الكهرباء فى السودان عملة نادرة

الخرطوم - أ ش أ
ما ان ينقطع التيار الكهربائى عن احياء العاصمة السودانية الخرطوم حتى تسرى محله ضوضاء تهاجم المواطنين فى عقر دورهم فتصك اذانهم وادخنة تزكم انوفهم فاذا بالاحياء الهادئة تنقلب الى مناطق صناعية ذات صخب وضجيج مصدره تلك الالة الكئيبة المولدات/ التى يستعيض بها السكان القادرون والمنشأت الحكومية الخاصة لتوليد التيار الكهربائى اللازم.
وعندما تحل أشهر الصيف والخريف وتهطل الامطار ينقطع التيار الكهربائى عن الخرطوم وغيرها من مناطق السودان بشكل يومى ولساعات طويلة وربما لايام فتنطلق /المولدات/ القائم غالبا فى الشوارع امام المنازل والمصالح والموسسات الخدمية والتجارية لينفث ضوضائه وكهربته الضعيفة وادخنته السامة.
ورغم الجهود الحكومية الحثيثة لتوفير الطاقة الكهربائية لكل اهل السودان الا ان الانتاج السودانى/كما يقول وزير الكهرباء على تميم فرتاك / يبلغ 700 ميجاواط/وهو مايغطى حاجة 17 ئ فقط من استهلاك الشعب مع وجود مناطق كاملة لاتعرف الكهرباء حتى الان وللوصول الى نسبةتغطية مائة فى المائة فان البلاد تحتاج الى عشرين سنة على الاقل.
واوضح فرتاك ان وزارة الكهرباء لاتتحدث حاليا عن حل ازمة انقطاع الكهرباء بل وان كل جهودها تنصب على تخفيف حدة الازمة وتسمح للقطاع الخاص بتنفيذ مشروعات لتوليد الكهرباء مشيرا الى مشكلة نقص التمويل المالى من منطلق ان السودان من بين افقر 20 دولة فى العالم ويعانى من نتائج الحرب الاهلية فى الجنوب وحركات التمرد فى الشرق والغرب وضألة انتاج البترول والاستثمارات الاجنبية.
ورغم وجود نهر النيل وفروعه العديدة الا ان السودان /حسب تصريحات وزير الكهرباء على تميم فرتاك/لايستطيع ان ينتج سوى 9 الاف ميجاواط هذا اذا توفرت الامكانيات المادية والتقنية.
وتتنوع المشاكل التى تنجم عن انقطاع التيار الكهربائى فتبدأ بتوقف محطات تنمية المياه اللازمة للشرب ويضطر المواطنون ميسورو الحال الى شراء المياه المعدنية اما الفقراء وهم غالبا اهل السودان فيضطرون لشراء براميل المياه من عربات الكارو المنتشرة حتى فى احياء الخرطوم وثمنه يبلغ فى ام درمان 200 دينار اى مايقرب من دولار امريكى.
ويتسبب انقطاع التيار الكهربائى فى توقف المستشفيات عن العمل وتعطل اجهزة مهمة مما قد يودى بحياة مرضى فى غرف العمليات او الانعاش الامر الذى دفع ادارات المستشفيات للتذمر والطلب من وزارة الكهرباء استثناء المستشفيات من قطوعات الكهرباء المبرمجة.
وفى هذا الصدد اعرب الدكتور كمال خلف الله مساعد مدير عام مستشفى الصداقة الصينى بأم درمان عن استيائه الشديد لقطوعات الكهرباء عن المستشفى موضحا ان المولد الذى تستعين به المستشفى لتوليد التيار الكهربائى انهكه طول العمل لفترات طويلة وصارت تكلفة صيانته وعمله تفوق 10 ملايين جنيه شهريا.
ودعت وزارة الكهرباء الى ربط المستشفى بخط او بخطين استثنائيتين للتيار الكهربائى بحيث يتم تأمين الكهرباء اللازمة لعمل المستشفى واجهزتها المختلفة حماية لارواح المرضى.
ومن ابرز مشاكل انقطاع التيار الكهربائى توقف المصانع لساعات طويلة عن العمل فى حين لايستطيع المولد/وقدرته الكهربية ضئيلة/ مد هذه المصانع بحاجتها من الطاقة كما يضطر عدد كبير من المزارعين لهجر الزراعة وذلك لارتفاع تكلفة رفع مياه الرى من النيل وفروعه عن طريق المولد علاوة على التكاليف الاخرى ويودى انقطاع التيار وتذبذبه الى
تلف الاجهزة الكهربائية فى المنازل.
وتمتد المشكلة لتلقى بظلالها على المساجد والخلاوى /كتاتيب لتحفيظ القرأن/ حيث صار لزاما عليها تسديد فاتورة استهلاك التيار الكهربائى شهريا فصارت مهددة ليس فقط بالقطوعات المبرمجة بل بالانقطاع الدائم حال عدم تسديد الفاتورة وهى تدفع مقدما فى الخرطوم مثل كروت شحن الهاتف المحمول او تدفع نهاية الشهر فى المدن الاخرى.
يذكر ان قيمة المولد او الجنراتور/ تتراوح مابين 1500 و10 الاف دولار فيما يبلغ سعر جالون الجاز المستخدم فى تشغيله 300 دينار وبالتالى يكلف تشغيل المولد خلال ساعات قطوعات الكهرباء وهى تكاد تكون يومية مابين 20 و40 دولارا فى الشهر الواحد.
وبسبب ارتفاع ثمن وتكلفة عمل المولد يضطر غالبية اهل السودان لاستخدام وسائل بدائية لتوفير الكهرباء ابرزها الاستغناء عن الاجهزة الكهربائية كالتلفاز والثلاجة والغسالة ومع ذلك يجدون انفسهم مضطرين لتوفير الاضاءة اللازمة خلال الليل لابنائهم الطلاب الذين يتلقون العلم فيسارعون الى الاستعانة بالشموع ذات الضوء الخافت أو /لمبات/ الجاز.