مشكلة دارفور و تقرحات الجرح القديم: إذا استقامت الرؤية استقام المنهج و استبان طريق الحل

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 11:15 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-11-2008, 10:10 PM

Muhammad Elamin
<aMuhammad Elamin
تاريخ التسجيل: 09-21-2007
مجموع المشاركات: 901

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مشكلة دارفور و تقرحات الجرح القديم: إذا استقامت الرؤية استقام المنهج و استبان طريق الحل

    مشكلة دارفور و تقرحات الجرح القديم:
    إذا استقامت الرؤية استقام المنهج
    و استبان طريق الحل

    بقلم: أحمد كمال الدين


    و هكذا تستمر تقرحات هذا الجرح الوطني الغائر يوما بعد يوم، و شهرا بعد شهر و عاما بعد عام .. و يكاد التقرح يصيب ملكة الصبر بين ظهراني هذا الشعب في مقتل لولا رحمة من الله، و تشبث بأسباب الإيمان الفطري و اليقين الراسخ بأن مع العسر يسرا .. حتى و لو أصاب ذاك العسر - في أوساط القيادات و القواعد - مكامن الفهم السياسي و أسس الانتماء الوطني الحق .. و أي مصيبة تلك من بين المصائب!

    و لعل الأفدح من هاتين العلتين (بؤس الفهم السياسي و فقر الانتماء الوطني) اللتين أصابتا قطاعا واسعا من مجتمعنا المعقد التركيب، هو ما تفشى معهما من اضطراب في المعلومات: بثاً و استقبالاً و تفهماً و تحليلاً و استقراءا .. و هو اضطراب بعضه طبيعي و بعضه مصطنع، لكنه يؤدي في الحالين إلى ذات النتيجة المهلكة .. إلى قاعدة بيانات مضللة و مشوشة .. لا ينتج عنها في ظل العلتين المتقدمتين سوى الدمار و الخراب على الصعيدين المعنوي و المادي، و ذاك لعمري هو بداية الرحلة إلى الهاوية في أي أمة من الأمم.

    إن التمسك الظاهري بأهداب التاريخ الموروث، أو حتى بمقاليد القيم الموحاة المقدسة، لا يمكن له وحده – هذا التمسك الظاهري - أن يشفي غليل الحاجة الماسة إلى النهوض المشرب بالإيمان الصادق .. لأن الأخير هو سبب العبور المرتجى و سبب النجاة المبتغاة و الفوز المرام.

    إن الغياب الكبير لهذه المقومات الرئيسة في سبيل النهضة، صار يتمثل كل يوم في صورة من صور التمزق و الشتات و الفتوق التي أخذت من جسم هذه الأمة كل مأخذ، حتى كاد الجمع و اللمّ فيها و الرتق يضحي مستحيلا لولا الأمل في جبروت الخالق و عدله و رحمته، و التيقن من إمهاله دون الإهمال.

    لننظر، مثلا، للمشكلة السودانية في دارفور، و إلى آخر تداعيات هذا الجرح المتقرح الدامي المتغوّر كل يوم .. ثم دعونا نقدح فكرنا مع بعض الأسئلة المشروعة ..

    لنسأل، أولا، سؤالا بسيطا يكاد يبلغ حد السذاجة .. بعد أن نتأمل في الموازنة ما بين (تكاليف الحل) و تكاليف (استبقاء النزاع) بلا حل: هل تتمثل المعضلة في أن تكاليف حل قضية دارفور باهظة و فادحة بحيث يستحق الأمر تجنب هذا الحل و استمراء الكارثة برغم التفاقم المتسارع؟

    هلا قرأنا في ذلك تاريخنا القريب في هذه الألفية و قسنا تكاليف حل مشكلة جنوب السودان، أو على الأقل تكاليف وقف نزيف الدماء و الموارد و الأرواح في الجنوب؟ ألا يتفق الجميع بأن تكاليف الحل كانت عظيمة، و لكن عائدها المتمثل في إنهاء الحرب يستحق بذل تلك التكاليف؟

    و لنتساءل، ثانيا: أليس من سخريات المنطق أن يتم الاتفاق، بغض النظر عن أوجه القصور، على حل النزاع في جنوب السودان و بغير ما تجربة سابقة لحرب أهلية معاصرة غيرها، و بغير خلفية و ميراث مستدام في فض النزاعات سوى تجربة واحدة مهزوزة (1972 – 1983) .. ثم يتعذر، من بعد تجربة اتفاق الجنوب، و برغم كثرة المناداة حتى اليوم "بجعلها أنموذجا لإنهاء النزاع في دارفور و غيرها"، يتعذر تطبيق ذلك المثال على قضية دارفور؟

    ثم أليس عجيبا أن تنسب الحكومة هذه القضية ضمناً للحركات المسلحة فقط، من خلال تصريحات المسئولين بأن فلانا و فلانا لا يمثلون الإقليم، و أن فلانا و فلانا يطالبون بكذا و كذا، و أن فلانا و فلانا لا يستحقون كذا و كذا .. هذا النهج الشخصاني إذا جاز التعبير، أدى و يؤدي بلا شك إلى الفشل في مخاطبة القضية بما يعطيها حقها من حيث الحجم و الاستيعاب الشامل.

    إن الصواب في هذا الأمر هو النظر إلى إقليم دارفور و سكان إقليم دارفور بل و النظر إلى كل أطراف السودان جملة واحدة، و من ثم التقرير بشأن حقوق هذه الأطراف .. حيث تؤدي هذه الرؤية إلى تفكير آخر مختلف، بعيدا عن التراشق بأسباب العناد (و لحس الكوع) و معاني المعاداة الشخصية أو حتى المحاباة الشخصية ("فلان فارس") التي لن تؤدي يوما إلى تحقيق مصلحة وطنية أو إزالة ضرر وطني عام. و هي ذات النظرة التي مارستها القيادات السياسية في السودان عقودا تجاه رموز أهلنا في جنوب السودان، بتقريب البعض من هذه الرموز مقابل المغريات، طمعا في كسبهم سياسا، في رحلة ضيقة المسارات، بعيدا عن فضاء العمل الجماهيري ذي الكسب الأكبر و الوطنية الأوسع. فالعمل الوطني لا ينفع فيه معاداة الأفراد و لا محاباتهم، و لا حتى صياغة الخطاب السياسي باعتباره موجها لهم، سلبا كان ذلك الخطاب أو إيجابا.

    و لا ينطبق هذا على الأشخاص فحسب، بل ينطبق حتى على الأحداث. فمن الخطأ مثلا الحديث عن نتائج الاقتتال و الاحتراب الأهلي باعتبارها نصرا أو هزيمة .. لأن الاحتراب الأهلي كله خسارة، بل هي خسارة مركبة، تصيب الموارد المادية (مالا و عتادا)، كما تصيب الموارد المعنوية (فرقة و شتاتا و تمزقا للشمل الوطني) .. و من الخطأ الركون إلى (جزئيات) قضية شاملة و اعتبار هذه الجزئيات هي القضية .. مثل قصة المثل السوداني عن الطعن المصوب إلى ظل الفيل و الفيل قائم باقٍ .. و عندما انطلقت التصريحات الرسمية في أعقاب أحداث العاشر من مايو المؤلمة وطنياً تتحدث عن انتهاء المشكلة "تماما" تمنى المرء أن يكون الأمر ضَعفا في اللغة، لا ضعفا في فهم المشكل الوطني، الذي بلا شك دخل مرحلة أكثر استفحالاً من ذي قبل، ناهيك أن يكون حله قد حان، أو قد اكتمل .. "تماما" !

    لابد لنا ألا نتقزَّم فنرى التاريخ قزما، أو نصغر فنرى المشاكل صغيرة و نكتفي بالطموحات الصغيرة .. فالقضية إنما هي قضية وطن، و هذا الوطن من الأوطان العظيمة التاريخ، العظيمة الميراث، و لابد له من قامات طوال، و همم عليا، و فكر وثاب.

    إن المشكلة في دارفور ليست الدكتور خليل إبراهيم، أو عبد الواحد محمد أحمد النور، أو غيرهما من قادة الحركات المسلحة، و لم و لا يدعي أي منهم بوعيه أن دارفور تتقمص شخصية أي منهم، أو غيرهم، و لا يجب للحكومة أو لأي عاقل وطني أن ينتهج ذلك النهج، ليس لأسباب سياسية أو إقليمية .. بل لأسباب فكرية وطنية .. لأن الرؤية أساس الحركة إلى الأمام، و سبيل التوصل إلى الحل المستدام .. ولابد أن نفهم عناصر المشكلة قبل الولوج إلى أبواب الحلول، حتى يكون الولوج سديدا، بعيدا عن التخبط.

    المشكلة في دارفور عبارة عن كمّ متضامّ و متداخل من المكونات التي أفضت إلى ما هو ماثل أمامنا .. غير أن أصدق الأوصاف – اليوم – لهوية هذه المشكلة هو أنها مشكلة (سياسية)، فهي تمس فئة معتبرة من فئات المجتمع السوداني، عددا و هوية و تاريخا و ثقافة و مكانة و مشاركة في رسم تاريخ السودان و تكوين عناصره الثقافية و الاجتماعية و السياسية و الحربية عبر القرون، بل و في التواصل عبر الحدود مع الكيانات ذات الصلة شرقا و غربا و شمالا و جنوبا.

    و لا يهم من بعد أن تكون البدايات الأولى للمشكلة و التي أسهمت في تغذيتها لها طبيعة أخرى بجانب البعد السياسي، طالما أن المحصلة النهائية هي اليوم سياسية .. بل و ما هي السياسة إن لم تكن صوغا لعناصر مجتمعية و حصيلة لتفاعلات بيئية و نفسية و اقتصادية و طبيعية؟

    لا يهم أن يكون أول هذه العناصر هو المساحة الشاسعة لبلاد السودان، و تنوع أعراقه، و ثقافاته، و كل ذلك قدر إلهي نحسبه نعمةً نسعى لأن نستحقها، و أن نأخذها بحقها، إثراءً للوجود و الحركة و النهوض الوطني .. لكنه أيضا يمثل تحديا قاسياً دونه همم الرجال الأشاوس.

    نعم .. فالجغرافيا هي أول مكونات المشكل في دارفور، و في غير دارفور من بلاد السودان المترامية، و الثقافة و الاثنولوجيا و تقلبات الطقس و الهجرة لكسب العيش و غير ذلك كثير .. كلها ضمن هذه المكونات أيضا .. لكننا طالما لا نقدر على إدخال الجغرافيا في مختبر، أو إخضاع الثقافة لمبضع الجراح أو تناول علم الاجتماع الثقافي بالتشريح .. فما لنا إلا أن نفكر في نطاق الفضاء الممكن، و هو فضاء السياسية .. بالجلوس و التفاوض و الاتفاق على أفضل سبل التعايش السلمي في إطار دولة واحدة ذات حقوق و واجبات يستوي فيها المواطن مع أخيه و أخته المواطنة .. فهذه صنعة ممكنة .. و قديما قيل إن السياسة فن الممكن .. لذا دعونا من تكرار الهروب في تشخيص مشاكلنا إلى المكونات غير الخاضعة للتجريب و التعديل و التحوير، و لنسلم بأننا أمام مشكلة (سياسية)، عناصرها بشر و وطن و أدوات دستورية و قانونية و هيكلية تحدد معالم التعايش بين هؤلاء البشر .. و هو مفهوم بسيط أيضا لدرجة السذاجة الظاهرية!

    فإذا صلح المفهوم يمكن أن يصلح المنهج المتبع في مخاطبة المشكل .. و إذا سلمنا بأن قضية دارفور سياسية، وفقا لهذا الفهم البسيط المتقدم، و سلمنا بأن أمامنا تجربة سابقة، بغض النظر عن مثالبها و التي يتيح لنا التحدي الماثل أمامنا في دارفور الفرصة لنتجنبها، فنخرج باتفاق أفضل من سابقه، سيما و إن القضية لا تزال في سن الخامسة برغم فداحة خسائرها المعنوية و المادية .. إذا سلمنا بكل هذا، و أضفنا إلى ذلك أن القضية ليست قضية أشخاص أو رموز في الحكم و لا أشخاص أو رموز في قيادة الحركات المسلحة أو غير المسلحة، بل هي قضية أحمد و محمد و فاطمة و حليمة .. الأفراد العاديين من الملايين السبعة المقيمين في دارفور الكبرى، و هي أيضا قضية أمثالهم ممن يعيشون في أصقاع مشابهة في عمومها برغم اختلافات التفاصيل .. ثم إذا أخلصنا النية الوطنية و ارتقينا بالهمم .. عندها ستتحول هذه القضية إلى مشكل نملك مفاتح حله بأيدينا، و عندها ستكون صدورنا خالية من الضغائن، حيث لا يحمل عاقل ضغينة ضد شعب بأكمله و وطن بحاله .. فالمصلحة وطنية في أساسها، و الوطنية لا تتجزأ و أحداثها لا تنفصل .. و إن كل ما نحتاج إليه هو النظر المخلص، و الهم النبيل.

                  

05-16-2008, 03:16 PM

Muhammad Elamin
<aMuhammad Elamin
تاريخ التسجيل: 09-21-2007
مجموع المشاركات: 901

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشكلة دارفور و تقرحات الجرح القديم: إذا استقامت الرؤية استقام المنهج و استبان طريق الحل (Re: Muhammad Elamin)

    Up for further discussion
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de