الذكرى التاسعة والثلاثون لرحيل العقاد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 06:46 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-12-2003, 11:06 PM

سلفر

تاريخ التسجيل: 03-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الذكرى التاسعة والثلاثون لرحيل العقاد

    [size=24] الذكرى التاسعة والثلاثون لرحيل العقاد


    خير لسان للعروبة والإسلام

    ذكرى العقاد مازالت باقية. إنه الكاتب القوي الذي آمن بالإسلام كقوة للتقدم وبالعبقرية البشرية قائدة لهذه القوة.

    في الثاني عشر من هذا الشهر (مارس) تمر الذكرى التاسعة والثلاثون على وفاة عملاق الفكر العربي عباس محمود العقاد.

    وقد لا أجد في هذه الذكرى ما يمكن الرجوع إليه في كتابات العقاد - في هذه الفترة بالذات التي يتعرض فيها الإسلام ونبيّه الكريم للاجتراءات والتهجمات المبنية على ادعاءات وافتراءات فاسدة - أفضل من الرجوع إلى كتاباته في الإسلام, وتقديمه للصورة الحقيقية لهذا الدين الحنيف, وفي الوقت نفسه الدفاع عنه ضد هذه الادعاءات وتلك الافتراءات في كتبه عن الإسلام التي تزيد على الثلاثين كتابا.

    فليس صدفة أن يعد العقاد - في تاريخنا الثقافي الحديث - من أكبر المدافعين عن الإسلام بالحجة والدليل, وأن يضع حقائق هذا الدين الحنيف في مواجهة أباطيل خصومه, وأن يلتقي حول كتاباته الإسلامية عدد كبير من نقاده ومؤرخي حياته, حتى وإن اختلفوا فيما بينهم أو اختلفوا معه, وأن يتفق حول أمانة كتاباته الإسلامية عدد كبير من المتخصصين في الدين. فرأى - على سبيل المثال لا الحصر - الشيخ أحمد حسن الباقوري أن العقاد كان خير لسان للعروبة والإسلام بما كتب من دراسات, وأذاع من أحاديث تدفع عن العربية أوهام المبطلين وعن الإسلام شبهة المغرضين.

    كما رآه داعية الإسلام الشيخ محمد الغزالي خير من كتب عن العقيدة والدين بوعي وإيمان من غير الأزهريين, وأن يكون العقاد بين أفراد جيله من الأفذاذ صاحب أكبر عدد من المؤلفات الإسلامية يزيد على الثلاثين مؤلفا.

    ليس صدفة والأمر كذلك أن يصبح عباس محمود العقاد كل ذلك وأكثر, إذ كانت عيناه قد تفتحتا وهو صبي صغير على بيت يقدس الدين, وأساتذة يحترمون الدين, وبيئة تحافظ على الماضي محافظتها على الحاضر.

    بيتُ يقدس الدين.. فها هو العقاد يحدثنا في سيرته الذاتية (أنا) عن أبيه وكيف تمثل صورته التي رآها ألفي مرة بل أكثر من ألفين. حيث كان يراها كل يوم منذ أن فتح عينيه على الدنيا إلى أن فارق بلده أسوان بعد اشتغاله بالوظائف الحكومية, فيقول عن أبيه: (تلك هي صورته على مصلاه يؤدي صلاة الصبح, ويجلس على سجادة الصلاة من مطلع الفجر, إلى ما قبل الإفطار, ليتلو سوراً خاصة من القرآن الكريم, ويعقبها بتلاوة الدعوات).

    ويعترف العقاد في سيرته الذاتية (أنا) بهذه المشادة المبكرة التي حدثت بينه وبين أبيه بسبب الصلاة. فالأب يريد لابنه الذي لم يتم العاشرة أن يواظب على الصلاة في أوقاتها. وكان أثقل ما يعانيه يقظة الفجر في الشتاء,والطفل شأنه كبقية الأطفال يزين لهم النوم في هذا الوقت المبكر فلا يستيقظون إلا بعد جهد عنيف.. هنا حدثت مشادة ليس سببها أن الطفل ينفر من الصلاة, وإنما السبب شدة الأب في تكليف الابن بما لا يطيق قبل الأوان. وعلى الرغم من هذا كان العقاد يخف إلى المسجد لأداء الصلاة, في مواعيدها. وينشد - وهو طفل - على المئذنة أناشيد الجمعة, وظل ينشدها وينظمها, ولا يذكر للمؤذن أنه ناظمها حتى لا يستصغرها ويمنعه من إنشادها.

    وما لاحظه العقاد نفسه في أبيه, لاحظه أيضاً في أمه. فيحدثنا في صفحات طوال عن إيمان هذه الأم واعتكافها, فيقول: (ورثت عن أمي تقواها وسلامة بنيتها من أبيها وجدها. ففتحت عينيّ أراها وهي تصلي وتؤدي الصلاة في مواقيتها, ولم يكن من عادة المرأة أن تصلي في شبابها..).

    وفي المدرسة وفي الحياة التقى العقاد برجال كانوا بمنزلة أساتذة في المدرسة, التقى بالشيخ محمد فخر الدين مدرس اللغة العربية, ومن قبله الشيخ أحمد الجداوي الذي حضر العلم في الأزهر, وزامل الإمام محمد عبده أيام السيد جمال الدين الأفغاني. وفي سيرته الذاتية يذكر العقاد أنه كان يتردد على مجالس الشيخ الجداوي ويستفيد من علمه. وفي المدرسة رأى العقاد وهو تلميذ الإمام الشيخ محمد عبده, الذي صادف أن قام بزيارة لهذه المدرسة, ويومها أعجبت ثقافة العقاد الشيخ الإمام إلى درجة أنه تنبأ له بالمستقبل في الكتابة. ويحدثنا العقاد في سيرته عن الشيخ الإمام وتأثيره, فيقول: (والشيخ محمد عبده في اعتقادي أعظم رجل ظهر في مصر وما جاورها منذ خمسة قرون.. وأثره في نفسي من أقوى الآثار).

    في ميدان الحياة

    ويخرج العقاد إلى ميدان الحياة فيلتقي بالكثيرين, إلا أن التقاءه بالشيخ محمد فريد وجدي.. هذا الكاتب الإسلامي, كان له عظيم الأثر في حياة العقاد.

    وفي البيئة يفتح العقاد عينيه على بلدته أسوان فرأى التقاء التاريخ الماضي بالحاضر, وعلى حد قوله: (التاريخ حي يرزق ويتنفس الهواء, لأنه ماثل شاخص في الأحياء). وفي هذه المدينة العريقة أدرك العقاد وهو طفل صغير قيمة المناسبات الدينية من اهتمام أبنائها.

    وهكذا نرى أن الفكرة الإسلامية عند العقاد نبتت في الوسط الاجتماعي الذي يعاونها على النحو الذي رأيناه فيما بعد.. في هذه المؤلفات التي زادت على الثلاثين.. والتي قدمت زاداً ثقافيا للقارئ أفضل مما تقدمه هيئة علمية أو معهد متخصص, لاستيعابها جوانب كبيرة من التفكير الإسلامي.

    ومن هنا.. من تعدد هذه المؤلفات, ومن تنوع اهتماماتها, أصبح من الضروري تبويبها وتنسيقها حسب موضوعاتها. فالعقاد حين يكتب العبقريات, غيره حين يترجم للشخصيات الفذة في تاريخ الإسلام, غيره حين ينشئ الدراسات والأبحاث حول أهم القضايا الإسلامية. ولعل ما يربط بين عبقرياته وشخصياته ودراساته وأبحاثه في الإسلام هي صفته كأديب مؤرخ, وأدبه في التاريخ هو كأدبه بوجه عام.. أدب الفكرة الواعية.

    ولهذا رأينا في مجال آخر أن البحث فيما كتبه العقاد عن الإسلام يقتضي التمييز بين تناوله للعبقريات والشخصيات والأبحاث والدراسات. وهذا يقتضي أيضاً تأمل كل واحدة على حدة, حتى يمكن الاقتراب من المنهج الذي اتبعه العقاد في تناوله للمادة الإسلامية التي أمامه.

    وفي محاولة للكشف عن المنهج الذي اتبعه العقاد في العبقريات رأيناه يهتم بإيجاد مفتاح للعبقري الذي يتعرض له.. حتى يستطيع فتح مغاليق شخصية هذا العبقري, ليعرف مدى عظمته وحدود هذه العظمة, وما يصدر عنها من أفعال وتصرفات, وقيمة هذه الأعمال والأقوال بالنسبة للإنسانية عامة.

    ولكي يفي العقاد بهذا المطلب كان عليه أن يتفهم معنى مفتاح هذا العبقري, الأمر الذي جعله يقوم بالتحليل النفسي الدقيق لهذه الشخصية التي يراها عبقرية, ثم الإحاطة الشاملة لملابسات العصر الذي عاشت فيه.

    وقد يحدث أن يتشابه مفتاح إحدى شخصياته مع مفتاح شخصية أخرى. وهنا يبحث العقاد عن ثمة اختلافات في السلوك الإنساني لهاتين العبقريتين المتشابهتين في المدخل إلى أن يعثر على ما يميز بينهما.

    فمثلا: عند البحث عن مفتاح لعبقرية عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وجده في طبيعته كجندي. وهذا المفتاح نفسه - طبيعة الجندية - وجده لعبقرية خالد بن الوليد, وهنا يوضح العقاد الفرق بين العبقريتين حين يجعل عمر (رضي الله عنه)تغلب عليه من طبيعة الجندية ناحيتها (الروحية), في حين تغلب على خالد من هذه الطبيعة ناحيتها (الحيوية), أو بعبارة أخرى كانت جندية ابن الخطاب - عند العقاد - متزنة حكيمة, في حين جندية ابن الوليد مدفوعة هاجمة.

    لكن من هو العبقري عند العقاد? العبقري يقيس الأشياء بمقياسه الخاص, وأنه إنسان لم يخلق لخدمة نفسه أو أسرته أو عشيرته وكفى, بل هو خلق لخير إنساني عام, وأوتي من القوة ما يخدم به غيره, ولو اتخذ هذا الخير الإنساني العام صورة عالمية أو قومية أو وطنية أو قبلية.

    عبقرية الـ (نحن)

    العبقرية عند العقاد تنمو على البذل والعطاء, ولا تتورم بالنهب أو السلب أو الجور على حقوق غيرها حتى تنفجر. باختصار.. عظمة العبقري عند العقاد هي التي تقول (نحن) ولاتقول (أنا) مبتورة الجذور والفروع عما حولها, وحتى لو سمعت منها (أنا) فلا تفهم من معناها إلا (نحن).

    والعقاد حين يكتب عبقرياته.. لا يكتفي بالعرض الفوضوي أو المنظم تنظيماً آلياً أو شبه آلي, بل ينسق الملامح البارزة في كل صورة, وينفخ فيها من روحه, وروح العبقري موضوع الدراسة, فيحييها في نفوس قرائه حتى يتعاطفوا مع عبقريته.. فيجدوا في نفوسهم بعض فضل من فضلها, ويلموا ببعض جمل من لغتها. ومن ثمّ يشعر القارئ بالغبطة لأنه يدرك أنه ارتفع فوق نفسه, ويحلق في أفق أعلى مما اعتاد العقاد أن يحلق فيه من آفاق, بل ويمتلئ من العبقرية بأكثر مما أراد العقاد له, ويلقن عن آيات هذه العبقرية أكثر مما لقنه العقاد.. ذلك لأن العقاد في عبقرياته لا يقصر خطابه على عقل قارئه, بل يحرك كل حياته ويستجيش كل ما تشتمل عليه هذه الحياة من شعور وخيال, وبداهة وتفكير.

    والعقاد يبرز عبقرياته كما يبرز كتّاب المآسي أبطالهم فيستسلمون إليهم, ومن هذا التشيع لبطل المأساة تتطهر النفوس من أدرانها, وهذا الجانب هو الذي يحركه العقاد في نفوس قراء عبقرياته, فيتشيعون معه إلى جانب العبقرية التي يكتب عنها بالقدر الذي يمضي بهم إليه, وكثيراً ما يذهبون في التشيع لهذا العبقري إلى أبعد مما كان يريد العقاد, والسبب في هذا أسلوب العقاد وتعبيره عن أفكاره - كما يتفق أغلب نقاد العقاد - ومؤرخيه, فما من عبقرية من عبقرياته إلا وهي قصيدة شعرية ينقصها الوزن والقافية, ولكن لا ينقصها صدق الشعور ولا جمال التعبير الذي يكاد أن يدفع الإنسان إلى التغني بها:

    والعقاد لا يكتب حياة عبقري أو يصور صورته إلا وهو داخل معه, متلبس به, يحيا معه حياته بكل ما تشتمل عليه من قوة وضعف, فيقف على أسرار العبقري من داخل نفسه هو, لا من مجرد ما ينسب إليه من أخبار وأعمال وأقوال, سواء كانت صحيحة أو منحولة. لذا ترى شخصية العقاد أمامك في كل عبقرية مع شخصية صاحبها يتحركان معاً.

    وهناك ملحوظة أخيرة.. أشار إليها مؤرخو العقاد ونقاده, مؤداها أن العقاد لا يتحفظ في الثناء على (العبقري) أو أعماله خوفا من الاتهام بالمبالغة ولماذا يتحفظ ما دام يجد في هذه العبقرية الإسلامية ما تستحق عليه ثناء?! والسؤال هل روح الثناء هذه تعطل ملكة التقييم عند العقاد وتضعفها? والإجابة بالنفي. فهذه الملكة ناشطة عند العقاد, وروحها جياشة في كل ما يصدر من كتابات.

    وبهذا المنهج الذي توصلنا به إلى فهم عبقريات العقاد المعروفة, وهي: (عبقرية محمد), و(عبقرية الصديق), و(عبقرية عمر), و(عبقرية الإمام), و(عبقرية خالد).. بهذا المنهج كتب العقاد عبقرياته.

    لكن العقاد - كما قلنا - حين يكتب العبقريات, غيره حين يكتب الشخصيات. وربما نلمح هذا الفرق عندما نقرأ تقديمه لمعاوية بن أبي سفيان كشخصية.. فالعقاد في تناوله لهذه الشخصية فرّق بين القدرة والعظمة, بين الشخصية والعبقرية, حين قال: (أما وصف الرجل بالقدرة لأنه مقتدر على بلوغ مقاصده, واحتجان منافعه والإضرار بغيره, ولكنه إذا وصف بالعظمة فإنما يوصف بها لفضل يقاس بالمقاييس الإنسانية العامة, وخير تغلب فيه نية العمل للآخرين على نية العمل للعامل وذويه. ولعلنا نقترب من توضيح الاصطلاح إذا نقلنا التفرقة من القدرة والعظمة إلى التقدير والتعظيم. فنحن نقدّر الإنسان بمقداره عظيما كان أو غير عظيم. بل نقدّر الأشياء بمقاديرها ولو لم يكن لها عمل, ولم تكن من وراء العمل نية, ولكننا إذا عظمنا الإنسان فإنما نوجب له التعظيم علينا لأنه يعنينا, ويستحق إكبارنا ويرتفع إلى المكانة التي يلحظها علينا لأنه يعنينا, ويستحق إكبارنا ويرتفع إلى المكانة التي تلحظها الإنسانية بأسرها وتعود عليها في منافعها وخبراتها.. فكل عظيم قدير ولكن ليس كل قدير عظيما. والعظمة قدرة وزيادة, ومعاوية قدير وليس بعظيم).

    وبهذه العبارة حدد العقاد الفرق بين الشخصيات المقتدرة, والعبقرية العظيمة.

    شخصيات لا عبقريات

    والسؤال الذي يتبادر إلى ذهن قارئ عبقريات العقاد وشخصياته الإسلامية, لماذا جعل عثمان بن عفان (رضي الله عنه) ومعاوية بن أبي سفيان من الشخصيات, ولم يجعلها من العبقريات, مثل: الإمام علي, والفاروق عمر, والصديق أبي بكر?

    أجاب العقاد مرتين عن هذا السؤال: أولاهما حين سأله السؤال نفسه تقريبا المفكر الإسلامي محمد كرد علي قائلا: لماذا لم تكتب لنا كتاباً عن معاوية كما كتبت عن علي, أنا أعرف أنك وصولي مع الأحياء ولكن لا أعرف أنك وصولي مع الأموات, وكان رد العقاد: (إن صاحبك معاوية أراد الدنيا وأراد منها أن يكون ملكاً فكان. ثم مات فماذا يريد بعد هذا? الذي يطمع أن يكون ملكا أو وزيرا أو نائبا, ثم ينتهك كل الحرمات ليصل إلى شهوته ماذا نفعل له?! أتريد بعد أن نخر له ساجدين في حياته وبعد موته?!).

    وأجاب العقاد مرة ثانية حين قدم شخصية عثمان بن عفان (رضي الله عنه), فأكد أن سيرته لا تبرز لنا عبقرية, مثل: عبقرية الصديق, أو عمر, أو علي, أو خالد بن الوليد, ولكنها تبرز لنا من جانب الأريحية صفحة لا تطوى, ولا يستطيع العقل الرشيد أن يرجع بها إلى باعث العقيدة والإيمان, لذلك فهو لا يؤمن بالعبقرية لضمان رضا الله عنه بقدر ما يؤمن بأنه ذو النورين. نور اليقين ونور الخلق الأمين. ومن هنا يتضح أن العقاد وضع العبقريات في مكان أرفع من الشخصيات.

    والشخصيات التي قدمها العقاد, ليست صور أعلام ذوي حظ واحد في القدرة والكفاية, ولو أنها كانت كذلك لما غض هذا من شأنها. فمن كان يعرف حرفاً واحداً من أبجدية الكفايات الإنسانية فهو على حظ كبير من المعرفة الإنسانية, ولكن لا شك يكون أقل وعياً ممن يعرف جملة حروف منها. وتراجم وشخصيات العقاد تمثل عدة أنماط من القدرة الإنسانية لعلها في العلم والإدارة والسياسة والحرب.

    يغلب على شخصيات العقاد الإسلامية أنها لا تؤدي أبرز ملامح صاحبها وأعماله فحسب بل تنفذ إلى حقيقة القدرة الإنسانية تلك التي تدور عليها شمائله ومساعيه وأعماله وأقواله, وتميز ملامحه عن ملامح أشباهه, واختلاف نمطها عن أنماط الكفايات الأخرى. فلا نخلط بين هذا وغيره من ذوي المواهب والملكات التي ترفع صاحبها أو لا ترفعه.

    في شخصيات العقاد الإسلامية يكمن سرٌّ, لعله في سهولة الأداء عن كل ذي قدرة أيا كان نوع قدرته وحظه منها, ثم اتساق أجزاء صورة كل عظيم من هؤلاء العظماء مستقلة عن غيرها. ولهذا تبدو الترجمة وكأنها خرجت من قريحة صاحبها, فتسلمتها براعته دفعة واحدة شأنها شأن بدء الحياة في خروجها من الأرحام إلى أيادي القوابل.

    التاريخ الأدبي

    إن العقاد كان يندمج مع شخصيته في أثناء كتابتها, حتى أنه يذكر أنه كان يكتب الفصل الواحد من (الحسين أبو الشهداء) وعيناه مغرورقتان بالدموع, مع أنه يفترض فيه كمؤرخ أن يكون محايداً ولكن ما العمل, وهو أديب فنان يحس ويشعر ويحلل الحدث, قبل أن يكون شاهداً ومؤرخاً يسجل ويدون?!

    وكتابة التاريخ بهذه الصورة الأدبية, أسلوب لم يبتدعه العقاد, فقد سبق أن استخدمه كتّاب أجانب, مثل: (بلوتارك), (وكارليل), و(أندريه موروا), و(إميل لودفيج).. وكتّاب عرب في مقدمتهم: الدكتور طه حسين, والدكتور محمد حسين هيكل, والأستاذ أحمد أمين.

    هذا المنهج الذي توصلنا به إلى معرفة التمييز بين العبقرية والشخصية.. بين العظمة والقدرة استطعنا التعرف على شخصيات العقاد الإسلامية, وفي مقدمتها: (فاطمة الزهراء والفاطميون), و(الصديقة بنت الصديق), و(أبو الشهداء الحسين بن علي), و(ذو النورين عثمان بن عفان), و(بلال بن رباح), و(عمرو بن العاص), و(معاوية بن أبي سفيان في الميزان).

    بعد محاولة الكشف عن منهج العقاد في العبقريات والشخصيات, ننتقل إلى محاولة الكشف عن منهجه في الدراسات والأبحاث الإسلامية والتي أخرجت كتبا, في مقدمتها: (الله), و(الفلسفة القرآنية), و(حقائق الإسلام وأباطيل خصومه), و(وما يقال عن الإسلام), و(التفكير فريضة إسلامية), و(الإنسان في القرآن), و(المرأة في القرآن, و(الإسلام في القرن العشرين), و(الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام), و(الديمقراطية في الإسلام), و(مطلع النور).

    إلى جانب بحثين في كتابين عنوانهما: (أبو الأنبياء إبراهيم الخليل), و(المسيح والكشوف الحديثة), وكتب أخرى عن فلاسفة المسلمين ومفكريهم, وفي مقدمتها: كتاب عن (ابن رشد), وآخر عن (الغزالي), وثالث عن (ابن سينا), ورابع عن (الكواكبي), وخامس عن (عبقري الإصلاح والتعليم الإمام محمد عبده), إلى آخر هذه الأبحاث التي تزخر بها المكتبة العربية والإسلامية.

    والسؤال الآن: ما النهج الذي اتبعه العقاد في كتابته لهذه الدراسات والأبحاث?

    بادئ ذي بدء.. يتراءى لنا العقاد في قراءته أنه يكتب وفي ذهنه فكرة يؤمن بها من الثلاثينيات أو ما قبلها, وهي أن الإسلام دين قامت على مبادئه وقيمه حضارة. فالحضارة العربية التي شهد لها أعداؤها من المتعصبين لغير الإسلام ما قامت إلا بعد الإسلام. ولعل هذه الفكرة التي كانت محور تفكير العقاد في أبحاثه ودراساته الإسلامية يعلنها المستشرقون اليوم والمفكرون الأجانب, وفي مقدمتهم الفيلسوف الفرنسي جارودي, الذي يعلن أن التبرير الوحيد لإسلامه هو أنه اكتشف في الإسلام - بعد طول تفكير وتأمل ودراسة وبحث - أنه الدين الوحيد الذي تقوم على أكتافه حضارة أنارت أوربا في عصور الظلام.

    فهم العقاد للإسلام

    الإسلام دينٌ تقوم عليه حضارة.. هي فكرة العقاد.. فهو حين يحدثنا عن الإسلام.. يقدمه - عن فهم وعقيدة - على أنه نظام كامل تتحدد فيه الخطوط لإقامة مجتمع كبير متكامل, في مختلف الميادين الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. ولهذا نرى العقاد حين ينبري لكتابة هذه الأبحاث والدراسات يشغله أمران مهمان من منطلق مسئوليته كمفكر, وعقيدته كمسلم.. هما:

    1 - الدفاع عن الإسلام ضد أباطيل خصومه.

    2 - تقديم الصورة الحقيقية للإسلام.

    والأمران وجهان لعملة واحدة أو لحقيقة واحدة, مؤداها أنه حين يبحث عن الإسلام في معناه الصحيح, فإنه في الوقت نفسه يدافع ضمنيّا عن الإسلام.

    والحق أن أصول هذا المنهج مستمدة من فكر الإمام محمد عبده, فقد مضى العقاد في أثره.. يؤمن بأن الإسلام دينٌ عالمي صالح لكل الشعوب, إذ قرر للإنسانية مبادئ لا يمكن صلاحها بغيرها, مفوضاً للعقل الإنساني أن يختار ما يلائمه مما يتلاءم مع الأطوار الاجتماعية التي تتغير فتلعب النظرية دوراً كبيراً.

    وقد عبر العقاد عن ذلك صراحة في تقديمه لكتاب (الفلسفة القرآنية), حيث يقول: (موضوع هذا الكتاب هو صلاح العقيدة الإسلامية), ووفقا لهذا المنهج نرى العقاد يقدم لنا معظم دراساته وأبحاثه.

    وفكرة ثانية بثها الإمام محمد عبده في كتبه, وتأثر بها العقاد في كتاباته, وهي أن الإسلام يفرض على الناس التفكير, والاحتكام إلى العقل في إثبات عقائده وتعاليمه الأساسية, وأنه لا بأس من الانتفاع بالإسلام في العلم وجميع شئون الحياة. إننا نجد العقاد يتأثر بهذه الفكرة ويفرد لشرحها كتابا بأكمله هو (التفكير فريضة إسلامية) الذي يستهله بأن من مزايا القرآن الكثيرة.. مزية واضحة هي التنويه بالعقل والتعويل عليه في أمر العقيدة, وأمر التبعة والتكليف, ويقول: (إنه لا يذكر العقل إلا في مقام التعظيم والتنبيه إلى وجوب العمل به والرجوع إليه..). وقد خاطبه بكل صوره المدركة للتصورات الإنشائية الوازعة عن المحظورات والمنكرات والاستدلالات المستخرجة للأحكام الراشدة المستبصرة.

    وبذلك يعم الخطاب في القرآن العقل بكل صوره وخصائصه ووظائفه, ولا يذكره عرضاً مقتضباً بل يذكره مقصوداً مفصلاً على نحو لا نظير له في كتاب من كتب الأديان السماوية الأخرى.

    ومعروف أن الإمام محمد عبده عني عناية خاصة بالرد على خصوم الإسلام, وعلى ضوء هذه العناية كتب العقاد مؤلفيه: (حقائق الإسلام وأباطيل خصومه), و(ما يقال عن الإسلام). وقد حاول كثيراً أن يدلل على أن الإسلام وضع للإنسانية صورة رائعة من الإصلاح الاجتماعي. وهو دائم الحديث عن ذلك في بقية كتبه, فالإسلام كفل للناس حريتهم السياسية بما شرح لهم من نظام ديمقراطي سليم, سجله العقاد في كتابه (الديمقراطية في الإسلام), كما عني في كتابه (مطلع النور) ببيان أن الرسالة المحمدية مهدت لحدوث مقدمات هيأت لها, بحيث غيرت من لوازم الإنسانية وحاجتها ودواعيها. وسوف نراه في كتابه (الإسلام والقرن العشرون) يتحدث عن قوة الإسلام الغالبة الصامدة على مر التاريخ, كما تحدث عن الدعوات التي انبعثت فيه منذ القرن التاسع عشر وأطوارها مع نهضات الإصلاح. وهو دائماً إذا تحدث عن مستقبل الإسلام ملأته الثقة والأمل.

    يضاف إلى ذلك تأثير الإمام محمد عبده في العقاد.. فضلاً عن قدرة العقاد نفسه على الإقناع والدفاع والرد بالحجة والدليل, وهي أمور عرف بها.

    في ضوء من هذا المنهج أمكننا تمييز أبحاث العقاد ودراساته من بين عشرات الكتب.


    سامح كريم [/size]
                  

04-13-2003, 02:36 AM

omdurmani

تاريخ التسجيل: 06-22-2002
مجموع المشاركات: 1245

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكرى التاسعة والثلاثون لرحيل العقاد (Re: سلفر)

    thanks silver for this article;
    i think el3agad is the greatest muslim philosopher for the 20th century
                  

04-13-2003, 11:08 AM

سلفر

تاريخ التسجيل: 03-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكرى التاسعة والثلاثون لرحيل العقاد (Re: سلفر)

    الاخ امدرماني
    لك التحية
    يعتبر حجة في الاقناع
    وانشاء اللة العندهم زيادة يخرجوها للنور
    قليلون من سمعوا عن العقاد ولكن لايعرفونة حق المعرفة
    ودمت
                  

04-13-2003, 02:36 PM

azza

تاريخ التسجيل: 12-16-2002
مجموع المشاركات: 606

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكرى التاسعة والثلاثون لرحيل العقاد (Re: سلفر)

    كتر خيرك يا سلفر
    و لي عودة
                  

04-13-2003, 03:19 PM

Abdalla Gaafar

تاريخ التسجيل: 02-10-2003
مجموع المشاركات: 2152

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكرى التاسعة والثلاثون لرحيل العقاد (Re: سلفر)

    سلفر
    لك الشكر و
    باالله علي هذا المقال في هذا الزمان
    فالعقاد هو احد الذين ابتليت بحب قراءته
    لك الشكر ولي عودة انشاء الله

    احتاج لقراءة هذا المقال اكثر من مرة
    عبدالله جعفر
                  

04-13-2003, 08:06 PM

Abdalla Gaafar

تاريخ التسجيل: 02-10-2003
مجموع المشاركات: 2152

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكرى التاسعة والثلاثون لرحيل العقاد (Re: سلفر)

    الاخ سلفر
    لك الشكر مرة اخري علي هذا المقال الدسم لكاتب قل ان يجود الزمان بمثله
    نعم اعتمد العقاد علي مذاهب التحليل النفسي في الكتابه عن العظماء ولهذا كان محايدا ومقنعا في كل كتاباته عن العظماء
    وبقيت كتبه من اهم المراجع الموثوق بها
    ابو الانبياء ابراهيم(عليه السلام), محمد(صلي الله عليه وسلم), المسيح(عليه السلام) والعبقريات وابو الصين وغيرهم من الشخصيات
    وتميزت كتاباته عن المرأة بقوة المنطق رغم مااثارته من جدل ولا تزال
    بدأءً بهذه الشجرة وانتهاءأ بالمراءة في الفران
    وكتب العقاد في الكثير من مجالات العلوم المختلفة ان لم يكن معظمها
    وكان اهم مايميزه قوة المنطق والحجة في مقارعة الاخرين
    وله الكثير من الدواوين
    وتظل سارة هي تجربته الوحيدة في كتابة القصة
    برع العقاد ايضا في مجال النقد الادبي
    ويعتبر كما ذكرت خير من كتب عن الاسلام
    لحرصه الدائم علي مخاطبة العقول

    وتحتاج قراءة هذا العملاق الكثير جدا من الصبر
    الاخ سلفر امل ان تواصل الكتابة عن العقاد في هذه المناسبة ودعوة الجميع للمشاركة في اثراء النقاش حول هذا العملاق

    لك جزيل الشكر

    عبدالله جعفر
                  

04-13-2003, 08:33 PM

سلفر

تاريخ التسجيل: 03-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكرى التاسعة والثلاثون لرحيل العقاد (Re: سلفر)

    azza
    الشكر لك علي الزيارة
    ومنتظرين الرجعة


    ********

    الانسان عبداللة جعفر


    التحايا لك
    والشكر لك

















    العقاد.. رحلة حياة



     



     




     أحمد تمام







     
















    شباب وإباء





    تبوأ العقاد مكانة
    عالية في النهضة الأدبية الحديثة ندر من نافسه فيها، فهو يقف بين أعلامها،
    وكلهم هامات سامقة، علمًا شامخًا وقمة باذخة، يبدو لمن يقترب منه كالبحر العظيم
    من أي الجهات أتيته راعك اتساعه، وعمقه، أو كقمة الهرم الراسخ لا ترقى إليه إلا
    من قاعدته الواسعة، واجتمع له ما لم يجتمع لغيره من المواهب والملَكَات، فهو
    كاتب كبير، وشاعر لامع، وناقد بصير، ومؤرخ حصيف، ولغوي بصير، وسياسي حاذق،
    وصحفي نابه، ولم ينل منزلته الرفيعة بجاه أو سلطان، أو بدرجات، وشهادات، بل
    نالها بمواهبه المتعددة، وهمته العالية، ودأبه المتصل، عاش من قلمه وكتبه،
    وترفع عن الوظائف والمناصب لا كرها فيها، بل صونًا لحريته واعتزازًا بها،
    وخوفًا من أن تنازعه الوظائف عشقه للمعرفة.



    وحياة العقاد سلسلة
    طويلة من الكفاح المتصل والعمل الدءوب، صارع الحياة والأحداث وتسامى على
    الصعاب، وعرف حياة السجن وشظف العيش، واضطهاد الحكام، لكن ذلك كله لم يُوهِنْ
    عزمه أو يصرفه عما نذر نفسه له، خلص للأدب والفكر مخلصًا له، وترهب في محراب
    العلم؛ فأعطاه ما يستحق من مكانة وتقدير.



    المولد والنشأة



    في مدينة أسوان
    بصعيد مصر، وُلِدَ عباس محمود العقاد في يوم الجمعة الموافق (29 من شوال
    1306هـ= 28 من يونيو 1889)، ونشأ في أسرة كريمة، وتلقى تعليمه الابتدائي بمدرسة
    أسوان الأميرية، وحصل منها على الشهادة الابتدائية سنة (1321هـ= 1903م) وهو في
    الرابعة عشرة من عمره.



    وفي أثناء
    دراسته كان يتردد مع أبيه على مجلس الشيخ أحمد الجداوي، وهو من علماء الأزهر
    الذين لزموا


    جمال الدين الأفغاني
    ، وكان مجلسه مجلس أدب وعلم،
    فأحب الفتى الصغير القراءة والاطلاع، فكان مما قرأه في هذه الفترة
    "المُسْتَطْرَف في كل فن مستظرف" للأبشيهي، و"قصص ألف ليلة وليلة"، وديوان
    البهاء زهير وغيرها، وصادف هذا هوى في نفسه، ما زاد إقباله على مطالعة الكتب
    العربية والإفرنجية، وبدأ في نظم الشعر.



    ولم يكمل العقاد
    تعليمه بعد حصوله على الشهادة الابتدائية، بل عمل موظفًا في الحكومة بمدينة قنا
    سنة (1323هـ= 1905م) ثم نُقِلَ إلى الزقازيق سنة (1325هـ= 1907م) وعمل في القسم
    المالي بمديرية الشرقية، وفي هذه السنة توفي أبوه، فانتقل إلى القاهرة واستقر
    بها.



    الاشتغال
    بالصحافة















    زيارة طلبة
    الكلية العسكرية للعقاد في مكتبه





    ضاق العقاد بحياة
    الوظيفة وقيودها، ولم يكن له أمل في الحياة غير صناعة القلم، وهذه الصناعة
    ميدانها الصحافة، فاتجه إليها، وكان أول اتصاله بها في سنة (1325هـ= 1907م) حين
    عمل مع العلامة محمد فريد وجدي في جريدة الدستور اليومية التي كان يصدرها،
    وتحمل معه أعباء التحرير والترجمة والتصحيح من العدد الأول حتى العدد الأخير،
    فلم يكن معهما أحد يساعدهما في التحرير.



    وبعد توقف الجريدة
    عاد العقاد سنة (1331هـ= 1912م) إلى الوظيفة بديوان الأوقاف، لكنه ضاق بها،
    فتركها، واشترك في تحرير جريدة المؤيد التي كان يصدرها الشيخ علي يوسف، وسرعان
    ما اصطدم بسياسة الجريدة، التي كانت تؤيد الخديوي عباس حلمي، فتركها وعمل
    بالتدريس فترة مع الكاتب الكبير إبراهيم عبد القادر المازني، ثم عاد إلى
    الاشتغال بالصحافة في جريدة الأهالي سنة (1336هـ= 1917م) وكانت تَصْدُر
    بالإسكندرية، ثم تركها وعمل بجريدة الأهرام سنة (1338هـ= 1919م) واشتغل بالحركة
    الوطنية التي اشتغلت بعد ثورة 1919م، وصار من كُتَّابها الكبار مدافعًا عن حقوق
    الوطن في الحرية والاستقلال، وأصبح الكاتب الأول لحزب الوفد، المدافع عنه أمام
    خصومه من الأحزاب الأخرى، ودخل في معارك حامية مع منتقدي سعد زغلول زعيم الأمة
    حول سياسة المفاوضات مع الإنجليز بعد الثورة.



    وبعد فترة انتقل
    للعمل مع عبد القادر حمزة سنة (1342هـ= 1923م) في جريدة البلاغ، وارتبط اسمه
    بتلك الجريدة، وملحقها الأدبي الأسبوعي لسنوات طويلة، ولمع اسمه، وذاع صيته
    واُنْتخب عضوا بمجلس النواب، ولن يَنسى له التاريخ وقفته الشجاعة حين أراد
    الملك فؤاد إسقاط عبارتين من الدستور، تنص إحداهما على أن الأمة مصدر السلطات،
    والأخرى أن الوزارة مسئولة أمام البرلمان، فارتفع صوت العقاد من تحت قبة
    البرلمان على رؤوس الأشهاد من أعضائه قائلا: "إن الأمة على استعداد لأن تسحق
    أكبر رأس في البلاد يخون الدستور ولا يصونه"، وقد كلفته هذه الكلمة الشجاعة
    تسعة أشهر من السجن سنة (1349هـ= 1930م) بتهمة العيب في الذات الملكية.



    وظل العقاد منتميًا
    لحزب الوفد حتى اصطدم بسياسته تحت زعامة مصطفى النحاس باشا في سنة ( 1354هـ=
    1935م) فانسحب من العمل السياسي، وبدأ نشاطُه الصحفي يقل بالتدريج وينتقل إلى
    مجال التأليف، وإن كانت مساهماته بالمقالات لم تنقطع إلى الصحف، فشارك في تحرير
    صحف روزاليوسف، والهلال، وأخبار اليوم، ومجلة الأزهر.



    مؤلفات العقاد















    المستقبل
    في عيون مفكر





    عُرف العقاد منذ
    صغره بنهمه الشديد في القراءة، وإنفاقه الساعات الطوال في البحث والدرس، وقدرته
    الفائقة على الفهم والاستيعاب، وشملت قراءاته الأدب العربي والآداب العالمية
    فلم ينقطع يومًا عن الاتصال بهما، لا يحوله مانع عن قراءة عيونهما ومتابعة
    الجديد الذي يصدر منهما، وبلغ من شغفه بالقراءة أنه يطالع كتبًا كثيرة لا ينوي
    الكتابة في موضوعاتها حتى إن أديبًا زاره يومًا، فوجد على مكتبه بعض المجلدات
    في غرائز الحشرات وسلوكها، فسأله عنها، فأجابه بأنه يقرأ ذلك توسيعًا لنهمه
    وإدراكه، حتى ينفذ إلى بواطن الطبائع وأصولها الأولى، ويقيس عليها دنيا الناس
    والسياسة.



    وكتب العقاد عشرات
    الكتب في موضوعات مختلفة، فكتب في الأدب والتاريخ والاجتماع مثل: مطالعات في
    الكتب والحياة، ومراجعات في الأدب والفنون، وأشتات مجتمعة في اللغة والأدب،
    وساعات بين الكتب، وعقائد المفكرين في القرن العشرين، وجحا الضاحك المضحك، وبين
    الكتب والناس، والفصول، واليد القوية في مصر.



    ووضع في الدراسات
    النقدية واللغوية مؤلفات كثيرة، أشهرها كتاب "الديوان في النقد والأدب"
    بالاشتراك مع المازني، وأصبح اسم الكتاب عنوانًا على مدرسة شعرية عُرفت بمدرسة
    الديوان، وكتاب "ابن الرومي حياته من شعره"، وشعراء مصر وبيئاتهم في الجيل
    الماضي، ورجعة أبي العلاء، وأبو نواس الحسن بن هانئ، واللغة الشاعرية، والتعريف
    بشكسبير.



    وله في السياسة عدة
    كتب يأتي في مقدمتها: "الحكم المطلق في القرن العشرين"، و"هتلر في الميزان"،
    وأفيون الشعوب"، و"فلاسفة الحكم في العصر الحديث"، و"الشيوعية والإسلام"،
    و"النازية والأديان"، و"لا شيوعية ولا استعمار".



    وهو في هذه الكتب
    يحارب الشيوعية والنظم الاستبدادية، ويمجد الديمقراطية التي تكفل حرية الفرد،
    الذي يشعر بأنه صاحب رأي في حكومة بلاده، وبغير ذلك لا تتحقق له مزية، وهو
    يُعِدُّ الشيوعية مذهبًا هدَّامًا يقضي على جهود الإنسانية في تاريخها القديم
    والحديث، ولا سيما الجهود التي بذلها الإنسان للارتفاع بنفسه من الإباحية
    الحيوانية إلى مرتبة المخلوق الذي يعرف حرية الفكر وحرية الضمير.



    وله تراجم عميقة
    لأعلام من الشرق والغرب، مثل "سعد زغلول، وغاندي وبنيامين فرانكلين، ومحمد علي
    جناح، وعبد الرحمن الكواكبي، وابن رشد، والفارابي، ومحمد عبده، وبرناردشو،
    والشيخ الرئيس ابن سينا".



    وأسهم في الترجمة عن
    الإنجليزية بكتابين هما "عرائس وشياطين، وألوان من القصة القصيرة في الأدب
    الأمريكي".



    إسلاميات العقاد















    انعقاد
    مجمع اللغة العربية برئاسةلطفي السيد ولحظةانفعال من العقاد





    تجاوزت مؤلفات
    العقاد الإسلامية أربعين كتابًا، شملت جوانب مختلفة من الثقافة الإسلامية،
    فتناول أعلام الإسلام في كتب ذائعة، عرف كثير منها باسم العبقريات، استهلها
    بعبقرية محمد، ثم توالت باقي السلسلة التي ضمت عبقرية الصديق، وعبقرية عمر،
    وعبقرية علي، وعبقرية خالد، وداعي السماء بلال، وذو النورين عثمان، والصديقة
    بنت الصديق، وأبو الشهداء وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان، وفاطمة
    الزهراء والفاطميون.



    وهو في هذه الكتب لا
    يهتم بسرد الحوادث، وترتيب الوقائع، وإنما يعني برسم صورة للشخصية تُعرِّفنا
    به، وتجلو لنا خلائقه وبواعث أعماله، مثلما تجلو الصورة ملامح من تراه بالعين.



    وقد ذاعت عبقرياته
    واُشتهرت بين الناس، وكان بعضها موضوع دراسة الطلاب في المدارس الثانوية في
    مصر، وحظيت من التقدير والاحتفاء بما لم تحظ به كتب العقاد الأخرى.



    وألَّف العقاد في
    مجال الدفاع عن الإسلام عدة كتب، يأتي في مقدمتها: حقائق الإسلام وأباطيل
    خصومه، والفلسفة القرآنية، والتفكير فريضة إسلامية، ومطلع النور، والديمقراطية
    في الإسلام، والإنسان في القرآن الكريم، والإسلام في القرن العشرين وما يقال عن
    الإسلام.



    وهو في هذه الكتب
    يدافع عن الإسلام أمام الشبهات التي يرميه بها خصومه وأعداؤه، مستخدمًا علمه
    الواسع وقدرته على المحاجاة والجدل، وإفحام الخصوم بالمنطق السديد، فوازن بين
    الإسلام وغيره وانتهى من الموازنة إلى شمول حقائق الإسلام وخلوص عبادته وشعائره
    من شوائب الملل الغابرة حين حُرِّفت عن مسارها الصحيح، وعرض للنبوة في القديم
    والحديث، وخلص إلى أن النبوة في الإسلام كانت كمال النبوات، وختام الرسالات وهو
    يهاجم الذين يدعون أن الإسلام يدعو إلى الانقياد والتسليم دون تفكير وتأمل،
    ويقدم ما يؤكد على أن التفكير فريضة إسلامية، وأن مزية القرآن الأولى هي
    التنويه بالعقل وإعماله، ويكثر من النصوص القرآنية التي تؤيد ذلك، ليصل إلى أن
    العقل الذي يخاطبه الإسلام هو العقل الذي يعصم الضمير ويدرك الحقائق ويميز بين
    الأشياء.



    وقد رد العقاد في
    بعض هذه الكتب ما يثيره أعداء الإسلام من شبهات ظالمة يحاولون ترويجها بشتى
    الوسائل، مثل انتشار الإسلام بالسيف، وتحبيذ الإسلام للرق، وقد فنَّد الكاتب
    هذه التهم بالحجج المقنعة والأدلة القاطعة في كتابه "ما يقال عن الإسلام".



    شاعرية العقاد



    لم يكن العقاد
    كاتبًا فذا وباحثًا دؤوبًا ومفكرًا عميقًا، ومؤرخًا دقيقًا فحسب، بل كان شاعرًا
    مجددًا، له عشرة دواوين، هي: يقظة الصباح، ووهج الظهيرة، وأشباح الأصيل،
    وأعاصير مغرب، وبعد الأعاصير، وأشجان الليل، ووحي الأربعين، وهدية الكروان،
    وعابر سبيل، وديوان من دواوين، وهذه الدواوين العشرة هي ثمرة ما يزيد على خمسين
    عامًا من التجربة الشعرية.



    ومن أطرف دواوين
    العقاد ديوانه "عابر سبيل" أراد به أن يبتدع طريقة في الشعر العربي، ولا يجعل
    الشعر مقصورًا على غرض دون غرض، فأمور الحياة كلها تصلح موضوعًا للشعر؛ ولذا
    جعل هذا الديوان بموضوعات مستمدة من الحياة، ومن الموضوعات التي ضمها الديوان
    قصيدة عن "عسكري المرور" جاء فيها:



    متحكم في
    الراكبـــين



    وما لــــه أبدًا
    ركوبة



    لهم المثوبة من
    بنــانك



    حين تأمر
    والعقـــوبة



    مُر ما بدا لك في
    الطـريق



    ورض على مهل شعوبه



    أنا ثائر أبدًا وما
    فـــي



    ثورتي أبدًا
    صعـــوبة



    أنا راكب رجلي
    فـــلا



    أمْرٌ عليَّ ولا
    ضريبة



    تقدير العقاد



    لقي العقاد
    تقديرا وحفاوة في حياته من مصر والعالم العربي، فاخْتير عضوًا في


    مجمع اللغة العربية
    بمصر سنة (1359هـ= 1940م) فهو من
    الرعيل الأول من أبناء المجمع، واخْتير عضوًا مراسلا في مجمع اللغة العربية
    بدمشق، ونظيره في العراق، وحصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة
    (1379هـ= 1959م).



    وتُرجمت بعض كتبه
    إلى اللغات الأخرى، فتُرجم كتابه المعروف "الله" إلى الفارسية، ونُقلت عبقرية
    محمد وعبقرية الإمام علي، وأبو الشهداء إلى الفارسية، والأردية، والملاوية، كما
    تُرجمت بعض كتبه إلى الألمانية والفرنسية والروسية.



    وكان أدب العقاد
    وفكره ميدانًا لأطروحات جامعية تناولته شاعرًا وناقدًا ومؤرخًا وكاتبًا، وأطلقت
    كلية اللغة العربية بالأزهر اسمه على إحدى قاعات محاضراتها، وبايعه طه حسين
    بإمارة الشعر بعد موت شوقي، وحافظ إبراهيم، قائلا: "ضعوا لواء الشعر في يد
    العقاد، وقولوا للأدباء والشعراء أسرعوا واستظلوا بهذا اللواء، فقد رفعه لكم
    صاحبه".



    وقد أصدرت دار الكتب
    نشرة بيلوجرافية وافية عن مؤلفات العقاد، وأصدر الدكتور حمدي السكوت أستاذ
    الأدب العربي بالجامعة الأمريكية كتابًا شاملا عن العقاد، اشتمل على بيلوجرافية
    لكل إنتاج العقاد الأدبي والفكري، ولا تخلو دراسة عن الأدب العربي الحديث عن
    تناول كتاباته الشعرية والنثرية.



    واشْتُهر العقاد
    بصالونه الأدبي الذي كان يعقد في صباح كل جمعة، يؤمه تلامذته ومحبوه، يلتقون
    حول أساتذتهم، ويعرضون لمسائل من العلم والأدب والتاريخ دون الإعداد لها أو
    ترتيب، وإنما كانت تُطْرح بينهم ويُدلي كل منهم بدلوه، وعن هذه الجلسات الشهيرة
    أخرج الأستاذ أنيس منصور كتابه البديع " في صالون العقاد".



    وفاة العقاد



    ظل العقاد عظيم
    الإنتاج، لا يمر عام دون أن يسهم فيه بكتاب أو عدة كتب، حتى تجاوزت كتُبُه
    مائةَ كتاب، بالإضافة إلى مقالاته العديدة التي تبلغ الآلاف في بطون الصحف
    والدوريات، ووقف حياته كلها على خدمة الفكر الأدبي حتى لقي الله في (26 من شوال
    1383هـ= 12 من مارس 1964م).



    من مصادر
    الدراسة:





    • نعمات أحمد
      فؤاد: قمم أدبية ـ عالم الكتب ـ القاهرة ـ 1984م.





    • جمال الدين
      الرمادي: من أعلام الأدب المعاصر ـ دار الفكر العربي ـ القاهرة ـ بدون تاريخ.





    • محمد رجب
      البيومي: النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين ـ دار القلم ـ دمشق 1415
      هـ= 1995م).





    • شوقي ضيف:
      مع العقاد ـ دار المعارف ـ القاهرة ـ بدون تاريخ.





    • محمد مهدي
      علام: المجمعيون في خمسين عامًا عامًا ـ الهيئة العامة لشئون المطابع
      الأمريكي، القاهرة (1406هـ= 1986م).





    • مجلة الهلال
      ـ عدد خاص عن العقاد.




                  

04-13-2003, 08:44 PM

Abdalla Gaafar

تاريخ التسجيل: 02-10-2003
مجموع المشاركات: 2152

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكرى التاسعة والثلاثون لرحيل العقاد (Re: سلفر)

    لك الشكر كله
    وامل ان يطل الاخرون علي هذا البوست
    للتعليق والاضافة
    شكرا لهذا الجهد

    عبدالله جعفر
                  

04-20-2003, 11:25 AM

سلفر

تاريخ التسجيل: 03-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكرى التاسعة والثلاثون لرحيل العقاد (Re: سلفر)

    حقائق الإسلام وأباطيل خصومه

    يعد هذا الكتاب واحداً من أبرز كتب عباس محمود العقاد‚ حيث جرد المفكر الكبير سلاح قلمه لدحض الأباطيل التي افتراها خصوم الإسلام والمسلمين على مر العصور‚ ويقول العقاد: إن أكبر الشبهات التي تعترض عقول المتشككين والمفكرين هما شبهة الشر‚ وشبهة الخرافة‚ وخلاصة الشبهة الأولى أننا لا نستطيع التوفيق بين وجود الشر في العالم وبين الإيمان بإله قدير كامل في جميع الصفات‚ وخلاصة الشبهة الثانية إننا لا نستطيع التوفيق بين العقائد والمحسوسات والمعقولات التي تنكشف عنها معارض البشر كلما تقدموا في معارج الرقي والإدراك‚ ويناقش العقاد هاتين الشبهتين وينتهي إلى أن وجود الشر في العالم لا يناقض صفة الكمال الإلهي ولا صفة القدرة الإلهية‚ ويسأل المؤلف القائلين بشبهة الخرافة: إذا كان التدين على هذه الحالة التي وجد بها غير حسن في تقديركم فكيف يكون الحسن‚ وكيف تتصورونه ممكناً على نحو أقرب إلى العقل وأيسر في الإمكان؟ ثم يتحدث العقاد عن شمول العقيدة الإسلامية والمزايا التي امتازت بها عقيدة الإسلام‚ ويبين كيف أن أحكام الإسلام لا تعوق المسلم عن أية غاية تفتحها أمامه أشواط العلم والحضارة‚ ويقول إن في الإسلام زاداً للأمم الإنسانية في طريق المستقبل الطويل يواتيها بما فيه غنى لها‚ ويعرض العقاد بعد ذلك لعدة موضوعات في العقيدة الإلهية والنبوة والعبادات‚ ويرى أن العقيدة الإلهية في الإسلام جاءت مصححة متممة لكل عقيدة سبقتها في مذاهب الديانات أو مذاهب الفلسفة ومباحث الربوبية‚ وعقد المؤلف مقارنات منطقية بين الإسلام والديانات الأخرى خلص منها إلى أن الإسلام جاء بالدعوة إلى اله واحد أحد منزه عن لوثة الشرك‚ منزه عن جهالة العصبية‚ منزه عن التشبيه الذي تسرب من بقايا الوثنية إلى الأديان الكتابية‚ وفي تعرضه لأباطيل الخصوم‚ يفند العقاد هذه الأباطيل‚ فبالنسبة لموضوع تعدد الزوجات في الإسلام نجده يقول: «لم يأت الإسلام ببدعة فيما أتاح من تعدد الزوجات‚ وأما الجديد الذي أتى به أنه أصلح ما أفسدته الفوضى من هذه الإباحية المطلقة من قيد‚ وأنه حسب حساب الضرورات التي لا يغفل عنها الشارع الحكيم‚ فلم يحرم أمراً قد تدعو إليه الضرورة‚ ويجوز أن تكون إباحته خيراً من تحريمه في بعض ظروف الأسرة أو بعض الظروف الاجتماعية العامة‚ لكن الإسلام مع ذلك اشترط العدل‚ ونبه الرجال إلى صعوبة العدل بين النساء مع الحرص عليه‚ ثم تطرق العقاد إلى موضوع زواج النبي #‚ الذي يتخذه خصوم الإسلام ذريعة للقدح في شخص الرسول الكريم والتشكيك في دعوته المباركة‚ ويقول العقاد إنه ما اتفق خصوم الإسلام عن سوء نية على شيء كما اتفقوا على خطة التبشير في موضوع الزواج على الخصوص‚ فكلهم يحسب أن المقتل الذي يصاب منه الإسلام في هذا الموضوع هو تشويه سمعة النبي #‚ وتمثيله لأتباعه في صورة معيبة لا تلائم شرف النبوة‚ ولا يتصف صاحبها بفضيلة الصدق في طلب الإصلاح‚ وفي الحقيقة فإن المسلم الحق يعرف أنه ــ صلوات الله وتسليماته عليه ــ كان صادقاً في سيرته في زواجه وفي اختيار زوجاته‚ وليس للنبوة من آية أشرف من آيتها في معيشة نبي الإسلام من مطلع حياته إلى يوم وفاته‚ وبعد ذلك يتناول العقاد قضية الرق‚ فيقول إن الإسلام شرع العتق ولم يشرع الرق‚ إذ كان الرق مشروعاً قبل الإسلام في القوانين الوضعية والدينية بجميع أنواعها‚ وكانت اليهودية تبيحه‚ ونشأت المسيحية وهو مباح فلم تحرمه‚ والذي أباحه الإسلام من الرق مباح اليوم في أمم الحضارة التي تعاهدت على منع الرقيق منذ القرن الثامن عشر الميلادي إلى الآن‚ لأن هذه الأمم التي اتفقت على معاهدات الرق تبيح الأسر واستبقاء الأسرى إلى أن يتم الصلح بين المتحاربين على تبادل الأسرى أو التعويض عنهم بالفداء والغرامة‚ وهذا هو كل ما أباحه الإسلام من الرق أو الأسر على التعبير الصحيح‚ يقول سبحانه وتعالى في محكم آياته «فإما منا بعد واما فداء حتى تضع الحرب أوزارها»‚ وبعد ذلك يتعرض العقاد لما شاع عن الإسلام من أنه دين السيف يقول: لم يعمد المسلمون قط إلى القوة لمحاربة أية قوة أخرى إلا إذا صدتهم عن إقناع الناس بالإسلام‚ فإذا رصدت لهم دولة ما جنودها حاربوها لأن القوة لا تحارب بالحجة والبينة‚ وإذا كفوا عنهم لم يتعرضوا لهم بسوء‚ لذلك سالموا الحبشة ولم يحاربوها‚ وحاربوا فارس والروم لأنهما أرسلا قواتهما لمحاربة المسلمين‚ ويستمر العقاد في مناقشة الأباطيل الأخرى التي يروج لها الأعداء‚ مفنداً لها‚ كاشفاً ما فيها من افتراءات مستنداً إلى حجج قوية من التاريخ والحقيقة والعقل والمنطق‚
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de