|
عندما تعرض درويش صوفي إنجليزي لغارة من أهل الكشف من حكماء الهنود الحمر المكسيكيين!
|
يقول الصوفية بأن كوكب الأرض مقسم إلى جهات عدة يقع كل منها تحت تصرف قطب من الأقطاب، ترى ماذا سيحدث إذا دخل درويش صوفي لمنطقة تقع تحت تصرف وارثي واحدة من أقدم سلاسل المعرفة الروحية البشرية: السادة العارفين حكماء الهنود الحمر المكسيكيين؟ فلنتابع هذه الحكاية الغريبة التي رواها المتصوف الإنجليزي رشاد فيلد Reshad Feild الذي تتلمذ على يد أحد شيوخ الطريقة المولوية في تركيا في كتابه: "الطريق الخفي" The Invisible Way
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: عندما تعرض درويش صوفي إنجليزي لغارة من أهل الكشف من حكماء الهنود الحمر المكسيكيين! (Re: محمد عثمان الحاج)
|
التحدي الذي تقدمه لنا الحياة عندما نواجهه بأمانة يضعنا في مواقف متنوعة. إن إحدى أهم فترات حياتي هي تلك التي قضيتها متنقلا في تركيا ومنها وإليها. كنت قد ذهبت إليها لكي أدرس على يد الدراويش الذين يدورون حول أنفسهم في حلقات الذكر whirling dervishes، وقابلت شخصا أصبح مرشدي الروحي. وبمرور السنوات سافرت للعديد من دول العالم من أقصى الشرق وعبر الهند والباكستان ثم للأعلى عبر مقاطعات جيلجيت وتشيترال، دارسا أثناء ذلك للعديد من خصائص علم الباطن. ومثلي مثل الكثيرين كنت أبحث عن هدف حقيقي، محاولا اكتشاف الحقيقة الجوهرية للحياة.
كان الزمن الذي قضيته في تركيا ثريا بحيث أنني وجدت أن من الصعب علي أن أربط تجاربي بأحداث الحياة اليومية عندما رجعت إلى لندن. ظل عقلي يرجعني للماضي، للموقف الذي جعلني أتذوق شيئا أعظم مما كنت أراه عادة وأصادفه في الثقافة الغربية. أدركت أن هدفي كان محاولة تنطبيق ما تعلمته، ولكن بعد أن مرت دفقة الحماس الأولية وجدت أن عمق فهمي ضحل بدرجة كبيرة. كانت تلك واحدة من أصعب فترات حياتي. ولكن رغم أحساس الانفصال والفقدان الذي شعرت به عندما فارقت تركيا فإن قوة لا تتزحزح جعلتني استمر في السير.
ليس أمرا سلبيا أن ندرك مدى ضآلة ما نعرفه عن الحياة. كانت تجربة كبيرة منحتني طاقة معينة لم تكن متاحة لي من قبل. دفعتني لأن أسأل سؤالا داخليا يوما بعد يوم وقادتني للمزيد من فرص الفهم. أدركت أن الطريق الروحي ليس مهربا من الحياة بل رحلة في داخلها وإن الحقيقة اتي خبرتها حالما يتم تذوقها بعناية فإنه يتم اكتشاف انها تنطبق حيثما توجهت وتحت أي ظرف من الظروف. كيف يمكن أن يكون الأمر غير ذلك إذا كان ما رأيته وعرفته حقيقيا؟ ربما كان ذلك هو ما فكر فيه أستاذي عندما أسند لي مهمات معينة أقوم بها بعد مغادرتي لتركيا و آخر تلك المهمات انتهت بي إلى المكسيك.
كان الموسم هو موسم العواصف وامتلأت الطرق الترابية بالطين ودخلت العقارب الطالبة للإحتماء من المطر إلى داخل المنزل. كنت أقيم في قرية عجيبة اسمها تيبوزتلان Tepoztlan تقع مباشرة جنوب مدينة المكسيك ويعود تاريخها لعهد الأزتيك ولا يزال الناس في التلال المجاورة يتكلمون لغة النافهاتل، اللغة القديمة. القرية تهيمن عليها جبال عالية حيث يوجد هرم مكرس لتيبوزتيكو Tepozteco رب الريح لدى الأزتيك. إنها مكان في غاية الجمال لكن كان هناك تيار تحتي من عالم خفي بدائي من السحر يبعث على القلق.
كنت قد كونت جماعة صغيرة في تيبوزتلان وفقا للتوجيهات التي تلقيتها. كانت تجربة لكي توضح ما إذا كان أناس كرسوا أنفسهم لهدف معين يمكن أن يتعلموا أن يعيشوا معا و يستنبطوا التعاليم التي يحتاجونها في مختلف لحظاتهم. كانوا جميعا وبدرجات متفاوتة يألفون فكرة أن هناك عوالم أخرى داخل العالم الظاهر الذي نراه في العادة. كارل يونج اكتشف ذلك فيما يتعلق بنظرياته عن اللاوعي الجمعي ومبادي المصادفات المتزامنة. في الواقع كان العديد من أعضاء مجموعتنا هم علماء نفس أو طلبة فلسفة. لقد اكتشفوا أن هناك بقايا من معرفة صمدت عبر الزمن عن هذه العوالم الأخرى وأن تلك المعرفة كانت معلومة و ممارسة في بعض القرى النائية في المكسيك بل وفي كل قارة أمريكا الجنوبية.
وقفت وجها لوجه أمام تلك الحقيقة عندما تسلقت ذات يوم الجبل قاصدا الهرم عند شروق الشمس بعد مدة قصيرة من وصولي للبلاد. كان قد تم تحذيري بألا أذهب إلى هناك لأنه كانت هناك شائعات يتداولها الناس عن أشخاص قذفتهم من الممر الشديد الانحدار ريح شرسة أتت فجأة عندما اقتربوا من القمة. تجاهلت الشائعة على أساس أنها خرافة وضربت بالنصيحة عرض الحائط.
على بعد حوالي مائة قدم من قمة الجبل هناك شبكة حديدية تسد فجوة ضيقة في الجرف يتوجب المرور بها للوصول في النهاية إلى الهرم. كانت تغلق في الليل ولكن الحارس كان يتواجد عندها قبل الفجر. ولكن في ذلك اليوم كانت الشمس قد بدأت في الظهور من خلف الجبال ولكنني وجدت أن البوابة لا زالت مغلقة بقفل ولا أثر للرجل.
جلست متعبا ومغتاظا. وبدون أي سبب وجدت شعورا طاغيا بالرعب يزحف فوقي. ثم بدأت الريح. دارت حول رجلي وتموجت عبر السطح الصخري مثيرة أعمدة ضخمة من الغبار من الممر. وشعرت شعورا لا يمكن تصديقه بأنني يتم سحبي بعيد عن الممر بعيدا عن حماية الجبل من خلفي وفوق حافة الجرف. استغرق الأمر كل جزء من قوة إراداتي لكي لا أخضع لقوة عنصر الهواء التي تم إطلاق عنانها. وغرست نفسي في الصخور وركزت أقدامي على جذور شجرة. وكنت أسمع من فوقي أصداء الريح وهي تزأر عبر الشبكة الحديدية.
وفي النهاية هدأت الريح وحين أسترددت قواي بدرجة كافية لكي أبدأ رحلة النزول كانت الشمس في كبد السماء. وعندما وصلت لمنتصف الطريق نحو الأسفل قابلت الحارس وهو يصعد الممر. واعتذر لي وقال أن زوجته وابنتيه أصيبتا فجأة بالمرض وأنه لم يستطع تركهم لوحدهم رغم أن المرض فارقهم بعد ساعة واحدة!
استغرقت في تفكير عميق وأنا أتسلق الممر هابطا. وفسرت الأمر برمته على أنه مصادفة شاذة لشئ ذو أسباب طبيعية لكنني لم أكن مقتنعا وبدا من الواضح أنني كنت ساذجا بعض الشئ. واذا كان عندي أي شك فإنه تلاشى بعد نحو عشرة أيام من ذلك أثناء مقابلة مسائية روتينية مع المجموعة الصغيرة من الناس الذين كانوا قد دعوني لزيارة المكسيك.
كان المطر يطرق سقف المنزل ويتدفق فوق الجدران على الشارع. ودون أي تحذير انتبهت فجأة على وجود ألسنة لهب خارج المنزل. واندفع اثنان من المجموعة فورا لرؤية ما يحدث. وعندما دارا حول ركن المنزل تمكنا ولوهلة من رؤية لمحة لرجلين يجريان ويختفيان في الظلام. كانت هناك ستارة من اللهب تضئ الجدار الخلفي متصاعدة من موقد فحم صغير يعرف محيا باسم فيلادورا كانت فوقه أربعة بيضات بيضاء تحترق بسرعة فوق فرش من الحشائش والأعشاب. كان من الواضح أنه تم صب الكيروسين عليها وإشعاله. تم اطفاء اللهب بسرعة وعدنا لمناقشتنا. لكن كان هناك شئ في الجو، شعرنا بعدم الإطمئنان وأصبح التركيز مستحيلا. لم أستطع النوم تلك الليلة و في الصباح زرت صديقا عاش في تلك البقعة لعدة سنوات طالبا نصيحته. وعندما حكيت له القصة فقد أصابه القلق هو الآخر.
قال لي: " هذا أمر شديد الأهمية". " يجب ألا تستخف بقدرات هؤلاء الناس. هم يبدون بدائيين، ذلك صحيح، لكن الشامانات هنا يحملون معرفة تم تلقينها من فم لأذن عبر آلاف السنين. يبدو أنك قد اخترقت حدودهم وأنهم اتخذوا اجراء ضدك. يجب عليك التوجه فورا لمدينة المكسيك حيث يوجد شخص يتوجب عليك مقابلته". يتبع
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عندما تعرض درويش صوفي إنجليزي لغارة من أهل الكشف من حكماء الهنود الحمر المكسيكيين! (Re: محمد عثمان الحاج)
|
انتهى النص المترجم والمقتبس من كتاب رشاد فيلد، وأحب أن أضيف توضيحا عن حكماء الهنود الحمر المكسيكيين وطريقهم الروحي، طريق التولتيك Way Of The Toltecs والذي هو أقرب الطرق الروحية شبها بالتصوف الإسلامي بل ويفسر بعض غوامض التصوف الإسلامي بسبب تشابه التجربة الروحية:
قبل آلاف السنين وربما بسبب الجوع أو بدافع الفضول تناول بعض الهنود الحمر أنواعا معينة من النباتات أو الفطريات فاكتشفوا أنها تدخلهم في حالات من الروئ وتكسبهم قدرات خارقة إذا تم التعامل معها بطرق معينة وأهم تلك القدرات هي فتح البصيرة الروحانية، فاسموا تلك النباتات نباتات القوة power plants وهكذا بدأ أفراد في تلك المجتمعات البدائية دراسة ما يمرون به من حالات بأسلوب علمي تجريبي وما لبثوا أن توصلوا لتقنيات لكشف البصيرة دون الاستعانة بتلك النباتات والفطريات التي لها آثار جانبية شديدة الضرر على الإنسان، وأصبح أولئك الأفراد هم المعالجين الروحيين في القبائل البدائية وبمرور آلاف السنين تراكمت تجاربهم التي دعمتها تجارب كل جيل جديد منهم، ووصلت تلك المعرفة فمتها في أيام حضارة التولتيك المكسيكية لكن يبدو أن انهماك تلك الحضارة المستفيض في العوالم الروحانية قد جعلها تغفل عن أعدائها فما لبثت أن اجتاحتها جيوش الأعداء وأصبحت أثرا بعد عين، لكن بعض الحكماء حملة المعرفة القديمة تمكنوا من النجاة وزرعوا أنفسهم في المجتمع الجديد وأصلحوا الجوانب التي اعتبروها فاسدة في تراثهم الروحي ولم تمر قرون قليلة حتى داهمهم خطر جديد هو الفتح الإسباني و الديانة الكاثوليكية، وفي مجتمع جديد كان ينظر إليهم على أنهم عملاء الشيطان اضطر هؤلاء العارفين إلى التخفي بل وفي بعض الأحيان إلى التظاهر باعتناق الدين الجديد حتى أن منهم من أصبح قسيس في الكنيسة! وبعد أن وزعوا أنفسهم في أنحاء البلاد المترامية الأطراف ومنعوا الاتصال فيما بينهم بدأوا مهمتهم الجديدة في مواصلة رحلتهم الإستكشافية العجائبية في مجاهل الإنسان والكون في صمت تام.
ربما ما كنا سنسمع عنهم شيئا لولا أنه وفي مطلع الستينات من القرن الماضي قام أحد طلبة الدكتوراه في جامعة كاليفورنيا، وهو كارلوس كاستانيدا ،بتوجيه من بعض أساتذته في محاولة منهم لحفظ تراث قبائل الهنود الحمر البدائية فيمايختص باستعمال النباتات في العلاج، بزيارة المكسيك للقيام ببحثه وسعى للعثور على المعالجين الروحيين الذين يستعملون النباتات في العلاج، فكان أن عثر على رجل هندي أحمر من قبيلة الياكي عجوز في السبعينات من عمره هو خوان ماتوس، وأخذ يتردد عليه طالبا منه أن يعلمه ما يعرفه عن النباتات وخصائصها العلاجية خاصة نباتات القوة، ولكنه فوجئ برفض العجوز التام لذلك وبدلا من ذك كان يدعوه لمصاحبته في جولات طويلة على الأقدام في الصحارى والمناطق الجبلية المكسيكية، وبدأ كارلوس صحبته مع العجوز خوان ماتوس وهو ينظر إليه نظرة استعلائية على أساس أنه باحث جامعي أبيض في حين أن خوان ليس سوى هندي عجوز فقير أمي مراوغ وجاهل، ولكن ما أن قضى معه بضعة أيام في الصحراء المكسيكية حتى انقلبت الآية: اكتشف عالم الأنثروبولوجي أنه هو الجاهل، وبدأت عيوبه تتضح له الواحد تلو الآخر تحت مجهر خوان ماتوس، فلم يجد بدا من التسليم بأنه أمام ظاهرة فريدة وأن الهندي الأحمر العجوز الذي أمامه يحمل معرفة من نوع فريد وانتهى الأمر بأن أصبح تلميذا لخوان ماتوس وأصبح يناديه واضعا كلمة دون الإسبانية التي تعني السيد أمام اسمه، وهكذا فقد أصبح دون خوان هو موضوع رسالة الدكتوراة التي تقدم بها لجامعة كاليفورنيا والتي نشر جزء منها بعنوان " تعاليم دون خوان" الذي أصبح واحدا من أكثر الكتب مبيعا في العالم.
بعد أن أعاد دون خوان بناء جزء كبير من شخصية كارلوس بدأ يعلمه أشياء عن نباتات القوة وقام بإعطائة جرعات منها قام دون خوان بوصف تفاصيل ما حدث له فيها في كتابه الأول " تعاليم دون خوان" وكتابه الثاني: "واقع منفصل"، ثم بدأ بعد ذلك يقوده في السير في الطريق الروحي الخاص بالتولتيك، وقد كتب كاستانيدا اكثر من عشرة كتب وضع فيها تفاصيل ما علمه إياه دون خوان الذي كلن على علم تام بأن كارلوس يقوم بنقل تلك المعرفة للجنس البشري بكامله.
وفي حين أنني لا أزلت أقرأ وأعيد قراءة هذا التراث الذي تركه كاستانيدا والذي يكاد يكون بحرا طاغيا من المعلومات التي ربما تستغرق عشرات السنين لفهمها فهما كاملا، فقد لفت نظري منذ البداية التشابه الكبير بين تراث طريق التولتيك والتراث الصوفي الأسلامي.
في بداية رحلته مع دون خوان كان كارلوس يصفه بأنه ساحر وهي الصفة التي أصبح أهل البلاد يطلقونها على أمثاله وهي بالاسبانية المكسيكية ديابليرو أو بروجو، ولكن فيما بعد صحح دون خوان التسمية وأفهمه أنهم يسمون أنفسهم أهل البصيرة seers أو أهل الكشف.
كان أول ما اكتشفه أولئك العارفون هو أنهم أكتسبوا قدرة رؤية أشياء لا يراها الإنسان العادي وهكذا قاموا وهم يعملون في شكل جماعات بالنظر ومقارنة ما يراه كل منهم بما يراه الآخرين، وبتلك الطريقة اكتشفوا مفهوم الطاقة وسريان الطاقة في الكون من منبعها الأصلي، واكتشفوا خلال نظراتهم تلك في عمق الكون أن هناك المجهول الذي يمكن ان يعرف وهناك المجهول الذي لا يمكن معرفته والذي إذا حاول الإنسان معرفته بطاقته الضعيفة فإنه يتعرض للهلاك السريع، ومن ذلك المجهول الذي لا يمكن معرفته القوة التي ينبع منها جميع الكون والتي رمزوا لها بالصقر لأنهم كانوا يرونها في رؤاهم مرموزة على شكل صقر هائل، وتجمعوا جماعات لرؤية تلك القوة لكي ينقذوا بعضهم بعضا من النظر إليها أطول مما يجب ومن ثم الهلاك، واكتشفوا أن كل الكون هو عبارة عن عدد لا نهائي من الرقائق الحية الواعية تنبعث من هذه القوة تبدت لهم على شكل ألياف رقيقة من من النور، واكتشفوا أنهم عندما ينظرون للناس بعين البصيرة فإنهم يرونهم على شكل بيضات منيرة ضخمة ذات حجم أكبر بكثير من حجم جسد الانسان وتحيط به من جميع الجوانب، ثم اكتشفوا أن قشرة تلك البيضة النورية هي أيضا نسيج من ألياف انبعاثات القوة التي رمزوا لها بالصقر ثم اكتشفوا أنه وفي الجانب الخلفي من سطح تلك البيضة مقابل الكتف الأيسر فإن هناك بقعة صغيرة مستديرة منيرة أسموها نقطة التجميع، واكتشفوا أن هذه النقطة لا توجد إلا في الكائنات الواعية، وبمراقبة تلك النقطة اتضح لهم أنها ثابته في موقعها في جميع البشر ولكن عندما يتناول الإنسان نباتات القوة فإن تلك النقطة تتحرك عن موضعها وهكذا علموا أن موقع تلك النقطة يحدد العالم الذي يوجد فيه الإنسان ويراه، ومن ثم بدءوا في البحث عن النقنيات التي تؤدي لتحريك تلك النقطة ومن ثم العبور لعوالم أخرى.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عندما تعرض درويش صوفي إنجليزي لغارة من أهل الكشف من حكماء الهنود الحمر المكسيكيين! (Re: كمال حامد)
|
لك الشكر أخي كمال قمت بتنزيل الكتاب الذي آمل ألا يكون ترديدا للمزاعم المبنية على الفهم الخاطئ للتصوف، للأسف هناك مشكلة في الملف حيث لم أتمكن من فتحه وآمل أن أعالجه لاحقا لكي أطلع عليه.
وآمل أن تطلع على البوست القادم الذي سيكون انشاء الله عن موضوع القرين وتجربة دكتور كارلوس كاستانيدا الشخصية مع القرين وكيفية رؤية القرين بحسب ما شرحه دون خوان ماتوس.
{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }الأعراف179
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عندما تعرض درويش صوفي إنجليزي لغارة من أهل الكشف من حكماء الهنود الحمر المكسيكيين! (Re: Nasruddin Al Basheer)
|
لك الشكر أخي نصر الدين البشير وأرجو أن تتابع هذا الموضوع في بوستات قادمة.
إن القاسم المشترك الأعظم بين طريق التولتيك والتصوف الإسلامي هو أن الاثنين يعتبران أن شعور الانسان بالأهمية هو الحجاب الأعظم بينه وبين الحقيقة، فالصوفية اعتبروا إذلال النفس ركنا أساسيا في طريقهم فلبسوا الصوف الخشن والجبة المرقوعة وزهدوا حطام الدنيا وسموا أنفسهم الفقراء في زمن كانت ثقافته تعادي الفقر والفقراء، ويكاد ذلك يكون هو بالضبط ما فعله حكماء التولتيك ويوضح دون خوان أن شعور الإنسان بالأهمية وتركيزه على الأنا هو أكبر مستهلكات طاقة الإنسان وأنه حالما يتخلص الإنسان من هذا الشعور فإنه تتوفر للإنسان طاقة كافية لتبدأ بصيرته في الانفتاح. والصوفية جعلوا النفس عدوا رئيسيا للسالك في طريقهم ووضعوا تقنيات معينة ليرتقي الإنسان من النفس الأمارة بالسوء فاللوامة فالملهمة فالمطمئنة فالراضية فالمرضية ثم النفس الكاملة تتمثل في الذكر ومجاهدة النفس، ووضع حكماء التولتيك تقنيات مشابهة لما أسموه التخلص من القالب البشري human form، ومن أهم تلك التقنيات التربص stalking وهي مفردة مشتقة من الصيد حيث يتربص الإنسان بالحيوان الذي يريد أن يصطاده ويتربص السالك في طريق التولتيك لعيوب نفسه ويصطادها واحدا تلو الآخر. أما أهم تقنيات طريق التولتيك فهي تقنية الأحلام dreaming.
للأسف فإن التراث الصوفي وبسبب التركيز على كتمان الأسرار عمن لا يستحقهاوالبعد عن الدعوى يكاد يخلو من الكتابات التي يذكر فيها أصحابها كيف أرشدهم شيوخهم في الطريق وكيف تخلصوا من عيوب أنفسهم واحدا تلو الآخر حتى وصلوا لمرحلة المشاهدة وما بعدها، ولا نجد إلا شذرات في كتب مثل كتاب الإبريز من كلام سيدي عبد العزيز لأحمد بن المبارك، وقد كتب رشاد فيلد كتابا رائعا عن تحربته في السلوك الصوفي على يد شيخه التركي هو "الحاجز الأخير" The Last Barrier ، لكن كارلوس كاستانيدا وضع جميع تفاصيل رحلته الروحية في كتبه وآمل أن أترجم وأنقل بعضا منها في بوستات قادمة والتحية لكل من يتابع هذا البوست.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عندما تعرض درويش صوفي إنجليزي لغارة من أهل الكشف من حكماء الهنود الحمر المكسيكيين! (Re: صلاح الأحمر)
|
لك الشكر أخي صلاح الأحمر، وانشاء الله سأكون عند وعدي.
إذا كان الإنسان لا يستخدم سوى عشرة بالمائة من الخلايا العصبية الدماغية فإن لكل إنسان إمكانيات هائلة لكن لا يملك سر الوصول إليها سوى الذين ساروا في طريق الترقية الروحية ودرسوا الوعي البشري في حالاته المختلفة واستخدموا حواسهم بأقصى كفاءة ممكنة فانكشفت لهم أسرار الوجود فأمثال هؤلاء جدير بنا ن نتوقف عندهم ونستمع إليهم جيدا.
كان أول اختبار خضع له كاستانيدا من جانب دون خوان أن الأخير طلب منه أن يعثر في فناء منزله على بقعة في الأرض تكون ملائمة له أو بقعة صديقة كما أسماها. ودخل غرفته وتركه ليحل المعضلة وذلك في مطلع الليل. تجول كاستانيدا داخل الفناء فلم يلاحظ أية بقعة مختلفة. وفي النهاية رقد على الأرض وأخد يتقلب ويتمرغ فوقها محاولا أن يحس ببقة تعطيه احساسا مختلفا وأمضى في ذلك عدة ساعات بلا جدوى، وهنا خرج دون خوان وطلب منه أن يستعمل عينيه في البحث وأن ينظر بدون أن يركز عينيه على شئ ، أي دون أن يدقق النظر. وبعد أن جرب هذه الطريقة اكتشف أنه في الظلام الدامس هناك بقعة تتراءى له كما لو كانت ملونة بلون مختلف ثم اكتشف نفس الظاهرة في بقعة أخرى فوضع علامات على البقعتين. وحين جلس في احدى البقعتين أصابه قلق شديد زال فور ابتعاده عنها وعاوده حين جلس فيها مرة أخرى، وعندما توجه للبقعة الأخرى وجلس فيها استغرق على الفور في النوم ليفاجأ بدون خوان يوقظه في الصباح وهو في مبتهج مهنئا اياه بنجاحه ليس في العثور على البقة الصديقة وحسب بل العثور على البقعة العدوة. كانت تلك أولى تجارب كاستانيدا في استعمال البصيرة الروحانية التي تتم الرؤية فيها ليس عن طريق العين بل بكامل كيان الإنسان ووظيفة العين في الرؤية الروحانية هي توجيه الانتباه للشئ المراد رؤيته فقط وليس مشاهدته بالعين لذلك كان دون خوان يوصيه بأن ينظر بطرف عينه وليس مباشرة.
أحد الأركان الرئيسية في طريق التولتيك هو الصمت الداخلي وهو أن يقلع الإنسان تماما عن محادثة نفسه عقليا ويفرغ عقله من جميع الأفكار ورغم أن هذه مهمة صعبة في البداية لكن دون خوان يؤكد أن الإنسان بالاستمرار في المحاولة تزداد قدرته على الصمت الداخلي يوما بعد يوم إلى أن يصل لحالة الصمت التام، والنتجية التي تعقب ذلك هو ما سماه بإيقاف العالم عندما تتوقف وتيرة حياة الإنسان العادية وتمر به تجربة تفتح عيونه على الجانب الذي كان خافيا عنه من العالم.
| |
|
|
|
|
|
|
|