|
ورحل ابو التومات
|
احزننى جدا وشق على نفسى خبر وفاة الممثل القدير محمد خيرى احمد والذى وجدته فى قصاصات صغيرة فى عدد قليل جدا من صحف الخرطوم التى صدرت الاسبوع الماضى. محمد خيرى احمد لم تشفع له امكانياته الهائلة فى التمثيل ولا صوته الجميل المميز ولا اعماله الكثيره و الخالده فى مكتبتى الاذاعة والتلفزيون و ذاكرة المسرح فى ان تسلط الاضواء على خبر وفاته بالصوره التى تليق بمكانته الفنيه. رحل محمد خيرى احمد ابو التومات امانى وايمان اللتان شدون باجمل اشعار على شبيكه والحان السنى الضوى واعمال ثنائى العاصمه وكذلك هو والد الممثلة والمخرجة الاذاعية نجوى خيرى الا رحم الله محمد خيرى احمد والهم اله ومحبيه الصبر وحسن العزاء
صديقى وعضو منتدانا والصحفى حسن عمر خليفة بصحيفة قون كان من القلائل الذين كتبوا عن الراحل المقيم . والان الى ما خطه قلم قلم حسن عمر خليفة:
الزوايا التي يمكن من خلالها الحديث عن الأستاذ الراحل المقيم والهرم الفني الكبير محمد خيري أحمد الذي رحل عن دنيانا يوم الأحد الماضي متعددة ومتنوعة بتعدد وتنوع فنون وابداع هذا الهرم الدرامي الذي تداعى ولوّح باشارة الوداع ثم مضى في رحلة الغياب الأبدي لكن صوته القوي واداءه المتميز وفنه الراقي الرصين الذي خّلفه وسطر به اسمه شيخاً للدراميين في البلاد سيبقى قصة تتناقلها الأجيال عن الأجيال• * ولأن هنالك من هم ادرى وأعلم مني بما قدّمه الرجل في رحلة فنية طويلة ، آثرت أن اتناول الجانب الأنساني في شخصية الرجل مركّزاً على محمد خيري أحمد (الأب) الذي مثّل كل الادوار على خشبة المسرح لكنه اختار على أرض الواقع أن يكون أباً حنوناً عطوفاً تعرفت عليه عبر ابنتيه إيمان واماني• *بدأت الحكاية بحوار فني اجريته لمجلة قوون مع التومات ومن ضمن الأسئلة سألت عن محمد خيري الأب بالنسبة للتومات ، فكانت الاجابة أن والدهن كان طرازاً نادراً من الآباء ، كانوا ينظرون إليه بنظرة يتمازج فيها الحب بالاعجاب وقد كان بالنسبة لهما وهما بعد طفلتان صغيرتان مصدر فخر واعتزاز ، حدثانني أنه اقام جسراً من الحب والمودة والاحترام عبر عليه ابنه الوحيد عادل ليصبح بالنسبة له الابن والأخ في تجسيد حي لمقولة (ولدك لو كبر خاويه)• * لم تكن الدراما من ناحية العائد المادي ولعلها مازالت في بلادنا شيئاً يستحق أن يوقف له الانسان حياته لكن محمد خيري فعل ذلك وذهب إلى ماهو أبعد من ذلك عندما قدّم للمسرح ابنته الممثلة والمخرجة (نجوى) ولم يقتصر عطاؤه على مجاله فقط لكنه رفد الساحة الغنائية بتجربة على قدر كبير من التميز والتفرد هي تجربة التومات • * تومات محمد خيري أطلتا على عالم الغناء في وقت ساد فيه الهرج والمرج في الساحة الفنية وهبطت الكلمات إلى حدٍ مخيف ، وفي هذا الخضم المتلاطم جاءت تجربة التومات لتفتح للضوء كوة في هذا النفق المظلم ، لقد كانت قناعة محمد خيري بموهبة ابنتيه كبيرة وربما كان يسعى لتقديم تجربة تحاكي تجربة البلابل لكن قطار الزواج كان الأسرع لالتقاط (ابتهال) ثالثة الثلاثة• * بعد ان استمعت لحديث التومات اصبحت أكثر تشوقاً للحديث مع الرجل ، وبالفعل ذهبت إلى منزله برفقة الزميلتين أحلام مجذوب وعائدة المأمون وهنالك تحدث الرجل عن ابنتيه ولخّص حديثه عن موهبتهما بالقول أن التومات (الله أداهن) واحسست بحبه وحنانه الأبوي الذي فاض ليغمرنا جميعاً في تلك اللحظة وحدثنا كيف ذهب بهن إلى الأستاذ السني الضوي وظل يقف خلفهن برعايته وابوته حتى صارتا نجمتين بارزتين في سماء الأغنية السودانية• * ومن المواقف التي هزتني لحد التأثر عندما ذهبت مرة لمعايدة الرجل بمستشفى الشرطة ببري ، طلب الرجل من ايمان ان تغني له (لما ترجع بالسلامة) وألح في طلبه وحينما رأيت اصراره على ذلك قمت بتشغيل الأغنية له من جهاز الموبايل فاغرورقت عيناه بالدموع وسالت تحكي عن تأثر صادق وعاطفة هي مزيج من الابوة والصداقة والعطف والانسانية • * يوم الأحد الماضي انسحب محمد خيري أحمد في هدوء من مسرح الحياة ، وترك حزناً عميقاً وخلّف حسرة كبيرة ، لكن حنانه وابوته ستبقى زاداً ونبراساً لأسرته التي رباها على الصدق والوضوح والاخلاص في المشاعر وقبل كل هذا وذاك على الفن الأصيل والابداع الجميل لذلك سيبقى فيهم رمزاً وقيماً تسعى حتى وان توارى خلف الثرى • *أخي عادل ، أخواتي أمل ، نجوى ، ابتهال ، إيمان وأماني لقد كان والدكم فناناً عظيماً وممثلاً كبيراً ، لكنني هنا اعزيكم فيه بصفة الأبوة والانسانية وابتهل للمولى عزّ وجل أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً وان يلهمكم الصبر وحسن العزاء وان يجزيه أفضل الجزاء في جنات عرضها السموات والأرض•
|
|
|
|
|
|