نص تقرير جون دانفورث عن السودان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 10:48 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-09-2003, 11:53 AM

أبنوسة
<aأبنوسة
تاريخ التسجيل: 03-15-2002
مجموع المشاركات: 977

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نص تقرير جون دانفورث عن السودان

    أعلم أن كثيرا من المياه قد جرت من تحت الجسر، ولكنها محاولة لتحليل هذه المياه ومعرفة هل هي صالحة للشرب، أو حتى صالحة للزرع، وقد تكون غير صالحة لأي كائن حي

    فلابد من قراءة مثل هذه التقارير بتمعن
    ==================================================================================
    المبعوث الأميركي الخاص للسودان يرفع تقريره إلى الرئيس
    (نص التقرير الذي قدمه جون دانفورث عن مهمته في السودان إلى الرئيس بوش في 4/2002)

    واشنطن، 20 أيار/مايو- ذكر تقرير للمبعوث الأميركي الخاص الى السودان، السناتور السابق جون دانفورث، انه آن الآوان لقيام الولايات المتحدة وبلدان أخرى بدفعة كبيرة لتحقيق تسوية تستند الى حل وسط في السودان.

    وكان المبعوث الرئاسي دانفورث قد رفع تقريرا إلى الرئيس في 26 نيسان/أبريل بشأن مهمته التي
    قام بها في السودان كمبعوث خاص للرئيس للسلام في السودان. ويحدد دانفورث في التقرير معالم استنتاجاته وتوصياته التي جاءت ثمرة شهور من المفاوضات مع الجهات السودانية المشاركة في حرب أهلية مضى عليها 18 عاما، ومع شركاء أوروبيين رئيسيين للولايات المتحدة وبلدان مجاورة للسودان.

    واذ ذكر التقرير انه "يتعذر على أي طرف أن يكسب الحرب"، قال ان مسعى دوليا مستمرا يمكن أن يلقى أعظم نجاح في تحقيق تسوية عملية لكلا الجانبين. ويشدد التقرير على ان مشاركة الولايات المتحدة ينبغي ان تكون مبنية على التعاون والمساعدة، وعلى ايجاد وسائل فعالة للطرفين نفسيها كي يتوصلا الى اتفاقات وينفذاها في السودان.

    ويعلن التقرير انه ينبغي على الولايات المتحدة الا تطرح مبادرتها السلمية الخاصة بل يجب أن تدعم وتعزز المبادرات الراهنة. وينوه تقرير دانفورث بالجهود المتعاونة لكينيا ومصر و مساندة كندا والنرويج وسويسرا وأعضاء الإتحاد الأوروبي لإحلال السلام في السودان.

    ويقول التقرير ان دانفورث، بالتنسيق مع بلدان أخرى والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، طرح على الأطراف السودانية أربعة مقترحات تركز على تطبيق وقف اطلاق نار، وارساء فترة أيام من الهدوء لاتاحة ايصال معونات إنسانية، واحباط الهجمات ضد المدنيين، والغاء ممارسة الرّق.

    وقد أثمرت المساعي الدولية في عدة جبهات، كما يشير تقرير دانفورث. فقد عبر طرفا النزاع وهما حكومة السودان وحركة تحرير شعب السودان عن رغبتهما بالتوصل الى حل سلمي للصراع كما شجعا مشاركة الولايات المتحدة. وأهم من ذلك، طبقا لما جاء في التقرير، نفذ الطرفان وقف اطلاق نار في منطقة جبال نوبا المتنازع عليها وسمحا للمراقبين الدوليين بدخول البلاد.

    ويشدد تقرير دانفورث على أهمية ان أية مشاركة أميركية في السودان ينبغي ان تشمل مساعدات إنسانية، وينبغي ان تتمحور على معالجة المسائل الأساسية الباقية المثيرة للجدل وهي الحريات الدينية والثقافية، وإنشاء آليات رصد فعالة، وتقاسم العائدات المالية. ويقول التقرير: "يجب على الولايات المتحدة ان تواصل ايلاء مسألة السودان أهمية قصوى".

    وقال دانفورث في تقريره: "في وقت تعييني، أدركنا أنه، في حين قد تعمل الولايات المتحدة كمحفّز لكنها لن تستطيع فرض حل على السودان." وقال إن "السلام في السودان يعتمد على الدرجة التي يرغب المتحاربون في أن يكون عليها وهذا بدوره سوف تحدده الأفعال وليس الوعود. إن عليهم هم بالذات، ليس الولايات المتحدة أو دول أو منظمات خارجية أخرى، أن يقرروا بشأن المسائل الأساسية كالتي بحثناها أعلاه."

    وقال: "لقد قررنا بصورة صحيحة أنه لا يجب على الولايات المتحدة تطوير خطة سلام خاصة بها. يجب أن تستمر في التشجيع النشط ومساعدة دول أخرى في المنطقة لديها خطط سلام متقدمة لكي تعمل سوية، وبالأخص مصر وكينيا. يجب أن تستمر في حثّ دول أوروبية ودول أخرى مهتمة بالسلام في السودان على المساهمة في تنفيذ إجراءات مثل مراقبة وقف إطلاق النار في جبال النوبة، والتحقق من تنفيذ اتفاق حماية المدنيين، ودعم الجهود الإقليمية لتشجيع اتفاق شامل حول السلام العادل. يجب متابعة التقدم الكبير الذي تحقق حتى هذا التاريخ بدون أي فقد في الزخم. أعتقد أن أي مشاركة في المستقبل من جانب الولايات المتحدة في عملية السلام يجب أن تتبع هذا الأسلوب الحفّاز."

    وأوصى بأنه "يجب أن تعالج أي مفاوضات سلام العلاقة بين الدين والحكومة بصورة مكشوفة، وصريحة، ومطولة ربما مع توسط زعماء مسلمين ومسيحيين من خارج السودان. وبما أن الانقسام السياسي في البلاد لا يشكل حلاً عملياً لمشكلة الدين، فمن المهم أيضاً استكشاف طرق أخرى لضمان الحرية الدينية. إن مجرد تأكيدات شفهية حول التسامح الديني لن ترضي الأفراد غير المسلمين لأن الدستور القائم في السودان يدّعي تأمين الحرية الدينية." وفي ما يلي نص تقرير دانفورث بالكامل:

    (بداية النص)

    التوقعات بشأن السلام في السودان

    تقرير إلى رئيس الولايات المتحدة الأميركية

    من جون سي. دانفورث، المبعوث الخاص للسلام

    26 نيسان/إبريل، 2002

    تقرير إلى الرئيس

    المهمة

    لقد عبّرت ببلاغة، أثناء تقديمك لي في احتفال بحديقة الورود كمبعوثك الخاص للسلام في السودان، عن الألم الذي يشعر به الكثير من المواطنين الأميركيين تجاه عذاب الشعب السوداني. قلت انه حان الوقت لإدخال بعض سلامة العقل إلى السودان. وكلفتني بمهمة: أن أحدد مدى التزام طرفي النزاع في السودان بالسلام، وأن أوصي بما إذا كان من الضروري أن تشارك الولايات المتحدة بفعالية في الجهود الرامية إلى تحقيق سلام عادل في تلك الدولة.

    عقب ذلك، بحثت في الطرق المحتملة لتنفيذ ما كلفتني به مع وزير الخارجية كولن باول، ومساعد وزير الخارجية والتر كانستاينر، ومستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس، وآخرين. واستناداً إلى هذه المباحثات، قررت أن أكثر الطرق فعالية قد تكون الطريقة التحفيزية التي تُشجع وتُنسّق مبادرات السلام التي أعدتها دول مجاورة للسودان، وبالأخص مصر وكينيا، كما تُشرك دولاً مهتمة مثل كندا والنروج وسويسرا، ودولاً معّينة في الاتحاد الأوروبي ودولاً أخرى، في جهد مشترك لدعم السلام. قد لا يكون من الضروري أن تعد الولايات المتحدة خطة سلام خاصة بها لمناقشة تلك الخطط الموجودة، وبدلاً من ذلك قد تقوم بتشجيع العاملين على الخطط القائمة لكي يتحركوا قُدماً بالتعاون المشترك بينهم. كما قد لا يجدر بنا أن نقوم بدور الحَكَم بين الادعاءات المتنافسة لطرفي النزاع في السودان، بل قد نقوم باختبار احتمالات عملية سلام ديناميكية تكون فيها الولايات المتحدة أحد المشاركين.

    خلال المباحثات الأولية هذه اتفقنا أيضاً على إمكانية أن تشمل مسؤولياتي القيام برحلتين إلى السودان والدول المجاورة، وبرحلة واحدة إلى أوروبا، واحتمال إصدار تقرير خلال ستة أشهر تقريبا،ً وأن أكون، إن أصدرت توجيهاتك بذلك، مستعداً حسب الضرورة للمشاركة في مفاوضات سلام في المستقبل.

    لقد ساعدني فريق من الاختصاصين المحترفين في تنفيذ مهمتي برئاسة المسؤول المتقاعد في وزارة الخارجية روبرت أوكلي. ضم الفريق أيضاً نائب مساعد وزير الخارجية شارلي سنايدر، والمنسق للشؤون السودانية جيف ميلينغتون، ومدير الشؤون الأفريقية في مجلس الأمن القومي مايكل ميللر، ومساعد مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية روجر ونتر.

    إشراك طرفي النزاع

    بغية تنفيذ ما كلفت به، سافرت مرتين إلى السودان لمقابلة كبار القياديين في الحكومة السودانية وحركة التحرير الشعبية في السودان (SPLM)، الخصمين الرئيسيين في النزاع السوداني كما لمقابلة مجموعات عديدة أخرى وأفراد عديدين في المجتمع المدني. سافرت بشكل واسع في السودان وزرت مناطقاً تأثرت بالحرب والجفاف والتهجير البشري. كانت العذابات الإنسانية التي شاهدتها صاعقة. تكلمت مع أشخاص هاجمتهم الحوامات الحربية الحكومية وهربوا إلى الأدغال لا ينقلون معهم شيئاً غير الملابس التي يضعونها على أجسادهم. تكلمت مع آخرين كانوا قد اختُطفوا من قبل غزاة عرب، وتعّرضوا لأعمال وحشية لا يمكن وصفها وفُصلوا عن أطفالهم، وأُخضعوا إلى حياة العبودية. كما قابلت أيضاً العديد من السودانيين الذين كانوا يكافحون للتمسك بدينهم في مواجهة الحرمان والاعتداء. وكانت إحدى أكثر التجارب المطبوعة في ذهني هي حضور قداس للكنيسة الاستنية في الهواء الطلق بجوار كنيسة دمرت بقنابل الطائرات الحربية في قرية روميك الجنوبية الصغيرة. سوف احتفظ دائماً بذكرى إيمان رعية تلك الكنيسة.

    قابلت الرئيس الكيني دانيال أراب موي، والرئيس الأوغندي موسيفيني، والرئيس المصري مبارك للتباحث معهم حول جهود بلادهم في المساعدة على إحلال سلام عادل في السودان. عبّر الجميع عن اعتقادهم بأن المشاركة النشطة للولايات المتحدة تقدم الأمل الوحيد في وضع حد نهائي لهذا النزاع. في أوروبا، نسقت عملي مع حلفائنا البريطانيين والنروجيين والإيطاليين وبحثت الوضع الديني مع الفاتيكان ورئيس أساقفة كانتربوري. راجعت في نيويورك الجهود الإنسانية التي تقدمها منظمة الأمم المتحدة في السودان. كما اتصلت بأعضاء من الكونغرس ومجموعات من الناشطين يعملون في السودان. وفي حين برزت اختلافات حول كيفية المساهمة بشكل أفضل في إنهاء النزاع، كانت الرسالة الأساسية هي رسالة دعم لمبادرة السلام التي أطلقتها والتماساً لمشاركة ملتزمة من جانب الولايات المتحدة.

    تطوير اقتراحات إنسانية "لاختبار" طرفي النزاع

    قررت ان أتبع نهجا مختلفا للأطراف السودانية بغية تنفيذ المهمة التي كُلّفت به. في تاريخ السودان عشرات الاقتراحات والاتفاقات لوقف المعارك فيه. والأمر المشترك الوحيد بينها: هو عدم تطبيق أي واحد منها، وعدم تقريب أي واحد منها السودان على طريق السلام أكثر. بعد 18 سنة، ومع مقتل أكثر من مليوني شخص ومع وجود اكثر من 4.5 مليون شخص بين لاجئ ومشرد في الداخل، استمرت الحرب. ولذلك، وبدلاً من إعداد مشاريع اتفاقات سلام إضافية شاملة وجديدة، قررت أن اختبر مدى التزام الطرفين بتقديم مجموعة من الاقتراحات الملموسة التي قد تُشكّل تحديّاً سياسياً لهم وتقلل في نفس الوقت من عذاب الشعب السوداني. عملت عن كثب في إعداد هذه الاقتراحات مع مدير وكالة التنمية الدولية اندرو ناتسيوس، منسقكم الخاص للشؤون الإنسانية للسودان، وبالأخص مع أحد مساعديه الرئيسيين روجر ونتر. لدى ناتسيوس وونتر خبرة عميقة بالسودان. وافق الاثنان معي على أن من بين الأمور الحيوية تنسيق البرامج الإنسانية والإنمائية للوكالة الأميركية للتنمية الدولية ولغيرها من الدول المانحة مع مهمتي كي نبين للشعب السوداني أن التحرك نحو السلام قد ينتج فوائداً على المدى القصير واحتمالات مكافآت على المدى الطويل.

    أعددنا أربعة اقتراحات تستند جميعاً إلى ثلاث فرضيات أساسية. ركّزت الاقتراحات أولاً وقبل كل شيء على حماية المدنيين السودانيين العاديين الذين كثيراً ما يجدون أنفسهم محاصرين بين نيران الطرفين المتحاربين. ثانياً، أجبرت هذه الاقتراحات الطرفين على تغيير أنماط سلوكهما السابقة وعلى اتخاذ خيارات سياسية قاسية. ثالثا،ً ضمنت الاقتراحات قيام مشاركة ومراقبة دولية لتأمين إمكانيات احترامها إلى أبعد مدى. لم تتضمن الاتفاقات السابقة أي مشاركة دولية وكثيراً ما انهارت بسبب الارتياب الشديد للطرفين الذين لم يمكنهم مراقبة التطبيق والتحقق من التنفيذ. تم إعداد اقتراحاتنا بحيث تتجنب هذا الفشل (لدى المشاركة الدولية مزيّة إضافية إذ تجعل من الصعب على العالم بأن يحيد نظره جانباً أمام العذاب والظلم الذين يمثلان الواقع في السودان).

    تطرقت الاقتراحات الأربعة إلى مجالات محددة من العذاب الإنساني في السودان. وجرى تقديم الخطوط الرئيسية لهذه الاقتراحات إلى الطرفين خلال زيارتي إلى المنطقة في تشرين الثاني/نوفمبر. وبعد مرور ثلاثة أسابيع عاد إلى السودان للمتابعة فريق مشترك من وزارة الخارجية/الوكالة الأميركية للتنمية الدولية/ وزارة الدفاع. كانت المفاوضات حادة لأننا كنا نطلب من الطرفين ان يضعا رفاه وحماية الشعب واحتمالات السلام قبل أي اعتبارات تتعلق بالتفوق العسكري القصير المدى. بعد ثمانية عشر عاماً من الحرب، لم يكن هذا الأمر سهل المنال. رغم ذلك، من خلال القدرة على الاقناع، والضغط، والمثابرة تمكّنا في النهاية من ضمان الموافقة على كافة الاقتراحات الأربعة كما سوف نبحثه أدناه.

    لكني، خلال رحلتي الأولى، حصلت على تعهدات شفهية غامضة حول ثلاثة من الاقتراحات الأربعة. واجهنا مقاومة متصلبة لاقتراحنا القاضي بوضع حد للهجمات الحربية المتعمدة ضد المدنيين وبالأخص قذف القنابل من الطائرات الحربية الحكومية السودانية واستعمال الحوامات الحربية الهجومية. أبدى كلا الطرفين استعدادهما لتقديم تعهد شفهي بعدم مهاجمة المدنيين ولكن الحكومة عارضت تشكيل هيئة دولية لتأمين الالتزام بالتعهد. استغرق الأمر اكثر من ثلاثة اشهر من المفاوضات المُكثفة والمُجهدة، ولكن في أواخر آذار/ مارس تمكّنا بنجاح من التوصل إلى اتفاق حول هذا الاقتراح الأخير.

    وبقدر ما كان من الصعب التوصل إلى اتفاقات مكتوبة، من الضروري الإشارة بأن الناتج النهائي للجهود السابقة لم يكن إلاّ اتفاقات خطية ولا شيء أكثر من ذلك. ان تاريخ السودان مليء بالاتفاقات الخطية التي سرعان ما يتجاهلها الموقعون عليها. في حالات كثيرة خلال مهمتي، ابتداءً من زيارتي الأولى، أخبرت الطرفين بأني لا أهتم بما يعدان به اكثر من اهتمامي بما يفعلانه. فالتطبيق هو الأمر المهم.

    كان هذا التمييز بين الوعود والفعل واضحاً خلال مهمتي بكاملها. قبل رحلتي في تشرين الثاني/ نوفمبر، وعَدَت الحكومة السودانية أن بإمكاني السفر إلى جبال النوبة. وقبل يومين من زيارتي المقررة إلى تلك المنطقة (التي حصلت رغم التحذيرات) قذفت المدفعية الحكومية بالقنابل مهبط الطائرات المقرر أن أصل إليه. وفي مثال آخر، وافقت الحكومة السودانية مبدئياً على اقتراحنا بعدم مهاجمة المدنيين بصورة متعمدة، وبعد ثلاثة أيام أطلقت حوامة حربية نيران مدافعها الرشاشة على مركز لتزويد المؤن تابع للبرنامج العالمي للغذاء فقتل ما لا يقل عن 17 مدنياً.

    على ضوء هذه الأحداث (وأخرى كثيرة غيرها) فقد وضعت شرطاً لمشاركة الولايات المتحدة في عملية السلام التطبيق الصارم لكافة الاتفاقات والالتزام الكامل بها.

    أورد أدناه وصفاً موجزاً للاقتراحات الأربعة وتطبيقها حتى هذا التاريخ. وأعطيت في الملحق النصوص الكاملة للاتفاقات الأربعة الموافق عليها مع تفاصيل اكثر حول التطبيق.

    * وقف إطلاق النار والبرنامج الشامل للإغاثة وإعادة التأهيل لمنطقة جبال النوبة

    ان هذه المنطقة التي يسود فيها النفوذ الأفريقي والمسيحي ما زالت محاصرة من قبل القوات الحكومية لحوالي عقدين من الزمن، وقد استعملت الحكومة القوة الحربية والتجويع كأسلحة وسلّطت ضغوطاً ثقافية ودينية على الشعب المقيم هناك. لم تسمح الحكومة بوصول أي مواد إغاثة إلى مناطق مستهدفة معينة من جبال النوبة لمدة ثلاث عشرة سنة وذلك لتشديد الضغوط الغذائية الممارسة على السكان.

    الاقتراح -

    اقترحنا أولاً، وحصلنا على اتفاق لوقف إطلاق النار لمدة أربعة أسابيع لتمكين إسقاط المواد الغذائية من الجو. ثم اقترحت خلال زيارتي الأولى تمديد فترة الامتناع عن العمل الحربي للسماح لهيئات الإغاثة بالعمل، ولتثبيت هدنة رسمية خاضعة للمراقبة الدولية، ولتطبيق برنامج شامل للإغاثة، وإعادة التأهيل لكامل المنطقة، كان لنا هدف أوسع أيضاً: تعليم الطرفين ما قد يشمله اتفاق وقف نار شامل، وكيفية البدء ببناء ثقتهم بالعمل مع بعضهم البعض ومعنا بطريقة عملية غير سياسية.

    التطبيق -

    وافقت الحكومة كما وافقت حركة التحرير الشعبية في السودان (SPLM) على اقتراح خطي خلال زيارة فريق وزارة الخارجية/الوكالة الأميركية للتنمية الدولية /وزارة الدفاع في كانون الأول/ديسمبر برئاسة جيف ميلينغتون. أجريت، لاحقاً، في سويسرا في شهر كانون الثاني/يناير مفاوضات تفصيلية ناجحة برئاسة سويسرية وبمعاونة سويسريين وأميركيين لوضع إجراءات التحقق وتشكيل فريق المراقبين الدوليين واللجنة العسكرية المشتركة التي تضم فرقاء سودانيين ومراقبين دوليين. تستمر الهدنة ثابتة على الأرض. كما تحققت بعض حرية التنقل بين المناطق التي تسيطر عليها قوات الحكومة السودانية وتلك التي تسيطر عليها قوات حركة التحرير الشعبية في السودان.

    قادت الحكومة النروجية، بدعم منا، بدور قيادي في جهود المراقبة الدولية التي سوف تضع على الأرض ما بين 15 و25 مراقباً في المنطقة لضمان التزام الطرفين. وصلت أول مجموعة من المراقبين وبدأت اللجنة العسكرية المشتركة بالعمل بصورة مُرضية. جاء المراقبون والتمويل، حتى هذا التاريخ، من إيطاليا، وفرنسا، وهولندا، والنروج، والسويد، وسويسرا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة. كما عملت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أيضاً مع وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة لإكمال عمليات مسح لمتطلبات الإغاثة وإعادة التأهيل. بدأت مواد الإغاثة والتنمية تتدفق إلى المنطقة على متن طائرات مُنحت تراخيص هبوط صادرة محلياً. يمثل هذا الوضع ابتعاداً كاملاً عن الرفض السابق للحكومة السودانية لمنح تراخيص هبوط إلا تحت ضغوط شديدة وبموافقة من الأعضاء البارزين في الحكومة.

    أيام الهدوء -

    هدف هذا الاقتراح إلى تعزيز تزويد مواد الإغاثة إلى السودانيين المحتاجين وذلك من خلال جعل الطرفين يوافقان على فترات محددة يتوقفان خلالها عن الأعمال الحربية للسماح لوكالات الإغاثة بالعمل. ركّز الاقتراح اهتمامه على برامج القضاء على مرض شلل الأطفال، ودودة غينيا، وطاعون الماشية. يحتوي السودان بعض أوسع الخزانات الكبيرة المتبقية في العالم لهذه الأمراض الثلاثة.

    الاقتراح -

    توقف الطرفين عن القيام بأعمال حربية للسماح لموظفي الإغاثة بالوصول بلا عائق وبصورة مستمرة إلى مناطق محددة خلال فترات معيّنة من أجل تنفيذ برامج القضاء على الأوبئة.

    التطبيق -

    حصل قدر كبير من الارتباك بشأن العناصر الثلاثة لاقتراح أيام الهدوء وعلى من سوف تقع مسؤولية التأخير. في بعض الحالات سبب الارتباك حالات سوء تفاهم بيروقراطية من جانب المانحين المنفذين كما من جانب الحكومة السودانية وحركة التحرير الشعبية في السودان. فيما يتعلق بداء دودة غينيا لم يصبح البرنامج جاهزاً للتقدم فيه، مع أن الطرفين وافقا عليه في كانون الثاني/يناير. من جهة أخرى، وبالنسبة لبرنامج داء شلل الأطفال، الذي توقف تنفيذه مبدئياً بسبب عدم منح الحكومة السودانية تراخيص هبوط للطائرات، كما بسبب حادث احتجاز قوات ميليشيا تابعة لحركة التحرير الشعبية في السودان أفراد من مجموعة مطعّمي لقاح شلل الأطفال وتعريضهم للضرب وسرقة ما يحملونه من مال ومواد، فإن تطبيقه يتحسن بثبات الآن. اكتمل تنفيذ برنامج مكافحة داء طاعون الماشية ولكن، نظراً للشك المتواصل الدائر حول هذا الاقتراح، أوصي بأن تتحدث الولايات المتحدة مباشرة مع الطرفين لإزالة الارتباك بشأن اقتراح مناطق الهدوء ولتأمين تطبيقه بدون أي تدخل لا من جانب الحكومة السودانية ولا من جانب حركة التحرير الشعبية في السودان. ان الشكوك والإعاقات وعدم الثقة تؤكد على الحاجة إلى وضوح أعظم وعناية أشمل من قِبل الجميع في إعداد وتقديم وتنفيذ نشاطات إنسانية في مناطق حساسة عسكرياً وسياسياً.

    الهجمات على المدنيين -

    كان القصد من هذا الاقتراح منع حصول هجمات متعمدة ووحشية (تقوم بها غالباً طائرات وحوامات حربية حكومية) ضد مدنيين أبرياء. وكما جاء ذكره سابقاً، أطلقت الحوامات الحربية الحكومية مؤخراً نيران مدافعها الرشاشة باتجاه حشد مكون من 4 آلاف قروي سوداني كانوا ينتظرون الحصول على أغذية من مركز تموين تابع للبرنامج العالمي للغذاء وتسبب بمقتل ما لا يقل عن 17 شخصاً وجرح عدد كبير منهم. كما استهدف جيش التحرير الشعبي السوداني (SPLA) والميليشيا المتعاونة معه عمليات الإغاثة وأهدافاً مدنية أخرى.

    الاقتراح - إعادة تأكيد الطرفين على تعهدهما بعدم المهاجمة المعتمدة للمدنيين والمرافق المدنية كالمدارس، والمستشفيات، ومراكز الإغاثة، وتشكيل هيئة تحقيق دولية للتأكد من الالتزام بهذا التعهد.

    التطبيق - لقد وقّع الطرفان الاتفاق. تقوم الولايات المتحدة حالياً بجمع اتحاد دولي لتشكيل هيئة تحقيق وسوف تقوم بالدور القيادي في عملية تزويد الدعم المالي والبشري لضمان النجاح. سوف يكون المركز الرئيسي لهذه الهيئة في الخرطوم مع مكتب ثانوي في رومبك يعمل فيه حوالي 15 من الخبراء المتخصصين.

    مبادرة مكافحة العبودية - ربما لا توجد أي مسألة، باستثناء عمليات قصف المدنيين بالقنابل، تهم الأميركيين أكثر من الوجود المستمر للعبودية في السودان. والسجل واضح: تسلح الحكومة وتوجه المغيرين الغزاة الذين يعملون في الجنوب، يدمرون القرى ويخطفون النساء والأطفال لتشغيلهم كخدم ورعاة ماشية وعمال زراعيين.

    الاقتراح - يُلزم الاقتراح الحكومة بتقوية لجنتها الخاصة بمكافحة العبودية وجعلها أكثر فعالية. كما يُلزم أيضاً كلا الطرفين بتسهيل زيارة لجنة مدعومة دولياً برئاسة الولايات المتحدة مكونة من ثماني شخصيات مرموقة لإجراء تقييم للوضع ورفع توصيات إلى الطرفين والى آخرين حول الإجراءات العملية التي يمكن اتخاذها لوضع حد لمثل هذه المظالم.

    التطبيق - لقد عززت الحكومة لجنتها من خلال جعلها خاضعة تماماً للسيطرة المباشرة لرئيس الجمهورية في السودان كما من خلال تعيين نائب وزير محترم رئيساً جديداً لهذه اللجنة. من جهتنا، نظمت وزارة الخارجية الأميركية لجنة تحقيق برئاسة نائب رئيس إذاعة صوت أميركا بن كيمبل والسفير جورج مور. انضم إلى هذه اللجنة بريطانيون ونروجيون وإيطاليون وفرنسيون بارزون من ذوي الخبرة العالية وقامت اللجنة بأول زيارة لها للمنطقة في 18 نيسان/إبريل. من المتوقع أن تقدم البعثة توصيات حول أعمال محددة سوف يتم تشجيع ودعم ومراقبة تنفيذها من قبل فريق المستشارين التقنيين المؤهلين تماماً التابع للبعثة الذي ترأسه أميركية وهي اليزابت جاكسون.

    بالإضافة إلى ذلك، تعمل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ووزارة الخارجية الأميركية على توفير الأموال اللازمة لتشجيع المصالحة بين قبيلة دنكا الجنوبية (ضحايا غارات العبيد) والقبائل التي ينتمي إليها المغيرون الغزاة.

    جهود لإنهاء النزاع - لقد أوضحت باستمرار أن الولايات المتحدة لا تنوي إطلاق مبادرة سلام "أميركية" جديدة. هناك عدد كبير جداً من مبادرات السلام الخاصة بالسودان ولذلك يجب أن يكون هدفنا توحيد هذه المبادرات لا أن نضيف إليها مبادرة أخرى. كما أنه، بدلاً من تشويه عمل الكينيين والمصريين وآخرين يجب أن نشجعهم على التعاون فيما بينهم والاستناد إلى جهودهم السابقة.

    لقد تأثرت بجهود الرئيس موي في نفح حياة جديدة في عملية السلام التي تقودها كينيا نيابة عن هيئة التنمية المشتركة بين الحكومات (IGAD) وهي التجمع الإقليمي لدول أفريقيا الشرقية. قابلني الرئيس موي ثلاث مرات للبحث في شؤون السلام وقد عبّر بوضوح كبير عن تعهده الشخصي بتحقيق اتفاقية سلام مبكرة في السودان. لقد حصل على تفويض معزز من قمة رؤساء دول هيئة التنمية المشتركة بين الحكومات (إيغاد) التي انعقدت في الخرطوم في آذار/مارس وعيّن رئيس أركان الجيش الكيني المؤهل للغاية، الجنرال لازروس سومبايو، ليكون المبعوث الكيني إلى عملية السلام. يعمل الجنرال سومبايو بصلابة لجمع ممثلي الحكومة السودانية وممثلي حركة التحرير الشعبية في السودان حول إطار عمل تفاوضي يسعى لمعالجة الشكاوى والتطلعات المشروعة لشعب جنوب السودان ضمن إطار جهود المحافظة على وحدة البلاد.

    طوّرت مصر أيضاً مبادرة خاصة بها لتحقيق السلام في السودان. ركزت هذه المبادرة المشتركة (مع ليبيا) اهتمامها بدرجة أكبر على مسائل قومية أكثر شمولاً من المسائل التي وردت في مبادرة السلام الكينية. في الماضي، بدت المبادرتان وكأنهما متعارضتين وسمح وجود مبادرتين للسلام أمام الطرفين في السودان بتفضيل واحدة على أخرى من أجل دعم مصالحهما وتجنب اتخاذ قرارات صعبة حول السلام.

    تحدثت مع الرئيسين موي ومبارك حول تنسيق جهودهما لجعلها مكملة لبعضها البعض بدلاً من أن تكون منافسة وتفاعل الرئيسان بإيجابية. أكد الرئيس موي على أهمية مصر للسلام في السودان وطلب مساعدة الولايات المتحدة في السعي لتحقيق التوافق بين المبادرتين. أكد لي الرئيس مبارك أنه يريد العمل مع كينيا وأنه مستعد لتوثيق المبادرة المصرية مع مبادرة هيئة التنمية المشتركة بين الحكومات، وأنه سوف يرحب بإجراء مباحثات مباشرة في هذا الصدد. راجع معي خطته للوضع وبالأخص على ضوء الأحداث الرهيبة في 11 أيلول/سبتمبر التي جعلت من الاتفاق المسلم-المسيحي مسألة أكثر أهمية من ذي قبل. إني أعتبر أن آراء الرئيس مبارك حول السودان والالتزام المصري بالتعاون المتزايد مع هيئة التنمية المشتركة بين الحكومات على أنها تقدم رئيسي. منذ مقابلتي للرئيس مبارك زار الجنرال سومبايو القاهرة للتباحث حول تحسين التنسيق. وهو يعمل الآن على كيفية إشراك مصر في عملية التفاوض، وهو جهد يتوجب علينا دعمه بقوة.

    إن التعاون والتنسيق الذين تحققا مؤخراً بين الولايات المتحدة وحكومات أوروبية معنية يشكلان، حسب اعتقادي، تطوراً إيجابيا آخر. في الماضي كان للاختلافات المضخمة في الأساليب بين الولايات المتحدة وأوروبا تأثيراً على السودانيين على حساب الجهود المبذولة لتشجيع السلام. زادت مؤخراً وسائل الاتصال والتنسيق المحسنة بدرجة كبيرة بين الولايات المتحدة وأوروبا من طاقتنا، المشتركة والمنفصلة، في العمل على تخفيف العذاب في السودان وعلى تشجيع التقدم نحو السلام.

    الاستنتاجات والتوصيات - إن الاستنتاج الرئيسي لمهمتي هو عدم إمكانية ربح الحرب من قبل أي طرف على أساس تحقيق أهدافهما الحالية. لذلك، لقد حان الوقت للممارسة دفع رئيسي لتحقيق تسوية تستند على حل وسط. أعتقد أن حكومة السودان، كما حركة التحرير الشعبية في السودان قد أعطيا دلائل كافية تشير إلى أنهما ترغبان في السلام، الأمر الذي يبرر المشاركة النشطة للولايات المتحدة في عملية سلام طويل الأمد. لقد عبّر زعماء كلا الطرفين عن رغبتهما في الوصول إلى حل سلمي للنزاع وشجعا المشاركة الأميركية. خلال نيسان/إبريل قدم الطرفان اقتراحات إلى هيئة التنمية المشتركة بين الحكومات تقترح إعادة التفكير بالمواقف المتخذة سابقاً. بالنسبة للاقتراحات الاختبارية الأربعة، فقد تبين أن الطرفان يمكنهما الاتفاق على مسائل مثيرة للخلاف كما السماح بوجود مراقبة دولية على تنفيذ اتفاقاتهما.

    إن اتفاق جبال النوبة، كونه المتعلق بأحد أكثر المناطق التي يشتد الخلاف بشأنها في البلاد، يُعتبر اتفاقاً استثنائياً. ولا زالت الهدنة محترمة في جبال النوبة، وبدأ المراقبون الدوليون بالوصول، وبدأ تنفيذ برنامج للإغاثة وإعادة التأهيل الطويل الأمد. إن تأثير هذا الاتفاق الناجح وفّر للشعب في جبال النوبة حياة جديدة وزود في أجزاء أخرى من السودان مبرراً قوياً للسلام لم يغب عن فكر الحكومة أو حركة التحرير الشعبية في السودان. كما أن الاتفاقات بشأن بعثة مكافحة العبودية ومنع الهجمات على المدنيين كانت مشجعة بنفس الدرجة . ومع التنفيذ المستدام سوف تقدم هذه الاتفاقات إثباتات إضافية بأن السلام ممكن التحقيق.

    رغم ذلك، فان التقدم حتى حول نقاط الاختبار الأربع كان صعباً إلى درجة كبيرة، وجاء الاتفاق كما تم التوصل إليه بعد تذمر شديد. يريد كلا الطرفين حل النزاع ولكن كل وفق شروطه. ما زالت هناك شكوك كبيرة لدى كلا الطرفين والقتال يستمر ويتركز في الوقت الحاضر في محافظة النيل الأعلى. يعتبر كلا الطرفين التقدم بأنه لعبة لا يمكن أن ينجح فيها طرف من دون خسارة الطرف الآخر أو العكس.

    إن الصعوبات في تنفيذ مبادرة أيام الهدوء تُبرز هذه المشكلة. نرى أن أيام الهدوء تحسّن صحة السودانيين وتبني الثقة بين المتحاربين. لكن، حكومة السودان تحاول التلاعب بالعملية بهدف تشديد المراقبة على المؤن المرسلة إلى مناطق سيطرة حركة التحرير الشعبية في السودان، بينما تصّر حركة التحرير على أن تحرك الطائرات التي تديرها الأمم المتحدة يجب أن لا تنطلق من وأن لا تحلق فوق أراضٍ تسيطر عليها الحكومة.

    إن الصعوبة القصوى في الوصول إلى اتفاق بين حكومة السودان وحركة التحرير تؤكد على الأهمية الأساسية لوجود وسطاء خارجيين في عملية السلام بضمنهم الولايات المتحدة. لكن، فائدة المساعدة الخارجية سوف تعتمد على إرادة الطرفين في تنفيذ الالتزامات التي تعهدا بها. اعتقد أن أي مشاركة للولايات المتحدة يجب أن يُعاد النظر فيها باستمرار على ضوء الإرادة المستمرة للطرفين في تنفيذ ما اتفقا عليه. إن التوقف عن تنفيذ الاتفاقات الاختبارية الأربعة قد يضع مدى التزام الطرفين بالسلام قيد التساؤل.

    ملاحظاتي حول المسائل الرئيسية - في حال اختارت الولايات المتحدة المشاركة في عملية تحقيق سلام مستدام في السودان، اقدم الأفكار التالية حول مسائل جوهرية يتوجب معالجتها، وحول بعض الخطوات الإجرائية التي يجب أن نتخذها. تقع مسؤولية تحديد المواقف على عاتق الطرفين بالنسبة للمسائل التي لديهما حولها آراء متشددة. ولا تقع هذه المسؤولية على عاتقي ولا على عاتق الولايات المتحدة أو أي أطراف آخرين خارجيين.

    رغم ذلك، تبقى هذه مسائل حاسمة يتوجب على الولايات المتحدة كما على الطرفين أخذها في عين الاعتبار بعناية. فمن المحتمل أن تتطور آراء الطرفين خلال المسيرة نحو السلام.


    المسائل الأساسية


    النفط

    إن اكتشاف احتياطي نفطي مهم، بالأخص في الجنوب، وبدء الإنتاج الجدي له في عام 1999، أعاد تكوين شكل الحرب الأهلية في السودان (يملك السودان احتياطي نفطي يتجاوز بليون برميل مع احتمالات وجود احتياطي إضافي يتراوح بين بليون وأربعة بلايين برميل). لا يمكن التوصل إلى تسوية دائمة للحرب في السودان ما لم تتم المعالجة الفعالة للمسألة النفطية. تعتبر جبهة التحرير الشعبية في السودان النفط على انه منحة طبيعية للجنوب استغلتها الحكومة بالقوة لتمويل استراتيجية حربية تعتمد بصورة متزايدة على شراء أسلحة مكلفة الثمن وقاتلة بدرجة عالية. من جهتها تعتبر الحكومة أن حقول النفط موارد استراتيجية معرضة للأخطار تسعى لحمايتها بصورة وقائية من خلال هجمات تقوم بها ضد المتمردين الجنوبيين ومن تزعم أنهم مؤيدوهم المدنيون. تعتبر الحكومة السودانية إن المصالحة الأخيرة بين جون غارانغ ورياق مشار وبيانات غارانغ حول الهجمات الوشيكة من قبل جيش التحرير الشعبي في السودان بأنها تهديد خطير من جانب قبيلتي الندير-دنكا لحقول النفط، الأمر الذي يبرر القيام برد فعليحربي يشمل هجمات على المدنيين.

    يجب أن تعالج أي عملية سلام مسألة النفط بغية حل سبب رئيسي للنزاع ولكي تخدم كأساس لسلام عادل. قد يكون التخصيص العادل للموارد النفطية مفتاح معالجة مسائل سياسية أوسع إذا أمكن إيجاد صيغة مالية لتقاسم الواردات النفطية بين الحكومة المركزية وشعب الجنوب. وقد يكون من الممكن إيجاد صيغة مقبولة لدى حركة التحرير الشعبية في السودان والحكومة السودانية لفض النزاع الجاري حول حقول النفط قبل التوصل إلى اتفاق سلام نهائي.

    في حال ساد في هذا البلد سلام واستقرار سياسي أقوى مما هو عليه الآن، سوف يزداد احتمال قيام شركات نفط دولية ومستثمرين أجانب بتوظيف الاستثمارات الضرورية لتحقيق القدرة النفطية للسودان. يجب أن يمثل هذا الواقع حافزاً قوياً للحكومة السودانية وحركة التحرير الشعبية في السودان للوصول إلى اتفاق. لكن، أي اتفاقات من هذا النوع سوف تحتاج إلى مباحثات وتحاليل موسعة كما سوف تتطلب وجود هيئات يعتمد عليها لمراقبة دولية لضمان سلامة تنفيذ أي شكل من أشكال صيغة لتقاسم الواردات يتم الاتفاق عليها.

    بعد وقت قصير من تعييني مبعوثا خاصا، قمت بحثّ حكومتنا على الاستعانة بخدمات خبراء يعملون في الإدارات المختلفة لتكوين الرأي الأمثل حول كيف يمكن لتقاسم الواردات النفطية أن يعزز قضية السلام في السودان. يجري حالياً تنفيذ بعض الأعمال الواعدة من جانب هيئات غير حكومية لتكوين صورة إجمالية لقطاع النفط في السودان ودراسة خيارات تقاسم الواردات. إني لا زلت أعتقد أن مثل هذا العمل قد يكون ذا قيمة كبيرة كموضوع للاعتبار في أي عملية سلام.

    ب) تقرير المصير

    عانى السودانيون الجنوبيون باستمرار من أشكال سوء المعاملة على أيدي الحكومات المتعاقبة في الشمال شملت التعصب الديني، وتقييد الحصول على الموارد القومية. إن أي اتفاق للسلام عليه معالجة حالات الظلم التي عانى منها شعب جنوب السودان.

    طالب السودانيون الجنوبيون بحث تقرير المصير كوسيلة لحماية أنفسهم من الاضطهاد. لكن هناك وجهات نظر مختلفة حول ما يعني تقرير المصير بالنسبة لمستقبل السودان.

    ورد الرأي القائل بأن حق تقرير المصير يشمل الخيار الذي يضمنه انفصال الجنوب في بيان المبادئ الصادر عن هيئة التنمية المشتركة ما بين الحكوما، كما يدعمه العديد من السودانيين. لكن حكومة السودان سوف تقاوم بقوة الانفصال والذي سوف يكون تحقيقه صعباً للغاية.

    أعتقد أن وجهة النظر الممكن تحقيقها أكثر، والتي أعتقد أنها الأفضل لتحقيق حق تقرير المصير، هي التي تضمن حق الشعب في جنوب البلاد بالعيش تحت حكم يحترم دينه وثقافته. قد يتطلب نظام كهذا إعطاء ضمانات جديّة داخلية وخارجية بحيث لا يمكن للحكومة أن تتجاهل في الممارسة أي وعود تقدمها في مفاوضات السلام.

    ج) الدين

    ما من مسألة أخرى أكثر إثارة للفرقة في السودان من العلاقة بين الدين والدولة. إن الاختلاف بين المسلمين والمسيحيين حاد بدرجة تمنع قيام أي تواصل أو تفاهم بين الدينين.

    توضّح لي عمق المشكلة لأول مرة في اجتماع مشترك بين رجال دين مسلمين ومسيحيين جرى خلال رحلتي إلى الخرطوم في تشرين الثاني/نوفمبر، 2001. أصرّ رجال الدين المسلمون على أن الدين ليس مشكلة في السودان وأن الشريعة الإسلامية لا تطبق على غير المسلمين وإن كافة السودانيين أحرار في ممارسة أديانهم. رد رجال الدين المسيحيون على ما قاله المسلمون بشدة وغضب مشيرين إلى قائمة من المظالم بضمنها فرض تعليم الدين الإسلامي واللغة العربية في المدارس، وقيام الحكومة بإطلاق قنابل مسيلة للدموع في الكاتدرائية الأسقفية خلال الأسبوع المقدس في عام 2000.

    بقدر ما أثار الاجتماع المثير للخلاف دهشتي، أثارت دهشتي كلمات التقدير التي عبّر عنها الفريقان بصورة منفصلة بعد ذلك. قال المسلمون والمسيحيون انهم قبل الاجتماع لم يعرفوا بعضهم بعضاً ولم يسمعوا سابقاً الطرف الآخر وهو يعبّر عن آرائه.

    وعبّر رجال دين مسيحيون بقوة عن عداء المسيحيين للحكومة الإسلامية في اجتماع عقدته معهم خلال رحلتي في كانون الثاني/يناير، 2002. طلبت عقد الاجتماع لاستكشاف ما إذا كانوا مستعدين لدعم إنشاء، في المستقبل القريب، نظام لتسوية الشكاوى الدينية حتى قبل التوصل إلى اتفاق سلام. كان ردهم السلبي للغاية إن مثل هذا النظام لن يعمل وأن الطريق الوحيد أمام المسيحيين للتعامل مع الحكومة هو "حق تقرير المصير". كانوا يعتقدون بأنه من خلال ضمان حق تقرير المصير في أي اتفاق سلام فإنهم بذلك يحمون أنفسهم في حال عدم تطبيق عناصر الاتفاق المتعلقة بالحقوق الدينية.

    مهما كانت تأكيدات الحكومة والمسلمين بوجود حرية دينية في السودان فإني لا أعتقد بأن سلاماً دائماً وعادلاً يمكن تحقيقه في البلاد مع وجود عدد كبير من المواطنين يعتقدون بأن الحكومة تضطهدهم. أخبرني عدد من الناس أن شعورهم بالاضطهاد يشمل العرق، والاثنية، والثقافة ولكنه يشمل بصورة واضحة الدين.

    يجب أن تعالج أي مفاوضات سلام العلاقة بين الدين والحكومة بصورة مكشوفة، وصريحة، ومطولة ربما مع توسط زعماء مسلمين ومسيحيين من خارج السودان. وبما أن الانقسام السياسي في البلاد لا يشكل حلاً عملياً لمشكلة الدين، فمن المهم أيضاً استكشاف طرق أخرى لضمان الحرية الدينية. إن مجرد تأكيدات شفهية حول التسامح الديني لن ترضي الأفراد غير المسلمين لأن الدستور القائم في السودان يدّعي تأمين الحرية الدينية.

    ويتمثل مفتاح الحل بإيجاد ضمانات للحرية الدينية قد تكون إما داخلية أو خارجية. وقد تستلزم الضمانات الداخلية وجود وسيلة قضائية للتطبيق القسري للحقوق الدينية، وهذه قد تكون غير واقعية في المدى القصير. قد تشمل الضمانات الخارجية المراقبة الدولية لاحترام الحرية الدينية بواسطة نظام " الجزرة والعصا" للتطبيق القسري للحقوق الدينية.

    د- نظام الحكم

    إن إعداد اتفاق سلام شامل يضمن الحريتين الدينية والثقافية، والتوزيع العادل للواردات النفطية، أو يُحدد الوظائف الأخرى للحكم يتطلب تفكيراً متأنياً.

    تشمل المواضيع التي يجب أخذها في عين الاعتبار تقاسم السلطات ما بين الحكومة المركزية والحكومات الإقليمية، وأسلوب اختيار القادة الحكوميين على كافة المستويات وطرق فرض تطبيق حماية الحقوق الفردية.

    قيل لي بأن هناك على الأقل أكثر من اثنتي عشرة فئة قبلية- سياسية مهمة مختلفة في جنوب السودان إضافة إلى مجموعات مؤثرة دينية- واجتماعية مدنية أخرى. كما أن الوضع نفسه قائم في الشمال حيث هناك عدد من الأحزاب الدينية-السياسية، ومجموعات إثنية وإقليمية ومدنية مؤثرة، إضافة إلى جيش قوي سياسياً والحكومة القائمة. سوف يكون من المهم تأمين القدرة لهذه التجمعات المختلفة لإسماع آرائها والمشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالسلام والمستقبل السياسي للسودان.

    هـ- الضمانات الداخلية والخارجية

    كما تم تبيانه في مواضع أخرى من هذا التقرير، لن يكون للاتفاقات الخطية سوى أهمية ضئيلة في السودان ما لم توجد هيئات لفرض تطبيقها. بدون قيام هيئات لفرض التطبيق، فقد تتمكن الولايات المتحدة من أن تستثمر الكثير من الجهد والهيبة للوصول إلى ترتيبات قد تبدو أنها جيدة وقت إعلانها إلا أنها قد تنجز بسرعة. إن الضمانات الداخلية المكرسة في القانون السوداني تستحق المتابعة، ولكن إلى أن يصبح لدى السودان نظام قانوني جدير بالثقة، ودستور يمكن فرض تطبيقه، مع التزامات سياسية وشعبية باحترامه، يجب تأمين ضمانات مكملة ذات شأن من قبل دول أخرى أو منظمات إقليمية أو دولية. يجب أن تدرس الولايات المتحدة مسبقاً شكل ومدى أي ضمانات تريد تزويدها والتي يمكن إشراك دول ومنظمات أخرى فيها بشكل مفيد. قد تشمل هذه المنظمات هيئة التنمية المشتركة بين الحكوما، ومنظمة الوحدة الأفريقية، والجامعة العربية، ومجلس الأمن، كما مجموعة من الدول على أساس مؤقت. تتمثل فكرة تستحق الدرس بأن ينشئ مجلس الأمن لجنة خاصة لمراقبة تطبيق اتفاق السلام تقدم تقاريرها في فترات منتظمة إلى المجلس حول أي مشكلة تبرر الدرس وإمكانية القيام بعمل تصحيحي.

    II- طريقة العمل

    أعتقد أن المبادئ ذاتها التي وجهت عملي كمبعوث خاص يجب أن تطبق على أي مشاركة لاحقة للولايات المتحدة في عملية سلام.

    في وقت تعييني، أدركنا أنه، في حين قد تعمل الولايات المتحدة كمحفّز لكنها لن تستطيع فرض حل على السودان. يعتمد السلام في السودان على الدرجة التي يرغب المتحاربون في أن يكون عليها وهذا بدوره سوف تحدده الأفعال وليس الوعود. إن عليهم هم بالذات، ليس الولايات المتحدة أو دول أو منظمات خارجية أخرى، أن يقرروا بشأن المسائل الأساسية كالتي بحثناها أعلاه.

    لقد قدّمنا أربعة اختبارات لإرادة المتحاربين، كل اختبار منها يلبي الحاجات الإنسانية ويتطلب كل اختبار منها في بعض الأحيان اتخاذ قرارات سياسية صعبة، ويفرض كل اختبار منها مراقبة خارجية لتأمين الالتزام. بصورة جماعية، يشكل تطبيقها المستمر تحركاً مهماً باتجاه تخفيض الأعمال العدائية. يجب أن تستمر هذه الاقتراحات الأربعة في قياس مدى التزام السودانيين. من المحتمل أن تبرز اقتراحات محدودة أخرى قد تزود وسائل إضافية للتقدم التدريجي نحو سلام كامل وعادل.

    لقد قررنا بصورة صحيحة أنه لا يجب على الولايات المتحدة تطوير خطة سلام خاصة بها. يجب أن تستمر في التشجيع النشط ومساعدة دول أخرى في المنطقة لديها خطط سلام متقدمة لكي تعمل سوية، وبالأخص مصر وكينيا. يجب أن تستمر في حثّ دول أوروبية ودول أخرى مهتمة بالسلام في السودان على المساهمة في تنفيذ إجراءات مثل مراقبة وقف إطلاق النار في جبال النوبة، والتحقق من تنفيذ اتفاق حماية المدنيين، ودعم الجهود الإقليمية لتشجيع اتفاق شامل حول السلام العادل. يجب متابعة التقدم الكبير الذي تحقق حتى هذا التاريخ بدون أي فقد في الزخم. أعتقد أن أي مشاركة في المستقبل من جانب الولايات المتحدة في عملية السلام يجب أن تتبع هذا الأسلوب الحفّاز.

    يجب أن تكون مشاركة الولايات المتحدة في عملية البحث عن السلام، مع ممارسة دورها التعاوني والحفّاز، نشطة وفعالة. يعني ذلك، على الأقل، أنه قد يتوجب علينا تعزيز وجودنا الدبلوماسي الحالي الضعيف في السودان من اجل أن نكون مشاركين فعالين في عملية سلام مكثفة ومستدامة. كما يجب أن نقوي كمية الموارد البشرية لدى الوكالات في واشنطن المكرسة للسودان وأن ندرس زيادة دعمنا لسكرتارية هيئة التنمية المشتركة بين الحكومات.

    وأخيراً، من خلال الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، يجب أن تواصل الولايات المتحدة في تخصيص أولوية عالية للسودان في سياستها، وبالأخص من خلال تزويد مساعدة إنسانية وإنمائية في جنوب السودان. وفي سياق هذا العمل، يجب أن تنسق الولايات المتحدة نشاطها عن كثب مع المانحين الآخرين. كما يجب أن نعمل سوية مع مانحين آخرين إلى منطقة شمال السودان، حيث لا يمكننا قانونياً حالياً إلاّ تقديم مساعدات إنسانية فقط، وعندما تتحسن احتمالات تحقيق السلام، بحيث نأخذ إمكانية إلغاء التقييدات المفروضة على شكل المساعدات التي نستطيع تقديمها إلى الشمال بعين الاعتبار.

    مع الاحترام الجزيل

    جون سي. دانفورث

    (نهاية النص)

    لقراءة النص أوالإطلاع على مووقع وزارة الخارجية الأمريكية باللغة العربية

    http://usinfo.state.gov/arabic/mena/

    (عدل بواسطة أبنوسة on 05-09-2003, 11:57 AM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de