|
نساء حزب المؤتمر الوطني الطيبات يتبرعن بالطعام لنساء دارفور البائسات
|
هذه المرة لم يقف الممثل الأمريكي جورج كلوني أمام نيكول كيدمان أو كامرون دياز ، كما أعتاد أن يفعل في إستديوهات هوليوود في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا ، الأرض قاحلة ولا يعلو سطحها المجدب سوي خيام بيضاء مال لونها إلي الأصفر بسبب رياح الصحراء ، هذه المرة يعيش نجم هوليوود قصة فلم حقيقية ، فالأرض غير الأرض ، والمكان غير المكان ، معسكرات متناثرة في غياهب الصحراء الممتدة في وسط أفريقيا ، بالتحديد في شرق تشاد ، مائتي ألف نازح سوداني تركوا أهلهم وديارهم ، هذه المرة ليس بسبب الجوع والقحط والمرض ، بل لأن الأيدلوجيا طلبت منهم الرحيل ، فالوطن اصبح ضيقاً ولا يسعهم ، بعد أن أمطرتهم الطائرات المقاتلة بحممها وجحيمها ، هذه هي نُذر السماء القاتلة ، والحال علي الأرض لا يختلف كثيراُ عن ما يأتي من السماء من عذاب ، الفرسان يجوبون القرى ويهتفون بصوتٍ عالي ... الله أكبر .. الله أكبر ، صوت امرأة ضعيفة وهي تطلب الاستغاثة بلا جدوى ، ,وأنين رجل عجوز أنهكه الزمن ، فلم يقوي علي الفرار فأحرق الفرسان البيت فوق رأسه ، في الخرطوم كان المذياع يردد بأن فيلق اليهود قد انهزم ، وأن هذه الأرض الجدباء فسوف تضم قريباُ رفات الغزاة . هذا المشهد لم تصوره عدسات هوليوود ، ولكنه بقي خالداً في ذاكرة الأهالي الذين فروا إلي شرق تشاد ، هذه مأساة لن يطويها مرور الزمن ، طفلةُ صغيرة وقفت أمام السيد/كلوني وسألته ببراءة الأطفال ..متي ستعودون ؟؟ قال لها وبكل ثقة : قريباً سوف نعود ، فباغتته بسؤال لم يكن يتوقعه ..كلكم تقولون ذلك ولكنكم لن تعودوا !! هذه الإجابة وإن جاءت علي لسان طفلة صغيرة لا تعي ما يدور حولها ، إلا أنها أوصلت رسالة مؤثرة إلي مسامع المجتمع الحر في العالم ، ترددت هذه الكلمات البسيطة كالصدى بين أرجاء العالم ، كل من يحمل ذرةً من الإنسانية سوف يقف من غير تردد إلي جانب هذه الطفلة البريئة . والآن قد صحا الضمير الميت في السودان ، نسوة حزب المؤتمر الوطني عقدن العزم علي ربط دار فور بجسر جوي من الخرطوم ، ينقل المؤن والطعام إلي أهلنا المحتاجين ، بعد ثلاثة أعوامٍ من القيل و القال وكثرة السؤال استيقظ الضمير الميت من الثبات ، علي طريقة البخلاء في كتاب الجاحظ.. أكلت قليل أرزٍ فأكثرت منه ، بضعة ثياب مستعملة ، وقليل من جولات الذرة ، هذا ما جادت به الأيدي الكريمة من أجل إغاثة 3.50 مليون نازح ، تم إعداد سرادق ضخم لهذا الحدث ، حضرته كافة وسائل الإعلام في الداخل ، بكافة خيلها ورجلها ، كاميرات تصوير وتلفزيونات ملونة ، كلام نصفه بالعربي وبقيته باللغة الإنجليزية ، وصحفيون يرتدون زياُ طويل الأكمام جعلهم أشبه بخيال المآتة ، منهمكين علي الورق الأبيض وهم يسكبون الحبر في كتابة تقارير طويلة عن هذه المساعدات ، فجأةُ انطلقت الزغاريد ، عندما دخل الدكتور علي نافع إلي الزفة وهو يلوح بيديه اليمني واليسرى، ويحي جموع النساء اللائى تجمهرن بمناسبة الحدث السعيد ، كان يصيح فيهن قائلاً الله أكبر .. الله أكبر .. صدحت الموسيقي وعلا صوت الميكرفون ، عمت الفرحة الجميع فرقصوا وهم يتمايلون مع أغنية الحماسة التي يرددها الفنان ، وقفت مناضلة قديمة كنت أعرفها في جامعة الخرطوم ، الأستاذة/مني فاروق سلمان ، وقفت أمام الحضور الراقص وتحدثت عن شهرة دارفور بنار القرآن ، و ( التقابة ) التي لا تنطفئ ، فجاء دور المتكلمة الثانية الاستاذة/سامية محمد طه ، أمينة دائرة المرأة في الحزب الحاكم ، تحدثت بصورة مطولة عن دارفور وكأننا لا نعرف هذه البقعة المباركة ، ووعدتنا بمزيدٍ من الدعم والطعام ، فقد ازداد عدد المحسنين في السودان بسبب أزمة دارفور ، حتي نساء حزب المؤتمر مللن من الجلوس في قصورهن الفخمة بحي ( يثرب ) المبارك ، وهاهن الآن يشاركن في جمع التبرعات ، إنهن يطمعن في الدخول إلي الجنة بهذا العمل ..قالها أبو الطيب المتنبئ : جوعان يأكل من زادي ويطعمني لكي يقال عظيم القدر محمود
|
|
 
|
|
|
|