|
Re: العباس فاروق : ظاهرة التعصب في المجتمع السوداني (Re: فتحي البحيري)
|
الاستاذ البحيري لك مني خالص الود وانت تطرح هذا الموضوع في هذا الوقت والتعصب ليس حصر علي ديانه واحده وانما التعصب الديني يدور مع وجود معتقد ديني بغض النظر عن صحته واتمني ان لا يفهم البعض ان هناك تناقض في موقفي بيني ردي وهنا وما جاء علي لساني في بوست0دعارة فكرية) فهنا نناقش موضوع جيد للنقاش هذا اذا لم يكن فخ منصوب نعم تعصبنا للدين الاسلامي ولكن ذلك لما بدر من المدعوه روضه بشان الاساء للاسلام وليس طرحها وريتها للاسلام وشتي ما بين الطرح والاساءة ونرجع لموضوعك حول التطرف الديني تقف وراء التعصب اسباب عديدة. فالتعصب اولاً وقبل كل شيء نزعة ذاتية انانية"نرجسية" كامنة في كل كائن بشري، ولكنها تطفو الى السطح وتبرز الى الواقع حين يتهيأ الجو الملائم لها، حين تواجه الذات "الأنا" بالآخر وتتصور انه تتوقف على هذا الصراع مسألة الوجود من عدمه. فالمسالة اذن هي تصور ـ لا ايمان راسخ ـ بأن "الآخرين هم الجحيم" كما يقول سارتر، او حين يتصور الفرد بأن الآخرين هم الصخرة وهو"سيزيف
واذا كنا نقر بأن الحياة هي صراع. والصراع هو من اجل البقاء، والبقاء للأقوى. فهذا لا يعني بالضرورة ان هذا الصراع يستوجب الغاء الآخر واعلان سيادة "الأنا" عملاً بمبدأ "من ليس معي فهو ضدي" ، بل ينبغي ان يكون الصراع من اجل ابراز الخير للانسانية. والبقاء سيكون للذي يناضل من اجل سيادة قيم الحرية والمساواة والاخاء والخير والسعادة لصالح البشرية جمعاء دون تمييز لدين او لون او عرق او قومية. اي للذي يخرج من دائرة المحلية الوطنية والقومية الضيقة يستشرف الدائرة الانسانية"الكوسموبوليتية". فالذات الانسانية لا تحقق نفسها الا حينما تخرج من "شرنقتها"، من اطارها الضيق المرسوم لها، لتنفتح على الخارج، على الآخر. الم يقل بهذا المسيح "له المجد"! "وصيتي لكم هي هذه: ان يحب بعضكم بعضاً كما انا احببتكم" يوحنا 15/12 " احبوا اعداءكم، وباركوا لاعنيكم، واحسنوا معاملة الذين يبغضونكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون اليكم ويضطهدونكم.." متي 6/44. وفي القرآن الكريم: "ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان التعصب هو تقديس للأنا والغاء للآخر، فكل ما تقوله "الأنا" يدخل في حكم الصحيح المطلق، وكل ما يقوله الآخر يدخل في حكم الخطأ. ويقود هذا الى موت لغة التواصل والحوار، وحين يموت منطق الحوار تنطق الحراب والبنادق وتحفر الخنادق وتستباح الدماء وجميع انواع التعصب ومظاهره خطيرة وتؤذي الضمير الانساني، ولكن المتتبع لخارطة الاحداث السياسية في العالم يصل الى قناعة تامة بأن اخطر انواع التعصب هو التعصب الديني، الذي يجتاح دولاً كثيرة وخاصة في الشرق الاوسط. الذي يعد لزمن غير بعيد بؤرة للصراعات الدينية والطائفية مازالت آثارها وترسباتها باقية الى اليوم، لا بل انها تتجدد باستمرار. والسبب في ذلك التنوع الديني والطائفي فضلاً عن التنوع القومي والاثني الذي تحفل به المنطقة. فثمة الاسلام والمسيحية واليهودية وغيرها والطوائف المندرجة تحتها. وهذه الأديان تختلط لدى بعض شعوب المنطقة. فضلاً عن التركيبة السكانية المتنوعة والمعقدة. التي تزيد الطين بلّة ولعل السبب في طغيان التعصب الديني. هو ان الدين يلتصق التصاقاً وثيقاً بالعاطفة والغريزة والاحاسيس التي تترسخ في اذهان البشر منذ الطفولة الى درجة اعتبار الدين مسالة وجود او عدم. وما يزيد في رسوخ التعصب الديني هو التربية الصارمة والتنشئة الاجتماعية التي ينشأ عليها الطفل في المحيط العائلي والمدرسة بحيث يغدو الدين جزءاً لا يتجزأ من كيان الفرد. ومما يدعم هذا القول انه قد يكون من السهل ان يتنازل الفرد عن قوميته ووطنيته وايديولوجيته او طائفته اذا استوجب الامر في اللحظات الحرجة. ولكن من الصعوبة ـ اذا لم يكن مستحيلاً ـ ان يتنازل عن دينه ـ اذا اتخذ الامر طابع الصراع مهما تعددت الاسباب. ان العالم وهو على اعتاب الألفية الثالثة مطالب بوضع حد لهذه الظاهرة التي بدأت تجتاح كثيراً من الشعوب، او في الاقل التقليل من حدتها، فقد غدا التطرف "مرض العصر" نتيجة السياسات الخاطئة، وعدم اعتبار الحوار منهجاً في تحقيق الاهداف السياسية، ونتيجة تهميش وتعطيل حقوق وحريات الانسان كما اقرها الاعلان العالمي لحقوق الانسان في 10/ 12/ 1948. فقد جاء في المادة الاولى: يولد جميع الناس احراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً، وعليهم ان يعامل بعضهم بعضاً بروح الاخاء. وتؤكد المادة الثانية ان: "لكل انسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الاعلان، دون اي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر او اللون او الجنس او اللغة او الدين او الرأي السياسي او اي رأي آخر، او الأصل الوطني او الاجتماعي او الثروة او الميلاد او اي وضع آخر. دون اية تفرقة بين الرجال والنساء". ولعل المادة الثامنة عشر هي الاهم والاكثر التصاقاً بموضوعنا اذ تقول:"لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق تغيير ديانته او عقيدته،وحرية الاعراب عنها بالتعليم والممارسة واقامة الشعائر ومراعاتهــا، سواء اكــان ذلك سراً او جهــاراً، منفرداً ام مــع الجماعة ان التعصب انغلاق وانكفاء نحو الداخل وارتداد على الذات وتقوقع في زاوية ضيقة، ورؤية قاصرة للكون، والبشرية في سعيها لتحقيق المجتمع الانساني المثالي بحاجة دائماً الى الانفتاح والنزوح نحو الخارج واستشراف الافاق البعيدة وتمزيق الشرانق التي ترسم الدوائر الضيقة. فهي بحاجة الى التآلف والتآخي والتكاتف واقتسام المعاناة بدلاً من التخندق والمواجهة ورسم التخوم العازلة وهدم جسور التواصل التي تؤدي بالنتيجة الى الارهاب ذلك الكابوس الذي تعاني منه البشرية ولقد بدأ القرن العشرون يجر اذياله ويضبط ساعاته للعد التنازلي ليدخل العالم في قرن جديد يحمل بين طياته اللهفة والترقب المتأتيين من تراكمات القرن العشرين والتركة الثقيلة التي يحملها، حيث شهد هذا القرن حربين عالميتين وحرباً باردة وحروباً ساخنة هنا وهناك، وحربان للخليج وما اعقبها من بروز حركات التطرف والارهاب التي ارقت البشرية. ومن ثم فالأمل معقود على القرن الجديد في ان يتجاوز هذه الآلام والمآسي ويفتح افقاً جديداً لعالم العولمة والديمقراطية والحرية، عالم تراعى فيه حقوق الانسان وينهج منهج الحوار بين الاديان والحضارات والثقافات وليس الاساءة للاديان ولك ودي يا عزيزي
| |
|
|
|
|