|
|
|
 Re: في الجامعات : إنهم لا يدمرون الحاضر فحسب بل المستقبل أيضا !! (Re: بكرى ابوبكر)
|
 أشرف عجب الدور
في الجامعات : إنهم لا يدمرون الحاضر فحسب بل المستقبل أيضا !!
بقلم/ أشرف عجب الدور
في حقيقة الأمر لم أك أرغب في الكتابة عن هذا الموضوع لكن ما حضني على ذلك هو ملاحظتي لاستفحال ظاهرة الفساد داخل الجامعات ليس في المجتمع الطلابي لكن في موقع أشد خطورة ...هيئات التدريس !
قد تتقطب الحواجب دهشة ليس ثمة عجب ... خصوصا عند استصحابنا للقيم والمعاني التي تحويها هذه الكيانات والدور الخطير الذي تلعبه في بناء حاضر الأمة ومستقبلها واضعين نصب الأعين الإرث الراقي لجامعاتنا الكبرى التي رفدت ربيباتها في الولايات بالكادر والتجربة .
دموعنا لم تجف بعد على (المرحومة) الخدمة المدنية التي تركها لنا النظام الإنجليزي وكان يفاخر بها كأفضل خدمة تركت في مستعمرة سابقة ، لكن أصابتها الأدواء بعد أن تكاثرت في جسدها فيروسات الفساد وجراثيم المحسوبية ..
لم يتبق من ذلك الإرث القديم سوى النذر اليسير...بضعة ملامح موروثة لايصح التكهن بالنسب استنادا عليها!!
ابرز تلك الملامح في الجسد الشاحب إمارات البيروقراطية والعنجهية!!
ضاعت الخدمة المدنية التي صارت الوظائف فيها غنيمة لمن بيده القلم يهبها لمن يشاء.. ومشيئته تنحو الى إلقائها لآخر من يمكن أن يوفيها حقها.
ما الذي يمكن أن يحدث حينما تصبح المؤسسات وبالاً على الدولة وعبء ثقيل على العائل (خزينة الدولة) تستهلك ولا تنتج؟
(لم يطق صاحب الوقت رؤيتها فاجتثها فهوت في الخصصة تستعر)
بسبب الفساد والمحسوبية ومن ثم التخبط والعشوائية تحولت المؤسسات العامة التي كانت تتفوق على الشركات والبيوتات الخاصة في وقت ماض، تحولت الى عبء ثقيل وجب الخلاص منه بالخصصة ..
وهكذا هي سنة الله في أمر الفساد والإفساد ..ما دخل هذا المدعو الى مكان إلا أورده موارد الهلاك ، وليس من رابح في هذا الحال إلا من هو عدو للبلد والناس فيه!
إن ضيق الأفق ووهن التصور هو الذي يجعل الوظيفة سبيلا للتكسب من أجل الكسب المعاشي كأولوية وليس من أجل خدمة الناس وترقية حيواتهم .
النظر للوظيفة المرموقة باعتبارها أرضية لاستعراض الذات والمباهاة الاجتماعية لعمري هي أعجب باب في ضحالة التفكير وسطحية الدافع ..
اختلاط الحابل بالنابل (الخدمة المدنية والتدريس بالجامعات):
أمر لا يخفى على عين العوام ناهيك عن الخاصة من الناس مسألة تحول الموظفين والعمال وغيرهم من أصحاب المهن الأخرى الى سلك التدريس الجامعي في زمان الولاء والمحسوبية ، وقد كانوا هم العائل الوسيط الذي نقل علات الخدمة المدنية(المرحومة) إلى الجامعات (شفاها الله) .. فقد أصابتها الأدواء العويصة مثل التملق والنفاق والمداهنة والتزلف والتودد لأرباب العمل و(الحفر) والنبش.
إن العرف والقانون في الجامعات يتخلف كليا عن ما عداها فالقرارات فيها للمجالس وليس للأفراد سواء كانوا رؤساء أقسام أو عمداء كليات أو مدراء..
لم يكن فيها رب عمل أو (سيادتو) لكن الآن صار، فدوام الحال هنا من المحال ... كل شيء يتبدل ولكن في الغالب للأسوأ ..
بعد أن كان الأستاذ الجامعي ذلك الشخص الوقور الذي يصرف جل وقته مُنكباً على المراجع والكتب باحثاً ومنقبا ، أو بين جدران المعامل فاحصا متدبرا بغية الوصول الى جديد يخدم به طلابه وبلاده ، ضاعت هذه الصورة الزاهية في خلفية اختلاط ألوان(الحابل بالنابل) ، والمشهد التراجيدي الآن بحاجة إلى رسام سيريالي على طريقة فانجوخ و بيكاسو ليخرج منه لوحة تنعى حاضر التعليم بالجامعات..
تلك الصورة الرائعة تلاشت وفي الصورة الماثلة يمكنك أن تبصر الأرجل تركض في كل اتجاه بحثا عن كرسي أو رزمة جنيهات بدلاً عن أن تحتويها تربيزة المراجع أو مقاعد المعامل .
قل لي لماذا لا يكتب ويؤلف أساتذة الجامعات هنا ؟ ولماذا يعتمد طلابنا على المراجع الأجنبية بنسبة 99%؟
والإجابة يسيرة بالطبع ولا تحتاج إلى عناء أو كثير تفكير ، ففاقد الشيء لا يعطيه .
ليس ثمة غرابة أن يكون طبيبنا لا يطبب إنما ينسى أدواته داخل جسد المريض ويعطى وصفات علاجية خاطئة بسبب التشخيص الخاطيء، ومهندسنا لا يهندس شيء بل يقلد وينفذ ما تلقاه كأي فني أو ميكانيكي أو (أسطى) بل قد يتفوق عليه المشبه بهم أحيانا ! ، أما أستاذنا فهو يسمع ويدرس من الكتب الصفراء التي أكل عليها الدهر وشرب وعبارة عن بوق للتسميع ليس إلا ، وكذلك الحال بالنسبة للبقية .
فضلا... فضلا لا تتهموني أو تهاجموني .. انظروا إلى تخلفنا وتردي أوضاعنا واطلعوا على تقارير المنظمات الدولية وبالأخص منظمة الشفافية العالمية إن لم يعجبكم قولي ولم ترضيكم مزاعمي ..
في إحدى السنوات المنصرمة تم تسجيل أكثر من 250 براءة اختراع للدويلة العبرية ، بينما في الوطن العربي قاطبة لم تتجاوز الخمس (أصابع اليد)!
حال الصفوة لدينا يغني عن السؤال..!
قد تجد متخصصا يجهل (تخصصه) ولا يعرف من الموضوعات إلا عناوينها ..
وقد تجد آخرا يحمل درجات عليا يخطئ في قواعد الإملاء والنحو ليس سهواً بل جهلاً!
في ذلك الاتجاه تغوص الأحمال الثقيلة في مستنقعات المحسوبية النتنة وتطفو الغثاثات ويطفو (الطرور)..
بارح خيرة أبناء هذا الوطن الحدود بحثا عن من يوفيهم حقهم ويضع معنى لقدرهم ، أولئك القادرون بحق على انتشاله من براثن التخلف و المؤهلون لتوعية أبناءه جميعهم لما يصلح شأنهم بلا تحيز أو يأس من جهة أو كيان ..
والواقع يقول بأن السالك لدربهم ....مفقود ...مفقود ..مفقود !! ولكم العبرة في معظم خريجي الامتياز والشرف من أمهات الجامعات!
أولئك هم السابقون وهؤلاء هم اللاحقون ... وقطار الضياع يمضي بلا هوادة.
مشاهد تدمي القلب ، وتعجل بقنوط النفس وعزوفها ليكون عزائها الرحيل ... والرحيل هو قدرنا في دنيا الناس ولكي تستيقنوا وجهوا أبصاركم صوب البلدان والأمصار خارج المليون ميل التي ضاقت على رحابها وأضحت كسم الخياط لخيار نبتها.
ما في المقام لذي علـــــمٍ وذي أدبٍ من راحةٍ فدع الأوطـــان وأغترب
سـافر تجد عوضـــا عمن تـــفارقه وانصب فإن لذيـذ العيش في النصب
فالأسد لولا فراق الأرض ما افترست والسهم لولا فــراق القوس لم يصب
لا مراء أن الجامعات هي البوتقة الأكثر أهلية لصنع التوحد والتصاهر والتعاضد وليس العكس في حال ما وجدت الإدارات المستنيرة القادرة على رؤية السودان ككل ، وأبناء الوطن كلبنات بناء غض النظر عن اثنياتهم وأحزابهم وتنظيماتهم..
فالعقول المنغلقة الخربة وحدها هي التي تنظر للأوطان كجهات ولا ترى الناس إلا سحنات وألوان وطوائف ..
حول مفهوم الفساد وما أدراك:
حينما تتحدث عن الفساد في الجامعات تقفز إلى عقول الرعاع عادة موضوعات مثل الزواج العرفي والاختلاط في الجامعات.
وقد درجت وسائل الإعلام على تناول مثل هذه الموضوعات التي اعتبرها سطحية ووهمية تعطى حجما أكبر من حجمها الفعلي بغية الإثارة.
إن فساد ما بين الأرجل هو ضرب من الفساد لكنه يستحوذ على ألبابنا بطريقة مضحكة ..
إن الفساد الحق هو فساد القلوب وفساد العقول وفساد الفطرة!!..
تتغاضى وسائل الإعلام عن موضوعات تحدث داخل الجامعات هي أشد فتكاً بمستقبل العباد والبلاد مثل التلاعب بنتائج الطلاب وتقديم المحسوبين على خريجي الامتياز والشرف الذين هم الأولى بشغل مقاعد التدريس كما تجرى العادة في كل بلدان العالمين، وهذه الظواهر المدمرة تختلف حدتها في جامعاتنا من جامعة لأخرى لكن لاتكاد جامعة تخلو منها .
أرجو أن تتولى الصحف التحقيق في مثل هذه الأمور التي تدمر بلادنا لاشك ، وهي من الأسباب الجوهرية لتدني مستوى الخريجين.. فهم فاقدي أشياء كان يتوجب أن ينالوها من مانحين آخرين يفتقدونها أيما افتقاد.
لا ينبغي أن يزج بالسياسة في الموضوع (رغم أن سياستنا المبجلة تحشر أنفها في ما يعنيها وما لا يعنيها!) .. فالغرض هو فقط تدارك الموضوع من قبل المسئولين المختصين ، المنطق والتجربة يقولان بضرورة إبعاد هيئات التدريس عن أباطيل السياسة وأحابيل الفرقاء ومعايير الولاء لكي ننتشل سفينة التعليم التي غرقت بملايين الطلاب الذين هم عماد النهضة والتطور لكي تستأنف الإبحار بعيدا عن تسونامي التخبط والفساد.
حاضرنا معروف ... أدركوا مستقبلنا
ألا هل بلغت ، اللهم فاشهد...
للمراسلة والاستفسار [email protected]
دمتم،،،،
| |
 
|
|
|
|
|
| |
بكرى ابوبكر
عمر ادريس محمد
Hassan Makkawi
Nazik Eltayeb
وائل طه محى الدين
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست