هيئة القيادة- خيانة الرفاق وتدمير قومية القوات المسلحة ( 3 )

Quote: الأركان مقسماً بالله أنه قد قرأ أسماء الضباط الذين أحيلوا للمعاش كما قرأها اللواء عبد الحى والضباط الآخرين فى كشف المعاش الذى صدر من فرع شئون الضباط ولا يعلم لماذا أحيلوا للمعاش!!!!

Quote: .نكتب لكى يطلع أبناءهم على ما ارتكبه آباءهم من جرم فى حق زملائهم ولكى يطلع أبناءنا ليقتنعوا بأن ما عاشوه من ذلًّ وحرمان داخل وخارج السودان لم يكن بإختيارنا وإنما بأيدى أخوة لنا تآمروا علينا وعلى الوطن فحنثوا بالقسم المغلظ ووضعوا أيديهم فى أيدى الشيطان! فلفظهم أخيراً!!! "وقال الشيطان لمّا قضى الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لى عليكم من سلطان ألاّ أن دعوتكم فاستجبتم لى فلا تلومونى ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخىّ". صدق الله العظيم

Quote: لقد كانت الفترة التى تولّى فيها الفريق أول إسحق أبراهيم عمر رئاسة هيئة الأركان من أحلك الفترات التى مرّت على مدار تاريخ القوات المسلحة السودانية فقد هيمنت ثلّة من صغار الضباط المتخلفبن على مركز أتّخاذ القرار فانفرط عقد الضبط والربط واستبيحت القيم والأعراف و تمّت فيها أكبر مذبحة للضباط الأكفياء وسيق فيها عدد مقدّر من الضباط كالسوائم وتمّ أعدامهم بمحاكمات صورية تفتقر لأبسط مقوّمات العدالة والأخلاق والنظم العسكرية كما تمّ دفنهم فى حفرة واحدة لم تفارق أرواح معظمهم الجسد !! سعادة العميد المحترم.. وددت أن أخرج عن صمتي وأدلو بدلوي عن حقبة قصيرة قبل إنقلاب البشير، كنتُ شاهدا عليها ومن شهدها معي (ما زال أغلبهم) حي يُرزق إن كانوا يودون نفي أو إثبات هذه الوقائع التي عشتها آنذاك..! كانت تربطني علاقات الجوار مع اللواء عبدالحي حيث كان يعمل حاكما للإقليم الأوسط وكنت أعمل قاضيا في محمة جنايات مدني قبل أن يتم فصلي من القضاء لأسباب (قيلت أنها سياسية) في وقته! وقد عرفت من خلاله اللواء إسحق أبراهيم عمر، الذي كان يتوقف مرارا في مدني في غدوه ورواحه للدمازين ومن ثم القضارف، حيث كان يزورنا في أستراحة القضاة. وكان لي صديقٌ وهو شيخٌ فاضلٌ عرفني به الأستاذ وردي عند إحدى زياراتنا لجبل الأولياء، فوجدت عنده كرما سودانيا أصيلا وميلا نحو الإعتدال والتبسط في أمور الدين، وكنتُ في ذلك الوقت أبحث عن قشة للخلاص والترقي الى مصاف المتصوفة الأخيار، فركنتُ اليه وصرنا أصدقاء في الله وتبادلنا الزيارات مرارا وتكرارا. وفي ذات مرة وكنت في عطلة سنوية شددت رحالي وقصدت شيخي هذا بجبل الأولياء وكان ذلك في حوالي العاشر من يونيو 1989 (أونحو ذلك والله أعلم). وعند دخولي للسلام على صديقي وجدتُ عنده اللواء الزبير محمد صالح، وكان حينئذ في الإيقاف بثكنة عسكرية بناحية الجبل بعد أن أحُبطت محاولته الإنقلابيةعلى حكومة السيد الصادق المهدي في مهدها، وكان حارسه إن لم تخني الذاكرة هو عصام البشير (شقيق وزير الإعلام إبان الإنتفاضة) وكان رائدا حينئذ أو مقدما. كما شاهدتُ في منزل الشيخ قريبي اللواء حقوقي أحمد محمود حسن الذي فصّّل فيما بعد كل القوانين المقيدة للحريات والتي نرزح في نيرها حتى الآن قد كوفى قريبي هذا فيما بعد بأن تم تعيينه وزيرا للعدل ثم طرد شر طردة فيما بعد بفضيحة نسجها له القاضي/ جلال علي لطفي (جزّار القضاة). وقد تم تعيين هذا القاضي بتوصية كبيرة من أحمد محمود حسن فجاء الأول وتغدى به جهارا نهارا إثناء حفلة مخملية مشينة! وكان هنالك أيضا في المنزل اللواء إسحق إبراهيم عمر قادما كما( زعم لي) من الدمازين للسلام على الشيخ فصدقته كما صدقت الزبير محمد صالح الذي كذب بدوره أيضا بأنه جاء للشيخ لينظر في أمر إبنه الذي يتأهب للجلوس لإمتحان الشهادة ولكن هنالك (عمل) يمنعه من الذهاب لقاعة الإمتحان وقد تكرر الأمر كثيرا، وأكد على ذلك أحمد محمود.... وجلسنا في حلقة دائرية وشربنا الشاي وعندما هممنا بالمغادرة قال شيخي موجها حديثه للزبير (يا سعادة العميد توصى خيرا بسعادة اللواء) ولم أشأ أن أصحح الشيخ بأن العكس هو الذي يجب ان يكون صحيحا، ولكن غلبني الحياء لشخصي وذهب كل منا حال سبيله بعد أن تزودنا بفاتحة الطريق، كعادة كل الشيوخ في السودان! وبعد أيام قلائل شاهدت مع الملايين من الشعب السوداني الزبير محمد صالح بقامته الطويلة وأحمد محمود حسن بقوانينه السيئة وإسحق إبراهيم يجوب قيادات الجيش على حصان أعرج وعبدالحي يُرقى ويعمل مع مجلس قيادة الثورة ونحو ذلك. وبعد هذا الحدث بأسبوع واحد، كنت أتناول قهوتي في فندق يوغسلافيا بمدينة ودمدني وكنت منهمكا أقرأ في صحيفة سيدأحمد خليفة(الوطن) عن 0الترابي فإذا بي أُشاهد من على البعد قريبي الآخر عبدالرحيم محمد حسين ومعه أشخاص كنت أراهم في التلفاز دائما كعلي الحاج وأظن قطبي المهدي أو شخص شبيه له، فسألت عبدالرحيم عن أسباب مجيئه لمدني فقال لي بأنه ذاهب الى المناقل لزيارة أهله المقيمين في تلك المدينة وصدقته هو الآخر، لكنني توجست قليلا وبدأت التفكير في هذه المصادفات العجيبة، لكنني لم أفكر إطلاقا بأن هنالك مؤامرة دنيئة تجري للوطن، ويا ليتني علمتُ...! وفي هذا السياق أيضا وغير بعيد عنه أود أن أُملك الأجيال حوادث عشتها قبل خروجي من السودان في نهاية 1989، والحادثة الأولى هي أن قريبي أحمد محمود حسن قد أستدعاني للقصر الجمهوري لمقابلته وكان حينذاك المستشار القانوني لمجلس قيادة الإنقاذ. وتوكلتُ على الله وقدمت من مدني للخرطوم ووجدت عنده في القصر إابراهيم شمس الدين متكئا على رشاش بنصف عين نائمة، وكنت قد قابلت هذا الأخير أيضا في مستشفى السلاح الطبي ابان المحاولةالإنقلابية للمرحومين عبدالمعروف ومحجوب ناصر، حيث كنت مزاملا للأخير بحكم القرابة في مطلع الثمانينيات. وفي القصر الجمهوري، قابلت الزبير محمد صالح. ودعاني أحمد محمود حسن أن أمده بإنطباعات القضاة عن جلال علي لطفي إن تم تعيينه رئيسا لقضاء السودان، فلم أدعه يكمل حديثه وقلت سريعا بأنه (أي جلال) يعتبر من أسوأ من مروا على الهيئةالقضائية قبل ان يفصله نميري وأسوأ من عمل محاميا في المحاكم أيضا حيث مثل أمامي عديد المرات إبان عملي بمحكمة الخرطوم شمال أو المديرية كما تُسمى. وضحك من قولي ونعتني بشيوعية لم أنفها الا أنني نبهته بعدم جواز إانتماء القضاة لتنظيمات سياسية أو عقائدية! وختم مقابلته بأن عرض على شخصي وظيفة (ملحق قضائي) بالقصر الجمهوري وحببني للوظيفة بقوله بأن "ثورة الإنقاذ" هي ثورة اليسار واليمين وثورة كل السودانيين الذين يحبون الوطن حبا جما، فضحكت في سري وجهرت بالقول بأن الشعب السوداني قد قرر بأن هذه الثورة هي مؤامرة الإخوان المسلمين في الجيش على مقدرات البلاد! ومن ثم رفضت سريعا عرضه بعد أن وقفت على أرجلي وكل حواسي وقلت له بالصوت الواضح ونبرات قوية: بأنني أربأ بنفسي أن أعمل جاسوسا بالقصر الجمهوري للوشاية بزملائي القضاة وان هنالك كثيرون يسيل لعابهم لهذا المنصب، وخرجت غاضبا من عنده حامدا الله وشاكرا فضله بأن أبعدني من مستنقع الإنقاذ وظلاماته، خاصة نهجه الذي يسير عليه حتى الآن بتدجين القاضي الذي لا يملك قرارا ولا يستطيع الآن أن يحاكم ضابطا صغيرا بجهاز قوش ولا يستطيع إجراء محاكمات لبلاغات تم فتحها منذ عام 90 ضد متنفذي الإنقاذ! لقد شاء مقالك ان يخرجني عن هذا الصمت المطبق الذي مر عليه نحو عقدين من الزمان وحرك شجونا وأحزانا كثيرة فقررت أن أطرح مشاهداتي للتأريخ لا أبغي بها الا التوثيق وإبراء الذمة، فعذرا إن اقتحمت عرينك يا أخي الكريم ود الريح!