النشال

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 01:55 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-19-2008, 09:38 PM

عبدالرحمن فضل الكريم

تاريخ التسجيل: 04-17-2008
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
النشال

    النشــــــال


    اعاد محمود عقد رباط حذائه للمرة الثانية وانتبه الى زرار قميصه الاخير ذى اللون المغاير فأدخله فى ما يقابله من فتحة الجانب الاخر وشده الى الاسفل ومن ثم انتصب واقفا فى مواجهة
    ابيه الذى نفحه بمكرمة حقيقية فى هذا الصباح الفاتر مصحوبة بابتسامة نادرة ـــ قرشين كاملين ـــ لكنه لم ينسى وصيته شبه المعتادة وهو يعتلى ظهر دراجته (الرالى)ذات السرج الجاف :
    ــــ ما تتلفت فى السوق ...ولا امشى بالطريق الثانى؟؟
    لم يكن ليتنازل عن السير بطريق السوق ولذلك فقد اصدر صوتا لا يكاد يسمع:
    ـــ خلاص....حا امشى طوالى..
    منذ ان بلغ محمود المدرسة الوسطى كان عليه ان يسيرماشيا مسافة اكبر من تلك التى كان يقطعها وصولا لمدرسته الاولية ولكن الطريق الذى يمر عبر السوق كان هو السلوى لبعد المسافة...جلبة سيارات وحيوانات... واكوام من شتى انواع البضائع..واناس يتصايحون..وروائح لاصناف شتى..ومشهيات...ومأكولات واشياء اخرى تسر الناظرين .كان الطريق اجمالا يشكل عرضا مسرحيا شيقا لصبى فى عمر اللهو الخالص فلا عجب اذا والحال هكذا ان يخرج مبكرا ليتلكأ قليلا مستمتعا بالطريق قبل ان تغلق عليه ابواب الحصون المدرسية المنفرة وتعليمات المدرسين التى لا تنقطع .
    لكن ذلك اليوم كان استثناءا. فلسبب ما لايعلمه محمود بدا السوق اكثر صخبا وحياة وكان اكثر الضجيج فى سوق الخضار وزنك اللحوم فقد جعل الباعة يتصايحون باصوات اعلى من المعتاد اثراءا للمنافسة وينسل العتالة وبائعو الاكياس من تحت الاقدام وتعلوا اصوات الزبائن الحاحا وتوسلا وتمحيصا وبخاصة النساء :
    ـــ هى...يا حاج المبارك ..الليلة مالها لحمتكم معفصة كدى ؟؟
    كان كل ذلك بالنسبة لمحمود شيئا ساحرا وجميلا وتمنى لو انه استطاع تغيير زيه المدرسى المقيد والتخلص من الحقيبة الجلدية التى تثقل كاهله وتشغل باله حتى يتسنى له الاستمتاع اكثر واكثر بهذا الصخب الآخاذ...ولكن الناس لن تتركه فى سلام..من يعرفه ومن لا يعرفه :
    ـــ ياولد ...ماتمشى بسرعة...المدرسة بتفوتك؟
    فيبرطم محمود فى سره :
    ـــ يا اخى انتو مالكم ومال المدرسة....خلونى فى حالى.
    ولكن يبدو ان لا حيلة فعليه ان يخب السير قليلا لان طابور الصباح على وشك الاصطفاف وعليه ان يدركه والا تلقى سوطين على ظهره من استاذ مكاشفى الذى لا يرحم ولا يهادن...ولكن مهلا ما هذا؟ استرعى الجزارالذى يحتل دكانه آخر صفوف محلات الجزارين انتباه محمود .كان الرجل يجلس على كرسى من الخيزران امام محله ويقوم بمحاسبة الزبائن فيما شاب بالداخل يقوم بالبيع وكان ضخم الجثة فى الخمسين من عمره كثيف شعر الصدر والساقين فقد كان يرتدى جلبابا فاتحا من الاعلى وقصيرا باكمام قصيرة ايضا وبجيب امامى ضخم على جانبه الايسر .
    كان الجيب ممتلئا عن آخره بأوراق النقد المتسخة والمختلفة حتى انه بدا عاجزا عن احتوائها والسيطرة عليها فتدلت الى الامام واوشكت على السقوط ولم يدرك محمود لفرط ذهوله ان ذلك هو وضعها الذى تستقرعليه يوميا ويعتاده الرجل كذلك ,مما حدا به الى تجاهلها والانصراف عنها الى الحديث مع رجل آخر كان يوليه ظهره دون ان يلتفت الاخر اليه .
    فى لحظة الفعل الحاسم كان على محمود ان يتسامى وينبه الرجل الى نقوده او ينازع سكرات الشره لديه ويسير فى طريقه غير عابئ بشئ ولكنه ـــ مدفوعا بقوى سحرية ـــ فعل امرا مغايرا لن يجد له تفسيرا حتى مماته ...فقد وضع يده تحت النقود التى ظنها توشك على السقوط ليتلقفها ولكنها لدهشته لم تفعل فما كان منه الا ان تناولها باصبعين من اصابع يده فاستجابت بكل الهدوء والسلاسة واستقرت على كفه..وحين ذاك وبدلا من ارجاعها بضمير التلميذ النقى اذا بحس خفى يتنكبه ويحرك يده آليا الى حقيبته المدرسية التى تتدلى بجانبه فيضع النقود بداخلها...
    لم يرى اى احد شيئا.........
    اسرع خارجا من السوق ولكن قلبه الوجل وقدماه المتعثرتان لم تقوداه الى المدرسة بل الى تلك الباحة الخالية التى تبعد عنها مسافة خمسة عشر دقيقة فحمله الثمين لا يجب ان يدخل معه المدرسة حتى لا يراه الآخرون فيتساءلون عنه . حفر حفرة صغيرة ولكنها عميقة فى اقصى الساحة الخالية مستخدما حافة علبة قديمة وصدئة وجدها بجانبه واخرج كيسا كان قد احضره معه فأفرده ووضع الكنز بداخله ثم غطى الحفرة بالتراب ووضع حجرا كبيرا بجانبها ليدله على المكان وقفل راجعا الى مدرسته .
    فى المدرسة تلقى محمود ضربتين بسوط العنج على ظهره من استاذ مكاشفى عقابا له على تأخره ولكن مائة ضربة بذلك السوط لم تكن لتخرجه من حالة الارتباك وتشتت الذهن الذى لازمه طوال يومه . وفى اليوم الثانى اصبح اكثر هدوءا وتطلعا..نظر الى سندويتشات البيض والمربى بايدى زملائه والى آخرين يتحلقون حول حاجة آمنة وبت مرداس يشترون النبق والقنقليس والزلابية والداندرمة وتحسس جيبه فلم يجد به الا قرشا واحدا لايكاد يفى بساندويتش الفول بالزيت من عمك حسين جمعة .
    لا مناص...انسل حارج المدرسة فى هدوء وحذر وعندما قفل راجعا لم يكن وحده الذى يسعد بامتصاص الدندرمة من بت مرداس بل حتى صديقيه زهير ويوسف .
    تجنب محمود المرور بالسوق فى اليوم التالى والايام التى تلته لاخوفا من شئ فقد كان يعلم ان لا احدا قد احس به ولكن تلمسا لابعاد نظرات المتطفلين عنه وكان حذرا ايضا فى استخراج كنزه شيئا فشيئا فلم يشرك معه احدا ما ولم يبح بسره لكائن من كان ولم يكن يدرى انه بذلك كان يضع الاسس المتينة لمهنته القادمة ويهيئ نفسه باكثر الطرق صحة واستقامة للقيام بها .
    ولكن شهرا مضى وما كان يخشاه محمود قد وقع...لقد نفد الكنز الذى رشف من معينه وارتوى حتى صار سلطانا بين اقرانه ومن كان يتمسح به محمود منهم صار يتودد اليه ويخطب وده ولم يكن على استعداد للتنازل عن مكاسبه .
    زار السوق مرة اخرى وعرف ذات النجاح الباهر السابق ومنذ الان سيصبح محمودا هو الفتى الذى لايجارى فى شيئن اثنين :حذقه ومهارته العالية ثم طلته البهية ووسامته التى تلوى الاعناق.
    اكمل محمود دراسته الثانوية بنجاح وحاول دراسة معهد فنى بلا جدوى فغادره دون ان يكمل وادرك ان مدينته الصغيرة لن تستوعب ملكاته الفذة فهاجر الى الخرطوم .قبل بوظيفة صغيرة فى البدء وراتب لا بأس به ولكنه لايفى بكل متطلباته المتزايدة يوما بعد يوم واستاجر بيتا صغيرا واقام فيه .
    عرفت المحطة الوسطى فى امدرمان وابو جنزير والسجانة غزواته المظفرة وغاراته غير المنتظمة واساليبه الثعلبية المراوغة ومبادئه الخاصة التى لم يسبقه اليها احد من قبل ,فلم يكن يغزو قط ولديه نقود اذ كان شعاره (لاغارة بلا ضرورة) ولم يكن يغير على انثى لان مبدأه كان هو مااختطه المغامرون العتاة ـــ اسلب المرأة قلبها ولا تسلبها نقودها ـــ وكم كانت قلوبهن ايسر لديه كثيرا من نقودهن كما انه لم يكن يغير على الشيخ المسن لانه يرى هذا الاخير تلميذا يتلقى مصروفه كالتلميذ .
    ظل محمود حاذقا فى عمله ومثابرا عليه ولم يصبح غنيا او مترفا لكنه ظل فى بحبوحة من عيشه ولم يكن يستعصى عليه امتلاك مايتمناه الا نادرا وبقى لزمان طويل لصا بلا سوابق او شكوك بل ان كثيرا من ضحاياه كانوا يستنجدون به حال تبينهم لما وقع لهم وذلك لجديته ومظهره البعيد عن اللصوص بل انه كان يوحى لكل من يراه بانه امرئ ذو مكانة وشرف عاليين الى ان اخذ بيده رجل ابيض البشرة يوما بعد ان نفذ غارة بنجاح فى وسط السوق وقاده بكل هدوء وصرامة بعيدا عن الضجيج وقال له دون مقدمات وبابتسامة كبيرة ومتلئلئة وبلهجة مصرية خالصة :
    ـــ انت نشال.....
    لدهشته الشديدة لم يقم الرجل بتوبيخه او تهديده بل قاده بكل هدوء وود من يده واركبه تاكسيا بجواره واخذه الى منزله وهنالك اثنى على ملكاته واسلوبه ومظهره الانيق والجاد والبعيد كل البعد عن اى شبهة او شك ومن ثم اوحى اليه بالسفر الى القاهرة حيث يمكنه تطوير مهاراته على ايدى خبراء متمرسون يعرفهم الرجل جيدا .ومن ثم امده ببعض العناوين وارقام التلفونات مع خطابين حارين لصديقين عتيدين .
    بعد ستة اشهرعاد محمود من القاهرة على ظهر القطار كما سافر بعد ان تلقى دورة تدريبية مكثفة فى احد الاحياء بالقاهرة القديمة وبعد ان اقام اشهرا قليلة بالخرطوم ادرك بان ابا جنزير لن يستوعب ملكاته المتنامية ومواهبه المتعددة وتمرسه الهائل وتطلعاته التى باتت اكبر من منزل الايجار الصغيرومركبات المواصلات العامة .
    ركب القطار مرة اخرى واتجه هذه المرة شرقا الى مدينة بورتسودان ومن هنالك سيعتلى ظهر الباخرة المتجهة صوب الاراضى المقدسة حيث موسم الحج الباذخ .
    كان قد سمع كثيرا عن موسم الحج لكنه لم يضع فى حساباته انه بهذا الضجيج والازدحام...اثارت دهشته جموع القادمين من كل الاصقاع والانحاء بالسن متباينة وسحنات متعددة واشكال متنافرة واجناس لا حصر لها . كان قد استعد للامر فخاط رداءا قصيرا حتى ركبتيه ولكنه فضفاض ومريح وجعل له جيبين ضخمين على اطرافه ومن ثم اسبل قطعتى احرامه, واحدة لنصفه السفلى مغطية رداءه وتأبط الاخرى حاجا ملبيا ومن ثم اكتسى وجهه بالصرامة والتقى اللازمين .
    كان يغير نهارا بلا هوادة او تروى وبدا الامر سهلا ويسيرا حتى ان كثيرا من مكاسبه لم يكن قد بذل فيها جهدا يذكر وعندما كان يحس بامتلاء جيبيه يعود الى خيمته مساءا لاجراء الفرز وياله من فرز....دولار..ريال..جنيه...روبية...فرنك...درهم...بيسوواخرى سواها ماكن يدرى كنهها او حتى ماتساويه .
    مرة اخرى لم يتخلى عن مبادئه الخاصة وكأنه يراوغ ضميره ويبقى على شئ يسير من اخلاقه كذكرى او كرصيد...لا احد يعلم فقد كان يلقى بالاوراق الثبوتية والصكوك الورقية بالقرب من مكاتب المفقودات وظل يعين من يأتيه مادا اليه يدا وسائلا حاجة بسبب تعرضه لحادث طارئ كالنشل ايما اعانة . وعندما عاد ادراجه بهدوء كما ذهب كانت بحوزته ثروة صغيرة.
    ابتنى بيتا واشترى سيارتين وبدأ عملا تجاريا خاصا بشراكة مع احد اصدقائه لكن غاراته ماكان ليتخلى عنها غير انها اصبحت هواية بعد ان كانت احترافا. عندما يحس بان اسفل عنقه بحاجة للحك كان يهاجم هجوما واحدا لكنه شرس وقاتل فقد كان يتصيد بدقة متناهية ويدرك بحس هر اسود كيف يتصيد فريسة دسمة ...الى ان قبض عليه .
    حدث كل شئ مصادفة..فلا الزمان ولا المكان ولا الظروف كانت مواتية للقيام بهجومه وكأنه كان يخطئ للتاريخ .
    اقتيد بهدوء الى المخفر ومن ثم الى المحكمة حيث كان فى الانتظار قاض افطس الانف قصير الشعر حاد النظرات ذكى الملامح ولا يتحدث كثيرا وربما اطلاقا . اكتفى بالانصات الى الضحية وهو يبين كيف تم الاعتداء عليه والى الشهود المرتجفين وغير الواثقين ومن ثم اشار بيده فقط الى محمود ليتحدث اذ كان هذا الاخير قد فضل الا يأتى بمحام ايثارا للهدوء فابان بانه كان ينوى فقط ارجاع محفظة الرجل الى جيبه اذ كانت على وشك السقوط وزين دفوعه بوجه صارم وهدوء مصطنع ومظهر جاد لا يوحى بتاتا بالانحراف . عندها تأمله القاضى مليا وكأنه يبعث بالذكرى من ماضى سحيق وقال جملتين لا اكثر :
    ــــ سأراعى انك بلا سوابق...
    ثم اردف بصبر نافد وهو يلملم اوراقا امامه:
    ـــ شهرين سجن....
                  

04-19-2008, 09:45 PM

عبدالرحمن فضل الكريم

تاريخ التسجيل: 04-17-2008
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النشال (Re: عبدالرحمن فضل الكريم)

    للقصة بقية.......
                  

04-20-2008, 01:21 AM

khatab
<akhatab
تاريخ التسجيل: 09-29-2007
مجموع المشاركات: 3433

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النشال (Re: عبدالرحمن فضل الكريم)

    ..
    . قطعه ادبيه
    . كاملة الدسم
    ..
    . ثم ماذا .!!
    . واصل..
    ..
    .
                  

04-20-2008, 09:00 PM

عبدالرحمن فضل الكريم

تاريخ التسجيل: 04-17-2008
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النشال (Re: عبدالرحمن فضل الكريم)

    شكرا الاستاذ خطاب على مرورك وتفضلك بالتعقيب ولك الوعدمنى بالمواصلة.....
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de