التحدي الذي يواجه مشروع الاتفاق الثنائي بين حزب المؤتمر الوطني وحزب الأمة الذي من المفترض ان يكون قد تم التوقيع عليه مساء أمس بدار حزب الأمة بام درمان يأتي من ناحيتين: الناحية الأولى تحويل الاتفاق من الثنائية للجماعية والتحدي الثاني هو المصداقية في الالتزام بالتنفيذ وسط تجارب سابقة.
الاتفاق ثنائي لا شك في ذلك وهو لا يعبر إلا عن رؤية الطرفين اللذين وقعا عليه وبنفس القدر فان الموضوعات التي تطرق اليها موضوعات تجمع على أهميتها كافة القوى السياسية لكن اتفاقهما على (رؤوس المواضيع) لا يعني موافقتهما على رؤية اي من الطرفين لطريقة التعامل معها، او مكونات معالجتها، وحزب الأمة له باع طويل من الاتفاقات الثنائية مع الجماعات الحاكمة من لدن اتفاق بورتسودان مع نميري وانتهاء باتفاق جيبوتي مع الإنقاذ وقد ظل يلدغ من ذات الجحر مرات ومرات وظل يصطاد ما يتوهم انه فيل ليكتشف انه اقل من ضفدعة وحزب الأمة يدرك ثانيا ان العبرة ليست في الاتفاق على العموميات ولكن العقبة الكبرى في التفاصيل التي اكتشف جون قرنق ان ألف شيطان وشيطان يسكن فيها، وحزب الأمة يدرك ثالثا ان حجته بانه شكل لجانا للتفاوض مع كافة القوى لا تقنع أحدا بقومية الاتفاق الذي تم التوصل إليه فلم يكن التفاوض في أي لجنة من اللجان التي شكلها للتفاوض مع القوى الأخرى لم يتسم بالجدية ولا بالاستمرارية بينما كانت مفاوضاته مع المؤتمر الوطني كانت على أعلى المستويات وجادة ومستمرة ربما لان الحزب وصل لقناعة بان حزب المؤتمر لانه يسيطر على السلطة فهو يملك اغلب أوراق اللعب، لكن (التراضي الوطني) الذي يرفعه الحزب شعارا لا يتحقق إلا بمشاركة الجميع، وحزب الأمة في أدبياته هو أكثر الأحزاب إدانة (للاتفاقات الثنائية) ورفضا للاعتماد عليها في حل الأزمات القومية ولكنه، أيضا، في ذاكرة الأحزاب الأخرى أكثر الأحزاب لجوءا للاتفاقات الثنائية ربما من فرط نشاطه وتعدد مبادراته ويصبح التحدي الذي يواجهه هو التوفيق بين الثنائية والجماعية ولو لم ينجح في مواجهة هذا التحدي فان الاتفاق الجديد سينضم إلى رتل من الاتفاقات الثنائية السابقة التي أصبحت جزءا من التاريخ.
التحدي الأخير الذي يواجه الاتفاق، حتى لو قبلته وباركته سائر القوى، سيكون في التنفيذ وعدم الالتزام بالتنفيذ والتلكؤ في التعامل مع الاتفاقيات ومحاولة الالتفاف حولها حتى لا تسدد مستحقاتها أصبحت صفة ملازمة لاتفاقات كثيرة وقعت ولم تنفذ حتى باتت هناك قناعة راسخة بعد تجارب طويلة ان الاتفاقات توقع لتوضع في الأضابير وان الدافع وراءها محض (تكتيك) لمواجهة ضغوط ظروف معينة وان الخروج منها يتم لحظة تجاوز تلك الضغوط.
سأكون شاهدا على التوقيع مساء الثلاثاء تلبية لدعوة حزب الأمة وسيتاح لي بعدها ان اطلع على تفاصيلها كما ستكون التفاصيل متاحة للجميع وأرجو ان تجد تقييما موضوعيا من الكافة لانها تأتي في وقت بات فيه البحث عن أرضية مشتركة يلتقي عندها جميع أهل السودان من اجل الانتقال إلى التنافس السياسي السلمي في ظل معطيات أساسية متفق عليها، بات ذلك كله أمرا سياسيا ليس لهياكل الحكم بل من اجل بقاء السودان نفسه امنا وموحدا.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
sultan
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست