|
هذا يوم من أيام الله المباركة
|
هذا يوم من أيام الله المباركة 

عمران سلمان لعمري أن هذا يوم من أيام الله المباركة. أعز الله فيه السودان وأهله، وأذل فيه عمر البشير وعصابته. وهذا يوم انتصرت فيه المحكمة الجنائية الدولية لملايين الضحايا والمعذبين في دارفور وغيرها من مناطق السودان. وهزمت فيه طغمة الشر والفساد في الخرطوم.
فمنذ اليوم أصبح عمر البشير مطلوبا للعدالة وملاحقا كسائر المجرمين، ومنذ اليوم كتب تاريخ جديد ليس في السودان فحسب وإنما في المنطقة العربية والأفريقية برمتهما.
يستطيع البشير أن يبقى في السودان ولا يغادره، ولكنه حتما سوف لن ينجو من حبل العدالة ولن يتمكن من تفادي أوامر القبض عليه، مع أني أثق أن السودانيين هم أنفسهم الذين سوف يعتقلونه ويسلمونه في نهاية المطاف لمحكمة لاهاي.
ويستطيع البشير أن يحشد أعضاء حكومته وحزبه وجميع المضللين بدعايته في الشوارع، وأن يتحدث ما شاء له عن الاستعمار الغربي والمؤامرة عليه وعلى نظامه، ولكني لا أستبعد ان يتخلى عنه، بعد حين، أقرب حلفائه، كما حدث مع الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوسوفيتش ورادوفان كرادزيتش.
فصدور مذكرة الاعتقال ضد الرئيس السوداني قد حكمت على سفينة "الإنقاذ" بالغرق، ولا سبيل إلى نجاتها سوى بتسليم البشير.
لن يتسنى للنظام السوداني أن يواصل الحكم بصورة طبيعية مع وجود هذه المذكرة، ولن يتعامل معه أحد في المنطقة أو في العالم، بصورة طبيعية أيضا.
هل يمكن لأحد أن يضع نفسه في موقع الشبهة أو يتصادم مع المحكمة الجزائية الدولية أو يحمي شخصا مطلوبا للعدالة؟
حتى الحكومات العربية التي تستشعر القلق وتعيش حالة الهلع بسبب هذه القضية، والتي حاولت ولا تزال تحاول إنقاذ عمر البشير، سوف تعيد الآن حساباتها عقب صدور مذكرة الاعتقال.
هذه الحكومات ستكتشف أنها تخوض معركة خاسرة ومكلفة بالنسبة لسمعتها محليا وخارجيا، وأنها تغامر بوضع نفسها موضع من يعيق تحقيق العدالة، ويدافع عن المنبوذين.
وستعرف هذه الحكومات أن النصيحة المفيدة الوحيدة التي يمكن أن تقدمها للرئيس السوداني هي أن يسلم نفسه للمحكمة الدولية طواعية، وهناك يستطيع أن يدافع عن نفسه إذا كان يعتقد أنه برىء.
بالطبع سوف يظهر من سيقدم النصيحة الخطأ للخرطوم ومن سيعمل على أن تركب رأسها وتعاند الإرادة الدولية، كما فعلوا سابقا مع صدام حسين، لكن هؤلاء الذين لم ينفعوا صدام وتركوه وحده في حفرة العنكبوت، لن ينفعوا ايضا عمر البشير.
هؤلاء من تجار الكلام والأزمات، سوف يصعدون من خطاباتهم الغوغائية ويذرفون دموعهم الكاذبة، ويسعون إلى تضليل عامة الناس بالأحاديث المفبركة، لكنهم أعجز من أن يغيروا مجرى الأحداث أو يلووا عنق الحقيقة.
خلاصة القول إن صدور قرار المحكمة الدولية باعتقال الرئيس السوداني عمر البشير، هو حدث عظيم في حد ذاته، ويشكل علامة فارقة في تاريخ الشعوب المضطهدة، ويرسل أبلغ إشارة إلى الانظمة المستبدة فحواها أن الوقت لم يعد يعمل لصالحها.
|
|

|
|
|
|