|
|
 نجم الدين محمد نصر الدين يكتب عن الهيئة القضائية
|
الهيئة القضائية وإعادة المفصولين
نجم الدين محمد نصر الدين
[email protected]
حملت الينا الانباء، صدور قرار جمهورى او رئاسى بارجاع المفصولين تعسفيا على امتداد الوطن وأرجائه، وبلا استثناء الا (من ابى)، وهذا القرار بلا ادنى شك فيه استصواب لواحدة من اكبر اخطاء الانقاذ التى دفعت بالالاف الى التشرد، وبدلت امن حياتهم العادى وامانهم الوظيفى فى محاولتهم للاسهام فى البناء الوطنى وسداد ما عليهم من دين له، ذلك الذى قومهم فاحسن تقويمهم وعلمهم فجود تعليمهم، ثم دفع بهم وفى الصيرورة الحياتية حيث آثر الكثيرون منهم البقاء فى رحابه، وعدم الهجرة او النزوح الى خارجه مهما كانت المغريات، وصمدوا بحق رغم الانواء وظلوا مثل سائر ابناء شعبنا وقتها، فرحون بالحياة ملئؤؤن بالامل، يعيشون فى كبد العيش ومغالبته، قانعون بانه وبعد سبعة عشر عاما من حكم الفرد المطلق كامل الاطلاق، المتقلب الانتماءات والامزجة، هبت فينا رياح ابريل والانتفاضة وتنسم الكل عبير الحرية الذى طال حلمهم به وتقادم، حتى تحقق هذا كله فى تلك الهبة المنبئة عن عبقرية شعبنا، وإصرار ابنائه على الحياة الحرة الكريمة مهما تباعدت دروبهم عنها بسبب من شمول او نحوه .
جاءت الانقاذ لتتفوق على كل من سبقها بتغليب الولاء السياسى على الكفاءة تغليبا تاما، استتبعه ارتكاب واحدة من اكبر المجازر فى الخدمة العامة بإفراغها، وذلك بإبعاد كل من كان لونه السياسى قبل الانقلاب لاينسجم مع لونهم الذى سعوا لإخفائه اول امرهم بشتى السبل، ابتداءا من مسرحية اعتقال الشيخ الترابى وغيرها ... ...الخ .....قائمة التمويهات، لم تكتفى الانقاذ بابعاد هؤلاء من وظائفهم التى اهلتهم لها دراساتهم ومنافستهم وخبراتهم التدريبية والعملية التى اكتسبوها بعد ذلك داخل الخدمة او خارجها، بل عمدت الى طردهم واقصائهم لم يثنها عن ذلك شى، ولم تراعى عهدا ولا ذمة، ولا اى من حاجات البعض او ظروفهم الخاصة، ولم تتم حالة مرحلة لهذا الاجراء فلقد اتخذ بليل، ولقد كان فى بعض الاحايين من المرارة والصعوبة والعسف بحيث انه يشمل الزوجة والزوج ويترك الاسرة بلا عائل، وهو فى اعمه مبنى فقط على ان هذا الشخص او ذاك هو وزوجته واصدقاؤه المعروفين لديهم، لم يكونوا من الموالين للتوجه الانقاذى الذى كانوا يزمعون فرضه، ومن لم يكن معهم فهو ضدهم فى تناسى لمحكم التنزيل الذى يقرؤنه كما درجوا على إخبارنا (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ).
شهد الكل مآل الخدمة المدنية وحالها الان، وكيفأنها غدت مسيسة وعاجزة، و ان الانقاذ ذهبت ابعد من ذلك بان استخدمت كل من يظن بهم الولاء ممن يقيمون بالبلاد، وعقب إستنفاذهم جميعا وتقليد حتى العاطلين عن الخبرات والتجارب من بينهم أرفع المناصب، قامت بإستجلاب المهاجرين منهم وبعقودهم تلك او بما يطلبونه، هذا غير الرزق الذى يسوقه الله اليهم كذاك الذى ساقه لزكريا فى المحراب، كما قال السيد د نافع مساعد رئيس الجمهورية، وهكذا فقدت الخدمة ابنائها المؤهلين ذوى الخبرات والتدريب والارتباط بها والرضا والقناعة، والرغبة الصادقة فى خدمة بلدهم حد التفانى فى ذلك، حيث كان مفتوح امامهم باب الهجرة على قدم المساواة مثل من هاجروا، لان فرص تخديمهم كانت متاحة فى بلدان تقيم شرع الله باحسن منهم، ولا يظلمون الناس حين احتياجهم لتوظيفهم، بسبب من انتماء سابق او نحوه، وهكذا اتينا بغير القانعين بالعمل فى بلدهم لنرغمهم بالبقاء فيه رغما عنهم، ليفرضوا علينا شروطهم بإعتبارها حدودا دنيا وبهذا تكون خسارة وطننا أضعافا مضاعفة .
ان هذا الفصل التعسفى الذى مارسته الانقاذ حينها، لم تنجو منه فئة واحدة او جماعة او مرفق، طالما به اناس تعتقد الانقاذ ان فى بقائهم فى مناصبهم نيل من سياسة التمكين وإضعاف لها، فشمل حتى الهيئة القضائية والتى بيدها مفتاح المعايير التى يتعين اعمالها عند الفصل ليفصل من فصل على بينة، حتى لا تكون للناس حجة، ولكن من فصلوا من اعضائها حرموا من عدالة سعوا لتوفيرها للناس طوال عمرهم الوظيفى وادائهم، حيث أعلوا هذه القيم على رغد الوظائف او الاسكات الذى تمارسه السلطات الشمولية، بإغراق من تود الاحتفاظ بهم ليكونوا اداتها فى التنكيل فى المخصصات او صرفهم عن القضايا الاساسية باخرى هامشية، فبعد ان كان القضاة هم من اشعلوا فتيل التغيير واضاؤا دربه ومن موقع مهنى بحت، سعت الادارة الحالية للقضاء بتمليكهم ابقارا تدر لبنا سائغا لذة للشاربين، وبدلا من الانهماك فى التدريب المهنى والفنى تم الانصراف الى الاستثمار وعائداته وثماره التى يجنيها السادة القضاة، إبتداءا من مزارع الانعام والدواجن الى طلمبات الوقود، وحينما قدمت كشف منجزاتها الاخير عقب نيفاشا لم تتحدث فيه عمن اهلتهم واعدتهم اعداد يغنيهم ويمكنهم من إصدار أحكامهم على قاعدة من المعرفة والالمام والتدريب فى اثناء الخدمة، بل تحدثت بدلا منه عن المخصصات والزيادات وبذلها والاستثمار والتوسع فيه .
ان القرار الاخير الذى سبقته قرارات لم تنفذ كلها صادر من جهة رئاسية يتعين منح قراراتها النفاذ والفورية فيه، والا انفرطت اعمدة الحكم المتهالك اصلا وزاد اختلاط الحابل بالنابل على الوجه الذى نرى الان. الشاهد ان هنالك العديدين فى بعض المرافق الذين تمت إعادتهم للخدمة إحقاقا لحقهم فى الاستمرار فيها، ولقد حازت وزارة الخارجية فى هذا قصب السبق بان انصفت بعضا ممن طال ظلمهم من منسوبيها، ومع ان معايير الاعادة لم تخلو من عسف هى الاخرى، والمتمثل فى عدم الحاقهم بالوظائف التى تم تسكين زملائهم ورصفائهم الان فيها، وعدم تعويضهم تعويضا يذيب جزاءا من مرارة هذا الاجحاف الذى جوبهوا به، الا ان ما لا (يدرك كله لا يترك جله) وشى خير من لاشى، فهم لم يحصدوا غير الهشيم والعدم والتشريد والغصص التى تسد الحلوق طوال هذا الزمن الانقاذى المتمدد.
اننا كنا نتوقع على الاقل ان تكون الهيئة القضائية اسبق من غيرها بما لايقاس فى إعادة هؤلاء النفر الكريم من خيرة قضاتها، الذين فصلوا جورا لا لشى الا لحسن تاهليهم وما عرف عنهم من مواقف فى العمل القضائى، ذات سجل فى التشريف تستنكف عن قبول استمرارهم فيه الانظمة الشمولية والمتسلطة، لانها تعرف جيدا ما يمكن ان يقوم به القضاء السودانى الحر المستقل، وما قام به هؤلاء حقا حتى يكون هذا اول مبررات ابعادهم، ولقد قام عقب ذلك عراب الانقاذ الشيخ الترابى حين باسه وتمكنه هو الاخر، بتغيير القانون المنظم لسلطات هؤلاء القضاة، فى القبض والتفتيش والمحاكمة، تلك السلطات الطبيعية المعروفة للقضاة ليمنحها للنيابة ويسلب القضاة لها تماما، امعانا فى تمليك الجهاز التنفيذى المزيد من ادوات السيطرة والاتها، وليامنوا من المفاجات التى تاتهيم من قضاة لا يعرفون المهادنة والممالأة .
انه من المتعين ان تكون الهيئة القضائية اول المبادرين بالارجاع، وان تكون رقيبة على حسنه وتحقق استيفاء شروطه جميعها، ولكن بدلا عن ذلك تناهت الينا بعض التسريبات التى تقول ان السيد رئيس القضاء وعد المفصولين، بتعويض فقدهم لوظائفهم التى اختاروا وعملوا فيها عن رغبة محضة صادقة وطوعية بل تطوع فى اعم الاحايين بدراهم معددوات، دون ترك الخيار لهم فى تام اغفال لتطبيق القرار ومجانبة،وإفراغ له ان لم نقل تحايل على تطبيقه، والهئية القضائية الان فى مسيس الحاجة الى المزيد من الكوادر الخبيرة العليمة، ولقد تجلى هذا فى التعيينات بالمشاهرة التى تمت لبعض الزملاء القانونيين المبجلين، بحملهم على توقيع عقود إزعان تتجافى فكرتها تماما مع إستقلالهم القضائى، علاوة على عرض السيد رئيس القضاء على عدد من أهل القانون، الذين اجتمع بهم فى احدى زياراته الى دولة الامارات العربية المتحدة، الرجوع الى الوطن ليعملوا فيها قضاة إغراءا لهم بكل نعيم الوظيفة، او ليس الاقربين اولى بالمعروف؟ واهل الدار احق من الجيرة والصحاب؟ ان فاقد الشى لايعطيه واحدة من ارسخ المبادىء التى درسنا فى القانون، فكيف بهئية تضن بالعدل على منسوبيها ان تمنحه للناس فما بالكم كيف تحكمون ؟.
--------------------------------------------------------------------------------
|
|
 
|
|
|
|
saif addawla
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست