|
|
 نزار قباني بين الشعر الشعار والشعر القناعة - مقال جبد لامال عباس
|
بالأمس قلت لكم بأني في الذكرى العاشرة لرحيل الشاعر نزار قباني الذي شغل الناس عبر اكثر من ستين عاما ومازال يشغلهم. سأكتب كلمات عابرات كلها تصب في معني واحد ان المبدعين وعلى رأسهم الشعراء لا يموتون لان كلماتهم تقهر الموت.
ومنذ عام 1974م تعايش نزار قباني مع متاعب قلبه برؤية الفنان الشاعر يداعبها ويتخيل ما فعلت بقلبه يقول : عندما يبدأ الاطباء في جراحة قلبي لن يجدوه فاحتلت مكانه قضاياه الكثيرة في مطلعها قضية نون النسوة وتا التأنيث ومواجع القضية العربية وهموم العرب وسخافات بعض الحكام.
ونزار قباني الذي نعاه الناعي في امسية الخميس الخاتم لشهر ابريل 1998م .. كان ظاهرة ابداعية بكل المقاييس ظاهرة شعرية ونثرية شغلت الساحة الادبية منذ عام 1940م العام الذي اصدر فيه ديوانه قالت لي السمراء، واطلق القنبلة في المجتمع الشرقي وقامت القيامة ولم تقعد حتي دخلت دنيا السياسة منذ خبز وحشيش وقمر وهوامش على دفتر النكسة والى الخطاب ويوميات بهية المصرية حتي اعلان وفاة العرب.
الناعي نعي نزار قباني الذي شكل حضوراً مكثفاً ومثيراً للجدل وللمعارك من 1491 ــ 8991م حضورا بالحركة والندوة والمقالة السياسية المواكبة .. نعاه لعشاق كلماته ولاهل الابداع عامة .. ولكن الناعي نفسه يعلم انه لم يمت وذهب جسده وبقيت كلماته التي ستشغل الناس من جديد تشغلهم مع متغيرات الحياة والموضوعات والمرأة .. في الشرق وفي الغرب وفي كل الدنيا مازالت محل قضية ونقاش والعرب مازالوا هم العرب .. مع الخبز والحشيش والقمر .. والمعارك الكلامية هي المعارك نفسها .
نزار لم يمت .. بل كلماته وبصرف النظر عن موضوعاتها واتفاقنا او اختلافنا معها ...تشكل علامة كبيرة ومحطة كثيرة الاضواء في ما يزيد عن نصف قرن .. والى قرون وقرون قادمة وقبله قالها المتبنئ انام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصم .
نزار قباني زار السودان مرات عديدة بدأها عام 1969م وفي دار الثقافة بالخرطوم قال ، هذا الذي يحدث لي ولشعري في السودان شئ خرافي .. شئ لا يحدث لا في الحلم ولا في الاساطير، شئ يشرفني ويسعدني ويبكيني .. انا ابكي دائما حين يتحول الشعر الى معبد والناس الي مصلين .. ابكي دائما حين لا يجد الناس مكانا يجلسون فيه فيجلسون علي اهداب عيوني .. ابكي دائما حين تختلط حدودي بحدود الناس فلا اكاد اعرف من منا الشاعر ومن منا المستمع؟، ابكي دائما حين يصبح الناس جزءاً من اوراقي جزءا من صوتي جزءا من ثيابي.
وعندما زار نزار قباني الخرطوم عام 1980م في مهرجان الثقافة الثالث، قال : «ها انا مرة اخري في السودان ، اتعمد بمائه واكتحل بليله واسترجع حبا قديما لا يزال يشتعل كقوس قزح في دورتي الدموية .. ويقول : «الحب السوداني ليس جديدا على فهو يشتعل كالشطة الحمراء على ضفاف فمي ويتساقط كثمار المانجو على بوابة قلبي ويسافر كرمح افريقي بين عنقي وخاصرتي .. هذا الحب السوداني لا اناقشه ولا احتج عليه لانه صار اكبر من احتجاجي واكبر مني، صار وشما على غلاف القلب لا يغسل ولا يمسح .
هانذا مرة اخري في السودان وهل يمكنني ان اصرخ هنا كما اشاء وانزف كما اشاء؟.
انا اعرف السودانيين جيدا واعرف أن صدورهم كغاباتهم مفتوحة للامطار والريح وللبرق والرعد والحرية. لقد قبلت دعوة وزير الثقافة والاعلام للمشاركة في مهرجان الثقافة لانني اولا عاشق للسودان ولان قصائدي هنا تعيش في بيت امها وابيها .
رحل نزار قباني الذي يعتبر الكتابة عملا انقلابيا من الدرجة الاولي، فقد كان يمتلك ناصية الكلمة تماما وهي تنقاد اليه في طاعة عجيبة .. رحم الله نزار قباني
هذا مع تحياتي وشكري
|
|
 
|
|
|
|
طلعت الطيب
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست