|
|
 مايو ثورة كانت ... أم انقلاب ؟؟عميد "م" عبد الرحمن حسن عبد الحفيظ
|
الزمن 22/5/2004م السنة الأولي -العدد العاشر
المكان حي ود البنا الزمان 25/ مايو/ 1969م الساعة حوالي الخامسة صباحاً عندما تلقي شقيقي ضابط الشرطة آنذاك اللواء من حسين عبد الحفيظ مكالمة من أحد أقسام الشرطة تفيد بورود معلومات عن حدوث انقلاب قامت به القوات المسلحة وكنت حينئذ أعمل بمركز التدريب الموحد بالشجرة وقدتُ عربتي إلي منزل الزعيم الراحل إسماعيل الأزهري ووجدت الدفعة الرائد ميرغني العطاء يجلس أمام منزل الزعيم الأزهري عليه الرحمة وسألته وأجاب باختصار "بيان الانقلاب وأستقبله الذين كفروا بالأحزاب بارتياح رغم أن الانقلاب جاء أيضاً من صلب أحد الأحزاب وفي بيت المال رأيت تجمعاً من الناس تسخط وتشجب الانقلاب بصوت عال ومنطقة بيت المال معروفة بعدائها للعسكر" .
ارتديت ملابسي وذهبت إلي وحدتي بالشجرة حيث كان الاستعداد الطويل والذي دام سنوات لان مايو كانت تعتمد علي الجيش بعد أن أخذت موقعاً معادياً من الأحزاب وخاصة بعد اعتقالها للقائد الذي وهب 1971م ومن أقرب الأقربين لمايو وبداء العد التنازلي رغم استمراره طويلاً بعد أن شق عصا الطاعة ثلاثة من الرموز المهمة في مايو بابكر النور وفاروق حمد الله وهاشم العطاء عليهم الرحمة وكان لابد من الانتقام فدبروا حركة 19/ يوليو / 1971م والتي لم تستمر طويلاً وبداء بعدها مسلسل المحاكمات المتعجلة وكان يمكن أن نذكر "العفو عند المقدرة" خاصة وان ثلاثتهم كانوا عناصر مهمة لمايو لما يتميزون به من خلق قويم وكفاءة عالية ولكن هذا حال السياسة أما معك أو ضدك . لقد مضي علي استقلال السودان فترة قصيرة وسنوات قلائل 56-69 عندما دبر الإنقلابيون حركة مايو وليست بأي حال من الأحوال ثورة لان لدينا أكثر من تجربة في قاموس النضال ثورة أكتوبر 1964م ومن ثم الانتفاضة 1985م لان مايو قامت بها مجموعة محدودة للغاية من العسكريين لا تتعدي الكتيبة تلك هي التجربة الثانية لحكم السودان بواسطة العسكر رغم أن انقلاب عبود يختلف تماماً عن انقلاب عبود يختلف تماماً عن انقلاب مايو فالمرحوم الفريق إبراهيم عبود نفذ تعليمات رئيس الوزراء الأمير لأي عبد الله خليل ولكن حركة مايو نفذها ضباط لا نقول أنهم كلهم من قبيلة اليسار وان الحركة حمراء وعندما تبين لقادة مايو حمرتها عزلوا هذا الجناح المتمرد أخيراً وانقلبوا عليه .
كما قلت لقد مضي علي استقلالنا سنوات قلائل وكان يمكن أن نعطي فرصة للديمقراطية بأن تستمر لاسيما فان البلاد كانت تحكم بواسطة صفوة من القادة أصحاب التاريخ الناصع والمشرف والذين جاهدوا وناضلوا ودخلوا السجون وواجهوا ما واجهوا من صلف واستبداد واستعباد الاستعمار البريطاني وبنضالهم ودبلوماسيتهم تحقق أعلي وأعز مطلب ورفع عليم السودان عاليا خفاقاً مع العقبات والمتاريس وقامت حركة المقدم حسن حسين ومن قم حركة العميد محمد نور سعد "حركة سبتمبر 1975م ويوليو 1976م" واستطاعت مايو بما لديها من أمن واستخبارات أن تحبطها بسهولة رغم الخسائر التي حدقت في الجانبين نحمد للقوات المسلحة دوماً أنها حافظت علي كيانها وقوميتها ولم تكن مشاركة بصورة أكبر وأوسع وإلا اشتعلت في السودان حرب أهلية قضت علي "الأخضر واليابس" . استطاعت مايو أن تعبر كل تلك العقبات والمتاريس بسهولة إلاّ أن ثورة الشعب العارمة فعلت ما لم تفعله الآلة العسكرية وكانت تلك الجموع المندفعة كالبركان والتي قفلت الطريق أمام أي تيار مضاد حتى ولو كان آلة حربية وأستطاع الشعب أن يزيح مايو بعد سنوات طوال وللحقيقة والتاريخ ورغم الخطاء الكبير بهدم أركان الديمقراطية في بداية عمر السودان في العام 1956م إلاّ أن مايو أنجزت الكثير من المشاريع ولكن الشعب لم يغفر لها لان أي نعيم في ظل الكبت لا طعم ولا رائحة له فالديمقراطية هي الأغلى مهما كان مستوي الشعب والحرية ثمنها غالٍ ولذلك أعطي الشعب السوداني لحكامه أكثر من درس . بقية الدول التي نالت استقلالها بعد كفاح مرير ونضال شرس . لقد واجهت مايو الكثير من مظلات ومدرعات ذهبت لخور عمر بغرض التدريب والتمويه ثم أنقضت علي الحكم الديمقراطي فقد كانت عمرها كله لخدمة قضية الوطن والاستقلال فقد بدأ التأمر بعد سنوات قلائل ستعرف بعد قليل وعدت للمنزل وبعدها أذاع العقيد الركن آنذاك جعفر نميري البيان الأول لقيام الثورة ونجاحها . ثم تتالت البيانات .
|
|
 
|
|
|
|
عصام الجيلي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست