"بيت فى الدنيا وبيت فى الحنين" لإبراهيم الكوني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-15-2024, 07:37 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-07-2003, 05:44 AM

هدهد

تاريخ التسجيل: 02-19-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
"بيت فى الدنيا وبيت فى الحنين" لإبراهيم الكوني


    من وجع الحياة إلى فرح البدايات !
    زهرة سعدلاوى


    اتخذت أعمال الكونى الروائية من الصحراء الطارقية مسرحا ومن تراثها مرجعا ومن أسطورتها لغة، ثالوث الوجود، يحفر فى عمق الأشياء فينسج حكايات مدهشة هائلة تجمع بين سحر الصحراء طبيعة وبيانها استعارة، تجربة مدهشة هذه التى يخوض الكونى غمارها فى كل مرّة مع كل عمل جديد.
    وما روايته "بيت فى الدنيا وبيت فى الحنين " الصادرة سنة 2000 ومن طبع دار الملتقى اللبناني، ذات الأربعمئة والأربع والستين (464) صفحة، إلا مثال على هذه الرؤى التى طبعت فكر الكونى وصارت جزءا منه يوظفها فى مختلف الاتجاهات ويحوك منها زخما من الأحداث متداخل المعانى الموحية والتأملات الفلسفية الشائكة والحوارات واللغة الملغزة التى تستبطن عمق الأشياء، وتغوص فيها وترحل فى أبعادها.
    تقوم الرواية من خلال عنوانها على مقابلة بين عالمين يشـى الأول بالموجود المحسوس، ويحيل الثانى على الوجود الفكرى الذى له صلة عميقة بكل ما هو استعارى مجرّد. يمهد المؤلف لذلك بنصين أحدهما رسالة القدّيس بولس إلى أهل روما نحن أنفسنا أيضا نئن فى أنفسنا متوقعين التبنى فداء أجسادنا. لأننا بالأمل خلصنا. ولكن الأمل المنظور ليس أملا. لأن ما ينظره أحد كيف يأمله أيضا . والثانى نص فكرى لوليم شكسبير نحن منسوجون من النسيج نفسه الذى نسجت منه أحلامنا (1).
    وهذا ما يؤكّد أن للتناص أهمية تأسيسية فاعلة فى أعمال الكونى عامة، فالنص المدخل يحيل على حضور الدينى والفلسفي. وفى هذا الإطار تضم الرواية ستة أقسام موزعة إلى تسعة وستين عنصرا، يحمل كل واحد منها عنوانا، وتتمحور هذه العناوين حول جملة من المواضيع الفلسفية التى تثير عديد التساؤلات حول المنزلة البشرية: زخم هائل من الثنائيات المفعمة بأدق المعانى وأعمقها حول الوجود المرئى واللامرئى - وحول ثنائية المحسوس والمجرد، صحراء الطبيعة وصحراء الاستعارة - ثنائية الملح الأبيض والتبر الأسود - ثنائية المقدس والمدنس - ثنائية الشمال والجنوب- تجار الخفاء وتجار الإنس - المرأة والرجل -الوفاء والخيانة -الصحراء والواحـة - الأرض والسمـاء -المكان والزمان- الجسد والروح - الحرية والعبودية -الوجود والعدم - عالم الإشارة والعلامة والإيماء واللحن الحزين - الجمال الظاهراتى والجمال الخفي.

    فى مدلول كلمة "بيت"

    نستخلص بعض المفاهيم لكلمة "بيت" من خلال موسوعة الأديب نفسه "بيان فى لغة اللاهوت"، إذ جاء فيها ما يفيد بعض المعانى الهامة: عندما يطلق الطوارق اليوم اسم البيت بـ"هن "Hn فإنهم يعنون البيت الروحى المسكون بالألوهة، كما تقول ترجمة البنية فى عبارة"بيت الألوهة". ومفهومه كسكون يحمل مدلول الاستقرار فى بعده الحسى كاسترخاء قد يكون نعيما للجسد ... ويستدرك الكونى ليقول ولكنه لا بد أن جحيما للروح ما لم يتسربل بطلسم الأعجوبة الكامنة فى النون كحرف مقدس أسس فى كلمة "سكنSkn" العربية حجر الزاوية كبنيـة مركبة من سين الباطن، وكاف الحضور الروحي، متوجة فى النهاية بنون الألوهة فى تعبيـر: "جوهر الحضور الإلاهي" كاستعارة لن نجد لها مثيلا حتى لو تمثلنا الفلسفات الصوفية بأسرها .
    وكلمة بناء العربية تركيب بدئى يعنى روح الألوهة لالتصاقه بالتراب كقيمة مقدسة. ولا يتوقف الكونى عند اللغة الطارقية والعربية فقط بل يبحر إلى لغات أخرى ليعرّفنا أن البناء فى الألمانية bau"" يعنى "ميلاد الروح". وكذلك فى قرينتها الإنجليزية وفى الفارسية bau تعنى درجة كمنزلة ثابتة على الأرض، وفى السومرية تعنى "ذهب" بالمعنى الميتافيزيقى أى زال أو مات.
    والباء فى المصرية تعنى أيضا المكان، أو السكن، وهو الرمز الذى أشارت له الرموز بالمربع، وهو علامة على الضريح أيضا كسكن مطلق كبيت الأبدية، كخلود من جهة، وكعدم من ناحية ثانية. وتحمل الباء فى اللغة الطارقية معنى ميتافيزيقيا يدل على مفهومين جدليين: الروح والموت، لأن الروح التى أسست مفهوم خلود الروح، لا بدّ أن تزاوج بين المبدئين فترى فى البيت الروح إذا استوت، وترى فى الروح بيتا إذا تبدّدت (2).
    هذه بعض من معانى كلمة "بيت" كما وردت فى المفاهيم الطقوسية المستعارة من اليقين البدئي، فكيف وظّفها الكونى فى روايته موضوع هذه الدراسة؟

    فى بعض معانى الرواية وأبرز مداليلها

    "بيت فى الدنيا وبيت فى الحنين" علامة لغوية مغرية تقودنا إلى قراءة النص الذى يشرع فيه الكونى منذ بداية الرواية عندما يبدأه بإثارة مشكل وجودى لكلا "البيتين"، وذلك عن طريق الجدل والحوار، مع شخصية حميمة اقتطعها من نفسه، أو قد يكون استدرج مجيئها من الخلاء أو لعلها طلعت عليه من عزلته المحيرة، أو هو "شبح من أشباح الجن" سماه بالمهاجر أو قل بالدليل المرشد والمحاور الحكيم الذى وعده بأن يبنى له بيتا لم تر الصحراء له مثيلا(3).
    تنطلق الرحلة وتتداعى الأفكار حول هذا البيت المحير، اللافت للانتباه والمقلق فعلا، والذى فشل المريد فى إقناع قرينته بضرورة التزهد فيه، فلم توافقه وافترقا بسببه "فراق الأبد" لأن أحدهما اختار أن يكون "بيته" موجودا فى الدنيا، يقبل عليه إقبال المحب، يزيينه بالحلل والكساء والرياش ويعمره بالخدم والحشم، ويعيش فيه عيشة بذخ وترف وإقبال كبير على الحياة. كان ذلك من خلال مشهد صور لنا فيه المؤلف القرينة وهى ترفل فى ثوب فاخر وزينة فاتنة تشى بمدى تعلقها بالدنيا وإقبالها عليها، إقبال من يسرت حياته وكثر ماله. وهذا سلوك طبيعى للإنسان المقبل على الدنيا وعلى شهواتها اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا (4)، إلا أن المعادلة صعبة والاختيار الذى أقبل عليه المريد كان قاسيا لسببين:
    - سبب فكري: وجودي، ميتافيزيقي، يتمحور حول رحلة العبور، رحلة الأبدية والبحث عن اليقين وعن الحرية.
    -سبب مادي: يتمثل فى المرض الذى يعانى منه المريد. فعندما يعتل الجسد فإنه يمكن صاحبه من أن يرحل عبر آلامه وعبر ما يصيبه من نوبات وغيبوبة إلى أن يتشوف العالم الآخر، ويبحث فيه عن الخلاص.
    أصيب مريد هذا الزمان فى هذه الرواية "بهوس" الحنين الميتافيزيقي، برغبة عارمة، جامحة، قاتلة، يسعى من ورائها إلى بناء "بيت ليس ككل البيوت"، بيت له صلة بحنين الراوى ويترجم عن فلسفة خاصة جدا، أهل الدنيا يبغون ابتناء بيوت الدنيا، وأهل الحنين يتشوّقون لبناء بيت الأبدية (5).
    إنها رحلة المجهول و"اقتحـام أوطان لا وجود لها فى حدود الأوطان"، رحلة العبور الأبـدي. أليس فى حرف "الباء"، أول حروف هذه الكلمة ما يعنى فى المصرية المكان أو السكن...ألم يهاجر الخلق فى القديم إلى أوطان الأبعاد إرواء لمغامرة أو توقا للمجهول أو إشباعا لنهم ميتافيزيقى اسمه الحنين (6)، كذلك اعتادت الصحراء أن تحتال على الظامئين إلى الحنين لتقودهم إلى التيه، إلى الواحة المفقودة، إلى "واو" التى لا تظهر إلا لتختفي، إلى البيت الوحيد الذى يستطيع هؤلاء الغرباء أن يجدوا فيه حنينهم الضائع: الأبدية!(7). لذلك زعزع المريد وسواس "العبور" ومجابهة "الزوال" بتخليد الرسالة -رسالة الإنسان -وباصطفاء اللحن - الغناء - العزف -الشجن - هذا اللحن المنسوج من نار الحنين، ومن أنات الشاعر الحزين، ومن صدر المريد المشتعل بالوجع والطامع فى بلوغ الرحاب.
    إنه الوجد والتماهى فى اللحن الخالد. هذا الحنين، هذا الجنس من الوجدان الشجى جعل الحكيم يتجاوب مع المريد و يعده ببناء بيت لم تشهد الصحراء له مثيلا .
    وإنها الجنة كما وردت فى "رسائل إخوان الصفاء"، أوهى الفردوس المفقود، الذى مكانه السماء حيث الملائكة وبقية الكائنات اللامرئية(.
    إنه الشعور الميتافيزيقى يجتاح المريد فيقوده إلى رحلة العبور وإلى مجابهة الزمن والصراع ضد المتغيرات، متغيرات الزمن الرديء، زمن صراع الأقوياء، الصراع بين الثروة المادية والثروة الروحية.
    وتبدو فى الأثناء رحلة المريد مثخنة بالجراح: جرح الخيانة وجرح الجسد وجرح الجشع ونكران الجميل، وجرح فقدان الثقة فى الآخر، ومع ذلك يستبسل المريد فى رحلة العبور إلى بيت "الحنين"، إلا أن الرحلة كانت قاسية، لأن المريد كان يعانى ضعفا فى الجسد، نزيفا فى الرئتين، خصومة حادة مع القرينة من أجل استرجاع "الحقل" الذى رأى فيه أملا وطيدا ومكانا ملائما جدا لتشييد "بيت الحنين"، لذلك عمل العابر فى هذه الرحلة على تخليص جسده من بيت عماده الأوتـاد، شبهه الله تعالى ببيت العنكبوت لضعـفه وهشـاشته: مثل الذين اتخذوا من دون الله أوليـاء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا، وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمـون (9).
    أما كلمة "الدنيا" فقد زهد فيها الصادقون فى العبادة من أجل الفوز بالآخرة: لو كانت الدنيا تساوى جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء (10).
    هذا البيت فى الدنيا من سماته البهرج والرياش، لذلك فضل عليه المريد بيتـا عمـاده الروح، فجاهد فى هذه الرواية للوصول إليه مهما كلفه ذلك من تضحيات. و تمادى فى قلبه الحنين، فلم يجد مفرا من أن يختار بين نيل البيت، وبين التخلى عن الأم (التى تعنى فى متن الرواية الأرض). وعرف أنه فقد الأم إلى الأبد وفقد بفقدان الأم آخر رباط شده إلى الصحراء أيضا (11).
    إن الرحلة بين الـ"هنا" والـ "هناك" بين "بيت" يوجد فى الدنيا و"بيت" يوجد فى الحنين، فى المجهول، فى اللامرئي، لتبدو مفعمة بالثنائيات والصور البلاغية والتعابير الاستعارية والأبعاد الفلسفية والإرهاصات الصـوفية التى ملأت نفس المريد فدفعت به إلى التنقـل وتكبد مشاق هذه الرحلة القاسية، لذلك هام فى الصحراء التى لا تعدو أن تكون رمزا للدنيا عله يخلص روحه المنفية فى الجسد العليل فيحقق لنفسه "بيت الحنين".
    وهام المريد فى الصحراء فى رحلة نعتها باسم "رحلة العويل" كما أطلقها عليها سلالة الشعـراء(12). عندها اتخذ الناى صوتا واستعصى فى عينيه الدمع فانقلب لعينيه دمعا ولم يجد متنفسا لوسواس اسمه "الحنين" فتحول "الحنين" بين يديه ترياقا "للحنين"'ولكن الناى لم يبلغ به "البـرزخ (13). الناى لم يبلغ به الوطن. الناى أيضا لم يبلغ به البيت (14).
    هذه بعض من إشارات يريد صاحب البيت أن يهمس بها إلى القارئ الفطن ليضيف فيؤكد أنه صار مسكونا بالبيت، وأن قبائل أطلقت عليه "صاحب الناي" الذى يتغنى بالبيت فى حين سمته قبائل أخرى "المسكين المسكون بالبيت" (15). ألا يجوز أن نقول عن المريد ما قاله الحلاج عن نفسه ما فى نفسـى إلا بيت ، قياسـا على ما فى جبتى إلا الله ؟. فأنا مسكـون بمعنى الهوس (16). أى مسكون بأغنية الحنين الأبدي.

    "بيت فى الدنيا وبيت فى الحنين" تسير فى نسق فلسفى يتطور بصفة خطية خرجت فى تسلسل مقاطعها الكبرى عن التقنيات الفنية التى عودنا الكونى باتباعها، فالبداية تعنى الموجود الحسى والنهاية تقودنا إلى الموجود المجرد، وما بينهما يتداخل فيه الخطاب السردى بالخطاب اللغوى حينا وبالخطاب الفلسفى أو الصوفى أو الدينى أحيانا. وغلب على لغة النص اللغة الاستعارية التى تصور الجدلية القائمة بين بيت موجود، ممجوج وبيت منشود، بين أنا تنبذ الجسد وإغراءاته وذات تطمح إلى المجهول، إلى اللامرئي، إلى الحقيقة.
    ذلك ما يصوره الكونى فى عنصر "الجسد إذا سال" مركب شرطى ظرفى تلازمى اكتفى فيه المؤلف بالجزء الأول فقط، فهو إذن مركب مختزل، والجواب له علاقة بالمتن الذى يصور لنا فى مشهد درامى البحث فى المتاهة الإنسانية أو لنقل فى "بطولة الإنسان فى صحراء الإنسان".
    البطولة التى تجعله يدفن نفسه فى مناجم الملح دفاعا عن النفس، عن المعني، عن الرسالة، حتى لا تقول الأجيال فى تاريخها الذى لا يرحم إن العابر لم يعبر لأنه عاش حياته عبثا، بل لم يعش الحياة أبدا لأنه لم يترك وراءه أثرا.... (17).

    يصور المشهد إذن التصدى للزوال الذى معه تصبح البطولة حنينا فى عرف المريد وهو السؤال الذى يؤرقه، لأن الجسد عليل والشعور بالتخلى عن"حمل الرسالة" أو الفوز بلقب "الإنسان" يجعله يحس بالخيانة. ويكتسب الحنين بعدا فلسفيا يرتبط شديد الارتباط بعمق النفس البشرية وبشفافيتها ورقة وجدانها.
    وتترجم هذه المعانى فى منظور المريد عن الإرادة، والإرادة بطولة، ولكن الجسد الذى بدا عليلا ضعيفا يخونها، ينزف المريد دما، ولكنه يستبسـل فى مطاردة هذا الجسـد السائـل.. زحف ليوارى بقع الدم بتراب الأرض، فأحس بنفسه يذوب ويتحلل فى هذا السائل القانى الذى ينفثه من صدره، ورأى نفسه فى ملاحقته للبقع إنسانا يدفن نفسه وهو لا يزال على قيد الحياة. أفزعه الإحساس فشهق شهقة إنسان باغته الموت غيلة، فاستنكر لا لأنه لم يقرأ حسابا للموت، ولكن لأن مارد الموت لم يمهله لأداء الرسالة التى تبطل مفعول الموت. انتزع ترابا ليوارى به جسده السائل جسده الزائل ولكن الغيبوبة خذلته فانكفأ على وجهه قبل أن يلقى بحفنة التراب على بقع الدم...أفاق من غيبوبته فاستوقفـه لون التراب الذى تحسس ذراته بلسانه فوجده ملحا (1.
    ويكتسب الملح فى الرواية بعدا استعاريا لما له من علاقة جدلية مع التبر: بياض سواد شمال جنوب مقدس مدنس إذن للملح سماته وللتبر سماته وللمريد اختياراته وتوجهاته.
    وتقوى علة الجسد ويبصق المريد دما لم يبصق له مثيلا منذ عهده بأرض الموت فى "مجزان"؛ مكان يتردد ذكره كثيرا فى الرواية ويكتسب بعدا أسطوريا له علاقة حميمة بأحداث الرواية وشخصياتها التى تبدو متداخلة متكاثفة متشابكة.



    إن تجربة الألم التى مرر عليها الراوى الضمنى جسد مريده كانت كمبرد يحكه فيزيل منه "القشار" فيفتت قوته ويغوص فى وهنه إلى درجة يجلب معها شفقة المتلقى فيحزن ويتألم.
    إنه ألم الإنسان وهو يرى جسده يهوي، إنه بكاء الإنسان على الإنسان وهو يتحرك داخل منزلته البشرية المحدودة المحيرة، وسرعان ما يغوص المتلقى مع المريد فى هذه الأحاسيس التى تمكن الاثنين من الولوج إلى عالم الميتافيزيقا مشارف عالم الحقيقة، وأية حقيقة هذه التى تستهوى لعبتها الراوى الضمنى فيصوغها فى رواية مبكية؟ أليست الرواية هى الحياة كما صرح بذلك المؤلف نفسه ذات مرة! ألا تعكس فعلا نصا مشحونا بمعانٍ عميقة ارتبطت بما تعانيه البشرية فى العالم المرئى من لعنة الجوع وتفكك العلاقات والتناحر بين القبائل والعشائر والبطون المتعارف عليه فى التقسيم الاجتماعى التقليدي، ولكنه فى الحقيقة تناحر بين الأمم بمفهوم عالمنا المنظور اليوم لا المتخيل. إنه "غول" التمزق والحروب والغزوات والاستعمار الذى يهدد كيان الأمم يصوره مشهد الصراع العنيف المتخيل بين أهل الواحات وأهل الصحراء، بين تجار الجن وتجار الإنس، بين القوى والضعيف، بين الأعزل والمسلح .إنه جشع المال وما يخلفه فى الإنسان من موت الضمير وغياب القيم.
    هذا النص الغريب العجيب الذى يصعب على المتلقى فعلا فك شفرته دون عناء هو "نظر وتحقيق" فى عدة مفاهيم حياتية تتجاذبها المتناقضات والتناحر حول "هباب التبر" و"سلطة التجارة" خير يا بنى إذا نلت المال وشر ثم شر ثم شر إذا نالك المال. أما التجارة فهى مارد حقا فاحترس ولكنها مارد جبان فاحترس! (19).
    هذه الصحراء التى يصورها لنا المريد بامتداد فيافيها واتساع خلائها، والأهوال التى تنتظر عابريها ،هى الأرض"فردوس الجسد" ورحم كل حياة .أما السماء فهى جنة الأحلام وموطنها'ومع ذلك تبقى "الأرض لمملكة السماء وطنا". والصحراء المكان ' هى مسرح الحياة ' غاية العابرين والمسافرين 'صحراء الطبيعة 'معبر أصحاب القوافل بمختلف أجناسهم وما يعيشونه من علاقات ائتلاف واختلاف ' من تقاتل وتناحر وخوف .هذه الصحراء بإنسها وجنها بسحرتها وتجارها ليست إلا الكرة الأرضية التى يقطنها إنسان ظن أنه بالتبر وحده تبنى القصور وتحقق السعادة الأرضية فدخل فى عالم المقايضة والغش فاتسع الشرخ وتهاوت القيم وحلت المصيبة ."واتهم أهل الباطل الزمان بالفساد وهو بريء من جريمة الفساد لأنه لم يكن يوما إلا شاهدا على الفساد"(20).
    أما الإحسان الذى يتحدث عنه المريد فهو قيمة أخلاقية باقية "فلذة الإحسان بالإحسان تتضاعف بالمغالاة فى الإحسان"(21).
    تلك قيمة تعود بنا إلى التراث ممثلا فى شخص شاعر الجاهلية حاتم الطائى الذى يعتبر هوسه بالكرم فلسفة تتصدى للزوال بتخليد فعل العطاء.
    فقد تزول الثروة بالمغالاة فى الجود ولكن الثروة الباقية هى ثروة الروح ، ويقيم الكونى فى روايته هذه مقابلة بين قوة التبر (الذهب - الثروة -سلطان النفوذ...) وبين البلاء :"فالتبر كائن حى فى أزمنة الرخاء ؛ولكن فى أزمنة البلاء التبر أول السابقين إلى الموت . التبر زمن الرخاء سلطان'بل هو رب حقا' ولكن الناس لا يكتشفون أنه رب مزيف إلا عند حلول البلاء.ساعتها فقط يكتشفون أن معبودهم ليس ربا'ولكنه صنم من هباء لا يختلف عن هباء التراب".
    ما السر فى ذلك !إنه سلطان الجوع "الجوع أقوى ! الجوع دائما أقوي' لأن الجوع حقيقة'ولكن التبر أكذوبة ابتدعناها بأنفسنا .ثم لم نكتف بتصديقها 'ولكننا عبدناها ينهزم التبر ويتوارى ويحل الجوع فيظهر لنا الأكذوبـة'لذلك "فالرخاء فى منظور المريد زمان كاذب لأنه دائما ظل باطـل(22).
    إنه نص حجاجى حول المنزلة البشرية وما يقلقها من تسآل الوجود واستنطاق مراحل الحياة والبحث فى تجاويف الحقيقة و فى عمقها المحير 'إنه استعارة بالمعنى الميتافيزيقى فى الوجود والعدم' وفي"التجلى والخفاء" .لذلك افترض المريد تحقيق الميلاد الثانى ليثبت حقيقة السعادة .كان ذلك عندما غاب فى غيبوبة الموت وعاد جسدا بلا روح،لأن الروح صارت مسكونة بالبحث عن الحقيقة الأبدية 'عن الخلاص(23).
    كل هذا يقودنا إلى القول أن وجودنا مرحلة انتقالية محدودة إلى مرحلة أبـدية لا محدودة. و بين المرحلتين تتم معجزة الخالق فى خلقه:"ونحن أقرب إليه من حبل الوريد".
    لذلك ارتأى المريد أن الوجود الحقيقى هو الوجود الاستعارى :الغاية القصوى -الأبدية .
    ومن قبله تمثل الوجود عند الغزالى فى الانتباه من الغرور أو من النوم. وبين الغاية القصوى والإنابة إلى دار الخلود.لذلك أظهر لنا الكونى المريد طيلة الرواية معلولا، مريضا يعانى من سكرات الموت ومن العذاب الجسدى الذى يغيبه عن الوجود فيشرف على مكامن العالم الآخر، عالم الروح "عندها فقط أحس بأن الطريق الملتوى الصاعد إلى السماء بلا نهاية قد جلب له ترياقا، فتنفس بحرية لأول مرة'وأحس بدنه خفيفا مثل القشة،واستبد به فرح خفي، طفولي... إنه الفرح زاد المسافر الحقيقي".إنها الرحلة إلى عالم البدايات ، لذلك فلا غرابة أن يحس المريد بهذه الغبطة الفياضة.
    وهكذا نقارب فى صحبة المريد على نهاية الرحلة ."فعندما تفتك القوة الشريرة المتنكرة فى بدن سوس البدن فى بدن دود الفناء المسماة زمانا' ويتسع الشرخ فى بكرة البئر ويقترب الحبل من الانقطاع ساعتهـا لا يبقى لمهاجر الأبد إلا الفرح ' لأن الجرم قد باد ' والخـلاص قد اقترب..."(24). نهاية محزنة لمهاجر الأبد -الإنسان الذى يأتى الدنيا ويرحل عن الدنيا والسؤال لا يزال سؤالا والحيرة لا تزال حيرة والأجوبة مختلفة ' فيها المطمئن وفيها الغامض وفيها المحير. ويستقر مهاجر الأبد فى بناء لم يكن غريبا ولا عجيبا بل هو مألوف جدا لذات المريد ولهويته ' "نقوش وتمائم ' ووصايا الناموس الضائع التى حفرت فى الصلد بألوان شتى ' وكتبت حروفها بأبجدية اللغة القديمة".

    هذا المزلاج الحجرى العظيم، هذا الباب الرهيب، هذا المدخل الجليل ، هذه الدار المستطيلة الشاسعة ، وهذه السقوف العالية المزدانة بما يوحى بتراث الأولين تضم أخيرا مهاجر الزمان الذى عاش وفيا لحب الأهل والانتماء إليهم . فلم يخنهم ولم يتنكر لهم ولم يبدل ذاتا بذات ولا هوية بأخرى بل ظل وفيا إلى هذه العودة"المهيبة" وإلى هذا الكيان المتأصل الشامخ.
    إنها النهاية بسيطة بلا بهرج ولا زهور ولعلها تحمل سبيلا أخرى صعبة ومضنية "محفوفة بغيلان مخيفة ، وحيات مختلفة الأحجام وفخاخ كثيرة".(25).
    إنه "الضريح:غاية المهاجر لأنه يعرف أنه لن يسكن ولن يستقر إلا فى ذلك المكان الذى سيعترض فيه سبيله الضريح، لأن المغلول بلعنة الترحال لن يعود إلى صوابه إلا بالترياق الذى نسميه ضريحا' فاسترح يا مهاجر الزمان واركن أخيرا إلى المكان!."(26).

    -الحقيقة الموجعة:

    إنها أسطورة الزمان يثير الكونى إشكاليتها منذ الزمن الأول، منذ التقم الجد مندام سره فى فاكهة البستان' تلك الثمرة التى لم تكن غير غول الزمان الذى تسلل فى جسده وصار له دودة تنخر بدنه مع الأيام.وكان الإنسان يوهب الحياة فيفرح ويهلل 'ولكن "الهبة" مع الزمن وبالزمن سرعان ما تفتك منه وتختطف "فلا يجد عزاء إلا أن يبكى العمـر الضائـع ...ذلك هو البكاء الذى ذرفه المريد "يوم اكتشف أن الجرثومة الخفية قد افترست نسيجه دون أن يدري'فوجد نفسه يقف على فم الهاوية 'مهدما هزيلا'بائدا'تنهش العلة صدره'ويفترس الهرم ما تبقى من أيامه دون أن يحقق حلمه"...(27).
    و بعد أن اجتاز معاناة الطريق وعذابات المرض وتنكر القرينة وبرودة الوليد وصراع القيم والمتناقضات'ظن المريد أنه سيجد السعادة عندما يحل "ببيت الحنين" ولكنه وجد نفسه يدخل ضريحا فصاح فزعا "هذا ضريح يا مولاى 'هذا ضريح يا مولاي"'صعق المريد لأنه لم ير غير الظلام . ويطمئنه الدليل بأن "بيت الحنين هو بيت الأبد، وأن الثوب قد باد والرحلة قد انتهت"(2.
    ولا شك أن المصير موجع والمجهول مخيف "لا يوجعنى فراق الأكذوبة يا مولاى "'ولكن يؤلمنى ألا أدرى إلى أين أذهب؟" (29).
    إنها لا أدرية الشاعر إيليا أبى ماضى 'من قبله' 'صاحب رائعة "الطلاسم" ذات البعد المعرفى والوجودى وسؤال الاغتراب الذى لايزال يحير الإنسان ويشغل باله 'لم لا وهو سؤال الذات عن الذات 'وعن الوجود. إنه السؤال الكونى لا يزال يتردد على ألسنة المفكرين أمثال صاحبنا فى هذه الرائعة المحيرة .
    ويصطـدم المريد بالمجهـول (30) ممثـلا فى :"الضريح الذى أفنى العمر فى سبيل بنائـه" دون أن يعلم. "تلك هى جريمة الأحلام...نحن لا نحيا بمطاردة آمالنا، نحن ننحر الحياة قربانا لنيـل آمالنا"...(31).

    - تعليق على الروايــة:

    إن رواية الكونى "بيت فى الدنيا و بيت فى الحنين" تتسم بطابع سوداوى يتصل بالوجود وبما بعد الوجود 'يطغى فيها جانب العتمة على النور وهى فى نهاية الأمر"تحمل الكثير من تجربة صاحبها الحياتية وقد يجوز القول فيها أنها سيرة ذاتية مموهة 'وهى تكمل فى بعدها الفلسفى الاستعارى كتابه "صحرائى الكبري"(32).هناك علاقة حميمة بين الذات التى تكتب مغامرات هذه الرحلة والذات التى تعيش التجربة. فالمريد البطل والراوى يلتقيان فى كل آن وحين'فلغة الخطاب ولهجته وأبعاده كلها تترجم عن أن الذات الباحثة والذات المبحوث عنها يلتقيان ولا ينفصلان'بل إن الواحدة منهما لشديدة القرب من الأخري'تقاسمها ألم التجربة وعمق الإحساس بالقضية الوجودية التى سكنتها.
    فالوعى بلحظات التماهى بين المريد والراوى وبين عنوان الرواية ومتنها من حيث العمق الفكرى والوجودى والجمالية الظاهراتية واضح وجلى للمتلقى الذى عاشر كتابات الكونى وسبر أغوارها'وحاول تفكيك شفراتها.
    تعكس هذه الرواية فى نهاية الأمر فكر صاحبها الفلسفى الواضح ذا الأبعاد الوجودية التى تنشد الحرية والحرية أولا'ثم تتعمق فى المفهوم الأساسى للروح المجردة -القيمة الخالـصة -الأبدية- وهى قضايا قديمـة خاضتـها الفلسفة الميتافيزيقية وتواصلت مع كثـير من الفلاسفة المشهـورين أمثال:"هايدغر"وهيغل"'الذى يبدو أن الكونى متأثر به فيما يتعلق بمنزلة "الروح Deutcher Geist ""الروح الألمانية" الموضع الطبيعى والملجأ الضرورى لفكرة الفلسفة...إن غاية ظهور العقل عند هيغل تكمن فى ارتفاعه إلى إدراك طبيعته الحقة'وهى نهاية الإنسان'فيصبح الوعى علاقة متناهية بنفسه.نهاية الإنسان هى غايته'تحقيقه بلا نقص ولا تضاد"........شاهد عن الروح من البيان.
    وهذا ما نعرفه أيضا عند الصوفية ممثلا"فى موقف الغزالى وهو يقدم العقل أمام مملكة الحواس التى تصدرت لدعوته إلى محاكمة ما يتجلى فوقه"الناس نيام".وتلك حالة الوعي'نائم ضحية مشابهات سطحية'ثم كما قال الرسول'"إذا ماتوا انتبهوا"لأنهم كما يمكن لهيغل أن يقول'قبلوا حركة وعى الذات التى ترفعهم إلى الخلاص من ذواتهم المنتهية ووضعهم البائس"(33).
    فالبرزخ هو الحد الفاصل بين نقيضين وهو يحيلنا حسب فلسفة هيغل إلى بعد ثالث هو البعد الميتافيزيقى ،الخفاء ، ولن نهتدى إلى هذا الواقع إلا بالإيماء، أى النظر إلى ما لا يري(34).
    هذه هى بعض من مراحل العبور إلى "بيت الحنين"' المضنية 'المبكية انتهت بالانتصار عليآلام الجسد وتحقيق الحلول فى الروح . وصارت الرحلة مع الزمن أسطورة والمكان يدعي"بالمعبد" أو "بيت العجب" مقصد الباحثين عن الحقيقة 'وعن الخلاص.
    هذا ما رسمه الكونى فى قفزات استباقية فنية ما بعد "الحنين" ' ما بعد الموت ما بعد العديد من الأزمان ' هذا الزمان الذى يطوى نفسه ليدفع بنا إلى المطلق 'إليالأسطورة...ولكن هل يستطيع الفيلسوف أن يكف عن التنصت إليهذه الأكوان 'إلى التشوف إلى البرزخ ' إلى استحضار الميتافيزيقى . ويذعن إلى قوله تعالي: " ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي'وما أوتيتم من العلم إلا قليلا"؟(35).

    ـــــــــــــــــــــــــ

    (1) انظر رواية: "بيت فى الدنيا وبيت فى الحنين"، ص 5.
    (2) انظر كلمة "بيت" كما وردت فى موسوعة "بيان فى لغة اللاهوت" الجزء الرابع ص152-153 -163.
    (3) انظر رواية: "بيت فى الدنيا بيت فى الحنين"، ص 68.
    (4) حديث نبوى شريف.
    (5) انظر الرواية، ص 66.
    (6) انظر "بيان فى لغة اللاهوت"، الجزء الرابع، ص 199.
    (7) انظر الرواية ص 61.
    ( انظر مقال "أساطير الكائنات اللامرئية فى رسائل إخوان الصفا"، مراد الضويوي، مجلة الحياة الثقافية (التونسية)، السنة 27، العدد 138، أكتوبر، 2002.
    (9) سورة العنكبوت، الآية 41.
    (10) قولة لأحد الصحابة.
    (11) انظر الرواية، ص33.
    (12) انظر الرواية، ص 22.
    (13) يعرف الكونى كلمة "برزخ" بالحد الفيصل.
    (14) انظر الرواية، ص 23.
    (15) انظر الرواية، ص 24.
    (16) كثير ما تتردد هذه المعانى بغزارة فى كتابه "بيان فى لغة اللاهوت" عندما يتحدث عن العقل البدئى فيقول: هناك كان لا بد أن توسوس الروح ولا بد أن يستيقظ الحنين، ولا بد أن يشتد الظمأ إلى الفردوس المفقود، الحنين إلى الوطن الأول هو الذى يزلزل الأبدان ويرج الكيان، يدفع الإنسان للانطلاق إلى تلك الأرض التى حرمه منها النسيان، ولكنه يمضى نحوها مستنيرا بتعويذة اسمها الحدس، مستعينا على أهوال رحلته بهاجس مخبوء فى نبوة الوسوسة، مغالبا المسافة بأغنية الحنين الأبدى ...انظر الجزء الرابع من كتاب "بيان فى لغة اللاهوت": المقدمة فى ناموس العقل البدئى ص 201 - 202.
    (17) انظرالرواية ص 200.
    (1 انظر الرواية ص 204 - 205.
    19) انظر الرواية ص 295-296
    20) انظر الرواية ص 298
    21) انظر الرواية ص 300
    22) انظر الرواية ص 307-308
    23) انظر الرواية ص439-440-441 'إذ يخص الكونى مرحلة الخلاص بعنصر كامل'يتحدث فيه عن الحالة التى وصل إليها المريد عندما قرب من النهاية .أعياه التنقل بين صحراء الحمادة الحمراء' وبين الواحة 'وشعر بالدودة المشؤومة تفترس ما تبقى من نسيج القشار'فالتجأ إلى الحكيم مرارا ليردد فى أذنه الرجاء :عجل! عجل! عجل قبل أن يكتم أنفاسنا الجرثوم 'ويأخذنا على حين غرة الأجل". وتبدو له قمة الجبل بعيدة.ويجيبه الحكيم كل الأشياء التى نرى فيها خلاصنا تبدو للبصر أقرب من حبل الوريد برغم أنها لأبعد منالا من بلاد الواق الواق."
    24) انظر الرواية ص 442
    25) انظر الرواية ص 444
    26) ص 445-446.
    27)انظر الرواية ص434-435.
    2 انظرالرواية ص445
    29) انظر الرواية ص448.
    30) انظرالرواية ص 448. "إنه المجهول، المجهول يا مولاى المجهول، السر كلّه فى المجهول".
    - وما يضيرك المجهول إذا كنت تعلم علم اليقين أنك لن تتوجّع "هناك" واللهو "هناك " لن يكون أكثر خواءا من الذى عشته هنا؟.
    31) انظر الرواية، ص 449.
    32) انظر كتاب صحرائى الكبري، نصوص عربية الطبعة العربية الأولي1999 .
    33) انظر كتاب جاك دريدا المقدمة ص12.
    34) ذلك ما يردده إبراهيم الكونى فى كتاباته."الروح المصرية (حسب نبوءة القديس بولس) ليست ناظرة إلى الأشياء التى ترى 'بل إلى الأشياء التى لا ترى 'لأن الأشياء التى ترى وقتية 'أما الأشياء التى لا ترى فأبدية".انظر الجزء الأول من كتاب "بيان فى لغة اللاهوت" ص111.
    35) انظر سورة الإسراء الآية(85).
                  

06-08-2003, 11:41 AM

جبران


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "بيت فى الدنيا وبيت فى الحنين" لإبراهيم الكوني (Re: هدهد)



    كذا فلتكن الكلمات .. المشرق هدهد .. كيفما تكون .. وأينما تكون فلا تزال الهدهد .. هذه الدراسة تشعل في الذهن شرارة الغفلة .. هذه الرواية .. تشتكل معي في معظم الصفحات .. لكن الآن وبمساعدة هذه الدراسة يبدو أن للواحد أن يعود مرة أخرى فيقرأها بصورة مغايرة .. أشكر لك حسن اختيارك .. والتحية لهذا الطرح الجديد .. دمت لنا شمساً تغير طعم فاكهة الفصول كلها ..
                  

06-09-2003, 09:05 PM

هدهد

تاريخ التسجيل: 02-19-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "بيت فى الدنيا وبيت فى الحنين" لإبراهيم الكوني (Re: جبران)

    العزيز جبران
    النصوص وما النصوص
    كثيرا جدا اقول ان الاشياء الجميلة تحتاج شوف مختلف
    كم من نص يتوهك في نفسك وكم رؤية تغيب وتجدد بشوف الاخر
    اذن من يفك النص هذا ما نحتاج له
    عميق العميق حقا عميق
                  

06-08-2003, 03:59 PM

THE RAIN
<aTHE RAIN
تاريخ التسجيل: 06-20-2002
مجموع المشاركات: 2761

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "بيت فى الدنيا وبيت فى الحنين" لإبراهيم الكوني (Re: هدهد)

    رسول إبن داود، الهدهد

    وسمى إبن أرز الجبل، جبران

    الحب عليكم

    دائما ما يخيفنى ما يأت به هذا الرسول، أغالب التوجس عصى الإحتمال كى لا أتوه فى حشايا ما يمده إلينا، فأنى، ومعى كامل اليقين، أنه سيكون مثل ثقب أسود بلا نهاية، لذا أتعبت معى أوراد التحصين ضد الدهشة والفرحة والمتعة المطلقة، وأنا أتوكأ على شغفى بالهدهد، وأسأل اللحظة الرحمة، كيلا أتلاشى يوما من تلك الدهشة التى تندفع منذ البدء الى أعمق إرتكاز فى الروح، وتظل ملازمة، لا تفارق

    أعرف سلفا ما يأت به، لذا وفى أحايين كثر، أتهيب الولوج، ولكن أغرانى جبران فى هذا الأصيل، فتوكلت على الله، ولم يخب حدسى

    إبراهيم الكونى، كم هو مخيف هذا المضمخ بأرواح الصحراء، أكثر ما يخيفنى هو صدقه، لأنه يأتيك عاريا كما ولده إبداعه، فلا تملك إلا أن تخلع دمك عنك وتلقاه

    رفقا بنا يا أيها الهدهد، فأنت إما أن تستفز الأشواق فينا، أو تكشف لنا سوءات الرغبة المدوية لأشياء نعشقها، الى حد المطلق، ولكنا نعرف كم هى عصية المنال

    نعيش الآن فى بلقع ليس به سوى الإجداب، حيث بعدنا عن حقول الإمتاع والمؤانسة مع بوح الحروف ورقص الكلمات، هنا لا تقدر إلا أن تقرأ الفراغ، وكل المواسم متجهمة الوجه، لذا وحين يحرك الهدهد فينا عارم الأشواق

    نفرح به وننتشى

    ولكن وبعيدا فى مسام الأمنيات، ينتصب الطمع متقلدا سيف التوق الأبدى، لما نشتهى

    ولا ننال

    ومرة أخرى لا أخيرة

    وعليكم الحب
                  

06-10-2003, 01:24 PM

هدهد

تاريخ التسجيل: 02-19-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "بيت فى الدنيا وبيت فى الحنين" لإبراهيم الكوني (Re: THE RAIN)

    العزيز ابو امنة
    لابنتنا امنة كل الود وهي تذدهي الان بعامها الثامن وانت ترسم لها في جدار غرفتها القادمة تفاصيل الحلم الجميل
    ارجع الهاتف لكي تسرق منك بعض القلق وتورطك

    هم الرسل هكذا دائما يوفرون لنا الالتباس ولكن كل كاتب رسول لا اتفق مع سليمان في رؤيته لانه ورثها جاهزة من كل الحروب التي قادها ابوه داؤد ولكنه بناء اقتصاد قوي وامتلك ادوات الانتاج ولهذا حديث اخر وليس لسيلمان قوه خفية ولكن هناك مايجب ان يخدع للتأوويل...

    الكوني هو من صنع عالم من فراغ ودهشتي ما ذالت مسنمرة
    ولكن حين نجد من يعرف الدروب نصعد بهذا الدرب نحو فهم جديد
                  

06-08-2003, 08:47 PM

Abdalla Gaafar

تاريخ التسجيل: 02-10-2003
مجموع المشاركات: 2152

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "بيت فى الدنيا وبيت فى الحنين" لإبراهيم الكوني (Re: هدهد)

    هدهد
    هكذا من كلشجرة غصن ومن كل غصن وردة يفاجأني حضورك في لحظات الهروب من كل شئ فاعود لاخذ منك قليل زاد للرجوع .لك الشكر علي العرض التحليلي للكوني وبيت في الدنيا وبيت في الحنين.ادهشني النص تماما ووددت ان اقرأها مرة اخري وسافعل فاحيانا يكون التحليل او النقد او حتي القاء الضوء علي عمل ما هو بطاقة دعوة لقرائته باحساس مختلف.لك الشكر وانت تحاول الصعود بنا الي مختلف الاداب والفنون وتدعونا الي من تحب ومن لاتحب

    السلام لك وللرائعين جبران وابو امنة

    عبدالله جعفر
                  

06-08-2003, 11:42 PM

تراث
<aتراث
تاريخ التسجيل: 11-03-2002
مجموع المشاركات: 1588

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "بيت فى الدنيا وبيت فى الحنين" لإبراهيم الكوني (Re: Abdalla Gaafar)

    أين انت ياهدهد
    سكت دهرا ونطقت كفراً ، كفراً بكل السائد من يومي الكلام وعاديه ، وكفراً حتى بالجهد القليل السطحي الذي يبذله مثقفون ودارسون كثيرون ، اذا صح إطلاق هذه الصفات عليهم .
    انت تدهشني دائما، وتدهشني قدراتك على تجديد مصادر هذه الدهشة باستمرار .
                  

06-10-2003, 08:32 PM

هدهد

تاريخ التسجيل: 02-19-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "بيت فى الدنيا وبيت فى الحنين" لإبراهيم الكوني (Re: Abdalla Gaafar)

    العزيز دوما عبد الله جعفر
    التحية لمدن عينك
    كم تسكن انت مكان القلب
    وحين اشتهي نفسي استدعيك
    الكوني ملك اللغة حين دلتني يوما ما الصديقة الغالية سلمى الشيخ سلامة في القاهرة وذلك كان عام 92 وجدتها في مكتبة مدبولي في القاهرة كانت فرح برغم الحزن الذي يسكنها لفقد عازة في ذلك الوقت وموقف جعفر نصر من سفر عازة اليها
    الا انها نصحتني بان اقرأ للكوني
    منذ ذلك الوقت قتلني الكوني
    وتماهيت في عالمه وكل ما جده اذوب في شوارع الصحراء الخفيةالتي لا يراها الا من كان عميقاً جدا
    شكرا جميلاً للتكنلوجيا كما تقول ميرفت اتمنى ان تكون رسالتك وصلت اليها
                  

06-11-2003, 12:06 PM

هدهد

تاريخ التسجيل: 02-19-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "بيت فى الدنيا وبيت فى الحنين" لإبراهيم الكوني (Re: هدهد)

    الغالي الى الروح تراث

    قلت ان بعض الكتاب رسل

    اتذكر ذلك اليوم ونحن ننتشىء بحمى التواصل
    تكلمنا عن محمد
    عن ايوب
    عن الكوني
    تحدثنا عن تلك الصوفية الجديدة
    وعن مابعد الوصول
    عن قرف السياسة
    عن لهفة الدخلة في الحلم الكبير
    عن البنوية
    لازلت تتدهشني يا صديقي
    متى ادعوكم الى العشاء في منزلي الجديد بالغربة الجديدة
    والوطن الحلم
    كم اتمنى جلسة تضمنا هناك بعد ان نلتقي
    بحثاً عن مستقبل جديد ليسار ومحمد وهبة
    يقولون أن الفودكا هي خلاصة الرز
    والكلوركس ما ادراك ما الكلوركس
    اما العراق فلها ميماسها الذي يتحول الى حليب اذا خلطه بالماء
    زهرة سمندلاوي نزعت ثياب الرواية
    عرتها بانت الفتنة واندهشنا بقرأتها من جديد
    النقد حالة ابداعية خاصة
    اعتقدك اجمل من يحلل
    اجمل مايكون
    نفقد الناقد في الادب السوداني
    وانتم صلاح الزين ،عبد اللطبف على الفكي، واحمد طه امفريب، وسامي سالم ، واوو
    هل لاذلت تنظر الى الكوني من بعيد
                  

06-11-2003, 10:10 PM

تراث
<aتراث
تاريخ التسجيل: 11-03-2002
مجموع المشاركات: 1588

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "بيت فى الدنيا وبيت فى الحنين" لإبراهيم الكوني (Re: هدهد)

    هدهد
    ماذا اقول ؟
    دعنا نلتقي هناك كما ظللنا نلتقي وحدنا ، لأقول وتقول كل مانود قوله دون خوف من تصنت الأخرين لكلام ربما لا يحتملونه الآن .
    عرفت ابراهيم الكوني حقاً بك .
    عرفت إسمه ورواياته قبلاً ، ولكن علاقاتي به أصبحت مختلفة تماماً عندما لمست إعجابك به .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de