|
إلى الأستاذة رباح الصادق : مح تقديري
|
الأستاذة رباح الصادق : لك التحايا و التقدير. عذرا إن طرقت بابك دونما سابق تقديم ، و لكن عذرنا أن هذا المنتدى واحة الجميع ، يتفيئون ظلاله دونما تكليف. أختي الفاضلة ، أسمحي لي أولا بهذه المقدمة مدخلا للموضوع : جدي من والدي رحمه الله : أنصاري للنخاع ، و كان يقول أنه سيورث أبناءه و أحفاده ( الأنصارية ) ، و هو أمين بيت المال في أرض الشمال في عهد الخليفة عبد الله التعايشي ، و أحد المقاتلين مع الأمير عبد الرحمن النجومي في توشكي ، و هو أحد زملاء الشيخ بابكر بدري ، و من تلاميذ خلاوي الغبش. رغم كل هذا و ذاك لم ينتمي أحد أفراد الأسرة لحزب الأمة و بالرغم مصاهرتنا للسيد الصادق المهدي و رغم وقوفه شخصيا مع تاريخ جدنا و إحقاقه لحق كان ضائعا. أنا شخصيا لي أسبابي و ألخصها في الآتي :
لو تتبعنا الحركات الوطنية في العالمين العربي و الأفريقي ، لوجدنا أن معظمها يستقطب المؤيدين من الأجيال الجديدة ، بنفس مسمياتها القديمة ، أى بنفس مسمى هذه الحركات ، تتوالى القيادات ، و لكن المسمى هو نفسه ، و الشعار لا يتغير ، نعم هنالك بعض المثالب و الكبوات ، و لكن الغرض من سياقة ها المثال ، هو التأكيد على أن حزب الأمة قطرة في بحر المهدية ، ذلك البحر المتلاطم الأمواج الذي حمل سفينة السودان وسط تلك الأنواء و كتب أنصع تاريخ للسودان ، و إختط للسودان ملاحم كتبتْ أحرفها بدماء الشهداء من أبناء السودان قاطبة. كنت طوال حياتي أتمنى أن يبقى كيان الأنصار كيانا لا تلوثه فيروسات السياسة و الحزبية الضيقة ، و يبقى بعيدا من مطابخ الساسة التي تفوح منها رائحة المكايدات و سياسة فن الممكن ، و تقديم المصالح ، و تأخير الردود إلى حين. المهدية و كيانها الأنصاري كانا بحجم البلد ، و لكن بوضعها في خانة الأحزاب ، تحجَمت و صار المنتمون إليها في أضابير الحزب بالعدد الكمي ، أما المهدية فكانت كيفية ، كانت إنتماءا لا يحتاج إلى فرقعة صحفية أو خطب رنانة لإثبات هذه الهوية ، كانت تفيض بفيضان النيل ، و تعزف سيمفونية بأصوات حوافر و سنابك الخيل في المعارك ، فإختلطت سيوف البجا و تشابكت مع سيوف دار جعل و حراب كردفان و دارفور، لا تعرف إنتماءا غير الهوية السودانية ، الكل كان مهديا ، و الكل كان يرفع راية الوطن ، و المية تحت قيادة ، و العشرة تحت قيادة ، و تسلسل هرمي فريد و فذ ، و الجندي يحترم أمير الجماعة دونما تحايا عسكرية أو أنواط أو دبابير. كنت أتمنى ، أن تصير المهدية رمزا متوارثا ، دون إشتقاق هذا الإسم له ، و أن تظل فقط ( المهدية ) أو ( الأنصارية ) ، لا يهم الإسم ، وأن تتسلسل الرموز ، داعين إلى القومية السودانية و الإلتفاف تحت راية السودان الواحد ، و في إعتقادي الجازم بأن الوضع كان بلا شك سيكون مختلفا. أرجو التعمق في هذه الرؤية دون الدفاع عن الإسم الحالي للحزب ، تعمقا يرجع بك إلى بداية المهدية مرورا بكل الحقب التي مرت بها وصولا للإستقلال و ما تلا ذلك من أحداث و إرهاصات كثيرة ، ثم مقارنتها بروية مع الحركات أو التيارات الوطنية التي كافحت من أجل إستقلال بلادها. الأخت رباح : كما قلت لك في مقدمتي ، إحترامنا لحزب الأمة ، يعود لإحترامنا لتاريخ المهدية ، أما ما تمنيته أنا هنا ، فهي أمنية تراوح مكانها ، و بالرغم من إمكانية حدوثها هو أمر ممكن ، لمعرفتي بقوة عزيمة السيد الصادق المهدي و من معه في الحزب ، إلا أن لولبية السياسة في السودان ، و دخول أمر السلام دهاليز أخرى ، يحتم على حزب الأمة أولويات أخرى نعلمها جميعا. سلمت و دمت.
|
|
|
|
|
|