هل فقدنا الكفاءة في حب الوطن وفي تقديس ما هو مقدس

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 11:08 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-08-2003, 12:57 PM

heema


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
هل فقدنا الكفاءة في حب الوطن وفي تقديس ما هو مقدس



    كتبته الاستاذة / آمال موسى
    فى الشرق الاوسط - عدد 4 مايو
    لها التحية اينما كانت ..

    واردت ان انقله هنا لانه وفى جوانب كثير مفصل علينا نحن السودانيون
    ________________________________________________________________


    أظن أن الطريقة الرخيصة التي استبيحت بها مدينة بغداد، ستبقى خالدة في الذاكرة العربية، تلك التي احترفت تخليد الهزائم والنكبات المتواترة وتلذذت بطعم المرارة بعد تاريخ طويل من التذوق.
    ويأتي استحضار المشهد صاحب الرجة العنيفة، من باب قراءة رموز تلك الطريقة وليس استجابة لنزعة مازوشية مصابة بشهوة جلد الذات. إضافة إلى أن طريقة سقوط بغداد قد أحدثت الصدمة ذاتها سواء عند الواثقين من هزيمتها أو عند من داعبهم أمل النصر. وهنا تحديدا تكمن أهمية هذه المسألة إذ أن شكل السقوط، فاجأ حتى الذين شاركوا في التخطيط له أو حتى تمويله لذلك فإنه سقوط يستحق النظر والقراءة بعيدا عن معالجة السيناريوهات والمسلسلات التي تفسر السقوط بالسقوط أو حتى تلك التي تكرس خيالها للتكهن بمصير من يهمها أمرهم من القادة العراقيين.
    إن التفكير في الطريقة التي سقطت بها بغداد، هو تفكير في علاقة الكائن العربي الحالي بالوطن، ومعاينة التغييرات التي طرأت على رمزية الأرض، التي لطالما ساوى بينها وبين الشرف. ثم هل يعني ذلك السقوط القاتل لبغداد أن حب الوطن، مفقود وبالتالي فإن إيماننا إيمان ناقص على اعتبار أن حب الوطن من الإيمان!
    رغم أن ظاهرة الخيانة، تحظى بنفور تلقائي وإجماع نفسي وأخلاقي على رفضها، إلا أن تجربة الإنسان مع الخيانة، أظهرت له بأنها جمع في صيغة المفرد، بمعنى أن الخيانات درجات، إذ هناك فرق بين من يخون امرأته أو من تخون بعلها أو من يخون صديقا أو حتى من يخون نفسه، وبين من يخون وطنه، فكل حالة خيانة هي مفتوحة على بديل آخر يقع إقحامه بطريقة غير أخلاقية، باستثناء خيانة الوطن التي هي حالة مغلقة ولا تطل إلا على الإفلاس التام.
    إلا أن السؤال الذي لا مفر منه رغم قسوته، هو لماذا ارتفع عدد العملاء والخائنين في البلدان العربية، وبماذا يمكن أن نفسر توتر العلاقة بين المواطن العربي ووطنه القومي؟
    في البداية لا بد من الإشارة إلى أن واقع مفهوم الوطنية عند الكائن العربي، يختلف عن واقع مفهوم الوطن عند الالمان أو الفرنسيين وذلك لأن الكينونة العربية قد قامت على الترحال وعاينت أشكالاً بديلة للوطن كالقبيلة مثلا. ومع طلوع فجر الإسلام أصبح الإسلام وطن المسلمين، كما سعى الكائن العربي أيضا إلى التوطين في اللغة فكانت اللغة العربية الوطن الذي أقام به ونعم فيه بالإحساس بالانتماء.
    اتخذ الوطن عند الكائن العربي أشكالا متعددة وكثيرة. ومن الرموز الأكثر قربا وتعبيرا عن مفهوم الوطن، هو رمز الأرض، ولعل الفلاح هو أكثر النماذج الفردية تعبيرا عن قدسية علاقة الإنسان بالأرض، ولذلك ولدت تلك القدسية طاقة للدفاع عن الأرض والموت في سبيلها، وهو ما يؤكد أن المقدس مولد لطاقة دفاعية وليس للعنف فقط.
    ولأن أنموذج الدولة الوطنية هو أنموذج حديث العهد على الأمة العربية، إذ ورثته عن الاستعمار، فإن خصوصية الحس الوطني الذي تولده الدولة الوطنية في الكائن العربي المنتمي إليها، لم يتبلور بعد، لذلك فانه حتى المواطن الشريف فيها مرتبك ولم يحسم أمر وطنيته الجديدة بعد. ويعيش المواطن العربي في دوامة من التجاذب بين وطن اللغة ووطن الدين والوطن المادي الجغرافي المتمثل في دولته، ولعل ظاهرة المتطوعين العرب الذين توجهوا إلى العراق إبان الحرب أكثر من يجسد الفئة الكبرى التي جعلت من العروبة والإسلام الوطن الذي يجب أن يستشهد من أجله. وإذا ما تمعنا في عمق التجاذب المتعدد سنلاحظ أنه حالة عامة تعيشها مختلف الشعوب العربية التي ما زالت في وجدانها تنتمي إلى منظومة الأمة العربية بالمعنى القومي الشاسع. وقد يفسر لنا هذا المعطى ولو جزئيا، صعوبات القبول السريع والتلقائي للتأقلم مع واقع جديد لمفهوم الوطن، يتناقض والواقع الذي كان سائدا قبل أن تتهاوى الامبراطورية العثمانية. وربما ما يحول الارتباك إلى تمزق حقيقي، هو صراع علمنة الدولة الوطنية الحديثة مع شساعة المقومات الثقافية التي تتجاوز حدود جغرافية الدولة الوطنية.
    إلا أن ما حال بالفعل دون تبلور علاقة قوية بين المواطن العربي والدولة الوطنية هو طبيعة الممارسة الوطنية وعمليات تحويل الوجهة التي تعرضت إليها، الشيء الذي قضى على إمكانية تقديس الوطن عند الشعوب العربية بشكل يتجاوز التقديس التلقائي إلى التقديس المبرر والمعزز بأمارات الحب الصادق القوي.
    فمن الأهمية الإشارة إلى أنه منذ ولادة الدولة الوطنية في العالم في بداية النصف الثاني من القرن المنصرم، ظهرت مؤشرات ودلائل تكشف عن ولاء النخب الحاكمة إلى المستعمر القديم وإلى القوى الخارجية العظمى، ولقد أثرت هذه المؤشرات على فعالية تربية الشعوب على الوطنية الجديدة، لا سيما أن تلك النخب هي أول من قاوم الحس الوطني وسعى إلى تعويضه بالحس النظامي، أي نسبة إلى النظام الحاكم. ولعل أخطاء الأحزاب الحاكمة في هذا الصدد لا تعد ولا تغتفر، إذ صاغت مفهوما مشوها للوطنية، وعممته بقوة السلطة، فأصبحت الوطنية تقاس بدرجة الولاء للحزب الحاكم، وكلما ضعفت درجة الولاء، ساد الشك في وطنيتك، ناهيك طبعا من المعارضين الذين يصبحون حسب مفهوم الوطنية المفروض، أفرادا غير وطنيين، في حين أن المعارضين الشرفاء أكثر الوطنيين وطنية بحكم توقهم إلى وطن أكثر عدلا وجمالا وأمنا وحرية.
    لقد خضع مفهوم الوطنية إلى تلاعب كبير ودمغجة، وحتى بالنسبة للذين اسعفهم وعيهم من التورط في هذه الألاعيب السياسية، فإن كثيرا منهم لم يستطع إقامة علاقة حب مع الوطن تقتات مما هو فعلي. إذ أن سوء توزيع الثروات واستفحال ظواهر الزبونية والوساطة واختراق القانون والفساد السياسي والاقتصادي، كل هذه تخلق حالة نفور بين الفرد والوطن الذي ينتمي إليه، فيتحول الوطن من بيت إلى سجن وأظن أن علاقة المواطن الذي يعيش الظلم وقلة الفرص، بوطنه سيكتسحها الخراب ولن يتمكن من التوطين الكامل والوطن الذي تغيب فيه كل أسباب الراحة يضيق بأصحابه، فيصبحون سكاناً اضطراريين لا مواطنين لهم حقوق وعليهم واجبات، وعندما يصبح البقاء في الوطن أمرا اضطراريا لا أكثر ولا أقل، تسقط قدسية الوطن وتتبخر ويستبدل حب الوطن بحالة انطفاء، تجر صاحبها إلى خيارات الهجرة واستبدال المنفى بالوطن.
    إننا نعيش أزمة طاقة داخلية، بمعنى أننا فقدنا الكفاءة في الحب وفي تقديس ما هو مقدس. وتؤكد لنا هذه الأزمة للمرة الألف، أن الخور السياسي المتغلغل في مجمل النظام العربي، قد دمر فينا كل قدرات العطاء والإيمان والحلم والدفاع عن قضايانا، بل عن حقنا في الوجود الشامخ!
    أوليس الاختباء في غرف النوم، وتحت الأسرّة، هربا من الدفاع عن الوطن، كفرا مسكوتا عنه؟ أم أن عدم الشعور بالاستقلال، هو السبب في تنامي عدد الخائنين، وفي موت الحس الوطني عند الكثيرين؟
    لقد تأخرنا كثيرا في القيام بأكثر من عملية تدارك حتمية، لذلك وجب علينا الآن، أن نعوّد أنفسنا على أن الوطن فوق الجميع، فوق اهله وفوق غزاته.
    وعفوا إذا بررت شيئا يعتبره البعض غير قابل للتبرير بقدر ما يستدعي البتر والحسم المطلقين. ومع ذلك فإن مبرر معالجة أي ظاهرة يعود أساسا إلى وجودها الواقعي الذي يفرض التعامل معها، لأن أي عملية تجاوز استعلائية لن تفيدنا بأي نتيجة تذكر.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de