دراسة نقدية في شعر سارة حسبو

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-21-2024, 04:36 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-09-2008, 03:28 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
دراسة نقدية في شعر سارة حسبو

    _____________________
    الفنتازيا السحرية في نصوص سارة حسبو

    توطئة

    في حقبة ما من تاريخ الشعر السوداني المعاصر، وتحديداً في الفترة الواقعة ما بين منتصف التسعينيات وأواخرها، ظهر تيار شعري يعتمد على فكرة الإدهاش اللغوي المتركز على ربط المفردات التي لا يوجد بينها رابط مع الاحتفاظ –إلى حد الصرامة- بموسيقى وإيقاع الشعر الداخلي والخارجي. واعتقد البعض أن هذا الاتجاه سوف يصبح مدرسة أخرى من مدارس ما بعد الحداثة التي تغنت كثيراً بحرية الكلمة وحرية الشعر، إلى حد الانفلات؛ إلا أنه سرعان ما اختفى هذا التيار مع حركات النقد الجادة التي شهدتها الساحة الشعرية، بالتزامن مع بعث النمط الشعري الحديث إلى الحياة مرة أخرى، ليعود في تلك الفترة –وبقوة- جهابذة هذه المدرسة من أمثال الفيتوري ومصطفى سند وغيرهما الأمر الذي أعاد النهر إلى مجراه من جديد.

    ساعد على ذلك أيضاً تحزّب دعاة تلك التيارات النامية والتي -تعارف على تسميتهم بالمثقفاتية- في مجموعات بحيث لم تكن مؤثرة كفاية لتغيير اتجاهات المتلقي السوداني الشعرية؛ سيما أنّ هؤلاء كان أغلبهم من الشباب المغمور، ولم تجد كتاباتهم طريقها إلى النشر والتوثيق بينما ظلت متداولة في التجمعات غير المنظمة، وجلسات الاستماع، الأمر الذي أسهم في الإسراع بموت هذا التيار، أو على الأقل، اختفائه عن الساحة.

    ولعل الحديث هنا عن النمط الشعري يقودنا قسراً إلى الحديث عن اتجاهات الشعر وموضوعاته في تلك المرحلة والتي استصحبت الكثير من الجدل حول مفهوم الحداثة في الشعر، وطرح تساؤلات حقيقية كبيرة حول ماهية الشعر، وأغراضه، ومن هنا –كذلك- تأتي أهمية تناول بعض النماذج الشعرية من شعر هذه الحقبة، أو هذا التيار الذي امتاز بالتوغل في الأعماق الإنسانية بنسق الفنتازيا السحرية المتماهي تماماً مع تعرجات المسائل الوجدانية، وارتباط هذه الظاهرة الشعرية بالنفس الاجتماعي والسياسي السوداني العام، ساهم بشكل أكبر في إبراز هذا التيار بشكله الغرائيبي الذي أتى معبّراً عن المناخ السائد. ومن ناحية أخرى فإن المناخ العبثي أثر بذات القوة والمقدار على أنماط الشعر ليأتي الشعر في عبثيته المفرطة سواء من حيث البناء أو من حيث الموضوع فنجد قول أحدهم:

    وأنا أفتش للعلاقة بين كافتيريا الصخور
    وحزب "دن دن" المشاكل
    آيدولوجيا النوم

    إذ لا رابطة منطقية أو عفوية ظاهرة تفرض نفسها على النص، بينما تغلب عليه العبثية الموحية بالاستخفاف والتمرّد وفي أحيان كثيرة الإحباط. كما في قول الشاعر عثمان البشرى:

    الصمتُ فيَّ وفي خيانات الجسد
    بعض الشوارع لا تسيء لسابليها
    كل الشوارع لا تسيء إلى أحد
    أن الشوارع في الزبد
    ولك السماء بكل زرقتها
    ولكن شئت أن تمشي عليّ
    وتقطع الألوان عن رئتي
    وفي رئتي لأشهق للأبد
    أبد لهذه الريح
    الهكذا يبدو أمامي الكون؟
    في التحايا الصُفر والشُرف السميكة
    مسروقين نحن بنا
    بكل التافه العادي ودهشات الجليد
    مسروقين حتى لو تكلمنا
    عن الأوزون بعد دقائق
    من انتقال الأرض صوب مناخها التالي
    ولوخضنا حروب الفقه ضد الفقر
    أسسنا لنا شعب ودالية ورب
    هذا انكسارك دائما هذا انكساري

    كذلك فإن تلك الحقبة شهدت ولادة العديد من التيارات المماثلة والتي تتشابه وتختلف بين بعضها البعض من حيث التناول الشعري، ليكون "الغموض" هو القاسم المشترك الأكبر بين كل هذه التيارات الحديثة، وطالت هذه العدوى حتى الشعر المكتوب والمقروء باللهجة المحكية فنجد أحدهم يقول:

    المكوجي ...
    بتوبو البنفسجي
    بخّ فيك ..
    توتر عام

    مثل هذه النماذج وغيرها الكثير تعبر عن روح عبثية متآمرة تسلّطت على الحركة الشعرية والاجتماعية بذات القدر. ومن باب العبث في الشعر أن يميل شعراء هذا التيار أو بعضهم على الأقل إلى التمثيل الجسدي أو الصوتي ليكون هذا التمثيل امتداداً طبيعياً لبنية النص الشعري وقد يدرج البعض كتابات عاطف خيري ضمن هذا التيار العبثي أو الغرائيبي والذي جعل من الرمزية ثيمة أساسية له، فظهرت الرمزية بأشكالها المتجاوزة للحد، حتى أنها لتكاد تستعصي على الفهم، ومن هنا فإننا نقول بضرورة السؤال عن ماهية الشعر، وهل يقال الشعر ليفهم، أم يقال ليُحس! إنّ قصيدة كقصيدة (سيناريو اليابسة) للشاعر عاطف خيري، تجعلنا نتساءل كثيراً حول موضوع القصيدة، وهدفه منها، لأن اختلاف المقاطع الشعرية في النص الواحد تكون مفتوحة على كافة الاحتمالات، فعندما نقرأ مثلاً قوله:

    اليابسة ... فِركة .. مدخورة لى يوم فيهو ساير النيل
    قطـّاع رحط كل الجزاير
    والبنات البفتحوا الباب للمطر
    وأنا جدولك شارف على كل الجداول الصاحية فيك
    والغباش فى دمى منك
    لو كسر ضلعين عذرتو
    لكن نهر كل العصافير البتلعب فى الوريد
    وفنـّاكى جواى زى حجر
    والبينـّا ما فات الدوائر
    الليل خِمار القمرة ..
    مجدوع فى الفراغ
    والرقصة لى البت فينا ..
    فوق كل المسامير الندقها فى البساط
    والرياح حكـّامة بى دلوكة مرّقت الشياطين .. المنها
    إتجنن فقير الحلة دقيناهو
    بى نفس السياط
    كل المجرات .. النيازك والشُهُب
    ودع راميهو الله على السما
    والدنيا زار

    إن قراءة سريعة وبسيطة لهذه الأبيات لا تتيح لنا معرفة المحور الرئيس لهذه الأبيات، ولا تعطينا ربطاً منطقياً بين كل فكرة وأخرى، إلا إن فكرنا في كل فكرة بشكل منفرد. ولا يغفل القارئ الاهتمام بالإيقاع الشعري في كل النماذج المتقدمة، في الوقت الذي يغفل فيه الشاعر بشكلٍ متعمد مسألة الفكرة، فالفكرة في حد ذاتها ليست عقيدة وإنما هي نقطة محورية تكبت الشاعر وتحول دون انطلاقه. إن هذا التيار الذي يمجّد الخيال ويقدس الإيقاع ويهيم بالفنتازيا كان لا بد له من الاختفاء وراء جدارية الرمز والرمز المبطّن لكي يجد مسوغاً لجنوحه المدهش.

    يمكن لكل شخص –إضافة إلى كاتب النص- أن يقرأ النص كما يحلو له وأن يرى فيه ما يعتقده وما يراه، وهذا هو سبب إعجاب أصحاب هذا التيار بهذه اللونية من الشعر، فقد يتحصّل على البراءة الكاملة من نصه دون أن يتحمل مسئوليته، لأن مسئولية النص تقع –عندها- على القارئ مباشرة. كذلك فإن تحميل القارئ مضان القراءة لهي فكرة مدهشة في حد ذاتها، لأن عدم القدرة على الربط بين الفكرة وأختها في ذات النص تجعلنا لا نركز على الأفكار بقدر ما نركز على التعبير عن هذه الأفكار وعن مفارقات النص. ففكرة أن تكون الكواكب "وَدِع" في السماء هي فكرة مدهشة ولكن لا يمكنك إيجاد رابط بين هذه الفكرة وفكرة الرياح التي شبّهها بالحكّامة* التي تقرع "الدلوكة" وتضرب عليه؛ وإن كنا سنعتقد للوهلة الأولى أنّ للمشهد علاقة بالسحر أو الشعوذة لوجود قرائن تدل على ذلك: "شياطين"/"فقير"/"ودع"/زار فإن ذلك لا يتسق مع الفكرة السابقة لهاتين الفكرتين، اعني فكرة (الليل خمار القمرة مجدوع في الفراغ) بل إننا لا نفهم ارتباط هذه الفكرة بفكرة (والرقصة لي البت فينا فوق كل المسامير الندقها في البساط) فالرابط إيقاعي أكثر منه رابط لغوي أو حسي.

    فكرة تلك التيارات الشعرية –كما قلت- كانت قائمة على الإدهاش من خلال ربط ما لا يمكن ربطة لا من حيث المفردات ولا من حيث المعنى، ليصبح الشعر أحجية يدعي شاعرها أنه فقط وثلة من النخبة من يملك مفاتيح أسرارها، ويرجئون استهجان المتلقي لهذه النوعية الشعرية إلى أن ليس بمقدور الجميع إدراك المعاني الحقيقية وراء مثل تلك النصوص المبهمة بل الموغلة في الغموض. كان ذلك النمط الشعري إنما يراهن على ذلك. حتى أولئك المتلقون الذين انساقوا وراء هذا التيار لم يكونوا قادرين على إيجاد تفسير منطقي وواضح لاندهاشهم وإعجابهم بتلك اللونية الشعرية. وربما كان الأمر الأكثر وضوحاً في هذه اللونية هي أنها ساهمت بل قامت على أنقاض وحدة الموضوع والوحدة المكانية والزمانية في القصيدة.

    ومما لا شك فيه أنّ هذا التيار نشأ في رحم ظروف موضوعية ساعدت كثيراً في بروزه على الأقل على مستوى الطبقات المثقفة والنخبة، ورغم أنّ هذا النمط الشعري تمت مواجهته بسيل من الهجوم العنيف والنقد اللاذع إلا أنه لم يندثر أو لم ينحسر مده تبعاً لذلك، بل -كما قلت- كانت الحركة النقدية وعودة النماذج الشعرية التقليدية سبباً مباشراً وراء ذلك. ورغم الانتقاد الذي يوجه إلى أشعار هؤلاء (مصطفى سند مثالاً) إلا أننا نجد أن الذائقة العامة للمخيّلة الشعرية السودانية، تحتفي بمثل هذه الأمثلة وتضعها في المراتب الأولى، متجاهلة بذلك ضرورة المعنى، لأن القارئ لنصوص مصطفى سند مثلاً، قد يستشعر نشوة الإيقاع وجرس الألفاظ المناسب بعذوبة محترفة، ولكنه رغم كل ذلك لم يكن باستطاعته الإمساك بالثيمة الأساسية للنص الشعري: أي حول ماذا يدور النص، وما موضوعه. ويدلنا ذلك على أنّ ذلك لم يكن إحدى هواجس الشعر السوداني الحديث، فقد عمدوا إلى خلع الموضوع والاهتمام بما يمكن أن أسميّه بتعدد الموضوع، إذ أن كل مجموعة من الأبيات تحتوي داخلها على موضوع منفصل تماماً عن مجموعة الأبيات التالية أو السابقة، وتشترك كل هذه الموضوعات في النسق العاطفي العام لها.
                  

06-09-2008, 03:34 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو (Re: هشام آدم)

    الإدهاش في نصوص سارة حسبو

    مثلما ذلك التيار الذي يحتفي بالرمز معلياً راية الإدهاش في وجه اللغة وفي وجه المعنى والموضوع الشعري، تمثل نصوص سارة حسبو امتداداً طبيعياً لهذا التيار، ربما كان من باب لزوم ما لا يلزم أن يهتم الكاتب بإدهاش القارئ، وربما كان ضرورة شعرية ملحة، وربما كان متعة ذاتية أو إشباعاً لرغبة متعالية في جانبٍ ما منه أو ربما أي شيء آخر، ولكن الأمر يستحق العناء بالفعل. فهي –لاشك- تبذل جهداً مقدراً لصياغة تلك الأفكار المجنونة، بنفس مجنون، وتبذل مقداراً أكبر من الجهد في اختيار مفردات مجنونة تتماشى مع هذا السياق الجنوني. وأول هذا الجنون أنها لا تعترف أبداً بالبدايات أو النهايات المتوقعة أو الكلاسيكية التقليدية، فنجدها دائماً ما تلجأ إلى البدايات المبهمة، والنهايات المستفزة، ما يفتح شهية القارئ على المزيد من فعل القراءة، وكأنها تراهن على صبر القارئ على كتاباتها.

    الأمر ليس بالسهولة التي قد يتوقعها البعض لدى قراءتهم لمثل هذا النمط من النصوص الشعرية، بل إنه في غاية الصعوبة؛ إذ يتطلب الإدهاش إعمال المقدرات التخيّلية، والغوص في قواميس اللغة والتخيّر منها ما يناسب مقام الدهشة بعناية فائقة. إنه عمل أشبه بالغوص دون أنبوبة أكسجين في بحر مالح، لجلب صدفة تحتوي على لؤلؤة جميلة غير متوقعة الحجم. هذا الغواص لا يكتشف اللؤلؤة أعلى سطح الماء على قاربه، إنما يجازف بفتح الأصداف داخل البحر، وإن لم يجدها جميلة ومغرية فإنه يلقيها –ببساطة- مرة أخرى. إذن؛ فهو عمل إبداعي قوامه المتعة والإمتاع. المتعة الذاتية والإمتاع للآخر. أشعر بها وكأنها تستمتع فعلاً بكتابة نصوصها الشعرية، ولا أستبعد أبداً أن تمارس هذا الاستمتاع عندما تقرأ نصوصها على مسامعها، وكأنها قارئ محايد تماماً. المجانين يفعلون ذلك!

    كتابات سارة حسبو ليست فقط تدعو للدهشة والإمتاع، بل تشعرك بالخوف أيضاً، لأنها في نصوصها، لا تخاطب القارئ، ولا تخاطب نفسها، إنما تناجي شيئاً ما، يبعد أو يدنو من حدود علاقتنا اللامرئية بعالم طيّب، ولكنه مخيف! عالم بعيد، ولكنه أقرب إلينا من حبل الوريد. لم تنفصم حسبو عن النسق المثالي في نصوصها، أو في معظم نصوصها التي قرأته لها، فكانت دائماً تحاول أن تعلي صوت الأشياء التي لا يُستفاد من حيويتها لأنها (أي الأشياء) لا تتحرك إلا في محيط ليس لنا أبداً، ومن هنا تشعرك نصوص حسبو بهذا الخوف الممتع واللذيذ؛ فعندما تقول:

    "ما يخزقك؟
    أومأ لي ميت منذ ما يكفي من الأعمار.
    قلت: لا شيء ، خلا أني أصرخ بدستة حناجر!"
    أخرس"

    فإنك تشعر بقبيلة من النمل الزجاجي اللاذع يتسلل إلى جسدك وشرايينك، ولا شك أنها تعلي من جانب الخيال حتى أنه يخيّل إليك في كثير من الأحيان أن الأمر الأهم في فعل الكتاب هو استفزاز ملاكات الخيال لدى الكاتب، هكذا يقول أصحاب التيار الرمزي، لأن الرمزية في حد ذاتها تحتاج إلى مقدار جيّد من الخيال.
                  

06-09-2008, 03:38 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو (Re: هشام آدم)

    ______________

    اللغة:

    تستهزئ سارة حسبو باللغة كما يفعل أقرانها في مدرسة الرمزية الما بعد الحداثة ونجدها في كثير من الأحيان لا تستشعر قوتها إلا عندما تعييد تقييم رؤيتنا للغة من جديد، وكأنها تريد أن تقول "اللغة يجب أن تعبر عن المحسوس" وهي بذلك إنما تنتمي إلى خط يؤمن بحيوية اللغة وأسبقية الوعي البشري عليها. وليس من خلال التراكيب اللغوية تتم صياغة المعاني، إنما من خلال الشعور الإنساني يتم صياغة اللغة والتراكيب اللغوية. اللغة لم تصنع مفردات للتعبير عن الألم، ولم تصنع مفردات للتعبير عن الشوق بل الإنسان هو من ابتكر هذه المفردات الصوتية، حتى أن بعضها لم تستطع اللغة أن تستوعبها فما استطاعت أن تخترع لها مفردات تناسبها: كالتنهيد، والتأوه .. إلخ. أبعد من ذلك نجدها لا تكترث كثيراً بالبحث في قواميس الفصحى، فهي منشغلة عن ذلك بإعمال خيالها، وعلى ذلك فإنها تترك لخيال اختيار ما يراه مناسباً من التعابير والألفاظ سواء أوافق ذلك فصحى اللغة أو عاميتها المحكية. لذا فإننا نجدها في نصها (في أمنته – وردة إلى الإله 1) تستخدم تعابير مثل: (يخزقك) وأغلب الظن أنها مشتقة من (الخازوق) وهو نحت غريب بالتأكيد، ولكن كل شيء وارد وقابل للتداول عند أصحاب التيار الرمزي الذي نتحدث عنه بالطبع. كذلك نجدها تستخدم (دستة) في قولها:

    قلتُ: لا شيء خلا أني أصرخ بدستة حناجر

    كذلك نجدها تستخدم مفردة مثل (غشيانات) من الفعل (غشا) والغشيان هو انقطاع النظر -لا البصر- بمسبب خارجي لا داخلي، فلا يصح أن نقول أن فلاناً غشا، بل نقول أن شيئاً ما غشا فلاناً، أي حجب عنه الرؤية، ونلاحظ أنها هنا تسخر كثيراً من قواعد اللغة الصرفية والنحوية، ولا تلقي لها بالاً، فهي لا ترى ضرورة للتقيّد بمثل هذه القواعد الكلاسيكية، وإلا لما كانت منتمية إلى عصر ما بعد الحداثة بالتأكيد. وإذا قرأنا الجملة التي وردت فيها هذه الكلمة:

    والأوطان
    وجوههم –وحدها- ساهمة
    غشيانات
    حناظل مروية
    ونازحة
    من طاعون حوجتي

    نرى أنها وردت كوصف للوجوه والتي هي -في الأصل- (أوطان)؛ إذن فالمراد العام من هذا الكلام أنّ هذه الأوطان سقيمة وموحية بالسقم، كئيبة ومريرة، وجاءت تلك التعابير متناسقة تماماً مع الحالة التي أرادت أن تصفه. اللغة كهرباء عالية الضغط، تصعق كل من حاول أن يعبث بها ويغيّر في تردداتها. البعض فقط من يتقنون فن التعامل مع الكهرباء فهم بذلك إنما يعرفون كيفية الاستفادة القصوى من ملكاتهم ومواهبهم الخاصة. ولكن هذا قد لا يسهل التدرب عليه في الشعر والأدب بصفة عامة، وسارة حسبو واحدة من هؤلاء!

    لاحظ العبارة الأخيرة من المقطع والذي تقول فيه (نازحة من طاعون حوجتي) هذه الجملة الجمالية إذا تم تبسيطها إلى شكلها الأولي نجدها تريد أن تقول (أنا أحتاج إلى وطن) ولكن (النزوح) في دلالاته على التشرّد والضياع، يفيد الإشارة إلى عملية أكثر إنسانية وهو (البحث)، ولكنه عند سارة حسبو ليس بحثاً إنما (حوجة) وهو ليس مجرّد حوجة اعتيادية، ولكنها حوجة قاتلة (طاعون)، وذلك الشيء (الوطن) هو إنما (فكرة) بالنسبة إليها، كما عبّرت عن ذلك بقولها:

    لاجئة فكرتي
    الفقيرة، عن غناء المعتازين
    خلفما
    حدود عوزي

    وأن يكون الوطن فكرة ، فهذا يعني أنّ الوطن هو منقسم على اثنين، وطن متخيّل ووطن واقعي. وغالباً ما يكون الوطن المتخيّل هو الفكرة ، ولكن أستحسن هنا استخدام حسبو للفكرة وليس المخيلة، لأن المخيلة قد لا تخلو من رومانسية ومثالية فجة لا تتسق مع الواقع. صحيح أننا نبحث في خيالنا وأفكارنا عن أوطنا أجملاً صورة وهيئة مما هي عليه في الواقع، ولكن أن تنفصل هذه الصورة بالكلية عن الواقع لهو ضرب من الجهالة المفرطة، وهو ضرب من تمني ما لا يمكن إلا أن نتمناه دون الحاجة إلى توقعه. والشيء الأقرب إلى الواقعية هو أن تكون هذه الأوطان (فكرة) متسقة المضامين مع كليات الوطن الواقعي. وهذه النقطة بالتحديد تجعلني أتساءل، ترى فيم ترى سارة حسبو انتمائها إلى الفنتازيا السحرية؟ إن كان ما تتحدث عنه لا ينفصل كثيراً عن الواقعة. الواقعية في (فكرة) الوطن بشكل عام جميلة، ولكنها غير متسقة مع النهج الفلسفي والأدبي للشاعرة، أو هكذا خيّل إلي.

    هل تريد أن تعرف من تخاطب سارة حسبو بهذه الأبيات؟ لا أنصحك بأن تفعل لأنك سوف ترهق نفسك كثيراً إن فعلت. ولقد قلتُ من قبل بأنها لا تخاطب القارئ بنصوصها، ولا تخاطب نفسها، إنما تناجي شيئاً ما، يبعد أو يدنو من حدود علاقاتنا اللامرئية بعالم طيب ومخيف في ذات الوقت. هل شعرتَ بأنها تناجي (الله) في هذا الخطاب؟ أم تناجي (الوطن) المتمثل في ضمير المفرد الغائب؟ هل يجدر بك أصلاً أن تعرف؟ إذا كنتَ من نوع القارئين الذين يهتمون لذلك، فعليك أن تحمل عبوة أكسجين وترتدي قفازاتك التي ضد الماء ، لتغوص معنا في محيط هذه الكتابة المالحة إلى حد القسوة. كذلك نجدها تستخدم كلمة مثل كلمة (حرد) كما في قولها:

    أنا المحارة
    والبحر يحردني

    ونلاحظ أن استخدامها للكلمة في النص يأتي بنفسها استخدامها في العامية المحكية، ومن المعلوم أن الحرد بالفتح على عين وفاء ولام الفعل هي من الكلمات المستخدمة في العامية السودانية، ولكن؛ من يأبه لذبك! والحرد هو اللفظ ولكن باستصحاب تجربة وإرث عامي خالص بالتأكيد، فرفض أو لفظ الشيء بدلالة معنوية هو الذي يعبّر عنه الفعل (حَرَدَ) والذي لا يدل عليه شيء آخر غيره. ولكننا نجدها في موضعٍ آخر عندما لا تتناسب الكلمة مع المراد المعنوي المعني فإنها لا تتوانى في استخدام ما تشاء من فصاحتها، لذا فإننا نجدها تقول:

    وطني يمامات صاغها بحر لفظ المحارة

    إذن فاللغة في حد ذاتها ليست هي الموضوع، إنما الفكرة والخيال المتجني على القواعد اللغوية وكل المسلمات، لذا فإن سارة حسبو تنتمي –وبجدارة- إلى زمرة ما بعد الحداثة. وهنا يمكننا أن نفهم المخاطب في مناجاتها، ولكن، لم يحن بعد أن نفهم كيمياء التراكيب المتخيّلة لديها. فاليمامة في المقطع السابق تأتي في إشارة إلى السماء ، ولا رابط بين السماء والبحر إلا في حدود (فكرة الوطن) المتخيّلة نفسها؛ إذ يحق لها تخيّل وطنها كيفما ومثلما شاءت، وما بين البحر والسماء ربما كانت حسبو تعلم بهذا الوطن وتبحث عنه في مكان ما، ولكن ما علاقة الله بكل هذا؟
                  

06-09-2008, 03:56 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو (Re: هشام آدم)

    ونواصل...
                  

06-10-2008, 09:48 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو (Re: هشام آدم)

    _______________________

    الله في نصوص سارة حسبو:

    للوهلة الأولى يبدو النص وكأنه رسالة موجهة إلى الله (إلى أمكنته .. وردة إلى الإله) هذا ما يبدو في ظاهر النص، وفي كثير من المقاطع التي جاء فيها ذكر الله أو الآلهة بنص صريح، ولكن يجب ألا نغفل الرمزية التي تغطي الفكرة الشعرية في نصوص حسبو أبداً، فالله قد لا يكون الله المعبود الذي يعبده ملايين المتدينون، قد لا يكون غير وطن أو غير فكرة إله، أو قد لا يكون غير ضمير المجتمع باعتباره قانوناً يخضع له الجميع. فعندما نقرأ :

    والعالم بكل آلهته:
    أخرس

    أو عندما نقرأ مقطعاً كهذا :

    غنوا لهذا المجيد

    أو قولها :

    ولا حرج يا ربي سوى أنك تشاهد

    وكذلك قولها:

    أنت الضخم، حري بألوهيتك – تهوري

    والأوضح من ذلك قولها:

    الفانيات مني هاكها
    لا أفطنها
    كونك ربي – ربها

    وربما الأكثر وضوحاً في مناجاتها قولها:

    يا رب .. لك طيورك مداها المشروخ بنداء الوليف

    كل هذه التلميحات وأكثر من ذلك لاسيما في المقاطع الأخيرة من قصيدة (إلى أمكنته .. وردة إلى الإله) تنبأنا أن المخاطب في هذا النص هو الإله الواحد الذي يعرفه الجميع، ولكنه بالنسبة إليها إله آخر .. إله شديد الخصوصية، إله يأخذ من فكرة الإله المشاعية الكثير، ولكنها تحلم به فكرة كفكرة الوطن التي اعتبرتها من قبل. هي لا تنسى أنّ الله يعني القانون، ويعني القسر بقدر ما يعني الخلاص والملاذ الآمن، ولكنها في سيرورتها في فنتازياها السحرية، تستشعر مرارة أن يكون هذا الإله مخيفاً إلى الحد الذي يجعلها تخشى مناجاته، أو ربما العكس تماماً هو ما استشعرته.

    لا مقدس في اللغة، ولا في المخيّلة الإبداعية، لا مقدّس في العشق بين إله وبين عابد، يهيم بإلهه حباً، لأن القداسة تطيل المسافة بين الحبيبين. أجل إنها علاقة حب لا تتساوى مع المقاييس التي يتعامل بها البشر، وهي في ذلك إنما تسمو على مستواها البشري لتصل إلى حد خرافي، خرافي كخرافية الإلهة نفسه، تسمو فتصبح هي الأقرب إليه، وعندها لا تضير أن تتسامر معه لا أن تناجيه، فيكون مستوى الحديث أقل قداسة كما في قولها:

    في صباح، أي صباح
    تأخذ الشاي بالحبهان على موائد من أخذتهم
    (قوتهم المرة تنز حقول قمصانهم)
    هاك فنجاناًً لا يضر

    وفي الحقيقة فإن الكلام عن قداسة المجردات والمتداولات في الشعر أو في الأدب عموماً فهو كلام يطول شرحه والحديث عنه، كذلك فإن الكلام عن الأدب الملتزم وعكسه، وهنا أرى أن إيراد ما قلته من قبل في حواره أجرته معي الأديبة والناقدة ريم بدر الدين البزال حول هذه النقطة ضرورة لا بد من المرور عليها، إذ قلت في إجابة على سؤالها: "في رأيي لا يوجد شعر ملتزم وآخر غير ملتزم. إذ لا يمكن وضع معيار لما هو ملتزم وما هو غير ملتزم. فالالتزام معيار ذاتي جداً يرتبط ببيئة وثقافة الشخص نفسه سواء المتلقي أو الشاعر على حدٍ سواء. وفي حين يرى الكثيرون أن قصيدة مثل قصيدة "الأميّات" للشاعر المصري نجيب سرور قصيدة سيئة إلا أنني لا أجدها كذلك، وبالتأكيد فإنه نفسه لم يكن يجدها كذلك، بل أن بعض النقاد ذهب إلى تصنيف القصيدة على أنها قصيدة ثورية. وهكذا يصبح وضع معيار للأخلاقي واللاأخلاقي في النصوص الأدبية هو أمر صعب بل غير محبّذ على الإطلاق لأنه يخنق الإبداع. فللأدب مطلق الحرية في تناول أي موضوع بأية طريقة طالما أن المبدأ الإنساني يُتيح لنا حرية التعبير عما نراه وما نؤمن به. فيتناول الجنس كما يشاء ويتناول الدين كما يشاء ويتناول القضايا المجتمعية كما يشاء والقضايا السياسية كما يشاء وهكذا. وربما كانت رواية "شيفرة دافنشي" للقاص الأمريكي دان براون أكبر دليل على ذلك. فهو رغم أنه مسيحي، إلا أن مسيحيته لم تمنعه من الخوض في تفاصيل تراها الكنيسة على أنها هرطقات. لا ينفع أبداً أن يتم حبس الأدب تحت أي شعار سواء كانت هذه الشعارات دينية أم أخلاقية أم غيرها. وإلا فسوف يفقد الأدب معناه والشعر جنس أدبي بلا شك ينطبق عليه الشيء ذاته."

    لا شك أن نص سارة حسبو يتناول جانباً فلسفياً هاماً ينتقل بنا بين ما هو أخلاقي وما هو غير أخلاقي، وللخوض في هذه التفصيلة فلا بد أن نعود إلى السؤال الأكثر وجوباً (ما هي الأخلاق؟) ومن قبل فإنني أجبت على هذا التساؤل وعدة تساؤلات فلسفية في ذات الحوار الوارد جزء منه أعلاه، وأرى أنه من الضروري طرح كل ما قيل حول هذه النقطة هنا كذلك، لأن الأمر أراه وثيق الصلة بنصوص سارة حسبو، فقد قلت: "فيما يتعلق بالأسئلة الفلسفية الرائعة التي طرحتها فهي كلها تستدعي بعضها وتلتف حول بكرة واحدة. ولنبدأ بسؤالك حول ما هو صحيح وما هو غير صحيح. في البدء علينا أن نعرف ما هي "القِيم" وكيف تتشكل هذه القيم؟ إن الخوض في قضايا الوجود بشكل عام تتطلب توفر حد أدنى من المعرفة بالكون والطبيعة. وتكون هذه المعرفة هي المادة الأساسية للتأملات الفلسفية ومنذ بدء الخليقة بدأت تتجمع في ذاكرة البشر المشاهدات المنفردة الخاصة ببعض الظواهر الكونية مثلاً كالفصول الأربعة وفيضان الأنهار وكسوف الشمس ... إلخ. وبناء على هذه المشاهدات كان الإنسان يضع لهذه الظواهر التخمينات التي يراها مناسبها حول نشوء هذه الظواهر وعلل نشوء الحياة والطبيعة وبدأت هذه التأملات الفلسفية تقود الإنسان إلى السؤال حول بداية الكون والإنسان ونحوه. ولكن الإنسان الأول ظل لفترة طويلة عاجزاً عن تعميم هذه المشاهدات المنفردة لأن عقله لم يكن مهيئاً لوضع تصورات عامة عن الأشياء ولم يكن بالتالي قادراً على التجرد من الخصوصيات الجزئية. فنحن مثلاً نعرف أن "الخير" من المجردات أي أنه مفهوم عام تم تكوينه نتيجة تعرفنا على كثير من الأناس الخيّرين وعلى العديد من التصرفات الخيّرة الملموسة.

    وحين نصوع هذا المفهوم نكون وكأننا تجردنا عن جوانبه الثانوية غير الهامة وأبرزنا الأمر الأساسي فيه. إذاً فلا وجود للخير أو حتى أي من المجردات في هيئة كائن عياني ملموس فالخير والشر مجرد جانبين أو صفتين لأناس عيانيين ولتصرفاتهم الملموسة. ولكن الإنسان الأول لم يكن بوسعه التجرّد أو الابتعاد عن تصّور هذه المجردات بمعزل عن التمثيل العياني لها فكانوا يصوّرون الخير والشر في هيئات وأشكال عيانية. وعندما نرجع إلى أسطورة باندورا نجد هذا التمثيل العياني لمجردة مثل الشر. فتقول الأسطورة أن أبيماتوس كان يحتفظ في بيته بالشر في آنية ويحكم إغلاق الآنية، حتى دفع الفضول زوجته باندورا إلى فتح الآنية التي انكسرت من يدها وانتشر الشر في كل الأرجاء وبهذا ظهر الشر في العالم. ونفس هذا التصور العياني للمجردات نجده موجودة في معظم الشعوب والثقافات القديمة، فشعب أشانتا مثلاً كان له تصور عياني للحكمة حيث تحكي أسطورتهم أن العنكبوتة أنانسي كانت تطوف المعمورة بحثاً عن حبوب الحكمة وكانت تجمعها في إناء أيضاً حتى امتلأت الآنية عن آخرها وفي يوم ما عندما غضبت على ابنها أمسكت بالآنية ورمته بها فوقعت الآنية وانكسرت وتناثرت حبوب الحكمة في كل مكان وبدأ الناس يأخذون منها ومن لم يأخذ منها ظل جاهلاً بقية عمره.

    ولحقب زمنية طويلة جداً لم تكن لغة البشر تعرف كلمة تدل على السمات العامة المشتركة بين الأشياء وعمليات العالم المحيط ، فبعض الشعوب لم تكن لديهم كلمة "قتل" كما أن هنالك شعوب لم تعرف كلمة "كذب" أريد أن أقول في النهاية أن ملكة التعميم تتطلب القدرة على فرز الضروري عن العرضي وفصل السبب عن النتيجة وهذه الملكة نفسها لم تتكون دفعة واحدة. فالإنسان البدائي كان يرى التشابه بين الأشياء أو الظواهر كان يخلص إلى الاستنتاج بأن ثمة صلة وثيقة بينها. فمثلاً بعض قبائل الهنود الحمر كانوا يعتقدون أن النساء فقط من يجب أن يشتغلوا في البذار فبما أن المرأة تلد فإن الأرض تعطي محصولاً جيداً إذا كانت يد المرأة هي التي تنثر البذور وإلى اليوم هنالك قبائل أفريقية تعتقد أن عقم المرأة يستدعي عقم الأرض. ولم يكن الإنسان الأول قادراً على أن يفصل نفسه عن الطبيعة وكان ينظر إلى الطبيعة ذاتها على أنها مسكونة بكائنات شبيهة بالبشر تحمي الماء والنار والهواء والتراب وغيرها. وثمة بقايا من هذا اللون من أنسنة الطبيعة لدى بعض القبائل الأفريقية إذ يتصورون العالم كله في هيئة كائنات يسمونها "جوكات" والجوك في ثقافتهم كائن ملموس تماماً حتى أنهم يذهبون إلى أن الإنسان عندما يموت فإنه يصبح جوكاً هو الآخر. كل الشعوب بلا استثناء مرّت بهذه المرحلة من التطور التي تتسم ببدائية أدوات العمل فقط كان الإنسان البدائي ينفق ساعات طويلة من العمل المضني والشاق ليحصل على قوته. وكانت حياته رهناً بالطبيعة وأهوائها. ولذا فقد كانت الأرواح التي اخترعها الفكر البدائي ذات هدف عملي فكان بالإمكان أن يطلب منها فعل شيء نافع. ولذا راح الإنسان البدائي يصوّر الغابات والحقول والأنهار على أنها مسكونة بما لا حصر له من عرائس الغابات كما في الفكر اليوناني الديم أو العفاريات وبنات البحر كما في الفكر الروسي أو حتى الجوكات في الفكر الأفريقي.

    لذا فقد كان عجز الإنسان في مواجهة قوى الطبيعة وغياب المعارف والمؤهلات والخبرة وراء ظهور الفكر البدائي أما السعي للإبقاء عليه في أيامنا هذه فهو يعني إعاقة تطور الثقافة ومسيرة التقدم. وبالتالي فإن القيم والموروثات تظهر في شكل اتفاق جمعي بين مجموعة من البشر يحملون فكراً ووعياً مشتركاً وتكون هذه القيم الجمعية قيماً ملزمة للمجموعة وبهذه الطريقة تنشأ المبادئ والقيم ، وهي بالتالي تتطور بناء على تطور العلم وتقدم الإنسان المستمر. وتختلف هذه القيم باختلاف المجتمعات البشرية ومدى وعيها وتطورها وتقدمها، وبالتالي فإنه لا يمكن القول بأن هنالك عمل أخلاقي وآخر غير أخلاقي حتى المستوى الأدنى منه إلا في إطار المجتمع المحدد وما يتفق عليه من أعمال خيّرة وأخرى شريرة.

    ولا توجد حقيقة مطلقة أبداً فالكون بكل محتوياته من إنسان وكائنات وطبيعة وقوانين وعلوم متغيّرة ومتجددة ومتطورة، وربما لفترة طويلة كان يقال أن الموت هي الحقيقة الوحيدة ، وحتى هذا أصبح مع العلم وتطورّه أمراً مشكوكاً فيه، فما الموت إلا حياة أخرى لها قوانينها ونظامها الذي يختلف عما هو قوانين وأنظمة عالمنا هذا وبالتالي أصبح الموت نفسه ليس حقيقة مطلقة إلا إذا كنا نقصد الموت كفعل وليس كنتيجة أو مرحلة. أما المعرفة فهي منظومة الوعي القادم إلينا من خبرات جمعية سابقة بذل فيها الأولون الكثير والكثير من الوقت والجهد والمعاناة ربما حتى تصل إلينا وننعم بها. وما المعرفة إلى نتيجة لحاجة الإنسان لها والتي كانت في بداية ناتجة عن خوفه من الطبيعة ولا تتأتى هذه المعرفة إلى عند طريق البحث والتساؤل المستمر وإن توقف الإنسان يوماً عن التساؤل والبحث فإننا سنصبح بلا معرفة ويمكن أن نشبّه المعرفة وعملية البحث عنها بالآيسكريم التي تحتوي على طبقات من الفاكهة فكلما أكل الإنسان طبقة ظهرت له طبقة جديدة وكلما أكلها ظهرت له الطبقة التي بعدها وهكذا، وإن توقف الإنسان في أكله أو بحثه عند طبقة معينة فإنه لن يكتشف الطبقة التي تليها حتى وإن كانت ألذ وأطيب من الطبقة السابقة لها. ولا حدود للمعرفة أبداً لأن هذا الكون مليء بالأسرار ومغرٍ للتساؤل والبحث. وغريزة الفضول لدى الإنسان هي التي تدفعه للبحث ولمواصلته، فبينما هنالك أناس يخترعون أجهزة تمّكنهم من الغوص لمسافات أعمق داخل المحيطات لكشف أسرارها ، هنالك آخرون يحاولون الوصول إلى أبعد كوكب يمكن أن يصل إليه الإنسان بل ويبحثون عن إمكانية وجود حية عليها.

    لذا فإن لا حدود أبداً للمعرفة والعلاقة بين الإنسان والمعرفة هي علاقة طردية كلما توهم الإنسان أنه بلغ حدّه في المعرفة اكتشف بأنه لم يزل أمامه الكثير للبحث والاستزادة من المعرفة. وفي الحقيقة فإن حقيقة (أن لا شيء مطلق) هي الحقيقة الكاملة في نظري لأنها تفتح للإنسان آفاقاً من المعرفة وللبحث الدائم والمتواصل لأنه عندما يضع هذه الحقيقة في حسبانه فإنه يظل في عملية بحث دائمة وهي التي تجعله في كل مرة يكتشف ويعرف أكثر وأكثر، فبينما اكتشف الإنسان الأول أن الأرض مسطحة وبُنيت على هذه الحقيقة علوم ومعارف كثيرة ، جاء الاكتشاف الثاني الأكثر خطورة أنها ليست منبسطة بل وأنها تدور وبنيت على هذه الحقيقة علوم جاءت بما هو أعجب بكثير من ذلك، وبالتالي فإن كل علم او حقيقة تأتي تؤدي بنا إلى ما يليها من علوم وأسرار واكتشافات أقرب إلى الدقة ، ولكنها كلها تظل عاجزة عن الكمال لأن الكمال يعني نهاية البحث والمعرفة. وبالتالي يمكننا القول باطمئنان أنه لا يمكن البرهنة على أي شيء حتى الحقائق المؤكدة فطالما أن الإنسان ما يزال في بحثه فهذا يعني أننا لم نصل بعد إلى الحقيقة الكاملة بعد. أما الحديث عن "العالم الخارجي" فقد نجد فيما قلت عن عجز الإنسان الأول لفصل نفسه عن الواقع أو عن الطبيعة لخوفه من مواجهة الطبيعة أو عجزه عن وضع تصورات مجرّدة للأشياء إجابة عن ذلك، فالعالم الخارجي هو من وحي خيال الإنسان وبالتالي فإنه كان ولا زال يوعز كل ما يخشاه وما يخاف منه وما يعجز عن إيجاد إجابات عنه بالقوى الخفية والقوى العظمى والفوقية وما إلى ذلك من النعوت والأوصاف التي أطلقها عليه هو بنفسه.

    أما عن سؤالك المتعلّق بالأشياء الموجودة فعلاً وطبيعتها وعن علاقة العقل بالجسم، فهذا موضوع طويل جداً ، وهو في أساسه كان المسألة الفلسفية التي شغلت الفلاسفة منذ زمنٍ طويل. والمسألة الفلسفية الأساسية هي مسألة العلاقة بين الروح والطبيعة أو بلغة الفلسفة العلاقة بين (الوعي) و (الوجود) فمن ظهر أولاً الوعي أم الوجود؟ وهل بوسع الوعي أن يوجد بحد ذاته خارج الدماغ البشري؟ وهل يمكن للطبيعة أن توجد بدون تدخل مبدأ روحي ما؟ يقول كانط أن أحد أهم الأسئلة التي يجب على الإنسان طرحها هي ( ماذا عليّ أن أفعل؟) وبعبارة أخرى ما هي القواعد والمعايير التي ينبغي أن يسترشد بها الإنسان في حياته ويكون من واجبه اتباعها؟ إذاً فهو يتكلم عن مسألة السلوك الأخلاقي للإنسان ولكن لكي يفهم الإنسان كيف ينبغي أن يتصرف لا بد أولاً من إدراك ما هي الأخلاق، ولم يدافع الإنسان مثلاً عن شرفه وكرامته ويلبي نداء ضميره ويؤدي واجبه. ولو لاحظتِ فإن هذه النقطة مرتبطة بالسؤال السابق لك عن القيم وكيفية تكوّنها.

    ولدى الإجابة عن هذه الأسئلة يترتب علينا بالتأكيد تفسير كيف ولماذا ظهرت عند الإنسان مشاعر الواجب والعدالة والخير والشرف .... إلخ. فهل جاءت من ظروف حياتنا وبصورة مستقلة عن رغبتنا ووعينا وإرادتنا؟ أم أنها ثمرة اتفاق واعٍ بين الناس؟ وأخيراً فهل هذه الأحاسيس الأخلاقية ذات منشأ غيبي رباني؟ وهكذا نجد أننا رجعنا مجدداً إلى مسألة العلاقة بين الوعي والوجود ولذا فإن هذه المسألة هي أعم مسائل الفلسفة ويتعذر بدون حلها الاشتغال بحل المسائل الخاصة والجزئية. ولكن هل يعني هذا أن الفلاسفة على مرّ العصور قد اقتصروا على الاشتغال بهذه المسألة الأساسية فقط؟ إذا التفتنا إلى مختلف التيارات والمدارس والنظريات السالفة منها والحاضرة رأينا بعضاً منها يدرس عملية المعرفة العلمية وآخر يعنى بمشكلة الحرية البشرية ويكرس طرف ثالث كل حياته لاثبات وجود الله وثمة طرف رابع يشتغل بقضية تنشئة الإنسان وهنالك من ينصرف إلى الفن ويصوّره الموضوع الوحيد الجدير بالاهتمام. ولكن الفلاسفة وإن كانوا ينطلقون من مواقع مختلفة ويشتغلون بمشكلات متباينة فإنه يلتقون بطريقة أو بأخرى حول مشكلة محورة ألا وهي علاقة الإنسان بالعالم (الروح بالطبيعة) وليست الفلسفة فقط من تبحث عن إجابة لأسبقية الوعي والوجود بل حتى العالم الذي يعمل لحل مشكلة عملية معقدة كالوقوف على لغز جديد من ألغاز الكون كاكتشاف نجم جديد مثلاً يكون على قناعة بأن هذا النجم ليس ثمرة خياله وإنما يتواجد فعلياً بصورة مستقلة عن الوعي أي بصورة موضوعية ولو كانت قناعته مغايرة لذلك لما شرع بتحضير الأجهزة المعقدة التي تساعده في دراسة مواقع الأجرام السماوية ولاكتفى بخياله.

    وهكذا يشكل حل المسألة الفلسفية الأساسية مقدمة هامة لأي بحث علمي. وكذلك الفنان حين يرسم لوحة واقعية لحياة أناس ملموسين أو يطبع حشداً من الخطوط والبقع اللونية يحل هو الآخر المسألة الفلسفة الأساسية ففي الحالة الأولى ينظر إلى العالم الواقعي المحيط به على أنه مصدر إبداعه أما في الحالة الثانية فيعتقد أن الشيء الوحيد الجدير بالتصوير هو حياته الداخلية: مزاجه وعواطفه التي هي غير مرتبطة بعالم الأشياء الواقعية. واعتماداً على الأبحاث المعاصرة يمكن القول أن نفسية الإنسان والحيوان لا يمكن أن تقوم بحد ذاتها وأنها مرتبطة بالعمليات الجارية في الدماغ وهذا في حدّ ذاته ربط بين الوعي والوجود على صعيدٍ آخر. فقد بيّنت تجار ديلغادو أنه بواسطة زراعة الالكترودات في دماغ الإنسان يمكن مساعدة الذاكرة على استعادة أمور منسية أو استثارة أحاسيس معينة او هلوسات عديدة وثمة ارتباط وثيق بين مضمون أفكارنا ومشاعرنا وبين الواقع المحيط فكل ما يشكل عالمنا الروحي إنما يتكوّن نتيجة التجربة والخبرة بفضل الاحتكاك مع العالم الخارجي وكما برهن علماء النفس فإنه حتى الأحلام مهما بلغت من الخيال فهي إنما تضرب في الحياة الواقعية. وبالتالي يمكننا القول أن الوجود أسبق من الوعي .

    ورغم نجاحات الممارسة البشرية التي أكدت أسبقية المادة أو الوجود على الوعي فإنه لا تزال تصادق إجابات معاكسة على هذه المسألة تتناقض مع الإنجازات العلمية ولكنها تستجيب لمصالح اجتماعية معينة. ولهذا يجب العودة دائماً إلى المسألة الفلسفية الأساسية والبرهان مجدداً وتبعاً لانقسام الفلاسفة إلى مؤيدين لأسبقية الوعي على الوجود أو العكس فإن الفلسفة انقسمت إلى شقين أساسيين هما : المادية والمثالية. وباختصار فالماديون هم الذين يرون أن الوجود أسبق على الوعي ، والمثاليون هم الذين يرون العكس ويبررون كل الموجودات ويوعزونها إلى قوى فوق طبيعية يسمّونها العلّة الأولى وهو الله. وهنا تأتي الإجابة على جانب من سؤالك حول وجود الله. وفي الحقيقة فإن ثمة ثلاثة مواقف متباينة من الله أو من وجوده ، فهنالك الملحدون الماديون الذين يقولون أن الله غير موجود ويقدّمون دلائل على صحة زعمهم، وهنالك المؤمنون الذين يؤكدون وجود الله ولهم ادلتهم التي تدعم إدعائهم هذا. هنالك قسم اللاأدريون وهم يقفون موقفاً وسطياً بين الشك القاطع واليقين القاطع وهم حائرون بين أدلة النفي وأدلة الإثبات. والبحث عن الله من أقدم المباحث البشرية التي عرفها الإنسان فقد كان البحث عن الله من أولويات الإنسان منذ قديم الزمان.

    فأما الذين يقولون بوجود الله فهم لا يتجرأون على تقديم دليل مادي على وجوده لأنه غير مادي أصلاً وهم بذلك يقدمون أدلة غير مادية وهو الشيء الذي يرفضه الماديون تماماً. ومن الأدلة التي يقدمها هؤلاء: وجود الكون نفسه لأن لكل حادث محدث فهم يرون أن الكون ناتج عن قوى أقوى وأسبق وهذا يتطلب بالضرورة الاعتقاد بأن العلّة السابقة للكون لها وجود واقعي لا سيما إذا كان الكون لا أزلياً وهم يرون في نظام الكون الدقيق أصدق دليل وبرهان على وجود خالق وإله منظّم لهذا الكون، فقد يعترفون بأن الكون نشأ عن لا شيء ، ولكن كيف يمكن لهذا اللاشيء أن يخلق كوناً منظماً ودقيقاً بهذه الصورة؟ فهو بذلك يتصورون وجود علّة أولى عاقلة ومنظّمة للكون. كما يعتمدون على الغرض الحقيقي من وجود الإنسان في هذه الحياة إلى أن الحكمة تقتضي عدالة الجزاء والثواب ويرون في ذلك دليلاً آخر على وجود الله. وباختصار فإن أغلب المؤمنين بوجود الله لا يملكون دليلاً مادياً واحداً على وجوده وإنما يقدمون أدلة عاطفية لا أكثر على هذا الوجود بل أن بعضهم ينصح بضرورة الجزم العمياني بمسألة وجود الله هذه لأن هذا من أصل الإيمان ولقد اجتهد البعض في إثبات وجود الله في نظريات لا صلة لها بالنظرية بمعناها العلمي أبداً ومنها النظرية الأخلاقية والنظرية الكونية وغيرها من النظريات. بينما يذهب الملحدون الماديون على أن الله ما هو إلا اختراع بشري لحوجته الدائمة لوجود علّة كبرى فوقية يلجأ إليها لضعفه في مواجهة قوى الطبيعة وإنه ينزع دائماً إلى الاعتقاد بالأشياء غير الموجودة واعتبارها أكثر قوة وأكبر دراية فهو ومنذ عصور سحيقة جداً يؤمن بوجود مخلوقات غير مرئية كانت هي السبب في المصائب التي تحل على البشرية وفي ذات الوقت كانت هي السبب في إصابتها بالرخاء وما ذلك إلا لارتباط المصائب والرخاء بالحالات المزاجية لهذا الإله، وهم بفهمهم البدائي حاولوا ربط هذه المزاجية بما يقومون به من أعمال ففسر بعضهم أن ما يحدث من مصائب هو غضب من الرب على فئة من الناس لأنهم يفعلون الموبقات والعكس كان صحيحاً لذا فقد بدأوا يتقربون إلى هذا الله غير المرئي بالقرابين والأعمال الصالحة، ومن هنا نشأت الجماعات التي بدأت تتخصص في التعامل مع الله ومعرفة ما يرضيه وما يغضبه وهم رجال الدين ومع مرور الزمن اكتسب هؤلاء قدسيتهم من ارتباطهم بالله وبالتالي أصبحت لهم سيطرة على الناس وبدأوا يسنون الشرائع التي يرون أنها تقرّب إلى الله فيأمرون بها ويحرّمون المنكرات التي يرون أنها تغضب الله. ولقد كان الإنسان القديم أكثر دقة في وصف إلهه الذي يؤمن به قد جعل إلهاً للخصب وإلهاً للحرب وإلهاً للبحر وآخر للمطر وآخر للحقل وآخر للحب .... إلخ حتى استطاع أن يجمع هؤلاء الآلهات في إله واحدٍ تجتمع فيه القدرات الخارقة من خصب وخير وشر وقوة ولين وعطف ورحمة وعقاب ..... إلخ.

    وعليه فإن الملحدون يرون أن الله ما هو إلا اختراع بشري كان لا بد له لأنه دائماً وأبداً بحاجة إلى أن يحس به. والصحيح في نظري ان الله موجود وجوداً منطقياً لا يمكن معه إثبات وجوده من عدمه. ويقدم البعض أدلة وهمية لإثبات وجود الله وذلك بتلفيق بعض القصص والتي ما نزال نراها حتى هذه الأيام كالسمكة التي تحتوي على كلمة التوحيد والشجر الراكع والأشجار التي تشكل كلمة التوحيد والسحاب الذي يشكل لفظ الجلالة في السماء والصورة التي ألتقطت للشمس ويظهر فيها اسم الله وغير ذلك من الخزعبلات التي أثبت آخرون أنها ملفقة وهي تعكس ميل الإنسان للخرافة وولعه بذلك وهم بذلك يثبتون العكس من حيث لا يدرون. والله في فكر المؤمنين بوجوده مسبوغ عليه صفات لا يمكن حصرها ومن تلك الصفات أنه لا يمكن وصفه ولا يمكن تخيّله ولا يمكن حدّه وهم بذلك يحاولون وضع حدود لأسئلة من قد يتساءلون عنه بوضع موانع للخوض في هذا الموضوع. والبعض الآخر يرون أن الخوض في ذات الله أمر لا يُستهان به ويستنكرونه مضفين على الأمر قدسية لا يمكن تجاوزها وذلك بالتقليل من شأن العقل الذي هو ميزة الإنسان الأولى والأعظم. ويبقى الأمر مثاراً للجدل مثله مثل المسألة الفلسفية ( الوعي – الوجود) أيهما أسبق. أما سؤالك عن العقل فأعتقد أن العمل الحديث قد قدّم إجابات شافية حول الدماغ وعمله وآلية أو مكانيكية عمل الدماغ وبالتالي لم يعد العقل أو العمليات العقلية لغزاً كما في الماضي بل أصبح بمقدورنا التحكم بهذه العمليات العقلية وفي أحيان كثيرة توجيه هذه المقدرات والعمليات."

    الله في نصوص سارة حسبو، ما هو إلا فكرة للإله الذي تريده ، بغض النظر عن ماهية الإله الحقيقي الموجود في أخيلة المتدينين، هي إنما تحاول أن تصوغ في نصوص نسقاً من العلاقة تنتفي فيه القداسة ليس بدافع إجرامي، إنما بدافع المحبة لا غير. وأرى أنها أجادت كثيراً في مناجاتها تلك في تقديم صورة من العلاقة غير ذات الإطار التقليدي، وهذا بالضبط ما تريد الوصول إليه.
                  

06-10-2008, 09:51 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو (Re: هشام آدم)

    ___________________

    الايروتيكية وحرملك اللغة في نصوص سارة حسبو:

    بذات القدر من الجراءة والشفافية التي تتحدث بهما سارة حسبو عن الله وإليه، فهي تتناول مفهومها الجريء والشجاع عن الجسد، لاسيما الجسد الأنثوي الذي تمتع لسنوات وحقب طويلة من القداسة والحرمانية كغيره من التابوهات التي لا يحبذ الناس المساس بها وتناولها بأي شكل إلا رمزاً، ورغم رمزية سارة حسبو إلا أنها تمتلك الجسارة الكافية لتخوض في تفاصيل جسدها، كما يحلو لها، غير أنها لم تنف انتمائها في كثير من الحالات إلى تيار الرمزية، فحتى حديثها عن الجسد ما كان إلا فكرة للجسد. فعندما تقول:

    نسلي من عسر هضم الفضيلة
    سود
    لئام
    جوعى
    تنبت في أفواههم أثدائي
    أفواه أكوام غثة
    تتدلى من ثوب أم
    ثوبي الوحيد
    كرات حنان سالمة
    طياتها حليب أصفر – بائت

    وكذلك قولها في المقطع الثالث:

    وإذ تجف أثدائي
    أعصرني – أعصرها
    تنفجر
    يتقاسمون لذة دمي

    ولنتأمل ما قالته في مناجاتها لإلهها ذات صرخة:

    إشارات الغريزة المكتومة
    على شراشف المباغتة
    عجولة،
    الشراشف أكلت سيقانها
    كبد أحباء تأخروا في النسيان
    تباطأت رغائبهم
    في أسرة الموت

    إذن فالجسد ليس للجنس، الجسد هنا قربان لإله ليس كالآلهات، قربان للخلاص والانعتاق. لذا فإن الشهوة والغزيرة تأخذ لذتها من عنفوان الحنين إلى الفكرة الأم، فكرة الوطن المخبأ كأجساد النساء منذ أزمنة الحرملك. ما تحاول سارة حسبو فعله هنا، هو أن تكشف عورة هذه الأجساد، لأن الجسد جغرافيا الحقيقة، لا الأصوات ولا الأسماء ولا الغناءات تدل عليها، إنما تدل عليها الأجساد العارية كما أراد لها الإله أن تكون دائماً.

    (عدل بواسطة هشام آدم on 06-10-2008, 09:52 AM)

                  

06-10-2008, 09:53 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو (Re: هشام آدم)

    ونواصل ...
                  

06-10-2008, 10:15 AM

Osama Mohammed
<aOsama Mohammed
تاريخ التسجيل: 04-02-2008
مجموع المشاركات: 4619

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو (Re: هشام آدم)
                  

06-10-2008, 10:34 AM

معتصم محمد صالح
<aمعتصم محمد صالح
تاريخ التسجيل: 07-14-2007
مجموع المشاركات: 7293

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو (Re: Osama Mohammed)
                  

06-10-2008, 11:04 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو (Re: Osama Mohammed)

    __________________________

    Quote: دراسة قيمة ومن وجهة نظري أن الدراسات النقدية غالباً ما تفيد الشعراء في المقام الأول

    أخوي : أسامة محمد
    أصلاً أنحنا بلا غياب النقد المضيّعنا شنو ؟

    أشكرك على تزويدي بالوصلة ، وأنا الآن أختلس الوقت لقراءتها من حينٍ لآخر ... لك التحية على هذا العمل الجميل .. ودمت بكل خير
                  

06-10-2008, 01:10 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو (Re: هشام آدم)

    UP
                  

06-12-2008, 06:31 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو (Re: هشام آدم)

    ______________________

    من نصوص سارة حسبو


    ( مشاهد رَمَاديَّةٌ لِما هُوَ أنا/ خَلَفَ مَا ظَنَنْتُه أنت )


    (1)

    عَلى جَسَدي

    قَبْران: لي،

    ولِحزمةِ العينِ مِنِّي.

    (2)

    صَعَدتُ إلى صَوتي ـ الأعلى قَليلاً من حكمةِ الخوف؛

    رَسَمْتُ ظلِّي

    القصيرَ

    حَدَّ أتَراءى كَآخر.

    (3)

    أَنَقَصْتُ في الكَفِّ..

    فى العين التي فنَّدَتْ خطايا الكَفّ..؟

    أَنَقَصْتُ في غُولِ الماء

    ما أطفأَ جسارةَ الماء..؟

    أَنَقَصْتُ في غناءِ البيت

    ما فَتَّقَ سُرَّةَ البيت..؟

    أَنَقَصْتُ في وَجْدِ غزالةٍ

    قادَتْها إلى باحتي غزالة..؟

    أَنَقَصْتُ في حُجَّةِ اللَّوْن

    ما تَدَرَّجَ عَارِياً من اللَّون...؟.

    (4)

    يا مقعدَ الزَّهْرة

    لوجهي مائةُ سببٍ ليعتذرَ عن مشهدِكَ الأبيض

    له أن يندَسَّ بين زمرةِ الهلاكِ (هنا)

    و(هناك) البهجةُ المتواضعة

    له أن يَنْتَهِرَ عينَه:

    ما تَزِنُهُ بِعُهْرٍ في كُرَّاسَاتِ الهاربِ من عافِيَتِه

    وينكفِئُ في التَّحَايُل.

    (5)

    يا مَمَاشِي الصِّلاتِ القَدِيمة

    ـ الوَتَرُ العصيبُ لبلاد ٍ وأُمّ ـ

    حبيبٌ من تهاويم وقِطَافٍ

    ما يَلْزَم لأحُكَّ في لَحْمِي سَرَائحَ لا تَخُصُّ

    نسيجَ أصابعِك..؟

    لا القَمَرُ المُحَلَّى بأبناءِ خيالِك...؟

    لا شَعْبِيَ المريضُ بحالاتِك..؟

    وما يَلْزَمُ لأتعلَّمَ صَلاة ً خَلْفَ طيورِكَ الأخيرة...؟.

    (6)

    يَخُونُنِي معك ـ تَسَكُّعِي وَحْدِي

    تَخُونُنِي تخومُ جَسَدِي مع ثعابين سقطت أسماؤُها

    فى شَجَرِ سُخْرِيَاتِك

    يَخُونُنِي نُحَاسُ قبيلتي:

    تَصْرُخُ شَرَاهَتُهُ على وَشْمِ أكْتَافِك

    يخونُني جِلْدُ الزُّنُوجةِ المشدودِ

    إلى ساقِ غيابِك

    تخونُني فَزَّاعَاتُ الطيورِ

    في سَهْلِ جيرانٍ يُحَدِّقُونَ فيَّ ليتذكَّروك

    تخونُني يَرِقَاتُ فَرَاشَاتٍ

    تكبُرُ في فزعي

    لوناً بلون.

    (7)

    يخونُني أبِي مع أرْحَام ٍ مُتَجَهِّمَةٍ


    تَلِدُ صلصالا ً يُشْبِهُ ما يُحِبُّهُ في غَيْرِي.

    إخْوَتِي في غُبْن ٍ شَتَّى.

    (8)

    كان لِي أَهْلٌ

    بَعْضُ وحْشَاتٍ وخوف.

    (9)

    أنَا الآنَ ابْنَةُ ما أخَاف

    وكُلُّ شَيءٍ أَهْلِي.

    (10)

    يا قَوْسَ حَكَايَا نائيةٍ

    أفْلَتَتْ في هَرْطَقَاتِ نُخَاعِي

    عَصَافِيرَ عاشِقَةً

    ما كانت الأرضُ حين قلتَ: تُشْبِهُكِ الأرْض..؟

    ما كانَ العُشْبُ في طلائعِ الحَرَج...؟

    ما كانتِ الرِّيحُ في أردافِ صِبْيَةٍ يَفْقَأُونَ نَهْدِيَ بالبَذَاءَة

    نَهَارَ انْكَشَفَتْ عَوْرَةُ الحنان

    وتَشَرَّدَ عُرْيُنَا في وَرَقَةِ التُّوت...؟

    ما كُنَّا إذْ سَالَتْ رعشةٌ على الوَصْف

    سَلَّخَتْ عَنِي وِصَايةَ الكلماتِ

    فَاْنْدَعَجْتُ نَوَاة ً

    ضئيلةً

    مُتَغَابِيَةً

    تَشُبُّ في لُهَاثِك....؟.

    (11)

    ما كنتُ

    حين دَحْرَجْتُكَ كَيْدَاً في كهنوتِ عُزْلاتِي

    واْنْتَدَبْتُكَ جرحاً

    في حاجتي لِجُرْح...؟.

    (12)

    يا ابْنَ اْلْتِهَابِ ندائي

    أبوابُ الكَثْرَةِ تُجَفِّفُنِي

    تَحْشُو العَالَمَ في عينِي بالحقارة

    (ليستقيمَ أن أكتبَ عنه)

    مَمَرَّاتٌ صَدْرِي تَغْلُظُ في العابرين

    تنفرطُ

    بلاداً

    من العَيْب.

    أغنياتي قليلةُ الحيلةِ تترفَّع

    (وحتَّى مكائدَ الأمل الصَّغيرة).

    (13)

    لِمَ سَقَطْتَ وَحْدَكَ في السِّرّ

    عَلَّقْتَنِي أعْلَى وَجْهٍ خِلْتُهُ وَجْهِي...؟.

    (14)

    كيفَ شَرَّخْتَ في أصَابِعِكَ قبائلي

    وأَشَرْتَ هناكَ

    لزَمَن ٍ لقيطٍ

    (تَلامَسْنَا في نَفَايَاهُ

    وخِفْنَا)

    اعْتَرَكْنَا في ضَلالِهِ على التَّوْبَةِ والغُرور.

    (15)

    أنا خَلْفِي

    وخَلْفَ أنَاي

    مَنْ كانت قبلَ صرخةٍ ـ أنا


    وسُلالاتُكَ في أثَرِى ألْسِنَةٌ رَطْبَةٌ

    تَعَرَّقَت في شُقُوقِي

    أَرْضَعَت الخُشُونَةَ والموَدَّةَ في رَحِمِي

    وحَوْصَلَت النَّارَ حَوْلِي

    في الأبد.

    (16)

    أغصانُ ليمونةٍ زانِيَة

    ـ نواياي ـ

    حبَّاتُ قمح ٍ في وَطْأةِ تَنَاسُلِهَا

    مُتَهَيِّجَةً ولَزِجَةً

    تَنْفَلِتُ تحتَ ثِقَلِ العابرين طُرُقاً مجَّانيَّة

    ومَضَائق

    ولَكَ منها

    تبقَّى في فِراشِي خَجَلٌ صغير

    سُلَّمٌ

    من

    النَّدى

    يَدُلُّ وَرْدَكَ إلى لَحْمٍ تَحَزَّزَ بين قَوْسَين.

    (17)

    عَرْشُ بِتِلاَّتٍ ضائع

    يتدلَّى من اسْمِي كمسيح ٍ مأجور

    وطبائعي مَلْسَاءُ

    مالحةٌ

    ضافرةٌ

    لا يحرسني من فَضَائِها السَّامِّ

    أدنَى تَكَهُّن.

    (18)

    دماملُ في سريرتِي تتمطَّى في الوَخْز

    تتَّسِعُ لكذا ثقبٍ أضْيَقَ من أن تَمُرَّ عَبْرَهُم حَيَاة ٌ ماكرة

    أُثَابُ بالحُمْقِ

    أَحَايِينَكَ

    كُلَّهَا

    ولا غَريمَ لي.

    (19)

    معابدُ تَفُلُّ أسرابَ الحنان

    معابدُ ثقيلةٌ تَدُسُّ رُعَافَها

    أناشيدُها هسيسٌ لئيمٌ يزحفُ في إنكارِي

    ترانيمُها ولائمُ شَتَّى مِن عصبي

    تَجُرُّنِي إلى صباح ٍ مسكينٍ

    تَلْدَغُ عقارِبُهُ بسهولةٍ عَصَافِيرَ دَمِي.

    (20)

    أهذا ـ وَحْدَهُ ـ انْسِلالُك

    وهؤلاءِ ـ جَمْيعَهُم ـ خَاصَّتِي...؟

    (نُشَارَاتُ صبرٍ تنفذ.. طقسٌ لا يتحدَّد.. رجاءٌ أحدب.. أعرافٌ شيطانيَّة تَشْتَاطُ في الأثر.. مَجَرَّاتٌ تستقيل.. أشياءٌ إلى اللاَّشَيء.. عطايا ثَرَّةٌ تَضْحَك.. عطايا أَخَذْتُها إلى تصديقي.. نُدْبَةٌ مأهولة.. مغفرةُ الكائناتِ البخيلة.. مُتَلازِمَاتُ التوقُّع.. آفةٌ في الشُّرُوع.. آفةٌ في المصدر.. في المُشَاهَدَة.. أتاوات العمى.. كِلْسٌ في العِطْر.. عطرٌ يَنْصَبُّ على المكان.. مَزَايَا أنْ لِي قلباً.. إثْمٌ في أنْ أتذكَّر.. إثْمٌ في أن أُحْرِقَ ما تَذَكَّرْتُه.. أبوابٌ معلولة..

    أبوابٌ

    خروجٌ إلى أين...؟).

    (21)

    في الشَّارِعِ الذي نَجَا من النَّدَم

    بظِفْرِ أُغْنِيَة

    كتبتُ اسْمِيَ الغامِضَ

    هناك

    حيثُ اليُتْمُ بَارِعٌ ـ كَأُمّ

    والحَصَى بيتٌ باردٌ

    ومؤكَّد

    عَرَفْتُ غَمَرَاتٍ

    نُدَفَاً مُتَحَوِّلَةً

    سَأَكُونُها

    تِبَاعَاً.

    (22)

    في ضَرَاوَةِ السُّقُوفِ الخَفِيضَة

    حيثُ

    لا يَرْدُمُ

    العُوَاءَ

    إلاَّ العُوَاء

    فَرَّقْتُ ميراثي على قبائلي الميتة:

    شُمُوسَاً ناضبةً ودهاليزَ إلى البحر.

    (23)

    كَوَّرْتُ صَوْتِيَ ـ الأعلى قليلاً ـ مِن حِكْمَةِ الخوف

    صرختُ:

    يا أُلْفَةً بَيْضَاءَ

    تَعَالي

    مَرَّةً

    عاريةً

    وحيدةً

    ممكنةً

    وعَاجِلِينِي.

    (24)

    اتَّبَعْتُ أوصافَكَ المُنَكَّسُ نِصْفُهَا في العَمَى

    أُجْفِلُ وأَتَبَاهَى

    مِشْيَتِي

    التي

    تَضُرّ

    وخرائطي

    نِقاطٌ سَفَكَتْهَا المداراتُ

    انتهيتُ إلى أجِنَّتِكَ المطمورةِ بأرْحَامٍ سرِّية

    انتهيتُ أبواقاً تَخْرُج من رئاتِكَ الحجريَّة

    تتنفَّس أَهْوَالِي

    وتَصَاهَلَ في دَمِي

    ما بَدَا كعُجُولٍ خَرْسَاءَ تَقْتَفِيك.
                  

06-12-2008, 06:34 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو (Re: هشام آدم)

    _____________________

    من مميزات سارة حسبو الشعرية التي أغفلتها الدراسة النقدية:

    1 ) النفس الروائي في شِعرها
    2 ) النفس الطويل
    3 ) السخرية المُبطّنة(أدب العبث)
                  

06-12-2008, 06:41 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو (Re: هشام آدم)

    __________
    * أي مآخذ أو تقصير في الدراسة يعود إلى شح النصوص التي بين يديّ للكاتبة
                  

06-12-2008, 07:47 AM

zumrawi

تاريخ التسجيل: 08-31-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو (Re: هشام آدم)

    العزيز الدكتور هشام ادم
    لمن اجى بى رواقة واقرا كلامك ده بهديك التحايا
    ومجرد الفكرة يحتاج الوقوف والتحية
    ارقد عافية والتحية للعزيزة سارة حسبو
                  

06-12-2008, 08:27 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو (Re: zumrawi)

    _____________________

    Quote: العزيز الدكتور هشام ادم

    أخوي : زمراوي ...

    أضان معتصم محمد صالح ما تسمع بس دكتور شنو يا حبيبنا، وبعدين كلامك ده زكرني برسالة جاتني من كام يوم كده من (بنك المعلومات العربي) برضو بينادوني فيهو بـ(دكتور) دي ، أنا لمن أتوهمت، بس بيني وبينك حلوة شديد وعاجباني وربنا يسهل ونوصل ليها. شوف نص الرسالة الباعتينها لي الجماعة ديل:

    Quote: fromمرام الهرش
    [email protected]

    dateWed, Jun 11, 2008 at 1:29 PM
    subjectبنك المعلومات العربى
    mailed-byhotmail.com

    hide details 1:29 PM (20 hours ago) Reply

    السيد الأستاذ الدكتور / هشام آدم

    تحية طيبة وبعد ،،،

    يتشرف بنك المعلومات العربى " اسك زاد " ، بدعوة سيادتكم لنشر مؤلفاتكم وأعمالكم الفكرية على موقعه www.askzad.com ، لتكون أحد المكونات بمكتبته الرقمية باعتبارها أكبر مكتبة رقمية الكترونية في الشرق الأوسط . وذلك بموجب عقد بينكم وبين مؤسستنا وهو عقدغير إستئثارى ؛ مرفق لكم نسخة منه .
    كما نتشرف بدعوتكم للدخول الي موقع البنك للإطلاع على محتوياته و تقييمه
    مع خالص التمنيات لكم بدوام التوفيق ،،،

    الشركة المتحدة لنظم وبرامج الحاسبات الآلية
    العنوان : جمهورية مصر العربية ـ محافظة الجيزة
    6 شارع أنس ابن مالك متفرع من شارع شهاب بالمهندسين
    تليفون : 37620941 / 02 ( ثلاثة خطوط ) ،
    داخلي 501
    فاكس : 37622063 / 02.

    مسئولة علاقات الناشرين
    مرام فتحى
    موبايل:0123033645

    ________________________________________________________________
    اتصل بالأصدقاء باستخدام اتصال كمبيوتر إلى كمبيوتر -- مجانًا
    http://get.live.com/messenger/overview[/QUOTE]
    راجيك يا حبيبنا لمن ترجع بي مهلة، كتابات الزولة دي زاااتها دايرة ليها قراية بي مهلة

    تسلم يا حبيب
                      

06-12-2008, 08:07 AM

محمَّد زين الشفيع أحمد
<aمحمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو (Re: هشام آدم)

    رَائعٌ أنتَ دائمـًا يا صديقي / هشام ..

    ويَقيني أنَّ النَّقدَ دائمـًا

    مَا يُطَـوِّرُ الكِـتابةَ والكاتِبَ ،

    فَبِهِ يَعْـلَـمُ الكاتِبُ – غيرُ النَّاقِدِ – أينَ

    يَتَّجِـهُ نَصُّـهُ وإلى أينَ يسيرُ مِنْ لغةِ النَّقـدْ ،

    وكثيرٌ مِنَّـا لا يُحَبِّذهُ ويَعْتَبِرُهُ مَنْقَصَـةً في كتاباتِهْ ،

    وكثيرٌ مِنَّا يَخْلِـطُ مَـا بينَ النَّقْـدِ

    وتَخْطِئةِ العملِ الأدبيِّ أوْ كاتِبِهْ ..

    وكثيرٌ منَّا يَراهُ دراسةً أكاديميَّةً

    بحْتَة لا إبداعَ فيها ،

    وأنا أذهَبُ مع كثيرينَ في أنَّهُ – أيْ النَّقد – أجمَـلَـهُ

    ما كانَ إبداعـًـا قُحـًّـا وخالِصـًـا ..

    وأقُولُ دائمًـا – وأعلمُ أنِّيَ لَـسْـتُ بناقِـدٍ - :

    " أنَّ النَّـقْـدَ مـِرْآةُ النُّصُوصِ وميلادُ الكتابة " ..

    وكما ذهَبَ بعضُهم مُمَثِّلًا النَّقدَ والكِتابـةَ

    بجناحَيْ طائرٍ ، والطَّائرُ كما تعلمُ يا صديقي

    يَقَـعُ عندَ فقدِ أحَـدِ جناحَيْهْ ..

    فشُكْرًا لكَ ناقِدًا مُبْدِعـًـا ..


    هذا ولكَ احترامي أبدًا ..




    أخوك / محمَّد زين ...
                  

06-12-2008, 09:13 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو (Re: محمَّد زين الشفيع أحمد)

    ____________________

    صديقي العزيز : محمد زين

    لحقبة ليست طويلة، كان الكثيرون يظنون أنّ النقاد عملية مغازلة للكاتب لا أكثر ولا أقل، ليدخل النقد بعدها في مرحلة جنينية مظلمة جداً من انعدام الملكة النقدية الأولى وهي في رأيي (الموضوعية) فظهرت نماذج من النقد المشوّه والذي كان في أغلبه يناقش كاتب النص وليس نص الكاتب، وتم شخصنة النقد في تلك المرحلة إلى حقب طويلة، وغياب المؤسسات الأدبية والثقافية في تلك الفترة ساهم في إطالة عمر تلك المرحلة الجنينة، حتى خرج النقد من نفق الجنينية إلى نفق آخر أشد خطورة وهي الشللية والتحّزب أو ما أسميه أنا بنقد المغازلة.

    ولقد قلتها في أكثر من موضع، وأقولها الآن، أنا لست بناقد، استناداً على مفهوم النقد المنهجي والأكاديمي، ولكنني أرى أن التعريف المبسّط والحقيقي نسبياً للنقد هو (إجادة القراءة، وإمكانية التعبير عن ذلك من خلال الكتابة النقدية) يجب أن يتم تناول النصوص الجيدة بالنقد، بل يجب أن تتفاعل حركات النقد أكثر فأكثر ليتم تمحيص الجيّد من الغث في الساحة، ولكي يُعطى المبدعون حقهم في الانتشار لدى أكبر قدر ممكن من المتلقين.

    أنوي أخذ الإذن من الكاتبة في نقل قصائدها أو بعض منها إلى مكتبات ومدونات ومواقع عربية، حتى يتعرّف القارئ العربي على ما لدى الكاتب السوداني من موهبة لغوية وشعرية، وهذا أعتبره حقاً من الحقوق الطبيعية للكاتب بالتأكيد، وليست منحة أمنحها لها.

    كن بخير يا عزيزي ، وأشكرك على المرور ، وعلى التعليق
                  

06-12-2008, 09:18 AM

NGABY AJOOZ
<aNGABY AJOOZ
تاريخ التسجيل: 10-14-2003
مجموع المشاركات: 1997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو (Re: هشام آدم)

    الاستاذ الحبوب هشام ادم التحية ليك
    اولاُ: دراسة جميلة وعميقة بس لو تكرمت تعريف القارئ بالاستاذة سارة حسبو
    يجهلها الكثير وانا منهم لك التحية ولها المقام
    تشرفني جداُ كسوداني يحترم اخاه السوداني هذه الرسالة التي ارسلت اليك


    Quote: fromمرام الهرش
    [email protected]

    dateWed, Jun 11, 2008 at 1:29 PM
    subjectبنك المعلومات العربى
    mailed-byhotmail.com

    hide details 1:29 PM (20 hours ago) Reply

    السيد الأستاذ الدكتور / هشام آدم

    تحية طيبة وبعد ،،،

    يتشرف بنك المعلومات العربى " اسك زاد " ، بدعوة سيادتكم لنشر مؤلفاتكم وأعمالكم الفكرية على موقعه www.askzad.com ، لتكون أحد المكونات بمكتبته الرقمية باعتبارها أكبر مكتبة رقمية الكترونية في الشرق الأوسط . وذلك بموجب عقد بينكم وبين مؤسستنا وهو عقدغير إستئثارى ؛ مرفق لكم نسخة منه .
    كما نتشرف بدعوتكم للدخول الي موقع البنك للإطلاع على محتوياته و تقييمه
    مع خالص التمنيات لكم بدوام التوفيق ،،،

    الشركة المتحدة لنظم وبرامج الحاسبات الآلية
    العنوان : جمهورية مصر العربية ـ محافظة الجيزة
    6 شارع أنس ابن مالك متفرع من شارع شهاب بالمهندسين
    تليفون : 37620941 / 02 ( ثلاثة خطوط ) ،
    داخلي 501
    فاكس : 37622063 / 02.

    مسئولة علاقات الناشرين
    مرام فتحى
    موبايل:0123033645

    ]
                  

06-12-2008, 11:34 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو (Re: NGABY AJOOZ)

    _____________________

    الأستاذ الفاضل : خضر عبد الغفور

    تصدق لو قلت ليك إني شخصياً ما بعرف الأخت : سارة حسبو، وكل البعرفو عنها إنو اسمها ( سارة محمد حسبو) وتقيم حالياً في الخرطوم. للأسف مصادر معلومتها الشخصية شحيحة جداً على الإنترنت، وأتمنى أن تكون الأخت سارة تقرأ هذا الكلام الآن ، حتى تبدأ في التوثيق لكتاباتها ولنفسها كذلك وذلك بعمل مدونة شخصية على مكتوب مثلاً ، ومحاولة الاسهام الفاعل في المنتديات والمنابر الثقافية حفاظاً على حقها الأدبي، وكذلك حقها في الانتشار لأن كتاباتها تستحق فعلاً النشر والتداول. أتمنى أن تجد نداءاتنا هذه الاستجابة السريعة من الأخت سارة حسبو، ولك كل الشكر أخي خضر عبد الغفور على التنويه لهذه النقطة الهامة
                  

06-16-2008, 08:27 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو (Re: هشام آدم)

    UP
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de