|
الثـعـبـان أرحـم مـن الـوالـد
|
حوار وتصوير/ التاج عثمان طفلة البئر) .. آمنة بنت وهب لـ(الرأي العام) (1ـ2): (الدابي).. كان يقوم بحراستي!!.. أمي «ست الدور» توفيت منذ (7) سنوات وزوجة أبي كانت تضربني بالعصا
لقائي الاول بـ«طفلة البئر» «ام شوايل» والتي اسمت نفسها «آمنة بنت وهب» احمد مختار بالغرفة «904» بمدينة البراحة الطبية بالخرطوم بحري، لم يستغرق سوى الدقائق التي استغرقتها عملية تصويرها مع جدها «محمد زايد الزين محمد»، وجدتها خالة امها «فاطمة زايد الزين محمد»، اللذين كانا معها بالغرفة فعندما شرعت في اجراء حوار مع الطفلة فوجئت باثنين من افراد الامن التابعين للمستشفى يدخلان الغرفة وسألاني: أأنت صحافي؟ قلت: أجل، فطلبا مني بتهذيب قطع الحوار والخروج معهما حتى أحصل على اذن من المدير العام، فاخبرتهما انني لم أتسلل خلسة، بل قابلت احد مديري المستشفى- مدير الطابق الاول على ما اعتقد- فسمح لي بمقابلة الطفلة.. المهم لم يكتمل حواري معها بالمستشفى فخصصت الحلقة الاولى لسرد عملية انقاذها وانتشالها من البئر بواسطة البطل الكباشي العطوي «عبدالخير سعيد الكمس» الذي نزل بشجاعة داخل البئر العميقة، المهجورة، والمظلمة واخرجها ولايزال يلازمها حتى الآن.. وبعد خروج آمنة بنت وهب من مستشفى البراحة، توجهت في الثالثة من عصر الاربعاء الماضي الى قرية (الكرياب)، الواقعة ببحري على طريق العيلفون بعد حي (المصطفى) مباشرة، حيث تقيم الطفلة هناك بمنزل جدتها (فاطمة زايد الزين) ..لم اجهد نفسي كثيراً بالبحث عن المنزل ويبدو ان حكاية الطفلة اشتهرت بالقرية وخارجها، شاهدت امرأة فتوجهت اليها وسألتها: أين منزل (ام شوايل)؟ قالت: بت البير؟ قلت لها: أجل، فوصفته لي.. لاحظت عربة بوكس تقف خارجه.. تكتظ بمجموعة من النسوة والرجال والاطفال، بجانب عربة اخرى عليها شعار الهلال الاحمر السوداني احضرت عدداً من الموظفات العاملات به لزيارتها. استقبلني جد الطفلة (محمد زايد الزين)، وكانت الفرندة التي ترقد بها الطفلة ممتلئة عن آخرها بمجموعة من الرجال والنسوة جاءوا لزيارتها، ففضلت البقاء بالخارج حتى مغادرتهم، ثم دخلت عليها، وجدتها تستلقى على سرير وبرؤيتها لي استقبلتني بابتسامة حلوة وقالت لي: أنت من صورني في المستشفى؟ قلت لها: اجل فسألتها عن صحتها قالت بلكنتها المحببة: انا كويسة.. قلت لها : جئت لاطمئن عليك واحمل لك امانة تبرع بها احد اهل الخير بعد ان قرأ حكايتك بـ(الرأي العام)، وقبلها بـ(حضرة المسؤول) الثلاثاء الماضي، وأريد ان أسألك بعض الاسئلة فهل توافقين؟ قالت: اسئلة شنو؟ أجبتها عن حياتك قبل وبعد الحادثة واثناء بقائك داخل البئر.. قالت وهي تبتسم ابتسامة عذبة، اسأل.. ومن هنا بدأت في اجراء هذا الحوار التفصيلي معها والذي يكشف معلومات وجوانب جديدة في حكاية هذه الطفلة التي ألقى بها والدها داخل بئر قرية (ام عجيجة) بمحلية سودري شمال كردفان،ومكثت داخلها (38) يوماً كاملة.
................................................................. ? سألتها: متى توفيت والدتك؟ - أمي (ست الدور عيد الخير موسى حماد)، توفيت قبل (7) اعوام، وكان عمري وقتها حوالى (6) سنوات. ? هل لديك أشقاء؟ - شقيقي الوحيد توفى بعد وفاة امي، وكان يكبرني، ولدي اخوان غير شقيقين، ولد وبنت من زوجة ابي حيث كنت اقيم معها ومع ابي بقرية (ام عجيجة). ? ما اسم زوجة ابيك؟ - أم عيد بت أحمد ودعدريب. ? هل تمت لكم بصلة القرابة؟ - اجاب جدها محمد زايد الزين: لا تمت لنا بصلة قرابة، فهي من قبيلة (ام متو)، وهي فرع من قبيلة الكبابيش، ونحن من «العوايدة». ? كيف كانت تعاملك زوجة ابيك؟ هل كانت تعاملك كأمك قبل وفاتها؟ - صمتت قليلا واطرقت برأسها نحو الارض وكأنها تستعيد ذكريات ماضية قاسية، وقالت: معاملتها معي كانت بطالة. ? كيف؟ - كانت تضربني وتشتمني كثيراً، واشارت باصبعها لآثار اصابة قديمة اسفل عينها اليمنى، قائلة انها واحدة من الضربات التي تلقتها من زوجة والدها. ? بأي شيء ضربتك؟ - بعصا. ? ولماذا ضربتك؟ - لأنني ضيعت عددا من الحملان اثناء «سرحي» بها في الخلاء. ? هل الحملان ملك زوجة ابيك؟ - لا بتاعة ابوي. ? هل كان والدك يضربك؟ - كان والدي (يدقني) - يضربني- كلما اختفت اغنام من القطيع الذي اقوم برعايته. ? ولماذا تضيع منك الاغنام؟ - الاغنام (تفز) -تهرب- ولا استطيع اللحاق بها واعادتها لان يدي اليمنى المشلولة تمنعني من ذلك. ? ماذا يعمل والدك؟ - صاحب قطيع ماعز وخراف، وهو يقوم بالرعي للجزء الاكبر من القطيع، وانا ارعى الباقي. ? يوم القاك والدك داخل البئر، متى خرجت لرعي اغنامك؟ - في الصباح. ? هل كنت وحدك؟ - أيا .. كنت براي. ? كم عدد القطيع الذي كنت تسرحين به؟ - (ماني خابرة).. فاجاب عنها جدها: ترعى بحوالى (170) رأساً من الاغنام. ? ذكرت انك فقدت (4) من اغنام القطيع واخبرت والدك بذلك، هل كان ذلك في الخلاء ام عند عودتك للقرية؟ - التقى بي والدي قرب البئر، حيث كان يسرح مع قطيع آخر فاخبرته ان (4) من الماعز (فذت) ولم اعثر عليها. ? اذاً كنتما بالقرب من البئر؟ - ايا. ? هل البئر قرب القرية ام بعيدة منها؟ - بعيدة. ? وماذا قال لك والدك عند ضياع الاغنام؟ -غضب وقال لي: اختاري: اما اقتلك أو ارميك في البير!! ? وهل نفذ ذلك على الفور؟ - ايا، امسك بأيدي الاتنين من الخلف و(دفرني) في البير!! ? هل رآه احد وهو (يدفرك) داخل البئر؟ - لا، كنا وحدنا، شهد ذلك الله وحده!! ? ألم يكن هناك اطفال آخرون يرعون اغنامهم بالمنطقة؟ - لا.. قلت لك كنا وحدنا انا وابي. ? في اي وقت كان ذلك؟ - بعد صلاة العصر. ? وماذا فعلت عندما امسكك والدك وتوجه بك ناحية البئر؟ -كنت اصرخ وابكي، إلا انه لم يتركني ودفرني في البير!! ? سألت جدها: ألم تلحظوا ومعكم اهل القرية غياب (ام شوايل) لاكثر من شهر؟ -اجاب: بعد يومين من غيابها قام بعض اهل القرية بسؤال والدها عنها فقال لهم: (فزت) مني، وذهبت لاخوالها بقرية (ام قوزين)- تقع غرب ام بادر على الحدود بين كردفان ودارفور- فصدقه اهل القرية ولم يشكوا في شيء. ? نعود مرة اخرى للطفلة.. سألتها: ماذا حدث لك بعد ان (دفرك) والدك داخل البئر؟ -وقعت على غصن شوك. ? ألم يجرحك؟ -لا . ? من كان معك داخل البئر؟ - الدابي والوطاويط والله (مشيرة بيدها اليسرى الى اعلا). ? صفي لنا البئر من الداخل؟ -كانت مظلمة ورائحتها ما كويسة. ? هل رأيت شيئاً داخل البئر؟ -رأيت (دابي)- ثعبان- كبير. ? من أين جاء؟ -ماني خابرة. ? ألم يهاجمك (الدابي)؟ -لا، بل الدابي كان يحرسني. ? كيف؟ -كان يقف بالقرب مني باستمرار ولا يفارقني. ? لكنك قلتي إن البئر مظلمة فكيف كنت تشاهديه؟ -كنت أرى عينيه تلمعان وهو ينظر الىَّ باستمرار دون ان يتحرك. ? كيف كان ينظر اليك؟ -هكذا....أطرقت برأسها للاسفل قليلا، ثم حركت عينيها لاعلى تحاكي بهما نظرات الثعبان اليها.
الرأى العام
|
|
|
|
|
|