|
|
 فكري ابو القاسم يسلط الاضواء علي امبراطورية صلاح ادريس المالية وينزع عنها ورقة التوت
|
اللغز ... صلاح إدريس
• ماشهدناه من تشريد العاملين في جريده (الأضواء ) جدد ما كنا قد قرأناه منذ سنوات .
• هذا الكتاب يلاحق تاريخ \صلاح إدريس بالتساؤلات ويحاكم الخلفيه الأخلاقيه للمثقف السوداني .
كتيب من (47) صفحة رقم الإيداع (190/99) عنوانه ( اللغز صلاح إدريس ) موضوعاته تحت عناوين (مولد أسطورة ، غول إقتصادي ، نخاسة عصرية، البحث عن منجم غامض ، الإعصارالداهم ... ) يلاحق هذا الثري بالتساؤلات ويرسم حوله شبهات من زوايا : التاريخ الشخصي ، كميه الأموال ، إستراتيجية التخفي ، طريقة الإستثمار ، ثم يكتفي بقرع الأجراس .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شاهدت بعيني تشريد العاملين في جريده الأضواء وكنت من بينهم ، ومنهم الصحفي ، والكاتب والفنان والإداري ، ولا أنسي صورة المرحوم الكاتب الصحفي محمد ، إبراهيم حيتكابي (75سنة) وهو يتصبب عرقاً وهو يمشي بين المتضررين يحرضهم لأخذ حقوقهم بالقانون !
منعوهم من حقوقهم . هرب بعضهم مكتفياً بما إستطاع إنتزاعه من التسويات المجحفة ، ومنهم من آثر ( الإنتظار المر) لسنوات المحاكم ومنهم من إشتكي إلي الله وسكت والغريب أن بينهم من ينتظر عبثاً فائدة ما في عملية مقبلة !! كلهم من فئة ( المثقفين ) الذين لايستطيعون مغالبة المعاش اليومي ناهيك عن الإنتظار .
أحداث هذه الجريدة التي تعد في حقيقة الأمر من مؤسسات صلاح إدريس ، أعادت في أذهاننا هذا الكتيب الذي كتبه الأستاذ عز الدين صغيرون عن صلاح إدريس .ولاندري أين هو الآن وهل صدر الجزء الثاني كما وعدنا ؟
يعرف الأسطورة بأنها في الأصل ولدت في الماضي كخرافة ثم أصبحت الآن تمد الحاضر بالمعني !!وهكذا ولدت تجربة صلاح إدريس المالية فيما يري الكاتب . والدليل هو السطو المفاجئ أو المولد اللاتاريخي في الساحة السودانية في نهاية التسعينات .
تعددت التفسيرات وتضاربت في منشأ (المليون الأول) ثم إنعدام التدرج التاريخي ويقرع الأجراس لخطورة الحاجات اليومية التي يلبيها الآن في الساحات المالية والثقافية والإجتماعية .
لم يكن محفوراً في ذاكرة الوطن كما كان كبار رجال الأعمال أمثال : مصطفي الأمين ، والنفيدي ،وإبراهيم مالك ، وأبو العلا .. وغبرهم
رغم ذلك كله قفز فجأة وإمتلأت الساحة بقصصه عقب الضربة الأمريكية لمصنع الشقاء
ورغم أنه يعلن أنه من الغباء أن يسأل رجل أعمال عن المصادر الحقيقية لثروته وخاصة ( المليون الأول) إلا أنه ينقل كلام السيد صلاح إدريس عن نفسه أنه جاء إلي السعودية عام 1977م (رغم أنني جئت إلي المملكة دون أن يكون العمل والإستقرار في مخيلتي إلا أن ذلك هو (القدر الجميل ) فأقمت وعملت منذ ذلك الوقت في مكان واحد وأعزني أهله وأحبوني وقدروني وهيأو لي كل أسباب النجاح فأسعدني الحظ وأكرمني القائمون علي الأمر بجنسية ( البلد المقدس )!)
يتساءل الكاتب :.هب أن السيد صلاح إدريس كان في وظيفة مدير بنك (لامجرد موظف ) كيف يستطيع جمع مثل هذا الكم من الأموال في عشرين عاماً فقط؟!
ينقل الكاتب أيضاً علي لسان صلاح إدريس كيف أنه كان يعمل خلف الستار بأسماء مختلفة يقول الكاتب أيضاً – من الواضح / السيد صلاح إدريس بداءيتغلل في السوق بطريقة سرية .إذ إعتمد إستراتيجية العمل من خلف أشخاص ومؤسسات يقوم بإنشائها وتمويلها من وراء الستار ، وقأقر بذلك في الحوار المذكور أعلاه .وينقل عنه أنه قال: حيث أصبحت قريباً من مصادر القرار في المؤسسة المالية الكبري والتي كنت أعمل بها . وما أتاحه لي ذلك من التعامل مع كبار رجال الأعمال الذين تربطهم علاقات التعامل بتلك المؤسسة المالية في الداخل والخارج وما أتاحه لي ذلك من فرص ...
الأهم أن أحداث هذه الجريدة جددت ماكنا قد قرأناه عن "اللغز" . صاحب الجريدة يخاصم العدد من المبدعين دون ذنب جنوه سوي المطالبة بحقوقهم التي كانت تتأخر أحياناً لست أشهر أو يزيد وهو نفسه ومن يمثلونه يمارسون الصحافة والكتابة وفن الغناء والكورة .
يسوق معه في ذلك مجموعة من الشعراء ومبدعين ويمارس هذه المظالم ولا لشئ إلا أنه من السهل تشريد هؤلاء دون مسأءلة عاجلة . والغريب أنهم كانوا يذكرون له أنه قد قدم الكثير من الدعم لكثير من مشاهيرالغناء و الكورة .
تشريد هذا العدد من المبدعين عندما يقرأ مقروناً بالقصص التي كانت تحكي عن الملايين التي حكاها الكتاب أنه دفعها لرئيس تحرير جريدة كهدايا للصحفين – يتعجب الإنسان من هذه الحكايات ( الإنسانية المجزأة ).
هذه الجزئية يثبت لنا الأستاذ صغيرون الداوية التي تلاحق (مغزي هذا العطاء وحول الأهداف الغير معلنة لهذا الكرم السخي ) . أتذكر عند صدور هذا الكتيب كنت أتسأل ... لماذا يلاحقون هذا الثري ...ألا يكفيه أنه كريم حتي لو أراد الإعلان عن نفسه ؟ وهل يعد هذا العطاء إتهاماً ؟ ولكنني الآن أعترف أن هذا الكرم بالفعل مجروح . أهدافه أكبر من (الإعلان المشروع للنفس ) وقبل أن نخوض في هذا الكتيب نحن بدورنا نتسأل . هل نحن أمام شخصية إستحواذية لم يسبق لها مثيل في الساحة السودانية ، أم بالفعل نموذج فريد لشخصية متكاملة الأبعاد ( ثقافة ، ومال ،ومجتمع ) ؟
الثابت وسط هذا الكم الهائل من التساؤلات :أنه إشتري كل المقاعد ومدد رجليه ! .... كيف تسني له ذلك ؟ هذا هو اللغز الذي لم يصل إليه حتي مؤلف هذا الكتاب ؟
تساؤلات
هذا الكتاب يلاحق الغموض في تاريخ / السيد صلاح إدريس وفي مصادر ثروته والتناقض في سلوكه الشخصي . أما الملاحقة لاتفصح في هذا ( الجزء الأول ) بأكثر التساؤلات . وهو يتصدي للكتابة عن هذا الثري لا ينسي الكاتب أن ينفي عن نفسه دوافع شخصية ولا يملك معرفة مسبقة بصلاح إدريس . والأهم عنده هو محاكمة الجبن الأخلاقي للمثقف السوداني المتخاذل فكرياُ واللامبالي دائماً ويتساءل هل هذا غباء أم ماذا ؟ لايهتم بالظواهر أمامه ، رغم توفر مؤشرات خطورة ولا يستيقظ إلا عند الصدمات الكبري كأن يضرب مصنع بصاروخ أمريكي .
ثم في نهاية الكلام عن نفسه يعلن صراحة . أنه رغم علمه بإمكانات صلا إدريس في الإنتقام منه إلا أنه لا يخشي ، لأنه لايملك شيئاً يخسره !!
الأهم أن السيد/ صلاح إدريس قام في زمن قياسي " بشراء أكبر وأضخم المؤسسات الصناعية والمالية والخدمية في السودان "
يذكر الكاتب عدداً كبيراً من هذه الأسما ، ولا نري داعياً لنقل الأسماء هنا لأسباب منها ، هناك مؤسسات خاسرة وأخري خرجت من السوق وأعداد أخري خلف الستار أو تحت أسماء مستعارة في الداخل والخارج .
المؤسسة الوحيدة الواضحة المعالم هي ( مصنع الشفاء ) لأنه داخل دائرة الضوء . ولا ندري حتي الآن هل ضرب هذا المصنع لأن اللعبة تجاوزت الساحة المستباحة ألي مجلس الكبار .... أم أن الضربة كانت بالفعل حسابات أمريكية خاطئة ؟
هنا يترك الكاتب جملة من التساؤلات في صفحة (13) " تري كم من المؤسسات أسس من وراء الستار ؟ وما هو حجم إستثماراته ، ومدي حركة رأس ماله الذي يعمل تحت الباطن ؟"
ما يبدو للعين من جبل الجليد الذي يطفو الآن علي السطح ظاهر اً ، يخفي ولا شك أضعاف مايبدو للعيان تحت السطح . ثم يطل السؤال الأخطر : ما هو تأثير حركة رأس المال هذا الذي يختفي بأفنعة مختلفة وهو يتحرك بحرية في محيط الإقتصاد السوداني ؟
" هل فكر أحد بجدية حول تأثير هذه السيوله الممركزة فعلاً والسائلة ظاهرياً في الحركة التجارية والصناعية في السودان والذي يعاني_ أصلاً _ لإقتصاده من أزمات وإهتزازات بنيوية هيكلية ".
كرم مجروح
يثبت الكاتب للسيد صلاح إدريس صوراً زاهية من كرم وسخاء . ولولا أنني شاهد علي تشريد مبدعي (الأضواء ) لكنت قد تعاطفت مع هذا الرجل رغم كل ما يقال .
لكن يبدو أن الكاتب لم يكن مبالغاً وهو يجرح هذا الكرم بالقول :. أن كرمه محصور في المشاهير من أهل الغناء ولا غيرهم . ودائماً في الإتجاه الخطأ .
ما شاهدناه في (الأضواء ) يجعل هذا السؤال الصعب منطقياً وهو " لماذا يفعل ذلك "
ليس من السهل أن نسأل عن أسباب العطاء ( أي عطاء ) ولكن في تجربة السيد/ صلاح إدريس هذه الأسباب الإنسانية غير مقتعة !! ممكن أن تكون هذه (الإنسانية ) كما ينوه الكاتب في سياق تمرير إعتماد أموال تبحث عن نفسها في دروب شرعية .
تاريخ غامض
يعود الباحث في البحث عن منطلقات السيد / صلاح إدريس الأولي ولكن هذه المرة يفصح بإشارات مبهمة . يوجز قصته بأنه ظهر كموظف عادي في بنك إلي رجل أعمال بأمكانيانت صخمة لا محدودة . ولا يستطيع أحد أن يرصد تاريخه في السوق " حركة رأس المال ، ومراحل نموه وتطوره "
لهذه الأسباب كثرت الروايات واللقف حول (مليونه الأول ) ويورد تفسيرا ً معتبراً إياه خرافي وهو الإستعانة بالسحر والجن ، ولكنخ يعزي ذلك إلي الظاهرة المحيرة . ثم يورد تفسيراً أخراً بأنها ( أموال إبن لادن ) ويترك هذا التفسير دون رأي واضح . ولكن يبدو أنه ليس صحيحاً وليس ذلك لأن الكاتب نفسه لم يأخذ به بل أن ( النكهة الجهادية ) ليست موجودة في أي من مفاصل هذه التجربة المالية .
يورد تفسيراً آخراً هو أنه إستغل علاقاته بالممولين الخليجيين ويورد قصة النصيحة التي أسداها للشيخ زايد آل نهيان أمير أبوظبي ولكن الحقيقة أن الشيخ الإماراتي تورط أكثر في بنك الإعتماد وهو الذي دفع حقوق المودعين بعد إنهيار البنك .إذاً حكاية التضحية ليست منطقية .
الشئ الذي يمكن أن يؤخذ به من كلام الكاتب هو إمكانية حدوث عمليات غسيل مكثفة في البنوك السعودية بعد إنهيار بنك الإعتماد وربما لموظفي لجان الإعتماد دور ما في تمرير هذه الأموال مقابل عمولات مهولة . ومما يقال في هذا الصدد أن بنك الإعتماد كان مركزاً للغسيل المالي كانت تديره المخابرات الأمريكية لتمويل حرب أفغانستان . و عندما إنتفت الحاجة وإرتد المجاهدون علي الأمريكان أوقفوا هذا الدعم .
الغريب ، أن الكاتب رغم هذا الكم الهائل من الأسئلة الموحية يعود بالقول أنه لم يأخذ بهذه التفسيرات . ويترك مفتاح اللغز في السيد / صلاح إدريس !!
وهذا الموقف الأخير يقوي من حجج السيد / صلاح إدريس القائلة أن عمليات الشراء التي تمت للمصانع والمنشأت كانت إنتظاراً لإنجلاء أسباب طارئة كالحرب الأهلية وعدم الإستقرار السياسي .
رغم أنه أحياناً كأنما ظلت الأسئلة ذكره حتي نهاية الكتاب الإ أن هذا الكتيب أحدث شيئاً من الخلخلة لسر الظاهرة .
والأسئلة التي عادت في الختام تعبر عن نفسها :. ماهو الحجم الحقيقي لثروة صلاح إدريس . وماهي إمكاناته الحقيقية ، وماهي مصادر هذه الثروة ؟ وما هو الهدف من توظيفه بهذا الشكل ؟ وكيف سمحت السلطات السودانية لهذه الظاهرة لكي تتمدد ؟ وماذا يريد السيد / صلاح إدريس بشراء المشاهير ؟
خلاصة
خلاصة الجزء الأول من هذه الإصدارة :. أنه برغم دفقات اللغة القاسية هنا أو هناك ، لم تستطع أن تقدم تهماً مباشرة ، ولكن لايستطيع المتأمل أن يتجاوز التساؤلات الفصيحة والموحية . وحتي أن الشبهات التي ساقها يمكن تلخيصها في الآتي :-
1. جحم الأموال المتداولة .
2. التاريخ الشخصي .
3. طريقة (الشراء ) أو الإستثمار .
4. إستراتيجية التخفي .
كل هذه الشبهات ، إذا قُرأت مع بعضها يستطيع القارئ أن يفهم شيئاً ، وينتظر الكاتب بيقين أنه يمكن أن يقول الكثير المفيد في الجزء الثاني !!!
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
حسن بركية
وليد محمد المبارك
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست