فى مارس: حكاية السعلوة والرجال {البلهاء}

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-13-2024, 03:01 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-08-2009, 09:14 PM

Ishraga Mustafa
<aIshraga Mustafa
تاريخ التسجيل: 09-05-2002
مجموع المشاركات: 11885

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
فى مارس: حكاية السعلوة والرجال {البلهاء}




    {1}


    بدايات....ليست سوى {حسكنيت} الحاضر!

    ليتنى اجد تلك الايادى التى ملحت ذلك {الكجيك}
    ليتها تهبنى مرارة الملح فتهرى ماتبقى من نبض...

    للكجيك رائحة تعبث بالذاكرة، تمطر كل الوجوه المكحلة بالفقر والرضا وانتظارعزرائيل ليأخذ وديعة المولى
    والكجيك رحمة الفقراء من امثالنا... اولئك الذين يفطرون فسيخا، {يتغدون} كجيكا {ويتعشون} بباقيه... الخور الذى شقته ايادى الرحمة ليهب فقراء ذاك الحى سمكا تبرع بعض ايادى الامهات فى تحويله بقدرة قادر الى كجيك... تحتج جارتنا التى {جلبها} ذلك الرجل الطيب لتقضى له حاجاته بدء من ابريق الوضوء مرورا بتفريغ طاقاته حين يجنح الليل وتصرخ الرغبات، عاشت معة راضية مرضيه {بالقليل وبالقاسمو ربنا}...

    حاج آدم، رجل من الدمازين، لا ادرى لماذا سموه حاجا وهو مازال فى ريعان الصبا وعنفوان الحياة، متزوج من ثلاثة
    واحدة فى الدمازين، والاولى من سنار والاخيرة... حتالة اشتهاءاته من كوستى... فى عينيه بريق خلب دهشة عيوننا المراهقة حينها وكنا نحكى بشغف لاكتشاف قدرته العجيبة فى التجول فى ثلاث صحارى وفيافى وحقول، الا يفتر هذا المعتوه... كان كجيكه طاعما ولاندرى اى من حورياته الثلاثة ملحته بدموعها وصبابات عمرها الضائع بين امرتين ورجل... ذاع الخبر فى الحى ان كجيك حاج آدم مملح { بالعروق} التى تسحر النساء ولاينفكن من الغوص فى عينية الكحيلة، لاتعرف البنات ان كانت عينيه كحيلة ام هى خيالات قدرته الخارقه فى اغتناء النساء... ولكنا عرفنا ان الجكيك الذى يجلبة من الدمازين يجلب الحظ، وستتزوج الصبيات بربيع عمرهن، ربما كان ذلك احدى اسباب ثرائه وسفره المتواصل للدمازين مرورا بسنار، يجلب كمية أخرى بعد ان يكون قسم ربيع جسدة بين تلك المدينتين وحين يعود تفوح رائحة الشاف والطلح والدخان عنان السماء، فاطوم تستعد لليلتها وان حاج آدمو فى طريقة لتفكيك صواميل لوعتها...
    همسات الصبيات وقشفاتهن تثير مكامن الاحلام ان تفوز كل بى آدمها... لابد ان تكون فيه رائحة الكجيك الذى منح آدمو هذه القدرة والفروسية فى حفريات الجسد.
    الراوية لاترغب فى اثراء تلك الذاكرة والكجيك مدخل الى أناشيد وهضطربات، لعنات وغوايش للحكاية .... هذا مالزم للتنويه دون ان يتعب القارىء فى فكفكة النص... اما القارئة عليها البقاء حول بئر العروق التى تمحى الاسى وتبعث الضحك الذى يثير العجب وثورة الرجال....وصوت الحبوبة يزجر { يابنات الضحك من غير سبب قلة أدب}.
    هن الحبوبات...
    ماطرات المحنة وفاتحات ابواب الرحمة
    فاتحات افخاذ الصغيرات لتلك المرأة ذات الشنطة الحديدية التى تراصت فيها مشارط الحلم الانسانى، مقصات اللوعة وشوق صبابات الانثى...
    الحبوبة {ام محن} تأمر السيدة { السعلوة} بان تجزر مدخل الخصوبة حين يشتهى المطر جزر نديهة النساء
    الغولة تقص... تجزر
    فى صحراء القلب امرأة تتمدد كل ليلة دون ان تجلجل روحها بالفرح
    ودون ان تعزف موسيقى جسدها
    حشرجة الموس
    لهفة المشرط الغائص فى لحم البنية
    صوت المرأة ذات الصوت الاجش يزمجر { ماتخلى حاجة فيها، اللالوبة دى فيها رجس الجن}، عليك اللعنة ولم يكن زورا حين أطلقوا عليك {الضكرية}...
    كنا حين نجلس تحت شجرة اللالوب نتحسس آهة حماماتنا المذبوحة بين افخاذنا الصغيرة ولم يعد لهذه الشجرة طعم وصارت عروق {مشحطة} تدل حاج آدمو الى اشتهاءاته!!
    ومع ذلك فالحبوبات طيبات
    يناولن اباريق الوضوء لرجالهن وتنساب فيهن ذكريات بعيدة ورائحة دخان جمال الزيتونة يفرك كجيك لهفتهن بآهة المرأة الممشوقة التى يتراص الرجال البلهاء امام بابها يستعجلون فك سراويلهم قبل ان يصيبهم البلل اللعين فتخور رجولتهم المنفوشة كديوك كاذبة...
    المرأة الزيتونة.. فارعة القوام والضحكة، اشتهيت وانا صبية ان اكون مثلها، ان يعشقنى رجل مثل مافعل أحمدو، الكل يشهد بعشقه لها، حتى شجرة اللالوب الحزينة التى ماعادت تقىء حتى نفسها من حريق الروح، والبعض كان يعرف بان له خليلة تفج له صفوف الرجال البلهاء وتجذبه من سرواله النصف منزوع، ويقال ان له ابنا منها، مات مقتولا بعد ان نزف دم فجيعة امه وارتوت به باعوض المستشفى الوحيد فى البلدة.
                  

03-08-2009, 09:16 PM

Ishraga Mustafa
<aIshraga Mustafa
تاريخ التسجيل: 09-05-2002
مجموع المشاركات: 11885

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فى مارس: حكاية السعلوة والرجال {البلهاء} (Re: Ishraga Mustafa)

    {2}


    حين نبض قلبى لاول مرة لذلك الولد {الاصفرانى} وهو يدس فى يدى قصاصة كتب عليها...انى احبك حبا جما، كنت لزمن طويل افخر بانه أحبنى كاتبا عظيما وذلك قبل ان اكتشف انها {ملطوشة من احدى الايآت الكريمة_ ويحبون المال حبا جما}، حين كبر صار { كوزا} فادرك الصباح مغزى رسالته الاولى وسبحت الاشجار بحمد الله ان نجانى من اللذين يحبون المال والنساء ويبدلوهن كجلالبيهم التى ماعادت تخبىء رغم اتساعها كروشهم التى بلعوا فيها الوطن.
    وخاب حلمى الاول بان يفرهد عمرى كما فرهدت الزيتونة وغردت، كانت جميلة وعيونها نبيهة وعقلها منفتح للشموس الحنينة، فى بيتهم شجرة لالوب تختلف عن تلك فقد كانت مزدهرة طول العام، لايقطف ثمرتها الا من واعد جبريل، فرهدت الشجرة وعانقت السماء يوم رش أحمدو ماء روحه الذى لم تطاله تلك المرأة التى مازال الرجال البلهاء يتراصون على بابها
    وضحكات الزيتونة، ورقص جسدها ونيران اشتهاءاتها {بقت} وولعت الحى التعيس... والحبوبات يتهامسن ان كانت طورية أحمدو شقت نهر الزيتونة، يتغامز النسوة بين التأكيد والنفى، كنت استرق السمع لهن ورذاذ صوت العروسه يرشق جسدى الصبى الفاتن بالحياة باغنية شجية{ خلاص كبرتى وليك تسعتاشر سنة} وتمنيت ان اشب سريعا ان اكبر مثلها وان اطرب نساء الحي وهن يتحسسن خصوبتهن كما فعلت فيهن الزيتونة...
    يوم الاربعين اتلمن نساء الحى والصبيات وتجمعن فى بيت الزيتونة، حلة الكجيك تفوح، البليلة تغلى فى نار اشواق النساء لفك طلاسم الطريق لطورية حفرت اربعين يوما فى ارض الزيتونة، كنت الوحيدة التى احس بان النهر انشق عن حكاية وفاض بحزن غريب مازال يسطع فى عمرى كلما غفوت سهوا عن جمال عينيها، شىء ما فيها مطفىء، لمعة جسدها وزمهرير صوتها ودندناتها توارت خلف حكاية غريبة.... حكاية تفجر الحين صهيل قلبى وحنينه واناشيده المهترئة، الحين تنتصب اصابعها الطويلة والشهية كاشجار قهوة برازيلية.. تدخلها فى دم النهر الفائر لاكتب لوعتها ونزوع فجرها للحياة... حكايتها.. هى حكايتى.. حكاية انثى البلد المطمورة بال.....


    -----------
    إشراقه مصطفى: ذات ذاكرة وهطول 2007


    (عدل بواسطة Ishraga Mustafa on 03-08-2009, 09:24 PM)
    (عدل بواسطة Ishraga Mustafa on 03-08-2009, 09:42 PM)

                  

03-08-2009, 09:17 PM

Ishraga Mustafa
<aIshraga Mustafa
تاريخ التسجيل: 09-05-2002
مجموع المشاركات: 11885

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فى مارس: حكاية السعلوة والرجال {البلهاء} (Re: Ishraga Mustafa)

    المهم .....



    على قول تبارك

    (عدل بواسطة Ishraga Mustafa on 03-08-2009, 09:18 PM)

                  

03-08-2009, 10:15 PM

Ishraga Mustafa
<aIshraga Mustafa
تاريخ التسجيل: 09-05-2002
مجموع المشاركات: 11885

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فى مارس: حكاية السعلوة والرجال {البلهاء} (Re: Ishraga Mustafa)

    وتستمر حكاية الزيتونة

    حكاية نساء منسيات فى تواريخ الحلم والحياة..
                  

03-08-2009, 11:30 PM

Ishraga Mustafa
<aIshraga Mustafa
تاريخ التسجيل: 09-05-2002
مجموع المشاركات: 11885

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فى مارس: حكاية السعلوة والرجال {البلهاء} (Re: Ishraga Mustafa)




    {3}


    رغم صغر سن بت النسيم زمانئيذ, الاّ ان صورة الزيتونة ولمعة لونها فى دجى الاحلام, ظل ساطعا فى ذاكرتها, وظلت فيها اسنانها البيضاء ومسيرتها المضفورة بشعر {السلة}. ضحكتها كانت طبل فرح داوى فى ليالى الصبيات. يلتفن حولها فى الليالى المقمرة ويحكن عن آدمو وعن حلم الزيتونة أحمدو.
    احمدو كانت عاجباه روحه وقدلة قامتو
    وشعره كان فترتية فقراء شهية, مفلفل زى رز اغنياء المدينة اللذى لايراه شفع ذلك الحى الاّ حين ولادة او عيد كبير
    جلابيتو السكروته كانت حكاية البنات, عشقهن بنات الحلة ولم يعشق سوى الزيتونة, الاّ ان اهل الحى يتهامسون حول علاقته بالحوش المعزول الاجرب, استأجرته حواية بعيدا عن بيتها حيث ترعى اطفالها نهارا وتصحو فيها الحياة لاجلهم وتنتحر فيها حين تعلو دخاخين غبنها وهزيمتها فى المغارب
    صوت جارنا يعلو لاعنا لها..
    لعنة الله عليك, بتمشى ووين من الله ونارو

    وتقول كدى حواية تقبل عليهو, صوتها يجلجل:

    انت مالك ومالى ربنا بسعلنى براى يوم الموقف العظيم لكن كان الله قدرك النشوفك تزازى فى الصف, ماياها طرادتك دى, شن طعمها,
    يعلم الله عثمان ود شيخ عوض الافندى بيجى بالبطيخ والشمام والباسطة الماخمج وكان لى احمدو مافى زيو
    كان الله هداهو وقصم رقبة البنية ديك يانى التبت على يدينه, اجى يايمة اريتن ضرعات الرجال لحدهم.

    يستغفر ويتحوقل ويصمت خوفا من النبيشة وشيل الحال ويبرطم لاعنا لها فى سره.

    احلام زلوط, احمدو بريد الزيتونة ومابدلها لا بالغالى ولا بالنفيس, اشترى شيلتو وجابه من الحجاز, فيها يعلم الله شوف عينى توب ابو قجيجة واعواد
    الصندل وشبشب شول وفرير دمور المسخ الارياح. ترازيها سعيدة, احدى المغرمات باحمدو.

    تقجى حفيانة يالحسودة, ترقى حواية. انتى شن عرفك بتوب ابو قجيجة ودكتور شول شفتيهو ووين يالسجمانة ورمادنة
    فرير دمور اللى يريحو بيهو جنازتك قولى آمين. هى حواية حين تقوم فيها عفاريت الشر, تهز وترز الحلة.
    اها انا مافاضية ليك, بقضى شغلى وبجيك, بتفن وبطلع ليك المدفن, يدفنونك يايمة بين الليلة وبكرة.

    كل ذلك والزيتونة تسمع
    والبنات حولها يحاولن يغنن ,
    لما الريد يفوت حدو
    يبقى مصيرنا فى يدو
    يحن قلبى يبين ودو
    ,,,,


    الزيتونة تغنى, فاحمدو ليها ليها
    عيونه لا تلمع الاّ حين يراها, ترخى عيونها, فرسه اتعبها انتظار الركض على سنة الله ورسوله.

    صوتها الحنون يشقّ الليل ويدخل فى جوف احمدو ويصحى ضميرو, كل مرة يجزم انها المرة الاخيرة, الله يلعن ابليس
    حواية تلعلع وسط حوشها, عاد كل شىء سوينو فى ابليس, حسع فى زول ضربك فى يدك مابراك جيت تفتشنا
    اها موية السكر بتجيب الحمام
    والفيران بتحب الجنبة..
    ماتورينى خلقتك دى, بعرف ادواى روحى وحاة الشيخ المكاشفى اربطك عند قسوم بتاع الكجور الاّ تجينى جارى شقى ومجنون, اها النشوف اخرتها.
    كجرتو الملعونة....
    كتلت الكتيل ومشت فى جنازتو
    عاد قوة عين هى... تبرطم سعيدة..

    وكان ان تاب احمدو بعد ان حجّ وغسل ذنوبة فى الحجاز ورجع نقى زى حليب الام البكرة.
    الزيتونة تهجس احزانها التى كتمتها طيلة سنوات غرامها لاحمدو, وغنت يومها للبنات الملتفات حولها تحت شجرة اللالوب

    {بترجع لى ويرجع لى معاك بصرى
    وعاين فى العيون سهرى
    وليلى الشايلو من عمرى وكت ريدك صبح قدرى
    ونغمة حبيبة فى خاطرى والملم للفرح وقتى
    واقول بختى....}

    تحت شجرة اللالوب كجرت واية الزيتونة واحمدو
    وهنا كانت اصل الحكاية...
    ومن هنا بدأت حكايات وحكايات..

    حكايات ناس منسية خلف ضوضاء المدينة وزيفها...

    يتبع....
                  

03-09-2009, 02:06 PM

Ishraga Mustafa
<aIshraga Mustafa
تاريخ التسجيل: 09-05-2002
مجموع المشاركات: 11885

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فى مارس: حكاية السعلوة والرجال {البلهاء} (Re: Ishraga Mustafa)



    {4}


    البت دى قلنا ليها وكت المغرب يجى ماتتكلم, اهو جرحها اتفكّ تانى. الشكية لى الله يا بنات امى.
    جاء صوت الجدة العجوز التى كان دوما كلامها بيجوز, اها والحل يا اخواتى, نسوى شنو؟ نقبل ووين. الحمد لله على ما اراد الله.
    الزيتونة التى عرفت فك الحروف فى برش البيت المجاوز حيث فتح الله على فوزية ان تدرس حتى الثانوى العالى, وبعد العالى عرس طوالى, العريس طلقها بعد اقلّ من شهر من العرس الذى كانت فيه فوزية منكمشة ووردة ذابلة. فقد كانت تريد ان تدرس وتكمل تعليمها وكان لها حلم كبير يبدا عند ليلة كل خميس. تحلم ان تكون معلمة فى مدرسة المدينة وتعلم البنات وتفتح لهن دروب المعرفة.
    تهامست المدينة وكانت حكايتها حكاية.

    حواية شالت حال شجون فوزية وطلت بيها كل بيوت, قطاطى وكرانيك الحلة.
    عاد يا يمة شايلين حالنا, ابوها القاهر الله يقهرو, شايل حسنا كل ماليهو يقول بدور يطلعنا من الحلة
    مالنا نحنا ما احرار؟ اموت واعرف طلقوها مالها, ياكافى البلاء دخانها لسة ما إتقشر من جسمها رجعها بيت ابوها.
    لم يهدأ لحواية بال الى ان تناقلت الحلة ان العريس رغم معافرته فى سهول البنية فوزية ايام وليالى, كلما تصرخ وتئن كلما زمجرت ضباع روحه,
    كلما سالت دمعة,
    كلما نبعت آهة, كلما صكّ على رجولته التى حدد مقامها فى الانتصار لفتح مجرى الحياة. حاول ايام وليالى
    تقرحت روح البنية وصهلت رمال روحها وابتلت بدموعها. تمر الايام وهو على حاله, وفوزية جامدة الجسد وهامدة الروح
    غرزت عيونها فى عينيها , لم يترجف فى البداية ولكنه صار يصطك من برد نظراتها التى قاومت الانكسار احتجاجا على لهيط معركته الخاسرة.
    المنديل الذى غزلته فوزية لحبيبها, ود الحلة البعيدة الذى وعدها ذات حنان بانه سيأتى لخطبتها, وسوف يفتح معها ابواب المستقبل, ستقرأ كما ترغب, وستنجب له بناتا حلوات اخذن منها زقزقة روحها المفرهدة فى ربيع عمره.
    وجاء خميس لابيها, تسبقه اقدام الشوق ليتحقق حلم بكرة وتكون فوزية رفيقته وام بناته. لم يستغرق اللقاء طويلا, خرج والدنيا متجهمة فى وجهة, انتحبت فوزية على بختها المائل, عرفت من امها الحكاية.
    يابتى على آخرتها كمان تجيبى لينا خميس؟
    مالو يا امى خميس؟ ماود ناس ودايرنى على سنة الله ورسوله
    يابتى فى زول بيعرس ليهو زول اسمه خميس على قول ابوك؟
    يا امى حسع اميمة بت شيخ عبدالحى دى انا احسن منها فى شنو؟ ماتراها معرسه ود بت سلطان
    والام تحاول ان تقنع بنتها, مكسورة مثلها ولا تستطيع فعل شىء.
    مرّ اسبوع واحد وجاء حسن, ابن القبيلة وتمّ له ماراد فى ليلة تآمرت فيها كل الظروف ضد فوزية وخميس.
    ماكان هناك تفسير لحسن لعدم استجابة فوزية غير انها مازالت متعلقة بخميس, وبدأت الشكوك تنهش صدره
    رغم انه متأكد انه اول من لامس تلك الفاكهة المحرمة, وانه مازال يحصد فى ثمارها دون نتيجة, فما زالت نظرتها تائهة ومازال هو يلهث لينتزع صكوك رجولته.
    ماحسم عذاباتها هو ان المنديل لم يكن ملطخا بدم كاف
    ماذا سيقول للناس؟ زوجته بلا شرف؟
    وانتهى كل شىء,
    انتهت حكاية فوزية , ولم تطرق بابها بنت من الحلة لتدرسها العربى والحساب,
    لتعلمهن كيف يحسبن لخطواطتهن
    كيف يرفعن اس احلامهن
    وكيف يقرأن تاريخ هزيمتهن لينتصرن لجغرافيا روحهن وتنهض ولكن...
    حكايتها هى حكاية عيال بنت سلطان, وليدها الوحيد الذى تزوج من من بت شيخ عبدالحى وبناتها الاثنين
    حياة وسميرة, حياة التى وقفت قادلة بتاريخ امها رغم عزلة المجتمع, فكانت سندا لها
    بت ودسلطان المزيورة ببشير شرّاب العرقى, وبشير كان حكايتها فى خريف تلك المدينة.

    الحبوبة العجوز ام كلاما دائما بيجوز, تقرر ان لا حل سوى اعادة خياطة جرح البنية من جديد
    الصغيرة فطوم تصرخ وترفس ودمها ينزف, بكت, صرخت, انتحبت الى ان غابت فى يد {السعلوة} من جديد
    جاءت بشنطة الحديد البيضاء
    كلام الزيتونة لم يجدى, ولم يقنع الحبوبة ولا السعلوة والنسوان امات مطارق من تلميع انصال امواسها ومقاصاتها المعلقة على حوافها حكايات ملايين البنات..



    يتبع...
                  

03-09-2009, 06:29 PM

Ishraga Mustafa
<aIshraga Mustafa
تاريخ التسجيل: 09-05-2002
مجموع المشاركات: 11885

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فى مارس: حكاية السعلوة والرجال {البلهاء} (Re: Ishraga Mustafa)



    {5}


    حياة يايمة التقول ولدوها فى حى الظباط, ماتراكى ولدوكى فى جخانين الحلة السجمانة دى, يابت اقعدى فى الواطة وماتشطحى تحلمى تقوم تجيكى كوابيس الدنيا كلهن. قالت نفيسة بت النسيم لحياة, كانت من نفس عمرها, فكت اول الحروف فى سباتة فوزية, السباتة التى كانت تشتهى ان تفرشها للبنات حتى الثانوى العالى, وبعدها يسافرن البندر يقرن وينجحن ويجن راجعات ينفعن اهلن.
    حياة كانت من يومها متمردة وشعارها احلى ما تغنية الزيتونة بصوتها { ابسمى يا ايامى. بسمة الزهر النامى, },
    كانت رغم فقرها وحزنها حلوة الملامح, يميز وجهه عيونها التى دوما رامية ظلها للبعيد, رغم الدموع التى مافارقت عينيها
    عرفت حياة ان قدرها قاسى وان ايامها ستكون اكثر قسوة فى واقع ليس فيه نافذة الاّ الى المجهول.
    قراية شنو يابت, انتى قابلة القراية دى للناس اللى زينا, يابت شوفى ليك صاج ولاّ أحمدو, يشتريك من العذاب ويسكنك فى حى وراء. بختك انت ابوك معروف, بيجى العريس وعارف ابوك منو, اها انا ليوم الليلة ماعارفة الجابنى منو للدينا
    قالت لها نديدتها بت عشمانة.
    حياة تنقبض, فالعريس لن يخلصها من احزانها, والعريس سيهرب ان عرف حكايتها, تعرف ان حكاية امها سلطانة سترافقها طيلة العمر, لكنها امها هى سبب وجودها فى الدنيا, فماذا تفعل برجل لا يعرف قيمة الرحم الذى وهبها للدنيا.
    حى وراء لايختلف عن حى قدام, كلو قش فى قش, حا يبنى ليها قطية جنب قفص الجداد, غير ان حى وراء معروف بالحرائق, كل يوم والتانى قايمو فيهو حريقة. كانت تجرى وهى صغيرة حالما ترى النار تصعد عنان الحزن, والبيت الفاضى اصبح رماد. تفكر فى امر النار, وفى الكفار حطبها كما قال مدرس الدين فى سنة تالتة عذاب. الفقراء حطبها, قالت وبدأت تخربش فى حصة اللغة العربية, وحين بدأت تبدع فى حصص الانشاء وانتبهت مدرستها الى خصوبة عقلها وخيالها النضر, شجعتها, كانت المعلمة تمت بصلة القرابة الى فوزية, التى كانت تحلم ان تكون معلمة فى مدرسة المدينة, فصار حالها
    سبورة للحزن يكتب عليها مخطوطاته ومعلقاته السبعة, التى حددتها ذات طهور:
    معلقة الولادة, تلد بنت تعنى تلد {ذنوبك},
    معلقة رتقها وصناعتها عروسا من جديد,
    ثم معلقة طهور البنية لتعاد فيها سيرة الام واعدادها لراجل المستقبل
    معلقة عرسها
    معلقة اثبات شرفها فى ليلة الدخلة
    معلقة دوامة الحياة
    معلقة الخلاص, اكثر المعلقات راحة, معلقة الموت..

    مايجمع بين حياة ومشاعر بت عشمانة هو ان لكليهما تاريخ يتشابه فى المأساة. مشاعر لاتعرف من الذى رماها هكذا للدنيا, بلا ذاد, تركها لامها تربيها وقد فعلت, الاّ ان مشاعر كانت دائما ماتخجل من سيرة امها وسيرة الهزيمة.
    كانت سيرة سلطانة لم تبدأ بعد, فسلطانة كان لها ذنبا واحدا هو ان ابيها ينتمى {لسبايا} الغزوات الاولى فى غرب المدينة.
    غير ذلك ليس هناك مايقلل من شأنها, ليلة دخلتها شهد الكل على دم حمائم روحها التى تمّ قهرها فى تلك الليلة التى سال فيها ضىء القمر دما يحكى عن شرف بنت الرجل الذى ينتمى {للسبايا} بينما خرج شيخ عبدالحى منتشيا يحفّ فى شنبات انتصاره.

    سلطانة جات من غرب المدينة وسكنت مع اسرتها الفقيرة فى حى وراء, تزوجها احد اولاد {القبائل الحرة} وبنى لها غرفة من الجالوص واشترى لها سحارة, وعنقريبين مجلدات جديد لنج.
    غرفة نومها كانت حديث الحلة, وجمالها كان ايضا حديث الحلة, رغم انها وكما يقال تنتمى لقبيلة ذات {دم مخلوط}
    كانت هدية ورضية وقد تعودت ان تقوم بواجبها على اكمل وجه, تناوله ابريق الوضو, وتلبى رغباته حين يجنّ الليل وتصحى اشواقه للجنا. مرت سنة ولم تنجب سلطانة, ورغم ايمان شيخ عبدالحى الاّ انه قرر ان يرجع بنت عمه الى حباله, اجرّ له قطية خلف بيت بت سلطان على امل ان تنجب له. مضت سنة اخرى ولم تنجب ايا منهما. ربك رب الخير اراد الله ان تبزر بزرته الاولى فى رحم سلطانة, فرح شيخ عبدالحى ايما فرحا, وزع حلاة دربسى والتمر على ناس الحلة القدام والوراء. تسعة شهور وتسعة ايام وبكرت سلطانة بالبنية. كانت ولادة متعسرة , كادت ان تؤدى بسنواتها السبعة عشر وهى تنجب بكريتها والمعلقة الصدئية وضعتها الداية بين اسنانها لتحميها من {الكلبش} الذى هاجمها ساعة النفاس.

    الزيتونة كانت تشفق على حياة, تحبها وتؤنس عمرها الصغير فهى تعرف الحكاية, تعرف اسرار الحلة من حكاوى البنات صديقاتها اللآتى يتجمعن عندها ليلة اكتمال القمر ويحكن عن احمدو. تسمح لحياة بالجلوس قربهن رغم انها تكاد تكون بنتها لو تزوجت فى عمر امها, كانت تكبرها بخمسة عشر عاما, تناديها احيانا لتناولها المقشاشة من ناس بت عشمانة. حياة كانت تعرف ان الاوامر ان لا تقرب هذا البيت وان بت عشمانة مسموح لها ان تزورها ولكن محرم عليها, وهى بنت القبائل ان تفكر مجرد تفكير ان تدخل عتبة ذلك البيت المسموم.
    خاصة وان حواية قالت شوف عينها, ان الكومر اللى جاء بالليل كان فيهو شاويش الحراسة, جاء شايل معاهو كيس فيهو رغيف وكوارع , ودوم وشوية نبق لمشاعر, كان يعاملها كبنته التى تدرس معها ومع حياة فى نفس الفصل.
    كان قد تحدد زمان العرس, احمدو قرر ان يدخل على الزيتونة, وبدأت العدة للزواج فرهدت على سيرته بنات الحلة, فالزيتونة كانت حبيبة الكل, بطبهعا الهادى, وضحكتها الحلوة ولمعة ابنوس جسمها الزرافة.
    تحت شجرة اللالوب جلسن النسوة مبتهجات, ينظفن الضفرة, اخريات يكفن فى الدلكة, وتالثة متخصصة فى صناعة خمرة العرس, والزيتونة فى حفرة الدخان تدمع عينيها الجميلة من كثافة ابخرة الطلح. تستجم قليلا ثم يتم مسح جسمها بزيت السمسم وحاجة بت حسبو يعلو صوتها { انغملى كويس} خلى الدخان اللى يمسك فى جسمك.
    بعد صلاة المغرب تبدأ {علومية} العروس. ترقص العروس وتنفنس بمساعدة حاجة الشول, تضع ركبتها على ظهرها وتأمرها ان تنفنس قدر ماتقدر, اها حاولى, يابتى ماكدى, انتى بالعة ليك عكاز, عاد يابتى طرى عضمك ده شوية.
    الزيتونة تنفذ ووجهها معطون فى عرق الالم.
    ملامح حياة تنفر وتنكمش مع الزيتونة, يرتاح الجميع بعد ان تتوارى حاجة الشول لصلاة العشاء وتجهيز كورة اللبن لا سماعين. خاصة وان الليلة ليلتها, تهامسن البنات بعد ان اخدت حاجة الشول بوخة كاربة عسى ولعل ان تعيد ابو سماعين لى ودادها من جديد, بعد ماخطفته الحدية, خطافة الرجال, تقول عنها دوما حاجة الشول.
    البنات يدورن فى الساحة, يرقصن كما يشتهن, اجسادهن ليونة حلم وعرجون امل لبكرة ان يكون لكل منهن بيتها.
    حياة كانت تفكر فى حلم فوزية, فقد انغرس فيها هذا الحلم منذ ان انطوت فوزية فى جذع احزانها وانفرت سيرتها حكاية فى المدينة الظالمة.
    ذلك لم يمنع حياة من التمايل والطرب و....
    يالله لى كرويا ياشباب كوريا,,
    المهيرة..
    ويلتوى جسدها الغض الصغير حين اودع.. اودع كيف...
    البنم\ات يتناوبن الرقيص,,
    كلتوم المعروفة بانها ارقص من فى الحلة لم تدخل الدارة مع البنات, جلست ضاغطة على فخذيها, سمعت البنات يتهامسن { صمتوها بعد الولادة} وحاجة الشول تعلق على خاتم الدهب اللى بيلمع فى يد كلتوم, اريتو يا يمه خاتم السرور, النبى اشتراهو ليك من ام درمان؟ عاد يابتى الولدة الجاية خليهو يلايسهوه ليك كلو اكان يجيب ليك احفظ مالك} تبتسم كلتوم ابتسامة كان اخير عدمها.
    الايام اقتربت..
    اسبوع واحد تبقى وتكتمل سيرة العشق..
    سبعة ايام والزيتونة تستعد
    حلة الحلاوة تمّ اعدادها
    شعر الجورسى تمّ شرائة
    الصندل والبخور
    كل شىء معدّ
    الكل مليانه بالفرح
    وحواية انطفت فيها الحياة
    وخارت فيها قوى التحدى العاملة فى روحها مصنع نحل ما استطاع ان يثنى احمدو عن عزيمتة....


    و.... يتبع

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de