حسـن سـاتـي... ذبـيح إهـمال وبـيروقـراطية التطبـيـب !!! (منقول)

Quote: حسن ساتي... ذبيح إهمال وبيروقراطية التطبيب !!! د / فاروق البدوي * يُفجعُ هذا البلد المحبوب الموجوع في كل يوم جديد في واحد من أبنائه, ذكراً أم أنثى, ويجلس مكسور الخاطر تدمع مقلتيه دماً يبكي حاله ومآل عياله, يبكيهم فرداً وذرافات ووحدانا, ينتقلون من هذه الحياة الفانية للحياة الباقية وهم يلبون أمر ربهم ونداءه بالرجوع إليه عزّ وجلّ راضين مرضيين, يُلبون النداء بسبب كوني أو بدونه فالأمر سيان, ولكن يبقى الحزن والألم يعصر الصدر فتنقبض الضلوع فيتمزق القلب حسرة ووجعاً على فراقهم أبناء السودان المعشوق, ففي فترة وجيزة ارتحل عنا نفر كنا نترقبهم وتُعدّهم الأمة فيمن تُعد من أبنائها لمقبل الأيام لتمكين وبدء ثبات حكم العدل والشورى بتأصيل الحريات الخاصة والعامة والمساواة بين عبيد الله كافة في المسكن والمأكل والملبس ومقتضيات الحياة الآمنة الكريمة, حملوا هموم وقضايا الوطن والأمة على أكتافهم وناءت بها ظهورهم ومع غيرهم وهم ساهرون, ورحلوا بها مشرّعة بهم عن ديار الدنيا, يقومون ومن همو معهم وغيرهم نائمون, ويسعون مع من سواهم وبعضهم قائلون, غادرنا محمود أبو العزائم وجعفر عطا المنان وغيرهم وفارقنا سارة الفاضل محمود وأحمد الميرغني وعبد النبي علي أحمد وفاروق كدودة ومحمد إسماعيل الأزهري والشيخ مصطفى الأمين رفيق المساكين وآخرون غيرهم كثر, وحسن خليفة العطبراوي وعثمان حسين ومصطفي سند وكثير من حقول الرياضة والفكر والثقافة والعمل العام المضني والمجتمع في عام الحزن النبيل هذا 2008م, ومن قبلهم بهنيهة أبا التومة عقود الخير المنضومة د/ عمر نور الدائم, وجاء آخر العقد الجميل في هذا العقد الزماني ( 2000 – 2010 ) البوشوي القبيح ( نسبة لجورج بوش ), كان قبيل سويعات في الزمن الطويل أبا الوضاح صاحب القلب والقلم النضّـاح... حسن سـاتي قامة في قامات إحقاق الحق ونصرة المظلوم وكلمة سواء بين الناس, كان حسن ساتي.. ويا سبحان الله فله الحمد وله الشكر على ما يُعطي وما يأخذ.. أصبحنا نقول : كان حسن.. بين عشية وضحاها, فقد كان بلسماً لكل مهموم ومحزون ومغموم, وما أكثر ما كان يحمل من هموم وأحزان وغموم على الوطن وأهله.. حسن ساتي.. عايشته بالقاهرة سنوات الجهاد المدني والبلاء المتعاظم في التسعينيات والتقينا بالخرطوم مرات ومرات كلما حطّ بنا الترحال طوال العامين المنصرمين, وحتماً يجف المداد إن بدأت أقول مآثره ومجاهداته ومحاسنه لترسيخ مجتمعٍ متكاملٍ متسامحٍ متكافل, ولكن حسبي أن أقول أنه كان حسن ساتي رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جنات الفردوس الأعلى. في شهادته لله بالعدد 838 من ( آخر لحظة ) يوم الاثنين 1 / 12 / 2008م كتب الأخ العزيز الهندي عز الدين في عموده اليومي بعنوان : (نعم.. الموت سـنبلة !), حول ملابسات وفاة الأخ حسن ساتي في مستشفى ساهرون ببري.. عندما ذهب إليها بقدميه مُسـتشفياً, وبسبب التقاعس والبيروقراطية في غير محلها.. وقد تفشـّت هذه اللعينة البيروقراطية بالسودان وتتوأمت مع الرشوة والإفساد المالي حتى أنك لتجدها في إرضاع الأم حليب ثديها لرضيعها.. دخل أبا وضاح لـ (ساهرون) راجلاً فخرج منها محمولاً.. وهذا اسم على غير مسماه ما دام سهّار ( ساهرون ) لا يسهرون على نزلائهم ومرضاهم, وما كانت هذه المرة الأولى التي نسمع فيها بالسودان عن مثل هكذا حالات وحوادث, ولا تُنسى مأساة الشاب أبوالقاسم الذي دخل مشفىً ما لإزالة عرج برجله فقطع الجراح ومن معه النخاع الشوكي مما سبب شللاً رباعياً, ومات بعدها بسبب الإهمال الطبي وسوى ذلك كثير لا يُحصى ولا حياة لمن تنادي!! رغم ما يكتبه الكاتبون وينقله بصدق الناقلون ويحكيه ثقاة للأمر برمته يعلمون, ويقول الهندي في ما روى (( لسنا في مقام المحاسبة.. فنحن موحدون, مؤمنون بقضاء الله وقدره, ونعلم بأن لكل أجل كتاب, ولكن لابد من التوقف والتساؤل عن أحوال مشافينا البائسة... )), وأقول للهندي ..ولكل من يُلقي السمع وهو شهيد.. ليس فقط التوقف والتساؤل, بل لابد أن يكون المقام مقام محاسبة, ولو ما كانت كذلك ما قال الله تعالى في محكم تنزيله ((و كتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس و العين بالعين و الأنف بالأنف و الأذن بالأذن و السن بالسن و الجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له...))..وفي الحديث (( لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مسلم..)) صدق رسول الله, والقرآن الكريم والحديث النبوي الشريف فيهما من أحكام وأوامر عديدة ومتعددة يبينان قول الله في المحاسبة عند وقوع الضرر الخطأ أو العمد بالنفس البشرية وحتى بالحيوان. ولولا أن أراد الله بخلقه عبيده خيراً وبقاءً لما أنزل هذا التشريع السماوي في أن الإهمال الذي يُسبب الموت أو الضرر الجسيم للفرد هو نوع من القتل يحاسب عليه الشرع الرباني.. والعجيب أنه يُعمل بهذا الشرع في بلاد النصارى والكفار وتتغاضى عنه بلاد العالم الإسلامي مع إدعائها بتحكيم القرآن والشرائع السماوية.. وقدير الله تعالى يوم أنزل أوامره وأحكامه هذه أن يُطلق الحكم فيها والعمل بها أو تعليقها فقط بأجل الله المكتوب, وأن الأجل المكتوب للمخلوق المعلوم يعفي من المساءلة والمحاسبة, والله بذاته العليّة وقدسيته الجليّة سيحاسب خلقه على كل شئ, لأنه تعالى ما ترك في الكتاب من شئ, وإلا فلماذا الديّات والأحكام في القتل بدرجاته المتفاوتة المتعددة من الإهمال الطبي والمروري والاجتماعي والصحي والبيئي والقتل الخطأ والعمد وبالترصد.. فالقاتل هو القاتل كان مرتدياً قناعاً على وجهه ويحاول السرقة أو يترصد فيقتل أو سائقاً يقود مركبته أو حافلته بإهمال وفوضي مرورية.. بدون استهجان أو اعتراض من رجال المرور.. فيدهس من يشاء بغير حساب أو يلقي بهم كلهم من على الجسر إلى قاع النيل, أو يهمل فيقتل وهو يرتدي لباس الرحمة الأبيض ونفسه ومحفظة نقوده مُشرّعة بلا رحمة, بدءاً من المبالغة في إرهاق جيوب المرضى وأهلهم بالغلو في تكلفة العلاج والزيارات بالعيادات والمستشفيات الخاصة, وتدخل في حيزها جامعات وكليات العلوم والطب الاستثمارية التجارية الخاصة, ويُقال في الأثر ( الخطأ صنو الجهل) والخطأ الطبي كما عرّفه الإمام الشافعي رضي الله عنه ((من تطبب ولا يُعلم له طب فهو ضامن. أي غارم), وذلك يعني بقياس درجة علم الطبيب وقدراته في مستشفى غير مؤهل وغير مجهز وإقدامه وجرأته بالتقدم لمعالجة وإنقاذ المريض والتخفيف عنه تحسباً لما قد يقع من مضاعفات قد تتطور لجسيمة, مع طبيب آخر في مستشفي راق ومؤهل ولكنه متقاعس غير مُقدم ولا جرأة مهنية له وقلبه بلا رحمة, فالطب والتعليم رسالة MISSION وليستا بوظيفة PROFFESSION , وكل مطبب وكل معلم لا يكون رسولاً فقد أخلّ بالعقد المبرم بينه ونفسه وأخلاقه وأمته ودينه وربه. مات أم نُحر أم قُتل خطأً أبا وضاح حسن ساتي, ومن ماتوا قبله ومن سيموتون بعده في المستشفيات والمرافق الطبية والصحية في السودان كله وبخاصة العاصمة القومية, فسيان الأمر عند أهل الشأن وسيبقى الحال هو هو على ما هو عليه, وياهو ده السودان لا رقيب ولا وجيع ولا حسيب.. وأحسب أني في حاجة وحوجة وحُجة أن أقولها اليوم بعد ما قالها.. الزول السمح.. الحاردلو قبل سنوات طوال عجاف : ملعون أبوكِ بلد. وأبداً ما هُنت يا ســوداننا يوماً علينا. * ســودان الشــتات / أميريكا ***** [email protected]

Quote: مات أم نُحر أم قُتل خطأً أبا وضاح حسن ساتي