اين الجموع المرعوبة ؟؟
اين طوابير الباحثين عن الطعام ؟؟
اين الشوارع الفارغة ؟؟
روبرت فيسك _ بغداد
5ابريل 2003
_______________________
نوع من المزاج الاحتيالي واللامبالي سيطر على بغداد بالامس . لا تبدو اي محاولة لسدالطريق السريع الرئيسى الى المدينة . في ما عدا بضعة جنود وفرق من سيارات الشرطة يُخيل اليك انها يوم اجازة . سألأت نفسي طوال يوم امس نفس السؤال
اين الامريكان المفترض ان يهاجموا بغداد ؟؟
اين جموع الناس المرعوبة ؟؟
اين طوابير الباحثين عن الطعام ؟؟
اين الشوارع الفارغة ؟؟؟
وماذا يفعل الامريكان بالظبط ؟؟؟
انهم يحاصرون المدينة .
كل محطات التلفاز والاذعات الاجنبية تصر على ذلك لكن المسافرون لازلوا يقدمون من عمان والسلطات في المدينة وضعت المزيد من الباصات ذات الطابقين في الخدمة. الخدمات عادية وكما يقال تم استأنفها وحتى شركة القطارات تدعي ان رحلات القطار ستغاذر الى شمال العراق في وقتها
ثم اخير ا
وقبل منتصف نهار امس وصل صوت صفير الى اسماع جميع الناس في شوارع وسط بغداد صوت متقطع شبه مابين صوت قطّاعة العشب ومواء قط تئن .... وعندما تتبعت افواه عشرات الاسلحة التى يحملها المتسوقون والشرطة في شارع الجمهورية الى مصدر الصوت
القادم من السماء وجدنا ماكينة تشبه الذبابة تتحرك ببطء في سماء المدينة الحارة الرماية
لقد ارسل الامريكان طائرة بدون طيّار فوق بغداد
اول طائرة استطلاع شوهدت منذ بدء الحرب تطير ببطء عكس المقاتلات النسر التى تطير بسرعة الصوت عندما تلقي بقنابلها على المدينة
لقد كان من السهل تتبعها
استمرت في رنينها باتجاه الغرب نحو اكبر القصور الرئاسية التى تم قصفها ثم عرّجت جهة الجنوب كانت تبدو مخلوق هش جدا صغير جدا على خلفية السماء السوداء الغاضبة كان من السهل النسيان مع النظر بالعين المجردة ما تحمله تلك الطائرة في احشاءها من صور وكاميرات تُطلع الامريكيين خارج حدود المدينة الاختيارات التى تسهل لهم اي الاحياء يقصفون
وفي مستشفي اليرموك بالامس ,
كان جندي من مليشيا الفدائيين التابعة لصدام حسين يبكي بعطف وهو يري صديقه يتلوي من الالم
لقد اصاب رصاص الامريكان ساقيه والطبيبة المداويه تحاول بعناية متناهية ازالة الحذاء الايمن من قدمه
لقد رفض الصراخ رفض اظهار المه الشديدة واغلق عينيه بشدة والطبيبة تحاول فك الاربطة و نزع الحذاء ثم قطع ساق البنطلون لرؤيه لاصابة تحته
نحن الفدائيون رجال فخورون .... قال صديقه بجانبه والغبار لا يزال مختلط بالعرق الذي يتصبب من جبينه فقد عاد لتو من المعاركة المحتدمة في مطار صدام الدولي
كنا في مواجه مع الامريكان كنا نحاصرهم وهم يتخبطون ثم طلب الظابط من صديقي الذهاب لاخد حصته من طعام الجنود واثناء عودته اخترق الرصاص ساقيه وعاد جريحا
وفي اروقة مستشفي اليرموك تجاوزني رجل في متوسط العمر ابيض الشعر يرتدي بدلة عقيد توقف قليلا في مدخل البهو ونفض الغبار الكثيف من على كتيفيه و مضي
اذا اين الامريكان ؟؟
فقط منذ 18 ساعة تجولت في باحات قاعة المغادرة في مطار صدام الدولي تمشيت في غرف الجمارك الخاوية وتحدثت مع سبع من الميلشيا المسلحين الذين يحرسون المكان
وقابلت مدير المطار ووقفت بجانب مدرج الطائرات حيث تقف طائرات قديمة يعلوها الغبار طائرة ركاب 727 وانتانوف اقدم منها
ومروحية قديمة ايضا لم يكن هناك هدير طائرات او مدافع كنت اسمع زقزقة العصافير المعشعشة في موقف السيارات
لقد كان اول ايام الصيف الحقيقي في بغداد
ومن ناحية اخر ي
ظهرت ادلة جديدة بالامس على استخدام القنابل العنقودية في بغداد نفسها هذة المرة وليس فقط في القري المجاورة
من حي( فرود) في منطقة درة و حي الما ومناطق غيرها في غرب بغداد
توافد المدنيين على قسم الطوارئ وهم يحملون جروح مريعة جروح مضاعفة وعميقة من اثار شظايا حادة منطلقة من قنابل تنفجر في الجو .
القتلي فقط من فرود وحدها تجاوز الـ80 قتيلا واستقبل المستشفي المركزي 39 جريحا توفي اربعة منهم تحت الجراحة
هناك شاب فر للنجاة بحياته عندما شاهد علب بيضاء صغيرة تتساقط من السماء لكنها اصابته قبل ان يتجاوز عتبة بيته
ورجل اخر كان يسوق سيارته عندما شاهد الفنابل العنقودية تتساقط من السماء وهي مكتضة بقطع حديديه حادة على شكل نجوم كانت تتساقط كما قال وكانها حجارة صغيرة وانغرست في اقدامه وصدره وذراعيه المغطاة بالدماء شظايا معدنية صغيرة
وفي مطاعم المدينة كان هناك زبائن مختلفين .
يوم الخميس ذهبت الى مطاعم فرود للطلبات الخارجية لاخذ وجبتي اليومية من دجاج شيش طاوق والطماطم والفاصوليا الخضراء
كان المطعم مزدحما بالعائلات الشيعية وهم يتناولون مائدة عامرة من لحم العنم والرز والحمص والتبولة
وعلى التلفاز كان الناس يشاهدون قناة ايرانية وبرنامج موسيقي باللغة الفارسية التقطته الدش حيت يتابع معظم البغداديين الاخبار منها
ويلتقط التلفاز بث قناة اخري بدون دش وهي قناة الكويت او السعودية لكن البغداديين لايثقون بما يُبث فيها من اخبار
بالامس كان المقهي مزدحما بفرق الجنود من الحرس الجمهوري المدافع عن بغداد
رجال عادو من الجبهة على بعد 15 دقيقة بالسيارة بين المعارك يعودون لتناول الطعام وسيارتهم المحملة بمضادات الطائرات واقفة خارج المقهي
اذا ؟
اين الالاف من الحرس الجمهوري الذين لم تعثر عليهم القوات الامريكية في الصحراء ؟
انهم هنا في العاصمة لدفاع عنها
يدهشيني ان يتفاجا الامريكان بذلك
ومع ذلك كله
هناك نوع من الندم والوهم وعدم التصديق بين الناس العاديين في قبول التغير العسكري وبالتالي السياسي الكبير والتغيرات التى تُحضر لبغداد
في حي المنصور , يتحدث صاحب بقالة ويقصص قصص عن تقدم الامريكان والادلة من من اصوات القصف على اطراف حدود المدينة
كذب الي الاسفل يا اجانب يقول بائع البقول والمكسرات وليس معهمن يراقبه من المراقبين الحكوميين
تفكرّت ... ربما عرفت بغداد الكثير خلال الـ23 عاما الماضية جيوش ضخمة وقوات جوية فلم يعد القصف ببساطة يسجل مشاعر الرعب والصدمة لسكانها كما توقعت امريكا
قلة فقط هنا من يعتقد ان امريكا لا يمكنها ان تدمر في طريقها الي بغداد
لكن الغريب هو المعنى المقصود من البيان الذى صدر عن الامريكان في ان قواتهم الخاصة ستدخل اجزاء من بغداد لتستكشف هل سيُرحب بجنودها ام لا ؟
هل سيتحركون بسرعة اذا اسُتقبلوا بودية ؟؟
يبدو ان استطلاع للراي يمكن ان يحدد مصير بغداد
Where
were the panicking crowds? Where were the food queues? Where
were the empty streets?
قرشـــو
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست