كانت «أول زيارة عربية بعد حرب العراق». هكذا قال المذيع القطمصي. وهكذا نقل اليّ صاحبي ما حدث. سألته ماذا يعني بمذيع قطمصي؟ قال هذا مصطلح، يعرف به المصريون المتحمسون لقطر فيه ادماج لكلمتي مصري وقطري. والقطامصة، وهكذا تجمع كلمة قطمص، هم مجموعة المصريين المهللين للثورة البيضاء في قطر، وهم كثر، وقال ان زوجته تشير اليهم على انهم مصريون قطريون، أو «مصطريون». قالت انها تفضل ذلك لأن المصطري حالة، فيها حلاوة وطراوة، فهذا المتشدد اليابس والناطق باسم النشاما، يصبح طريا وليّن العريكة عندما يتحدث عن أول وزيرة امرأة. وزادت، وبخفة دم تقول: لقد تزايد هؤلاء المهللون بدرجة لافتة، وان اكثرهم من المصريين، وما بقي إلا ان نسمي أهراماتنا خوفو، وخفرع، ومصقطر، والثالث بديل لاسم احد ملوك مصر القديمة من بناة الاهرام الثلاثة، وهو منقرع. سألتها، ولِمَ التركيز على المصريين في هذه الزفة، ألم يكن هناك من هو ليس بمصري؟ قالت: هل تابعت الزيارة القطرية لواشنطن؟ قلت لم اسمع بها. قالت: ان الناس هنا يشيرون اليها على انها مطر قطر، إذ أمطرت الاموال على كثير من الاشخاص والمؤسسات، امريكية وعربية، في العاصمة، من معهد بروكنز حتى أصغر دكانة بحثية في العاصمة. ولم يكن المصطريون وحدهم الذين استفادوا، فكان هناك فلسطريون، وقطارنة، (هكذا تجمع محدثتي الاردنيين، اذ تقول أرادنة) وجميعهم ممن يعملون في الاعلام او حول الاعلام. جلسنا نتابع الزيارة على قناة «الجزيرة»، وبالفعل لفت نظري عدد المصطريين الموجودين في القناة من احفاد خوفو ومصقطر، وحاولنا تتبع المذيع الذي يقدم نفسه دائما في واشنطن على انه قائد جبهة الصمود والتصدي، فإذا به مرتبك في الحديث، متلعثم اللسان. وبينما يتحدث عن حرية الصحافة في قطر، إذا بقطري من الدوحة، وهو وزير عدل سابق، يقول «ان الرقابة والصرامة على الصحف الآن أعنف واشد في قطر عنها أيام كانت هناك وزارة اعلام». واسقط في يد المذيع. وبعد ان انتهى برنامجه قلت، وماذا عن باقي الاعلاميين العرب؟ كيف نسميهم، إذا كنت انت امريكياً مصرياً، فهل يدمج اسمك فيصبح: مصريكي؟ قال هذا جيد، وأسهب في الحديث فقال ان المصريين المتشددين لقطر هم ليسوا قطامصة فقط، بل هم مصاقطة، اذ يكون فيها تلميح الى السقوط، وما اكثر ذلك في عالمنا. وانتقلنا من هذا الهزر الى قليل من الجد، فقالت السيدة: ألا يلفت نظرك ان الاعلاميين العرب هم نفس الوجوه يتنقلون من اذاعة صوت العرب الى تلفزيون العرب، ومن التلفزيون السوري الى قناة «العربية» أو من تلفزيون مصر الى «الجزيرة»، مما يجعل الاعلام العربي مسخا عديم لون وطعم تفوح منه رائحة، ولم تصف الرائحة! قلت، وكنا على مائدة الطعام، ان الاعلام العربي اشبه بما أمامنا من علب الفلفل والكمون والشطة، تخيلوا لو وضع على علبة الكمون اسم «ملح» وكتب «شطة» على علبة «الكمون»، أو «ملح» على علبة الفلفل، فلا بد من التعرف على ما في الوعاء قبل تصديق ما هو مكتوب عليه من الخارج، ولو صدقنا ما هو مكتوب على العلبة «لخربت الطبخة»، وهذا ما يحدث في الاعلام العربي، طبيخ خرب لان علبة الصحفي المرتشي مكتوب عليها (قومية) أو (وطنية) وعلبة العميل الصغير، مكتوب عليها (مستقل) وعلبة المناضل مكتوب عليها (خنوع)، وهكذا اختلطت الامور ولا يبقى امامنا الا ان نختبر ما في داخل هذه العلب بأنفسنا. عاد إليّ الهزر فقلت، بالمناسبة انا لست فصيحا في اللغة، تُرى كيف تسمون الانجليزي القطري، أو من يحمل جنسية انجليزية وايضا يهلل لقطر؟ واحتار دليلنا، اذ تعددت الاسئلة، هل تقصد العرب حاملي الجنسية الانجليزية، ام الانجليز انفسهم، فإن كنت تقصد العرب فهم كثر، فهناك المصري الانجليزي المتشدد لقطر يمكن ان يجمع على وزن المقريزي، اما إن كان فلسطينيا انجليزيا ومتحمسا لقطر قابض منها وعليها كالجمر، فيمكن ان يدغم باشكال عدة. وبما انها تعرف انني سأكتب في الموضوع، قالت زوجة صديقي: من الافضل ان تترك جزءا منها للقارئ كي يتمرن على إدغام هذه التركيبات العجيبة من البشر، من العرب الافغان، الى العرب الامريكان، الى مجاهدي الشيشان، وهكذا. واضافت «ألا يلفت نظرك ان كثيرين ممن يهيجون الرأي العام في العالم العربي هم إما مواطنون امريكيون أو انجليز»؟ وتذكرت من اعرفهم في هذا المجال وتأملت قناة «الجزيرة» فوجدت ان جميع المذيعين والمذيعات باستثناء قلة قليلة هم بالفعل امريكيو او انجليزيو الجنسية. نفس الشيء ينطبق على قناة ابوظبي، فكثير ممن يديرونها أو يذيعون فيها هم أمريكيون من اصل عربي، وأعرف بعضهم شخصيا. إذن إن كان لامريكا غضب تجاه الاعلام العربي فيكون من الخطأ ان نقول انه الاعلام العربي، وذلك لأن أكبر عدد من المذيعين والمذيعات، وكذلك الكتاب العرب، وانا منهم، يحملون الجنسية الامريكية او الانجليزية، وبعضهم يحمل الجنسيات الهولندية والاسترالية والبلجيكية وحتى الالمانية. فهذا كاتب مقال عتل يحمل الجنسية الالمانية ويطلق عمودا قوميا عربيا من واحدة من الصحف الكبيرة في العالم العربي. وهذا الآخر يحمل الجنسية الامريكية وربما لا يعرف العربية، ويناضل بكتابة مقالات انجليزية تترجم في الصحف العربية. وهذه مذيعة جميلة من قناة «الجزيرة» تحمل لا شيء سوى الجنسية الامريكية، ومع ذلك فهي ضد امريكا على طول الخط، باللغة العربية طبعا. اما اذا قابلتها في حفلات الترويج والعلاقات العامة في واشنطن فهي تتكلم بصيغة «نحن» وهي لا تعني نحن العرب وانما نحن الامريكيين. وهكذا. سألت صاحبي على مائدة العشاء: لماذا يكرهون الامريكيين على الشاشة ويلتصقون بهم في الواقع؟ فقال هي ظاهرة تبدأ من الشخصي حتى العام، اذ يقول انه عندما يعود الى بلده متحدثا لاترابه فهو رغم زواجه من امريكية، دائما يمجد في جمال ودلال بنت بلده الاصلي، ويبالغ في صفات الامريكية السيئة، لدرجة ان كثيرين منهم يسألونه، إن كانت زوجته الامريكية بها كل هذه العيوب، وفي بنت بلده الاصلي كل هذه المزايا لماذا لا يتزوج من بلده الاصلي؟ ولكنه لا يفعلها، هو فقط يثرثر منافقا لهم عن «عيوب» الامريكية، رغم غرامه بل ولعه بها في الحقيقة. قلت تقصد ان هؤلاء الاعلاميين متزوجون امريكا ويخونونها مع العرب، ام العكس؟ ضحك ولم يجب، ولكنه ذكرني بان تلك صفة من صفات القطامصة، وهم اقرب شبهاً بالبرامكة. اقتربت ليلتنا من النهاية، نحاول التعرف على طعم للاعلام العربي، ونحاول ان نفهم ظاهرة العرب الذين يعيشون في امريكا واوروبا، وبدلا من الاندماج في هذا العالم الجديد نجدهم يكتبون بالعربية، يشتمون امريكا على واحدة من القنوات العربية، ويعودون الى منازلهم: ترى لماذا يجد العربي المقيم في الغرب والمتجنس بجنسية واحدة من دوله، ضرورة ان يشتم بلده الجديد بالعربية؟ لماذا لا ينتقد وطنه الجديد بالانجليزية؟ وانتهت الليلة بتعليق على مطر قطر بعدما احصى احدنا عدد الجنسيات غير العربية الموجودة في الصحافة العربية، ولاحظنا انه يكاد يكون اكبر من عدد العرب واهل البلاد، فبدا كأن معظم الاعلام العربي بريطاني امريكي، اذا ما اخذنا عامل الجنسية في الاعتبار، اي انه اعلام بطريكاني. هنا تساءل احدنا: اذن لماذا لا يأخذ صحفي مستقل هذا على عاتقه ليحصي لنا عدد الامريكيين والبريطانيين في الاعلام العربي؟ قلت: لا اعتقد ان هذا امر صعب اذا كنا جادين في الخروج من حالة الزفة الى حالة اعلام يحترمه العقل. اما «المصاقطة» فهم حالة مكشوفة للجميع وقد آن لها ان تنزوي.
05-28-2003, 00:33 AM
baballa baballa
تاريخ التسجيل: 05-13-2002
مجموع المشاركات: 151
الاخ العزيز ياسر الشريف تحية طيبة وبعد وطبعا هنا اهلنا العراقيين واللذين تازو من الفضائيةالقطرية العجيبةالجزيرة وهى تمارس تغطيتها المخلة للاحداث فى العراق بتلك الصورة السمجة والفجةوجعلت من نفسها بوق لنظام صدام ثم عادت لتولول على الشعب العراقى والمقابر الجماعية ..اطلق عليها العراقين الاذكياء اسم:"امرأة لوط" وطبعا الدور المخزى لهذه المراة موثق بنص القران ويمكنك ان تراهن على فطنة العراقيين ********8 كلت مبانى ما اقول عن الذى ارمى الى معناه او اثباته قلت المعانى فى عظيم بنائها و كل يرى قولى على مراته ان الذى يلقى الهناء بجيرتى ينجو وينجى اهله بنجاته ********** اخى ياسر بسال عن صديق فى المانيا اسمه خالد ابو عاقلة من اولاد ام درمان ..ما وقع فى عينك بهناك فى المانيا
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
Yasir Elsharif
baballa
adil amin
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست