محاضرة بمركز الحزب الشيوعي "من الأم كواكية الراهنة إلى الحكم الراشد في دارفور"

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-28-2024, 12:13 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-15-2008, 00:39 AM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
محاضرة بمركز الحزب الشيوعي "من الأم كواكية الراهنة إلى الحكم الراشد في دارفور"

    دعوة



    يستضيف حوار الأربعاء المقام على شرف التحضير للمؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني البروفيسور آدم الزين (جامعة الخرطوم) في محاضرة بعنوان "من الأم كواكية الراهنة إلى الحكم الراشد في دارفور"، وذلك يوم الأربعاء 15 أكتوبر 2008 في الساعة السابعة والنصف مساء بالمركز العام للحزب الشيوعي السوداني - الخرطوم (2).

    الدعوة موجهة لجميع المهتمين.




    http://www.midan.net/nm/private/news/wed_debate_adam_elzein.htm
    =============
    السودان لكل السودانيين
    المجد لشعب السودان ... المجد لأمة السودان
                  

10-20-2008, 04:15 PM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
من "الأم كواكية" الراهنة إلى الحكم الراشد في دارفور: رؤية مستقبلية///بروفيسور آدم الزين (Re: sultan)

    سودانايل 18-10-2008


    الحزب الشيوعي السوداني

    اللجنة التحضيرية للمؤتمر الخامس


    حوار الأربعاء، 15/10/2008– المركز العام


    قضايا القوميات والمناطق المهمشة

    من "الأم كواكية" الراهنة إلى الحكم الراشد في دارفور: رؤية مستقبلية



    بروفيسور آدم الزين (جامعة الخرطوم)

    عندما وصلتني دعوة الحزب الشيوعي للمشاركة في هذا الحوار استشرت أحد الأصدقاء فأشار إلي برفض الدعوة، بحجة أنه سيتم تصنيف الورقة وصاحبها تصنيفا سياسيا يقع في دائرة "الأحمر"، لكني سعيد بالدعوة وبالمشاركة وأرحب باستضافتي في أي محفل كان لأن رأيي أن القضية هي مشكلة السودان في دارفور، وليست مشكلة دارفور. أهمية لقاء الشيوعيين أن فكرهم السياسي يلزمهم بالعدالة الاجتماعية، ودارفور الآن أحوج ما تكون للعدالة الاجتماعية. رغم أني متخصص في العلوم السياسية أصبحت مهتما أكثر بقضايا البحث العلمي وتحليل البيانات، رأيي أن "طق الحنك" دون دليل إحصائي أمر غير مفيد. واعتقد أن الماركسيين عموما لديهم منهجية البحث العلمي: تقصي العلة والمعلول والاستناد إلى الظواهر المشاهدة وليس التخمينات، هذه هي الميزة الثانية للشيوعيين. أما الميزة الثالثة فاهتمامهم بالجانب الاقتصادي، وإحدى مشاكل الحكم في السودان هي الخلل الموجود في توزيع الموارد، وهذا كان موضوع دراستي للدكتوراه. في تلك الدراسة توصلت إلى خلاصة توصل إليها لاحقا الأستاذ محمد إبراهيم عبده (كبج) في مقارنة لأنصبة الولايات من الدخل القومي، بقوله لا عجب إن كانت وزارة المالية هي السبب في تمرد دارفور، وذلك عن طريق الغبن التنموي وتهميش الأطراف. عليه، يتحتم توفير المعلومات حول التوزيع القطاعي والجغرافي للثروة: على ماذا يحصل أعلى 10% من السكان دخلا بالمقارنة مع الـ(90) % الآخرين. طرح هذا السؤال في كينيا وكانت الإجابة أن 10% يحوزون على 90% من الثروة، بينما يتنافس الـ(90)% المتبقين على 10% فقط منها. هنالك ضرورة لدراسة ميدانية موثقة تقدم الإجابة على هذا السؤال في السودان. الثروة تحديدا مسألة مركزية في الصراع الدائر في السودان، مشكلة المال ومشكلة الفساد المالي عقدت قضية الحكم في السودان، إذ تعوزنا في السودان ثقافة المال العام. الخطورة في قبول مبدأ "الفلوس عند السلطان" والخلط بين مال السلطان والمال العام.

    أريد كذلك أن أثير قضية الإدارة الأهلية قبل الدخول في تفاصيل المحاضرة. تاريخيا كان الحزب الشيوعي ضد الإدارة الأهلية كسائر المثقفين. رأيي أن حلها كان خطأ كبير. أنا لا أدافع عقائديا عن الإدارة الأهلية، لكن لا أرى ضرورة للقفز فوق المراحل. المجتمعات العشائرية يناسبها شكل الحكم العشائري، ومتى ما حققت الانتقال إلى الحياة الحديثة تذبل الإدارة العشائرية مثلما حصل في المراكز الحضرية، الخرطوم ودنقلا وغيرها.

    نص الورقة

    مقدمة

    في يوم الأربعاء 24 سبتمبر 2008م وبدعوة من (مركز الخاتم عدلان للاستنارة) ألقيت محاضرة أسميتها (رؤية متفردة لأزمة السودان في دارفور). وقد أثارت مادة المحاضرة نقاشاً واسعاً داخل وخارج السودان، تناولتها الصحف المحلية، أهمها: أجراس الحرية والصحافة والأيام. ووجدت المادة طريقها إلى الشبكة الإلكترونية، فتناولتها (سودانيز أون لاين) بالتغطية والتعليق في صفحات (المنبر العام). وتوالت المناشدة من المهتمين بالأزمة أن أقوم بجمع شتات الآراء المطروحة في المحاضرة والصحف في وثيقة واحدة يسهل تداولها من القراء. وهاأنذا أستجيب للمناشدة فأعرض الرؤية المتفردة في سبع نقاط هي: (1) موجز الرؤية للصراع في دارفور (2) من صراع العدالة إلى صراع الكراسي (3) تحديات (الأم كواك) الماثلة (4) المجتمع الدولي وصنع السلام (5) مقترح الحكومة الانتقالية (6) من مهام الحكومة الانتقالية (7) متطلبات نجاح المقترح.

    وذهب آخرون إلى أبعد من رؤية المقترح مشمولاً في وثيقة واحدة إلى اقتراح إخراجها في كتاب تكون هي فصلاً من فصوله ويحوي فصولاً أخرى ذات صلة بالأزمة في دارفور. وقد شرعت في الاستجابة لهذا المطلب أيضاً. وسوف يرى الكتاب النور ، إن شاء الله ، في الأيام القليلة القادمة ، بخاصة وأن الفصول الإضافية سبق أن نشرت من قبل في فترات مختلفة وفي مواقع مختلفة.

    1- موجز الرؤية للصراع في دارفور

    الرؤية السائدة لأزمة دارفور تتمثل في القول بأن نزاعاً مسلحاً في الإقليم بدأ في العام 2003م بين حكومة السودان من جانب وبعض أبناء الإقليم من ذوي الأصول الأفريقية من جانب آخر ، بسب الإهمال من المركز لإقليمهم في السلطة والثروة. نجد هذه الرؤية تتصدر أو تتذيل غالبية المقالات من الكتاب الغربيين ولا سيما في "سودانيز أون لاين" و"سودان تربيون" ، القناتين واسعتي الانتشار في الشبكات الإلكترونية المهتمة بالأزمة في دارفور. وتبعاً لذلك نجد أن المنهجية المتبعة لإنهاء الأزمة ، بحسب موروث الثقافة الغربية ، تتمثل في جمع الفرقاء (حكومة السودان وحملة السلاح ضدها) ليتحاوروا فيما بينهم ويصلوا إلى إزالة مسببات الاقتتال.

    تتمثل الرؤية التي يتبناها كاتب هذه السطور في الاعتراف بأن الصراع الذي تسبب فيه ابتداء حرمان الإقليم من نصيبه العادل من السلطة والثروة القومية هو بدون شك أهم وأخطر أنواع الصراع الدموي في الإقليم؛ وأن تجاوز هذا الصراع يتمثل تبعاً لذلك في إعطاء الإقليم نصيبه العادل من السلطة والثروة. ولكن رؤية كاتب هذه السطور تضيف إلى الصراع حول السلطة والثروة نوعين آخرين من الصراع لا يقلان أهمية عنه وتضيف أن التدابير التي تتخذ الآن لإزالة صراع السلطة والثروة لا تقود بالضرورة إلى معالجة النوعين الآخرين وهما : الصراع حول الموارد الطبيعية والصراع حول كراسي السلطة. في صراع الموارد الطبيعية هناك اقتتال دموي بين الراعي والراعي ، وبين المزارع والمزارع وبين الراعي والمزارع . أطراف هذا الصراع لا يعنيهم مباشرة الجدل حول كيفية قسمة السلطة والثروة القومية في السودان. بل هناك تدابير أخرى في التصدي لصراع الموارد تتمثل في الحل المرحلي له ثم الحل الاستراتيجي، كما ستوضح الورقة. أما الحل المرحلي فهو يستند إلى الرجوع إلى تراث الإقليم في المصالحات البينية و إيقاف الاقتتال ريثما يتبدل الحال بالحل الاستراتيجي الذي ينقل الإقليم من مرحلة الاقتصاد المعيشي الإقتتالي إلى مرحلة الاقتصاد الحديث (اقتصاد السوق) الذي يجد الجميع فيه سبل كسب العيش دون الحاجة إلى الاقتتال . أما الصراع الثالث والذي لا يقل أهمية عن الصراعين ألآخرين فهو صراع أبناء الإقليم حول كراسي السلطة، وهو جوهر العمل السياسي في كل إنحاء العالم. المجتمعات الغربية تجاوزت الاحتراب حول كراسي السلطة بالاحتكام إلى التفويض الشعبي، أي اتخاذ الديمقراطية منهجاً للحكم وقبول مبدأ التبادل السلمي للسلطة.

    2- من صراع العدالة إلى صراع الكراسي

    ما يؤخذ على الجهد الدولي لحل أزمة دارفور أن الاهتمام أنصب في قسمة السلطة والثروة كأن معالجتها تقود تلقائياً إلى إزالة صراع الموارد أو صراع الكراسي. على النقيض من ذلك فأن اتفاقية سلام دارفور التي ركزت على فض النزاع بين الإقليم والمركز زادت صراع الكراسي تعقيداً بفتح الشهية له وإطلاق العنان للصراع البيني لأبناء الإقليم. الرؤية المطروحة هنا، إذاً، تختلف عن الرؤية السائدة في الفكرة والمنهج. من حيث الفكرة فهي ترى ثلاثة أنواع من الصراع تسير جنباً إلى جنب وليس صراعاً واحداً. أما من حيث المنهج فهو القول أن لكل واحد من تلك الصراعات تدابير مختلفة عن بعضها البعض يتعين أن تتخذ لإنهاء الصراع. العلاج الجذري لصراع الموارد الطبيعية مثلاً هو التنمية الهادفة إلى تحويل الاقتصاد التقليدي ألاحترابي إلى الاقتصاد الحديث التكاملي؛ الذي يجعل سبل كسب العيش متنوعة ومتكاملة لا متنافرة فلا تؤدي إلى الاقتتال. أما صراع قسمة السلطة والثروة بين المركز والإقليم فإن معد هذه الورقة يرى أن مبدأ التمييز الإيجابي للإقليم في المجالين المالي والإداري جدير بالاعتبار والاستمساك به. ما يؤخذ على اتفاقية سلام دارفور هو إقرار مبدأ التعيين في الفترة الانتقالية بديلاً للتفويض الشعبي لمن يتولون تنفيذ ما تم الاتفاق عليه . هذا المبدأ اختزل قضية دارفور برمتها في صراع كراسي بين أبناء الإقليم .وهو المسئول بدرجة كبيرة عن ظاهرة التشظي في الحركات المسلحة وظاهرة التنافر والتباغض بين شاغلي المناصب القيادية باسم الإقليم في الفترة الحالية.

    صراع الكراسي في دارفور وهو إقليم لا زالت القبلية والجهوية تتحكم في العمل السياسي فيه يفاقم ويديم الاحتراب الدموي. ولكن من الممكن تجاوز هذا الاحتراب الدموي بالاحتكام إلى التفويض الشعبي في الحكم؛ أي الانتقال إلى الديمقراطية التعددية. صحيح أن المستفيدين من الوضع السائد الآن سوف يقاومون فكرة التحول الديمقراطي الحقيقي؛ ولكن الصحيح كذلك أن القيادة السياسية العليا في البلاد بمقدورها فرض واقع التحول الديمقراطي، بخاصة وأنها ألزمت نفسها بذلك في كل الاتفاقات وفي الدستور الانتقالي وخاصة أن الخيارات الأخرى محفوفة بالمخاطر.

    3- تحديات ( الأم كواك ) الماثلة

    خلاصة القول أن الجهود المحلية والدولية لم تستطع حتى الآن إزالة أي واحد من أنواع الصراع الثلاثة في دارفور. ونتج عن ذلك أن شاعت حالة من الانفلات الأمني يطلق أهل دارفور على مثلها عبارة (أم كواك) أو (أم كواكية)؛ وهي تشير إلى الفوضى العارمة التي يستبيح فيها الناس دماء وأعراض وممتلكات الآخرين. فأنت اليوم لا تأمن على نفسك أو مالك أو عرضك داخل مسكنك ناهيك عن أن تنتقل من مكان إلى آخر. ولا يبدو في الأفق بريق أمل في التغلب على حالة الأم كواكية التي تسود في الإقليم اليوم. وهذا يقودنا إلى النظر في إمكانية الاستفادة من تجارب الإقليم السابقة في التصدي إلى حالة الانفلات الأمني الراهنة. سيجد القارئ في أجزاء أخرى من هذا الكتاب (ايكولوجية الحكم والإدارة) أن الإقليم قد مر بحالة مماثلة من الانفلات الأمني في الفترة (1874– 1916) وأمكن التغلب عليها لتوفر مجموعة من العوامل أهمها: أولاً : على رأس السلطة دولة أوروبية جعلت في مقدمة واجباتها حماية أموال وأرواح المواطنين وفض النزاع بينهم. وهنا لابد من الإشارة إلى مبدأ مسئولية الدولة في الفكر الغربي. في الدول النامية تحرص الدولة على ما تعتبره من واجبات المواطن ألا وهو الولاء للدولة دون أن تقرن ذلك بحق المواطن عليها من توفير الحماية. كل المجتمعات الغربية، تقريباً، انتقلت من مرحلة واجب الحماية إلى واجب تقديم الخدمات ثم إلى واجب تقديم الرفاه للمحكومين. بل أن المحكومين هم الحكام الفعليين بقوة صوتهم الانتخابي. الحكام الانجليز الذين قدموا إلى دارفور في عام 1916 هم الذين رفعوا عالياً واجب حماية أموال وأرواح المواطنين فتمكنوا من فرض استتباب الأمن والنظام في الإقليم. ثانياً: ساعدهم على ذلك التفوق الحربي والعسكري مقارنة بإمكانات المنفلتين. ثالثاً: تطبيق الحكم غير المباشر في الإقليم والذي يعرف عادة بالإدارة الأهلية. وهي في واقع الأمر إدارة عشائرية تتمتع بالشرعية الطوعية من غالبية أتباعها في ذلك الزمان. في الفترة (1916 -1956) سادت ثقافة السلام في دارفور بفضل آليات ومؤسسات كان من شأنها ترسيخ واقع التعايش السلمي مما يجد القارئ تفصيلا له في ورقة ايكولوجية السلطة وفي ورقة الموروثات القبلية.

    الذي جعل المخرج من الأم كواكية الماثلة الآن عسيراً هو عدم توافر العناصر الثلاثة آنفة الذكر. أولاً: يغلب الإحساس بأن جهاز الدولة غير معني بحماية أموال وأرواح (كل) المواطنين. على النقيض من ذلك يرى الكثيرون أن الدولة قسمت مواطنيها في دارفور إلى مجموعات من شيعتها وأخرى من عدوها. ونصرت شيعتها على عدوها. قد لا تكون هذه هي السياسة المعلنة للدولة. ولكن هذا هو الانطباع السائد وسط المواطنين في الإقليم.

    ثانياً: لا ينفرد جهاز الدولة بالقدرة الكافية لإنهاء التمرد أو الانفلات الأمني عسكرياً، إذ أن العناصر الأخرى يتوافر لها العتاد والسلاح الحديث مكّن بعضهم من غزو عاصمة البلاد في وضح النهار. فليس هناك ما يشير إلى أن المعارضة المسلحة سوف تستسلم للسلطة المركزية في المستقبل المنظور.

    ثالثاً: جهاز الإدارة العشائرية (المعروف بالإدارة الأهلية) ما عاد الجهاز المنوط به حفظ الأمن والنظام داخل العشيرة وبينها والعشائر الأخرى. لقد أصبح رجال الإدارة العشائرية أشبه بالأذرع المحلية للمركز، معنيين بتنفيذ السياسات المركزية أكثر من الانشغال بالسلام الاجتماعي القبلي.

    4- المجتمع الدولي وصنع السلام

    وازداد أمر الانفلات الأمني تعقيداً في الإقليم بدخول المجتمع الإقليمي والدولي في الشأن السوداني في دارفور. في ورقة ايكولوجية الحكم والإدارة في دارفور توضيح للكيفية التي تم بها هذا التدخل. لاشك أن للأسرة الدولية دورها المقدر في إسعاف حياة الملايين ممن تأثروا بالحرب ولا زال هذا الدور حيوياً؛ إلا أن دورها في صنع السلام لم يحالفه التوفيق حتى الآن؛ لمجموعة من العوامل أهمها: (1) مآخذ في تصورها للمشكلة (2) مآخذ في منهجية حل المشكلة. في أجزاء أخرى من هذا الكتاب تم تفصيل المآخذ في المحورين. في خاتمة المطاف فإن اتفاقية سلام دارفور التي أشرفت عليها الأسرة الدولية، والدول ذات الفاعلية، لم تحقق السلام المنشود. على النقيض من ذلك فإن قرار مكافأة المقاتلين بتعيينهم في مناصب قيادية في الفترة الانتقالية شوه صورة الهدف النبيل الذي حملوا السلاح من أجله ألا وهو إزالة إهمال الإقليم من قبل المركز، ليتحول الهدف إلى ما يشبه الصراع حول الكراسي: (إلى من يحصل على ماذا في الفترة الانتقالية؟). هذا القرار هو الذي أطلق العنان لظاهرة التشظي وسط الحركات المسلحة. وهو المسئول عن ظاهرة التنافر والتباغض بين من تم تعيينهم في المواقع القيادية. انزوت مشكلة تخلف الإقليم إلى الدرجة الثانية.

    ولا يبدو للعيان أن كل المعنيين ببناء السلام في الإقليم، محليين وعالميين، تتوحد رؤيتهم أو تتكامل جهودهم لتحقيق بناء السلام. في محاضرة لإيان اليسون، ممثل الأمم المتحدة في الوساطة الثنائية لحل مشكلة دارفور، اشتكى اليسون مر الشكوى من كل الفرقاء ذوي الصلة بشأن الأزمة؛ اشتكى من حكومة السودان، حملة السلاح، دول الجوار، مجلس الأمن، الاتحاد الإفريقي، الدول ذات الاهتمام والفاعلية الخ. بالمقابل فإن غالبية هؤلاء الفرقاء ما كانوا راضين عن أداء الوسيطين يان أليسون، ممثل الأمم المتحدة، وسالم احمد سالم، ممثل الاتحاد الإفريقي. رسم يان اليسون في محاضرته صورة قاتمة لمستقبل صنع السلام في الإقليم في ضوء مواقف الفرقاء المعنيين بصنع السلام. ولا يبدو الوسيط الجديد جبريل باسول، الذي حل محل الوسيطين السابقين، أكثر تفاؤلاً في صنع السلام أو توحيد رؤى الفاعلين في صنع السلام المستدام في الإقليم. إذا ما بقيت الأوضاع على ما هي عليه الآن، فإن صورة مستقبل الإقليم تبدو الآن أكثر قتامة مما كانت عليه.

    وكل الاحتمالات واردة لبدائل تؤذي ولا تفيد، منها: (1) أن يتحول الإقليم إلى صومال آخر يتقاسم الحكم فيه أمراء الحرب. (2) أن يتمكن بعض الأطراف المتصارعة (الحكومة أو حملة السلاح) من حسم المعركة عسكرياً وفرض حكم الإكراه على الجميع. (3) أن يتدخل المجتمع الدولي بذريعة حماية المتأثرين بالحرب ويفرض نوع الحكم الذي يريده هو في الإقليم. يبدو جلياً أن ليس من بين هذه الخيارات ما هو مقبول للحادبين على مصلحة الإقليم أو مصلحة السودان الموحد. ولكن يبدو في نهاية النفق بصيص أمل تحمله ما يطلق عليه هذه الأيام المبادرة القطرية؛ وذلك للمكانة التي تتمتع بها قطر في نفوس أهل السودان ولوزنها الدولي الذي يمكنها من تحريك ملف دارفور. ولكن ليس من الواضح كيف تخرج المبادرة من النفق الضيق الذي سيدخلها فيه الإعلام الدولي الذي يرى أن ما يجري في دارفور هو حرب بين حكومة السودان وأفارقة في غرب البلاد بسبب الظلم في قسمة السلطة والثروة؛ وأن المخرج من النفق يتمثل في لقاءات التفاوض بين المتحاربين. وليس من الواضح كيف تنجح (الدوحة) فيما أخفقت فيه (أبوجا). اعتقد أن قطر سوف تقدم خدمة جليلة لأهل السودان عامة لو أنها استثمرت رصيدها الدولي والمحلي في تبني فكرة الحكومة الانتقالية المحايدة التي سوف تتصدى لأنواع الصراع الثلاثة في آن واحد، بدل الانشغال بالصراع بين الحكومة وحملة السلاح الذي لا يقدم إلا حلاً جزئياً للمشكلة المعقدة. ضبابية الرؤية العالمية لحل مشكلة السودان في دارفور هي التي قادت إلى تقديم الطرح البديل الذي تناقشه هذه الورقة، وأهم عناصره هي إقامة الحكومة الانتقالية بالكيفية الواردة في المقترح.

    5- مقترح الحكومة الانتقالية

    موجز الرؤية هو إنشاء حكومة انتقالية في دارفور تتكون من شخصيات قومية مشهود لها بالكفاءة والكفاية والاستقامة والحياد عن الاستقطاب السياسي والقبلي. مقدم هذا المقترح يمكن أن يسهم بتسمية من تنطبق عليهم هذه المواصفات إذا طلب منه ذلك. هذه الحكومة هي انتقالية مهمتها انجاز واجب محدد وتسليم الأمانة إلى من يفوضه الشعب في دارفور ليحكم. وأعضاؤها لا يتنافسون مع الآخرين لنيل التفويض الشعبي فيما بعد. مجرد إقامة مثل هذه الحكومة يساعد على إزالة التوتر وإتاحة فرص السلام الاجتماعي. جهد الراغبين في السلطة سوف يتحول إلى الاستعداد للانتخابات التي تعقب الفترة الانتقالية لإيجاد حكومة التفويض الشعبي. وهي الخطوة التي تحقق المصداقية لنصوص التحول الديمقراطي الذي تم الالتزام به في بروتوكولات نيفاشا وعضدته اتفاقية دارفور للسلام. ولا يقل أهمية عن هذا المكسب أن وجود هذه الحكومة هو الذي يساعد على إشاعة روح السلام الاجتماعي بديلاً لشيوع ثقافة (الأم كواك) السائدة اليوم. سيكون بمقدور هذه الحكومة تمكين أهل الإقليم من الرجوع إلى تراثهم في التعايش السلمي وفض النزاع (راجع ورقة مولانا دفع الله الحاج يوسف، فبراير 2008م). ايجاد مثل هذه الحكومة يساعد كذلك على دحض شائعتين عالقتين بالأذهان. أولاهما أن أهل دارفور يهدفون إلى فصله عن بقية أجزاء السودان. وثانيتهما أنهم لا يرضون أن يتولى أمرهم غير ابن الإقليم. المطلب الأول لا يمكن أن ينادي به ذو بصيرة لأنه يقود إلى خلق دولة من إقليم لا يطل على بحر. أما المقولة الثانية فإن مردها القراءة غير السليمة لواقعة مقاومة أهل الإقليم لتعيين حاكم من خارج الإقليم مع بداية الحكم الإقليمي في عام 1980م خلافاً لسائر الأقاليم الأخرى. هذا الحدث إذاً ظرف استثنائي وليس قاعدة. تاريخ الإقليم يثبت رضاء أهله بولاية أبناء السودان من مختلف الأقاليم، مثلما صار العديد من أبناء الإقليم متنفذين في أقاليم السودان الأخرى. وأخيرا وأهم من كل ما تقدم فان الحكومة الانتقالية بالمواصفات آنفة الذكر تتاح لها الفرصة لتحقيق العدل للجميع وحماية أموال وأرواح الجميع مما يجعل الجميع فاعلين في سيادة السلام الاجتماعي.

    6- من مهام الحكومة الانتقالية

    سوف يكون الهدف الرئيس لإقامة الحكومة الانتقالية في دارفور العمل على نقل الإقليم من حالة الانفلات الامنى السائدة الآن إلى حالة السلام الاجتماعي؛ ليس عن طريق القهر والإكراه، وإنما باتخاذ تدابير من شانها تغيير بيئة الاحتراب إلى بيئة التعايش السلمي. ضربة البداية لهذا التغيير تكمن في إعلام مكثف عن رغبة حكومة السودان في دارفور في الانتقال من الاحتراب إلى السلام. وسوف يكون في صدارة واجبات الحكومة الانتقالية مايلى:

    الإشراف على المصالحات البينية لكل المجموعات المتحاربة أو المتحفزة للاحتراب. وهى تستعين في ذلك بتراث الإقليم في فض النزاع واحتوائه وتجاوزه بما اسماه مولانا دفع الله الحاج يوسف (العدالة التقليدية). تفعل ذلك بعد أن تعيد جهاز الإدارة الأهلية إلى مهمته الأساسية في حفظ الأمن والنظام داخل العشيرة وبينها والعشائر الأخرى. ولكن هذه المصالحات هي بمثابة تسكين مؤقت لظاهرة الاقتتال القبلي وليست إنهاء له فهو لن يتوقف إلا بمعالجة جذوره المتمثلة في تحويل الاقتصاد المعيشي التنافسي حول الموارد الطبيعية إلى اقتصاد حديث تتسع سبل كسب العيش فيه للجميع لأنها تتكامل ولا تتقاطع.

    بطبيعة الحال فان الحكومة الانتقالية لا يتسع لها المجال الزمني لتحويل الاقتصاد المعيشي في الإقليم إلى الاقتصاد الحديث ؛ ولكنها تقوم برعاية ما تقوم به إحدى المفوضيات الحالية التي شرعت في إعداد خارطة استثمارية للإقليم. هذه الخارطة الاستثمارية هي التي سوف يتفق عليها ويباركها جميع أهل الإقليم لأنها تقتضى الوصول إلى اتفاق حول حيازة الأرض واستخداماتها عندما تتقاطع المصلحة العامة في تخصيص الأرض مع المصالح الفردية أو القبلية المتصلة بمفهوم دار القبيلة.

    ج- تهيئة الإقليم للتحول الديمقراطي بتمكين كل الراغبين في الحصول على التفويض الشعبي من تحقيق تلك الرغبة دون موالاة من الحكومة لطرفٍ أو آخر.

    د- تمكين حملة السلاح من "توفيق أوضاعهم" بالتحول من حركات مسلحة إلى حركات أو أحزاب سياسية، تسعى لكسب التفويض الشعبي في الانتخابات. كما أن الفرصة تتاح للراغبين منهم في الانضمام إلى المهن التي تناسبهم في القطاع العام والخاص. كل ذلك لا يتم إلا بتبني الأسرة الدولية لهذا المقترح وأنفاقها المال فيه بدلاً من إنفاقه في مؤتمرات صلح فوقية لا تحقق الصلح على الأرض.

    هـ- الإعداد والإشراف على الحوار الدافوري – الدارفوري الذي يكون من أهم أجندته التواثق على اعتبار التفويض الشعبي (عن طريق الانتخابات الحرة النزيهة) هو خيار الحكم الذي لا خيار غيره. ومن أجندته الهامة كذلك حل مشكلة حيازة الأرض واستخدام مواردها وربط ذلك بالخارطة الاستثمارية التي تنقل الإقليم من نمط الاقتصاد المعيشي الاحترابى إلى نمط الاقتصاد الحديث الذي تتسع فيه سبل كسب العيش للجميع فيعيشون في تكامل وسلام. ومن أجندة لقاءات الحوار الدارفوري- الدارفوري كذلك الاتفاق على شكل الوحدات الإدارية التي تناسب الإقليم (إقليم واحد بلا ولايات ، ولايات لا يجمعها إقليم ، إقليم واحد بداخله ولايات .. الخ). ومن أجندته كذلك النظر في قواعد إنشاء الوحدات الإدارية داخل الإقليم أو الولايات بحيث لا تكون سبباً في التنازع القبلي الذي يقود إلى الاحتراب كما هو حادث الآن.

    و- العض بالنواجذ على المكتسبات التي تحققت للإقليم في مجال السلطة والثروة المستندة إلى التمييز الايجابي له حتى يلحق بركب الأقاليم الأخرى. وتشمل هذه المكتسبات المفوضيات التي شرع العديد منها في تنفيذ ماهو موكل لها. وتدرك الحكومة الانتقالية أن كل هذه المهام هي أمانة سوف ترد إلى من يفوضهم شعب الإقليم في الانتخابات التي تعقب الفترة الانتقالية.

    ز- الإعداد للانتخابات الحرة النزيهة والإشراف عليها والتي تؤسس لحكم راشد عماده التفويض الشعبي.

    7- متطلبات نجاح المقترح

    يفترض مقدم هذا المقترح أن كل الفرقاء في الشأن السوداني عامة يعنون ما يقولون ويتبعون القول بالعمل. إذا كان هذا الافتراض صحيحاً، فان العقبة الكأداء في إرساء قاعدة الحكم الراشد في السودان عامة، وليس في دارفور وحده، تكون قد أزيلت بنصين وردا في بروتوكولات نيفاشا وتضمنهما الدستور الانتقالي ألا وهما:

    اللامركزية

    التحول الديمقراطي


    يتعين التوقف عند فحوى هذين النصين قبل ربطهما بحل مشكلة السودان في دارفور. لا ينتبه كثير من الناس إن السودان في مسيرة دربه الطويل في الحكم يكاد ينفرد بمركزية مفرطة، رغم الترديد المظهري لشعارات الحكم الإقليمي أو الحكم الولائي أو الحكم المحلى. المركزية المفرطة تتمثل في هيمنة المركز على الموارد المالية القومية وعلى اتخاذ القرار الإداري. مركزية المال التي يطالب أهل الهامش بلامركزيتها لها شقان. الأول تقاسم المال بين المركز ومجموع الأقاليم (أو الولايات) والثاني تقاسمه فيما بين الأقاليم أو الولايات. أهمل بروتوكول قسمة الثروة في نيفاشا هذا الأمر الحيوي رغم انه يؤثر مباشرة على نوع الحكم والإدارة في السودان. لم تخضعه للمحاصصة كما فعلت في قسمة السلطة وفي قسمة المال بين الشمال والجنوب. نتج عن ذلك أن المركز صار غير ملزم بإظهار واقع قسمة المال في الشمال بين المركز والولايات أو بين الولايات. في بحث للخبير الاقتصادي محمد إبراهيم عبده (كبج) أثبت أن الحكومة المركزية، حتى بعد أن صار البترول مورداً أساسياً من مواردها القومية، ظلت تحتفظ بما يعادل (93%) لتنفقه هي كما تشاء. قد تحتج الحكومة المركزية أن هناك خطأ في حسابات الأستاذ كبج بأن تورد أرقاماً مختلفة للواقع. ولكن المشكلة لا تحل بدون نص دستوري للمحاصصة يحتكم إليه الجميع في شفافية تامة. من جانب آخر، حتى نسبة الـ(7%) التي تحول للولايات تتعثر في التنفيذ وفى الالتزام بالنصوص الواردة بشأنها في بروتوكول نيفاشا. يتضح ذلك من تجربة وشكوى السيد إبراهيم منعم منصور الذي تم تعيينه لفترة وجيزة ليشرف على كيفية قسمة الموارد بين المركز والولايات وفيما بين الولايات. ومالم تنل الولايات نصيبها العادل، والمعلوم للكافة، فإن شبهة التهميش ومقاومته ستظل ملازمة للصراع السياسي في السودان. من جانب آخر، فإن عدم حصول الولاية على النصيب العادل من الثروة القومية سيشوه مفهوم اللامركزية ويسبب الحرج لمن يعهد إليهم بأمر الولاية.

    الاحتكار المركزي للقرار المالي يتلازم معه احتكار القرار الإداري المركزي. فمن المعلوم أن الجدل حول حق الولاية في تعيين ولاتها هو القشة التي قصمت ظهر بعير السلطة في نهاية تسعينات القرن الماضي. لا يمكن أن يستقيم القول أن السودان يحكم لا مركزياً ويظل المركز يؤثر في اختيار ممثلي المحليات ناهيك عن القيادات العليا.

    اللامركزية الإدارية قوية الصلة بالتحول الديمقراطي الذي تتعثر خطواته رغم النص عليه في بروتوكولات نيفاشا ورغم انتقال النص إلى الدستور الانتقالي. هنا يتعين التفريق بين نوعين من التفويض الشعبي يقترنان بالتحول الديمقراطي: التفويض الشعبي الحقيقي والتفويض الشعبي المظهري (Formalism). الأنظمة غير الديمقراطية، ولاسيما في الدول النامية، تجيد فنون التفويض الشعبي المظهري، فتدعى أن الحاكم يمكن أن يحوز على ثقة (99.9%) من مواطنيه، مثلا. يحدث هذا بسبب هشاشة البنية الاقتصادية وسيطرة جهاز الحكم على الموارد المادية والبشرية ومنع فرص التنافس الحزبي أو إضعافه. وفى خاتمة المطاف فان التفويض الشعبي المظهري لا يقود إلى تحول ديمقراطي حقيقي بل يديم إشكالات الحكم السلطوي بسبب فقدان الشرعية الطوعية .

    نعود إلى مقترح حل مشكلة السودان في دارفور فنقول انه لا يتحقق بدون الأخذ بلامركزية حقيقية وتحول ديمقراطي حقيقي. هذا هو المتطلب الأول لتفعيل المقترح. المتطلب الثاني هو إجماع الفرقاء المعنيين بأزمة دارفور على أن مقترح الحكومة الانتقالية جدير بالاعتبار، مقارنة بالبدائل الأخرى التي لا تخلو من اللجوء إلى العنف والإكراه وسفك الدماء. ونكرر المناشدة أن يعطى الأخوة المبادرون القطريون الأولوية لمثل هذا المخرج من أزمة دارفور بدل السير في درب الحلول الفوقية من الأسرة الدولية ومحاولات جمع الشتات الذي ينتهي بتوزيع المناصب على المتناحرين. ما ندعو إليه هو الأخذ بأسباب العدالة التقليدية، المفهومة لأهل دارفور. المتطلب الثالث لنجاح المقترح هو تعاون الجميع مع حكومة الفترة الانتقالية. الدعم الأساس لها يأتي من الحكومة المركزية التي تتيح لحكومة الفترة الانتقالية مار يلي: أولا: لامركزية المال ولامركزية القرار فلا تتحول حكومة الفترة الانتقالية إلى موظف لدى حكومة المركز تحركها من على البعد بالمركزية المالية والإدارية. ثانيا: غني عن القول أن تنفيذ المقترح يتوقف على قيام المركز بمجموعة من القرارات السيادية الكبرى في مقدمتها تشكيل الحكومة الانتقالية نفسها ومنحها فرصة النجاح بمجموعة من التدابير من بينها : (أ) الإعلان الصريح ببدء مرحلة السلام الاجتماعي في الإقليم. (ب) حصر دور الإدارة العشائرية في حفظ الأمن والنظام داخل العشيرة الواحدة وبينها وبين العشائر الأخرى. (ج) مد الإقليم بقوات قومية مهنية تأتمر بأمر الحكومة الانتقالية فتوفر الأمان للجميع فلا تحوجهم للجوء إلى المليشيات القبلية لحماية أنفسهم. (د) قبول مبدأ أن يتزايد دور الأسرة الدولية ولا يتناقص قبل وخلال هذه الفترة. على وجه التحديد يقع على الأسرة الدولية واجب إقناع الطرفين بجدوى هذا البديل السلمي لاسترداد السلام الاجتماعي في دارفور، وتحويل مواردها الضخمة المبذولة الآن في محاولات صنع السلام من أعلى وحراسته إلى إنفاق قدر أقل منها لدعم حكومة الفترة الانتقالية. على المجتمع الدولي أولاً أن يتحمل مسئولية توفيق أوضاع الحركات المسلحة ليتحولوا إلى حركات سياسية أو أحزاب سياسية ولا يضاروا بهذا التحول، تقديراً لما بذلوا من الدماء والأرواح في سبيل أظهار مشكلة الإقليم وانتزاع الاعتراف المركزي والدولي بتخلفه النسبي وحقه في التمييز الايجابي ليلحق بركب الأقاليم الأخرى. ثانيا: عليه إقناع الحكومة السودانية بأن مصلحتها تكمن في خيار التحول الديمقراطي الحقيقي وليس المظهري الذي يديم الأزمة ويقود إلى المزيد من سفك الدماء. كما عليه مساعدة حكومة السودان على الانتقال النفسي(Paradigm shift) من محطة "من الذي يحكم الإقليم" إلى محطة "كيف يحكم الإقليم". هذا التحول النفسي يستصحب التطبيق الفعلي لما تعنيه لامركزية المال ولامركزية القرار الإداري والسياسي. دولة قطر التي تجد القبول من فاعلين محليين ودوليين أساسيين بمقدورها بدء هذا المسعى في حل مشكلة السودان في دارفور بدل السير في نفق الإعلام الغربي الذي اختزل المشكلة في أنها الخلاف في قسمة السلطة والثروة، مع أن المشكلة أكثر تعقيداً كما حاولت الورقة أن توضح.

    معقبون

    محمد صادق العوض

    السؤال الرئيس هو كيف تحولت المشكلة في دارفور إلى أزمة. وأسباب هذا التحول تتلخص في أمرين: استخدام الطيران لضرب المدنيين وتجنيد الجنجويد، وكلاهما من مسؤولية الحكومة. التمرد ضد الحكومة المركزية أمر شائع في العالم، لكن يندر أن تستخدم الحكومات الطيران الحربي لضرب مواطنيها أو أن تجند مجموعات سكانية ضد أخرى. أما مظاهر الأزمة فهي حصيلة القتل والنزوح وحرق القرى: 200 ألف قتيل بحسب الأمم المتحدة وبضعة آلاف بحسب الرئيس عمر البشير، 2 مليون نازح ولاجئ، حرق أربعة آلاف قرية. ثم اليوم محاصرة المعسكرات وتطويقها. أنا قادم للتو من دارفور، والآن معسكر كلمة بمدينة نيالا محاصر بطوق أمني مكون من الجيش والاحتياطي المركزي وقوات الأمن الوطني. الحكومة تجري الآن ترتيبات لتصفية معسكر كلمة بدءا بعزله عن مدينة نيالا، والمجموعات الناشطة سياسيا من أهل المعسكر ممنوعة من مغادرته وإلا اعتقلتهم قوات الأمن.

    تداعي الأزمة واستفحالها وعدم تحقيق العدالة في الجرائم المرتكبة في الإقليم عوامل أدت إلى تدخل المحكمة الجنائية الدولية، والتي بدأت باستدعاء هارون وكوشيب، ولما لم تجد استجابة انتقلت إلى رأس الدولة، الرئيس عمر البشير. من ثم تدخلت القوى الإقليمية – العربية والإفريقية – لحماية الرئيس من القوى الدولية.

    من أهم إفرازات الأزمة لجوء المواطنين إلى إسرائيل، فكل يوم يموت اللاجئون بالرصاص في طريقهم إلى الدولة الإسرائيلية. هؤلاء فقدوا الثقة في الوطن وأصبحوا يبحثون عن أوطان بديلة، لم يعد لديهم ثوابت يستندون إليها. لذا هنالك ضرورة لإعادة تأهيل بعيدة المدى. كذلك من الإفرازات دخول قوات العدل والمساواة إلى أم درمان، وهذا أمر حتمي كان لا بد من حدوثه، إذ لا يمكن أن يستمر القتل في دارفور ولا يصيب مركز الحكم.

    يمكن بالنظر إلى أسباب الأزمة الوصول إلى حلول، لابد من وقف القصف الجوي ووقف نشاط الجنجويد. العمل العسكري ما زال هو وسيلة الحكومة للحل، لذا لا بد من إجبار الحكومة على وقف القصف الجوي ووقف نشاط الجنجويد. أما المجرمين الذين قاموا بهذه الأعمال الشنيعة فلا بد من تقديمهم للعدالة، فسياسة "عفا الله عما سلف" ستقود إلى تكرار الأزمة في موقع آخر. كذلك لا بد من إعادة النازحين إلى مناطقهم الأصلية وتزويدهم بوسائل الإنتاج لاستعادة حياتهم.

    معاذ آدم

    في رأيي تكمن المشكلة الأساس في الخط الحدودي بين دارفور وتشاد. هنالك تداخل قبلي بين دارفور وتشاد وليبيا، ما لم يتم تأمين هذه الحدود لا يمكن إيجاد حل. نحن أبناء دارفور لدينا عيب رئيس، ليس لنا الثقة الكافية في أنفسنا وفي قوتنا، بذات القدر هنالك مشكلة النظرة العنصرية في الشمال. عندما يقوم هاشم العطا بانقلاب يوصف بأنه بمؤامرة قام بها فصيل في القوات المسلحة، لكن عندما يقوم حسن حسين بانقلاب يوصف بأنه مؤامرة عنصرية. من جهة أخرى نحن نرفض التدخل الأجنبي في شأن دارفور، وسنحمي البشير، لأنه مهما كان رئيس البلاد ورمز سيادتها. نحن نعرف جيدا دور الحزب الشيوعي في دارفور عبر عبد الواحد، كما نعرف دور المؤتمر الشعبي عبر خليل إبراهيم. هنالك إذن ضرورة للبحث عما يجمعنا لإيجاد حل.

    مناقشون

    محمد أحمد

    مبادرة بروفيسور آدم لديها عوامل كثيرة للنجاح أولها أنها تخاطب الضمير الغائب في قضية دارفور، أي المدنيين على الأرض والمتأثرين مباشرة بالصراع، ليس الحكومة وليس الحركات المسلحة، ما يمكن من حشد رأي عام حولها فتتاح لها فرصة النمو وتصبح صوت المستبعدين عن مركز صنع القرار فهي تمثل ضمير الضحايا أصحاب القضية الحقيقية في دارفور. بالإضافة إلى ذلك، تستند المبادرة إلى مقومات ثقافية في دارفور تمكن الإقليم من الخروج من هذه الأزمة، و تنأى عن الاستقطاب الحاد بين الحكومة والحركات.

    هنالك مجموعة من المبادرات في الساحة والقضية أصبحت ورقة للمماحكة السياسية، بعيدا عن هدف تحقيق السلام في دارفور. يصف البروفيسور المشكلة بأنها مشكلة السودان في دارفور، وهو وصف صائب للغاية. ما أود أن أضيفه يختص بالحكومة الانتقالية المقترحة. يجب أن تتضمن واجبات هذه الحكومة تقييم فترة الحرب والسعي إلى العدالة. عامل النجاح الآخر في المبادرة أنها مفتوحة للإضافات وتنطلق من مسألة أولى هي السلام.

    نور الصادق

    ما أثار انتباهي أن البروفيسور ترك الباب مفتوحا لأن تأخذ المبادرة القطرية بمقترحاته. لكن المبادرة القطرية مرفوضة في دارفور ولا تجد أي سند. الحكومة دعت 5 ممثلين عن كل حزب سياسي أو منظمة مجتمع مدني للقاء الوفد القطري في قاعة المجلس التشريعي، والواقع أنها كانت تريد حشد أكبر عدد من الناس ليس إلا. تحدث القطريون وبعدها تم اختتام اللقاء بعبارة أن المبادرة القطرية تجد المساندة من الجميع، دون أن يعطى أي من المشاركين فرصة الحديث. من جهتنا في الحزب الشيوعي انسحبنا من القاعة احتجاجا. بعد شد وجذب أعطي ممثلو حزب البعث فرصة للحديث، ثم تم اعتقالهم الخمسة في مساء ذات اليوم. نفس الشيء ينطبق على مبادرة أهل السودان. ما اقترحه أن يحمل البروفيسور مبادرته إلى أهلنا في دارفور مباشرة.

    التوم إبراهيم النتيفة

    فاقمت الإنقاذ من التهميش بصورة متعمدة. هنالك مصادر تقول بوجود خطة منظمة لتهجير القبائل الإفريقية والحصول على الأراضي الخصبة. العرب من جهتهم مشتركون في هذه الجريمة مع الحكومة السودانية. في ورقته أمام المؤتمر الاقتصادي قال عبد الرحيم حمدي أنه ليس من مشكلة إذا انفصلت دارفور عن بقية السودان ما دامت هنالك وشائج تربط وسط السودان بدارفور وتتيح بالتالي إمكانية إرساء روابط تجارية. إذن، المؤتمر الوطني يريد أن يدفع أهل دارفور نحو الانفصال، وسياسته الحالية تهدف إلى كسب الوقت عبر المبادرات المتعددة. علينا العض بالنواجذ على استراتيجيه الأحزاب المعارضة وذلك لعزل المؤتمر الوطني وإفشال مناوراته التي تأتي جميعها خصما على وحدة الوطن ووحدة التراب السوداني.

    فائزة إبراهيم نقد

    طرح البروفيسور مساهمة واضحة المعالم تصب في حل مشكلة دارفور. لكن، النقطة الأولى أن الحزب الشيوعي لا يرفض الإدارة الأهلية، بل يستوعب تركيبة المجتمع السوداني في فكره وعمله. الواقع أن الإدارة الأهلية الموجودة آنذاك كانت على الدوام تقف في صف السلطة السياسية ضد مصلحة المواطنين. النقطة الثانية تخص الحديث عن استقرار دارفور خلال فترة الاستعمار. نعم شهد الإقليم استقرارا، لكن ظل الإقليم على تخلفه بل عمل الاستعمار على استمرار هذا التخلف.

    نحن مع الديمقراطية ونعمل من أجلها، لكن يجب أن تتضمن الديمقراطية جهدا تنويريا وذلك لتوعية المواطنين وحثهم على اختيار العناصر المناسبة، لا التصويت المجاني للقوى السياسية التي تعمل ضد مصالحهم. فكرة الحكومة الانتقالية في دارفور فكرة حسنة ويمكن دعمها شريطة وجود برنامج إسعافي يتم الاتفاق عليه.

    خالد عبد الله

    أصبحت المبادرات مثل اللجان، كثيرة ومتشعبة. أقترح أن يبدأ البروفيسور بعرض أفكاره على أهل دارفور، مع الأخذ في الاعتبار أن هنالك صراع أجيال، فالأجيال الجديدة لا تلقي بالا لأسلوب العمل السياسي القديم، أي المناقشات والحديث عن التهميش وتريد عملا واضحا لحل الأزمة.

    الواقع أن أبوجا لم تحل مشكلة صراع المركز والإقليم، فالمطلوب نوع من المشاركة السياسية يضمن عدم تكرار الذي يحدث في دارفور. رغم اتفاق نيفاشا حدث ما حدث في أبيي ورغم اتفاق أبوجا يستمر القتل في دارفور ويستمر حصار المعسكرات. الضمان الوحيد أن يكون لدارفور فيتو على قرارات المركز. كذلك، ما لم تتم محاكمة مرتكبي الجرائم في الإقليم لا يمكن الوصول إلى سلام. محاكمة القادة الأعلى قد تتم خلال عشر سنوات أو أكثر، خلال هذه الفترة لا بد من محاكمات على مستوى أدنى وإلا تتراكم الظلامات في نفوس الضحايا، كما هو حادث الآن، ويزداد الغضب المكتوم، وإذا وجد هؤلاء السلاح ستصبح دارفور مسرحا لقتال لا ينتهي. البديل الملموس هو الخمسة نقاط التي طرحتها مجموعة الأحزاب.

    تعقيب البروفيسور آدم الزين

    تجيب التفاصيل الموجودة في الورقة على عدد من التساؤلات المطروحة. طمأنني وعي الحضور بأن المشكلة هي مشكلة السودان في دارفور وليست مشكلة دارفور فحسب. أنا سعيد جدا أن شبابا من الحزب الشيوعي غامروا وزاروا معسكرات النازحين، هذا هو حضور السودان في دارفور. استفدت جدا من النقاط التي طرحتها الأستاذة فائزة. كما أود أن أنبه إلى التغير الذي طرأ على الشباب، وهو تغير كبير يجب رصده، فشريحة كبيرة جدا من الشباب أصبحت واعية سياسية وغير نمطية ولم تعد تقبل بأساليب "الجودية" والأبوية. لذا دعونا نتفاءل بالديمقراطية القادمة، والفرصة أمام الأحزاب، والحزب الشيوعي، للاستفادة من الوعي الجديد لدى الشباب.

    ما طرحته يعد مدخلا لبديل لما يطرحه العالم الآن، أي اختصار المشكلة في صراع بين الحكومة والمتمردين فقط. علينا الانتباه أن دارفور مثل الجرح المفتوح، لا يمكن صد البكتيريا عنه.

    للمرة الثانية أنا سعيد جدا بهذه المشاركة، وأشكر المنظمين والحزب الشيوعي على هذه الدعوة.

    = = = = = = =
    السودان لكل السودانيين
    المجد لشعب السودان ... المجد لأمة السودان
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de