى الخطاب السياسي الجنوبي إلى تداعيات انشقاق مشار / لام عن الحركة الشعبية ودعواهما لانفصال الجنوب. تلك الدعوة وجدت آذان صاغية حتى عند بعض عناصر الحركة التي إسَتَملت الحرب من أجل سودان جديد لا يدفع غيرها ثمن تحقيقه، إذ كادت تظن أن النضال لبناء سودان جديد سيمضي حتى آخر جندي في الجيش الشعبي. بالقطع، كان بالحركة من لم يَعترِ قلوبهم فتور يدفعهم للإعراض عن هدفهم الرئيس، وهؤلاء ملكوا القدرة على استيعاب تناقضات الوضع السوداني وعلى تجاوزها جدلياً على المستوى الفكري. ذلك هو المناخ الذي نشأت فيه فكرة حق تقرير المصير. فمن جانب، رأي السودانويون الجدد (New-Sudanists) في أوساط الحركة أن انفصال الجنوب ليس أمراً بسيطاً حتى يقضي فيه فصيل سياسي واحد، وإنما ينبغي أن يبت فيه كل أهل الجنوب متى ما استعيدت الديمقراطية. في ذات الوقت، أضاف هؤلاء، إن استعادة الديمقراطية وممارسة الجنوب لحق تقرير المصير لا يتحققان دون استرداد الفضاء السياسي الذي تسيطر عليه الجبهة، ولذلك، فلا معدي عن استمرار النضال ضد نظام حكمها، أراد المناضلون الوحدة أو الانفصال. وبهذا، ردت الحركة السهم إلى نحر من أطلقه من الذين انشقوا عنها وهم عازمون على تحقيق أمنيتهم (فصل الجنوب) بالتعاون مع النظام. على الصعيد الآخر، لم يتخذ اعتراف أحزاب الشمال بحق تقرير المصير للجنوب سبيله إلى الخطاب السياسي سَرَباً، بل كان أول ظهوره في بيان مشهود وقعه نظام الجبهة (ناب عنه علي الحاج) مع المنشقين عن الحركة (مثلهم لام اكول) في فرانكفورت عام 1992. في ذلك البيان أقر الطرفان الاعتراف بحق أهل الجنوب في تقرير مصيرهم. ازاء هذه الظروف ما كان في مقدور القوى السياسية الأخرى إلا الالتزام بما أصبح حداً أدنى في مطالب أهل الجنوب، خاصة بعد تبني الحركة له، وتضمينه في إعلان مبادئ الإيقاد. يفسر هذا، إلى جانب اعتبارات مبدئية (مثل الاعتراف بحق كل أقوام السودان في اختيار نظام الحكم الذي تريده) تبني التجمع الوطني لموضوع حق المصير في مقررات اسمرا 1995. هذه الإشارات التفصيليه ضرورية لادراك ما سيأتي، إذ بين الأحداث وتداعياتها علاقة سياقية.
    الشيطان في التفاصيل
    هذا تعبير لدوق ويلنقتون (قائد الجيش البريطاني في الحروب النابليونية ورئيس وزراء بريطانيا لفترة قصيرة) إسُتنهك كثيراً عقب محادثات ماشاكوس. وكانت الخشية واضحة لدى من كانوا يرددون ذلك التعبير من أن المفاوضات لن تتم على الوجه الذي يبتغيه الوسطاء، ويتمناه السودانيون. فرغم وعي جانب من أهل النظام بأن السلم خير؛ ورغم إدراك بعضهم أنه ـ على الأقل ـ شر لابد منه؛ إلا أن فريقاً آخر منهم لم يبرح ظنونه وأوهامه أن السلام فرصة لايهام الوسطاء وخداع الخصوم ريثما يلتقط النظام أنفاسه ويستعيد أراضيه. لذلك لم تكن مناقشة التفصيلات في مدينة ماشاكوس وضاحية كارين أمراً هيناً رغم تجاوز الطرفين الخلاف الحاد حول قضايا هامة مثل قسمة الثروة، الرئاسة الاتحادية، قضايا حقوق الإنسان وسيادة حكم القانون. وهكذا بقى على رأس التفصيلات التي اعتصى أمرها واشتد (بترتيب درجة تعصيها):
    الإجراءات الأمنية في الفترة الانتقالية، خاصة وجود جيشين قائمين (two standing armies) خلال تلك الفترة
    العاصمة القومية
    وضع المناطق المهمشة
    ثم بدرجة أقل استعصاء
    قسمة السلطة على المستوى الاتحادي (المستويات التي تلي الرئاسة)
    توسيع قاعدة المشاركة في الفترة الانتقالية
    ونزعم أنه لو قبلت الحركة وفاقاً مع النظام على النقطتين الأقل استعصاء حسبما كان يهوي، فلربما استطاعت الوصول إلى اتفاق معه على ما اشتد وَصلُب من نقاط الخلاف. فغاية النظام في البدء كانت هي الوصول إلى تحالف سياسي خلال الفترة الانتقالية مع الحركة (بمعزل عن كل القوى)، بدلاً عن شراكة في الحكم تقضي بها دواعي الوفاق، وتضبطها شروطه، ولا تفترض إنهاء التحالفات السياسية القائمة. وبلا شك كان النظام منطقياً مع نفسه إذ شُبه له أنه وحده (لا شريك له) هو المُعرب عن رأي أهل الشمال، كما هو أيضاً المُعبِر عن إرادتهم. ذلك وهم لا تعتد به الحركة، ولهذا لم تشارك النظام رؤاه حول نفسه، أو حول القوى السياسية الأخرى. كان، بلا ريب، للحركة رؤى خاصة بها حول السياسة في الشمال كونتها عبر عقدين من الزمان، كما تراكم لها فائض خبرة كبير في التعاون مع القوى الفاعلة فيه عبر هذين العقدين (من الشريف حسين الهندي 1983، إلى تجمع الانتفاضة في 1986 ثم التجمع الوطني الديمقراطي في اسمرا 1995).
    انطلاقاً من هذه الرؤى والتجارب استقر رأي الحركة على أن الحل الشامل للمشكل السوداني لا يبدأ باستئصال أي اتجاه سياسي، بما في ذلك الاتجاه السياسي الإسلامي. ومن المذهل أن لا يدرك نظام الجبهة هذه البدهية، خاصة وهو يتحدث إلى حركة ألقت وراء ظهرها ـ بعد جنوحها للسلم ـ شعارات طالما تبنتها في الماضي مع رفاق دربها السياسي (التجمع الوطني) مثل "الاقتلاع من الجذور". فكيف بالنظام يريد من هذه الحركة أن تلقي أيضاً وراء ظهرها رفاق الدرب هؤلاء على افتراض أنهم كم مهمل. من هنا جاء إصرارها على ضرورة أن تكون حكومة الفترة الانتقالية حكومة واسعة القاعدة، وعلى الاعتراف صراحة (لا ضمناً) أن قومية اللجنة التي ستراجع الأطر الدستورية والقانونية تعني تمثيل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني.
    لماذا لجأ النظام لمثل تلك الحيل؟ إن أسأنا الظن نقول أن غاية النظام من السلام هي التَمَسكن ريثما يتمكن، والتمكين مفردة هامة في قاموس الجبهة. ومتى ما تمكن من الاستفراد بحكم الشمال (بعون مباشر أو غير مباشر من الحليف الجديد) اتجه النظام فيما بعد إلى افتراس الحليف. أما إن احسنا الظن نقول أنه يريد السلام كغاية في حد ذاته بعد أن اتضح له ـ كما كان واضحاً للطرف الآخر ولجميع القوى السياسية السودانية المعارضة ـ عدم جدوى الحرب في حل المشاكل السياسية المتجذرة. ولكن، فيما يبدو، بقيت عناصر بعينها في النظام - بل مدرسة نافذة فيه- تمنى النفس بتحقيق السلام وتطمع، في ذات الوقت، في استمرار هيمنتها على مفاصل الحكم وعلى مفاتيح التحكم بالسلطة خلال الفترة الانتقالية. هذه المدرسة لا تريد الاعتراف أبداً أن للسلام ثمناً واجب السداد، وعلى الفور. وقلما تسائل نفسها لِمَ سيقبل الذين ظلوا يلتقطون قفاز التحدي كلما رمى به إليهم النظام تلك القسمة الضيزى؟ ولماذا سيقبل الوسطاء أن يكونوا عرابين لاتفاق يقدم السودان كله في طبق من ذهب لنظام لبعضهم فيه رأى غير إيجابي، ولأكثرهم مخاوف منه؟ وكيف سيرتضي الرقباء الذين ما فتئ بعضهم يتعقب نظام الإنقاذ لانتهاكاته لحقوق الإنسان، فرض سلام يبقى على الوجه القبيح لذلك النظام مهما ظن المستقبحون أن في وجوههم نضرة النعيم. هناك أيضاً ما هو أدنى ...، كيف لأولئك النافذين إقناع المفاوضين الذين يجلسون قُبالتهم أن النظام الذي ثبت لهم أنه لا يعرف معنى كلمة شراكة (في الحكم أو السياسة أو التجارة) يمكن أن يكون شريكاً صدوقاً في المرحلة الانتقالية.
    من أولئك واحد نروي قصته لما لها من دلالات. وفد تعبان دينق قاي إلى الخرطوم مسالماً (من الداخل) ففُرش له البساط الأحمر، ووُقِعت معه العهود والاتفاقات، و"أشُرك" في السلطة بمعنى أن اصبح له مكتب وراتب ومنزل وسيارة وسائق وحارس ولحم طير مما يشتهون، وذلك لحم لا يستطاب إلا مع المنكر من الشراب. ولكن ما أن رغب تعبان الذي ابيحت له ولصحبه المنكرات في ممارسة السياسة الحقيقية وابتناء وجوده في الخرطوم على قاعدة شعبية، لا على التابعية (clientelism) للنظام، حتى جوبه بما نسميه في السودان "العين الحمراء". رشح تعبان نفسه لعضوية المجلس الوطني في إحدى دوائر جنوب الخرطوم المضمونة منافساً للأستاذ عبد الباسط سبدرات، وكان واثقاً من تأييد أهله الجنوبيين ذوي الوجود الغالب في تلك الدائرة. وعقب إعلان ترشيحه استدعاه اثنان من أساطين النظام (بكري حسن صالح ومجذوب الخليفة والي الخرطوم) وطلبا منه سحب ترشيحه، إلا أن الرجل الواثق من سنده الجماهيري تأبى وأستنكر. عندها قال له الوالي: "إن أصررت على الترشيح فلن نضمن سلامتك". فهم جيداً تعبان الذي صدق أسطورة السلام من الداخل، كما صدق خرافة المشاركة في السلطة تلك الرسالة التي جاءت من رجل يُفترض أن يجد عنده المواطن الأمان والحماية، ثم رد قائلاً: "دعني أفكر". تعبان المؤمن بالشراكة وبالسلام فكر وقدر، فقُتل كيف قدر، فما حاله بعد أن كفر بهما؟ فكر وقدر مرة أخرى، فلم يهده التفكير والتقدير هذه المرة إلا للتوجه مباشرة إلى مطار الخرطوم لينسَل من "العاصمة القومية" إلى "العواصم الأجنبية" حيث يتوفر له الأمان والحماية.
    مع كل، لم يكن الاتفاق على قسمة السلطة على المستوى الاتحادي ليستعصي كثيراً على المفاوضين طالما ارتكزت تلك القسمة على معطيات موضوعية مثل نسبة السكان، التمييز الإيجابي (affirmative action) في الاختيار للمواقع القيادية والوسيطة بالخدمة العامة الاتحادية بهدف إنهاء التباينات التي أشارت إليها ديباجة البروتوكول، إلى جانب مقتضيات العدالة الطبيعية. كما لم يكن ليتعسر الوصول إلى وفاق حول الإجراءات الأمنية، وحول المناطق المهمشة والعاصمة الوطنية، لو نوقشت تلك القضايا بعيداً عن الثنائيات الضدية المغلوطة مثل ثنائية العلمانية والدينية. وهذه ثنائية مغلوطة ليس فقط لأن المعادل للعلمانية هو الكهانة والكهنوت وليس الدين، وإنما أيضاً لأن الدستور الذي تحكم به الجبهة نفسها يكاد يكون علمانياً. ذلك موضوع تناولناه باريحية في كتاب اتسع للتفصيل، ولكن في هذا المقال نكتفي بالقول أن تلك الثنائية المصطنعة أصبحت منفذاً للفهم الخاطئ لقضايا الدنيا والآخرة، كما صارت ذريعة للقياس الفاسد الذي خلق في عقول ممارسيه تناقضاً غير ضروري بين الدين والدنيا. كنا دوماً نصف أسرى الحتميات (أياً كان منبتها) بالبؤس. ثم ظننا من بعد سقوط تلك الحتميات في كل العالم (من تومشوارا في رومانيا إلى كهوف تورا بورا في أفغانستان)، أن أساراها سيستفيقون من غفلتهم بعد تلك الأحداث الجسام . وفي الحالة السودانية الراهنة قَدَرنا أن الواقع الكارثي الذي أنجبته مشروعات الإحياء والبعث الحضاري سيُلجم البعثيين الحضاريين، ويحد من غلوائهم، إن لم يحملهم على الإعتذار للشعب الذي آذوه. ففي كل العالم يعترف صناع الكوارث بخطأهم، ويعتذرون عما ألحقوه بالناس من أذى، ولهذا تمضي الحياة سيرتها: تشرق الشمس كل صباح في المشرق ثم تجري لمستقر لها في المغرب، أياً كان الحاكم. أما في السودان فقد جاءت الجبهة إلى السلطة بآمال عراض، واتيحت لها فرصة الزمن الممتد والهيمنة الكاملة على جميع أوجه الحياة لتحقق للسودان نقله "حضارية"، واتجهت في سبيل تحقيق تلك الغاية إلى تشويه الذاكرة الجماعية بل المخيال الجمعي لشعب السودان. ومع أن مسعاها خسر خسراناً مبيناً، وأن أي يوم جديد يضاف إلى حياتها لن يزيدها، فيما هو جلى، غير تخسير، ما انفك اليقين الزائف يستبد برؤوس بعض أهلها. صحيح أن الإخفاق السياسي الذريع لا يلغي وحده الجبهة من خارطة السياسة السودانية، إلا انه، بالضرورة، يجعلها غير مؤهلة لأن تكون صاحب الرأي الفصل في مصير البلاد، ويلزمها بالكف عن لغوها بأن واقع السودان البائس هو النعيم بعينه. عجبي، مازال في الجبهة من يظن أنها لو تخلت عن الحكم، أو توقفت عن التأنق في الكلام الفارغ عن حماية الوطن والعقيدة، لما أشرقت الشمس، ولكف النيل عن الجريان. لا غرو إذن، أن اخذ المتكلمون بمثل هذا اَللغَا ينزلقون من مغالطة إلى أخرى.
    توحيد الجيش الوطني .. أي جيش؟
    من المغالطات التي يكذبها الواقع، مثلاً، دعواهم حول الطابع الوطني (أي غير الحزبي) للجيش السوداني. ففي علم الكافة أن الجبهة منذ أول يوم لها في الحكم، اجتهدت في تمزيق الجيش، وتشريد رجالاته، وتلقيح من ابقت عليه منهم بجرعات كثيفة من الأفكار الموبوءة، وأي فكر يغذي ثقافة العنف ويشحن البغضاء في النفوس فكر موبوء. من بعد، أولت الجبهة أمر من بقى في الجيش النظامي لأهل "الثقة" من بين أوساطها بدلاً من أهل الدراية المهنية. كان من الممكن الاتفاق على حل لقضية ترتيبات الفترة الانتقالية لو افتطن النظام والوسطاء إلى أن الحركة لن تتخلى عن جيشها في الفترة الانتقالية باعتبار أن تماسكه هو الضمانة الوحيدة التي تملكها لردع أي محاولة للانفلات من اتفاق السلام. كما كان الاتفاق مقدوراً عليه لو وعي النظام أن ليس بالسودان اليوم أحد يصدق أن جيش البلاد مازال جيشاً وطنياً، غير حزبي. ولربما كان الحديث عن الجيش الوطني صحيحاً في العهود التي سبقت هذا العهد، فيومذاك كان من الجائز القول أن وجود جيش نظير "للجيش الوطني" أمر ضد طبائع الأشياء. ولكن "الجيش الوطني"، كما "الأمن الوطني" لم يعودا في هذا الزمان كما كانا في الماضي، جهازين قوميين، بل اصبحا أداتين لحماية نظام حزبي شمولي، ولقمع خصوم ذلك النظام. هذا ما ظل التجمع يسميه استبدال الجبهة لدولة الوطن بدولة الحزب. ولعل الذي يستحق أن يطلق عليه أسم الجيش الوطني هو عشرات الآلاف من الضباط الذين سرحوا من الخدمة لا لذنب مهني جنوه، وإنما لعدم انتمائهم للحزب الحاكم أو لانتمائهم المزعوم للحزب الخطأ من وجهة نظر الحاكمين. هذا بالطبع لا يعني أن نظام الجبهة قد حول كل جندي سوداني إلى حزبي مؤطر يحمل كرتاً أو يرتدي لحية مميزة، وإنما يعني أن أغلب القوى الضاربة في الجيش، وكل الذين يمسكون مفاتيح التحكم فيه هم أصحاب انتماء وولاء خاص لحزب سياسي هو الذي يوجه ويقرر ويلزم. من جانبها، لا تملك الحركة الالتزام بوحدة القطر خلال الفترة الانتقالية، وبإدارته على المستوى الاتحادي عبر حكومة قومية، دون أن ترتضي مبدأ قيادة عليا للقوات المسلحة في جميع القطر يُتفق عليها، ودون أن تقبل وجود كيان قيادي موحد لها يحقق الانضباط والتناغم داخلها بتوحيد الزي وبرامج التدريب والتسليح والتهيئة الفنية، ثم استراتيجيات الدفاع عن الوطن. هذه أمور يعرفها العسكريون ذوو الدربة اكثر مما يعرفها الذين حولوا الجيش الوطني إلى فيالق جهاد ديني وجعلوا عقيدته الجهاد في سبيل الله. وعله يصار إلى الاستفادة من أولئك العسكريين بدلاً من التعويل على أرباب العقائد الذين ربما انطلت عليهم التكاذيب التي أفشوها ثم صدقوها. مثال ذلك، الإدعاء في منبر التفاوض أن الجيش وأجهزة الأمن في عهد الجبهة هي أجهزة وطنية لا حزبية، وأن الخدمة المدنية والقضاء مؤسستان محايدتان، وأن المؤسسات الاقتصادية العامة هي منشآت يملكها شعب السودان وليست نهباً لقلة من أهله ينتظمهم حزب واحد.
    المناطق المهمشة
    الصلف السياسي ذهب بالجماعة الحاكمة إلى أن تنسب لنفسها ـ مع كل الخيبات السياسية ـ عصمة تبيح لها سلطاناً يعلو على الإرادة العامة رغم اعتماد دستورها الراهن الإجماع الوطني مصدراً للتشريع. بموجب تلك العصمة حددت الجماعة الحاكمة للناس خطوط حمراء في المأكل والمشرب والملبس والحل والترحال لا يتجاوزونها أبداً وتطبق في كل أقاليم الشمال والجنوب التي يسيطر عليها النظام. ورغم أن تلك الخطوط الحمراء قد رُسِمت، كما قيل، وفق أحكام الشريعة، إلا أنها طبقت على المسلم دون ضوابطها الشرعية، وعلى غير المسلم دون حجة أو مشروعية. فلا عجب أن كان من أهم نقاط الخلاف حول حقوق المناطق المهمشة (خاصة جبال النوبة والنيل الأزرق) موضوع القوانين التي تحكم هذه المناطق وضرورة توافقها مع رغائب أهلها، وعاداتهم وإرادتهم الحرة. تلك القوانين الجائحة أُلحِقت في واحد من هذين الإقليمين (جبال النوبة) بفتاوي نسبت للإسلام وهي تسئ إليه بالغ الإساءة مثل الفتوى التي أصدرها، بإيعاز من النظام، أئمة المساجد بالأبيض في 27/4/1993 يكفرون فيها مسلمي جبال النوبة الذين انضموا للجيش الشعبي ويبيحون سبيهم ومصادرة أموالهم. لهذا، عندما يقول المتحدثون باسم النظام في مفاوضات السلام أن نظامهم لن يتراجع أبداً عن تطبيق الشريعة في الشمال بما فيه هذين الإقليمين، فأنه يتجاهل أن أنظار المتحدثين باسم هذه المناطق لا تتجه إلى شئ وهمي اسمه الشريعة، وإنما تتجه تواً إلى الممارسات التي لم يعرفوا معها دعة، وإلى القوانين التي لم يعرفوا معها أمناً، والتي طرأت عليهم في هذا العهد.
    من جانب آخر، نقدر أن أهل الجبال وجنوب النيل الأزرق لا يرغبون في الانفصال عن دولة السودان. كما أعلنت الحركة أنها لا تعتبر هاتين المنطقتين جزءاً من الجنوب الجغرافي (حسب التعريف السائد لحدوده منذ أول حدود يناير 1956). لهذا، فلئن طالب الإقليمان بالانضمام إلى الكيان الجنوبي خلال الفترة الانتقالية، ووفق ما سيقرره أهلوهما طواعية (عبر استفتاء)، فلا يجب أن يفهم هذا إلا في ظل المعطيات السياسية الراهنة:
    أولاً ظل الإقليمان يحاربان كجزء لا يتجزأ من الجيش الشعبي ولهذا تصبح قضيتهما السياسية أيضاً جزءاً لا يتجزأ من معادلة السلام
    ثانياً يُقَدِر أهل المنطقتين الذين شاركوا أهل الجنوب الضراء، أن الجنوب سيحظى بعناية خارجية خاصة خلال الفترة الانتقالية، إلى جانب الثروة الجديدة التي مَنَ بها الله عليه، ولهذا يتمنون أن يكون لهم نصيب أيضاً في السراء، وإلا "طلعوا من المولد بدون حمص".
    فالحكمة تقضي بأن يحرص الحاكم أو السياسي الشمالي على إدراك ما يدفع أهل هاتين المنطقتين إلى المواقف التي يتخذون، ثم التعامل مع تلك المواقف بناءً على هذا الإدراك. ولربما تقضي الانتهازية الواعية أيضاً بالتجاوب في نهاية الأمر، مع ما يطالب به أهل المنطقتين أولاً لأنه لا يضير كثيراً أن تبعت المنطقتان الكيان الجنوبي أو الشمالي إن بقى السودان موحداً. وثانياً لأن اضافة الثقل السكاني الكبير لأهل جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق إلى الكيان الجنوبي سيرجح كفة دعاة الوحدة عند ممارسة تقرير المصير.
    العاصمة القومية
    حملات الاستقطاب حول العاصمة القومية والقانون الذي يحكمها لم تبدأ بإعلان القاهرة، بل بدأت منذ اليوم الذي أعلن فيه الفريق البشير في مناسبة جهادية: "سنفنى جميعاً حتى لا تصبح الخرطوم عاصمة علمانية". وما الضجة التي أثيرت أخيراً حول إعلان القاهرة في 24/5/2003 (وقعه محمد عثمان الميرغني، صادق المهدي، جون قرنق) وورقة العمل المشتركة بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والمؤتمر الشعبي حول قضايا السلام والتحول الديمقراطي، والتي صدرت بلندن في 3 يونيو (وقعها عن الحركة نيهال دينق نيهال وعن الشعبي على الحاج محمد) إلا زوبعة في فنجان. جوهر إعلان القاهرة هو دعم مسيرة السلام والمطالبة بشمول المشاركة فيها حتى يحاط السلام بسياج من التأييد الوطني. هذا أمر ينبغي أن لا يثير ثائرة النظام باعتبار أن شمول الحل هو إحدى الغايات التي حددتها ديباجة البروتوكول الذي وقعه مع الحركة. أما ورقة العمل فأكدت، هي الأخرى، أن "إنهاء الحرب وإحلال السلام العادل هدف لشعب السودان بكل تنوعه الديني والإقليمي والثقافي"، وإن "بروتوكول ماشاكوس فتح نافذة طيبة وأتاح سانحة يجب أن لا تُضَْيع". أولا ينبغي أن يُدخِل هذان البيانان المسره في قلب النظام؟ أو لا يجدر بالنظام شكر قرنق الانفصالي المزعوم على سعيه لتوحيد كل أهل الشمال حول اتفاق ماشاكوس؟ أولاً يُقدَّر الفريق البشير أن افلاح قرنق في الوصول إلى اتفاق مع القيادات الدينية في الشمال حول موضوع العاصمة ينجيه من أي تزيد عليه حول هذا الموضوع؟ أولا يرى، بوجه عام، أن تحقيق معجزة الإجماع الوطني حول اتفاق ماشاكوس ستمكنه (أي البشير) من الحصول على جائزة لم يحصل عليها أي حاكم شمالي منذ الاستقلال: حكم سودان موحد لفترة متفق عليها وبرضى الشمال كله والجنوب كله. هذا أمر لم يتأت لنميري رغم سنوات السلام العشر التي عاشها السودان في عهده بعد اتفاق أديس أبابا. فخلال تلك السنوات التي عم فيها السلام الجنوب كان نميري يخوض حرباً شرسة ضد كل الأحزاب الشمالية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. نتساءل ما الذي يحول دون الكاسب الأكبر من السلام أن يقول لأعداء السلام من رجاله الذين لم ييسرهم الله إلا للعسرى: "استقيموا كما أمرتم"، إن لم يتهيأ له أن يقول لهم: "حبلكم على غاربكم"، أي ولوا حيث أردتم"
    القضية ليست قضية دينية، كما يزعمون بل هي سياسية محضة، إذ لا ينتقص من الدين في شئ أن يقول إعلان القاهرة أن: "شكل الحكم وحق تقرير المصير وعلاقة الدين بالدولة تم معالجتها في إعلان نيروبي 1993 ومواثيق اسمرا 1995 بطريقة تتيح الحفاظ على وحدة السودان عبر المساواة في الحقوق والواجبات الدستورية ولذا فأنهم (أي الأطراف الثلاثة الموقعة على الإعلان) يرون بأن الاتفاق على قومية العاصمة التي تساوي بين كافة الأديان والمعتقدات ضرورة لازمة للحفاظ على وحدة بلادنا على أسس جديدة". كما لا يضير الدين في شئ قول ورقة العمل: "تعتمد الفترة الانتقالية على الإجماع الوطني قاعدة للتشريع كما هو قاعدة للسياسات، بما يساهم في درء مفسدة الحرب، وبما يقدم مثالاً لعاصمة قومية واحدة تجعل وحدة السودان خياراً جاذباً غالباً عند الاستفتاء على تقرير المصير والقرار من بعد للشعب السوداني في اختيار دستوره الدائم في ظل نظام ديمقراطي".
    جاءت الإشارة في المذكرتين للقوانين التي تحكم العاصمة القومية في سياق أوسع هو توطيد الوحدة، ودرء الحرب، وإبتناء التشريع والسياسات على الإجماع وليس على أي دين بعينه. تلك العناصر الإيجابية في المذكرتين لم يَرَها أغلب من أفضى برأي حولهما من أهل النظام. أغلبهم استمسك بنقطة واحدة آثر أن يجعل منها محوراً للملاحاة. من أولئك نستثني قلة فطنت لجوهر الوثيقتين، وسعت للتعامل الإيجابي معهما، وإن بقى في نفوسهم شئ من حتى: غازي صلاح الدين (الحرية 28 مايو)، قطبي المهدي (الأيام 26 مايو) إبراهيم أحمد عمر (الخرطوم 26 مايو)، مصطفى عثمان إسماعيل (الرأي العام 8 يونيو). هؤلاء كانوا، رغم ما بقى في نفوسهم من "حتى"، أكثر دراية بضرورات الواقع ودواعي السياسة. أما الذين حرنوا عند ثوابتهم "الدينية" - وهي ثوابت ظنينة كما أثبتت التجارب- فهم الذين سيحولون النصر المحدود إلى هزيمة ماحقة لهم ولتوجههم، ثم يخرجون من الملعب في النهاية أصفار اليدين. فماشاكوس، بدلاً من أن تكون الأداة التي ستمكن نظام الجبهة من اقتلاع النصر من براثن الهزائم التي ألحقها بنفسه، ستصبح الأداة المثلى لتكريس هزيمة النظام على يد غلاته، أياً كان موقعهم. هؤلاء لا يدركون، فيما هو جلى، أن ماشاكوس هي خارطة الطريق الوحيدة المتاحة لهم اليوم لتحقيق القبول الداخلي لنظام حكمهم، ولإضفاء شرعية خارجية عليه حيث أن تحقيق السلام وحده هو الذي سيطهر النظام من كل ما أوجب إدانته عالمياً. وفي السياسة سينتهي دوماً إلى لا شئ، من يطمع في كسب كل شئ وهو لا يملك أياً من الأوراق التي تهئ للنجاح.
    بعض من هؤلاء الطامعين مازال يعيش في يقين زائف بصحة أحكامه، واطمئنان غريب أن كل فكر يخالف فكره، وكل حكم يناقض أحكامه، هو بدعة وضلالة. وعند ما تنسد الطرق يودي اليقين الزائف دوماً بأهله إلى الشمشونية (علي وعلى أعدائي يا رب). الطرق، ـ أن لم يعرف المستيقنون بعد ـ مسدودة تماماً اليوم. لهذا فإن كان مبتغاهم هو (علي وعلى أعدائي يا رب) فأن هذه، وايم الحق، عدمية سياسية، والعدمية استراتيجية يائسين. الشيخ الترابي على الأقل ابتلع كبرياءه واعترف بخطئه في سبيل إنقاذ مشروع انفق أربعين عاماً من عمره لبنائه، فما بال الذين لا أرضاً قطعوا، ولا ظهراً أبقوا من تابعيه يعاندون ويكابرون حتى اللحظة.
    ما صحة القول أن في معاودة الحديث حول العاصمة القومية نكوصاً عما اتفق عليه في ماشاكوس؟ حقيقة، لم يتضمن بروتوكول ماشاكوس حرفاً واحداً حول العاصمة القومية، إذ ترك أمر العاصمة كله للمناقشة بحسبانه من التفاصيل. كلما استقر الرأي عليه هو استمرار السودان دولة موحدة خلال الفترة الانتقالية بدلاً من أن يصبح دولة كونفدرالية كما طرحت الحركة. وخلال المفاوضات تراوحت الآراء حول العلمانية بين تلك التي تدعو إلى قيام عاصمة جديدة خالية من القوانين الدينية (طرح الحركة)، أو قيام عاصمتين هما الخرطوم وجوبا (طرح الحكومة). من بعد، توافقت آراء الطرفين والوسطاء على استحالة تنفيذ الطرحين (صعوبة إنشاء عاصمة جديدة للسودان في الفترة الانتقالية المحدودة، وبهاظة تكلفتها التي لن يحتملها السودان ولا يرغب الوسطاء في تحملها من جهة، وعدم واقعية المقترح الحكومي، خاصة فيما يتعلق بتوزيع المؤسسات الحكومية : الرئاسة، البرلمان، القضاء، الوزارات بين مدينتين متباعدتين، من جهة أخرى). ازاء هذه الاحتمالات تقدم وفد الحركة بحل وسط هو الموافقة على بقاء العاصمة حيث هي الآن في الشمال على أن لا يخضع الجزء الذي يمثل قصبة البلاد ويعتبر مقراً لأجهزة السلطة الأميرية فيها لأي قوانين دينية. ولو كان الانفصال هو الهدف النهائي للحركة لقبلت فكرة ازدواجية العاصمة، ولما عناها ما سيجري في الخرطوم خلال الفترة الانتقالية. لهذا يصبح القول أن الأمر حسم تماماً في ماشاكوس بالصورة الميكانيكية التبسيطية التي يوحي بها النظام، قول مردود. فهم يقولون أن بروتوكول ماشاكوس نص على أن يحكم الشمال وفق قوانين الشريعة، وبما أن الخرطوم تقع في الشمال، فيفترض أن يكون الاتفاق قد تم على القانون الذي يحكم العاصمة. بهذه البساطة يكون قد "قضي الأمر الذي كنتما فيه تستفيان". تلك استهانة بذلك الأمر، واستخفاف بالعقول لا يصدران إلا من لم يدرك بعد روح ماشاكوس. بل هي لغة لا تنطلي إلا على الطيور: "go and tell it to the birds".
    بيانا القاهرة ولندن أوقعا النظام في حرج بالغ، وكان الحرج سياسياً وفكرياً. للحرج السياسي وجهان، الأول هو امتحان حرص النظام على وحدة البلاد، واختبار صدق وعده بالسعي لكيما يجعل من الوحدة خياراً مغرياً، والثاني هو تعرية دعواه أنه المعبر "الشرعي الوحيد" عن ضمير مسلمي السودان "الذين لا يرضون عن شرع الله بديلاً". وفي الوجه الأخير مزعمان في واحد: احتكار الحديث باسم الشمال والإدعاء أن التشريعات والسياسات التي تطبق الآن في السودان (وهي تشريعات مختلطة النسب) هي شرع الله الذي لا بديل عنه، ولنا في المزعمين منازعة.
    فحول حرص النظام على الوحدة وعلى جعلها خياراً مغرياً، لا يبدو ذلك الحرص جلياً عندما يترك النظام الحبل على الغارب لمهيجي الفتن ضد ما يسمى اليوم علمنة العاصمة، أو عندما لا يني يلح على ضرورة إخضاع عاصمة الدولة التي يراد لها أن تنتظم أقواماً متفرقي المعتقد، متنوعي الديانات، لقوانين ذات اصل ديني. ليت النظام استذكر أن وراء الإشارة إلى أن لا يصبح الدين أداة تفرقه في بروتوكول ماشاكوس أسباب. أهم هذه الأسباب هو أن الدين أصبح ذريعة تفرقه (منذ سبتمبر 1983)، وصار عملياً هو المحدد الوحيد للهوية الوطنية منذ 30 يونيو 1989 بالرغم من كل المواد التي تضمنها دستور النظام بهدف إعلاء المواطنة. هذان الاعتباران بالذات كانا وراء التركيز الكثيف على قضية الدين والدولة في ماشاكوس بصورة لم تعرفها كل محادثات السلام السابقة بما فيها محادثات أديس أبابا 1972، وكوكادام 1986. فمنذا الذي يصدق أن النظام الذي يفتقد الحساسية السياسية تجاه هذه المخاوف - واتفاق السلام لما يوقع بعد - سيكون اكثر إحساساً بها بعد توقيع الاتفاق وبدء الفترة الانتقالية. أما حول التعبير عن الوجدان الديني لمسلمي الشمال، فإن إجماع ثلاثة زعماء شماليين ذوي أصول دينية على رؤية مشتركة حول القوانين التي تحكم العاصمة القومية ريثما يتفق جميع أهل السودان الموحد على دستور يرضيهم جميعاً، يسقط إدعاء النظام أنه وحده الذي يعبر عن الوجدان الديني لمسلمي الشمال. هذا الإجماع ليس بالجديد على اثنين منهما (الميرغني منذ اتفاق الميرغني – قرنق في نوفمبر 1988 والمهدي منذ اتفاق القصر في أبريل 1989، ثم اتفاقهما مع كل القوى السياسية على مشروع تجميد قوانين سبتمبر الذي كان من المقرر إصداره في الثلاثين من يونيو 1989). وما بادرت الجبهة بانقلابها إلا لإجهاض ذلك المشروع والذي لم يشذ عن الإجماع عليه غير الجبهة. أما الزعيم الثالث (الترابي) فقد ابتنى موقفه الجديد، كما قال، تحقيقاً لمصلحة هي الوحدة، ودرءاً لضرر بليغ، هو الحرب.
    جوهر القضية، إذن، ليس هو ولاية الخرطوم أو مدينة الخرطوم، أو القانون الذي ينبغي أن يحكم كليهما وإنما هو عاصمة الدولة الاتحادية، أياً كانت. فإن كان للسودان أن يبقى موحداً ـ ليس فقط في الفترة التي تعقب الاستفتاء على تقرير المصير، بل وفي الفترة التي تسبقه ـ لابد له من عاصمة. تلك العاصمة (لأسباب عملية قاهرة) لا يمكن أن إلا تكون حيث هي الآن. فإن تعذر هذا لأن هناك من يرى أن تطبيق "الشريعة" ـ أياً كان معنى التعبير ـ أهم من وحدة البلاد، فعلى صاحب هذا الرأي أيضاً أن يقبل دعوة الطرف الآخر للذهاب مباشرة إلى ممارسة حق تقرير المصير دون عبور فترة انتقالية (zero interim period). هذا بالفعل ما أعلنه أحد مفاوضي الحركة (باقان اموم، الحياة 13 يونيو)، فلمصلحة من تدفع الأمور إلى ذلك الاتجاه؟ ويخطئ دعاة تمزيق السودان في سبيل الإبقاء على شريعة وهمية إن ظنوا بأن انفصال الجنوب سيبقى لهم فضاءاً جغرافياً في الشمال يمارسون فيه سلطانهم الديني. تُرى هل سيقر هؤلاء عيناً في الرقعة الجغرافية التي نطلق عليها أسم الشمال، إن كان في جبال النوبة انفجار، وفي الشرق احتقان، وفي الانقسنا وميض نار، وفي دارفور فتنة توقدت بعد أن يئس بنوها من أنظمة الحكم في الخرطوم، بل تحقق حذر الذين انخرطوا منهم في الحركة الإسلامية أن الإسلام نفسه أصبح مطية سياسية لحكام الشمال المتأسلمين. هؤلاء جميعاً، وبكل مشاكلهم المعقدة، لن يقنعهم أحد أن حل تلك المشاكل سيتم بتطبيق الشريعة. هذا إدعاء لا يقدم عليه إلا رجل يسكن في بلاد الوقواق (Cuckoo Land).
    فرية العلمانية
    التنطع في الحديث حول علمانية العاصمة بلغ أقصى مداه عندما نسب بعض المتحدثين باسم النظام بياني القاهرة ولندن إلى ما أسموه العلمانية. هذا قول غير مستقيم، بل فيه ارتياب لأن البيانين لم يشيرا إلى العلمانية تصريحاً أو تلميحاً، وما أقحم العلمانية في التعليق على البيانين إلا الراغبون في الهروب من مواجهة يوم الحساب، يوم سداد فاتورة السلام. ومن الغريب أن ينجذب إلى الحديث عن العلمانية في معرض التعليق على البيانين المقيم والظاعن من المعلقين الإسلاميين. تساءل، مثلاً، الأستاذ جعفر شيخ إدريس (14 يونيو، الرأي العام) عن ما الذي يعنيه قرنق عندما يطالب بعاصمة علمانية؟ السؤال مشروع بلا شك لو طرح قبل ماشاكوس؟ وهو مشروع لو قالت الحركة انها تريد خرطوماً علمانية؟ ظلت تقول دوماً في ساحة التفاوض أنها تريد مدينة لا تخضع للأحكام الدينية (أي دين). وكان السؤال سيصبح مشروعاً لو وردت إشارة للعلمانية في إعلان القاهرة أو بيان لندن، أولو لم يكن قرنق قد أعلن في مصر نفسها أنه لا يسعى إلا لأن تحكم الخرطوم بقوانين شبيهة بتلك التي تحكم بها القاهرة.
    موقف الحركة من موضوع الدين والدولة، بوجه عام، حسم نهائياً في الفقرة السادسة من بروتوكول ماشاكوس، وهي الفقرة التي التزم الطرفان بتضمينها في الدستور. وتنص الفقرة على الاعتراف بأن الأديان والاعراف والمعتقدات (وليس ديناً واحداً) هي مصدر الهام لمعاني الفضيلة ومبادئ السلوك الأخلاقي. مفاد هذا النص أن "العلمانية" المبتغاة لا تعني بحال نفي الدين عن المجتمع أو إنكار دوره في تشكيل حياة البشر. كما تنص نفس الفقرة على وجوب صيانة حرية المعتقد والعبادة والضمير لأتباع كل الأديان والمعتقدات والعادات، وتحريم التمييز بينهم، لاعتبارات دينية، عند الاختيار للوظيفة العامة بما فيها الرئاسة والخدمة العامة، وعلى الاعتراف بأن التمتع بكافة الحقوق والواجبات يستمد من المواطنة وليس من الدين أو العقيدة أو العادات. تلك الحقوق والواجبات حددتها الفقرة بإسهاب قصد منه أن لا يترك أي مجال للتملص فأوردت: حق أهل الأديان والعقائد في إنشاء أماكن العبادة، المؤسسات الخيرية، المعاهد الدينية، الحصول على الدعم، المادي والعيني، تدريب الكوادر الدينية القيادية. جميع هذه الحقوق هي حقوق للأفراد والجماعات من أهل كل دين وعقيدة والمؤسسات التي تنتظمهم، ولا دور للدولة في الإشراف أو الإنفاق عليها. واخراج الدولة من محيط الانفاق على النشاط الديني هو جوهر العلمانية، ولهذا يطلق على المادة من الدستور الفرنسي التي تُحَّرم على الدولة الإنفاق على المناشط الدينية مادة الفصل بين الدين والدولة. وكأن كل هذا لم يَكفِ، أضافت الفقرة ما يلي: "لتفادي أي شك لا تُخضع الحكومة الاتحادية أو حكومات الولايات ومؤسساتها أي شخص أو مجموعة لأي تمييز على اساس الدين أو المعتقد". فأن كان هناك من لم يزل يريد أن يعرف ما الذي يعنيه قرنق بالفصل بين الدين والدولة، فلا سبيل لإقناعه بعد هذا حتى وإن اصبح البحر مداداً للكلمات.
    الزج بموضوع العلمانية في هذه القضية السياسية هو محاولة لتزييف دلالات اللغة بالاستخدام المخادع للكلمات. ولو أردنا أن ننهج هذا السبيل لقلنا أن في الفقرة السابعة من بروتوكول ماشاكوس تكريس للعلمانية، كما أن أقرب دستور سوداني لها (نظرياً) هو دستور 1995. فدساتير السودان شبه العلمانية (1956، 1964) صمتت عن موضوع الدين صمتاً مطلقاً، ودستور مايو 1973 اسقط الإشارات لدين الدولة كما لم يلحق بالدولة صفة الإسلامية التي وردت في مشروع الدستور الإسلامي 1968. اعترف دستور 1973 أيضاً بكل الأديان وكريم المعتقدات، واعترف بالشريعة والعرف كمصدرين للتشريع. أما دستور الجبهة فقد أخذ من المشروع المايوي بطرف، وأغفل كل الإشارات التي تضمنها من قبل مشروع الدستور الإسلامي 1968 والتي قيل يومها أن إعلاء راية الدين لا تتم بدونها (وبالمناسبة خرجت نفس طوابير الدفاع عن الوطن والعقيدة يومذاك، يتصدرها نفس المطاوعية تتهدد كل من تسول له نفسه العبث بشرع الله). دستور 1995 تضمن أيضاً مادة تبيح حتى للمسلم حرية الخروج عن دينه لأنها تحظر الإكراه في الدين (المادة 24).
    الحديث عن مخاطر "العلمانية" على الشريعة كشف، بلا مراء، عن مقاتل دعاة تطبيق الشريعة، بل أبان تحقيرهم لها موضوعياً إذ اختزل شرع الله كله في الحكومة في الجنايات، أي في أحقر ممارسات الإنسان. تساءل كاتب إسلامي (الطيب زين العابدين) "ما هي القوانين الإسلامية السارية التي يمكن أن يحس غير المسلم بتضرره منها؟" أجاب، مُجملاً إياها في الحدود، على الوجه التالي: حد السرقة، حد الحرابة، حد الردة، حد الزنا، حد القتل، حد القذف، حظر القمار، حظر الخمر، حظر الدعارة، حظر المعاملات الربوية ( البيان الإماراتية 4 يونيو). ثم قال عن الأخيرة أن فقهاء النظام أجازوها بدعوى تحقيق المصلحة (بناء خزان مروي). هذا تقويم صحيح، فقد تلخصت أقوال كل المتفصحين بالحديث عن مخاطر "تعطيل شرع الله" في العاصمة القومية عن احتمال عودة الفجور والفسوق والرذيلة إليها بعد "علمنتها". ومظهر الفسوق والرذيلة، فيما توحى خطابات التحريض، هو حانات الخمر والملاهي. من يسمع هذا يظن أن خرطوم ما قبل سبتمبر 1983(التاريخ الذي أغلقت فيه الحانات وأبيدت الخمور) كانت مستوطنة للاثم، أو يظن أن القاهرة وعمان والرباط ودمشق مدن تبيض فيها الرذيلة وتفرخ لأنها لا تطبق الحدود، أو أن المدن التي يُحد فيها الزاني ويعاقب شارب الخمر، سجناً أو جلداً أو تغريباً، قد أصبحت طاهرة بنفسها مطهرة لغيرها. مع ذلك، هل هذه هي الشريعة التي قيل أن مليوناً من البشر سيحشدون لاستنكار "محاولات الالتفاف عليها عبر دعوات حركة التمرد والأمة والاتحادي لعلمانية العاصمة" كما أوردت الصحف؟ وإن افترضنا أن العلمانية تعني التنكر للشريعة فهل تقلصت الشريعة السمحاء كلها في إغلاق الحانات. هذا الاختزال الضيق للشريعة يجعل نظرة الحاشدين والمحشودين لها نظرة قاصرة لا تختلف كثيراً عن الصورة التي استقبل بها الديمقراطية الرجل الذي شق طريقه وسط مظاهرات أبريل 1985 ليهتف "عائد عائد يا ارونت" (ارونت صاحب متجر ارمني لبيع الخمور في أمدرمان). فإن تلخصت نظرة ذلك الرجل للديمقراطية كلها في رفع الحظر عن بيع الخمور، فقد تلخصت الشريعة أيضاً عند هؤلاء في الحيلولة دون عودة ارونت. أما كبريات الذنوب، والآثام التي تفوق في ثقلها جبال عرفة، فلا تعنيهم في شئ. ومن المخزي أن يتباطأ المسلمون المستنيرون في إنقاذ غوغاء المسلمين من طفولتهم العقلية، بل أكثر خزياً التباري في حشدهم وحشرهم وراء الأباطيل لزيادتهم جهالة.
    هذه ليست فقط غوغائية فجة تَعود بنا إلى هوس الستينات الذي أخذ بعض مطاوعيته يطلون بوجوههم من جديد، بل هي أيضاً بخس لشرع الله. هوس الستينات أودى بالسودان إلى الإمامة الظلامية في الثمانينات، ثم إلى الدوغماطية الدينية والعنف المقدس في التسعينات، وأخيراً إلى استشراس الهمجية حين أصبح في السودان أناس يهدرون دماء البشر، ثم يمشون في الأسواق أحرار طلقاء. أما تقليص الدولة "الإسلامية" كلها لدواعي وجودها في محاربة الفسوق فأمر محير. فما شأن حظر الخمر، وحظر القمار، وحظر الدعارة، وحظر المعاملات الربوية بالحرب في الجنوب، والفتنة في دارفور، وتفشي السل في البجة، وعودة الكلازار إلى شرق الاستوائية وأعالي النيل الأزرق، وتزايد عطالة المتعلمين في كل أنحاء السودان، وتدهور الخدمات الصحية في ربوعه، وعجز الدولة "الإسلامية" عن سداد أجر العامل لا قبل أن يجف عرقه، بل حتى بعد أن جف عرقه وريقه (المعلمون مثلاً)، ثم أزمة مياه الشرب في "العاصمة القومية" التي تقع بين نهرين. الانصراف لمعالجة كل هذه الأمور هو واجب أي حكم صالح، وهي بالقطع من واجبات الحاكم الإسلامي الذي يعرف مقاصد الشرع. نعم بعض هذه المشاكل لم يصنعها النظام الراهن بل ورثها. ولكن النظام الراهن هو الذي يحكم منذ أكثر من عقد من الزمان، وهو الذي يحدد أولويات الحكم، وهو الذي شاء من بداهة حكمه الاستئثار بالحكم، وحذر من يرى غير ذلك بالقول: "من أراد أن تثكله أمه" فليبد لنا صفحته.
    أهل النظام ليسوا أغبياء بالدرجة التي لا يستبصرون معها كل هذه الحقائق. بل نستطيع أن نقول أن حكم الجبهة ـ أكثر من أي نظام حزبي سبقه ـ قد تمكن من حشد أكبر مجموعة من المتعلمين في مواقع المسئولية. كما لا نصدق أن الدين هو الحافز الأساس لهذه التحركات المحمومة. نحن نعرف، وهم يعرفون أن الإسلام لن يؤذه الخميرون والمقامرون بأكثر مما آذاه الذين قتلوا ثم قتلوا ثم قتلوا النفس التي حرم الله. نحن نعرف، وهم يعرفون أنه لو كانت النفس بالنفس، والعين بالعين، والأنف بالأنف، والأذن بالأذن، والسن بالسن في دولة شرع الله هذه لأصبحت الخرطوم هي العاصمة القومية للمعوقين والمشوهين، ولكان أكثر المشوهين من الذين يَدَّعون الحرص على تطبيق الشريعة أو يَدعون لتطبيقها. هؤلاء جميعاً لم يبلغوا غاية الدين في أنفسهم (أغاية الدين أن تحفوا شواربكم)، أو يتمثلوه في حيواتهم. عنهم غاب جوهر الإسلام، وكنه الشريعة، وغاية الدين. فالإسلام قيم، والشريعة ميزان، والدين مقاصد. هذه القيم والمقاصد هي التي يتمثلها أو يستهدي بها الحاكم المسلم لأنها أشبه بالحق وأحب إلى الله. ففي رسالة عمر رضي الله عنه إلى شريح كتب أمير المؤمنين: "أعرف الأمثال ثم أعمد فيما ترى إلى أحبها إلى الله وأشبهها بالحق".
    نحن أيضاً نعرف وهم يعرفون أن أحكام الشرع المزعومة حول الشرب والملبس والزنا لا تطبق إلا انتقاءً، وهذا نفاق كبير، بل هو ازراء بشرع الله. فأحكام الشريعة المزعومة لا تطبق إلا على اللطيم المسكين. لا تطبق إلا على المشرد المحروم الذي لا يعرف أخاً يرعاه، وعلى "ستات العرقي" اللائى لا يعرفن زوجاً يحدب عليهن. لا تطبق أحكام الشريعة أيضاً إلا على من يريد النظام إذلاله، أو الإساءة إليه، أو التشهير به. وفي سبيل هذا طالت المسلم وغير المسلم (الذي يقال اليوم أنه لا يخضع لأحكامها). طُبقت عقوبة الزنى على القس النوباوي دون اعتبار لدينه أو رعاية لقواعد إثباتها، كما عوقب على الشرب القانوني المسلم ابتزازاً، والفنان المرموق الذي يحمل جواز سفر غير سوداني نكاية به (وقيل لاجترائه على زيارة الترابي)، والمواطن القبطي الذي كان يحتل مكاناً مرموقاً في منظمة إقليمية وما أنقذه من حكم التغريب (النفي الداخلي) دينه أو موقعه. وفي أغلب هذه الحالات صدرت الأحكام اعتماداً على دعاوي الاتهام بصورة حصريه، رغم أنها جميعاً حالات تُسقط فيها الشبهة الحد، ولا تُقبل شهادة الأمام إلا أن يأتي ببينه، كما لا يعتبر علم القاضي حجة إثبات. هذا انتهاك لشرع الله لا إنقاذ له، كما صحبه تزمت لم يذهب إليه الحنابلة رغم أن شيخهم أحمد هو القائل: "لو كان في الرجل مائة خصلة وكان يشرب الخمر محتها كلها". الأمام احمد التمس المعاذير لكبير القراء خلف معلم إبنه عبد الله بن أحمد بن حنبل، وكان خلف ينتبذ على مذهب الحنفية. كما التمسها لفقهاء الكوفة، وقد أباحوا شرب النبيذ. قال حاتم الاصم: "حادثت احمد بن حنبل فيمن شرب النبيذ من أهل الكوفة، وسميت له عدداً منهم". قال: "هذه زلات لهم، لا تسقط عدالتهم". لسنا بصدد البحث عن سند لهذا الرأي أو ذاك، ولا تلك هي غايتنا حتى لا يستدرجنا المتفيقهون. نريد فقط أن نبين أن ما يسمى الشريعة، ويتلاحى القوم في أمره اليوم، أحابيل سياسية. فالشريعة المزعومة تطبق لمصلحة، وتعطل لمصلحة، والمصلحة دوماً ليست هي مصلحة الجماعة أو الدين. يضحك المرء حقاً عندما يقال اليوم: "ستبقى العاصمة اسلامية ولكن سيسمح لغير المسلمين فيها بما تبيحه عوائدهم في المأكل والمشرب "لأن الإسلام يعفي غير المسلمين من أحكامه"، هذا ما تقول الفتوى موديل 2003. نتساءل إن كان هذا الحكم قد تنزل بعد بروتوكول ماشاكوس، أم أن هذا هو ما يقول به شرع الله منذ قديم الزمان. وإن كان الحال كذلك، فأي سلطان ذلك الذي أباح للنظام تبديل شرع الله بالأمس (بتطبيقه على من لا يجوز تطبيقه عليهم)، ولا يبيح اليوم تبديله درءاً لمفسدة أو تحقيقاً لمصلحة (ومصالح العباد لا تقتصر فقط على بناء الخزانات). لا يدري القوم حقاً أي حرج يوقعون أنفسهم فيه عند ما يختزلون الشرع كله في حظر الخمر، ثم يقررون إباحته لغير المسلم بعد أن استذكروا للمرة الأولى منذ إعلانهم الشريعة أن لاحد على الذمى والمستأمن في ظاهر الرواية. ما قولهم، إذن، في أحكام الشريعة في غير الحدود: مثلاً، حقوق المرأة غير المسلمة في الشهادة، أنطبق عليها "شرع الله" ونحرمها من حقها الدستوري في المساواة، أم نعفيها من تطبيق "الشرع" عليها لأن أحكام الشريعة شخصية؟ بمعنى آخر، هل نفرض عدم المساواة على المسلمة، ونعفي منه غير المسلمة؟ ثم ما حكم غير المسلم الذي يود أن يتاجر في الخمر لبني دينه، أيمنع من ذلك أم يباح له به بصرف النظر عن الضوابط الإدارية التي قد تفرضها السلطة الأميرية المدنية. تلك الضوابط لا شأن لها بالشريعة أو التحريم إذ ظلت تطبقها البلديات (بدون شريعة) لأسباب تتعلق بالأمن والصحة واحترام الشعور العام. ونذكر لأبل الير انه أول حاكم وطني لجوبا (سبقه رتل من الإداريين الشماليين المسلمين) أمر بتحريم السكر في الأماكن العامة وإغلاق الحانات خلال ساعات العمل. وقد طور الدكتور الراحل جعفر بخيت تلك الضوابط إلى ما عرف بقانون الشم (منع بيع الخمور في المناطق السكنية، وقرب المدارس والمعاهد، وبعيداً عن دور العبادة (لم يقل المساجد) بحيث، كما قال، لا تُلمس الخمر ولا ترى ولا تشم). أليس مؤسفاً حقاً أن ننزلق إلى مثل هذه الأمور، وكأنا قد فرغنا من يوم الحساب. ثم أليس مؤسفاً أن ينزلق إليها من جاء على صهوة جواد أبيض حاملاً راية الشريعة ليقيم في السودان حضارة جديدة. يخطي من يظن أن أحداً سيأخذ دعاوي التحضير هذه مأخذ جد بعد اليوم. وأكثر منه خطأ من يتوقع من أي سوداني، مسلماً كان أو غير مسلم، أن يطمئن إلى أيكال أمر دينه أو دنياه لقوم تتبدل أحكامهم بمقتضى الحاجة والضرورة على الدوام، ولا يستحيون من أن ينسبوا التبديل في كل الحالات إلى الله. ثم كيف بربكم يمكن للمرء أن يعاقد على "حماية الوطن والعقيدة" أناساً دأبهم وعادتهم تبديل آية مكان آية، وما يبدل الآيات إلا رب العباد. أو نظلمهم إن قلنا إن هؤلاء قوم لا يؤتمنون على حِمل بعير.
    الأزمة المزدوجة
    ما هي القضية إذن؟ تناولنا في الكثير مما كتبنا أوجه القصور الفكري والمنهجي التي شابت تجربة الحكم "الإسلامي" الراهن. وانتهينا إلى أن أزمة تديين السياسة لا تكمن البته في اعتبار الدين قيمة مهيمنة على الحياة، وإنما في محاولة الدعاة الجدد تطويع الدين (وهو مطلق) كيما يتوافق مع عمل الدنيا في كل ضروبه (وهي نسبية). هذا التطويع كثيراً ما كان يتم بأسلوب تلفيقي، وبلا هدى من كتاب منير أو وعي بالواقع المحيط بالمجتمع. التلفيق واضح في نسبة التشريعات السائدة ذات المصادر المختلطة إلى الشريعة، في الوقت الذي لا تتجاوز فيها التشريعات المستمدة من المصادر الإسلامية غير نذر يسير من القوانين هي ما أجمله الأستاذ الطيب زين العابدين. أما تجاهل الواقع فأشد وبالاً. فالذي يتجاهل الواقع يتجاهله التاريخ لأن الواقع فاعل يتربص بنا في أفقين تاريخيين هما الراهن والمنظور. وإن كان ثمة وعي عند أولئك الدعاة فهو وعي ماضوي استرجاعي يقود إلى جنايات مركبة: جناية على الواقع الراهن لأنه يفرض عليه ما ترفضه كيمياؤه؛ وجناية على الإسلام لأنه يجعل من شرعه شرعاً قاصراً عن استيعاب المتحول، وجناية على الفقهاء القدامى الذين أبدعوا في الفتاوى بمقتضى ظروف زمانهم ومكانهم. فالعيب ليس فيهم وإنما فيمن قلدهم دون تبصر للواقع الفاعل أو المقاصد الكلية للدين. وصدق ابن خلدون عندما قال أن التقليد الأعمى لا يعني أن الأموات أحياء بل أن الأحياء أموات.
    كان الأمر ليهون لو وقف عند الأزمة المعرفيه، ولكنه اتخذ بعداً خلقياً. فالحركة الإسلامية في السودان لا تتعرض اليوم لامتحان سياسي فقط، بل أيضاً لامتحان أخلاقي، وفي نهاية الأمر، فإن الإسلام، قبل أن يكون عقائد وأحكام، هو مكارم أخلاق تنتظم، فيما تنتظم، الصدق والعدل والإحسان والاستقامة والتناهي عن المنكر والبغي. لذلك لن ينطلي على أحد تباكى الذين ظلوا يتنكرون لكل هذه القيم على ضياع شرع الله. وما اختزالهم الشرع في تحريم الخمر ولعب الميسر إلا محاولة لإلها، الناس بضغار الذنوب عن كبائر الإثم. ولربما لو كان الذين شمروا عن سواعدهم لإفشاء دين الله في الأرض يتمثلون تلك القيم لما نازعهم أحد في السلطان، ولأورثهم الله الأرض. فإن كانت تجربة الحكم الإسلامي في السودان قد هزت الأركان وزلزلت الوجدان فما ذلك إلا بسبب التناقض الفاحش فيها بين الأقوال والأفعال. ومن المؤسي، أن لا يرى الحاكمون المعاسرون ما في الكذب والظلم والأيتام والأثكال الذي مارسوه ـ ومازال بعضهم يحن لممارسته ـ ما يسئ إلى دينهم. هم، كما يقول الكميت بن زيد،
    رضوا بفعال السوء من أمر دينهم
    فقد ايتموا طوراً عداءاً وأنكلوا
    هؤلاء الأبرار في عيون أنفسهم (رغم كل الأيتام والأثكال والعنف والاحتفاء بالشر) يكادون لا يرون أنهم يأتون أمراً أداً. هذا صلف لا يسطيعه إلا من اراد الله فتنته، "ومن يريد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم". أولم نرهم يحرفون الكلم من بعد مواضعه، بل يجدون دوماً منادح للكذب على البشر، والتكذب باسم الخالق في كل مناسبة. أن الذين يأذون البشر ولا يحسون بأنهم آذوهم، ويظلمون الناس ثم يحتفون بالآم من ظلموهم، هم أكثر قربى بملتاثي العقل. ولربما لو حسن الظن بهم قلنا أن روح القياصرة والأباطرة قد تلبستهم فحسبوا ظلمهم عدلاً، واذاهم رحمة، دون أن ينبغ من بينهم جستنيان واحد. القياصرة والأباطرة وحدهم هم الذين يحسبون الظلم عدلاً؛ أولم يقال عن بوليوس قيصر في رائعة شكسبير: "إن قيصر لا يظلم إلا لسبب عادل".
    يتساءل المرء عن مصدر كل هذا الصلف والغلواء، أهو "تخانة الجلد"؟ أم هو فقدان الإحساس؟ أم هو الجنون؟ أم هو الأيمان بأنهم حقاً سمعوا مثل جان دارك صوتاً من السماء ينادي في السَحَر، وذلك أيضاً ضرب من الخبل. يخيل لنا أن الجماعة التي تضع العصى في دولاب مفاوضات السلام لم تدرك، بعد، أنها تدير بلداً، لا اتحاداً للطلاب في الجامعة، حيث نمت تلك الجماعة وتوثقت عرى صداقتها. وأن هذا البلد هو أكبر بلاد أفريقيا مساحة وأعرقها حضارة. وأنه ـ بامتداداته الجغرافية والديموغرافية ـ يؤثر على دول ذات وزن في القارة في الشمال والشرق والجنوب. وأن هذه الدول ومن يساندها أو يرعاها لن تترك مثل هذا البلد مرتعاً لسفهاء سياسة (بالمعني الشرعي للسفاهة)، والسفاهة من موجبات الوصاية والحجر. ثم أن هذا البلد هو مسرح لأطول حرب أهلية في أفريقيا أقلقت العالم حتى عزم النافذون فيه على إنهائها بأي وسيلة (by hook or by crook)، وقد شهدنا عينات من هذه الوسائل. هذه الجماعة، فيما نخال، تبحث لها عن قضية منذ أن تخلت عن أمهات الثوابت امتثالاً لواقع ما بعد 11 سبتمبر، ومنذ الانشقاق الذي طرأ على الحركة الإسلامية. حتى أصبح بعض منهم في حالة لا توازن مشت. هؤلاء وجدوا في موضوع العلمانية المزعومة تكأة يستندون عليها ليستردوا وجوههم فكرياً إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا. على أن التصادم المفتعل بينهم وبين العالم المحيط بهم في الداخل والخارج سيفضي إلى انفجارات لا قبل لهم بها. ولن يفيدهم في شئ الهروب إلى الأمام من الواقع الخارجي غير الصديق (محلياً ودولياً) والذي يحيط بتلك الجماعة إحاطة السوار بالمعصم، وبين عالمها الداخلي التخيلي، عالم الحبور الموهوم. وفي ضوء معطيات الواقع الحقيقي، لا الافتراضي أو التخيلي، فأن "الاسترجال" الصدامي الذي لا يدعمه تكافؤ داخلي أو خارجي في موازين القوى هو ستراتيجية يأس وفناء. أوتذكرون أيها المصادمون رجلاً يدعى صدام إتخذ، هو الآخر، من الله أكبر شعاراً لراياته؟ يبقى سؤال: لماذا تريد هذه المجموعة الصغيرة من المتعلمين الأذكياء (مهما كان من أمر إيمانها بما تدعو له) أن تختطف السودان، وتختطف الإسلام، ثم ترتهن مصير الشعب السوداني ومستقبله رغم كل خيباتها؟
    أخلاقيات التفاوض والنكوص عن العهود
    الحرج والضيق بالبيانين دفع بعض رجال النظام لردود فعل تجاوزت المنطق والمعقولية. من ردود الفعل تلك، اتهام الحركة بالخروج عن أخلاقيات التفاوض، والتشغيب الإعلامي نتيجة الانتقال بالقضايا المطروحة على مائدة التفاوض للمنابر العامة، ثم النكوص عما اتفق عليه. حقاً، لو فعلت الحركة كل هذه الأفاعيل لركبت وزراً يثقل الظهر وكان عليها وزرها. بيد أن الواقع غير هذا، فبروتوكول ماشاكوس، مثلاً، لا يحرم على المتفاوضين الحوار مع القوى السياسية الأخرى التي لا تشارك في المفاوضات حول القضايا العامة بما فيها تلك التي يدور حولها التفاوض. هذا ما ظلت الحركة تفعله مع التجمع وفصائله، ويفعله النظام مع تلك الفصائل فرادى وهو عازم على تمزيق صفوفها. في نفس الوقت لم يَكُف المؤتمر الوطني عن تلمس السبل للوفاق مع الشيخ الترابي ومؤتمره، فلماذا يؤرقه تواصل الحركة مع نفس الجماعة. ولكن، إن كانت مبادرات النظام بالحوار مع خصومه السياسيين في الشمال تكشف عن العقلية التآمرية التي مازالت تسيطر على رؤوس بعض قياداته (استدراج الأحزاب الشمالية الدينية لخلق جبهة إسلامية ضد غير المسلمين وغير الإسلاميين أو توحيد الحركة الإسلامية ضد مناهضيها)، فأن الذي تسعى إليه الحركة (توحيد رؤى القوى السياسية بما فيها المؤتمر الشعبي حول السلام الشامل والديمقراطية) هو أشد قربى بالحل الشامل الذي يتغياه بروتوكول ماشاكوس.
    أما اتهام الحركة بالخروج عن أخلاقيات التفاوض فلا يقدم عليه إلا جرئ على الحق. ليس من عدم الأخلاق، مثلاً، أن تتداول الحركة الرأي علانية مع قيادات العمل الوطني حول قضايا تهم الوطن كله، ولكن الذي يناقض الأخلاق هو اتخاذ منبر التفاوض ساحة لاستغواء مفاوضي الطرف الآخر كما حدث مع عضو وفد جنوب النيل الأزرق (رمضان ياسين) خلال التفاوض حول مستقبل المناطق الثلاث وإغرائه بترك تنظيمه والعودة للخرطوم. ونتمنى أن يكون النظام قد حاسب رجالات أمنه الذين ظل يدسهم وسط وفود التفاوض، لا على تجاوزهم "أخلاقيات التفاوض" وإنما لخيبتهم الأمنية. فأن كان لهؤلاء من إنجاز واحد عقب تلك "العملية التفاوضية" فهو تطهير وفد جنوب النيل الأزرق من فأرة عمياء (mole) وسطه، وحرمان النظام من أحد غواصاته بين صفوف "الأعداء"، ويا لذلك من نجاح.
    يناقض الأخلاق وطبيعة الأشياء أيضاً استمرار النظام في برامج التعبئة الجهادية (برنامج ساحات الفداء) في تلفزيون السودان، وما العدائيات التي تم الاتفاق على إيقافها إلا مظهر واحد من مظاهر ثقافة العنف الكريه التي تشيعها هذه البرامج. كما ليس من أخلاقيات التفاوض أن تستمر تلك الأجهزة (الأجهزة الأمنية) في تلفيق، ثم تسريب الأخبار حول الحركة إلى صحيفة خرطومية بائرة تنطق باسم تلك الأجهزة. مثال ذلك الرسائل المضحكة التي قيل أن قرنق تبادلها مع اسياس أفورقي حول الزيارة المزعومة التي قام بها الأول لإسرائيل. وهي حقاً مضحكة لاحتشادها بأخطاء لغوية لا تصدر حتى من الكاتب على الآلة الطابعة في مكتب قرنق، دعك عن صدورها من "البنج" (أي الكبير بلغة الدينكا). ولعل صناع الكلام الملفوق ـ أن عزموا مستقبلاً على المثابرة على تلفيقهم ـ يقون أنفسهم الحرج لو استعانوا ببيت خبرة في الترجمة الإنجليزية. في هذه الحالات الثلاث اكتفت الحركة بتنبيه الوسطاء والرقباء إلى سؤ النية التي صحبتها، وإلى ما فيها من تجاهل كامل لأحكام اللعبة، دون أن تهدد بالانسحاب أو إيقاف التفاوض. ولربما كان من رأى قيادة الحركة أن لا تعطي الفرصة للعناصر المخربة داخل النظام والتي لا تبتغي من "طرطشتها" هذه غير إفشال الحل السلمي حتى وإن قاد ذلك لهدم المعبد فوق رأسها ورؤوس غيرها.
    من ردود الفعل غير المعافاة تزيد نفر من رجالات النظام فيما لا مكان فيه للتزيد، واستطالة بعض آخر فيما لا قدرة لهم على الاستطالة فيه. فمثلاً، قال المتحدث الرسمي باسم وفد التفاوض (سيد الخطيب)، "إذا تراجعت الحركة عن مسألة العاصمة كما جاء في إعلان القاهرة فسيجعلنا هذا نعيد النظر في كل بروتوكول ماشاكوس بما فيه حق تقرير المصير" (لقاء تنويري جمع ممثلين للصحف بمركز الدراسات الاستراتيجية بالخرطوم 9 يونيو). أما رفيقه نافع على نافع فقد استشعر قوة دفعته لتحذير الحركة والوسطاء. قال : "يجب أن يعلموا أن أي عودة لمناقشة أي بند من بنود ماشاكوس التي سبق حسمها ستجعلنا نعيد فتح البروتوكول بكامله بما في ذلك حق تقرير المصير وقسمة السلطة والثروة" (27 مايو الأيام). وأن جاز لديدبان الأمن أن يعتسر الحديث دون تدبر، فما خطب الخطيب المفاوض يقول هذا وهو العارف بأن أمر عاصمة الاتحاد ظل عظمة نزاع في كل اللقاءات التي تداول فيها المفاوضون موضوع السلطة. مشكلة النظام، فيما يؤكد لنا تواتر مقولات المتحدثين باسمه، أنه يحسب أن جميع وجهات النظر التي يطرحها للتفاوض هي ما تم الاتفاق عليه، أو ما ينبغي أن يكون عليه الاتفاق. لا يعنيهم في كثير أو قليل إن قبل الطرف الآخر ذلك الرأي أو رفضه، أو أن كان للآخر طرح بديل. ولعل هذا هو الذي يجعل التفاوض مع بعض عناصر النظام جهداً يرى بعض مفاوضي الحركة أن التقاط الزئبق بشوكة الأكل أسهل منه كثيراًَ.
    أن الحديث عن مقايضة حق تقرير المصير بموضوع العاصمة القومية والتراجع عنه تزيد لا معنى له، وغلو غير حكيم. فكما قلنا، تضافرت ظروف داخلية وخارجية لكيما تجعل من منح الجنوب حق تقرير المصير أمراً يعسر النكوص عنه. ولعل الظروف الداخلية وحدها (مبادرة النظام-قبل غيره- بطرح حق تقرير المصير، تبني المعارضة الشمالية له، تلاقي الجنوبيين حوله بمن فيهم نصراء النظام من دعاة السلام من الداخل) لن تردع الراغب في الميل عن القصد، أو العازم على الازورار عن العهد، ولحكومات الشمال تاريخ حافل في نقض الوعود والعهود. أما المؤثرات الخارجية فلن يقدم على تجاوزها إلا شمشوني مغامر، خاصة وسيف ديموقليس (قانون سلام السودان) مسلط على الرؤوس. ذلك القانون، فيما هو معروف، أقام كل مبادرته السلمية على إعلان مبادئ الإيقاد الصادر في 20/7/1994 (المادة السادسة من القانون). وفي إعلان المبادئ خياران: الوحدة وفق شروط يرتضيها الطرفان، أو حق تقرير المصير الذي لا يستثني أي خيار بما في ذلك الانفصال. ولعله لم يدر بخلد الملوحين بالتخلي عن حق تقرير المصير أيضاً أن التعهد بمنح الجنوب حق تقرير المصير، كان واسطة العقد في مشروع السلام من الداخل مع "إخواننا الجنوبيين". فما الذي سيصنعه بالطبعة الأولى من كتاب تقرير المصير (طبعة فرانكفورت والخرطوم) الراغبون في مصادرة الطبعة الثانية (طبعة ماشاكوس)؟
    من المعاظلات غير الموفقة إشارات المتحدث باسم المفاوضين حول الرئاسة والتي قادت، فيما يبدو، إلى اتهامه بالاستعلاء العرقي (لقاء مركز الدراسات الاستراتيجية بالخرطوم 8 يونيو)، ولعل في التهمة ظلم. في واحدة من تلك الإشارات ذكر أن "اتفاقاً تم على أن يستمر البشير رئيساً للجمهورية وأن يصبح رئيس الحركة الشعبية نائباً للرئيس". أضاف أنه بمقتضى الاتفاق "فإن جون قرنق لن يتولى رئاسة الجمهورية حتى إذا شغر منصب الرئاسة لأي سبب من الأسباب لأن الاتفاق ينص على ذلك". ومن المحزن أن يتحول الحوار حول مستقبل وطن إلى جدل حول أشخاص بعينهم، من منهم يتولى ماذا؟ وما كان هذا الجدل يشتد لو لم يكن أسم واحد منهم عمر، واسم الثاني جون، ولم لم يكونا ينتميان لبلدين مختلفين (على الأقل في مخيال المجادلين)، ولم لم يكن واحد منها مسلماً والثاني غير مسلم. من المدهش أن تخطر هذه التمايزات في قلوب نفس الأشخاص الذين ما اعتلوا منبراً منذ توقيع بروتوكول ماشاكوس إلا ليؤكدوا فيه إيمانهم بوحدة السودان. ومن المثير أن تجئ ممن أقر أن المواطنة هي أساس الحقوق "بما في ذلك حق تولي رئاسة الجمهورية". ويفيد أن نذكر أن النص حول الرئاسة والمواطنة لم يرد في باب اقتسام السلطة، أو في الفصل حول المبادئ الدستورية، وإنما ورد في الباب المتعلق بالدين والسياسة في اتفاق ماشاكوس. هذا يبين بجلاء أي نوع من التمييز كانت الحركة تحرص على التحوط ضده منذ اليوم الأول.
    قضية الرئاسة تناولها أيضاً الدكتور غازي تناولاً طريفاً عندما قال أن الرئاسة تتم بالانتخابات (أي أن البشير رئيس منتخب)، ولكن قرنق، كما قال غازي، يسعى للوصول لها بالتسلل في الملعب. تلك واحدة من اطاريف رجل يعرف له صحابه مزايا كثيرة، ليس من بينها روح الدعابة. تعليقاً على تلك الاطروفة قال قرنق: "لم اشهد أحداً في الملعب يرفع لي الكرت الأحمر"، أضاف: "ليبحث غازي عن اللاعب الذي تسلل في الملعب وعندما جوبه بأكثر من كرت أحمر طرد الحَكَم ورجال الخط، واعتقل اللاعبين واغلب المتفرجين، ثم صادر الملعب". مزحة غازي واطروفة جون تكشفان عن البون الشاسع الذي يفصل بين رؤى الرجلين. واحد خلق وهماً وصدقه، والثاني يعرف جيداً أنه متمرد على السلطة يقود حرباً ضد متمرد آخر على سلطة مازال من سلبت منهم يطالبون باستردادها. الفرق أيضاً هو أن "المتمرد" قرنق يسعى لخلق وضع جديد تُبنى فيه الوحدة ويؤسس السلام على أسس متينة جديدة، في حين أن الآخر يظن أنه سجل الفصل الأخير في تاريخ السودان. ولا تثريب على أي طامح أو طامع سياسي إن كان الواقع مواتياً لتحقيق ما يطمع فيه أو يطمح إليه. قرنق أيضاً يستنكر الواقع الموروث ولكنه لا يلتفت غاضباً إلى الوراء، وينكر الراهن ولكنه لا يسخط عليه بل يبحث عن أرضيه مشتركة للتعاون مع المسيطرين عليه. وفي الحالتين يقول: "نحن لا نستطيع تبديل الماضي، ولكن نستطيع ومعاً وجميعاً أن نبني المستقبل".
    يتضح لنا أمران، إما أن النظام يتحدث بلسانين، وهذا أمر سئ، أو أنه غير مستعد بعد لتحمل النتائج المترتبة على التزاماته، أي دفع الثمن الفوري للسلام، وتلك احموقة. فالوطن الذي ننتسب له جميعاً يضم بشراً مختلفين لا تتحقق وحدتهم إلا بموجب توافقات سياسية واجتماعية وثقافية ودينية تقاس بموازين موضوعية. بهذا الفهم، تصبح المواطنة رباطاً موضوعياً مركباً وديناميكياً. هي ليست كرابطة الدين والتي هي رابطة أحادية معيارية ثابتة. وما على النظام إلا أن يختار بين أمرين: رباط الدين (المعياري الثابت الأحادي) مع كل ما يتبع ذلك من نتائج، أو معيار المواطنة الموضوعي المركب وقبول كل نتائجه. أما أن ينص النظام على إعلاء رابطة المواطنة في دستوره، ويُعلن الالتزام بها في كمحدد وحيد للحقوق والواجبات في ماشاكوس، ثم يقع نكوص عنها (ولو نظرياً) في أول امتحان، فأن هذا يعني إن "الجماعة" في أزمة، ومن الخير لتلك الجماعة ولنا أن تحسم تلك الأزمة اليوم قبل الغد.
    البيان السخيف أم الحديث السخيف
    أن كان هنالك من سخف في كل الأحداث التي تداعت بعد إعلان القاهرة وورقة لندن فهو بعض العنتريات الجائحة، (والسخف وصف غير موفق أطلقه الدكتور غازي صلاح الدين على بيان لندن، ولا نرى وجه السخف في بيان زلزلت معه الأرض زلزالها). ما استسخفنا حقاً حديث لنافع على نافع جاء فيه إن مشاركة القوى الأخرى في صنع السلام التي يدعو لها إعلان القاهرة "تتحقق عبر الأوزان السياسية لكل حزب، والفيصل في ذلك هو صناديق الانتخاب". بخ بخ، فالانتقال من مرحلة توابيت الموتى في بيوت الأشباح إلى مرحلة صناديق الانتخاب تطور جيد. لا ندري أنحمد على ذلك التطور بروتوكول ماشاكوس، أو (ٍSeptember 11). دعنا نقول الحمد من قبل ومن بعد لله رب العالمين. ذهب نافع للقول: "إن لم تفعل الإنقاذ للوفاق غير إجازتها للتعددية لكفاها"، وهذا امتنان في غير مكانه. التعددية الديمقراطية لم تُلغَ أبداً لأن القوى السياسية بوجوهها المختلفة كانت تحاصر النظام بوجودها داخل وخارج بيوت الأشباح، فلو لم يكن لها وجود لما كانت هناك بيوت أشباح. والتعددية لم تُمنح وإنما استردت. والتعددية لم تُجاز من جانب الإنقاذ، وإنما استدرك الذين عصفوا بها من جلاوزة الإنقاذ أنها كطائر العنقاء، كلما حُرق انبعث من رماده وهو اشد منعة. كان نافع ليكون أنفع لو ترك أمر الحديث عن التعددية والديمقراطية لمن هم، بين صحبه، أكثر إدراكاً لمعانيها، وقبولاً لتبعاتها، واستعداداً لسداد استحقاقاتها. فإن كانت أولى مكونات الديمقراطية هي التسامح، فإن أقل الناس تاهيلاً للحديث عنها هم الذين لا يطيقون الرأي الآخر، بل يساورهم حنين إلى العودة إلى ابشع لحظات انغلاق النظام. هذه الوصائية الغريبة تعبر أيضاً عن ظن غير ذكي بأن بين البشر من هم أقدر من رب العباد على إعادة تشكيل خلقه، وهو القائل "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين". أصحاب هذه الرؤية الوصائية الانغلاقية للحياة والدين والمجتمع هم أيضاً أقل السودانيين تأهيلاً لتجسير الفجوات بين المواطنين: بين الشمالي والجنوبي، وبين الشمالي والشمالي، وبين أهل الحضر وأهل المدر، بل وبين أصحاب الرؤى المختلفة داخل الحركة الإسلامية.
                  

06-24-2003, 03:09 PM

فتحي البحيري
<aفتحي البحيري
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 19109

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: د.منصور خالد)

    مرحبا يا دكتور
    وشكرا على هذا العرض
    لا شك ان من فائدتنا هنا ان تكون بيننا
    واتمنى ان يكون في وسعك التكرم بالتحاور معنا
    فلدينا الكثير الذي نود فهمه وقراءته
    عبركم
                  

06-24-2003, 03:11 PM

elsharief
<aelsharief
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 6709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: د.منصور خالد)


    حمدلله على سلامتك يا دكتور

    ونتمنى نقاش موضوعى لتعم الفائده وهنالك استفسارات كثيره حول برتكول مشاكوس وتوقيع مذكرة الحركة مع المؤتر الشعبى واعلان القاهره وسوف اكتب الاستفسارات لاحقا
                  

06-24-2003, 03:22 PM

محارب

تاريخ التسجيل: 10-03-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: elsharief)

    مرحبا دكتور منصور
    الحقيقة أن وجودك هنا محل ترحيب كبير نظرا لما تمثله آراؤك من أهمية قصوي فى هذه المرحلة الدقيقة فى تاريخ بلادنا أنت والجسم السياسي الذى تنتمي اليه ، كما أود ان أعبر لك عن امنيات صادقة بأن يطيب لك المقام فعلا فى هذه المساحة الجميلة التى شادها هؤلاء الشباب لتكون منبرا ديمقراطيا حقيقيا
    وسأعود لاحقا للتواصل والتعقيب
    الأمر الثاني
    لا زلت فى انتظار وعد كنت قطعته لى أثناء تواجدي فى لندن حول حوار معك، وحينها كنت تحدثت اليك هاتفيا من مكتب جريدة الزمان
    والآن اسمح لى بأن اطمع قليلا فى كرمكم بتفضلكم باجراء هذا الحوار اضافة لحوار "فكري" آخر مع العقيد الدكتور جون قرنق
    [email protected]
                  

06-24-2003, 03:20 PM

alrasikh


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: د.منصور خالد)


    تحيه خاصه للاستاذ الجليل حقيقه اويد كل ما ذكرت في مساهمتك القيمه .نرجو طرح كل الروى السياسيه بغرص الوصول لحل للمشكل السوداني وتضيق العزله السياسيه للنظام حتى يعم السلام العادل و الديمقراطيه ربوع وطننا الحبيب.
                  

06-24-2003, 04:25 PM

Haydar Badawi Sadig
<aHaydar Badawi Sadig
تاريخ التسجيل: 01-04-2003
مجموع المشاركات: 8270

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: alrasikh)

    Dear Dr. Mansour Khalid,

    I am thrilled to see you joining us in this forum, and actively participating in it. We see you as one of the giant fathers of the New Sudan. As I told you, in Abu Dhabi Hilton, you have taken part in shaping our lives since the days of your deep friendship with my Father Al-Ustaz Mahmoud Mohemd Taha, and your days with the defunct May Regime.

    Your joining the SPLM was the most monumental decision any operational politician has taken in the modern history of northern Sudan. Your mind and hand, together with the mind and hand of our wonderful hero Dr. John Garang, yet another giant father, constitute major columns and beams for the new country we are all building together at these difficult times.

    Only history will tell, how a wonderful gift you have been to our country, and how greatly misjudged and misunderstood you have been for a very long time. Your day and time is upon us. And you should know that we appreciate you as a magnificent gift from Almighty, as we love and admire Dr. Garnag, and what you both are doing for us, and for humanity. Yes, for humanity. You are building the country that transformed Osama bin Laden to a global menace from a regional little known fanatic. You are, for all practical reasons, doing your fair share in dismantling the menace of fanaticism from the face of the earth. In short, there are far greater consequences of what you are doing than what you and others may think, great as you all might be!

    I have no doubt in my mind that your latest piece, posted here, and which I read in one breath a few days ago from another source, will go down in history as a masterpiece for reconciliation for all nations in this planet to ponder upon. In it I saw your maturity as an elder statesmen, whose anger is transformed into mercy for the guilty, in deep understanding that they are victims of the contexts of their times and guilts.

    In this masterpiece, I, very clearly, saw you separate the chaff from the seed. The way you polarized Al-Khatib, Mustafa Osman Isamail, Gahzi Salah El-Din, Ghotbi Al-Mahdi, and others on the one hand, and the influential Palace folks and others, on the other, was a master stroke of a genius. I agree with you on the totality of what you wrote, and can’t help but think of John Adams, Jefferson, and Madison, the three “true” thinking founding fathers of the United States of America. We got all three of them in one: Mansour Khalid. The only difference between those three and your esteemed person is that your task of is much more cumbersome, and you are superbly qualified for it.

    Thank you for being who you are!!!!!!!
                  

06-24-2003, 04:19 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48813

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: د.منصور خالد)
                  

06-24-2003, 04:30 PM

زوربا
<aزوربا
تاريخ التسجيل: 06-08-2003
مجموع المشاركات: 733

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: Yasir Elsharif)

    د/ خالد
    مرحبا بك وامنياتنا ان يطيب لك المقام
    أضم صوتي لاخوة اعلاة
    فوجودك يمثل إضافة نوعية للمنبر ومن الموكد انك تملك الكثير من الأجابات علي قضايا تبدوا لنا شائكة
    دوما انتم تحملون هذة الشموع حبر حروفكم تضيؤن لنا وللقادمين القادم من الوطن تحت عافية الفهم الجلي
    ودمت
                  

06-24-2003, 04:38 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: زوربا)

    عذرا دكتور منصور وكل المشاركين
    يبدو ان الاخ محارب كان سبقني للدخول الى سودانيز اون لاين وترك اسمه وكلمة المرور هنا ولم انتبه فدخلت بعده ولم اغيّر الاسم ولا كلمة السر



    مرحبا دكتور منصور
    الحقيقة أن وجودك هنا محل ترحيب كبير نظرا لما تمثله آراؤك من أهمية قصوي فى هذه المرحلة الدقيقة فى تاريخ بلادنا أنت والجسم السياسي الذى تنتمي اليه ، كما أود ان أعبر لك عن امنيات صادقة بأن يطيب لك المقام فعلا فى هذه المساحة الجميلة التى شادها هؤلاء الشباب لتكون منبرا ديمقراطيا حقيقيا
    وسأعود لاحقا للتواصل والتعقيب
    الأمر الثاني
    لا زلت فى انتظار وعد كنت قطعته لى أثناء تواجدي فى لندن حول حوار معك، وحينها كنت تحدثت اليك هاتفيا من مكتب جريدة الزمان
    والآن اسمح لى بأن اطمع قليلا فى كرمكم بتفضلكم باجراء هذا الحوار اضافة لحوار "فكري" آخر مع العقيد الدكتور جون قرنق
    [email protected]
                  

06-24-2003, 06:43 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37010

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: د.منصور خالد)

    الاخ العزيز د.منصور خالد
    تحية طيبة
    YOU ARE RIGHT ABOUT THE EFFICIENCY OF MASHAKUS.IT IS THE VITAL DRUG WHICH PUSH THIS UGLY REGIME TO ITS CLINICAL DEATH,BUT WHAT WILL FOLLOW AND REPLACE?.IS IT A NEW PARTY COMMING OUT OF TAGAMU"NDA"OR WILL WE REPEAT THE SAME OLD AND EXPIRY PARTIES AND THEIR FALURE ADDICTISM?!!

    (عدل بواسطة adil amin on 06-24-2003, 06:44 PM)

                  

06-25-2003, 08:25 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22492

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: adil amin)

    الدكتور الوقور الفاضل : د. منصور خالد : لك التحية و التقدير

    لقد طرح الأخ العزيز عادل أمين سؤالا يؤرقنا كثيرا لدرجة الإحباط : ثم ماذا ؟ من سيأتي ؟ هل هي نفس الأحزاب بلون جديد و لافتات ملمعة و ديكورات فضفاضة لزوم العهد الجديد ؟
    سؤال الأستاذ عادل أمين يجب أن يضعه كل سوداني نصب عينيه قبل أن نبتلع جرعات من التفاؤل السياسي ثم نفاجأ بنفس العربة و نفس الخيول.

    شكرا.
                  

06-25-2003, 10:50 AM

إسماعيل وراق
<aإسماعيل وراق
تاريخ التسجيل: 05-04-2003
مجموع المشاركات: 9391

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: ابو جهينة)

    كم نحن سعداء بأن تكون بين ظهرانينا في هذا المنبر، وما أجمل حين يكون إلتحام الأجيال في مدرسة ود بكري، إستنهاضا للهمم من أجل بناء سودان حر ديموقراطي.
    أستاذنا الفاضل الدكتور منصور خالد، نتمنى أن يكون التواصل معنا مستمرا رغم علمنا المسبق بمشغولياتكم من أجل ترسيخ بعض المفاهيم وجلاء بعض الغموض عن الكثير في طلاسم حياتنا السياسية.. قطعا إستمراركم له نكهة خاصة.
                  

06-25-2003, 12:01 PM

فتحي البحيري
<aفتحي البحيري
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 19109

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: إسماعيل وراق)

    فوق
                  

06-27-2003, 04:12 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37010

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: ابو جهينة)

    الاخ ابو جهينة
    تحية طيبة وبعد
    اشكرك على التثنية والدكتور منصور خالد مفكر سودانى ممتاز" خمسة نجوم" ويعرف معنى وقيمة التواصل بين الاجيال
    وتكملة للتساؤلات اعلاه هذه الوصلة عن تصور لمستقبل السودان بعد مشاكوس

    مدى*:اخاف الطريق الما يودى ليك.
                  

06-25-2003, 02:17 PM

kofi


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: د.منصور خالد)

    الدكتور منصور خالد
    وكما ترى فان وجودك معنا يعنى التواصل ذلك المفقود بين السياسيين الاستراتيجين فى بلادنا وتلك القوى المتناثرة والتى لاجلها يكون العمل الوطنى,
    بودنا الاستفهام والاستعلام فميشاكوش رغم نواقصها يكفى ان اهدتنا السلام,,ولكن شعبنا يطمح الى سلام اجتماعى واقتصادى وسياسى معا غير مرتبط بظرف وانما استرتيجى ..لقد غفلتم مناطق اخرى جغرافيا وشرائح اخرى سياسيا وفئات مهمة اجتماعيا ويبقى لكم التقدير والاحترام وفضل نهاية فصل اسود فى تاريخ شعبنا,,
                  

06-25-2003, 04:23 PM

Shinteer
<aShinteer
تاريخ التسجيل: 09-04-2002
مجموع المشاركات: 2525

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: د.منصور خالد)


    ترحيب!!! مرحباً بالمبجل الأديب الأريب اللبق الفِطَحْل .. ذرب اللسان .. الدكتور منصور خالد. أحببت فيك السلاسة في الخطاب من حيث اللغة. أقرأ كل ما تجود به مغلباً نهمي الذاتي للكلمة على مردود مرادك مما تكتب .. وأنا على النقيض تماماً من طروحاتك

    لدي سؤال يتيم ذو شُعب

    لماذا لم نسمع عنك (نحن أبناءكم الضالين) إلا وأنت تحت جناح كاكيٍّ مقيت؟ . نميري وقرنق

    لماذا يا مفكرنا تنزع للقول بأن الدين أصبح معياراً للمواطنة بعد انقلاب الجبهة؟ هل المنفيون و المهاجرون قسراً (من أمثالي) بعد ذاك الانقلاب كلهم من عبدة الأصنام والبقر؟

    قمينٌ مقامك باحترام مثلي من الضالين .. لكني أردها اليك حامية .. لماذا لم تأت أنت ومن معك بعد الانتفاضة "للمناطحة" الشريفة مع أبناء الوطن . أعني في عهد الصادق المهدي الأول بعد الانتفاضة .. والاعتراك الأخوي مع الآخرين للوصول الى ما يرضي الكل؟

    كيف أفهم أن مثلك من أرباب الكلم والحكمة ينسِب كل مخازي تاريخ السودان ومظالمه لحقبة الجبهة ... ويبدأ في كيل التهم للشمال من تيك النقطة المتَوَهّمة؟

    وحتى لا أكون متجنياً .. فأنا المواطن السوداني شنتير (هذا هو أسم عائلتي .. أو بالأحرى فرع قبيلتي العاليابية) .. من عمق أعماق المهمشين في الشرق "البطانة تحديداً .. حيث لا قرين لمارتن لوثر كينغ الذي استشهدت أنت به ذات مرة في موضوع الابتعال من البيض: وأعجب لذلك مثلا" ِ... وأنت في أدبياتك تلمح بطرف خفي بأن المهمشين يتمركزون فقط في جبال النوبة و جنوب النيل الازرق!!! أفادنا المفيد بما لم نعلم. فاين أنا وأهلي من قسمتك غير الضيزى؟
    وللشُعب بقية .. ولو لا بقايا أدب ورثتها عن آباء صدق لفجرت في القول .. وأسمعتك ما ترتعد ذاتي الحرة لسماعه

    (عدل بواسطة Shinteer on 06-25-2003, 04:36 PM)
    (عدل بواسطة Shinteer on 06-25-2003, 05:10 PM)
    (عدل بواسطة Shinteer on 06-25-2003, 05:13 PM)
    (عدل بواسطة Shinteer on 06-25-2003, 05:15 PM)
    (عدل بواسطة Shinteer on 06-25-2003, 05:18 PM)
    (عدل بواسطة Shinteer on 06-25-2003, 08:01 PM)
    (عدل بواسطة Shinteer on 06-28-2003, 08:01 PM)

                  

06-28-2003, 04:01 PM

msd


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: Shinteer)

    دوماً نحن السودانين نتحدث عن الاخرين بكل الاحترام والتقدير، ونبالغ في التمني، ليست مشاكوس ولا غيرها هي من جعلت النظام مقبول وطنياً وخارجيا، ولكن الحقيقة هي ان الجميع لا يهمه الوطن والمواطن البسيط، ولكن الجميع من الجانبين حكومة الجبهة الحرامية وجماعة الدكتور منصور خالد العميلة لجميع الوان الطيف السياسي العالمي يخشي ويخاف اليد الامريكية الطويلة، وامريكا تريد ان تحسم امر الحرب في الجنوب والاسباب لذلك متباينة ومتنوعة، وعلي الجميع الان ان يطيعوا الارادة الامريكية ويوقفوا الحرب، فلتعش امريكا.

    (عدل بواسطة msd on 06-28-2003, 04:04 PM)

                  

06-25-2003, 07:23 PM

Shinteer
<aShinteer
تاريخ التسجيل: 09-04-2002
مجموع المشاركات: 2525

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: د.منصور خالد)

    Up
                  

06-26-2003, 10:22 PM

abu-eegan

تاريخ التسجيل: 02-20-2003
مجموع المشاركات: 124

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: د.منصور خالد)

    يا ألف مرحب بك أيها المفكر الأصيل والسياسي المحنك والوطني المخلص الدكتور منصور خالد ، ولك أجزل الشكر على تحليلك السياسي الوافي العميق كما هي كتاباتك دائما .. ولك التحية والمجد أنت ومن معك من الذين ظلوا يناضلون بالفكر وبالكلمة وبالقلم ضد قوى الظلم والظلام وبذلوا كل وقتهم وكل جهدهم لهذا النضال
                  

06-28-2003, 05:42 AM

abu-eegan

تاريخ التسجيل: 02-20-2003
مجموع المشاركات: 124

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: د.منصور خالد)

    UP
                  

06-28-2003, 02:03 PM

قلقو
<aقلقو
تاريخ التسجيل: 05-13-2003
مجموع المشاركات: 4742

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: د.منصور خالد)

    د.منصور
    لو كنت انا مكان الحكومة وانت ترسم لها طرق النجاة لمنحتك وسام النيلين ولكن هل تفهم البقر ؟
                  

06-28-2003, 02:39 PM

sentimental


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: د.منصور خالد)

    شنتير

    عفارم عليك

    الدكتور منصور خالد
    اولا مرحبا بك على المنبر الذي تمنيناه حرا.

    كنت سأسأل نفس السؤال الذي سبقني اليه اخي شنتير. اين انتم في أبريل اوان الحكم الديمقراطي ولماذا جلست اسبوعا واحدا ثم وليت وجهك صوب قرنق? لقد كانت ديمقراطية اليس كذلك?

    CIA ثانيا ما هو دورك في السي اى ايه?

    ثالثا لماذا لم تقيم دورك السياسي حينما قيمت كل الساسة السودانيين فى كتابك النخبة السياسية وادمان الفشل?

    رابعا ارى خطابك السياسى قد صار به مقدارا مقدرا من الايات الكريمة والاحاديث الدينية فما سبب هذا التحول وانت تنادى بفصل الدين عن السياسة?

    خامسا هل انت خالي البال ومقتنع بدورك الحالي في لعبة الحركة?

    هذه بعض اسئلة صغتها علي عجل واعرف انك لن ترد عليها علي طريقة بعض الكبار صانعى السياسة المترفعين عن الشعب المغلوب. لكنها تبقي تساؤلات مشروعة.

    وشكرا
                  

06-28-2003, 05:50 PM

Shinteer
<aShinteer
تاريخ التسجيل: 09-04-2002
مجموع المشاركات: 2525

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: د.منصور خالد)


    يبدو جلياً أن البيان والبلاغة مازالتا تفعلان في نفسيات السودانيين فعل السحرة .. وحقيقة كل بلغائنا سحرة .. وقد أُشبِعْنا طوعاً وكرهاً ببلاغة الترابي .. وها نحن (لست أنا) نميل طرباً لبلاغة منصور خالد وهو يتحفنا برصين اللغة . . فينقاد معه البعض الى حيث اللاحيث

    والأعجب أن كل سحرتنا يجترون الحديث الممل عن الديمقراطية .. وهم أول من يجهضها. كل ساحر يأتي بمشروعه الحضاري على ظهر دبابة. منصور خالد جاء بمشروع حضاري ضخم على فوهة دبابة يقودها قائد الشعب المدعو نميري .. وفعلوا ما فعلوا بالشعب السوداني المغلوب على أمره .. وصفعهم قائد الشعب والقى بهم في المزابل .. فتفرقوا أيدي سبأ يبحثون عن مكيدة أخرى. وبالمثل حمل الترابي مشروعه الحضاري على ظهر دبابة يقودها المدعو عمر البشير .. وكان جزاؤه لا يختلف كثيراً عن جزاء سلفه من أصحاب المشاريع الحضارية

    أتركونا يرحمكم الله

    Leave us alone .. and get lost

                  

06-29-2003, 06:02 AM

banadieha
<abanadieha
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 2235

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: Shinteer)


    من الأسماء التي لها دلالات قضية ومدلولات مغزى في هذا البورد اسم الجندرية..والآن اسم منصور خالد..أنا لا أجزم بأن المشارك هنا ليس هو منصور خالد بذاته وصفاته ولكن قطعا أن الاسم نفسه يكفي سواء كان حامله هو صاحبه أو مستعيره..ومشاكوس ياسادتي هي الان نقطة البدء لتقدم جديد في السياسة السودانية..ويبقى منصور خالد العلم الذي عرفناه إبان مايو ولم نعرفه قبلها بحكم السن..حتى طالعنا في جريدة الصحافة قبل سنتين مقالات موجزة كتبها عبدالرحمن مختار وسلط فيها الضوء على مسيرة منصور خالد منذ أن كان طالبا إلى أن استوزر في نظام مايو..ثم أنقطعت سلسلة مقالات عبدالرحمن مختار وتزامن إنقطاعها مع إختفاء عبدالرحمن مختار من الجريدة ومن الأخبار..وحقيقة ياشانتير أنت قلت ما يقوله الكثيرون عن منصور خالد الذي تحسب لذلك في كثير من كتبه وقبل ذلك في مقالاته التي نشرتها صحف الكويت قبل إنهيار نظام مايو..ولكن بدلا عن توجيه سهام النقد إلى الذين صنعوا دكتاتور مايو وأجهضوا ديقمراطية أبريل طاشت السهام في متون الكتب البليغة العبارة والمسبوكة المنطوقة والصميمة في الربط والتحليل إلى صدور المثقفين السودانيين

    تبقى القضية المهمة وهي تواصل الأجيال: فكم جيل من أجيال السودانيين أبتلعها جيل واحد ظل مهيمن على الحياة السياسية السودانية منذ أن كانت الديناصورات هي صاحبة الحل والربط؟


                  

06-29-2003, 07:32 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48813

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: د.منصور خالد)

    جري بيني وبين أحد المشاركين في منبر الفكرة الحر، وهو الموقع الملحق بموقع الفكرة الجمهورية، حوارا حول جدوى اتفاقية مشاكوس وأهمية السلام بصورة عامة..

    http://www.alfikra.org/forum/viewtopic.php?p=2722#2722

    أريد أن أشرككم في قراءته..

    ولكم الشكر
                  

06-29-2003, 11:13 AM

قرشـــو
<aقرشـــو
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 11385

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: Yasir Elsharif)

    د. منصور خالد

    الف مرحب بك سيدى هنا فى وسط الغبش ابناء وبنات السودان الذين اختاروا هذا الموقع للحوار ولتبادل الافكار والاراء ولعل وجودك هنا اثراء لا يعادل وانت علم من اعلام بلادى الكل يتوق لمعرفة وجهات نظرك فى مختلف الامور بل انت كالصحاف يود الكل ان يسمع منه خبايا حقبة خلت ولم يذاع لها سر واخالك تحمل الكثير من تلكم الاسرار وتعرف الاكثر وان اصبح ذلك تاريخا ولكنه يرتبط بخارطة السلام التى استهليت بها هذا البوست والامور لا يمكن قصلها فهى حلقات متصلة ومتواصلة ما بين حرب وسلام وبينهما مفاوضات صعبة وطويلة ومؤلمة احيانا..

    اهلا بك ونرجو ان يتاح لك الزمن الذى يمكنك من ملاحقة اسئلة الاحباب واستفساراتهم ولعلنا نجد موطأ قدم فى مدرستك هنا ..

    مع كل التحايا
                  

06-29-2003, 12:50 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48813

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: د.منصور خالد)
                  

07-04-2003, 12:07 PM

abu-eegan

تاريخ التسجيل: 02-20-2003
مجموع المشاركات: 124

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: د.منصور خالد)

    UP
                  

07-04-2003, 06:07 PM

KANDAKE
<aKANDAKE
تاريخ التسجيل: 03-02-2003
مجموع المشاركات: 192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: abu-eegan)

    Welcome aboard Dr. Mansour khalid. it's about time that leaders mingle with us "commoners". Your publications have been my favorite ever since you published in Newspapers in the 1960s.
    to those weeping over Dr. mansour and others missing the april 6th boat, i know what i will say will sound like a blasphemy because i have to say that, it is us who turned a blind eye to the aborting of april 6th intifadah, who really missed on it. Swar addahab et al were but part of the NIF operation that paved the way for the present mess. I cannot help but pull my hair at the false relief I felt on April 6th and how I among other worn down demonstrators just went home joyous at the idea that Mimeri was removed as if that was the ulitmate cause.
    wish you a nice stay ya Doc.
    KANDAKE
                  

07-08-2003, 05:35 PM

Gazaloat
<aGazaloat
تاريخ التسجيل: 05-14-2003
مجموع المشاركات: 891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: KANDAKE)

    استاذنا الكبير واخانا الاكبر وصديقنا المكبر علينا بفعل السن والعلم واشياء اخر
    متعكم الله بالصحة والعافية

    هى بعض نقاط قد عنت لى وانا اقرا مقالكم الشائق والحيوى حول اتفاق مشاكوس باعتباره افضل خارطة طريق ممكنة للخروج من مازقنا السياسى الراهن رغم ان لكل خارطة طريق شارونها الذى يجيد الالتفاف حولها وتفسيرها على حسب مزاجه العنصرى

    ابتداء نفترض توفر حسن النية فى ضمير الجبهة الاسلاموية رغم كل هذه الرغوة الكثيفة والزبد الاكثف الذى يحيط بمشروعاتها الحضارية على تنوعها وتباينها وتلونها بكافة الوان القوس قزح برؤية شمولية فاشستية لاتتردد لحظة فى اقصاء الاخر بكل السبل والوسائل الاخلاقية وغير الاخلاقية محلقة فى فضاء فقهى ذى زمة مطاطية لا تراعى الا ولاتحفظ عهدا حتى فى ذوى القربى وذوى الحزبة بل وحتى فى ذوى الشياخة والمرجعية

    ثم نتامل ان يقودنا حسن النية هذا الى ايقاف نزيف الدم الماساوى العبثى مرة اخرى بعد انهيار واحدة من ابدع ماابتدعتموه عشية التوقيع عليها فى القصر الامبراطورى باديس ابابا ذلك الانهيار الذى جاء سريعا جدا حين انخذل الامر برمته على يد ديكتاتور عسكرى شمولى لم يكلف نفسه عناء اشراك الشعب فى مناقشة الامر قبل اعتماده بصورة رسمية ذلك الاشتراك الذى يؤمل منه عادة حماية الاتفاق نفسه وتوفير ظهير له فى البداية والنهاية اكراما لذلك الجهد المضنى وتلك المشقة القاسية التى وصفها مولانا القاضى ابيل الير بانها كانت مثل احتفار بئر بملعقة ولكن الديكتاتور اثر ان ينسب الكسب لنفسه كعادته مما سهل له مهمة شطبها بجرة قلم مذكرا بقصة الدجاجة الصغيرة الحمراء ومقالتها الفذة بان الفول فولى زرعته وحدى وحصدته وحدى وسآكله وحدى


    فى مؤانسة دافئة مع شقيقى الدكتور حسن الجزولى وصف لى حال الحكومة السودانية بانها انزلقت فى موزة مشاكوس وراحت تبحث لنفسها عن اي نتوء فى جدار هاوية المفاوضات عله ينقذها من انزلاقها العامودى الحتمى ومصداقا لوصفه هذا جاءت تصريحات كباراتها تتجافى مع ابسط قواعد المنطق مما يعدنا بانهيار مبكر لاى اتفاق يمكن الوصول اليه عبر ازقة المفاوضات الجارية الان والتى تتم بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان فى اكبرعملية اقصاء لمجموع الشعب السودانى واحزابه ومنظماته كافة بل واقصاء حتى القوى السياسية الشمالية والجنوبية على السواء والمتحالفة مع الحكومة نفسها كما عبرت عن ذلك تصريحات منسوبة لعلها للدكتور امين حسن عمر قال فيها ان نصيب الانقاذ من قسمة السلطة فى الفترة الانتقالية المقترحة حسب ميثاق مشاكوس تخص الحكومة وحزبها فقط وان حلفاء الحكومة الحاليين لن يشاركوها السلطة فى زمن الانتقال الامر الذى نعده بابا فى تاكيد الراى السديد من حيث ان تحالفات الحكومة كلها تقوم على سيقان من قصب حيث وبعد ان اقصت الحكومة وبموافقة الحركة الشعبية كل اطراف المعارضة الشمالية والجنوبية على السواء هاهى تقصى ايضا القوى السياسية المتحالفة معها والتى ضحت بكل غال ورخيص بل وان بعضها قد باع وبثمن بخس ولم يقبض حتى الريح فغادروا المولد بدون اي حمص من مبارك الفاضل المهدى وزين العابدين الشريف يوسف الهندى مرورا بالصادق عبد الله عبد الماجد وليس انتهاء بانصار السنة وكل الجنوبيين المتحلقين حول مائدة جبهة الانقاذ الديمقراطية الجنوبية ومعهم كافة الفصائل العسكرية من مليشيات قوة دفاع جنوب السودان وحركة استقلال جنوب السودان والقوات التى تعرف بانها صديقة بل وحتى الدكتور لام اكول الذى خسر الجلد والسقط فى سبيل تمسكه باتفاقية الخرطوم للسلام

    وبعد ذلك كله تدفعنى يا استاذى الفاضل دفعا للوثوق فى ان اتفاقا منفردا مع هكذا عقلية يمكن ان ينتج خيرا لشعب لايعتاش الا على الحلم بالسلام والاطمئنان والامان


    اصابتنى دهشة عظيمة وانا اتابع الحركة الشعبية لتحرير السودان تستبدل جلابية مواثيق اسمرا الواسعة الماهلة لكل مشاكل اهل البلاد بجلباب مشاكوس الضيق والذى سيضع الحركة لامحالة فى مأزق التعايش السياسى مع قناعات الخصم ضيقة الافق فبدلا عن فصل الدين عن الدولة فى كل الوطن ها نحن نقالع فى عاصمة قومية خالية من تشريعات الفاشيست باعتبارها اضعف الايمان وبدلا عن عدم السماح بقيام تنظيمات على اسس دينية كما فى اسمرا ها نحن نتورط فى اقتسام السلطة مع حزب دينى تستند اكبر تجاربه على تفقيه الضرورات واقصاء الاخر وهاهو امين حسن عمر يعلن وهو فى طريقه الى المطار للالتحاق بمائدة المفاوضات استعداد حكومته للتنصل المبكر من كل اتفاق مقبل حين اكد فى معرض تفسيره لاقتراح حكومته بنقل العاصمة الى الجنوب ان الحركة الشعبية لا تستطيع ان تطالب ببوصة واحدة فى الجزء الشمالى لاقامة عاصمة علمانية لاتحكم بالشريعة

    فتخيل

    الامر عنده محسوم سلفا بين جزء شمالى واخر جنوبى مما يهدد سلفا بامكانية اقتيادنا قسرا الى كمائن الانفصال خاصة مع الاتجاه لتكريس امكانية وجود جيشين فى ان واحد علما بان الجيش الاول ينتمى فى معظمه الى الجبهة الاسلامية التى غسلته بالماء والثلج والبرد وكوته وطبقته ووضعته فى دولابها الخاص ليجئ على مقاس فهمها الضيق لماهية السلطة السياسية باعتبارها تسلطا سياسيا على رقاب العباد بقوة الحديد والنار

    استاذى العزيز
    تلك بعض من هواجسى ووالله ايها الرجل الكريم ماسالت الله يوما ان يجعلنى مخطئا كما افعل الان واساله سبحانه وتعالى ان يعصف بكل هواجسى ويجعل لنا فى مشاكوس رحمة ومودة

    واساله لكم التوفيق فيما انتم مقبلون عليه من امر جلل

    والسلام محبة
    اخوك عبد المنعم الجزولى
                  

07-08-2003, 05:43 PM

Gazaloat
<aGazaloat
تاريخ التسجيل: 05-14-2003
مجموع المشاركات: 891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشاكوس خارطة الطريق الوحيدة لقبول النظام وطنياً وتطهيره دولياً (Re: KANDAKE)

    استاذنا الكبير واخانا الاكبر وصديقنا المكبر علينا بفعل السن والعلم واشياء اخر
    متعكم الله بالصحة والعافية

    هى بعض نقاط قد عنت لى وانا اقرا مقالكم الشائق والحيوى حول اتفاق مشاكوس باعتباره افضل خارطة طريق ممكنة للخروج من مازقنا السياسى الراهن رغم ان لكل خارطة طريق شارونها الذى يجيد الالتفاف حولها وتفسيرها على حسب مزاجه العنصرى

    ابتداء نفترض توفر حسن النية فى ضمير الجبهة الاسلاموية رغم كل هذه الرغوة الكثيفة والزبد الاكثف الذى يحيط بمشروعاتها الحضارية على تنوعها وتباينها وتلونها بكافة الوان القوس قزح برؤية شمولية فاشستية لاتتردد لحظة فى اقصاء الاخر بكل السبل والوسائل الاخلاقية وغير الاخلاقية محلقة فى فضاء فقهى ذى زمة مطاطية لا تراعى الا ولاتحفظ عهدا حتى فى ذوى القربى وذوى الحزبة بل وحتى فى ذوى الشياخة والمرجعية

    ثم نتامل ان يقودنا حسن النية هذا الى ايقاف نزيف الدم الماساوى العبثى مرة اخرى بعد انهيار واحدة من ابدع ماابتدعتموه عشية التوقيع عليها فى القصر الامبراطورى باديس ابابا ذلك الانهيار الذى جاء سريعا جدا حين انخذل الامر برمته على يد ديكتاتور عسكرى شمولى لم يكلف نفسه عناء اشراك الشعب فى مناقشة الامر قبل اعتماده بصورة رسمية ذلك الاشتراك الذى يؤمل منه عادة حماية الاتفاق نفسه وتوفير ظهير له فى البداية والنهاية اكراما لذلك الجهد المضنى وتلك المشقة القاسية التى وصفها مولانا القاضى ابيل الير بانها كانت مثل احتفار بئر بملعقة ولكن الديكتاتور اثر ان ينسب الكسب لنفسه كعادته مما سهل له مهمة شطبها بجرة قلم مذكرا بقصة الدجاجة الصغيرة الحمراء ومقالتها الفذة بان الفول فولى زرعته وحدى وحصدته وحدى وسآكله وحدى


    فى مؤانسة دافئة مع شقيقى الدكتور حسن الجزولى وصف لى حال الحكومة السودانية بانها انزلقت فى موزة مشاكوس وراحت تبحث لنفسها عن اي نتوء فى جدار هاوية المفاوضات عله ينقذها من انزلاقها العامودى الحتمى ومصداقا لوصفه هذا جاءت تصريحات كباراتها تتجافى مع ابسط قواعد المنطق مما يعدنا بانهيار مبكر لاى اتفاق يمكن الوصول اليه عبر ازقة المفاوضات الجارية الان والتى تتم بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان فى اكبرعملية اقصاء لمجموع الشعب السودانى واحزابه ومنظماته كافة بل واقصاء حتى القوى السياسية الشمالية والجنوبية على السواء والمتحالفة مع الحكومة نفسها كما عبرت عن ذلك تصريحات منسوبة لعلها للدكتور امين حسن عمر قال فيها ان نصيب الانقاذ من قسمة السلطة فى الفترة الانتقالية المقترحة حسب ميثاق مشاكوس تخص الحكومة وحزبها فقط وان حلفاء الحكومة الحاليين لن يشاركوها السلطة فى زمن الانتقال الامر الذى نعده بابا فى تاكيد الراى السديد من حيث ان تحالفات الحكومة كلها تقوم على سيقان من قصب حيث وبعد ان اقصت الحكومة وبموافقة الحركة الشعبية كل اطراف المعارضة الشمالية والجنوبية على السواء هاهى تقصى ايضا القوى السياسية المتحالفة معها والتى ضحت بكل غال ورخيص بل وان بعضها قد باع وبثمن بخس ولم يقبض حتى الريح فغادروا المولد بدون اي حمص من مبارك الفاضل المهدى وزين العابدين الشريف يوسف الهندى مرورا بالصادق عبد الله عبد الماجد وليس انتهاء بانصار السنة وكل الجنوبيين المتحلقين حول مائدة جبهة الانقاذ الديمقراطية الجنوبية ومعهم كافة الفصائل العسكرية من مليشيات قوة دفاع جنوب السودان وحركة استقلال جنوب السودان والقوات التى تعرف بانها صديقة بل وحتى الدكتور لام اكول الذى خسر الجلد والسقط فى سبيل تمسكه باتفاقية الخرطوم للسلام

    وبعد ذلك كله تدفعنى يا استاذى الفاضل دفعا للوثوق فى ان اتفاقا منفردا مع هكذا عقلية يمكن ان ينتج خيرا لشعب لايعتاش الا على الحلم بالسلام والاطمئنان والامان


    اصابتنى دهشة عظيمة وانا اتابع الحركة الشعبية لتحرير السودان تستبدل جلابية مواثيق اسمرا الواسعة الماهلة لكل مشاكل اهل البلاد بجلباب مشاكوس الضيق والذى سيضع الحركة لامحالة فى مأزق التعايش السياسى مع قناعات الخصم ضيقة الافق فبدلا عن فصل الدين عن الدولة فى كل الوطن ها نحن نقالع فى عاصمة قومية خالية من تشريعات الفاشيست باعتبارها اضعف الايمان وبدلا عن عدم السماح بقيام تنظيمات على اسس دينية كما فى اسمرا ها نحن نتورط فى اقتسام السلطة مع حزب دينى تستند اكبر تجاربه على تفقيه الضرورات واقصاء الاخر وهاهو امين حسن عمر يعلن وهو فى طريقه الى المطار للالتحاق بمائدة المفاوضات استعداد حكومته للتنصل المبكر من كل اتفاق مقبل حين اكد فى معرض تفسيره لاقتراح حكومته بنقل العاصمة الى الجنوب ان الحركة الشعبية لا تستطيع ان تطالب ببوصة واحدة فى الجزء الشمالى لاقامة عاصمة علمانية لاتحكم بالشريعة

    فتخيل

    الامر عنده محسوم سلفا بين جزء شمالى واخر جنوبى مما يهدد سلفا بامكانية اقتيادنا قسرا الى كمائن الانفصال خاصة مع الاتجاه لتكريس امكانية وجود جيشين فى ان واحد علما بان الجيش الاول ينتمى فى معظمه الى الجبهة الاسلامية التى غسلته بالماء والثلج والبرد وكوته وطبقته ووضعته فى دولابها الخاص ليجئ على مقاس فهمها الضيق لماهية السلطة السياسية باعتبارها تسلطا سياسيا على رقاب العباد بقوة الحديد والنار

    استاذى العزيز
    تلك بعض من هواجسى ووالله ايها الرجل الكريم ماسالت الله يوما ان يجعلنى مخطئا كما افعل الان واساله سبحانه وتعالى ان يعصف بكل هواجسى ويجعل لنا فى مشاكوس رحمة ومودة

    واساله لكم التوفيق فيما انتم مقبلون عليه من امر جلل

    والسلام محبة
    اخوك عبد المنعم الجزولى
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de