|
|
 عالمنا لا يعرف الراحة !
|
عالمنا لا يعرف الراحة !
ü أعاب عليّ بالأمس الأستاذ / عبدالحميد عثمان ما أسماه >دفوعاتك المستمرة عن إتفاقة السلام ····ووقوفك سداً منيعاً ضد كل من خالفك الرأي من الذين قالوا بأن ميشاكوس ليست الحل لمشاكل السودان ···وأنت تعلم أن نظام البشير وحركة الدكتور قرنق لا يمثلان الشعب السوداني رغم ذلك قلت أن ميشاكوس تمثل بداية الحل لمشاكل السودان···< ·
ü وبداية أشكر الأستاذ / عبدالحميد على متابعته الممتازة لصحيفة الحرية ولكتاباتي ، وأشيد بقدرته على استنتاج الرسائل السياسية المضمنة في الكتابات الصحفية ، وقد توصل عن حق إلى مضمون موقفي الداعم لاتفاقية السلام باعتبارها >تمثل بداية الحل لمشاكل السودان< ·
ü وأود تذكير الأستاذ / عبدالحميد بضرورة التمييز بين القول بأن إتفاقية ميشاكوس تمثل الحل لمشاكل السودان ، وبين القول بأنها >بداية الحل< ··· هذا الفرق لا يخفى على فطنته ·
üوأدعم اتفاقية السلام لأنني أنطلق من قناعة بقداسة الحياة الإنسانية ،ولذا لا يمكن أن أقف محايداً أو لا مبالياً تجاه أكثر المجازر إمتداداً زمنياً في التاريخ المعاصر ، خطفت حياة أكثر من مليوني ضحية ، اجهضت فرص النهضة ، بددت موارد البلاد ، وخرّبت الإقتصاد ، واقتلعت مجاميع واسعة من مضاربها الإجتماعية والثقافية ، وحطمت مجتمعات محلية ، وشوهت النسيج الإجتماعي والأخلاقي في مجمل البلاد ···· تجاه هذه الكارثة الإنسانية فإن مجرد الاتفاق على إيقاف المقتلة يشكل مأثرة تاريخية تستحق الإحتفاء و >الدفوعات المستمرة <·
وإن مثقفي الشمال الذين يغضبون ويتظاهرون لأجل الضحايا في فلسطين والشيشان وغيرها ، ثم لا يعبأون بذات القدر بالمأساة الإنسانية الأفظع والجارية في بلادهم نفسها ، عليهم أن يوقنوا بأنهم يعانون من سقم في الوجدان ، وأنهم بحاجة ماسة إلى الفحص والمعالجة !
ü إذاً فالسلام هدف في ذاته ، إنسانياً وأخلاقياً ، وفيما يتعلق بالديمقراطية فإن علاقته علاقة تفاعلية وجوهرية ، وتوفر اتفاقية ميشاكوس ، في حال نجاحها ،فرصة ، بإجابياتها وتحدياتها ومخاطرها ، غالباً ما تحاول دوائر في الإنقاذ استغلالها لتدعيم احتكارها للسلطة ، وهذا رهان مفتوح النتائج ، ولكن بغض النظر عن أماني ورغبات الإنقاذ فإن السلام يقلل من الإستقطاب الديني والعنصري في البلاد ،ويعيد التوازن بين العسكري والمدني ، ويقلص من الذرائع لإنتهاك حقوق الإنسان ، ويعطى الطبقة الوسطى ومنظمات المجتمع المدني والقوى السياسية فرصة لالتقاط الأنفاس وللمعافاة ، ولكل هذه الأسباب فان الإتفاقية يمكن ان تطلق دينامية التحول الديمقراطي في البلاد ، خصوصاً وقد تضمنت نصوصها رعاية حقوق الإنسان ، وانتخابات حرة ونزيهة ومراقبة دولياً أثناء الفترة الإنتقالية ·
وهكذا فإن اتفاقية السلام أداة ، مثلها مثل السكين ، يمكن أن تستخدمها القوى الخيرة في الطبيخ لبلد شبعانة حرة وموحدة ، ويمكن أن تستخدمها أيادي الشر للبطش وتمزيق أوصال البلاد ! والكل ـ ومهما تباينت النوايا والأهداف ـ يحتاج إلى الأدوات ·
ü وإنني لأعتز حقاً بكوني أحد المدافعين باستماتة ـ كما ذكرت ـ عن السلام ، وهو بحسب تقديري ليس نقيضاً للديمقراطية ولا بديلاً لها ، وإنما أحد أعمدة بنائها واستدامتها ، فليأتي السلام إذن ولتأتي الأغنيات الأخرى جميعاً : الديمقراطية ، الوحدة الوطنية ، التنمية ·
وفي عالمنا الأرضي ، القائم على التغير والحركة ، ليس من معركة والختام ، عالمنا عالم مكابدة مستمرة ، فإذا انتصرنا في معركة السلام فإن ذلك ليس مدعاة لإلقاء سلاح الكفاح ، تنتظرنا المعارك الأخرى ،إن عالمنا لا يعرف الراحة !
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست