ظهور المادية الجدلية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 02:44 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-02-2008, 09:14 AM

zumrawi

تاريخ التسجيل: 08-31-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ظهور المادية الجدلية

    ظهور المادية الجدلية



    عبدالله خليفة

    لم يكن لدى الفلسفات الغربية وهي تخرج من العصر الوسيط الديني المسيحي سوى الاعتماد على فلسفة أرسطو مادةً ومنهجا، وكانت التطورات الصناعية والتحولات المختلفة تدفع العلوم نحو استيعاب مختلف للحركة، وقد قام ديكارت ونيوتن بطرح مفهوم جديد للحركة هو الفلسفة الميكانيكية، وقد رأينا الفلسفة العربية الإسلامية السابقة وهي تستعين بمنهج أرسطو ذاته ورؤيته لفهم الحركة فكان أقصى جهد لها هو فهم حركة الأجسام في المكان.

    ولكن الأدوات والمعلومات التي توفرت في العصر الأوروبي الجديد، التي قام بها غاليلو وكوبرنيكس وغيرهما من العلماء أتاحت فهم حركة الكواكب والشمس بطريقة مختلفة عن السائد في العصر القديم، مما جعل ميكانيكا فهم الأجسام الكبيرة تسيطر على الوعي العام بالحركة. وقد تمظهرت هذه لدى نيوتن بقوانين الجاذبية. وحددت هذه الفلسفة ميكانيكا الأجسام عموماً حيث الحركة في المكان- الزمان تقوم على قوانين مادية محضة، أي قوانين من داخل المادة، ولكن الداخل هنا بمعنى حركة الأشياء، فظل التناقض المادي الجسمي الخارجي الآلي هو المسيطر على فهم هذه الحركة الأبدية العامة، لكن كان لا بد من وجود مصدر لظهور هذه الحركة فكان الإله. وهنا تتآلف الفلسفة الميكانيكية مع الدين بإعطائه إشارة خلق الساعة الكونية، وتوقيتها، وربما إنهائها، لكنها كذلك تفصل الحركة عن عمليات خلق الكون الغيبية، وأدى طرحها بأن الشمس مركز المجموعة الشمسية وتكون المجموعة من سديم، إلى توجه العلوم نحو إعادة النظر في المعطيات الفكرية الأرسطية بشأن مصدر الحركة وبشأن الطبقات السفلى من تاريخ الكون والمادة، وبالتالي يفتح الآفاق لقراءة الظاهرات المادية الصغرى والمواد والكائنات المختلفة.

    وهكذا فإن الفلسفة الميكانيكية وهي تنشئُ العلومَ الحديثة كانت تتعرضُ هي نفسها للزوال. فهذه الفلسفة الميكانيكية بتطبيقها على مجالات الحركة في أجسام أصغر، وظاهرات ذات تحولات مركبة كعمر طبقات الأرض وكيفية احتراق المواد وكيفية ظهور أنواع الأحياء لم تستطع أن تصنع إجابات علمية. كان تطبيقها على هذه الظاهرات يقوم على إرجاع عنصر التحول إلى عوامل خارجية وإلى غازات غير محددة، لكن تطورَ الصناعة الكبير كان يخضع هذه المواد المجهولة إلى الكشف، فغدت عوامل تحول المادة الفيزيائية والكيميائية تقوم على الذرات والجزيئيات الداخلية، وبدا يظهر أن المادة تتحول إلى طاقة والطاقة تتحول إلى مادة، وان قانون بقاء المادة قانون علمي أساسي.

    أظهرت الجيولوجيا أن طبقات الأرض لها تحولات طويلة وأنها لا تتوقف عن الحركة. المواد كعناصر محددة تكشفت وظهر لتكوينها ولتمازجها قوانين محددة. تم اكتشاف تطور الخلية الحية، وأن أنواع الأحياء نتاج تطور تاريخي طويل.

    إن كل أنواع الحركة هذه مغاير للحركة الميكانيكية وقوانينها، وكان ذلك يستدعي قيام فلسفة جديدة، تكشفُ الطبيعةَ المعقدة المركبة للحركة وأنواعها في كل أقسام العلوم الطبيعية والاجتماعية كذلك، والأخيرة قد دخلها زلزال التحول أيضا، وكان ظهور فلسفة جديدة يستدعي تفكيك الارتباط بين الفلسفة الميكانيكية والدين، ولكن أخذت المعضلة هذه تتعقد مع ارتباطها بالصراعات الفكرية والسياسية، حيث يلعب الدين التقليدي دوراً محوريا.

    إن كشف أنواع الحركة في الأجسام الطبيعية من داخلها، وهو أمر يتناقض مع الفكر الديني التقليدي حيث الحركات قادمة من الغيب، قد ترافق مع تفكيك السلطات الدكتاتورية الدينية والسياسية، فأخذ «الشعب» ينتزع السلطات وراح المنورون يجدون في البناء الاجتماعي قوانين تطوره الداخلية بمعزل عن المؤثرات الخارجية الغيبية.

    إن تركيز السلطة في البرلمان هو أشبه باكتشاف قوانين الحركة في المادة، والمادة هذه الكينونة المحتقرة من قبل الفلسفة الأرسطية والدينية السابقة غدت هي بؤرة الوجود.

    إن رؤية أسباب التحولات داخل المادة الطبيعية والاجتماعية والبشرية، كان يعني صراعاً طبقياً بين المنتصرين على الإقطاع السياسي- الديني الحاكم، فقد ظهر جناحان للمنتصرين، الجناح البرجوازي الذي آلت السلطة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية إليه، والجمهور العمالي الذي كان عليه أن يعمل بشكل شاق وفي ظروف متدنية من أجل أن تنتصر وتحكم البرجوازية.

    لهذا فإن هذا الانقسام الطبقي انعكس على فهم الحركة وفهم الفلسفة، وأخذت القوى البرجوازية تتحالف مع الأقسام الثقافية الدينية والمثقفين التقنيين من أجل إعادة صياغة الفلسفة بحيث تتوارى لغتها الثورية السابقة، ويتم كشف الحركة في المادة، من أجل أن تستمر العلوم الطبيعية والمصانع، دون أن يكون لهذا الكشف دلالات على الصراع الطبقي الدائر.

    بدأت هذه الحركة الارتدادية التقنية الفلسفية في البلد الذي انتصرت فيه البرجوازية أولاً وهو إنجلترا، فظهر جان لوك وديفيد هيوم وجون ستيوارت ميل وصاغوا فلسفةً تعتمد على إنكار وجود قوانين موضوعية في المادة، المستقلة عن الوعي، بل قالوا انه لا يوجد سوى الحس البشري وهو الذي يدرك، والعملية العلمية تدور في مجال هذا الحس فقط، وما هو خارجه ليس في بؤرة الوعي. وعضدت ألمانيا هذه الفلسفة لأسباب تاريخية، فالبرجوازية كانت متخلفة عن قريناتها في البلدان الأوربية الأخرى، وقد ساندت الإقطاع البروسي العسكري، فتأسست فيها فلسفاتٌ متضادة كثيرا، منها الكانتية ومؤسسها عمانويل كانت وهو نفسه العالم الذي اكتشف السديم في المجرة وطرح تصوراً لكيفية نمو المجموعة الشمسية، حيث ركز هو الآخر على كون المعرفة حسية بدرجة أولى، ولكنه أكد موضوعية المعرفة وطرائق الوصول إليها، دون الوصول الكلي للحقيقة لأنه ستبقى أجزاء من الظاهرات خارج الكشف. أما الفلسفات المادية والجدلية فقد تنامت هي الأخرى في ألمانيا، فظهر الجدل لدى هيجل، ولكن جدل هيجل مبنيٌ على كون الفكرة المطلقة أو الروح هي التي تقومُ بالحركة، فهي فكرة مطلقة غيبية لكنها في حركة تالية تتحد بالطبيعة وفي حركة ثالثة تتحد بالعقل، وهذه التحولات الثلاثة تشير إلى حركة الفئات الوسطى الألمانية عبر منظور هيجل المتواري، حيث تنفصل عن الفكر الديني والسلطة المطلقة وتتحد بالمادة الطبيعية والفكرية، ثم تتوجُ في العقل الذي هو أيضاً الدولة البروسية!

    إن الفئات الوسطى بالمنظور الهيجلي استطاعت أن تنفصل عن الدولة- الدين ولكن ليس بشكل كلي، فتتمظهر في حركة «الروح». وهذا أسلوب فلسفي يوناني وشرقي قديم. ولكن ما يهم هنا هو طريقة الروح في التحول عبر موقف أول الذي يتم تجاوزه في حركة نفي مضادة، لأن الروح تعيش حالة صراع وتناقض، فتحل حالةُ تركيبٍ وتجاوز للنقيضين في موقف جديد، ولكن الموقف الجديد يستتبع وجود تناقض آخر يؤدي إلى حركة جديدة وهكذا. هذا المنهج الجدلي كان اختراعاً ألمانيا، أي ظهر في حالة ألمانيا الإقطاعية المتخلفة عن برجوازيات التحول الكبرى، وفي وجود الفئات الوسطى التي لم تتشكلْ كطبقةٍ قيادية، ومن هنا فالجدل يظهرُ في شكلٍ ديني مثالي موضوعي، فهناك الفكرةُ المطلقة أو الروح وهي المعبرة عن الطبقات العليا المسيطرة، لكنها تلتحم بالطبيعة والمادة المعبرة عن الطبقات الشعبية، وفي هذا السديم الفكري الاجتماعي، المعبر عن حالة ألمانيا القلقة، تدور فلسفةُ هيجل، منهجها الجدلي ثوري، وغلافها الفكري محافظ، وبين الثلاثينيات والأربعينيات من تاريخ ألمانيا وأوروبا في القرن التاسع عشر، تنفجرُ ألمانيا وتنفجر فلسفة هيجل معاً!

    لم تحصل ألمانيا على فرصة تاريخية مطولة كي تشكل تحولها الديمقراطي، والبرجوازية تمشي في حضانة عسكرية من قبل الدولة، وجاء هيجل بجدله التحولي ليطرح منهجاً مهماً في فهم وتفعيل الحركة على مختلف الأصعدة، فانتقلت قيادة الحركة الاجتماعية إلى الفئات البرجوازية الصغيرة، ومنها ظهر فورباخ بماديته النافية لمثالية هيجل، وظهر اليسار الهيجلي، وهي قوى حاولت دفع البرجوازية لكي تنقض على الإقطاع دون فائدة.

    وهذا هو ميلاد الماركسية. تشكلت في لحظتها الأولية تلك كنقيض للطبقتين الإقطاعية والبرجوازية معا. أي اندفعت نحو العمال كملاذ أخير من الجمود السياسي الاجتماعي. وهنا كانت أشبه بصرخة سياسية أكثر منها علما. ومن هذه الصرخات سوف يرى لينين الماركسية. وهذه القضية ستبقى مشكلة كونية للبلدان المتخلفة عن البلدان المتقدمة ولرغبتها القومية الحادة في اللحاق بالمتقدمين.

    كانت عقلية «البيان الشيوعي» المكتوب من قبل ماركس وإنجلز تطرح تصوراً كونياً لقرون قادمة وليس لحل إشكاليات الصراع الطبقي الراهن في ألمانيا نفسها، فكانت ألمانيا بحاجة إلى تشكيل تحالف برجوازي- عمالي يبعد القوى الإقطاعية العسكرية المتطرفة عن السلطة وليس لإزاحة البرجوازية التي لم تكن تحكم!

    إن لغة المثقفين المنتمين للبرجوازية الصغيرة يسقطون هنا وعيهم السياسي التحويلي على الواقع الموضوعي فيطرحون مهمات غير ممكنة سياسيا، في إطار إيديولوجي مُسقط، وبطبيعة الحال يطرحون ذلك كصوت للطبقة العاملة، وهذا على المدى التاريخي صحيح، لكنه في الواقع الراهن غير واقعي، وتداخل المدى التاريخي واللحظات السياسية الراهنة، بمهماتها العملية الكبيرة، لا يتطابق ويتداخل بصورة جدلية، فهيمنة الطبقات العاملة تتم بعد قرون من التراكم السياسي والاقتصادي والثقافي لكنها كمهمة مرحلية غير ممكنة. وترتبت على لغة أقصى اليسار بمظاهرها الاجتماعية وثورتها هذه توجه البرجوازية الألمانية نحو أقصى اليمين، كذلك فإن ذهاب ماركس- أنجلز للعيش في إنجلترا أضفى على لغتهما الثورية العاطفية الألمانية بعداً أكثر موضوعية، وبدأت عمليات الاكتشاف العلمي العميقة للرأسمالية والعلوم، التي حصيلتها كتب موسوعية مثل «رأس المال» و«جدل الطبيعة» وغيرهما، لكن الاستنتاجات ظلت في الإطار التاريخي العام وليس داخل صراعات البنى الرأسمالية الوطنية بمختلف مستوياتها وليس البحث كذلك في كيفية التغلب على الدوائر المتطرفة سياسياً وفكريا.

    إن انتصار البرجوازيات الكبيرة في الأقطار الرأسمالية الرئيسية تحقق بفضل انتصار أسلوب الإنتاج الرأسمالي وتوسعه العالمي وتدفق فيوضه على الفئات المالكة والوسطى، وأعطت ألمانيا نموذج الجمع بين الفكر الإقطاعي السابق والفكر البرجوازي التابع فكان الجمع بين أشكال الفكر الدينية والصوفية واللاعقلانية وبين أشكال من العقل والليبرالية المحدودة والمهيمن عليها وهي الثقافة البرجوازية- الإقطاعية الهجينة التي ترتبت على قيام البروسية البسمركية في السيطرة على البرجوازية الخاضعة. ومن هنا رأينا ألمانيا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وهي تتخلى عن الجدل الهيجلي وتروجُ فيها الكانتية والكانتية الجديدة والوضعية المنطقية والتجريبية. يقول جورج لوكاش: «إن جدل هيجل حين يحاول السيطرة على هذه المسائل في منظور تاريخي، هو ذروة الفلسفة البرجوازية. إنه يمثل أقوى مشروع حاولته للتغلب على هذه المعضلات الجديدة: محاولة صهر طريقة قادرة على ضمان الفكر الإنساني كاقتراب لا محدود وانعكاس للواقع بالواقع نفسه»، «تحطيم العقل، جزء 1، ص 76 - 77».

    إن مشروع هيجل يظل مشروع فئات برجوازية لم تتشكل كطبقة قائدة لعملية التحول، ولهذا هو مفكّكٌ بين منهج جديد وبناء تقليدي، وتخلي هذه الفئات عن الجدل واتجاهها للعلموية الوضعية، لكشف المادة الجزئية المحدودة المنقطعة عن قوانين بنية المادة الطبيعية والاجتماعية، فهي هنا تمثل البرجوازية التي تدير المصانع المحتاجة للتقنية، في حين أن اتجاهها للاعقلانية والصوفية وفلسفات الحياة هي للسيطرة على الوعي العام وإدارة الدولة والمجتمع، وهذا الانقسام بين وضعية علموية تجريبية وكانتية وبين فلسفة الحياة المتجهة للفاشية، جانبان يتكاملان يعبران عن هذا التزاوج الإقطاعي- البرجوازي وقد تحول إلى طبقة سائدة ذات أصول بروسية عسكرية وبرجوازية نهمة للاستيلاء على المستعمرات.
    المصدر
    http://www.assuaal.com/essies/essies.130.htm
                  

06-04-2008, 09:03 AM

zumrawi

تاريخ التسجيل: 08-31-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ظهور المادية الجدلية (Re: zumrawi)



    الاستقطاب والاستقلالية
    الرساميل العائمة لغة العولمة

    علاء هاشم مناف
    إن التطور الرأسمالي وما يتعلق به من مفاهيم ومن سمات تميزه عن باقي الأنظمة الاجتماعية بشروطه الحتمية وبديناميته المتفردة وهي القدرة علي التجاوز لكل العوالق المتناقضة التي تفصح عنها من خلال حدود ذلك التناقض، وهنا تأتي القدرة علي اتساع عمليات التناقض وهي فاصلة زمنية دقيقة تعبر عن الفجوة التي يتركها التطور الرأسمالي كمحور وكنظام يظهر من خلال مرحلة تاريخية بعينها تخوضها الانسانية. ولم تعرف عنها الانسانية حدوداً قبل نهاية الانسانية. ان الوقوف بوجه الهجمة الرأسمالية العالمية يجب قبل هذا ان نفهم التحديات المعاصرة التي تقودها الرأسمالية العالمية وما تفرزه من تحديات وتناقضات داخل الحياة الاقتصادية والاجتماعية وهو الهدف من الهجمة الرأسمالية باعتبارها قوة فاعلة الان في العالم نتيجة الاستقطاب الحاصل في مركزية العولمة الرأسمالية.
    كذلك مستوي التطور المادي بين مركزية النظام الرأسمالي وما يتعلق بأطرافه وهو الكشف الذي اشاره (كارل ماركس) في عملية الاستلاب السلعي لانه المحور الذي يتعلق باستحكامات اعادة انتاج المنظومة الاجتماعية وليس جانبها الاقتصادي اضافة الي هذا، تقوم الرأسمالية بتحويل القوانين الاقتصادية الي قوانين عملية تفرض نفسها من خلال مسوغات غير مشروعة تحكم بها المجتمعات الحديثة وكأنها قوانين افرزتها الطبيعة داخل حركة الوعي الاجتماعي واخفاء التاريخانية الاقتصادية التي ميزت الرأسمالية العالمية بسبب هشاشة الانسجة الاجتماعية وعدم استقرارها من الناحية العضوية، وان الاعادة للانتاج الاقتصادي لا يحقق التوازن العمومي علي الاطلاق، فالرساميل تفرض عملية اللاتوازن عبر الرأسمالية كنظام عالمي ينتقل من مرحلة الي مرحلة داخل حلقات الصراع الطبقي، والازمات الحاصلة في العالم اقتصاديا وسياسيا وثقافيا راجع الي نتيجة اللاتوازن بحكم التطور الرأسمالي، وعلم الاقتصاد لا يستطيع كشفها لان النظرية الرأسمالية لا تتميز عن تاريخانيتها ولا تنفصل عن الحلقات الاخري كما قلنا في السياسة والثقافة وبالمنطق الاقتصادي، فمركزية الاستقطاب للعولمة الرأسمالية ومستوي تطورها المادي داخل مركزية النظام الرأسمالي العالمي الان وما تشكله اطرافها من انهيار ونهوض، فالظاهرة العالمية للتاريخانية الاقتصادية وما يشكله التاريخ البشري في هذه اللحظة من فوارق خلال القرن الحادي والعشرين بعد ان تجددت البداية في القرن الماضي وهي درجة من اللاتوازن خلاف ما عرفته الانسانية في تاريخها، وان ظاهرة التطور المتسارع للمجتمعات لما بعد الرأسمالية، هي طفرة نوعية في الصراع الطبقي افرزه القرن العشرون والقرن الحادي والعشرون وما تم تحديده من فروقات من ناحية اللاتوازن في الرأسمالية العالمية ومن الناحية التاريخية باعتبارها نظاماً اقتصادياً واجتاعياً مليئاً بالتناقضات الخاصة لنظام ايل للزوال داخل منظومة من التناقضات بين الرأسمالية والعولمة بالتحديد تلك التي تلازمت مع عملية الاستقطاب التي يمكن تجاوزها وفق اشكال يتعلق بالاستقلالية الفكرية والسياسية والاجتماعية والثقافية. وان قلب القانون المنطقي في الاقتصاد ذلك بتحويل الوسائل الي غايات من خلال حصر قانون (الربح والتراكم) هذا القانون قد انتج عكسية من الفوضي واللاتوازن وهدر في جانب الطاقة البشرية وفوارق كبيرة في قوة غير متوازنة في التوزيع للخيرات،

    شروط التطور
    وهذه الخاصية للخيرات قد انتجها القرن التاسع عشر فأصبحت الفجوة كبيرة بين حالة التطور داخل اشكاليات ابستمولوجية وبين حالات من التطورات الفعلية، وبالمحصلة كانت هذه الفوارق معدومة جدا، فشروط التطورات الرأسمالية هي ضرورية لتحقيق انعطافة في الطاقة التي شهدناها سابقا وهي التي استمرت علي هذا المنوال الا ان استمرارها علي هذا النهج الان لاينتج الا مزيدا من الفارق في هدر الطاقة الانسانية، ووفق هذا الاشكال القانوني للافعال التي ينتجها التراكم الرأسمالي رغم ان المرحلة الرأسمالية هي مرحلة عبور تفاصيل التاريخ لا نهاية لها اذا لم يكن لهذه المرحلة الاقتصادية في التاريخ حدود واضحة سوف تحدث داخل الانسانية فجوة كبيرة تدمر الكيان الذاتي، والقرن الواحد والعشرون هو حدود هذه القضية من الناحية المركزية. ان اقتصاد التنمية بالنسبة الي الأطراف لا يمكن ان يكون فاعلا الا اذا كان اقتصادا سياسيا تنمويا له الاستخدامات الواسعة والمفتوحة علي الجدلية المادية التاريخية لتفصيل الماضي والحاضر وكانت داخل هذه الجدلية المادية التاريخية والتي امتدت من العام 1914 الي العام 1945 بين الولايات المتحدة الامريكية والمانيا لتقسيم التركة البريطانية من الميراث، وكان اللحاق بالاتحاد السوفييتي هو الهدف الرئيسي، وكان لمفهوم التنمية عند المنظومة الاشتراكية السابقة هو مفهوم نقدي للرأسمالية ومضامينها الاقتصادية ومفهوم التنمية يتركب من القوي الاجتماعية التي من مصلحتها ان تحقق مشروعها الاجتماعي وفق نظام اقتصادي متوازن وهذا ادي الي قيام مشروع نضالي قادته الشعوب الفقيرة لاقامة توازنات خاصة بالشعوب الخاضعة للاستغلال والهيمنة، وهذا التوازن اقتضي ثلاث عقود من الناحية التاريخانية تخللها حربان عالميتان وثورتان (روسية وصينية) وأزمات عميقة في مرحلة الثلاثينيات بعد صعود الفاشية واندحارها اضافة الي فاصلة تاريخية في سلسلة من المذابح الاستعمارية تجلت بحروب التحرير في الاطراف. لقد كان للتنمية في القرن العشرين مشروع انهيار كبير فتحت الرأسمالية حلقات التراكم المنساب ابتداء من العام 1968 حتي العام 1971 وكان يعاني النظام الرأسمالي ازمة بنوية تتعلق بكيانه، وكانت سابقة له في القرن التاسع عشر متعلقة بمعدلات التوظيف والنمو حيث انخفضت بشدة الي النصف لما كانت عليه، وهناك ازدياد في نسبة البطالة وارتفاعها في قياس اللامساواة في العالم الرأسمالي التي كانت نسبتها من 1 الي 20 في العام 1900 ونسبة 1 الي 30 في العام 1945 ثم الي نسبة 60 في مرحلة ما بعد الحرب. اما اليوم فقد ارتفعت بشكل خيالي حيث شكل البشر الاكثر غني في العالم وقد ارتفعت النسبة من 60% الي 80% من مجموع الانتاج العالمي خلال القرن الماضي في حين انهارت النسبة للاكثرية الساحقة في شعوب الجنوب او الاطراف الخاضعة الي التكيفات الهيكلية الوحيدة الجانب وشعوب الشرق حصرا الي كارثة في اساليب الاقصاء والافقار.

    البرمجة الاجتماعية
    الازمة الان مبنية علي انقلاب في علاقات القوة العامة لصالح الرأسمال، بالمقابل تبرز مجددا الليبرالية لتحتل المواقع المتقدمة في انسجة هذه المجتمعات، والازمة الحالية في العالم تعبر عن حلقاتها التاريخية وعن نفسها من خلال الناتج الربحي الذي صنعه الاستغلال وفق منافذ كافية للتوظيف الربحي وهو القادر علي تطوير تلك الطاقة الانتاجية وهي التي تقتضي الادارة الفعلية للازمة وهنا يجب ان تنوجد المنافذ لهذا الفائض من الرساميل العائمة وهي الطريقة التي تحفظ عملية التدهور السريعة للقيمة المفروضة، وان الحل لهذه المعضلة هو المباشرة في تحقيق قدر من التقدم الاجتماعي الذي يعمل ويتحكم في توزيع الدخل وتنظيم عملية الاستهلاك وفق قرارات التوظيف التي تعمل علي انشاء سلم اجتماعي يقوم ببرمجة اجتماعية اخري تقوم علي تنظيم الدخول وفك الطوق الكبير والمتدهور للازمة، لان ما قامت به الادارة الاقتصادية وهي الازمة لعدم التوازن في الدخل أدت الي الغاء الضوابط والقوانين واضعاف الرقابة النقابية وتحرير الاسعار والاجور وفتح الباب علي عمل الخارج بعد تقليص الانفاق العام، وهذا راجع الي الاقتصاد الليبرالي الذي اصيب بالوهم وأدي الي غلق الباب امام دائرة من الركود الاقتصادي والفشل في الادارة العامة للعولمة لانها قد ضاعفت تلك الازمات واصبح التحكم بهذه الفوضي الليبرالية وهو الهذيان المستمر في اللاتوازن، فالعولمة الرأسمالية هي التعبير عن الازمة المستشرية داخل حقيقة تلك العولمة اليبرالية صاحبة الفائض الهائل من الرساميل العائمة وصاحبة الناتج الفعلي لهذه الرساميل الخاضعة لآليات الربح المتفرد ومن نتائجه:
    1 ــ تحرير الناتج لربحي بشكله المطلق ادي بالرساميل العالمية باعتمادها علي صنع التبادلات العائمة مستندة في ذلك الي الفوائد المرتفعة والعجز المستمر في ميزان المدفوعات الرأسمالي (الامريكي حصراً) اضافة الي توريط دول العالم الثالث بالديون من خلال صناديق:
    أ ــ النقد الدولي. ب ــ البنك الدولي وتحرير التجارة الدولية وعمليات التخصيص للرساميل العائمة ومنحها منافذ للخروج في مضاربات مالية تقيها من مخاطر انخفاض قيمة (هذا الفائض من الرساميل واعطاء وجه آخر لرأسمالية ليبرالية تحصر تلك الفاعلية من الرساميل لتنفيذ شروطها التخريبية وهذا حاضر في تلك التقلبات الفجائية لاسعار الاسواق العالمية.
    والذي يصب في تفاصيل من الربح مقابل هبوط في عملية الاجور. ولفاعلية هذه الفكرة من ضخامة الفائض نسوق مثالا عن حجم التجارة العالمية كمقياس (فهو يبلغ سنويا حوالي ثلاثة آلاف مليار في حين ان حركة الرساميل العائمة تبلغ (من 80 الي 100 ألف مليار أي ما يقارب الثلاثين ضعفا، من هنا تتشكل الادارة الكاملة لهذه الازمة من قبل الرأسمالية العالمية بقيادة (الولايات المتحدة الامريكية) وهي الكارثة بالنسبة لشعوب العالم الثالث فهي المناسبة والاكثر جدية للرأسمالية العالمية في ازدياد عبثها باقتصاديات العالم النامي وقد نتج عن ذلك:

    إدارة الأزمة الرأسمالية
    1 ــ انخفاض في الناتج القومي لهذه الدول.
    2 ــ وقد شكل الكارثة بالنسبة الي الطبقة العاملة وشعوب الاطراف.
    3 ــ انخفاض في الدخل العام.
    4 ــ قساوة في التوزيع الاجتماعي للدخول والذي اخذ يتسارع بالصعود في كل ارجاء العالم في الوقت الحاضر.
    5 ــ وقد خلق في هذا الوضع الكارثي زيادة في الفقر والهشاشة والتهميش.
    6 ــ وبالمقابل قد انتج هذا الفعل اعداداً جديدة من اصحاب رؤوس الاموال.
    7 ــ واقترن هذا الفعل ببروز القطب الاحادي للعولمة وقد تمثل بالامبريالية الامريكية التي استطاعت الهيمنة علي مقدرات الشعوب، وقد تحقق هذا بالكشف الدقيق عن هذا النظام الامبريالي المازوم دائما بحقيقة التاريخ واحداثة المتطورة، وقد استوجب في هذه المرحلة التاريخية ان يخرج هذا النظام من حقله السياسي الي نمطية في الانتاج الرأسمالي وان يتصاعد في الانخراط في المرحلة الامبريالية داخل اطار المادية التاريخية الاوسع فهما للرأسمالية في بعدها الاوحد باعتبارها حقيقة عالمية الان وعدم تشخيصها واختزالها الي انها نمط انتاجي رأسمالي يتشكل علي هذا الكوكب والكشف الدقيق عن حالة التناقضات الاجتماعية بفروعها المتعددة داخل نظام العالمي الجديد. طالما ان المرتكز الاجتماعي يتحرك بدينامية العلاقات الاجتماعية التي تحدد الرأسمالي بالاستناد الي حالة التناقض المتعلقة بهذا النظام فهي التي تقوم بعملية التطور في ضوء التحولات التاريخية نفسها وهي جزء لا يتجزأ من المنهجية التاريخية للنظرية وان الخروج من هذا المنعطف يستوجب حالة التطور والنقلة النوعية في انماط الانتاج الرأسمالي وهذا جزء من مفهوم الاقتصاد السياسي الذي يتعلق بالمنهجية المادية للتاريخ، فالرأسمالية كحقيقة موضوعية عالمية لاينبغي اختزالها الي نمط من الانتاج الرأسمالي، فالتركيبة لتلك التناقضات الاجتماعية هي جزء من حلقة التمفصل في النظام العالمي، وحالة الخروج من ربقة المركزيات الأوربية او لحالة التوسع الرأسمالي التي تعم العالم المعاصر عبر الاندماج في حالة التدفقات المالية الدولية او التمويل الدولية وتاثير الاسواق المالية الدولية داخل حركة من التدفقات المالية الدولية، وان انعكاس هذا التأثير في ضخامة هجوم تلك التدفقات المالية علي المستوي الدولي وفي خضوعها الي التأثيرات التي تقوم علي أسعار الصرف واسعار الفوائد الدولية التي تقودها البنوك حيث يتاثر ذلك بمصادر التمويل الدولي اضافة الي التعدد في حركة التدفقات علي المستوي العالمي من خلال حركة الاسواق المالية وهي المصادر الرئيسية لهذا التمويل ومرونته في حركية الاندماج، فضخامة التدفقات المالية العالمية مثل (صندوق النقد الدولي) و(البنك الدولي) يترتب علي هذا الاندماج داخل ضخامة من التدفقات المالية اندماج في الاسواق العالمية لرأس المال العالمي والزيادة المستمرة في حركة التدفقات عبر السياسة، المالية المتحررة والانفتاح الذي يحدد عملية الاندماج وقد اخذت في التدفقات المالية وهي تتميز بالضخامة المالية في حجمها وسرعتها ومن ثم انتقالها داخل تلك الاسواق، ولم يشهد الاقتصاد العالمي مثيلا لهذه التدفقات وقد يتضح ذلك من خلال تلك الاحصاءات المالية للدول واخذ الصافي المالي وهو مؤشر خطير في هجوم تلك التدفقات وبمؤشر تلك الاندماجات علي ضوء المتغيرات الاقتصادية الدولية وان الكشف الحاصل لهذه الازمة لدول جنوب شرق آسيا وكوريا، الذي حصل في مرحلة الثمانينيات، هو ان (الصين) استطاعت ان تسخر العولمة لخدمة مشاريعها المتعلقة بالتنمية ولكن في اطار عملية وطنية وهذا ما حصل في كوريا كذلك هو خلاف ما حصل في جنوب شرق آسيا في العام 1990 بسبب ان كوريا ودول الجنوب الاسيوي كان انفتاحها علي عولمة الاسواق العالمية في حين ان الصين والهند كانا في بداية خطواتهما الاولي، وقد بدأ تدفق الرساميل العائمة والشمولية اخذت تدفعها الي ذلك تلك المعدلات في النمو وهي سمة مهمة تتناسب مع الجذب المتواصل لمعدل النمو الذي ارتفع بمعدلات متصاعدة في هذه البلدان، وقد أحدث هذا التدفق المالي والذي اخذ شكل الاستثمار التشكيلي لقيم الاسهم، اضافة الي التوظيفات التي تسارعت بدورها الي عملية التضخم بدل من التسريع في عملية التنمية، وهكذا تمخضت حالة التدفق العالمي للرساميل الي انفجار الازمة في التدفق المالي العائم، وكان القصد من كل ذلك هو الاستثمار الامريكي المالي والذي قدر في العام (1991) (8,11) بليون دولار الي (3,309) بليون دولار في العام (1997). وتعطينا هذا الزيادة في الرساميل العائمة في هذه البلدان النسبة المبينة للولايات المتحدة الامريكية في ان تجعل اليابان تابعة لها ومن ثم تفكيك النظام الانتاجي الكوري وجعله تابعا لها ولليابان وهذا شبيه بما اثارته هذه الازمة للمكسيك في حين اخذت البلدان الاخري عملية المقاومة عبر الاعادة لعملية الحساب والانخراط في العولمة المالية العائمة والعودة الي الرقابة السعرية للصرف مثل ما حصل في ماليزيا او من خلال عدم المشاركة في جدول الاعمال مثل ما حصل في الصين والهند وهكذا فقد انهارت الركيزة المالية للعولمة المالية العائمة مما اجبر مجموعة السبعة ان يغيروا التوجه نحو ستراتيجية جديدة في البناء المالي المتغير والخاضع للمتغيرات الاقتصادية الدولية.


    Azzaman International Newspaper - Issue 2986 - Date 5/5/2008

    جريدة (الزمان) الدولية - العدد 8692 - التاريخ 5/5/8002
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de