|
البترول.. هل هو البنزين والجازولين؟؟
|
هل البترول هو الجازولين والبنزين أم هو شيء آخر؟.
لقد انخفض سعر البترول عالمياً الى خمسين دولاراً.. فلماذا لم ينخفض سعر الجازولين؟..
أكاد افهم حقيقة ما يسمى بالأزمة المالية العالمية وأنا انظر إليها من خلال إطار اقتصاد السوق، باعتبار أن الأزمة من طبيعة النظام الرأسمالي القائم على تصيد رأس المال للربح، فالرأسمالية تؤمن بخرافة ارتباط الاقتصاد بالأخلاق..
الذين يقولون إن السودان قد لا يتأثر بأزمة الاقتصاد الرأسمالي نعود بهم الى حقيقة أننا دولة لا تتأثر (بأي شيء), لا بارتفاع سعر البترول ولا بانخفاض سعره.. نحن لا نعرف شيئاً عن الطفرة، وأين ذهب ريعها، لا ينعكس انخفاض البترول على سعر الجازولين لزراعة أراضي النهضة الزراعية، ولا يعني انخفاض سعر البترول تخفيض سعر تعرفة المواصلات.. بالرغم من أن الحكومة ترى أن كل سلعة خاضعة لقانون العرض والطلب.
هل يحق لمواطن أن يدعي تأثره بشيء في هذه الدولة التي يعيش فيها وهو يدري أن سعر القمح إذا انخفض في أسواق الدنيا، فإن هذا الانخفاض لا يحسن هيئة (الرغيفة) ولا يخفض سعرها!..
نحن دولة بنظامين متناقضين، رأسمالية حين يتعلق الأمر بالجبايات، واشتراكية جداً حين يتعلق الأمر بـ(الحريات).. نحن مع اقتصاد السوق الحر وثعالب السوق لجهة أعضاء الحزب الممسك بالمفاصل، والذين يتحدثون عن تأصيل التوجه يبلشفون الفكرة ويطبقون في الناس أسوأ مخلفات الحقبة السوفيتية، هم يأخذون بتراث البلشفة في إغلاق حنفيات الآخر ورؤيته من زاوية رتق النسيج، ونسجه بخيوط الضوابط (من أجل لمّ الشمل)..
بدأت الأزمة في أمريكا في قطاع العقارات.. من الذي يملك العقارات المعتبرة هنا؟ وهل تأثروا بشيء مما حدث ولو على صعيد الحسابات الطفيفة لفروقات الأسمنت والسيخ؟ ضجت الدنيا باكية كلها على كساد سوق العقارات الأمريكي مع أن أسعار العقارات السودانية لا ضابط لها قبل أو بعد الأزمة.
سوق العقارات في السودان يعبر حقيقة عن كيف تفكر الدولة التي تعتمد نظامين متناقضين.. فالدولة هي صاحبة الأرض، وفي الأماكن الإنتاجية التي فيها شبهة الملكية للمواطن تجد الدولة تتحايل من أجل وضع يدها على الملكية.. وليتها تحتفظ بهذه الملكية للأجيال!.. إنها تبيعها لمستثمر أجنبي في غالب الأحيان!
الأزمة في سوق العقارات السوداني لها عدة أوجه، فنحن نشاهد العمارات السوامق تحيط بالفضاء، بينما تظل أزمة السكن على حالها، وطريقة الهندسة السودانية تعارفت على بناء العقار أولاً ورمى أغراض ونفايات البناء في الشارع.. ثم بعد شهر أو أكثر تأتى شركة أخرى بعقودات مجزية للتنظيف أو لحفر الشارع، من جوانبه أو شقه الى نصفين لتوصيل ماسورة أو مجرى صرف صحي أو... بينما لا ترغب غالبية الذين يعملون في مكاتب الخرطوم في تقليل الترحيل واستئجار شقة في وسط البلد لأن سعر الشقة في السوق العربي أغلى من استئجار شقة في وول ستريت.. لا الدولة تحسب، ولا المواطن يحسب..
الأسعار إذا ارتفعت في العالم، أو انخفضت، فنحن هنا لا علاقة لنا بالأمر..
من يمسك بعصب الاقتصاد يا سادتي؟.. هل يصح لنا أن نسميها بمسماها القديم (الرأسمالية الطفيلية)، أم أن الأسماء هي الأخرى لابد أن تتغير لمواكبة هذه التركيبة التي لم يحدد لنا أهلها سياقها؟
هل يقبل منظرو الاقتصاد الإسلامي أن نطلق هذا الاسم على وضعنا الحالي؟؟
|
|

|
|
|
|