الصادق المهدي!! والقيادة الملهمة!! والحق المقدس؟!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-24-2024, 02:29 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-26-2003, 04:56 AM

Omer Abdalla
<aOmer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-03-2003
مجموع المشاركات: 3083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الصادق المهدي!! والقيادة الملهمة!! والحق المقدس؟!


    أخرج الأخوان الجمهوريون كتابا بعنوان "الصادق المهدي!! والقيادة الملهمة!! والحق المقدس؟! في عام 1977 حيث صدرت طبعته الأولى في نوفمبر 1977 والرابعة في فبراير 1978 .. وبما أن ما كتب في هذا الكتاب لا يزال ينطبق علي السيد الصادق المهدى ويتأكد كل يوم بصورة أبلغ فإني أعيد نشر هذا الكتاب هنا منجما على حلقات .. أرجو أن يجد الجميع فيه الفائدة المرجوة بمعرفة حقيقة السيد الصادق .. فإلى الحلقة الأولى:ـ




    الأخوان الجمهوريون


    الصادق المهدي!! ـ
    والقيادة الملهمة!! ـ
    والحق المقدس؟! ـ



    الطبعة الرابعة فبراير 1978- ربيع أول 1398


    الأهداء:ـ

    الي الشعب السوداني الكريم!! ـ
    لقناعتنا بخطر الطائفية عليك لا نمل التكرار في تحذيرك منها.. ـ
    و إنما تتمكن الطائفية منك لأنها تستغل فيك أنبل عواطفك!! ـ
    هي تستغل فيك تعظيمك لأمر الله، و حبك للدين.. ـ
    و هي!! هي لا ترجو لله وقارا.. ـ
    و هي!! هي لا تنظر للدين إلا كوسيلة لتغفيلك.. ـ
    فأحذرها فإنها هي العدو!! ـ
    أحسن الله خلاصك من حبائلها!! ـ
    رد الله كيدها في نحرها


    بسم الله الرحمن الرحيم
    (و إذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض، قالوا: إنما نحن مصلحون* ألا إنهم هم المفسدون، و لكن لا يشعرون)
    صدق الله العظيم


    المدخل

    هذا كتاب نصدره عن الطائفية الحديثة، و هو كتاب، كالعهد بنا دائما، يتسم بالصراحة، و بالصدق، و بالوضوح، و بالعلمية.. و هذا الكتاب يعتبر إمتدادا للكتاب الذي أخرجناه عن المصالحة الوطنية، تحت إسم (الصلح خير).. فهو في بابه، و يكمل لإتجاهه في تأييد و دعم المصالحة الوطنية.. فنحن أكبر من وقف الي جانب المصالحة، بوعي و بمسئولية، و لانزال.. و لقد جاء في ذلك الكتاب عن المصالحة قولنا: (و أول ما تجدر الإشارة إليه، إن المصالحة، من حيث المبدأ، عمل جليل، و عظيم. و هو يجد مباركة كل المخلصين لهذا الشعب، و لوحدة ترابه.. ثم هو عمل خطير في نفس الوقت، لأنه سلاح ذو حدين.. و نقصد بالتحديد أن حده الآخر قد يرتد علينا،يمزق وحدتنا، و يمتهن كرامتنا، و حريتنا، إذا نحن لم نرشد هذه المصالحة ترشيدا يؤمن مكاسبنا، و ينأي بها عن الزلل، بما يضيق من الفرص، أو يقفل من الأبواب، أمام عودة الطائفية). ـ
    و نحن هنا، في هذا الكتاب، إنما نرمي الي دعم المصالحة الوطنية، و تأمينها، و ذلك بترشيدها، و بإزالة العقبات التي تعترض سبيلها.. و بإلقاء الضوء علي أطرافها، حتي تتضح الرؤية، فتواصل المسيرة دون أن تتعرض مكاسب الشعب للضياع، و دون أن تتعرض المصالحة للإنتكاس.. ـ


    المقدمة

    لقد ظللنا نحن الجمهوريين، و منذ فجر الحركة الوطنية نركز علي كشف الخطر الطائفي.. علي اعتبار أنه كان دائما هو الخطر الماثل الذي يهدد شعبنا.. و ظلت الأحداث دائما تؤكد ما نقول.. ـ
    و الآن نحن لا زلنا نؤكد أن مشكلة هذا البلد، الكبري، و الأساسية هي الطائفية.. (فهي المسئولة عن تخلف الوعي، و هي المسئولة عن الفساد السياسي، و هي المسئولة عن إنعدام التربية الوطنية، و هي المسئولة عن عدم الإستقرار الذي لازم نظمنا السياسية.. و مع كل ذلك فهي تصر علي العودة الي الحكم، شهوة في الحكم، و التسلط، و الزعامة، فإن من ولدوا زعماء بالوراثة لا يحتملون أن يعيشوا مواطنين عاديين بقدراتهم الحقيقية. و هم يمتطون رقاب العباد و يتخذون الناس وسائل، و أدوات، لتحقيق طموحهم الشخصي.. فأرواح الناس عندهم رخيصة، و اعتباراتهم مهدرة.. فالطائفيون لا يعرفون كرامة للإنسان، فالناس عندهم ليسوا اكثر من خدم..) ـ
    و لقد دفعت بلادنا في تاريخها القريب، الكثير من الدماء، و الدموع، و المعاناة في سبيل وصول زعماء الطائفية الي كراسي الحكم.. و لقد ظلت الطائفية تعمل علي فرض سلطانها علي بلادنا بكل السبل، و بكل الأساليب.. من استغلال للدين، و من التضليل بإسمه.. و هذا هو سلاحها الأول و الأساسي.. استغلالا لأتباعها من البسطاء، في احداث العنف و الإرهاب.. الي جانب محاولة الإنقلابات العسكرية، و اساليب الخداع، و التمويه السياسي.. و أضافت إلي كل هذه الأساليب، في الفترة الأخيرة، إسلوب الغزو العسكري من الخارج.. ـ
    و مهما أختلفت الوسائل فإن غاية الطائفية دائما واحدة، و هي بسط نفوذها، و تمكين زعمائها من السلطة.. هؤلاء الزعماء الذين لا يترددون في أن يسيروا الي السلطة علي اشلاء البسطاء، و الأبرياء، من أبناء شعبنا.. و لا يترددون في أن يخوضوا، لهذه السلطة، بحارا من الدم المراق.. ـ
    و في الفترة التي تلت ثورة 1964 إتخذت الطائفية شتي الوسائل لفرض نفوذها بصورة نهائية في البلاد، و كانت أكبر هذه الوسائل، هي محاولة فرض الدستور الإسلامي المزيف، تلك المحاولة التي تم القضاء عليها بقيام ثورة (مايو) 1969.. و بعد قيام (مايو) تعددت محاولات الطائفية، في الوصول الي السلطة، و تنوعت.. و كان آخر هذه المحاولات هي محاولة الغزو الخارجي في 2 يوليو 1976، تلك المحاولة التي تقف كأكبر شاهد علي أن الطائفية لا تتورع من إتخاذ أحط الأساليب للوصول الي غاياتها.. ـ


    تحديث الطائفية

    و من الأساليب التي إتخذتها الطائفية لتضليل الشعب، و للوصول الي أهدافها، محاولة إعطاء نفسها صورة عصرية، و هذا ما تم، و يتم علي يدي السيد الصادق المهدي، الذي ظل دائما يستعمل في أحاديثه، و كتاباته، من الأساليب العصرية، و العبارات المنمقة، و الكلمات المستحدثة، ما يحاول به، أن يستر عري زعامته الطائفية.. و هو يلجأ لهذه الأساليب أيضا ليؤكد زعامته داخل طائفة الأنصار، و لينتصر لها علي منافسيها.. ثم هو، بأساليبه هذه، يسعي الي إكتساب شعبية لزعامته خارج دائرة طائفة الأنصار.. و الصادق يتحدث بلسانه عن نقد الطائفية، و نقد الجاه الموروث، و هو حديث مكشوف، ما كان ينبغي أن ينطلي علي أحد.. و لكنه، بكل أسف، جاز حتي علي بعض المتعلمين، فالسيد الصادق لولا المجد الموروث، و لولا أنه حفيد زعيم طائفة الأنصار، لما وجد بعض الإهتمام الذي يجده الآن.. فكم من الشباب في بلادنا ممن لهم مثل ثقافته، و قدراته، أو من يتفوقون عليه، ثم لم يسمع عنهم أحد!! ـ
    إن الأمر المؤكد، و الواضح، إن الصادق طائفي، دما و لحما، و سلوكا و فكرا.. و هو أخطر زعماء الطائفية عندنا، لأنه أكثرهم طموحا- و هذا ما سنوضحه في متن الكتاب.. و لأنه يسعي الي إعطاء الطائفية وجها عصريا، يستر به وجهها القاتم، و حقيقتها المظلمة، ثم هو، فوق كل أولئك، لا يتورع من إتخاذ أي أسلوب لفرض نفوذ طائفته، و تحقيق زعامته.. و يكفي أنه، و بإعترافه، هو الذي دبر أحداث الثاني من يوليو 1976.. ـ
    و الآن، و قد تمت المصالحة الوطنية، و عاد رجال "الجبهة الوطنية" من السياسيين، و زعماء الطائفية، و من بينهم الصادق المهدي، فإن الأمر يقتضي منا جميعا وقفة، لتقويم الأوضاع الحاضرة، و لمحاولة إستقراء إحتمالات المستقبل، علي ضوء هذه الأوضاع..
    و نحن من جانبنا قد وقفنا الي جانب المصالحة الوطنية.. و شرحنا موقفنا هذا في عدد من كتبنا الأخيرة، و من بينها كتاب (الصلح خير).. و أشترطنا لجعل المصالحة الوطنية قيمة إيجابية أن ترشد و أوضحنا السبيل الي ترشيدها.. و كان ضمن ما جاء في كتابنا هذا ما نصه: (و إنه لمن المنكر، أشد النكر، علي كل عاقل،حادب،علي مصلحة هذا البلد، و علي مستقبل هذا الشعب أن يغفل عن مخازي الطائفية، أو أن يحسن الظن بها، إذ هي دائما و مصالح الجماهير علي طرفي نقيض.. و الآن، و بعد هذه التجربة الطويلة، كيف نأمنها علي الوفاء بقيم المصالحة؟؟ كيف نأمن إلا تستغل المصالحة الوطنية بالتآمر و بالكيد و بالدسائس لتصل الي السلطة؟؟ و كيف، و هي لا هم لها غير السلطة، بل إنها هي لا تستطيع أن تعيش بغير السلطة؟؟) ـ
    (إن هذه أسئلة مهمة، و هي تلح في طلب الإجابة عليها.. و إنه لواضح أنه ليس هناك ما يوقي البلاد من شرها إلا إذا كرسنا جهدنا في سبيل تنوير الشعب، و توعيته ضد أخطارها، و تحايلها، و إستغلالها له بإسم الدين.. و هذا يقتضي أن نعمل علي تصفيتها عملا شريفا، و في وضح النهار، و أن يكون لها نفس الحق في مواجهتنا، و دفع إتهاماتنا.. علي أن يكون مفهوما، و واضحا، أنه ليس في هذا العمل إساءة الي أحد، و إنما فيه الحرص الأكيد، علي الشعب، و علي صون مكاسبه من الضياع..) ـ
    و قد إقترحنا لترشيد المصالحة الوطنية قيام المنابر الحرة، كسبيل لتوعية الشعب، و تربيته، حتي يتأمن ضد الخطر الطائفي و الذي أصبح الآن ماثلا بصورة أكبر مما كان عليه في أي وقت مضي.. ـ
    و نحن، في هذا الكتاب، إنما نرمي الي مواصلة عملنا في توعية الشعب، و كشف خطر الطائفية الماحق، و المتمثل في طموح، و تطلعات، زعيمها الصادق المهدي، هذا هو الخطر الذي يهدد بلادنا، و الذي يمكن أن يؤدي الي المزيد من عدم الإستقرار، و المزيد من التضحيات بالمال و الرجال، إذا لم ننتبه، و نتحصن، ضده بالوعي، و بالمسئولية.. و نحن في مواجهتنا للصادق المهدي، ليست لنا عداوة خاصة معه، و لا نحن نحاربه في شخصه، بل إن شخصه لموضع حبنا، و لكننا إنما نحارب فيه غروره، و سعيه الطموح للتمكين لزعامته، و سيادة طائفته، علي حساب شعبنا، و علي حساب تقدمه، و نهضته الدينية و السياسية و الإقتصادية.. و نحن إنما نفعل ذلك في موضوعية، لا تحيد عن الحق، و لا تجامل علي حساب مكتسبات الأمة و مستقبل الأمة.. و نستعمل من العبارات ما يؤكد المعاني التي نريدها في غير شطط، و لا مداهنة.. ـ
    و نحن، في كتابنا هذا، إنما نعتمد علي مواقف الصادق السياسية، و الكتب التي أصدرها مؤخرا، و من بينها كتاب: (يسألونك عن المهدية).. هذا الي جانب تصريحاته، و مقابلاته الصحفية، و من بينها المقابلة التي أجرتها معه مؤخرا صحيفة (القبس) الكويتية.. ثم هنالك ما ورد في الصحافة السودانية.. فنحن نأخذ المعلومات الضرورية عن هذه المصادر و نحللها في أسلوب علمي، و موضوعي، لا يقفز الي النتائج، و إنما يستخلصها من مقدماتها الصحيحة.. ـ
    و قد تأكد لنا من دراسة هذه المصادر، أن الخطر الكبير، و الماحق، المحدق ببلادنا، إنما يأتي من طرح السيد الصادق، ذلك الطموح الذي ذهب به الي التفكير، و العمل، علي بعث المهدية من جديد، تحت (قيادة ملهمة).. و معلوم أن هذه (القيادة الملهمة) إن هي إلا قيادته هو..(يخشي أن تكون هذه العبارة بداية إدعاء الحق المقدس..) ـ
    و الصادق يعتقد أن هذا البعث حتمي الحدوث.. و يبدو أنه في كتاباته الأخيرة قد وضع تصورا متكاملا للبعث الذي ينادي به.. و كل الدلائل تشير الي أن تقديرات الصادق تؤكد له أن وقت التنفيذ قد حان، و الظروف الموضوعية قد نضجت له.. خصوصا أن المنافس الأول للسيد الصادق علي زعامة طائفة الأنصار قد ذهب بذهاب عمه السيد الهادي.. ثم إن عددا من زعماء الأحزاب الأخري المنافسة للأنصار قد مضوا.. فلم يبق أمام الصادق الا بعض العقبات التي يعمل علي إزالتها بالأساليب المختلفة، و هو لا يري الا أن الزمن يعمل لصالحه.
    و هذا الوضع الخطير، و الذي ستتضح أبعاده بصورة جلية عند قراءة متن الكتاب، يقتضي من أفراد شعبنا عامة، و المثقفين منهم بصورة خاصة، التحلي بروح اليقظو و المسئولية، حتي لا تدفع بلادنا أكثر مما دفعت، من مقدراتها، و من دماء أبنائها، في سبيل زعامة المتزعمين، و طموح الطامحين.. ـ


    مفتاح شخصيته

    لقد نشأ السيد الصادق في البيت الذي يتزعم، من حيث العدد، أكبر طائفة دينية عندنا في السودان.. و هي طائفة الأنصار .. و من المعروف في البيوتات الطائفية عندنا، أن أبناء زعماء الطائفة يجدون من الإتباع كل تقديس، و توقير، لا فرق، في ذلك، بين الأطفال و الكبار، فجميعهم (أسياد)، فحتي الأطفال الصغار مطاعون من جميع الأتباع بما فيهم الشيوخ، فهم لا ترد لهم حاجة.. في مثل هذا الجو نشأ الصادق، و ترعرع، فهو لم يعرف منذ نعومة أظفاره سوي أنه (سيد) مطاع.. و قد ظلت هذه (السيادة) تتوكد في نفسه كلما شب، و كلما تفتحت عيناه علي ضروب من الطاعة له تصل الي حد التضحية بالنفس في سبيل مرضاته..
    و لم يكد يبلغ سن الشباب حتي تهيأت الظروف التي جعلته زعيم الطائفة، و هو لم يبلغ بعد سن الثلاثين.. و كان يري الآلاف من الأنصار يخضعون لتوجيهاته، و يتحركون بإشارته، و هم علي إستعداد تام أن يضحوا بأنفسهم في سبيله.. ـ
    ثم إنه لم يلبث أن أصبح رئيسا للحكومة في تلك السن المبكرة، و أصبحت البلاد جميعها تحت زعامته.. و الأنصار يعتقدون أن لهم حقا زائدا في هذه البلاد، و يعتقدون أن أمجادها أمجادهم، و هم ورثتها.. و كان الصادق كثيرا ما يسمع هتافات الآلاف من الأنصار داوية: (الله أكبر و لله الحمد.. البلد بلدنا و نحن أسيادها).. فلا يملك إلا أن يستجيب لهذه الهتافات، فتتوكد عنده أحقيته التي ما ينبغي أن تنازع- في السيادة علي البلاد.. ثم يزيد من توكيد هذا المعني في نفس الصادق تلك الهتافات الداوية (الصادق أمل الأمة.. الصادق أمل الأمة) فيزداد يقينه بأحقية الطائفة في فرض سيادتها علي البلاد، و في أحقيته هو في فرض زعامته علي الطائفة، و علي البلاد معا.. ـ
    فالنفس البشرية، بطبيعة ميلها، يصعب عليها أن تمتنع علي دواعي الأمر و النهي فيها.. و ما أصدق الشاعر الذي قال:ـ
    لقد صبرت عن لذة العيش أنفس* و ما صبرت عن لذة النهي و الأمر
    و إذا وجدت النفس الفرصة لإشباع ميلها الي النهي و الأمر فإنه يبرز و يعبر عن نفسه، و هو، من خلال هذا التعبير، ينمو، و يقوي و يستفحل.. ثم أن النفس، من بعد ذلك، تجد أنه من السهل عليها أن تجد الحيل و المبررات التي تسوقها لتقتنع بأحقيتها في النهي و الأمر، ثم تفلسف هذا الإقتناع لتقنع به الآخرين.. ـ
    و من الأمثلة التي يمكن أن تنساق للتدليل علي جعل النفس، في تبرير شعورها بالتفوق و تبرير ميلها الي النهي و الأمر، قول الصادق في صفحة 19 من كتابه (يسألونك عن المهدية) فقد قال:ـ
    (هؤلاء العمالقة يستجيب الواحد منهم لحاجة جماعية عميقة، و يتحدث بالمنطق السائد في زمانه، و بتعبير المعارف المتاحة له الرائجة في ذلك الزمان.. و من صفات هؤلاء العمالقة أن الواحد منهم يفوق أقرانه بثقة مستمدة من يقينه بأنه ملهم) و العبارة التي تهمنا هنا قوله : (و من صفات هؤلاء العمالقة أن الواحد منهم يفوق أقرانه بثقة مستمدة من يقينه بأنه ملهم).. ـ


    القيادة الملهمة

    إن المتتبع لسيرة الصادق، و لأقواله، و كتاباته، يستطيع أن يري بوضوح أن مفتاح شخصيته يكمن في عبارة كثيرا ما وردت في كتاباته الأخيرة هي عبارة (القيادة الملهمة).. فهو، في تحليله لأحداث التاريخ، و الصراعات الفكرية التي نشأت في العالم الإسلامي، و التحولات السياسية و الدينية التي تمت، و التي ينتظر أن تتم، يرجع دائما الي أمر أساسي هو (القيادة الملهمة).. فالقيادة و الإلهام عنده هما الأمران اللذان بهما تتم التحولات الكبيرة في الفكر و في الواقع.. فمثلا الصادق عندما يتحدث عن فكرة المهدية في الإسلام، في كتابه المشار إليه آنفا صفحة 92 يقول : (و مهما كانت التفاصيل فإن هذه الأصول أفهمت كثيرين بمجيء قيادة مختارة لإصلاح فساد الأحوال.. و في الأدلة الإسلامية أيضا ما يشير الي إتيان قيادة ملهمة يلهمها الله الصواب و يهديها).. و في صفحة 94: (إن في الأدلة مكانا واضحا لقيادة مهتدية مرشدة مصلحة للفساد يؤهلها إصلاحها لإستقبال إلهامات روحية).. و هو عندما يريد تلخيص دعوة محمد أحمد المهدي في السودان يقول في صفحة 163 من نفس الكتاب: (و مع تشعب المواصفات و النعوت فإن الذي أصف به الدعوة المهدية هو: أنها قيادة دينية ملهمة توحد الكلمة و تجدد الدين.) ـ
    ثم يخلص الصادق من مثل هذه الأقوال عن القيادة (الملهمة) و هي كثيرة جدا في كتاباته الأخيرة الي قاعدة أساسية في التغيير، فأسمعه يقول في صفحة 158 من كتاب: (يسألونك عن المهدية) : (إن الصفاء الروحي و إلهاماته، و حاجة الجماعة الملحة للقيادة الملهمة لتنبعث و تتحرك أمور لا يمكن إنكارها إلا من وجهة نظر شكلية بحتة في فهم النظام الإجتماعي و وجهة نظر مادية بحتة في فهم الإنسان): فالخلاصة التي يصل اليها الصادق هي: أن الجماعة لتنبعث و تتحرك، تحتاج، حاجة ملحة، الي قيادة ملهمة..فإذا كان الصادق يؤمن، و يبشر، في كتابته الأخيرة، ببعث إسلامي مرتقب: و هو بعث حتمي الوقوع: أسمعه يقول (سواء نظرنا من ناحية نظرية عامة، أو إستعرضنا وجودا واقعيا محددا سنجد أن كل المؤشرات تعلن حتمية البعث الإسلامي): و هذا البعث الإسلامي عند الصادق إنما هو بعث للمهدية كما سنوضح في فصل قادم: و قد وضع الصادق صورة متكاملة لفكرة هذا البعث، و ضمنها الكتب التي كتبها في سجنه، و في فترة ما بعد السجن.. فمن يكون (القائد الملهم) الذي تحتاجه الجماعة حاجة ملحة لتحقيق هذا البعث الحتمي إذا لم يكن هو الصادق نفسه؟!
    إن كل الدلائل تشير الي أن الصادق يؤمن بحتمية قيادته للأمة كإيمانه بحتمية البعث الإسلامي الذي يبشر به، و الذي وضع تصورا لمبادئه، و وسائله، و ملابساته، في كتبه: 1- الصحوة 2- الدعوة 3- القوت 4- الرئاسة.. ـ

                  

02-26-2003, 05:22 AM

Omer Abdalla
<aOmer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-03-2003
مجموع المشاركات: 3083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصادق المهدي!! والقيادة الملهمة!! والحق المقدس؟! (Re: Omer Abdalla)



    الصادق و فترة ما بعد أكتوبر 1964

    لقد قامت الطائفية بتصفية ثورة أكتوبر، و ذلك بإرهاب رئيس وزراء حكومة الهيئات، مما إضطره لتقديم إستقالته.. و قد لعبت طائفة الأنصار دورا كبيرا في عملية الإرهاب هذه إذ أستجلبت الآلاف من الأنصار لحصار العاصمة، و إشاعة جو من الرعب و التهديد بالعنف- و هذا هو الأسلوب المفضل عند الإنصار آنذاك معالجة القضايا السياسية- و بإستقالة رئيس وزراء حكومة الهيئات خلا الجو للطائفية، و تم لها ما أرادت، فآلت إليها مقاليد حكم البلاد.. و قد كان الصادق مشاركا في هذه الأحداث و عنصرا فعالا فيها.. و هو مسئول، مسئولية أساسية، عن التدهور، و سؤ الأحوال السياسية و الإقتصادية، الذي بلغ مداه من جراء حكم الطائفية في سنوات ما بعد ثورة أكتوبر. و قد كان الصادق من أكبر عوامل الإضطراب السياسي في تلك الفترة.. و نحن هنا سنتناول بعض الأحداث، و نتعرض لبعض الأزمات التي نشبت في تلك الفترة موضحين دور الصادق فيها..ـ


    حل الحزب الشيوعي

    لقد إستغل الصادق نفوذه الطائفي ليصل الي زعامة حزب الأمة، ثم لرئاسة الوزارة، رغم حداثة سنه.. و عندما تآمرت الأحزاب السلفية و الطائفية، و حلت الحزب الشيوعي، بعد أن عدلت لذلك الدستور القائم آنذاك، كان الصادق من الذين وقفوا خلف هذا الإجراء.. و لقد كان الشيوعيون آنذاك مصدر إزعاج لحكومات الطائفية، بما يقدمونه لها من نقد، خصوصا في المجال الإقتصادي مما جعل تلك الحكومات تضيق بهم، و تقوم بطرد نوابهم من الجمعية التأسيسية.. هذا مع العلم أنهم كانوا يمثلون الصفوة من المتعلمين، إذ أنهم فازوا في دوائر الخريجين.. و بهذا الإجراء قام الدليل العملي علي أن حكومات الطائفية لم تكن حكومات ديمقراطية، بحال من الأحوال..و عندما حكمت المحكمة العليا، بأن تعديل الدستور، و ما ترتب عليه من حرمان قطاع من المواطنين من حقهم الأساسي، في حرية الرأي، و حرية التنظيم عمل غير دستوري، إعتبر الصادق- الذي كان رئيس الوزراء آنذاك- إعتبر حكم المحكمة العليا حكما تقريريا.. فقد قال الصادق يومها، فيما نقلته جريدة الرأي العام في عددها بتاريخ 13/1/1967 ما يلي : (تحدث السيد الصادق المهدي، رئيس الوزارة، في الندوة السياسية التي نقلها التلفزيون، و الإذاعة، عن الأزمة الدستورية، و عن قرار المحكمة العليا، فأكد إحترام الحكومة للقضاء، في حدود إختصاصاته، و قال : إن الجمعية التأسيسية التي تملك الحق في وضع الدستور الدائم للبلاد تملك الحق أيضا في تعديل الدستور المؤقت، و أشار الي ان الحكومة غير ملزمة بأن تأخذ بالحكم القضائي الخاص بالقضية الدستورية، و لكنها ستسير في إجرآءتها التي إتخذتها، و هي تقديم إستئنافها الي محكمة الإستئناف العليا).. و بهذا القول حقر الصادق القضاء، و سلبه أهم مقوماته، و هو تنفيذ أحكامه.. و بذلك دلل علي أنه لا يتورع من إتخاذ أي أسلوب لمحاربة خصومه السياسيين.. و قد أدت قولة الصادق هذه الي خلق أزمة حادة بين الحكومة و القضاء.. ـ


    الصادق و الديمقراطية

    إن الطائفية، و الديمقراطية، لا يجتمعان، لأنهما نقيضان.. ففي حين أن الديمقراطية تقوم علي الحرية الفردية، فإن الطائفية تقوم علي الإنقياد الأعمي، و التسليم التام، لزعماء الطائفة.. و قد كان الصادق، و حزبه، و طائفته، يسوقون المواطنين البسطاء (بالإشارة) ليصوتوا للنواب المصدرين من المدن.. حيث فشلوا في الفوز في مناطق الوعي.. الي الدوائر الإقليمية.. ـ
    و العمل الذي قام به الصادق، و طائفته، من إخلاء لدائرة إنتخابية بإستقالة نائبها، ليتيح للصادق أن يترشح فيها، بعد أن بلغ السن القانونية.. فقد جاء في جريدة (السودان الجديد) الصادرة بتاريخ 7/2/1966 تحت عنوان (الصادق للجمعية التأسيسية) قولها:-
    (علمت "السودان الجديد" أن السيد بشري حامد عضو الجمعية التأسيسية عن الدائرة 62 كوستي سيتقدم اليوم بإستقالته من الجمعية.. و علمت السودان الجديد أن السيد بشري سيتخلي عن هذه الدائرة ليترشح فيها السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة وفقا لإتفاق سابق مع حزب الأمة).. و قد جاء في جريدة (العلم) الصادرة بتاريخ 17/3/1966 تحت عنوان (الصادق يفوز بالتزكية) قولها: (فاز السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة بالتزكية في دائرة كوستي 62، و التي قفل فيها الترشيح ظهر أمس.. و ربما أدي السيد الصادق القسم بالجمعية التأسيسية خلال الإسبوع القادم..) إنتهي.. ـ
    هذا العمل من أكبر أساليب تزييف الديمقراطية، و من أكبر أساليب إمتهان كرامة الناس، و إحتقار عقولهم، و هو إمتهان للنائب المستقيل، و إحتقار للناخبين، و ليس في ذلك أمر غريب علي الطائفية ذلك بأن الناس عند الطائفية إنما هم وسائل لزعمائها!! مجرد وسائل!! هذا و بسبب سعي الصادق الي فرض زعامته اختلف مع عمه الهادي، فإنقسم حزب الأمة علي نفسه، و بالمثل إنقسمت الطائفة و تحالف الصادق مع الأخوان المسلمين، و مع حزب سانو، تحت إسم: (مؤتمر القوي الجديدة).. و عندما جرت الإنتخابات الثانية بعد ثورة أكتوبر، سقط الصادق في دائرته الإنتخابية و فاز مرشح جناح الهادي. و بعد التجربة، و بعد أن تأكد للصادق أنه لا يستطيع أن يستمر في زعامته إذا فقد وزنه الطائفي، وعي الدرس و عاد الي عمه فتوحد حزب الأمة، و أعاد الصادق تلك الصورة الشائهة من صور التزييف، و التحايل علي الديمقراطية.. فقد تقرر إخلاء دائرة إنتخابية ليفوز فيها الصادق و قد نشر نبأ هذا القرار بجريدة الصحافة الصادرة بتاريخ 1 ديسمبر 1968 و هذا هو نصه.. (في نبأ لـ (و.أ.م) أن حزب الأمة قد إتخذ قرارا بأن يصبح السيد الصادق المهدي رئيس الحزب عضوا في الجمعية التأسيسية و أضافت الوكالة أن السيد حماد صالح أحمد نائب الدائرة 188 (العجايرة) قد تقرر أن يتقدم بإستقالته من الجمعية في الأسابيع المقبلة حتي يخلي دائرته للسيد الصادق).. ـ
    إن مثل هذا السلوك لا حاجة معه الي التدليل علي أن صاحبه طائفي، بل و من أسوأ أنواع الطائفية، و هو من أكبر الذين زيفوا الديمقراطية، و إنحرفوا بقيمها لتحقيق أغراضهم الشخصية، فبأي وجه من الوجوه يتحدث الصادق المهدي عن الديمقراطية بعد هذا الصنيع البشع؟؟ ـ
    و لقد شهدت تلك الفترة، بسبب طموح الصادق، و مطامعه في السلطة، العديد من الأزمات السياسية، حتي أنه لا تكاد صحيفة تخلو عناوين صفحاتها الأولي من الحديث عن تلك الأزمات، و بهذه الصورة التي وردت بجريدة الرأي العام الصادرة في يوم 9/7/1966 علي سبيل المثال: فقد جاء العنوان الرئيسي لتلك الجريدة هكذا : (الإسبوع القادم يشهد إستقالة المحجوب و تكوين حكومة الصادق) ثم تحت العنوان جاء (قرر المكتب السياسي لحزب الأمة أن يجتمع يوميا حتي تنتهي الأزمة التي لازمت الحزب لعدة أسابيع) .. و لقد إنتهت تلك الأزمة بإسقاط حكومة السيد محمد أحمد محجوب، و إنتخاب الصادق المهدي رئيسا للوزارة، و هو في سن الثلاثين، و كان هذا أول منصب يتولاه، إذا إستثنينا الأشهر التي قضاها بوزارة المالية قبل إنقلاب نوفمبر عام 1958.. و لقد تسبب في إسقاط حكومة محمد أحمد محجوب بعد شهر واحد تقريبا من دخوله الجمعية التأسيسية.. فلقد جاء في مضابط جلسات هذه الجمعية ما يأتي :ـ
    الدورة الأولي
    الجلسة رقم 85
    الخميس 23/6/1966
    أدي السيد الصادق المهدي القسم كنائب في البرلمان. ـ
    ثم جاء أيضا:- الدورة الأولي
    الجلسة رقم 103
    الأربعاء 27/7/1966
    انتخب السيد الصادق المهدي رئيسا للوزارة.. ـ

                  

02-27-2003, 06:10 AM

Omer Abdalla
<aOmer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-03-2003
مجموع المشاركات: 3083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصادق المهدي!! والقيادة الملهمة!! والحق المقدس؟! (Re: Omer Abdalla)


    التدهور الإقتصادي

    لقد شهدت فترة ما بعد أكتوبر أسوأ الأحوال الإقتصادية التي مرت علي البلاد.. فقد كانت الأزمات الإقتصادية متلاحقة، و عاني الشعب أسوأ أنواع الضائقات في معيشته، حتي إضطرت البلاد، في عهد حكم الصادق، أن تستورد الذرة من الخارج.. و قد نشرت جريدة الرأي العام بتاريخ 15/11/1966 نبأ إستيراد الذرة تحت عنوان:ـ
    (إجراءآت شديدة لتوفير الذرة.. إستيراد 300 ألف طن ذرة).. و معلوم أن الذرة هي الغذاء الرئيسي للبلاد، و ما عرف السودان بإنتاج محصول آخر، مثل ما عرف بإنتاجها، و علي الرغم من ذلك أضطرت البلاد، في ذلك العهد، الي إستيرادها من الخارج.. ـ


    الصادق و مهزلة محكمة الردة

    عندما دبرت الطائفية و الأحزاب السلفية، مهزلة محكمة الردة في 18/11/1968 لإسكات صوت الجمهوريين الذي أزعجهم، كان الصادق المهدي من الذين دبروا تلك المكيدة السياسية، و وقفوا الي جانبها.. فأسمعهه يقول في تأييده لها علي صفحات جريدة أنباء السودان العدد الصادر بتاريخ 29/11/1968 ما نصه: (علق السيد الصادق المهدي علي آراء الأستاذ محمود محمد طه الأخيرة بقوله: إن أفكار رئيس الحزب الجمهوري خارجة عن نطاق الدين و الشريعة الإسلامية و إن التفكك و الإنحراف الذي تعيشه بلادنا هو الذي سهل من قبل لدعاوي الكفر و الإلحاد أن تتفشي و إذا أردنا حقا القضاء علي الردة و الإلحاد فيجب أن نسعي جميعا لإقامة دولة الإسلام الصحيحة و أضاف السيد الصادق بأن الوضع الحالي كله خارج الشريعة الإسلامية و هذا ما مهد قبلا لإعلان مثل هذه الأفكار و الدعاوي الغريبة دون أن تجد من يردعها)، و الوضع الذي يصفه الصادق بأنه كله خارج الشريعة الإسلامية هو الوضع الذي حكم فيه الصادق كرئيس للوزراء، و ما يرمي إليه من إقامة لدولة الإسلام الصحيحة إنما هو ما كانت الطائفية تسعي إليه من إقامة دستور يلتحف قداسة الدين، و الدين منه براء.. و لقد قام الجمهوريون بكشف تضليل الطائفية، و قاموا بمقاومة الدستور الإسلامي المزيف، مما جعل الطائفية تقوم بتلك المحكمة الهزيلة حتي تتخلص من الجمهوريين الذين وقفوا حجر عثرة أمام تنفيذ مؤامرتها المبيتة. ـ
    و الصادق المهدي، عندما حكمت المحكمة العليا بعدم دستورية حل الحزب الشيوعي، و هي محكمة ذات إختصاص، وقف ضد حكمها ووصفه بأنه تقريري.. و هو الآن يؤيد حكم المحكمة الشرعية العليا و التي عملت خارج إختصاصها، و بإجراءآت جميعها خطأ!! فهو هكذا دائما يدور مع مصلحته الضيقة، ثم بعد ذلك يتبجح بالحديث عن الإسلام الذي هو أبعد الناس عن قيمه، و عن غاياته!! ـ


    التضليل بأسم التقدمية و بأسم الإسلام

    إن من أساليب الصادق في التضليل الحديث عن المظهر العصري لحزب الأمة.. و هو تضليل لا يجوز الا علي خفاف الأحلام.. فبعد أن أضطر الصادق الي الرجوع الي حظيرة عمه، جاء في بيان توحيد حزب الأمة- ذلك البيان الذي أعده الصادق و أعوانه، هذه العبارات المضللة المفضوحة، و هي منقولة عن جريدة الصحافة، عدد 13/4/1969 : (1- حزب الأمة حزب عصري، ديمقراطي، مفتوح لكل السودانيين، و يكون ملء المناصب القيادية فيه بالإنتخاب 2- بالنظر لزعامة الإمام الهادي المهدي في الحزب، و البلاد، فإنه هو المرشح الوحيد لحزب الأمة لرئاسة الجمهورية).. فهل هنالك تضليل، و استخفاف بأحلام الناس، أكثر من هذا؟! .. هل يمكن أن يكون حزب الأمة حزبا عصريا، ديمقراطيا، و هو الذي يسوق جماهير الأنصار بالإشارة في الإنتخابات، و يستجلبهم الي العاصمة مسلحين ليثيروا في شوارعها الرعب و يسيلوا الدم، و هو يضحي بهؤلاء الأبرياء المستغلين في سبيل زعامة زعمائه من (السادة).. و كيف يكون حزب الأمة عصريا و ديمقراطيا و هو الذي يقرر في بيانه ذاك، و يؤكد زعامة (الإمام) المطلقة للحزب و للبلاد؟! و هل منصب (الإمامة) عند الأنصار منصب يتم الإختيار له بالطرق الديمقراطية و ليس وقفا علي آل المهدي؟؟ إنه مجرد التضليل، و الإستخفاف، بأحلام الناس!! فالكل يعلم أن الهادي لم يتم أختياره لكفاءته السياسية، و الثقافية، أو لصدقه، و إخلاصه في خدمة الشعب.. و إنما اختير لأنه إبن المهدي (و إمام) طائفة الأنصار الذي بايعه الأتباع علي الطاعة العمياء، بعد وفاة أخيه (الإمام) السابق.. إن الهادي و الصادق ليس لهما وزن شخصي يميزهما، و يعطيهما المكانة التي نالاها.. و لولا وزنهما الطائفي لما نالا زعامة دينية و لا قيادة سياسية في هذه البلاد.. ـ

    التضليل بإسم الدين

    إن الطائفية تستغل الناس بإسم الدين لتحقيق أغراضها السياسية، و الإقتصادية.. و هذا هو سلاحها الأساسي.. و لم يكن الصادق المهدي بدعا من الطائفيين، كما حاول هو أن يوهم بعض المواطنين.. فهو يفكر بنفس العقلية التي لا تملك فكاكا من إستغلال الناس عن طريق الدين.. و هو إنما يسعي الي أن يكون وجها جديدا للطائفية، يمد في عمرها، و يضلل عن حقيقتها.. و هو تضليل لا يجوز إلا علي الذين لا يتعمقون الأشياء، و إنما يقفون مع ظواهر العبارات، و الشعارات.. ـ
    و من أمثلة تضليل الصادق بإسم الدين حديثه في الإحتفال بتوحيد حزب الأمة في يوم 12/4/1969 مـ و الذي تحدث فيه بعد الإمام الهادي قائلا..(إن هذا الجمع جاء إستجابة للنداءات لنصرة الإسلام و من أجل الإصلاح و التجديد و لمحاربة الفساد).. هكذا نسي الصادق، أو تناسي، أحاديثه عن محاربة الطائفية عندما كان في خلاف مع عمه.. و أنعكست الصورة، فأصبح جمع الأتباع هو عمل لنصرة الإسلام.. و أي أسلام هذا الذي يجعل السادة من زعماء الطائفية يسكنون القصور، و يعيشون في دعة و رخاء، علي حساب جماهير الطائفة المكدودين، الذين يعيشون حياة الضنك و الفقر المدقع؟؟ و أي فساد أكبر من هذا


    الدستور الإسلامي المزيف

    لقد كانت أكبر وسيلة للطائفية لفرض نفوذها، و تحقيق زعامة زعمائها علي البلاد بصورة نهائية، هي مؤامرة الدستور الإسلامي المزيف.. ذلك الدستور الذي سعت إليه الطائفية لتجمع السلطة الزمنية، الي جانب السلطة الدينية فتحكم قبضتها علي الشعب تماما و بصورة لا يملك معها فكاكا.. و لقد شارك الصادق في هذه المؤامرة بعد أن توحد حزب الأمة و عاد الي حظيرة عمه.. ـ
    و لقد كنا نحن، و لثقتنا في عناية الله، متأكدين من فشل المؤامرة، رغم ما بذلت الطائفية من جهد، و جمعت حولها من قوي.. و لقد جاء في مقدمة كتابنا: (لا إله إلا الله) للأستاذ محمود محمد طه، الذي صدرت الطبعة الأولي منه في يوم 25 مايو 1969، في هذا الصدد ما نصه: (ليس لهذه البلاد دستور غير الدستور الإسلامي و لكن يجب أن نكون واضحين فإن الدستور الإسلامي الذي يدعو له الدعاة الحاضرون- جبهة الميثاق و الطائفية، و أنصار السنة، و الفقهاء، ليس إسلاميا، و إنما هو جهالة تتستر بقداسة الإسلام، و ضرره علي البلاد محقق، و لكنهم مهزومون بعون الله، و بتوفيقه، و لن يبلغوا بهذه الجهالة طائلا).. و قد كان لنا ما أردنا، بعون الله و توفيقه، إذ قيض الله ثورة الخامس و العشرين من مايو 1969 التي قضت علي مؤامرة الدستور الإسلامي المزيف.. ـ

                  

02-27-2003, 06:27 AM

degna
<adegna
تاريخ التسجيل: 06-04-2002
مجموع المشاركات: 2981

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصادق المهدي!! والقيادة الملهمة!! والحق المقدس؟! (Re: Omer Abdalla)

    الاخ الاستاذ عمر المحترم

    واصل ونحن متابعون وهذا سفرا قيما للغاية

    دقنه السودانوي
                  

02-27-2003, 03:14 PM

baballa
<ababalla
تاريخ التسجيل: 05-13-2002
مجموع المشاركات: 151

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصادق المهدي!! والقيادة الملهمة!! والحق المقدس؟! (Re: Omer Abdalla)


    "و ما دلهم علي موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته* فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين"
    صدق الله العظيم
    منذ بيعة السقاي تلفني حيرة، هل هذا هو الشعب السوداني؟؟ الأ يعرف هؤلاء الناس السيد الصادق أم علي قلوب أقفالها؟؟!! أم تراهم جميعهم قد صنعوا صنما للسيد الصادق في أذهانهم ظلوا يعبدونه مثل عجل الحواريين!!
    و ما قدس المثل الأعلي و زينه في أعين الناس إلا أنه وهم
    فلو مشي فيهمو حيا لحطمه أناس بخبث و قالوا أنه صنم !!

    إن نشر هذا الكتاب الآن ليساهم بصورة كبيرة في إزالة الغبش عمن عسي يحتاجون لتوكيد عن أن السيد الصادق إن هو إلا مواطن عادي بقدرات عادية و لولا أنه السيد إبن السيد لكان قد تقاعد الآن من وزارة المالية ببيت متواضع في أم بدة أو القلعة علي أحسن الفروض و لكنه الآن يسكن القصور في الملازمين يأكل أفخر الطعام للحد الذي جعله يعترف لجريدة البيان بأن من حسناته "القرار العائلي الذي إتخذه ضد السمنة" أتراه إتخذ ذلك القرار بعد رحلة خاطفة للمويلح !! عجبت لهذا الإمام!! الذ يصطاف هو و أبناؤه للقيا صهرهم الترابي في جنيف و ليس في جلهاك !! و أتباعه المساكين في قري كردفان يبيتون علي الطوي - رأيتهم بأم عيني و "النصاري" يجلبون لهم الذرة و اللوبيا و هم يرددون في غبشات الفجر راتب الإمام المهدي " اللهم لا تجعل في قلوبنا ركونا لشييء من الدنيا" !! ماذا سيقول لجده الذي إشتهي يوما كبد الإبل فلما جيء بها له عافها و قال سبحان الله سولت لك نفسك أن أصبحت ملكا تشتهي خيرات الدنيا !! بل ماذا يقول للحبيب الأعظم الذي يقول ما آمن من بات شبعان و جاره جوعان و تقول السيدة عائشة يهل الهلال و الهلالان و الثلاثة و ليس في دارنا نار و ها هي السيدة المجاهدة حفية أو سارة لا يهم تحتفل بمحمد محمد خير و الحارث إدريس الحارث و تولم لهم للدرجة التي يخرج بها كمال حسن بخيت بنصف صفحة كاملة في "الرأي العام" عن وليمة دكتورة مريم و تغزل محمد محمد خير في سعاده أمام الإمام - هابي بيرث دي أيها الإمام- و قد قال محمد محمد خير نفسه في قاهرة المعز أيام بيعته لمولانا السيد محمد عثمان الميرغني- قصيدته - مولانا يجب ما قبله- و ما قبله هو الإمام !! الصادق و عبد الخالق و جزارو أمدرمان و عميري !! هل تراه تحلل من تلك البيعة أم أن موائد الملازمين أشهي و الصلاة في باحة المحجوب أقوم !!
    ماذا يقول الإمام لفلذات الذين دفنهم في يونيو 1976 و هو يذهب للعزاء في مصطفي نميري- ألوان- ماذا يقول لهذه الفلذات و هو "يحي" القادم من "كبكابية" ليلة ميلاد السيد المسيح ، و هو يقطع "التورتة" و يتمايل طربا مع إبراهيم عوض- خليهو الأيام بتوريهو- كما حدثنا السيد علي حمد إبراهيم في في "فكي من أكسفورد" ماذا علمته الأيام و هو يتمايل طربا و "التورتة" و في الصحيحيين "لا تتشبهوا بالنصاري"!! هل يعرف حفاة كردفان الذين حفظ عليهم الإمام روحهم الفدائية- يسألونك عن المهدية- هل يعرفون التورتة و هل تصنع التورتة من فتريت النصاري!! ماذا سيقول الإمام لو قال له الوهابية " من سمع المعازف تصب فب أذنيه الآنك" بماذا سيجيب علي السيد يوسف الكودة إن هو سأله عن "المعازف و القيان" و ماذا سيقول للسيد إسحق أحمد فضل الله- ألوان - و هو يكتب عن المعزف و القيات- نادي الشرطة بري- بل ماذا يقول للحرائر اللآئي قبر أبائهنفي يوليو 1976 هن لا يزلن يتشحن بالسواد و هو يرقص !! أم البرقص ما بغطي دقنو كما تقول العفوية السودانية السليقة-
    هو لا يزال في ولعه القديم بالنقاط و الثوابت كلما كثرت نقاطه، يتأكد في ذهنه أنه يقوي حججه ، و ما علم أن الشاهد القوي الواحد خير من ألف شاهد ضعيف- تذكرني مقولاته و نقاطه الجديدة- البيان الأمارتية- بما كتب عنه أحدهم من قبل بأن السيد الصادق بإعتماده علي جعل كل شيء في نقاط يذكره بفقهاء البلاط السلطاني في تركيا أبام الدولة العثمانية ، كانوا يفتون لكل حالة بعدد من النقاط ، كانت وقتها تطلق المدفعية الطلقات عند دخول السلطان للبلاط و حدث أن هطلت أمطار و أبتل البارود فلم تطلق المدفعية ذات صباح فأنزعج الفقهاء و أجتمعوزا علي عجل ثم أصدروا فتواهم "يجوز عدم إطلاق المدفع لتحية السلطان لتسع و ثلاثين سببا منها أن يكون البارود مبتلا" -
    لقد عاد سيف المحجوب الخشبي- الجمعية التأسيسية- لذات نقاطه القديمة و أوابد كلمه- السيد أحمد المهدي- و بعض جريرياته- تذكرت القربي ففاضت دموعها - و الزراعة في السقاي- جريدة البيان- رغم إعتراض المعترضين- و لعبة البولو و لكن هل كل ذلك " يخلق إماما"

    (عدل بواسطة baballa on 02-27-2003, 03:20 PM)
    (عدل بواسطة baballa on 02-27-2003, 04:47 PM)
    (عدل بواسطة baballa on 02-27-2003, 07:05 PM)

                  

02-28-2003, 04:42 AM

Omer Abdalla
<aOmer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-03-2003
مجموع المشاركات: 3083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصادق المهدي!! والقيادة الملهمة!! والحق المقدس؟! (Re: Omer Abdalla)


    أخي الكريم دقنة السودانوى
    لك الشكر والتحية ويسعدني أنك تتابع ما ينشر كما عهدتك ثم يسعدني أيضا تغييرك لإسمك الحركي من دقنة البجاوى لدقنة السودانوى فهو أشمل وأوسع وثق بأنه لو لم يكن أحد غيرك يتابع ما أكتبه لكفاني ذلك
    الأخ العزيز باب الله شكرا على المداخلة القيمة والتي أكدت بأن السيد الصادق لم يتغير فما كتب عنه منذ نيف وعشرين عاما لا يزال ينطبق عليه وبحذافيره

    فهم في السرى لم يبرحوا من مكانهم وما ظعنوا في السير عنه وقد كلوا

    فإلي بقية أجزاء الكتاب
    عمر





    الصادق و فترة مابعد مايو 1969

    للصادق المهدي غاية واحدة ثابتة، هي تحقيق زعامته.. أما الأساليب، و أما الوسائل، لتحقيق هذه الغاية فهي كثيرة، و متنوعة، لا يحدها حد، و لا يضبطها ضابط.. فتحقيق الغاية هو المعيار الوحيد الذي يحدد الأساليب و الوسائل.. ـ
    و لقد أدي قيام ثورة الخامس و العشرين من مايو 1969 الي إحباط مؤامرة الطائفية الكبري، تلك المؤامرة لإغتيال حرية الشعب، و ذلك بإجازة دستور يلتحف قداسة الدين، وهو ليس من الدين في شييء.. و بعد قيام ثورة (مايو) لم تقف محاولات الطائفية لإستعادة نفوذها، و فرض سيطرة زعمائها.. فقد سعت بكل السبل الي تحقيق ذلك الغرض، فأعدت السلاح، و جندت الأتباع، للقيام بمواجهة مسلحة ضد النظام، مما أدي الي أحداث الجزيرة أبا عام 1970.. و لما فشلت تلك المحاولة إتجهت الطائفية، و أعوانها، من جماعة الأخوان المسلمين في أحداث شعبان الي محاولة إثارة الشارع، و تحريك التجمعات الفئوية، لإحداث ثورة شعبية كما توهموا، و لقد تم إحباط تلك المحاولة، بفضل الله، ثم بفضل الوعي الشعبي.. و لما فشلت جميع هذه المحاولات إتجهت الطائفية و أعوانها الي الجيش في محاولة للقيام بإنقلابات عسكرية و قد كان الصادق كزعيم (للجبهة الوطنية) وراء جميع هذه المحاولات. ـ



    أحداث يوليو 1976

    بعد أن فشلت محاولة إنقلاب الخامس من سبتمبر المشئوم، دبر الصادق و أعوانه أحداث الثاني من يوليو 1976 تلك الأحداث الدامية التي تعرضت فيها البلاد للغزو من الخارج، و بصورة بربرية لا تميز بين العسكريين، و المدنيين، مما أشاع الفوضي، و الذعر، و عرض أرواح المواطنين الوادعين للضياع، لا فرق بين الرجال، و النساء، و الأطفال.. ـ
    و كان الإعداد لعملية الغزو قد تم قبل فترة من القيام بالتنفيذ و لقد صرفت علي عملية الغزو مبالغ هائلة، و لقد ورد، عن تكلفة عملية الغزو هذه، و عن الإستعداد لها، في حديث الرئيس نميري الذي نشرته جريدة الصحافة في عدد خمسة يوليو 1976 ما يلي (تحدث الرئيس القائد عن الغزو الأجنبي الرجعي قائلا إن هذه الحملة قدرت تكلفتها بما لا يقل عن 50 مليونا من الجنيهات و أنها استنفدت وقتا و جهدا كبيرين و أن المتآمرين يعرفون كل شييء عن العمل العسكري) و قد تم تدريب المضللين من الأنصار و المرتزقة علي إستعمال أحدث الأسلحة، و كان الصادق يشرف بنفسه علي سير عمليات التدريب، كما اعترف بعض المعتقلين بعد فشل المحاولة.. فقد جاء في جريدة الصحافة عدد الأربعاء 7 يوليو 1976 تحت عنوان (وثائق هامة تكشف أبعاد المؤامرة) ما نصه (و من جهة أخري فقد أدلي بعض المتهمين الذين أعتقلوا بإعترافات هامة كشفوا فيها أن تدريبهم العملي علي حمل السلاح و استعماله تم في ليبيا و أنهم قد سلحوا بكل أنواع الأسلحة التي دخلوا بها البلاد من السلطات الليبية.. و ذكروا أن الصادق المهدي و حسين الشريف الهندي كانوا يزورونهم في معسكرات تدريبهم.. و أنهم قسموا الي مجموعات عسكرية (سرايا و فصائل) سميت بأسماء غزوات إسلامية، و أسماء محلية مثل كرري، و ودنوباوي، و أبا، و شيكان) .. و قد ورد في حديث الرئيس نميري الذي ألقاه أمام المؤتمر الأفريقي بموريشس و الذي نشر بالصحافة عدد 7 يوليو 1976، عن الأسلحة التي إستعملتها قوات الغزو قوله: (و لقد بدأت قوات الغزو تباشر اولي مهامها بإطلاق نيران كثيفة إستهدفت شخصي و الوفد المرافق لي و جميع كبار المسئولين السياسيين و التنفيذيين الذين كانوا في استقبالي. و بتدخل من عناية الله وحده فشلت قوات الغزو الأجنبي في تنفيذ اولي مهامها إلا أنها انتشرت بعد ذلك و باعداد تقدر في مجموعها بألفي شخص علي الأقل : و قد بدا واضحا منذ اللحظة الأولي أن تلك القوات قد جري تدريبها علي مستوي عال، كما أن السلاح الحديث و المتطور للغاية الذي استخدمته لا يتوافر للقوات السودانية و لا لأغلبية الدول الأفريقية الفقيرة).. و قد استعملت هذه الأسلحة الفتاكة حتي ضد المواطنين المدنيين الأبرياء، في الشوارع، و الأحياء.. و عن ذلك جاء في خطاب نميري المشار إليه في الفقرة السابقة قوله: (و في أثناء الليل، بدأت قوات من خارج العاصمة تصل إليها حيث شاركت في النضال لحظة وصولها و في صباح اليوم التالي إنتشرت قوات الغزو الأجنبي في العاصمة و تسللت الي الأحياء السكنية و دور العبادة و المستشفيات و المدارس، و تسببت في احداث خسائر كبيرة في أرواح المواطنين الأبرياء و الذين ما زالت جثث الكثيرين منهم متفحمة داخل العربات و مثقوبة بالرصاص داخل المنازل أو مذبوحة من الشريان الي الشريان داخل غرف النوم..
    إن غالبية القتلي الذين تم حصرهم حتي الآن وسط المدنيين هم من الأطفال و النساء و المسنين. كما أن الإقتحام البشع للمستشفيات أدي إلي إصابات قاتلة لعشرات المرضي، رغم حرص قوات الأمن علي عدم مطاردة فلول قوات الغزو الأجنبي داخلها حرصا علي حياة شاغليها..
    و يكفي ان أشير هنا الي ان قائد السلاح الطبي و هو طبيب برتبة لواء قد لقي مصرعه و هو يؤدي واجبه داخل المستشفي العسكري) إنتهي.. و يكفي، لكي ندلل علي بشاعة تلك الأحداث أن نورد نموذجا واحدا مما أورده كتيب لجنة الإعلام و التوجيه في الإتحاد الإشتراكي، و الذي سمته (الغزو الرجعي- الليبي للسودان) فقد ورد في صفحة 46 منه : (و قد كانت أبشع تلك الصور المجزرة الدموية التي قام بها أحد المرتزقة داخل جراج حصد فيها أرواح 16 مواطنا بريئا أعزل، هذا السفاح، و اسمه بحر، و لا يتجاوز عمره السادسة عشرة ذهب الي اثيوبيا عام 1972). ـ


    الصادق يعترف بتدبير الغزو

    لقد أوردنا صورة موجزة لحجم الغزو الذي تم في 2 يوليو 1976 و التخطيط له، و تقدير تكلفته، و الأحداث الدموية المرعبة التي تمت فيه.. و هي صورة منقولة من الصحافة السودانية فيما كتبته، بعيد عملية الغزو، من أحاديث المسئولين، و اعترافات بعض المعتقلين من الغزاة، و مدبري التآمر.. و قد شهد المواطنون بأعينهم جثث القتلي في الشوارع، و داخل المباني، و العربات.. كما نقلت الصحافة للمواطنين الأحداث مدعمة بالصور الفتوغرافية.. ـ
    و قد إعترف الصادق المهدي بأنه وراء أحداث 2 يوليو، و عن هذا الإعتراف جاء في الصفحة الأولي من جريدة الصحافة عدد السبت 10 يوليو ما يلي..(إعترف الصادق المهدي بجريمة الغزو الرجعي الليبي الذي تعرضت له بلادنا صباح الثاني من يوليو.. فقد أصدر الصادق بيانا بثته إذاعة طرابلس المسماة (إذاعة الثورة الشعبية) مساء أول أمس جاء فيه أن الحركة الأخيرة في السودان هي حلقة من غرس (الثورة) التي قال أنها لن تهدأ إلا إذا حققت أهدافها.. ـ

    و قال الصادق المهدي في بيانه أن الجبهة الوطنية التي يتزعمها تكونت منذ سبع سنوات لمقاومة ثورة مايو بالعنف، و نظمت عددا من حركات المقاومة، و كادت كوادرها العسكرية في 2 يوليو 1976 أن تقتلع النظام المايوي لإقامة نظام (إشتراكي) مبرأ من الإلحاد) إنتهي
    و قد جاء في إعترافات قائد عملية الغزو محمد نور سعد ما نشرته جريدة الصحافة في عدد السبت 31 يوليو قولها: (قال العميل محمد نور سعد في إعترافاته التي تلاها شاهد الإتهام الأول في محكمة أمن الدولة بالخرطوم بحري، صباح أمس أنه كان ينوي إذاعة بيان صباح الجمعة قام بكتابته الصادق المهدي بإسم الجبهة الوطنية).. و قال أن البيان قد إشتمل إعلان بقيام مجلس رئاسي يتكون من:ـ
    الصادق المهدي
    حسن الترابي
    رئيس الحزب الوطني الإتحادي
    و ممثلين بالأقاليم
    و أضاف أنه كان سيقوم بأعباء الحكم لحين وصول قيادات (الجبهة الوطنية).. ـ
    و الآن فإن الصادق لا ينكر قيامه بتلك الأحداث، فقد جاء في صحيفة القبس الكويتية العدد 1905 بتاريخ الأربعاء 7/9/1977 في المقابلة التي أجرتها الصحيفة مع الصادق ما يلي:
    سؤال الصحيفة: (اسمح لي العودة قليلا للوراء لتناول موضوع اتهامكم بالعمل مع ليبيا في انقلاب يوليو 1976(ضد النميري) ـ
    إجابة الصادق (الحقيقة أنه منذ عقد ميثاق طرابلس 1970 صار هنالك تداخل في اتجاهات و سياسات السودان و ليبيا و مصر، و هذا أدي الي تدخل ليبيا مثلا في الإجراءآت التي أدت الي القضاء علي إنقلاب يوليو 1971 فكانت ليبيا في ذلك الوقت تأخذ منا موقفا عدائيا ثم نشأت بين ليبيا و حكومة السودان خلافات. و بعد ذلك تم الحوار بيننا و بين قادة الثورة الليبية خلصنا فيه الي ان بيننا الكثير من وجهات النظر العربية و الإسلامية و نشأ إذاك تعاون بيننا و بين دول عربية أخري. و نحن بإمكاناتنا و قدراتنا التي حصلنا عليها من جميع هذه الجهات الشقيقة قمنا بمحاولة الثاني من يوليو..) ـ
    و الأمر الذي يهمنا في هذا المقام أن الصادق يعترف بتدبير تلك الأحداث البشعة، التي استعان فيها بالمضللين من الأنصار البسطاء، الذين استدرجوا بإسم الدين.. و استعان فيها بالمرتزقة الأجانب، و بالمال و السلاح الأجنبي: و ذلك لغزو السودان، و لتقتيل ذلك العدد من المواطنين الذي قتل، و إشاعة الرعب بين المواطنين الآمنين.. و السؤال الذي يجب أن يواجه الصادق الآن: لماذا قام بهذه الأعمال البربرية، و الأحداث الدموية؟ هل هي فقط لإزالة نظام (مايو) الذي يتصالح معه الآن؟! و الذي قال عنه لجريدة القبس الكويتية العدد1905: (أنه يوافقه علي نظام الحزب الواحد و ذلك بقوله " أما الآن فموضوع عدم الرغبة في التفرق الحزبي و الحرص علي إيجاد وعاء قومي ديمقراطي لتوجيه الإرادة السياسية هو محل إتفاق كل الأطراف").. و قال عن النقاط التي يوافق فيها نظام مايو: (ثانيا: لم يعد هنالك خلاف حول ضرورة أن تكون التنمية و النظام الإقتصادي علي أساس إشتراكي. ـ
    ثالثا: لم يعد هنالك خلاف علي أن يكون التشريع في البلاد إسلاميا مع مراعاة حقوق الأقليات الدينية خاصة في جنوب السودان.. ـ
    رابعا: المعارضة متفقة أساسا علي نظام رئاسي جمهوري في الحكم و هو أمر ليس محل خلاف الآن.. ـ
    خامسا: لم يعد أحد يطالب بأن تكون القوات المسلحة كما هي، في النظم اللبرالية بعيدة عن المسيرة السياسية فميثاق الجبهة الوطنية ينص علي أهمية المشاركة السياسية للقوات المسلحة دون أن يؤثر ذلك علي الإنضباط اللازم لكينونتها.. ـ
    سادسا: هناك إتفاق علي أهمية الحكم الذاتي الإقليمي لجنوب السودان و جوهر هذا المفهوم قد إتفقت عليه كل الأحزاب السياسية قبل إتفاقية (أديس أبابا) و ذلك في ديسمبر 1966..
    ثم هو يوافق نظام (مايو) علي التنمية التي قام بها و يقول: (فمن حسنات النظام الحالي في السودان التنبه بأهمية التنمية و التعريف بالإمكانيات السودانية و الدخول في مشروعات معينة مثل غزل بورتسودان و حاج عبد الله و نسيج شندي..) و يذهب ليعدد كل مشاريع التنمية تقريبا و يذكر بعض المشاكل التي واجهتها.. فإذا كان الصادق يوافق نظام (مايو) علي كل ذلك، و هي أشياء في جملتها، قام بها النظام قبل الغزو الأجنبي، و قبل المصالحة الوطنية بالطبع، ففي سبيل ماذا قتل الصادق من قتل أثناء الغزو الأجنبي الذي قام به؟! إن لم تكن في سبيل فرض زعامته الطائفية؟! ثم هل ينتظر من زعيم يسير الي السلطة علي جثث مواطنيه، و يخوض لها دم أبناء وطنه من المدنيين و العسكريين و الأنصار، هل ينتظر من هذا الزعيم أي خير لبلاده و شعبه؟! و هل هنالك عار يمكن أن يلحق بزعامة سياسية أكبر من هذا العار؟! ـ
    إن الأمر الذي لا ريب فيه أن الأرواح التي أزهقت، و الدماء التي أريقت، لن تذهب هدرا.. و أن كل من أزهق نفسا، أو أراق دما، ستظل لعنة هذا الدم تطارده، أبد الدهر، و لن ينجو من الجزاء فإنه وارد أن: (من قتل نفسا بغير نفس، أو فساد في الأرض، فكأنما قتل الناس جميعا..).. ـ
    و الآن و بعد هذه التجربة الطويلة مع الصادق في سعيه المتصل لفرض نفوذ طائفته، و فرض زعامته بشتي الوسائل و الأساليب، و بعد أن دفعت بلادنا ما دفعت من مقدراتها، و من الضحايا الأبرياء من أبنائها، الذين تخضبت بدمائهم الأرض، في سبيل زعامة الصادق، فإنه لا عذر، بعد كل أؤلئك، لأي مواطن أن يثق في الصادق، و أن يعتقد أنه قد تخلي عن طموحه، و عن سعيه الحثيث لفرض زعامته بأي إسلوب- فإن من يعتقد ذلك لا يعدو أن يكون مواطنا غافلا لا يتعلم من الأحداث.. بل أن الأمر الواضح، و المؤكد، أن طموح الصادق قد إزداد، و أن شعوره بأحقيته لزعامة هذا البلد، دون منازع، قد تأكد عنده، خصوصا و أن الصادق، في كتاباته الأخيرة، أخذ يبشر ببعث ديني مرتقب، وهو بعث، في نظره، حتمي الوقوع، و به يتم إحياء المهدية من جديد، و هذا ما ستكشف عنه أبواب الكتاب التاليةـ

    (عدل بواسطة Omer Abdalla on 02-28-2003, 04:54 AM)

                  

03-01-2003, 00:06 AM

baballa
<ababalla
تاريخ التسجيل: 05-13-2002
مجموع المشاركات: 151

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصادق المهدي!! والقيادة الملهمة!! والحق المقدس؟! (Re: Omer Abdalla)


    يبدو أن جبارة السيد الصادق قد إنفكت لحد ما و لكن ليس للحد المرضي، و واضح إنو مضي زمن العصا الغليظة- أحداث مارس 1953- سراي الحاكم العام- أحداث المولد و أحداث جريدة الصراحة- عبد الله رجب- فها هو السيد د. عبد اللطيف البوني يكتب مقالا قويافي نقد السيد الصادق
    الرأي العام
    align=right]
    تقول الطرفة ان احدهم كان صعب المراس قليل المسامحة تم تنصيبه عمدة للبلد خلفاً لوالده الذي كان يسوس الناس بلين الجانب وتحمل الاذى فأصبح كلما يأتيه صاحب مظلمة أو حاجة ويغلظ عليه القول قد يصل احياناً مرحلة الشتيمة يهم بالرد عليه فيقول له من حوله انك قد اصبحت عمدة ويجب ان تتحمل وتصفح، وعندما كثرت عليه الشتائم وضاق صدره صرخ في قومه قائلاً :«ها ناس ملعون ابو عموديتكم الدايرة تعملني مرة» أي حولته من رجل الى امرأة لا يستطيع حتى رد الاهانة.

    طافت هذه الطرفة بخاطري وانا اشاهد السيد الصادق امام الانصار الجديد من على شاشة برنامج «في الواجهة» وهو يرد بغلظة على ابن عمه مبارك الفاضل وكأني بالصادق أراد ان يبدأ من حيث انتهى ذلك الرجل ويقول ان الامامة لن تغير من سلوكه وتجعله يتسامح مع الغير خاصة بني جلدته، وفي تقديري ان ذلك البرنامج كان خصماً على السيد الصادق إذ لم يصبر على النقد أو ينتقد بمثلما انتقد به بل تجاوز ذلك وهبط الى مرحلة لا تشبه حتى الصادق القديم ناهيك عن الصادق الامام. ـ
    مازلت اذكر كيف ابتدر الصادق حكمه عام 1966م عندما انتصر على عمه الهادي وقدم خطاب حكومته بابيات المقنع الكندي التي يقول فيها : ـ

    إن الذي بيني وبين بني عمي لمختلف جداً


    إن أكلوا لحمي وفرت لحومهم وان هدموا مجدي بنيت لهم مجداً

    لا أحمل الحقد القديم علىهمو فليس سيد القوم من يحمل الحقدا

    فكنت اظن ان السيد الصادق بعد ان هجمت عليه الامامة من الجماهير ان يسعى الى لم شتات الانصار ويبسط يده لمن أذاه ففي المناسبة فرصة لابتداء سياسة جديدة .. ولكنه للأسف ظهر يومها وفي ذلك البرنامج بمظهر القابل للاستفزاز والساعي للتصعيد فمبارك المهدي الذي ظهر معه في البرنامج رغم اختلافه مع الصادق إلا انه كان منضبط اللسان وكان مكرماً للمشاهدين وكان يذكر الصادق بالاسم بعد ان يقدم عليه كلمة الاخ، اما الصادق فلم يذكر المبارك بالاسم بل كان يشير الىه بعبارات مثل «اخونا بتاع سوبا» بل واهدانا قصة عن مبارك تقول انه في نزاع مع شقيقاته حول ارث منزل استمر لمدة 32 سنة وان مبارك استخدم نفوذه الحالى في عدم انهاء النزاع وصعده الى المحكمة العليا، فمثل هذا التشنيع لا يقال على الهواء ولكل اهل السودان، ثم ثانياً وخلال هذه الثلاثين سنة ومبارك يقف في المحكمة في مواجهة شقيقاته كان ذات المبارك الساعد الايمن للسيد الصادق وكان اقرب الناس اليه فلماذا لم ينهي الصادق ذلك النزاع أو يبعد مبارك عنه على اساس ان من لم يكرم شقيقاته لن يكرم الآخرين. ـ

    كان هذا من حيث الشكل، اما من حيث المحتوى فمازال السيد الصادق عند رأيه ان رسالة الانصار هي مقاومة الشمولية كما فعل الامام الصديق مع عبود وفعل الهادي مع النميري وفعل هو مع النميري والبشير علماً بان السيد عبد الرحمن كان أول من اصدر بياناً مؤيداً لعبود وان السيد الصديق هادن عبود لفترة وبعده كان الهادي مهادناً لعبود حتى الصادق نفسه صالح النميري في فترة من الفترات في أحد المنحنيات وكاد ان يركب مركب البشير، ثم ثانياً ان ما ينطبق على قيادة الانصار لا ينطبق على قاعدتهم ولا اظن ان الانصاري العادي الذي يبدأ يومه براتب المهدي ولم ير ام درمان حتى الآن مهموم بقضايا الديمقراطية والشمولية. نعم لقد نشأ كيان الانصار مقاتلاً عند المهدي الكبير وخليفته فاشعل الثورة واقام الدولة ولكن عند السيد عبد الرحمن تحول الى داعم للادارة الاستعمارية وهذا لا ينقص من دور السيد عبد الرحمن كأب شرعي لاستقلال السودان، نعم لقد كان الانصار رهن اشارة قيادتهم وتم تسخيرهم لتحقيق اهداف سياسية مثلما حدث في احداث مارس 1953م واحداث المولد 1961م وفي انهاء حكومة جبهة الهيئات 1965م وفي الجزيرة ابا 1970م وحركة محمد نور سعد 1976م ولكن لم يستطع السيد الصادق حملهم على حمل السلاح في مواجهة الانقاذ فهذا يعني ان تغييراً قد حدث وان الرابطة الانصارية محتاجة لاهداف جديدة ووسائل جديدة كما ذكرت في مقال لي في هذا المكان يوم الخميس الماضي 26 ديسمبر 2002م. كنت وما زلت أعتقد ان السيد الصادق هو الاقدر على قيادة ذلك الكيان ويدخل به المرحلة الثالثة وهي مرحلة البناء والعمران وليس الاستهلاك والاستغلال السياسي وقد بدأ الصادق باعطاء الامامة بعداً ديمقراطياً وشعبياً وبالتالى علىه ان يحدد اهدافاً واضحة لذلك الكيان، فان كان السيد عبد الرحمن فجّر طاقات الانصار لبناء المشاريع الزراعية والسكة الحديد وسد الجاسر فلىفجر الصادق ذات الطاقات لبناء مناطق الانصار التي هجرها العمران وساعتها سيدعمون الصادق سياسياً وسيكون المستفيد هو الوطن الكبير لأن الصادق كما ذكرت من قبل هو خط دفاع أساسي عن هذا الوطن واخشى ما اخشاه ان نسقط في مستنقع «أخونا بتاع سوبا» و«أخونا بتاع السقاي» و«أخونا بتاع زمان». ـ
    الرأي العام 31 ديسمبر

    (عدل بواسطة baballa on 03-02-2003, 02:13 AM)

                  

03-01-2003, 12:34 PM

omdurmani

تاريخ التسجيل: 06-22-2002
مجموع المشاركات: 1245

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصادق المهدي!! والقيادة الملهمة!! والحق المقدس؟! (Re: Omer Abdalla)

    اخوى عمر مرحب
    انت مركز شديد علي الصادق المهدى لماذا
                  

03-02-2003, 01:50 AM

Omer Abdalla
<aOmer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-03-2003
مجموع المشاركات: 3083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصادق المهدي!! والقيادة الملهمة!! والحق المقدس؟! (Re: omdurmani)


    أخي الكريم أمدرماني
    دافعي للكتابة أو قل لإعادة نشر الكتابة عن السيد الصادق المهدى هو أن هنالك قاعدة كبيرة مازالت مضللة عن حقيقة السيد الصادق وأرى إن من واجبي تمليك القدر الذي أعرفه عن أفكار وممارسات السيد الصادق لأفراد هذا المنبر حتي يقوموا بواجب نشر الوعي في من حولهم ثم إن السيد الصادق شخصية عامة متصدية لقيادة دفة الحكم في بلدنا المنكوب رغم الفشل المتكرر وهو لا يزال يسعى لتكريس السلطات الدينية والسياسية في يده ولذا لزم التنبيه

    والآن فلنواصل من حيث وقفنا

    عمر



    الصادق و البعث الإسلامي

    لقد خرج السيد الصادق من فترة معتقله، و ما بعدها، برأي محدد عن بعث إسلامي مرتقب، و هو بعث، في نظره، حتمي الوقوع، و هو فيما كتب من كتب، يضع معالم هذا البعث، و يضع وسائل تحقيقه.. ففي كتابه (يسألونك عن المهدية) يتحدث الصادق عن هذا البعث، و عن حتميته فيقول في صفحة 9 من الكتاب: (و إذا تلفتنا الي واقع حياتنا لوجدنا أدلة عقلية تشير الي حتمية بعث الإسلام بعثا جديدا).. و يقول في صفحة 15: (و الخلاصة هي أن ظروف العالم العربي تشير الي حتمية بعث إسلامي).. ـ
    و هذا البعث يستدل الصادق عليه، و علي حتميته، بالأدلة العقلية، التي تنطلق من منطلق الواقع الذي يحتاج الي التغيير.. و هو يستدل عليه أيضا بالقرآن.. فهو بعث حتمي، في نظره، سواء نظرنا إليه من الزاوية العقلية، أو الزاوية الدينية.. فأسمعه يقول في صفحة 245 من نفس الكتاب: (إن تيارات البعث الإجتماعي الروحي و الوعي الإجتماعي الإنساني تشير الي إتجاه بعث إسلامي).. و في صفحة 248 يقول: (إذن، سواء نظرنا من ناحية نظرية عامة، أو إستعرضنا وجودا واقعيا محددا، سنجد أن كل المؤشرات تعلن حتمية البعث الإسلامي.. و كان بإمكاننا أن نستدل علي حتمية ذلك البعث عن طريق داخلي أي من نصوص القرآن و نورد قوله تعالي : (و لقد كتبنا في الزبور، من بعد الذكر، ان الأرض يرثها عبادي الصالحون).. و إذا ربطنا هذا الحديث بما ذكرناه عن موضوع (القيادة الملهمة) عند الصادق، و بموضوع بعث المهدية، و هو ما سنتحدث عنه بعد قليل، يتضح لنا أن أمر البعث الديني الذي يتحدث عنه الصادق مرتبط بشخصه، ثم إذا نحن نظرنا الي أساليب الصادق في تحقيق أغراضه، يتضح لنا مدي الخطر الذي يمكن أن تتعرض له البلاد بسبب طموح الصادق، و بسبب وجود مثل هذه الأفكار في ذهنه.. ـ



    المهدية

    لقد أفرد السيد الصادق كتابا تحدث فيه عن المهدية أسماه: (يسألونك عن المهدية).. و قد تحدث في صدر الكتاب عن إختلاف المسلمين منذ عهد سيدنا أبي بكر- أسبابه و كيفيته.. و تحدث عن الفرق الإسلامية المختلفة، ثم تناول الحديث عن المهدية في الإسلام، مبينا أصول فكرة المهدية، و تاريخها، و مواقف بعض الفرق الإسلامية منها، كالشيعة، و المتصوفة.. ثم تحدث عن بعض من أدعوا المهدية.. ثم خلص الي الحديث عن المهدية في السودان.. و هو موضوع الكتاب الأساسي، فأرخ لها من الجوانب المختلفة، و حاول أن يدلل علي أن محمد أحمد هو المهدي، و أفرد فصلا لما أسماه شبهات حول المهدية، حاول فيه الرد علي النقد الذي وجه للمهدية، موردا بعضه و متغاضيا عن البعض الآخر.. ثم إتجه الي الحديث عن آثار المهدية، و عن الأنصار : (الباقون علي الإيمان بها).. و كان آخر أبواب الكتاب هو موضوع البعث الإسلامي، الذي هو خلاصة الكتاب ، والغرض الأساسي من وضعه.. ـ
    فالصادق لم يكتب عن المهدية كمؤرخ، يتفق الناس، أو يختلفون، مع تقويمه لها.. و إنما كتب كداعية تغيير، داعية بعث إسلامي جديد، هو، في حد ذاته بعث للمهدية.. و هو يري أن التغيير الصحيح لا يتم الا بعد الإلمام بخلفية المجتمعات المراد إنهاضها.. و في نظره أن خلفية مجتمعنا السوداني التي ينبغي أن يعني بدراستها القائد، و المفكر الذي يخطط لمستقبل شعبه، هي المهدية.. و لهذا كتب الصادق كتابه.. فهو يري أن: (الذين يزرعون دون معرفة المناخ و تحليل التربة و إحصاء مقوماتها إنما يعبثون).. ـ
    و الآن فلنستمع إليه يتحدث عن كتابه في صفحة 18 منه فيقول : (أما الكتاب الحالي فإنه مع حرصه علي الموضوعية مكتوب عن الدعوة المهدية من ناحية الإعتقاد و الفكر وحدهما، و من داخل الدعوة.. و هذا المؤلف و غيره مما ذكرنا آنفا ذو أهمية بالغة لأننا مهما شغلنا أنفسنا بحركات التقدم الإجتماعي لن نخبر أمرها إلا إذا تيسر لنا الإلمام بخلفية المجتمعات المراد إنهاضها. إن كثيرا من القادة و المفكرين يخططون لمستقبل شعوبهم إستنادا الي تحليلات مستمدة عن أحوال مجتمعات غريبة عنها تماما، إذا لم نحلل واقعنا ونلم بماهية وحداته الإجتماعية التليدة و الطارفة فكيف نطمع أن نخطط لتحرك إجتماعي ناجح؟؟ إن الذين يزرعون دون معرفة المناخ و تحليل التربة و إحصاء مقوماتها إنما يعبثون). ـ
    إذن فإن غرض الكتاب لم يكن مجرد دراسة تاريخ المهدية و إنما هو دراسة الخلفية بغرض الإعداد للمهدية الجديدة.. ـ


    المهدية لم تمت!!

    و الصادق يري أنه علي الرغم من هزيمة دولة المهدية عسكريا، و علي الرغم من محاولات الحكم الثنائي في القضاء عليها، إلا أنها لم تمت.. بل ظلت حية في قلوب الأنصار.. فلنستمع إليه يتحدث عن ذلك في صفحة 113: (و بأنها خلافا لكل الدعوات المهدية الأخري عندما دالت دولتها و هزمت عسكريا لم تدفن مع أجداث الشهداء بل تحصنت في قلوب الجرحي و الأسري و الشيوخ و النساء و الأطفال و بقيت حية.. و بالرغم من أن الغزاة وجهوا ضدها حربا نفسية هدفها تدمير الدعوة نهائيا في قلوب الأفراد و نظم الجماعات، لم يلحق بها الدمار بل ظلت عامرة في القلوب، الي أن أنبعثت مرة أخري).. و في صفحة 239 يتناول هذا الموضوع بقوله: (إن دعوة المهدي لم تمت بعد الغزو الثنائي و إستشهاد خليفة المهدي و الخليفة علي ود حلو و الخليفة شريف و أبناء المهدي و الأمراء بل عاشت في الضمائر و تحصنت في القلوب). و يري الصادق أن المهدية ظلت في القلوب الي أن قيض الله لها السيد عبد الرحمن فعمل علي بعثها حسب مقتضيات عصره، فإنه كما يقول المهدي (لكل وقت و مقام حال، و لكل زمان و أوان رجال).. و الصادق يتحدث عن هذا الموضوع في صفحة 241 من كتابه فيقول: (و بالصبر الطويل و المعاناة إستطاع السيد عبد الرحمن أن يصبح زعيما فعليا لبقايا الأنصار فوثقوا به و سلموه زمامهم. و بعد صبر و مصابرة بدأ يجدد معهم بيعة الإمام المهدي مخططا نهجا جديدا). و في صفحة 142 يقول أيضا عن السيد عبد الرحمن : (إنه جاري أحوال الزمن المحيط به، و حفظ دعوة المهدي في جوهرها، و حفظ للأنصار سلامة العبادات و إتباع الأثر، و حفظ روحهم الفدائية كما هي.. هكذا كتب للأنصار عمر جديد و أستيقظت في نفوسهم جذوة الدعوة المهدية).. و نرجو أن يلاحظ القاريء عبارة (و حفظ روحهم الفدائية كما هي) فإن الصادق يعول علي هذه الروح الفدائية كثيرا كما سنري!! ـ


    المهدية من جديد!!

    و الصادق عندما يقرر أن المهدية لم تمت، و عندما يتحدث عن دور السيد عبد الرحمن، و عن العمر الجديد الذي كتب للأنصار علي يديه، لا يريد أن يقف عند هذا الحد و إنما هو يمهد بهذا القول للحديث عن الدور الذي ستلعبه دعوة المهدية في البعث الإسلامي المرتقب، و علي يدي (القائد الملهم) الذي يستطيع أن يجاري أحوال الزمن المحيط به، و الذي لا يزرع إلا بعد (معرفة المناخ و تحليل التربة و إحصاء مقوماتها).. (فلكل وقت و مقام حال، و لكل زمان و أوان رجال).. و الآن فلنستمع للصادق، و هو يحدثنا عن دور المهدية في البعث الإسلامي المرتقب، و عن مشاركتها في تحديد هذا البعث، فهو يقول في صفحة 35: (لقد استوعبت الدعوة المهدية تيارات قوية من تيارات الفكر الإسلامي و هضمتها و تجاوزت تعددها و تفرقها بوحدة ربطتها بإحياء الكتاب و السنة معيدة الفروع الي الأصول صاهرة الكل في بوتقة جديدة، لقد سبكتها سبكا جديدا. لقد نسجت الخيوط المتناثرة في ثوب إسلامي واحد فأعطت مثلا و أبانت وسيلة البعث الإسلامي في زمانها و في الزمان اللاحق).. فالمهدية إذن، في نظر الصادق، قد (أبانت و سيلة البعث الإسلامي في زمانها و في الزمان اللاحق) فالبعث الذي يدعو له الصادق إنما يتم علي المهدية و بأسلوبها!! هذا علي الرغم من حديث الصادق عن إختلاف الأزمنة و الظروف.. و لا نعتقد أن أحدا من المواطنين يجهل اسلوب المهدية.. ـ
    و في صفحة 249 يتحدث الصادق عن دور المهدية في البعث الإسلامي المرتقب فيقول : (إن الدعوة التي بحثناها ها هنا هي دعوة بعث إسلامي في القرن الماضي و لكنها لم تذهب مع الأيام بل بقي منها في نفوس الملايين إخلاص لتكاليف الإسلام بكل الأغوار الروحية التي نطقت بها منشورات الإمام المهدي و راتبه، و بقي منها حماس ديني فريد و تعلق بإتحاد المسلمين و أحياء الدين في سلوك الفرد و الجماعة و بقي منها في نفوسهم حب فدائي للوطن الذي سالت دماؤهم في كل رقعة من بقاعه و بقي منها إستعداد و تلهف لمواصلة رسالة البعث الإسلامي بلسان الزمان و وفق ظروفه: (فلكل وقت و مقام حال) .. إذن مما بقي من المهدية (إستعداد و تلهف لمواصلة رسالة البعث الإسلامي).. و هو أمر في نظر الصادق حتمي كما ذكرنا.. و ما كتاب الصادق الذي نحن بصدده الآن الا بحث في الأرضية التي يتم عليها هذا البعث.. و هو يقول عن ذلك في صفحة 16: (فإذا تأملنا المصير الإسلامي لوجب علينا أن نبحث الأرضية التي يتم فوقها البعث الإسلامي.. علينا أن نتسآءل و نعرف واقع المسلمين في بقاع العالم الإسلامي المختلفة. و من هنا تنبع أهمية هذا الكتاب لأنه يتعرض لدراسة دعوة للبعث الإسلامي قامت في السودان قبل قرن من الزمان و ما زالت حية في نفوس ملايين من أهل البلاد و لها أنصار في عدد من بلدان السودان الأكبر الممتد من بحر القلزم (الأحمر) شرقا الي بحر الظلمات (المحيط الأطلنطي) غربا تلك الدعوة هي دعوة الإمام محمد أحمد المهدي بن عبد الله. لقد إتضح لي و لغيري من مناظرات دارت في سجون السودان و معتقلاته، عبر الأعوام الخمس الماضية، جرت عن طريق الحوار المباشر و المراسلات و إشتركت في طرف يسير منها أن ماهية دعوة الإمام المهدي تفتقر الي بيان يساهم في وضوح الرؤية لدي المؤمنين بها أنفسهم و يقدمها لشركائهم في الوطن و المصير، و يبين موقعها في الإسلام و دورها في حركة بعثه).. ـ
    و في المقابلة الصحفية التي أجرتها صحيفة (القبس) الكويتية مع السيد الصادق، و التي تم نشرها بالعدد 1905، بتاريخ الأربعاء 7/9/1977، كان ضمن الأسئلة التي وجهت للصادق السؤال التالي: (إذا إستمرت أجواء الوفاق بينكم و بين الحكم القائم فما الذي تأملون تحقيقه؟؟ و هل ما زالت مباديء المهدية قابلة للتطبيق؟؟) و كانت إجابة الصادق: (الحقيقة أن ما آمل تحقيقه هو مولد أساس جديد للوحدة الوطنية الشاملة و بهذه المناسبة فإن مباديء المهدية هي كما جاءت علي منشورات الإمام المهدي إحياء الكتاب و السنة تحت قيادة ملهمة. و في فترة سابقة قام الإمام عبد الرحمن بالتوفيق بين المهدية و العصر الحديث مما مكن الأنصار من المشاركة في كل التطورات السياسية في السودان: الإستقلال، ثورة أكتوبر 64، إحتواء المد الشيوعي أثناء العهد المايوي الحالي.. لذلك نستطيع أن نقول أن دور الأنصار كان مرنا.. و اليوم يعرف عنهم الجميع أن لديهم تركيبا وجدانيا فدائيا و تركيبا إجتماعيا صالحا للمشاركة في حركة البناء الإشتراكي للبلاد و البناء الديمقراطي للمنظمات السياسية علي أن يستمد هذا كله من أصول الإسلام..) ـ
    من كل ما تقدم يتضح لنا أن الصادق يري أن كل الأدلة تشير الي بعث إسلامي حتمي، و أن البعث إنما هو بعث للمهدية حسب مقتضيات الوقت، و قد ظلت المهدية حية في قلوب معتنقيها، و قد جددها السيد عبد الرحمن، و هي الآن تنتظر هذا البعث الجديد.. و الشرط الأساسي لقيام البعث في نظر الصادق إنما هو وجود القيادة (الملهمة)، و هذا ما ظل يركز عليه تركيزا شديدا.. فالمهدية ما هي إلا: (نداء قيادة دينية ملهمة توحد الكلمة و تجدد الدين..) .. أما أسلوب بعث المهدية الجديدة، فهو نفس إسلوب المهدية السابقة، التي: (أبانت وسيلة البعث الإسلامي في زمانها و في الزمان اللاحق).. و لقد رأينا أنماطا من أساليب الصادق في تحقيق غاياته.. و بالطبع لا بد من بعض الإختلاف، في وسائل المهدية الجديدة، عن المهدية القديمة، فإذا كانت القديمة قد إستعملت، في جهادها، الحربة (الشلكاية)، فإن المهدية الجديدة تستعمل: (الإسترلنج، و الكلاشنكوف)ـ

                  

03-02-2003, 04:37 PM

Omer Abdalla
<aOmer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-03-2003
مجموع المشاركات: 3083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصادق المهدي!! والقيادة الملهمة!! والحق المقدس؟! (Re: Omer Abdalla)


    الأنصار و الحزب الواحد

    الصادق لم يعد اليوم يتحدث عن الديمقراطية ذات الأحزاب المتعددة، والتى ظلت، الى وقت، هىالنغمة التى يعزف عليه فى معارضته للنظام القائم- وهذا شانه دائما – فالامرالثابت الوحيد عنده، هو احقية (القيادة الملهمة) فى السلطة ... اما الاساليب، والوسائل، فهى تتغير حسب مقتضيات الظروف... ففى لقاء جريدة (القبس) الذي اشرنا اليه انفا يقول الصادق: (اما الان فموضوع عدم الرغبة فى التفرق للحزبي والحرص على ايجاد وعاء قومى ديمقراطى لتوجيه الإدارة السياسية هو محل إتفاق كل الاطراف) .. وفى التصريح الذ نشرته الصحافة السودانية عقب عودة الصادق للبلاد، بعد المصالحة الوطنية، يؤكد هذا المعنى.. والسؤال الذى يطرح نفسه الان: ما هو الحزب الواحد الذى يؤمن به الصادق، او ما أسماه الوعاء القومى الديمقراطى؟؟ وهل هو الاتحاد الاشتراكى، أم هل هو الأنصار؟؟
    إن الامر الطبيعى، بل والبديهى، أن الصادق، إنما يعتمد أساسا على ولاء اتباعه من طائفة الانصار الذين تتوقف عليهم زعامته، ووزنه السياسى.. وهو عندما يتحدث عن بقاء المهدية، إنما يتحدث عن بقائها فى نفوس هؤلاء الأتباع .. وإذا كان الاتجاه هو لبعث المهدية فالانصار هم اولى الناس ببعثها، واكثرهم استعدادا لهذا البعث .. ولايمكن أن يتم البعث على أيدى آخرين، وأصحاب الحق المؤمنون به ، والذين ضحوا فى سبيله بدمائهم، ولايزالون على إستعداد للتضحية، موجودون .. ـ
    وإنه لمن الواضح، من اقوال الصادق، أنه يركز على الأنصار، ويشيد بخصائصهم خصوصا الروح الفدائية التى أشرنا اليها، والتى لايفتأ يرددها، والتى يعتمد عليها فى تحقيق طموحه.. وفى هذا المعنى يقول الصادق فى كتابه (يسألونك عن المهدية) صفحة249 عما بقى من المهدية: (وبقى منها حماس دينى فريد وتعلق بإتحاد المسلمين، وإحياء الدين فى سلوك الفرد والجماعة وبقى منها فى نفوسهم حب فدائى للوطن الذى سالت دماؤهم فى كل رقعة من بقاعه وبقى منه إستعداد متلهف لمواصلة رسالة البعث الأسلامى بلسان الزمان ووفق ظروفه).. هذه هى خصائص الأنصار التى بقيت من المهدية، وهى نفسها التى ترشحهم لبعث المهدية من جديد.. والعبارات التى تهمنا بصورة أكبر هى: (وبقى منها إستعداد متلهف لمواصلة رسالة البعث الإسلامى بلسان الزمان ووفق ظروفه) .. فهى التى تحدد موقع الأنصار فى البعث المنتظر والذى هم فى تلهف له .. ـ
    ومن الواضح أن الصادق إنما يركز على روح التضحية والفداء عند الأنصار، لأنها الشرط الأساسى الذى يحتاجه قائد كالصادق لتحقيق أغراضه.. تلك الأغراض التى لم تكن، فى يوم من الايام، شيئا سوى فرض زعامته.. فالطائفية دائما لاتعامل الناس إلا كوسائل لها، تضحى بحياتهم فى سبيل أغراض زعمائها، وهى كعادتها فى التضليل باسم الدين ، تلبس هذه التضحية لبوس الدين فتسميها جهادا، وإستشهادا فى سبيل الله ، ينتظر اصحابه النعيم المقيم.. وزعماء الطائفية يحبون هذا الجهاد والأستشهاد لاتباعهم، ولكنهم لايحبونه لانفسهم!! ولذلك فهم لايشاركون فيه..
    وعن روح التضحية، والفداء، عند الانصار فى القرن الحاضر، وفى التاريخ المعاصر، يقول الصادق، فى صفحة 230 : (وفى بداية القرن الحالى لفتت تلك الروح الأنظار فى حركة عبد القادر ود حبوبة 1908 وفى التاريخ المعاصر لمس الجميع وجودها فى أحداث مارس 1954 وفى حوادث المولد 1961، وفيما وقع من أحداث فى الجزيرة أبا وفى شوارع ود نوباوى فى مارس 1970 وفى تلك الاحداث هجمت عليهم مباغتة ودون إنزار قوات تفوقهم سلاحا وتدريبا وعتادا فصمدوا وصبروا ونالت منهم الشهادة والجراح والسجون مانالت).. وهذا الحديث قد ورد فى الكتاب تحت عنوان "الأثر الإنسانى العام للمهدية" والصادق لا يتورع عن محاولة تزييف التاريخ المعاصر فيقول عن هذه الأحداث إن الأنصار قد بوغتوا فيها.. وهى محاولة للتزييف ولاتجوز على أحد، فالأحداث أحداث ماثلة، عاشها الناس، والكل يعلم أن الأنصار هم الذين دبروها.. ولو أن كتاب الصادق صدر بعد 2 يوليو 1976 لكان من الجائز أن يضيف الغزو الأجنبى لسلسلة الأحداث التى ذكرها، مضيفا بذلك أثرا من الآثار الإنسانية الباقية للمهدية .. ـ
    وهكذا، وبكل بساطة، يضيف الصادق جميع القتلى من الأنصار فى هذه الأحداث بأنهم شهداء. فلكأنما الإستشهاد عنده بالنسبة للانصار حق طبيعى، يناله من قتل منهم دون قيد أو شرط... فليس من المهم نيته التى كان ينطوى عليها، وليس من المهم معرفة القضية التى كان يقاتل من أجلها، بل ليس من المهم حتى معرفة الطرف الآخر الذى كان يقاتله، هل هو من المسلمين أم هو من غير المسلمين!! والا فالصادق قد كان يعلم ، على الأقل ، أن الأنصار، فى أحداث أول مارس 1954، وأحداث المولد ، والجزيرة أبا، وودنوباوى، كانوا يقاتلون مسلمين، وبسبب خلافات سياسية ضيقة ترجع فىجملتها، الى سبب واحد أساسى هو الصراع حول السلطة!!.. ثم لقد قتل الأنصار في تلك الأحداث عددا كبيرا من الأبرياء، الذين لا صلة لهم بالصراع الدائر.. فأحداث أول مارس، مثلا من المعلوم أن السبب الذي أدي الي قيامها هو الخلاف بين حزب الأمة و الإتحاديين حول زيارة محمد نجيب للسودان. و قد دبر الأنصار تلك الأحداث لإشعال فتنة تؤدي الي الحيلولة دون زيارة نجيب للسودان، أو علي الأقل، الي أشعاره بوجود معارضة في البلاد ترفض الإتحاد مع مصر، فقاموا بتقتيل المواطنين حول القصر الجمهوري (سراي الحاكم العام قديما) و في الشوارع، دون تمييز حتي لقد قتلوا ميرغني عثمان صالح، و هو من حزب الأمة!! قتلوه لمجرد أنه كان يلبس الطربوش المصري.. و قتلوا حكمدار البوليس مصطفي المهدي و يظن أنه من حزب الأمة.. قتلوه لأنه كان يرتدي الملابس الرسمية.. و قد كان القتل و الجرح مستفيضا و لقد جاء الخبر في جريدة الرأي العام عدد 2/3/1954 علي النحو الآتي:- (22 قتيلا بينهم قمندان و حكمدار البوليس) ـ
    "تمخضت المجزرة الدامية عن 22 قتيلا و 217 جريحا و قد وزع الجرحي علي المستشفيات فأرسل 33 منهم الي مستشفي أمدرمان و أرسل جرحي البوليس الي مستشفي النهر و قد بلغ عددهم تسعين جريحا منهم ثلاثون بإصابات بالغة و ستون بإصابات طفيفة و أرسل إثنا عشر جريحا الي المستشفي الإنجليزي و أودع مستشفي الخرطوم سبعة و عشرون جريحا من أفراد الجمهور و جميعهم أصيبوا إصابات بالغة تحتاج الي إجراء عمليات جراحية) ..هذا ما نشرته جريدة (الرأي العام) يومها عن حوادث مارس 1954 و كان من ضمن من قتل من المدنيين الشاب أبو القاسم ميرغني الذي تخرج قبل إسبوع من مدرسة الحقوق بكلية الخرطوم الجامعية، هكذا أوردت (الرأي العام) و قد روت (الرأي العام) و قد ورد في وصف الجريدة لبعض المشهد تحت عنوان: (طبول الحرب) قولها: (و قد كانت بعض تلك الحشود تحمل طبولا تقرعها قرعات تحمل الي السامع صدي إعلان الحرب، و تهتف هتافات غير مفهومة أحيانا فسرها الراسخون في العلم بأنها صيحات الشر و الحرب) إنتهي.. (الرأي العام) عدد يوم 2/3/1954.. فليفكر الصادق مرتين و ليفكر غيره من الأنصار مرتين!! هل في هذا جهاد في سبيل الله تتم به الشهادة للمقتول؟؟ (ما لكم كيف تحكمون؟؟).. و لماذا تضللون عباد الله بإسم الله و بأسم الدين مثل هذا التضليل؟؟
    و لقد أدي عملهم في هذه الأحداث الي أبشع صور الفتن الدموية، في تاريخنا المعاصر.. و لقد كان من الممكن أن تؤدي فعلتهم تلك حول القصر الجمهوري الي أزمة دستورية يكون من حق الحاكم العام البريطاني، حسب إتفاقية القاهرة، أن يعلن الأحكام العرفية، و أن يوقف كل تطوارات البلاد الدستورية نحو الإستقلال، لولا أن لطف الله قد أوقف تلك الفتنة فلم تنتشر و إنما أخمدت في مهدها.. ـ
    نحن كثيرا ما نتحدث عن إستغلال الطائفية للدين في تضليل الأتباع من المواطنين، و هذا الصادق المهدي يعطينا مثلا بليغا لهذا التضليل.. هو يتحدث عن الأنصار، و عن الشهادة، فلكأن الأنصاري يمكنه أن يقتل من يقتل من أخوانه في الدين و الوطن، ثم هو يعتبر مجاهدا إن قاتل، و شهيدا إن قتل.. فالصادق يعتبره مجاهدا في سبيل الله.. هذا مع أن الدين يقرر أن (كل المسلم علي المسلم حرام، دمه، و ماله، و عرضه، و أن يظن به ظن السؤ..) و المسلم هنا هو من قال (أشهد أن لا إله إلا الله، و أشهد أن محمدا رسول الله).. و لو لم يكن صادقا- و لو كان منافقا- فإنه قد روي أن أحد الأصحاب قال: (يا رسول الله!! أرأيت لو أن مشركا قاتلني، فضرب يدي، فقطعها ثم لاذ بشجرة و قال: (أشهد أن لا إله إلا الله، و أشهد أن محمدا رسول الله) أأقتله؟؟ قال لا!! قال: و لكنه إنما قالها ليحمي نفسه مني!! فقال لا تقتله!! فإنك إن تقتله تكن في مكانه قبل أن يقولها، و يكن في مكانك قبل أن تقتله).. ـ
    و أما الشهادة فإنما هي لمن قتل في سبيل الله.. هي لمن قاتل (لتكون كلمة الله هي العليا) فقتل علي ذلك.. فأمر الشهادة في الدين إذن في غاية الدقة.. هناك حديث عن أبي موسي قال: (جاء رجل إلي النبي فقال: الرجل يقاتل للمغنم، و الرجل يقاتل للذكر، و الرجل يقاتل ليري مكانه!! فمن في سبيل الله؟؟ قال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله..) فأنظروا كيف تضلل الطائفية أتباعها، و تحضهم علي قتل إخوانهم المسلمين، ثم توهمهم أنهم شهداء حين يموتون، و مجاهدون، في سبيل الله، حين يقاتلون!! و قد يبدو أن هذا التضليل، بإسم الدين، في هذا المستوي، هو المفتاح الذي عناه الصادق حين قال: (الإنسان إذا عرفنا مفتاحه قادر دائما علي تجاوز قدراته المحدودة و التحليق فوق سمائه).. ـ
    إن غرض الصادق من تمجيد عمل الأنصار في حوادث مارس و حوادث الجزيرة أبا و ودنوباوي و تضليلهم عن حقيقة هذه الأفعال البشعة معروف، فهو إنما يريد المزيد من التضليل للأنصار بإسم الدين، حتي يقوموا بالمزيد من التضحيات في سبيل أغراض الطائفة و أغراض زعمائها!! و هم بطبيعة تربيتهم الطويلة علي هذا النحو المضلل لعلي أتم إستعداد للقيام بهذا العمل.. و هذا مما يجعل الصادق يعول، كل التعويل، علي الأنصار.. ثم أن الأمر معهم، في نظره، لا يحتاج الي توعية، و تدريب، و تثقيف، في مجالات السياسة، و الإدارة، و القيادة، و إنما يحتاج فقط أن تربط الهمم بقيادة بقيادة (مخلصة) و دعوة (خالصة).. و عنده أن المهدية قد دللت علي ذلك، و هذه هي العبرة الثانية التي دللت عليها، فلنستمع الي الصادق يتحدث عن هذا الأمر في صفحة 231 فيقول: (و العبرة الثانية هي دلالتها علي عبقرية الرجل العادي.. لقد أظهرت الدعوة القيمة المخبوءة في عراة الأجساد جياع الأكباد، الذين لا حظ لهم من جاه و لا مال و لا ثقافة.. لقد آمن هؤلاء الرجال العاديون بالدعوة فأشتغلوا بنورها و صار منهم القائد، و الإداري و السياسي، أيدوا الدعوة و شيدوا الدولة. لقد أثبتت أن الأنسان العادي، إذا خوطبت أفكاره و مشاعره و ربطت همته بقيادة مخلصة و دعوة خالصة صارت قوة تلين الحديد و تدني البعيد.. الإنسان إذا عرفنا مفتاحه قادر دائما علي تجاوز قدراته المحدودة و التحليق فوق سمائه).. و علي ذلك فإن (المهدية الجديدة) لا تحتاج إلا أن ترتبط الهمم بالقائد المخلص و الدعوة الخالصة لتظهر عبقرية الرجل العادي و تبرز القيمة المخبوءة في عراة الأجساد جياع الأكباد.. إلخ.. و لتبرز من هؤلاء القيادات السياسية و العسكرية و الإدارية.. فالمهدية قد (أبانت وسيلة البعث الإسلامي في زمانها و في الزمان اللاحق) كما يقول الصادق.. و الرجل العادي المعني هنا هو بالطبع الفرد من طائفة الأنصار، و الذي ظلت دعوة المهدية تعتمل في صدره، و لم تمت الي اليوم.. ـ
    و روح التضحية و الفداء عند الأنصارـ في إعتبار الصادق، ليست في ميدان القتال فقط، و إنما هي أيضا في المجال المدني فهو يقول في صفحة 231 (و حتي في النشاط المدني العادي ظهرت تلك الروح في إنضباط خارق و أداء متفوق في أوساط الأنصار في أعمال الفلاحة و الصناعة).. ـ
    و علي ذلك فإن كل ما يحتاجه القائد موجود، و بصورة كافية عند الأتباع من الأنصار، فهم لا يحوجونه الي غيرهم سواء في ميدان الحرب أو السلم.. ـ
    و الآن، نعيد السؤال الذي طرحناه في بداية هذا الباب: هل الحزب الواحد، أو الوعاء القومي الديمقراطي، الذي يريده الصادق، و الذي يحقق أغراضه، هل هو شييء غير تنظيم الأنصار؟؟ إن الإجابة اليقينية الواضحة، و التي لا تحتمل أي شك، إن الصادق لا يري أي تنظيم آخر صالح لتحقيق أغراضه، في الطموح السياسي، و ما يستتر به من دعوة البعث الجديد للمهدية سوي تنظيم الأنصار.. و هذا بالطبع لا يعني أن الصادق حتما يمانع في دخول الأنصار في الإتحاد الإشتراكي، أو أي تنظيم آخر، (كتكتيك مرحلي) .. فهم، بما لهم من عددية، و تنظيم، و إرتباط طائفي، يستطيعون أن يستولوا علي التنظيم الذي يدخلون فيه.. و لهذا السبب يقول الصادق في المقابلة الصحفية التي أجرتها معه صحيفة (القبس) الكويتية: (.. لذلك نستطيع القول أن دور الأنصار كان مرنا. و اليوم يعرف عنهم الجميع أن لديهم تركيبا وجدانيا فدائيا و تركيبا إجتماعيا صالحا للمشاركة في حركة البناء الإشتراكي للبلاد و البناء الديمقراطي للمنظمات السياسية، علي أن يستمد هذا كله من أصول الإسلام..) .. و بالطبع فإن أصول الإسلام التي يعنيها الصادق إنما هي ما يفهمه هو عن الأصول، و ما عبر عنه بالحديث عن البعث الإسلامي الجديد، أو بعث المهدية، حسب مقتضيات الوقت، و الظروف.. و هذا ما يجعل الأنصار أولي بهذا الأمر من غيرهم.. و هم، عندما يدخلون في أي تنظيم، لا يمكن أن يدخلوا ليذوبوا فيه، و يتخلوا عن رسالتهم في بعث المهدية!! و إنما هم يدخلونه ليستولوا علي التنظيم، و يوجهوه لتحقيق أغراضهم، و هذا أمر لا يحتاج إلي كبير عناء.. ـ

                  

03-03-2003, 05:53 AM

Omer Abdalla
<aOmer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-03-2003
مجموع المشاركات: 3083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصادق المهدي!! والقيادة الملهمة!! والحق المقدس؟! (Re: Omer Abdalla)


    الخاتمة

    ليس هذا الكتاب حربا علي شخص الصادق المهدي، فإن شخصه، كما قد أكدنا، موضع حبنا، و إنما هو حرب علي ما يستولي علي نفس الصادق من حب للسلطة، يتعداه الي سواه ليؤثر علي مجريات الأمور في البلاد. و الصادق، نفسه مرجو لأن يحدث هذا الكتاب في نفسه أثرا، فيضع يده علي مشكلته هو، و يطب لها، حتي يستنقذ مصير نفسه، و يكفي أتباعه، و يكفي البلاد، عواقب طموحه الكبير.. الصادق المهدي مشكلته أن نفسه هي محور كل إفكاره السياسية، و ممارساته السياسية. فهو، عند نفسه، صاحب (الحق المقدس) في السلطة، و (القائد الملهم) الذي لا خلاص للبلاد إلا علي يديه! و هو، عند أتباعه، (أمل الأمة) لتحقيق دعوي الأنصار العريضة : (البلد بلدنا، و نحن أسيادها)!! و هو، بعد، صاحب دعوة الي (تحديث) المهدية، و (بعث) الإسلام!!
    و إليكم سجلا للتاريخ السياسي القريب للصادق المهدي للتدليل علي ما ذهبنا إليه من حب السلطة الذي يستولي علي هذه الشخصية:ـ
    (1) ((ورث)) رئاسة حزب الأمة بحكم وضعه الطائفي، ثم لما بلغ السن التي تؤهله للنيابة البرلمانية، أخلي له أحد نواب حزبه دائرته، بإستقالته من الجمعية التأسيسية، فترشح هو فيها، و فاز بالتزكية، ليدخل الجمعية التأسيسية!! ذلك بأن (نفس) الصادق، عنده، هي الغاية التي توظف أية وسيلة، و كل وسيلة، في سبيلها، حتي و لو كان ذلك علي حساب كرامة أحد أعضاء حزبه، و كرامة ناخبيه، و نظافة الحياة السياسية!!
    (2) ثم أخذت أعراض حبه للسلطة تبرز!! و كانت تقف أمام طموحه الي السلطة عقبتان :ـ (إمامة) الأنصار، و (رئاسة) محمد أحمد محجوب للوزارة.. فخرج علي عمه (الإمام) منشقا بجناح من الحزب، مدعيا الخروج علي الطائفية، و هو الطائفي النشأة، الذي لم يمكن له من البروز السياسي، كما أسلفنا القول، إلا وضعه الطائفي.. ـ
    (3) و أئتلف مع الحزب الوطني الإتحادي لإسقاط حكومة محمد أحمد محجوب- رحمه الله- و تولي هو رئاسة الوزارة، و قد قال السيد محمد أحمد محجوب في جلسة الجمعية التأسيسية التي واجه فيها سحب الثقة بحكومته، يوم الإثنين 25/7/1966، ((لم يقدح إقتراح سحب الثقة بسبب عجز الحكومة عن القيام بأي عمل و أنها لم تقدم عملا، بل قدم لأسباب شخصية لا تتعلق بشخصية رئيس الوزراء، بل بالذين يريدون أن يكونوا كل شييء دون إعتبار لما يدور حولهم..) هذا ما قاله السيد محمد أحمد محجوب و هو أحد زعماء حزب الأمة الذين عرفوا الصادق عن تجربة و معايشة، فعرفوا أنه يريد أن يكون "كل شييء" ـ
    (4) إشترك في تعديل الدستور لإسقاط عضوية النواب الشيوعيين من الجمعية التأسيسية و قد كانوا يشكلون تهديدا " لقيادته الملهمة"، بنقدهم الشديد لها، ثم لما أعلنت المحكمة العليا عدم دستورية "حل الحزب الشيوعي" أعلن هو أن حكم المحكمة العليا قد كان حكما تقريريا، أي أن السلطة التنفيذية غير ملزمة بتنفيذه! و بذلك تم في عهد حكومته، و علي يديها، أول إنتهاك للحقوق الأساسية، و أول إمتهان لحرمة القضاء، منذ بداية عهود الحكم "الديمقراطي" في البلاد! إن غاية الغايات، عند الصادق، هي "نفسه".. و مبلغ إهتمامه أن يزيل عن طريق هذه الغاية أي معوق يعوقها حتي و لو كان الحريات الأساسية، و سيادة القانون. ـ
    05) و قدم الصادق منهاج سياسة حكومته أمام الجمعية التأسيسية يوم 10/8/1966 قائلا (لقد شهدت بلادنا في السنوات القليلة الماضية تدهورا في حالها الإقتصادي، و تعاقبت السنوات الأربع الأخيرة، و تبلورت أثناءها إتجاهات لازمت حياة بلادنا الإقتصادية حتي وصلت بها الي ما هي عليه اليوم..) و أشار الي هذه الإتجاهات، و أهمها (("1" إنخفاض مستمر في أرصدة بلادنا من العملات الأجنبية منذ عام 61/62 و قد أخذ هذا الإنخفاض شكلا منتظما في العامين الماضيين..) ("2" زيادة مستمرة في مصروفات الحكومة أدت الي إستدانة الحكومة من النظام المصرفي (البنك المركزي) فكانت هذه المديونية تزيد تزايدا مستمرا..) و إنقاذا لهذا الموقف الإقتصادي الذي وصفه السيد الصادق بالتدهور قال (إن مواطنينا أصبحوا يصيحون صيحات المستغيث من هذا الواقع فوجب علينا جميعا النجدة، و إنا لنأمل أن نكون رأس الرمح للإصلاح، و أن نمنح بلادنا القيادة، و أن تمنحنا النقد و التأييد لنوقف هذا التدهور في كل ميادينه) فالصادق كان يأمل أن يكون "لرأس الرمح للإصلاح"، و يأمل "أن يمنح البلاد القيادة" .. و هو يعني " القيادة الملهمة" التي ليس لها إلا هو!! فلنر ماذا كانت نتيجة "الإصلاح" الذي قام به لإيقاف ذلك التدهور الإقتصادي.. لقد وصف السيد محمد أحمد محجوب، عندما تولي رئاسة الحكومة مرة أخري، الموقف المالي و الإقتصادي الذي ورثه من حكومة الصادق، و ذلك في جلسة الجمعية التأسيسية يوم 2/6/1967 بما يلي: (إن أهم الظواهر التي تتسم بها الصورة المالية و الأقتصادية للبلاد من واقع تحليل الأرقام الواردة من وزارة المالية هي: أولا- إتجاه الأرصدة الأجنبية نحو التدهور إذ أن الرصيد الحالي لا يزيد عن الغطاء الرسمي للنقد المتداول الا ببضعة مئات من آلاف الجنيهات، أي أقل من مليون جنيه.
    ثانيا- إن المديونية من بنك السودان قد بلغت ذروتها، و تجاوزت الحد المسموح به..) ثم أخذ السيد محمد أحمد محجوب يعدد المظاهر الأخري للتدهور الإقتصادي الذي ورثته من حكومة الصادق، و حدد المشاكل العاجلة التي تواجه حكومته، و منها : (أولا- مشكلة العطالة التي تتفاقم كل يوم. ثانيا- مشكلة إرتفاع تكاليف المعيشة ثالثا- مشكلة تزايد المصروفات الجارية للدولة و قصور الموارد عن تغطية كل متطلبات التنمية.. )ـ
    هذا هو حصاد حكومة الصادق المهدي، و هذه هي حصيلة "قيادته النلهمة"، و حصيلة "الثرثرة" التي كان يملأ بها أجهزة الإعلام و هو يتحدث عن فلسفته و برنامجه في "الإصلاح" .. قد تكون الصورة التي أعطاها السيد محمد أحمد محجوب للوضع الإقتصادي الذي ورثه عن حكم الصادق صورة صحيحة و لكن الصادق بالطبع غير مسئول عنها و إنما هي تركة قديمة متخلفة عن الحكومات التي سبقت الصادق، و لكنها علي كل حال، إنما كانت تعبر عن عجز حقيقي عن "الإصلاح" الإقتصادي، بل أن هناك من الدلائل الواضحة ما يدل علي تمادي التدهور الإقتصادي في عهد الصادق.. فقد إضطرت حكومة الصادق، و لأول مرة في تاريخ السودان، لأن تستورد "الذرة" من الخارج!! يجب أن يكون واضحا فإنا عندما نورد أقوال خصوم الصادق السياسيين لا نعطيها كل الوزن لأننا نعرف أن فيها تحاملا، و لكنها بالطبع ليست عديمة الوزن تماما.. ـ
    (6) و حب السلطة الذي يستولي علي نفس الصادق تحدث عنه الشريف حسين الهندي أمام الجمعية التأسيسية في جلسة سقوط حكومة الصادق يوم 11/5/1967 فقال : (إن السيد رئيس الوزراء قد قام بهجوم مفتعل يسدد الطعنات و يثير الشكوك و الشبهات و يصرف الناس زهاء الأربعة أشهر في تشهيره بالإئتلاف الأول ليكون رئيسا للوزراء، حتي لا يدخل هذه القاعة و هو شخص عادي). و في تلك الجلسة إقترح الصادق (انه من رأي هذه الجمعية تأكيد ثقتها في رئيس الوزراء و تأييد برنامجه لتنظيم فترة الإنتقال القادمة الي حين بداية تطبيق الدستور) كما أقترح (أن تؤيد قيام حكومة قومية أكونها بالتشاور مع رؤساء الأحزاب المختلفة و تمارس حكم السودان ما دامت متمتعة بتأييد أغلبية أعضاء الجمعية) .. قيام حكومة قومية يكونها!! ههنا يكمن إهتمام الصادق الأساسي!! و قد علق علي ذلك الشريف حسين الهندي في تلك الجلسة بقوله: (كان السيد رئيس الوزراء يري أن ينتهي الإئتلاف بإنتهاء الجمعية في التاسع من يونيو، و كنا نري فضه الآن حرصا علي توفير الوقت الكافي لإجراءآت تشكيل الحكومة القومية). ثم قال (و لا ندري سببا ليتنكر السيد رئيس الوزراء للإتفاق الذي تم بيننا إلا أنه أراد ان يفاجيء الجمعية الموقرة ليؤكد انه هو، لا غيره يستطيع أن يترأس الوزارة، و ليس لأحد غيره أن يكون رئيسا للوزارة). هذا هو إهتمام الصادق الأساسي!!
    و "سقطت" حكومة الصادق دون أن تحقق أية راية من رايات "الإصلاح" السبع التي رفعها الصادق عند توليه رئاسة الحكومة. ـ
    (7) و ماذا حقق الصادق أيام حكمه في سبيل حل مشكلة الجنوب؟؟ بل ماذا كان برنامجه، لحل مشكلة الجنوب؟؟ إن أول حلوله لمشكلة الجنوب التي طرحها أمام الجمعية التأسيسية يوم 10/8/1966 هو ("1" مضاعفة الجهد لتحقيق الأمن و النظام في المديريات الجنوبية و ذلك بالقضاء علي حركة التمرد)!! هذه إحدي الوسائل التي كان يراها الصادق المهدي لحل مشكلة الجنوب.. "القضاء علي حركة التمرد"!! و ما جدوي مقترحاته بشأن الحل السياسي ما دام هناك إصرار علي حالة الحرب؟ إن مثل هذه السياسة غير الواعية، و غير الإنسانية، أيضا، لهي من أسباب تفاقم مشكلة الجنوب.. و الصادق المهدي ممن يتحملون مسئولية الحرب الأهلية التي دارت بين الشمال و الجنوب و أهرقت فيها الدماء الزكية.. ـ
    ( و مضت الجمعية التأسيسية الأولي التي أعقبت ثورة أكتوبر، و أجريت الإنتخابات للجمعية الثانية، فسقط الصادق نفسه في دائرته، و سقط كثير من زعماء جناح حزبه، و سقط الترابي في دائرته، و سقط كثير من زعماء (مؤتمر القوي الجديدة)!! و لم يبق أمام الصادق للإحتفاظ بحطام زعامته سوي العودة الي أحضان "الإمام"، فصدر بيان توحيد حزب الأمة في 13/4/1969، و سقطت جميع دعاوي الصادق المهدي بخروجه علي الطائفية.. و أعلن الصادق المهدي في ذلك البيان، بوصفه رئيسا لحزب الأمة المتحد: (بالنظر لزعامة الإمام الهادي المهدي في الحزب و البلاد فإنه هو المرشح الوحيد لحزب الأمة لرئاسة الجمهورية)!!
    (9) و عاد الصادق المهدي الي حيث بدأ ليتخلي له أحد نواب حزبه، مرة أخري عن دائرته الإنتخابية ليتمكن من دخول الجمعية التأسيسية، و التي لم يتح له أن يدخلها و هو فائز في إنتخابات عامة!!
    (10) و قامت "مايو".. و أحس الصادق أنها قد أزالت أمامه الكثير من المعوقات، فلم يعد هناك الإمام الهادي، و لا إسماعيل الأزهري، و لا محمد أحمد محجوب، و لا نفوذ طائفة الختمية!! فعادت أعراض ولوعه بالسلطة الي الظهور مرة أخري، و بصورة أكثر شراسة و جنونا، فكون "الجبهة الوطنية" لتكون جبهة معارضة لنظام "مايو"، و أخذ هو من الخارج يدبر سلسلة المؤامرات المتلاحقة التي كان آخرها الغزو الأجنبي.. و هو معلم بارز في حياة الصادق السياسية يكفي، وحده، للقضاء التام علي مستقبله السياسي في هذه البلاد!!
    (11) و جاءت "المصالحة الوطنية" كما أعلنتها ثورة مايو ليعود الصادق الي البلاد بعد إعلان "العفو الشامل".. ـ
    و اليوم !!
    نحب أن نؤكد، كما قد أكدنا مرارا عديدة، إننا مع "المصالحة الوطنية"!! بل اننا نري أنه يجب الا يكون هناك تردد فيها، أو نكوص عنها!! كما أننا مع "العفو".. إذ أن "العفو" فوق "العدل".. و لكننا نري، مما قد رصدنا في هذه الخاتمة من التاريخ السياسي للصادق، إن الصادق شديد الولوع بالسلطة.. و هو قد جاء ليحكم!! فلا يمكن أن يفكر الصادق، و لو للحظة واحد، في أن يختار لنفسه إتجاها في الحياة غير السلطة. و هو قد جاء ليلتقط أنفاسه، و يلم شمله، ثم يتحين الفرصة ليقفز لي السلطة! و لذلك دعونا الي الحذر!! و دعونا، فوق ذلك، الي "المنابر الحرة" و ذلك بحيث تلتقي كل التكتلات الطائفية و العقائدية، في البلاد، بما فيها الشيوعيون، حول ميثاق للمصالحة الوطنية تباشر وفقه، هذه التكتلات، كتنظيمات فكرية، إدارة الحوار حول مذهبياتها الفكرية التي تطرحها.. حتي تتم، بذلك، التوعية السياسية و الدينية الشاملة لهذا الشعب، و حتي يعرف الشعب حقيقة ما تنطوي عليه الشخصيات التي تدعي أو يدعي لها أتباعها أنه لا خلاص للشعب إلا علي يديها، كشخصية الصادق المهدي.. إن الشعب الواعي دينيا و سياسيا هو الذي يملك أن يقرر مصيره بنفسه.. فإذا شمل هذا الشعب الوعي السياسي و الديني، عن طريق هذه المنابر العامة، فقد صار مؤهلا فكريا، ليختار المذهبية الصالحة التي توحده، فتجيء الوحدة الوطنية علي الأساس الفكري، القوي، الذي يصمد أمام تيار الدس، و الكيد، و التآمر.. ـ
    إن التحقيق الصحفي الذي أجرته صحيفة "القبس" مع الصادق المهدي إنما يشير الي أن الصادق المهدي صاحب "برنامج" جاهز للحكم.. و هو أيضا صاحب "مذهبية" في الحكم، أودعها كتبه الأربعة: الصحوة، و الدعوة، و القوت، و الرئاسة.. فلتقم المنابر العامة للحوار الفكري، و ليطرح الصادق "مذهبيته" و "برنامجه"، في السياسة، و الإقتصاد، و الإجتماع، و ليجر الحوار الفكري الموضوعي حول "مذهبيته"، و "برنامجه"، و سوف تحدد "المنابر الحرة" مصير الصادق المهدي تماما!!
    و الخطر الماثل هو أن يظل الصادق في إنتظار فرصة الحكم، بإدعائه أنه "القيادة الملهمة"، و ان يظل شعبنا مجمد الوعي السياسي و الديني، كرصيد جاهز للطائفية الجديدة! و الصادق المهدي قد وجد، فعلا، نقطة الإنطلاق للعودة الي السلطة!! و هي الدعوة الي "تحكيم" الشريعة الإسلامية!! و تجيء لجنة تعديل القوانين لتتمشي مع مع أحكام الشريعة الإسلامية لتمثل رأس الرمح في زحف الصادق المخطط نحو السلطة!! أليس هو زعيم أكبر طائفة دينية ذات وزن سياسي، من الناحية العددية؟؟ و من ثم أليس هو أولي الناس بتولي الحكم عند "تحكيم الشريعة الإسلامية"؟؟
    إن خطر الصادق كمجدد للطائفية، يسعي ليمد لها في عمرها، بكل سبيل، إنما هو خطر ماثل!! و لا سبيل الي درئه الا (المنابر الحرة)!!
    إن الله تعالي غيور علي هذا الشعب، بما حفظ عليه من الفطرة السليمة.. و هو لا بد كالئه بعنايته.. هذه عادته.. و هو لها واصل.. له الحمد، كل الحمد.. ـ

    الأخوان الجمهوريون

                  

03-03-2003, 04:44 PM

baballa
<ababalla
تاريخ التسجيل: 05-13-2002
مجموع المشاركات: 151

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصادق المهدي!! والقيادة الملهمة!! والحق المقدس؟! (Re: Omer Abdalla)


    أثبت هنا مقالة كمال حسن بخيت التي أشرت إليها بدون تعليق

    سر المحبة بين محمد محمد خير والصادق المهدي

    محمد محمد خير.. الكاتب الصحفي والانسان.. استطاع ان يخلق له قاعدة كبيرة من القراء والمعجبين والمعجبات بكتاباته التي تميزت بالمفردة الانيقة والسخرية المحببة.. ومنذ نشر خبر وصوله من كندا حيث اصبح يحمل جواز السفر الكندي في حله وترحاله.. منذ نشر خبر وصوله الى موطنه ظل هاتفي يتلقى اليوم عشرات المحادثات تسأل عنه.. من احباب ومن قراء لا يعرفونه شخصياً وانما ارتبطوا بما كتب ومنذ وصوله.. ظل تحت حدقات عيون الاهل والاحباب واعرف ان صديقي محمد محمد خير من المع محبي الامام الصادق المهدي زعيم حزب الامة وامام الانصار والرجل الذي يحب الفن والفنانين.. ويحب الشعراء ويحتفى بهم دائماً .. لكنني لمست هذا العشق وذلك الوله يوم السبت الماضي بعد وصول محمد محمد خير الى الخرطوم بعد غربة امتدت (12) عاماً. فقد دعانا الامام المجدد الصادق المهدي للغداء بمنزله العامر بالملازمين احتفاء به وبالدبلوماسي الانصاري الحارث ادريس. كانت جلسة حميمية اذ ان معظم الحاضرين كانوا من اسرة السيد الصادق الكريمة ومن رافق الاستاذ الحارث ادريس من اهله.. وكنت واخي الحبيب ضياء الدين بلال مع صديقنا محمد محمد خير. كانت اولى تعليقات محمد محمد خير الضاحكة قوله للامام الصادق المهدي.. انه قرأ في الصحف عن بيعة الامامة.. ولفت نظره ان عدداً كبيراً من الدكاترة والبروفيسرات والمهندسين ارسلوا مبايعتهم عبر الصحف ولمؤتمر البيعة الامر الذي دعاه اي محمد محمد خير للقول:

    دي بيعة ولا سمنار. وضحك الجميع على رأسهم الامام الصادق.. وبعد تناول الغداء الفاخر. كعادة اسرة الصادق المهدي والذي كانت تشرف عليه السيدة سارة شخصياً وبنتاها رباح والدكتورة مريم قدم السيد نصرالدين الهادي المهدي محمد محمد خير لينشد الشعر في حضرة الامام الصادق والحضور الكريم.. وكانت مفاجأتي ودهشتي.. قال محمد خير للامام الصادق انه كتب هذه القصيدة بالشعر العمودي الملتزم لمحاصرة الممدوح داخل النص وللتقيد باصول الشعر.. واوضح ان اسم سعاد الوارد في القصيدة يعني زوجته فقد التزم باصول الشعر العربي القديم كأن يستهل المدح بالنسيب. وبطريقته الساخرة والفكهة قال للصادق المهدي ولما كان الممدوح اماماً لا يجوز التغزل في الزوجة وان جاءت المعاني الشعرية خلافاً لما تنطوي عليه ثم انشد

    لاحت سعاد كبرق بينه سدف

    فاستصبر القلب ان القلب يعترف

    عينا سعاد تحرقا لهبي

    وتفعلا فعلا في الجوف يختلف

    استعذب الدر ان ضحكت تمازحني

    ويستقيم دربي اذا ما الجيد ينعطف

    لها وفيت مما غازلت كاعبة

    وبها اكتفيت لان وصولها الهدف

    نار الصبابة ما يشوي القلوب جوى

    والصادق المهدي تستهدي به النطف

    الله اكبر يبقي المجد والشرف

    ان الامام امامي اينما اقف

    واتت لرؤيته دول لها اثر

    لانوا لرقته قوم به شغفوا

    علوت فصاحته فتعجبوا عرب

    هم يعجبون به مهما به اختلفوا

    خير معانيه حكم توجهه

    عبر مقاصده ليست كما الصدف

    ان الامام اذا ما امتد ساعده

    حتى الرياح لها في جريها لهف

    كان محمد خير ينشد هذا الشعر القوي بصوت متهدج تنضح منه محبة حقيقية وصادقة للامام الصادق المهدي.. وكان الامام الصادق ينظر اليه باعجاب وتقدير وضح من الترحيب بنا والاكرام الذي بلغ به تجميع اسرته احتفاء بمقدم محمد محمد خير. ورغم هذا الشعر القوي والمحبة الزائدة لا علاقة له بحزب الامة.. فانا كصديق قريب منه واعرف كل تفاصيل حياته واسرته اعلم انه يحس بمرارة شديدة تجاه الفترة التي قضاها معارضاً من القاهرة حتى هاجر الى كندا وجاء للسودان لا يرغب في شئ غير ان يعود اطفاله سودانيون وعرباً وليس له في السياسة بعد تلك التجربة اي رغبة يعود صديقي محمد محمد خير فقط للكتابة الشجية وليالي الشعر وللجمال.. فاهلاً به ليعطر اماسي الخرطوم بالشعر الجميل والكلمة الانيقة..




                  

03-03-2003, 10:53 PM

alrasikh


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصادق المهدي!! والقيادة الملهمة!! والحق المقدس؟! (Re: Omer Abdalla)

    حقيقه بعد الديمقراطيه في الميزان نتوقع الكثير من المحن من السيد او الامام و الله المستعان علي جماهير شعبنا المغلوب علي امره
                  

03-08-2003, 11:57 PM

baballa
<ababalla
تاريخ التسجيل: 05-13-2002
مجموع المشاركات: 151

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصادق المهدي!! والقيادة الملهمة!! والحق المقدس؟! (Re: Omer Abdalla)


    بقلم/ محمد خير البدوي

    درج السيد الصادق المهدي في الآونة الأخيرة وعبر وسائل الاعلام المختلفة على تبرئة نفسه مما لحق بكيان الأنصارسياسيا وإماميا وأسريا من شقاق وانشقاق وفرقة وافتراق ملقيا تبعة ذلك على المرحوم محمدأحمد محجوب . ثم يسارع طالبا الاحتكام للتأريخ في هذا الشأن متناسيا أنه بصدد فترة لم تودع بعد في أقبية التأريخ وزواياه ولا يزال كثيرون من معاصريها على قيد الحياة وهم شهود عيان فضلا عن أن الجراح التي أثخنت كيان الأنصار لم يقض نزيفها وانما هي في اتساع وانتشار والنيران التي نفذت إلي قدس أقداسه لم يخمد سعيرها بعد بل إزدادت لهيبا وشراهة .

    وفي غضون الشهرين الماضيين جرت مقابلتان مع السيد الصادق أولاهما مع الفضائية السودانية والثانية مع صحيفة الرأي العام تنصل فيهما كدأبه دائما وأبدا من أي دور له في ما وقع في معسكر الأنصار سياسيا وإماميا وأسريا وكأني بمحجوب يصيح ودونه جندل وصفائح هاتفا " رمتني بدائها وانسلت " .

    لقد أخذت مشاكل كيان الأنصار تطل برأسها ولما يبلغ السيد الصادق الثلاثين من عمره حين أوفد - حسب رواية المرحوم السيد اسحاق محمد شريف - نخبة من أحفاد الخليفة شريف ( خليفة الكرار ) إلى رئيس الوزراء محمد أحمد محجوب طالبين منه الاستقالة لكي يحل السيد الصادق مكانه بأمر من " أهل الظاهر والباطن " كما روى لنا المرحوم بشير محمد سعيد وعملا بنصيحة الدكتور الترابي له " إنت صاحب الجلد والرأس وأحق من سواك بمنصب رئيس الوزراء " . ولما لم يستجب محجوب لأحفاد خليفة الكرار حشد السيد الصادق الهيئة البرلمانية لحزب الأمة وأخضعها لضغوط مختلفة من أجل سحب الثقة من رئيس الوزراء محمد أحمد محجوب وبالتالي اسقاط حكومته حتي يخلو له الجو هو وأشياعه لتحقيق أطماعه وأحلامه الطائشة وعقدت الهيئة البرلمانية اجتماعا مريبا لم يدع إليه محجوب البتة خلافا لمزاعم السيد الصادق التي ذكر فيها أن محجوب رفض حضور الاجتماع قائلا " إن الإمام (الهادي ) هو الذي عينه رئيسا للوزراء ولن يستجيب لأي طلب بتنحيته من أية جهة سواه ". ومثل هذا القول الساذج غير الناضج لا يمكن صدوره من برلماني حاذق أصيل مثل محمد أحمد محجوب الذي ظل طيلة حياته ملتزما بالديمقراطية نصا وروحا وطالما زان ساحاتها ومنابرها معارضا أو في الحكم .

    ولا ينكر أحد أن السيد الصادق كان يومذاك فتي واعدا ومحط الرجاء في مقبل عمره وكان أولى به أن يصبر حتي عمر النبوة على الأقل لكي يكتسب قدرا معقولا من الخبرة والحنكة السياسية يؤهله لتولي أعلى موقع في نظام الحكم الديمقراطي البرلماني في السودان . ولكن يبدو أن حبه للرئاسة والإمامة ملك عليه قلبه ولبه ووجدانه ولا يزال وكان واضحا منذ البداية أن همه في المقام الأول ابعاد محجوب بقدر الامكان من أي موقع قيادي في الحزب باعتباره عقبة في سبيل تحقيق طموحاته بدلا من أن يترعرع في ظله وينهل من معينه استعدادا للمهمة التأريخية التي كانت في انتظاره وقد كان محجوب مدرسة وطنية فريدة فكرا وسلوكا واستقامة ونكرانا للذات وكان فوق ذلك ورغم انتمائه لحزب الأمة بعد الاستقلال شخصية قومية يحترمها الجميع .

    وتكشفت لنا وللآخرين الأجندة الخفية التي أعدها أهل الظاهر والباطن للسيد الصادق عقب ثورة اكتوبر إذ اعترض السيد الصادق على اختيار محجوب ليشغل باسم حزب الأمة منصب وزير الخارجية في الحكومة الانتقالية بحجة أنها حكومة شتات (لحم رأس ) لا يليق بالمحجوب أن يكون عضوا فيها ثم جاءت الانتخابات النيابية في عام 1965 فرشح محجوب نفسه في الدائرة «59» الدويم مسقط رأسه وهي دائرة مضمونة باعتبارها حسب الاصطلاح المتعارف دائرة مقفولة لحزب الأمة . وعين محجوب بكل حسن نية ( أ .ف ) وكيلا له في الدائرة وهو من القيادات الأنصارية العريقة في المنطقة ووكيل الإمام فيها ولكن ميوله مع السيد الصادق في الخفاء ؟؟ وتبين لأهل الدويم أنه لم يكن مخلصا لموكله وارتكب بالفعل أخطاء في إدارته للحملة الانتخابية من شأنها سقوط محجوب لا محالة . وأضطر محجوب أمام العديد من الأدلة الدامغة إلي عزل وكيله ( أ. ف ) واستبداله بنفر من أهل الدويم تحت اشراف ابنه سيد. وفي آخر المطاف فاز محجوب على منافسه بخمسمائة وواحد وسبعين صوتا فقط في تلك الدائرة المضمونة المقفولة التي كان ينبغي أن يكسبها بأغلبية ساحقة وكان واضحا خلال الحملة الانتخابية وعمليات التصويت أن ثمة عناصر معينة موالية للسيد الصادق ظلت تعمل في الخفاء حتي آخر لحظة لاسقاط محجوب بأي ثمن . وأجبرت تلك العناصر المتآمرة لجنة الانتخابات على تأخير اعلان النتيجة رسميا لليوم التالي بسبب إلحاحها علي اعادة فرز الأصوات مرتين على الأقل وكانت أنظار جميع الناس في السودان بأسره مشدودة في انتظار نتيجة الدائرة (59( الدويم باستثناء السيد الصادق الذي استقل الطائرة فور انتهاء عمليات التصويت للاستجمام في بيروت ولكنه عقد فور وصوله إلى هناك مؤتمرا صحفيا سأله فيه الصحفيون اللبنانيون عن مصير محجوب وهل سيصبح رئيسا للحكومة القادمة فرد عليهم السيد الصادق بأن اسناد مثل هذا المنصب لمحجوب ليس شرطا ضروريا وأن في حزب الأمة عددا من القيادات التي يمكن أن تملأ منصب رئيس الوزراء ثم أضاف قائلا " إن أخباراً وصلته مفادها أن محجوب خسر الدائرة ولكن ربما يجوز تعيينه رئيسا للنواب ؟ " تري كيف يحل للسيد الصادق أن يفرض على النواب رئيسا رفض الناخبون حتي مجرد انتخابه نائبا مثلهم ؟؟ وكأني بلسان حال محجوب يردد يومذاك مع شاعره المفضل (المتنبي ):

    ويلمها خطة ويلم قابلها üü لمثلها خلقت المهرية القود

    إنها بكل المقاييس انتهاك فاضح للدستور وللقيم الديمقراطية واستخفاف بالبرلمانيين والناخبين ولكن مثل هذه الأشياء لا وزن لها في قاموس السيد الصادق وقد أقدم على خطوة مماثلة بعد ذلك بنحو عشرين عاما عندما عين الأستاذ محمد ابراهيم خليل رئيسا لمجلس النواب في عام 1986 وكان ذلك بداية العد التنازلي الذي أفضي بنا في نهاية الشوط إلى ثورة الانقاذ . وقد وصفت تلك الخطوة يومذاك في صحيفة السياسة بأنها أول مسمار يدق في نعش الديمقراطية ودعوة صريحة للعسكريين لاغتصاب الحكم . وقال السيد الصادق يومذاك أمام مجلس النواب عند انتخابه رئيسا للوزراء عبارته المشهورة التي قصد بها محجوب " لقد انتهي عهد الحكم بالوكالة " وقاطعه محجوب في نقطة نظام قائلا إنه " لم يكن وكيلا عن فرد أو أسرة أو أية فئة خاصة وانما وكيلا عن السودان بأسره " وقد لا يعلم كثيرون أن محجوب قام بدوره الرائد في معركة الاستقلال منذ عهد مجلة الفجر مستقلا عن أي تنظيم سياسي حزبي حتي نال السودان استقلاله كاملا غير منقوص وكان له مع صنوه اسماعيل الأزهري شرف انزال العلمين المصري والبريطاني ورفع علم السودان مكانهما ممثلا للمعارضة إذ لم يكن حتي ذلك الوقت عضوا في حزب الأمة . أما الحكومة التي ادعى السيد الصادق المهدي أنها أنهت " عهد الحكم بالوكالة " فقد كانت أشد الحكومات فسادا واخفاقا في تأريخ السودان وأدت تصرفاتها وسياساتها إلى التضخم والغلاء والقلاقل الفئوية بما في ذلك القوات المسلحة وكانت لي مع تلك الحكومة صولات وجولات على صفحات جريدة " السياسة " أفضت إلى سقوطها في النهاية وأذكر أني كتبت مرة مخاطبا السيد الصادق رئيس الوزراء " إني أخشي عليك يا أمل الأمة من يوم يقول الناس فيه خيبة الأمل الراكبة جمل " تري هل صدقت نبوءتي ... ليتها لم تصدق ... فالصدق شر إذا ألقاك في الكرب العظام وكيف به إن ألقي أمة بأسرها لا فردا واحدا ؟

    الرأي العام 8 مارس 2003 م

    ü (العباسية - أمدرمان )

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de