معارضون تشاديون: حكومة دبي تورطت في نقل لاجئين سودانيين من أبشى إلى إسرائيل

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-13-2024, 05:44 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-11-2008, 11:09 AM

Maawya Hussein
<aMaawya Hussein
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 10136

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
معارضون تشاديون: حكومة دبي تورطت في نقل لاجئين سودانيين من أبشى إلى إسرائيل

    اتهم معارضون تشاديون حكومة الرئيس إدريس دبى بتنظيم عمليات نقل جماعي للاجئين السودانيين بشرق تشاد إلى إسرائيل.
    ونقل المركز السوداني للخدمات الصحفية عن الجنرال عبد الكريم نورين قوله إن مجموعة من العسكريين الإسرائيليين ومسئولين من منظمات يهودية وصلوا مطلع الأسبوع الحالي إلى مدينة أبشى بشرق تشاد لإكمال عمليات التهجير مضيفا أن الحكومة التشادية فرضت حراسات مشددة على بعض المهابط الأرضية بالمنطقة بحماية من القوات الأوربية العاملة فى اليوفور.
    فيما لم تعلق مصادر بالحكومة التشادية على تصريحات الجنرال نورين.



    المصدر
                  

04-11-2008, 12:50 PM

Tragie Mustafa
<aTragie Mustafa
تاريخ التسجيل: 03-29-2005
مجموع المشاركات: 49964

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معارضون تشاديون: حكومة دبي تورطت في نقل لاجئين سودانيين من أبشى إلى إسرائيل (Re: Maawya Hussein)

    بالله!!


    هي اسرائيل قالت حترجع العندها وهذا من حقها لان عندها مشاكلها المكفيها
    كمان الكذب بقى قدر ده؟؟؟


    يا اخي الجنرال العبيط نورين ده يقوم يشوف له دروس عصر يحسن بيها مستوى تحيليه بعدين يتفاصح.
    وكمان بقينا في تناول اخبار ال SMC؟؟!!
    ياهو الفضل يا معاويه.
                  

04-11-2008, 08:53 PM

Maawya Hussein
<aMaawya Hussein
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 10136

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معارضون تشاديون: حكومة دبي تورطت في نقل لاجئين سودانيين من أبشى إلى إسرائيل (Re: Tragie Mustafa)

    Quote: هي اسرائيل قالت حترجع العندها وهذا من حقها لان عندها مشاكلها المكفيها
    كمان الكذب بقى قدر ده؟؟؟



    تراجي

    لو في زول طلب لجوء سياسي ما من حق الدوله رفض اسباب اللجوء لاسباب تخصها هي ... دي قوانيين الامم المتحده لو بحترموها ولو كلامك دا كان صحيح
                  

04-11-2008, 06:04 PM

محمد على النقرو
<aمحمد على النقرو
تاريخ التسجيل: 06-29-2006
مجموع المشاركات: 1070

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معارضون تشاديون: حكومة دبي تورطت في نقل لاجئين سودانيين من أبشى إلى إسرائيل (Re: Maawya Hussein)

    الاختMaawya Hussein
    سلامات
    نتفهم موقف المعارضة التشادية
    بعد الهزيمة المرة الى تلقتها
    على يد حكومة دبيى, لذلك ليس
    غريبا دس مثل هذا الخبر.
                  

04-11-2008, 08:50 PM

Maawya Hussein
<aMaawya Hussein
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 10136

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معارضون تشاديون: حكومة دبي تورطت في نقل لاجئين سودانيين من أبشى إلى إسرائيل (Re: محمد على النقرو)

    Quote: الاخت



    شفت ليك قبل كدا اخت اسمها معاويه ؟؟؟ في ذمتك دي
                  

04-11-2008, 08:53 PM

Ahmed Abdallah
<aAhmed Abdallah
تاريخ التسجيل: 08-12-2005
مجموع المشاركات: 5193

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معارضون تشاديون: حكومة دبي تورطت في نقل لاجئين سودانيين من أبشى إلى إسرائيل (Re: Maawya Hussein)

    Quote:
    مكتب إسرائيل "مكتب رعاية مصالح" يخص قطر آخر .. وعبد الواحد مجرد قبّعة !.



    سالم أحمد سالم/باريس
    [email protected]

    ضمن حلقات القراءة السياسية التي أكتبها تحت عنوان (حتى نفهم... في المسكوت عنه)، كتبت في نوفمبر العام الماضي تحليلا مطولا تحت عنوان "المسكوت عنه بخصوص زعامات الجماعات الدارفورية". في سياق التحليل اتخذت من عبد الواحد نور نموذجا مخبريا لتشخيص الحالة. تناول التحليل حالة البانارويا، أو الخوف المرضي الذي يعاني منه عبد الواحد والذي يمنعه من دخول دارفور منذ سنوات، إضافة إلى افتقاره إلى كوادر مسلحة أو قاعدة سياسية داخل دارفور. كما ألمحت في ذلك السياق إلى السمسرة السياسية التي يمارسها عبد الواحد، والتي من بين فصولها رفضه التوقيع على اتفاقات أبوجا بسبب الخلاف الذي نشب بينه وبين وفد حكومة الخرطوم حول (كذا) مليون دولار كان من المفترض أن يقبضها عبد الواجد من وفد حكومة الخرطوم قبل التوقيع.. لكن وفد الحكومة (جزّ) جزء من المبلغ!. كما أوضحت بشيء من التفصيل الأذى الكبير الذي ألحقه عبد الواحد بأهل دارفور جراء أحاديثه إلى أجهزة الإعلام التي حطّ فيها من مكانة نساء ورجال دارفور عند الرأي العام الغربي.



    كما بينت في ذلك السياق الزيارات السرية التي يقوم بها عبد الواحد لبعض أقطار الجوار السوداني مثل الزيارة التي قام بها سرا إلى ليبيا. تلك الزيارة التي أحيطت بتكتم شديد، والتي حاول عبد الواحد التستر عليها بسيل التصريحات التي أكد فيها مرارا أنه لن يذهب إلى ليبيا للمشاركة في مفاوضات طرابلس. وفعلا لم يشارك عبد الواحد في مفاوضات طرابلس، لكنه سافر وعاد من ليبيا قبيل أن تبدأ جلسات مباحثات طرابلس!. لماذا إذن يقول عبد الواحد جهرا أنه لن يذهب إلى ليبيا ويطالب بنقل المفاوضات من طرابلس ثم يزور ليبيا سرّا؟. ولماذا تكتمت ليبيا بدورها على الزيارة؟ وما طبيعة العلاقة المتستر عليها؟. قد نجد إجابة في هذه المداخلة التي أكتبها بسبب الجلبة التي أعقبت إعلان عبد الواحد فتح مكتب له في إسرائيل، وأيضا محاولة مني لتصحيح الخطأ المشترك الذي وقع فيه معظم الذين عالجوا هذا الموضوع..



    صحيح أن ما سقته من بيّنات وتحليل لشخصية عبد الواحد كان صادما للكثيرين، حيث رأى البعض أنني تحاملت عليه بعض الشيء. بل هبّ البعض في أماكنهم دفاعا عنه من منطلق قبلي جهوي لا أكثر، فما استطاعوا لما كتبته نقبا. وفجأة إذا بعبد الواحد يباغت الجميع بفتح مكتب باسم حركته في إسرائيل. وقد كانت الصدمة أشد على أولئك الذين اتبعوه أو ناصروه أو تصدوا للدفاع عنه. لذلك تراجعوا عنه بخطوات واسعة. أمس واليوم وباكر لا أتحامل عبد الواحد ولم أكتب في يوم من الأيام عن أي قضية من منطلقات شخصية لأنني أزعم أنني أحد الذين أدركوا أن الهوى الشخصي يفسد الحجة والمنطق.. إنه فقط السياق العلمي للتحليل الذي يخترق هلامية المجاملات.. لا أكثر من ذلك ولا اقل..



    بالتأكيد لم أكن أعلم أن عبد الواحد نور سوف يفتح مكتبا أو بيتا في إسرائيل أو أي مكان آخر. لكنني لم أفاجأ بموضوع مكتب إسرائيل لأنه عمل يتسق تماما مع نمط شخصية عبد الواحد الذي اعتقد أنني حددت معالمها في التحليل المذكور. بل لقد جاء موضوع مكتب إسرائيل ليؤكد ما ذهبت إليه بشأن الأدوار المزدوجة التي يؤديها عبد الواحد.



    لقد أخطأ كل الذين حاولوا أن يجدوا تفسيرا للدوافع التي حملت عبد الواحد لفتح مكتب في إسرائيل. وفي تقديري أن الخطأ في التفاسير يرجع إلى سببين، أولا جميع الذين حاولوا تفسير فتح المكتب حصروا قراءتهم ضمن إطار عبد الواحد وحركته ولم تشتمل دائرة القراءة عندهم جميع المعطيات الأخرى المتاحة. وثانيا كان إخفاء الحقيقة متقنا. لذلك انقسمت التفسيرات والآراء إلى فئتين: فئة تبرر خطوة عبد الواحد بحجة أن عديد الأقطار العربية لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل (وكأن الجرم يبرر الجرم المماثل). والفئة الثانية استنكرت واتهمت عبد الواحد بالعمالة لإسرائيل. طبعا حكومة الخرطوم انتهزت المناسبة وحاولت الصيد في هذا الماء وزعمت كعادتها أن الأصابع الإسرائيلية وراء تفاقم أزمة دارفور.. لعل تعليق أزمة دارفور على رقبة إسرائيل قد يغسل الحكومة عن مسؤوليتها في تسبيب الأزمة وتداعياتها. الفئتان على خطأ وحكومة الخرطوم وقعت في الكذب المشهود!.



    هناك الكثير من البراهين التي تؤشر إلى وجود حقيقة مخفية بعناية حول مكتب إسرائيل. ولكي نميط الغموض المتعمد ونتجنب السراديب الوهمية التي تقود إلى غير الحقيقة كالتي يحفرها الكهنة حول قبور الفراعنة، لابد أولا من الاحاطة بجوانب شخصية عبد الواحد وبالتالي التعرف على طبيعة الأعمال التي يمكن أن يؤديها. وثانيا لابد من طرح الأسئلة واتّباع المنطق الاستدلالي لعله يصل بنا على إجابات منطقية. من السهولة بمكان الإلمام بجوانب شخصية عبد الواحد، فهي شخصية نمطية ذات بعدين، وقد سبق أن شرحت بعض جوانبها في التحليل المذكور، (والذي يمكن الرجوع إليه حيث أقوم بإعادة نشره عند نهاية هذه المداخلة لمن أراد المتابعة.. خاصة وأن العديد من المهتمين طلبوا مني إرساله على عناوينهم الالكترونية!). أما الأسئلة الاستدلالية فألخصها في الآتي:

    لماذا أقدم عبد الواحد على فتح مكتب في إسرائيل وهو يعلم تماما أن خطوته سوف تكون لها انعكاسات سالبة وسط أهل دارفور؟.

    ولماذا لم يأبه عبد الواحد بردود فعل أهل دارفور وهو يعلم موقفهم التاريخي من إسرائيل بحسبان قضية الشعب الفلسطيني وقوة الرابطة الدينية عند أهل دارفور؟.

    وكيف يتأمل عبد الواحد أن يصبح زعيما سياسيا في مستقبل دارفور، بعد التسوية حتى لو قبل العالم بكل شروطه، بينما أهل دارفور لن يقبلوا أن يكون لهم مكتبا في إسرائيل؟.

    وإذا قسنا سلبيات خطوة عبد الواحد بإيجابياتها نجد في عملية حسابية بسيطة أن حجم السلبيات الكبير على المستويات السودانية والإسلامية والدولية غير قابل للمقارنة بايجابيات تكاد تكون معدومة تماما. فهل أصابت عبد الواحد لوثة عقلية حتى يحصد هذا الكم الهائل من السلبيات له ولمستقبله السياسي؟. لماذا إذن هذا التصرف؟ ماهي دوافعه الحقيقية؟ وما المقابل؟..



    ويمكن الإجابة على هذه الأسئلة بشكل تضامني بالقول



    أولا: عبد الواحد لم تصبه لوثة في عقله الذي عنده، وكل من له عقل كان لابد أن يدرك أن فتح مكتب في إسرائيل لأي حركة وبالذات دارفورية لابد أن يتسبب في صدمة قوية لكل أهل دارفور، ولابد أن تكون له انعكاسات سلبية كبيرة. من هذه البديهية تجنبت الحركة الشعبية وهي في أوج معاركها ضد (العرب) الإقدام على فتح مكتب لها في إسرائيل. وبرغم محاولات حكومات الخرطوم ربط الحركة الشعبية بإسرائيل، فقد ظلت الحركة الشعبية تنفي بعناد وإصرار أي علاقة لها بإسرائيل. إذن عبد الواحد كان يدرك الانعكاسات السالبة التي تنجم عن فتح مكتب تل أبيب. هذه النقطة تطرح السؤال: لماذا فعل ذلك؟. الإجابة على السؤال تحيلنا إلى النقطة ثانيا.



    ثانيا: عبد الواحد ليست له قاعدة عسكرية أو مدنية سياسية متماسكة داخل دارفور. فعلى الصعيد العسكري تم عزله على يد القيادات العسكرية الميدانية التي أصبحت تحت قيادة مني أركو مناوي منذ أن رفض عبد الواحد الدخول إلى "المناطق المحررة" وأصر على عقد اجتماع الحركة في فندق في طرابلس في ليبيا. ومن نافل القول أن الذي لا يملك جماعة مسلحة داخل دارفور لا يملك شيئا البتة ولا يملك ورقة يلعب بها حربا أو سلما أو تفاوضا. كذلك ليست لعبد الواحد قاعدة اجتماعية سياسية داخل دارفور، حيث يعتمد عبد الواحد فقط على ترويج وعود المغريات المادية في أوساط النازحين، وهي ورقة قد احترقت وفقدت فاعليتها. إذن عبد الواحد لا يملك شيئا داخل دارفور حتى يخسره. ولذلك لم يكترث عبد الواحد لردة فعل أهل دارفور.



    ثالثا: وتأسيسا على ما سبق، ومن حيث أن عبد الواحد ليست له امتدادات حقيقية داخل دارفور أو داخل السودان، فإنه تبعا لذلك لا يكتسب قوة البقاء على الساحة أو الصلاحية بموجب انتخاب أو تفويض ممنوح له من قاعدة اجتماعية. فلو كانت لعبد الواحد مثل هذه الامتدادات لكانت قد صدرت عنها ردود فعل قوية تتناسب مع الحدث ربما أدت إلى تنحيته عن تزعم الحركة لأن فتح مكتب في إسرائيل ليس بالأمر الهين عند أهل دارفور. لكن لم تحدث أي ردة فعل لأنه لا يمكن أن تصدر ردة فعل عن قواعد غير موجودة أصلا!.. طبعا عدا محاولات حكومة الخرطوم البائسة لاتهام عبد الواحد بالعمالة لإسرائيل فوقعت في الكذب لأن عبد الواحد ليس عميلا لإسرائيل!!. النتيجة هنا أن عبد الواحد حركة في شخص أو شخص في حركة، فهو بالتالي لا يستمد زعامته لحركته من تفويض أو انتخاب قاعدة اجتماعية داخل دارفور سواء كانت هذه القاعدة منظمة أو غير منظمة عسكرية كانت أو مدنية. ولتقريب هذه الصورة فإن عبد الواحد وحركته المجسدة فيه عبارة عن رأس كثير الكلام والحركة لكن بدون جسد أو أطراف!.



    رابعا: وعندما لا يستمد (الشخص الحركة) قوته من بلده أو شعبه، فهو بالضرورة يستمد مقومات وجوده واستمراريته من قطر أو دولة أو قوة إقليمية أو دولية. وبما أن تلك الجهة أيا كانت لا تمد عبد الواحد أو غيره بالمقومات بسبب لون عيونه أو كصدقة لوجه الله، لابد أن يكون هنالك المقابل الذي يقدمه عبد الواحد لقاء المقومات الممنوحة له. وحتى لو تجاوزنا وجود مقابل، فهناك بالتأكيد تنسيق ناشئ بينه وبين تلك الجهة حول مصير ومستقبل دارفور.



    خامسا: الدول والأقطار لها أجندة محددة داخلية وخارجية. ومن البديهي أن لا يخرج المقابل الذي يقدمه عبد الواحد عن إطار خدمة أجندة الجهة التي تقدم له المقومات. ومن حيث أن عبد الواحد في عداد الأمور الخارجية لهذه الجهة، فمن الطبيعي إذن أن تقع خدماته ضمن نطاق الأجندة الخارجية للجهة أو الحكومة التي تمده بالمقومات المادية والمعنوية الوارد ذكرها. إذ لا يعقل أن يطلب منه تقديم خدمة للأجندة الداخلية!.



    سادسا: عبد الواحد أو من هو في مواصفاته يكتسب قيمته من ارتباط اسمه بحركة أو تزعمه لحركة مرتبطة بقضية ساخنة مثل قضية دارفور. بدون هذه الرابطة تسقط قيمته لدى الجهة التي تمده بالمقومات المادية والمعنوية. وتأسيسا عليه فإن مقابل الخدمة الذي يقدمه يتم بالتأكيد تحت غطاء اسم الحركة، وبالتالي توظيف القضية الوطنية التي يزعم أنه يتصدى لها في خدمة أجندة تلك الجهة. عبد الواحد ليس الأول أو الأخير، فقد سبق أن أسست القوى الدولية والإقليمية العديد من الحركات لخدمة أجندتها خاصة في القارة الأفريقية إبان معارك التحرير من الاستعمار (أنغولا، جنوب أفريقيا...)



    سابعا: الأجندة الخارجية للجهة أو الحكومة التي تقدم المقومات عادة ما تكون أجندة ذات شقين. شق يتعلق ببلد الشخص (أو بإقليم من أقاليمه ذات المساس والأهمية مثل أهمية إقليم دارفور بالنسبة للأقطار المجاورة والدول ذات العلاقة). لجهة هذا الشق، لا شك أن عبد الواحد يقدم الخدمة المطلوب منه تقديمها، أو إن شئت أنه يقيم نوعا من التنسيق مع الجهة التي تمده بالمقومات حول مصير ومستقبل دارفور. هذه الخدمة أو العلاقة لا تعني أن عبد الواحد قد أصبح مجرد عميل، إذ غالبا ما تضمن له هذه العلاقة دورا له في دارفور. لكن هذا الدور لا يخرج عن إطار المستقبل المرسوم لدارفور في أجندة تلك الجهة. مثلا إذا كانت الجهة المعنية ترى انفصال دارفور، فإن عبد الواحد مخطط له أن يكون أحد أركان "حكومة دارفور المستقلة". وإذا رأت الجهة المعنية الإبقاء على التوتر، يظل عبد الواحد "خميرة العكننة" أو العقبة التي تحول دون التوصل إلى تسوية.. وهكذا.



    أما الشق الآخر من الأجندة الخارجية لتلك الجهة، فإنه يقع في فضاءات العلاقات الخارجية لتلك الجهة أو الحكومة أو البلد الذي يقدم المقومات. فقد ترى تلك الجهة أن الحركة المعنية مثل حركة عبد الواحد خير من يقوم بمهمة تكتيكية مرحلية لا تريد الجهة المعنية القيام بها مباشرة في الظرف الإقليمي والدولي الراهن. مثلا إذا افترضنا أن ليبيا.. أو حتى تشاد، تريد أن تقيم علاقة دبلوماسية مع إسرائيل، فإنها بالضرورة تحتاج إلى "بالونة اختبار" لمعرفة ردود الأفعال الإقليمية والدولية قبل أن تقدم على تنفيذ الخطوة الكاملة، كما تحتاج إلى جسم عازل لتلقي وامتصاص ردود الأفعال. طبعا بالونة الاختبار لابد أن تكون من جنس المحيط الجيوسوسيوسياسي (والكلمة قمت بتركيبها من عندي) أي من نفس المنطقة الجغرافية ذات التركيبة الاجتماعية العربية الأفريقية الإسلامية.. إذ ستكون بالونة الاختبار عديمة الفاعلية لو كانت من جزر الموز!. وإذا مضينا في هذه الفرضية المنطقية، فإن عبد الواحد وحركته المتحدة في اسمه أفضل من يقوم بهذه المهمة. وبذلك تكون الجهة التي تقدم المقومات لعبد الواجد قد نجحت في أن تفتح لنفسها "مكتب رعاية مصالح واتصال" في إسرائيل، واستخدمت في نفس الوقت حركة عبد الواحد قبعة.. أو طاقية حمراء أو خضراء محبوكة في دارفور السودانية!. وبذلك أيضا تستخدم هذه الجهة مكتبها في إسرائيل وقد جعلت من جسم واسم عبد الواحد وحركته جدارا واقيا لامتصاص ردود الأفعال الإقليمية والدولية. ومن حيث أن عبد الواحد ليست له امتدادات فعلية عسكرية أو سياسية أو اجتماعية داخل وطنه الأم، فإن قيامه بتنفيذ المهمة لن تكون له انعكاسات مؤثرة قد تؤدي إلى تدمير الحركة.. فهو حركة في شخص أو شخص في حركة.



    لا أرمي من هذه المداخلة إدانة أو عدم إدانة فتح مكتب تمثيل مصالح في إسرائيل بقدرما كان هدفي محاولة الوصول للبعد الثالث المخفي بعناية. واعتقد أن اتخاذ المنطق الاستلالي قد يشكل أفضل الوسائل للوصول إلى جذر المسألة. ولا شك عندي أن نتيجة هذا السياق المنطقي تلتقي حتما مع ما قد يكون قد رشح من معلومات أو ما سوف يفرزه المستقبل من أفعال لتقطع باليقين شك من يشك حتى الآن في تلك "الجهة" التي فتحت لنفسها مكتبا في إسرائيل.. وضحت الفكرة.. أليس كذلك؟!.



    سالم أحمد سالم باريس



    أبريل 2008





    في الصفحات التالية نص التحليل المشار إليه:

    حتى نفهم قضية دارفور (المحاضرة الأولى)

    مدخل في المسكوت عنه بخصوص زعامات الحركات





    حتى نفهم قضية دارفور (المحاضرة الأولى)



    مدخل في المسكوت عنه بخصوص زعامات الحركات:

    الدكتاتورية.. الخوف المرضي.. إلصاق الدونية.. خدمة أجندة الغرب والحكومة.. مقاول الحروب.. حادثة الأطفال.. وكذا مليون دولار لزوم التوقيع على الاتفاق!





    سالم أحمد سالم

    باريس

    [email protected]







    قضية دارفور شوكة في خف الحكومة السودانية الراهنة، وقميص عثمان عند الأحزاب السودانية داخل خارج قسمة "ثروة السلطة". والحال لا يختلف عن كذلك بالنسبة لزعامات الفصائل والجماعات الدارفورية، وقد جعل بعضهم من القضية محفة تحمله إلى كراسي القصر الجمهوري، والبعض الآخر اتخذ منها وسيلة للتكسب الدولي فانقلبوا إلى لوردات ومتعهدي حروب. وسوف أجعل من هؤلاء مدخلا لهذا السياق وسأقول عنهم الكثير من المسكوت عنه...

    ملفات دارفور أصبحت تحمل إقامة دائمة في مجلس الأمن ولا تكف عن الطواف حول البيت الأبيض الاميريكي، ولا عن السفر والتنقل بين عواصم الاتحاد الأوروبي وروسيا مرورا بسائر العواصم والبلدات الأفريقية والعربية. وطلبت قضية دارفور الحل ولو في الصين، حتى حط بها الرحال أخيرا في سرت الليبية، والله وحده أعلم بمحطتها القادمة.‎‏..

    تعقيدات دارفور لا سابق لها في التاريخ السياسي المعاصر ولا القديم. فقد تفاقمت في سرعة مذهلة وتشابكت خيوطها وتداخلت فيها الأطراف والنزعات والمصالح المحلية والدولية والإقليمية. حتى الآن لدينا ستة محاور متشابكة حول دارفور، منها أربعة محاور سودانية هي محور الحكومة الراهنة، ثم محور الفصائل أو الحركات الدارفورية المسلحة، ثم محور الأحزاب السودانية، والمحور الرابع يختص بموقع السودان الاستراتيجي.‎‏ أما المحوران الخارجيان فهما محور القوي الدولية، ثم المحور الإقليمي المتمثل في الأقطار المجاورة للسودان.‎‏ تداخلت المحاور الستة وتشابكت فأصبحت مثل كرة من الخيوط متداخلة ومختلفة الألوان‎. فالمحاور المحلية متداخلة مع تلك الإقليمية، والدولية متشابكة بكليهما‏‎.‎‏ ولكي نفهم هذه القضية لابد أن نجلس أولا في صبر وأناة مثل صائد السمك الذي تشابكت خيوطه وشباكه فنعمل على فض الاشتباك بين هذه الخيوط أو المحاور ونعزلها عن بعضها قدر المستطاع، ومن ثم نعيد انتشارها أو قراءتها بصورة متضامنة لمعرفة تأثيراتها المتبادلة.‎‏ فالقراءة المتأنية هي وحدها التي سوف تمكننا من معرفة الدوافع وراء المداخلات الدولية والإقليمية والمحلية حول دارفور. ومن ثم يمكن أن نضع الإطار العام للمعالجة، وبما أنني لا أدعي لنفسي القول الفصل في هذه القضية، فإنني أتوسم أن يفتح هذا السياق بابا لحوار علمي يسمو فوق الأغراض الحزبية أو الجهوية، لكن ينبغي أن يتحلى الحوار بالشجاعة العلمية.



    كان من المفترض أن أعالج المحاور حسب الترتيب الذي ذكرته أنفا. لكن لدينا الكثير من الدوافع التي تملي علينا أن نبدأ بتشريح استباقي نتناول فيه أفكار وتطلعات زعامات الجماعات الدارفورية. من هذه الدوافع: الدور الذي تلعبه هذه الزعامات في المستجدات المتلاحقة وتأثيرات هذه المستجدات على مجريات قضية دارفور وبالتالي قضايا المجتمعات السودانية كافة. وضمن هذه الدوافع بل وأهمها أن الأطراف الدولية والإقليمية تدفع الآن وحثيثا نحو إبرام صفقة اتفاق بين هذه الزعامات وحكومة الخرطوم. ولا شك أن الاتفاق المزمع سوف يكون ضمن المكونات الأساسية التي تشكّل مستقبل السودان السياسي والاجتماعي والاقتصادي والجغرافي. إذن علينا أن نسابق الزمن قبل إبرام الصفقة، أي قبل أن يتم رسم قسمات مستقبل السودان، إذ لم يعد هنالك من وقت ولا مكان للسكوت والمجاملة ودهن الوبر والغفلة، فإنها وأيم الحق مفسدات ألحقت الضرر البليغ بالعباد والبلاد، وهذا الواقع الراهن شهيد على ما نقول. ثم إن الاهتمام بالمستقبل يتطلب رسم قسمات المستقبل في هذا الحاضر بدلا أن ننتظر حتى يأتي المستقبل وأيدينا خواء، حيث يكون قد مضى زمن الفعل وأصبح المضارع فعلا مضى ألقى عليه الغير بجوازمهم ورسموا ملامح مستقبلنا نحن على الوجهة التي تحقق مصالحهم. كل هذه المعطيات تشكل دافعا واحدا منسجما لكي أبدأ بزعامات الجماعات الدارفورية، وإليك.



    نبدأ من باب التصرفات، حيث نلاحظ أن بعض رؤوس الجماعات الدارفورية، واخص منهم بالاسم عبد الواحد نور، قد انتهزوا فرصة انفتاح الإعلام الغربي والعربي عليهم فأخذوا يطلقون أحاديث سوف نرى أنها أضرت بالقضية أيما ضرر وحرفتها عن مسارها وعزلتها عزلا عن بقية قضايا التخوم السودانية. فمن يستمع مثلا إلى العبارات المكرورة والمحفوظة عن ظهر قلب التي يطلقها عبد الواحد نور عن "الاغتصاب الجماعي"، يعتقد جازما أن كل حرائر دارفور قد أصبحن سبايا يتم اغتصابهن أطراف الليل وآناء النهار. كذلك لا يكف عبد الواحد عن ترديد عبارة "الإبادة الجماعية التي يتعرض لها شعبي". طبعا سوف نعرض لاحقا في هذا السياق للفظائع التي ارتكبتها حكومة الخرطوم في محاولاتها الفاشلة لحل المشكلة حلا عسكريا. لكن الذي يهمنا الآن في هذه الجزئية أن مكمن الخلل في تفكير عبد الواحد، أو ربما بسبب افتقاره إلى الحنكة السياسية، هو اعتقاده أن مثل هذه العبارات الضخمة سوف تستقطب مشاعر العطف عند الرأي العام الأوروبي. لكن سوف نرى من السياق أن مثل هذه العبارات تأتي بمردود عكسي تماما ولا تحرك خلجة في مشاعر الرأي العام الغربي. وفي نفس باب التصرفات وأدب المخاطبة لابد أنكم لاحظتم أيضا أن عبد الواحد يسرف في تكرار كلمة "شعبي" في نرجسية عجيبة هي مدعاة للسخرية عندما تصدر عن يافع في الحياة السياسية جاعلا كل أقطاب دارفور وزعامات دارفور السياسية والتاريخية تحت إبطه.. بلا رحمة.. ولم يترك لنا ولغيرنا "شعبي" واحدا ندعيه لأنفسنا!!.



    إن أول ما تفرزه مثل هذه التصريحات أنها تضع دارفور وعزة أهلها وشرف نسائها في موقع الدونية في نظر المجتمعات الدولية، فتزيد من تدني النظرة الدونية التي تنظر بها المجتمعات الغربية أصلا إلى كل أفريقيا ناهيك عن دارفور والسودان بأسره. وبما أن النظرة الغربية تحكمها المصالح لا العواطف، فإن الإمعان في تكريس الدونية لا يستدر العطف، بل تفسره سيكولوجية المجتمعات الغربية بأن الأرض المعنية وشعبها أصبحا منطقة مباحة جاهزة للاستغلال بكل صوره وأشكاله. ومن حيث أن الإعلام الغربي يلعب الدور الأساسي في تشريط وتشكيل الرأي العام الغربي، فهو بالتالي رأس الرمح في عمليات الترويج لتكريس دونية باقي شعوب الأرض. ومن حيث أن الآلة الإعلامية الغربية القوية تحتاج باستمرار لأدوات ومؤثرات لأداء هذا الدور، أي وصم شعوب الأرض بالدونية، فإنها تسعى إلى تسخير كل صوت لأجل هذه المهمة مثل صوت عبد الواحد نور أو خلافه. والمسألة لا تقتصر على دارفور أو السودان برمته، فالإعلام الغربي درج على وضع الشعوب الأفريقية والعربية والآسيوية واللاتينية كافة في موضع الدونية. ولعلنا نؤكد هذه النظرة الغربية من خلال مئات التقارير المصورة الكريهة المنتقاة التي تبثها القنوات وتنشرها المجلات والصحف الأوروبية والأميريكية عن الشعوب الأفريقية والعربية والآسيوية واللاتينية. وعلى النقيض من ذلك، تتجلى روعة الإعلام الغربي ومصداقيته وهو يتناول القضايا السياسية والاجتماعية الأوروبية الأميريكية في منتهى الشفافية والديموقراطية المتوازنة. فما أروع الإعلام الغربي وهو يعكس بإفراط ملحوظ الجوانب الحضارية الأوروبية الباهرة، بينما يغمض عيون عدساته ويكف أقلامه عن بؤر الفقر المدقع والعطن الاجتماعي والعنصرية المتفشية في قلب وأطراف المدن الأوروبية والأميريكية، والتي لا نجد لها مثيلا حتى في مخيمات اللاجئين الأفارقة في دارفور وغير دارفور. وحتى في الحالات التي يضطر فيها الإعلام الغربي إلى تسليط الضوء على هذه البؤر الأوروبية، فإنه يعرض فقط صور الأفارقة والعرب والآسيويين الذين يقطنون في هذه المناطق، فيزيد ذلك من تكريس الدونية على هذه الشعوب. حتى إعلام الأمم المتحدة والمنظمات الدولية وقع في فرية إلصاق الدونية بالشعوب غير الأوروبية عندما ينشر صور الأطفال الأفارقة والعرب والآسيويين في الملصقات والأفلام الوثائقية والدعائية التي تصدرها الأمم المتحدة عن الأمراض والأوبئة والمجاعات في العالم بما فيها مرض الإيدز(مثلا ملصقات وإعلانات اليونسكو التي تجسد الفقر والمرض في صور أطفال آسيا وأفريقيا..).

    لكن عندما يتناول الإعلام الغربي القضايا الأفريقية يخرج إلى مجتمعاته بتلك التقارير اللئيمة. والإعلام الغربي لا يتناقض مع نفسه عندما يصدق أهله ويحط من شأن شعوب العالم الأخرى. ذلك أن الإعلام الغربي يعمد إلى إبراز سلبيات المجتمعات الأفريقية والعربية والآسيوية لسببين أساسيين: السبب الأول، وهو أخف السببين ضررا، هو تقديم المادة الإعلامية المثيرة التي تصدم المتلقي الأوروبي وترفع من شعبية المطبوعة أو القناة، وبالتالي رواجها وتسويقها. ومن الطبيعي أن يصدّق المواطن الأوروبي والأميريكي كل ما تبثه أجهزته الإعلامية لأن هذه الأجهزة كما ذكرنا تصدق مع مواطنيها عندما تتناول القضايا الداخلية الأوروبية والأميريكية. زد على ذلك أن الإعلام الغربي هو المصدر الوحيد للمعلومة بالنسبة للمواطن الأوروبي حيث فشلت المنظومات الأفريقية والعربية والآسيوية أن يكون لها أجهزة إعلامية موازية قادرة على مخاطبة الرأي العام العالمي وفي قوة وتأثير الإعلام الغربي الأميريكي. ولطالما جهدنا أن يكون هنالك إعلام عربي أفريقي على مصداقية مع شعوبه، ولطالما تثلمت مجاهداتنا على صخور الحكومات الشمولية التي لا ترعى فينا إلا،ّ ولا ترعي إلا أبواقا تسبح لها وحدها باسمها وبحمدها، ولطالما اندحرت مساعينا أمام الأيادي العربية الفولاذية القابضة على المال شحا أن تجود به على إعلام معافى ولا تجود من المال إلا بمقدار ما يطفئ الشهوات. المهم!.

    وأما السبب الثاني وراء بث الإعلام الغربي التقارير المصورة السالبة عن المجتمعات الأفريقية والعربية والآسيوية فيكمن في أن هذه التقارير تتماهى مع سياسات العديد من المنظمات والحكومات وجماعات الضغط الاقتصادية والسياسية والعسكرية الأميريكية والأوروبية المتغلغلة في أو المالكة لأجهزة الإعلام الغربية. طبعا الهدف المعروف تاريخيا لهذه السياسة هو التأكيد للشعوب الغربية أن بقية شعوب الأرض تقع في المرتبة الأدنى قياسا لها، أي قياسا للشعوب الأوروبية الغربية. هذا التكريس هو هدف تكتيكي لأهداف استراتيجية اقتصادية سياسية تستتبع ذلك. فمن هذه الدونية يتبلد إحساس المجتمعات الغربية تجاه آدمية الشعوب الأفريقية والعربية والآسيوية واللاتينية فلا ترى فيها مكافئا بشريا يصل إلى مصاف مقامها الأوروبي الرفيع!. ونجسد هذا التبلد الغربي تجاه آدمية الغير في الفرحة الغامرة التي تنتاب الأميريكي والغربي من مشاهد الفتك الجماعي الذي يمارسه "البطل" الأبيض ضد الهنود الحمر في أفلام رعاة البقر. فموت الهندي الأحمر أصبح معادلا للفرح. والمخزي حقا أن عدوى الفرح بقتل الهندي الأحمر قد انتقلت إلى الشعوب الأفريقية والعربية والآسيوية، حيث لا تدري هذه الشعوب أنها هندي هذا الزمن!. فالسينما الأميريكية بما فيها العديد من أفلام الأطفال هي أخطر أدوات الإعلام الغربي لأنها تجسد صورة الخير في الرجل الأبيض والشر أو الدون في عداه من شعوب الأرض كافة. وعليه، ولكي يلقي الإعلام الغربي على تقاريره غلالة من المصداقية، يلجأ إلى تضمين تقاريره مقابلات بالصورة والصوت لأفراد من نفس القطر أو المنطقة المستهدفة، حيث تؤدي مثل هذه المقابلات دور اللوحات الخلفية التي تكسب التقرير صفات الواقعية والميدانية، وبالتالي تبليغ الرسالة للمتلقي الأوروبي، ومن ثم تثبيت الهدف النهائي وهو إسقاط الدونية على هذا الشعب أو ذاك الإقليم. وأشاهد في القنوات الأوروبية الكثير من التقارير عن دارفور لكن بصور من أقطار ومناطق أفريقية أخرى. فالمواطن الأوروبي لا يميز بين الأفارقة وأقاليم أفريقيا. لكن أثناء التقرير يطل عليك أحد زعامات جماعات دارفور وهو يتحدث عن الفظائع والإبادة والرق واغتصاب النساء والفقر والمرض.. وهكذا يصبح التقرير من دارفور!! (نموذج: تصريحات وصور عبد الواحد التي تبثها القنوات الأوروبية والعربية).

    إلصاق الدونية بالشعوب ليست جديدة أو أنها ذات نزعة عسكرية اقتصادية فحسب، بل تقوم على مفاهيم فكرية من منظور بعض الفلاسفة والمفكرين الأوروبيين. من هؤلاء على سبيل المثال الفيلسوف البريطاني جون ستيوارت ميل (1806 ـ 1873) الذي كتب بصريح العبارة أن البلدان أو الشعوب غير الأوروبية تحتاج إلى حكومات شمولية يديرها الغرب!. وقد ظلت هذه المدرسة مسيطرة على الفكر السياسي والاجتماعي الغربي إلى اليوم، وتجسدت هذه المدرسة في رعاية الحكومات الأوروبية للدكتاتوريات الأفريقية مثل بوكاسا وغيره كثر حتى يوم الناس هذا. وطبيعي أن نرى من زاويتنا أن رأي ستيوارت ميل إضافة عنصرية بغيضة، لكن الواقع أن كل هذه المعطيات الفكرية والاقتصادية والعسكرية قد شكلت مجتمعة هذه النظرة الدونية التي تنظر بها الشعوب الغربية للشعوب الأخرى، خاصة نظرتها للشعوب الأفريقية والعربية والآسيوية.

    إذن من تكريس النظرة الدونية يتبلد وجدان المواطن الأوروبي ويموت عنده الواعز الأخلاقي ويتم استئصال شعوره الإنساني تجاه شعوب الأرض، ومن هذا التبلد تتفرخ العنصرية وابادة الشعوب بلا تأنيب ضمير، بل يحس الأوروبي البسيط، والضحية أيضا، أنه يؤدي عملا حضاريا وهو يغترف المذابح الجماعية! (مذبحة كرري، مذابح جنوب أفريقيا، مذابح فييتنام، تكديس الأفارقة وشحنهم في رحلات الموت والعبودية إلى أميريكا وأوروبا، مذابح الجزائر، مذابح الحرب العالمية الأولى والثانية.. وغيرها الكثير). ومن كل هذا الخليط تتشرعن سياسات استباحة الشعوب واستعمارها واستعبادها وبالتالي استغلال مواردها كهدف نهائي... بما في ذلك استجلاب أطفال الشعوب لا رأفة بهؤلاء الأطفال، لكن لإشباع غريزة الأمومة والأبوة عند الأسرة الأوروبية.. وشتان بين هذه رأفة وذاك إشباع!.

    بالتأكيد ليس القصد من وراء هذا السرد العلمي أن أسجل إدانة للمجتمعات الغربية أو لمؤسساتها الإعلامية، فهذا هو السلوك الذي درجت عليه الإمبراطوريات المادية العسكرية على مدار التاريخ. لكن المقصد الأساسي هو أن تدرك الشعوب الأخرى هذا الجانب في سيكولوجية الشعوب الغربية حتى تبتدع الشعوب الأفريقية آليات علمية صحيحة ولغة خطاب تؤكد من خلالها أنها فعلا مكافئ بشري لشعوب الأرض كافة. نخلص هنا أن الآلة الغربية ذات تروس إعلامية وسياسية واقتصادية وعسكرية يحرك بعضها بعضا وتدور في اتساق وانسجام مثل محرك السيارة. سر نجاح الآلة الغربية أن الآلية الديموقراطية هي الطاقة المحركة لها وهي الوقود الذي لا ينضب وهي الزيت الذي يحول دون اصطكاك أو تحطم تروسها. لذلك مهما كان موقف هذه الآلة الغربية من شعوب العالم وقضاياه، فإنها جديرة بالاحترام لأنها تنتج لشعوبها ما هي عليه اليوم من تقدم، وليت الشعوب الأفريقية والعربية تفعل ذلك. المهم هنا أن الآلة الأوروبية قد نجحت في توظيف قضية دارفور ورؤوس جماعات دارفور وحكومة الخرطوم كأدوات لخدمة أجندتها. في المقابل استفادت بعض رؤوس جماعات دارفور من البريق الإعلامي المؤقت فاتخذت من محنة أهل دارفور عاهة لاستجداء صنوف الدعم الدولي. وبما أن خطاب الاستجداء يقوم على نعرة عرقية إقليمية (دارفور)، فقد أدى ذلك إلى عزل قضية دارفور عن قضايا المجتمعات السودانية الأخرى، حيث يستحيل إيجاد حل لهذه القضية في معزل عن قضايا المجتمعات السودانية الأخرى. ولا حل خارج كنف الديموقراطية الحقيقية. والجدير بالملاحظة أن عزل قضية دارفور يدعم وبقوة توجهات حكومة السودانية الراهنة الرامية إلى تفكيك قضايا التخوم والمجتمعات السودانية عن بعضها البعض، ومن ثم إبرام صفقات اتفاقات ثنائية مع كل طرف وإقليم على غرار اتفاقيات نيفاشا جنوبا وأبوجا غربا واتفاقية أسمرا شرقا. وبهده الحيلة تصبح حكومة الخرطوم هي الطرف الوحيد الممسك بكل حبال الاتفاقات. وعندما يدافع كل طرف أو جماعة عن مكتسباته الواردة في الاتفاقية يدافع تلقائيا عن حكومة الخرطوم. وبذلك تدافع كل الأطراف عن استمرارية حكومة الخرطوم وتدعو لها بطول العمر.. برفو !!!. وعليه فقد وقعت بعض زعامات ولوردات حرب دارفور من أمثال عبد الواحد نور في المحظورين، محظور خدمة أهداف حكومة الخرطوم، ومحظور خدمة مصالح الدول الغربية، وهي أهداف ومصالح تتناقض مع مصالح شعب دارفور. ومن بين هاتين الخدمتين، أو سمهما ما شئت، يخرج شعب دارفور صفر اليدين سائل الدماء معتم المستقبل تهوي به الريح في مكان سحيق في أتون اللجوء تتجهمه النظرة إلى الغريب.. وفي تلك الأثناء لا تكف زعامات جماعات دارفور عن ازدراد السميد الأوروبي الفاخر وقد رزنت مجالسهم يوما بعد يوم.



    لا الإعلام الغربي ولا عبد الواحد هما موضوعنا الأساسي، لكنهما علقا بثياب هذا السياق عن أزمة دارفور، فكان لزاما عليّ أن أعالجهما بهدوء لتبيان ما سبق وما يستتبع في هذه الفقرات. عبد الواحد نور المقيم في باريس التقيته ثلاث لقاءات عابرة في استوديوهات قناة فرانس 24 التي أجرت معنا مقابلات على الهواء حول موضوع دارفور. وبما أن عبد الواحد قد وضع نفسه في موضع القيادة لاحدي الجماعات الدارفورية، فقد أصبح هو في حد ذاته موضوعا للتحليل، وأصبح من حق الناس خاصة في دارفور معرفة الجوانب العامة لشخصية عبد الواحد. وعليه أقدم هذه الملاحظات غير الانطباعية مقرونة ومقروءة مع أوردناه:

    أول ما لاحظته في مكونات شخصية عبد الواحد أنه مسكون بهاجس أمني مرضي. مثلا من تجربة الحلقات التلفزيونية كان مقدم البرنامج لا يعرف حتى آخر ثانية إذا كان عبد الواحد سوف يحضر أم لا. وفوق ذلك يمتنع عن الرد على المكالمات الهاتفية التي تجريها معه القناة برغم كثرة الهواتف التي في حيازته !. ففي إحدى تلك المقابلات وصل عبد الواحد إلى الأستوديو يعد مضي نصف وقت البرنامج الذي كان على الهواء. كل هذه الإجراءات الأمنية التي لا يفرضها أعظم زعماء العالم، بل حتى عتاة زعماء المافيا فيها دليل أولي عن حالة الخوف المرضي (البانارويا) المسيطرة على شخصية عبد الواحد. أما الحكاية التالية فإنها تكشف مدى تغلغل الخوف المرضي في نفس عبد الواحد نور. فقد استضافتنا القناة الفرنسية أثناء شهر رمضان الماضي، وتصادف أن حل موعد الإفطار أثناء البرنامج، فكانت استراحة قصيرة قدمت لنا خلالها القناة الفرنسية أكوابا من الماء وبعض التمر. شربت أنا جرعة من الماء وتمرة لكسر الصيام. وبعد حين من الوقت نظرت ناحية عبد الواحد الذي كان يجلس على يساري مباشرة فلاحظت أنه يمسك التمرة بين أصابعه ودون أن يحتسي ولو جرعة من كوب الماء الذي كان أمامه تماما. سألت عبد الواحد: لماذا لا تفطر ؟. فأجاب: سوف أفطر بعد الدقيقة 45. ولما كان قد مضى على موعد الإفطار قرابة ربع الساعة، عاجلته بالسؤال: على توقيت أي بلد هذا ؟. لم يحر عبد الواحد جوابا واكتفى بالصمت والتململ على مقعده. كان من الوضوح بمكان أن عبد الواحد متوجس أن تكون جهة ما قد دست له السم في الماء أو التمر !، لذلك تركته لشأن هواجسه وواصلت حديثي الجانبي مع مقدم البرنامج ومع السياسي التشادي ابن عمر قبل استئناف الحوار على الهواء. وفجأة لاحظت أن كوب عبد الواحد قد اقترب ناحيتي. تغافلت عنه، حتى لاحظت يد عبد الواحد وهي تحرك باحترافية عالية كوب الماء رويدا رويدا إلى ناحيتي حتى صار كوبه مجاورا لكوبي، وحتى أصبح من الوارد جدا أن ألتقط كوبه بالخطأ أثناء انشغالي بالحديث الجانبي مع مقدم البرنامج. ولا يفوت على الفطنة أن عبد الواحد أراد أن أشرب أنا من كوبه الذي خيل إليه أنه كان مسموما!. نظرت إليه مليا حتى فهم أنني أدركت مغرى تصرفه. وبعد انتهاء البرنامج، وعلى نفس هواجس البانارويا انسل عبد الواحد من الأستوديو دون أن يراه أحد ودون أن يحس أحد بحركته لأنه لم يقل مع السلامة لا بالصوت ولا بالإشارة !.

    سلوك عبد الواحد معي على المستوى الشخصي لا يشكل دافعا عندي للكتابة. وما كنت لأروي هذه الواقعة إلا من باب الاستدلال على حالة الرعب الأمني المرضي الذي تنطوي عليه نفسية عبد الواحد. لا نعيب على الإنسان العادي أن يخاف حتى لو كان خوفا غريزيا مرضيا، مثلما لا نعيب على القائد أن يحرص على حياته. إلا أن حالة الخوف المرضي تفرض مجموعة من التساؤلات حول ملاءمة وأهلية مثل هذه الشخصية لتزعم جماعة محاربة يدفع أفرادها إلى الموت في الميدان. كما تطرح الحالة أكثر من تساؤل عن مدى استعداد مثل هذه الشخصية للموت وسط جنوده فداء للقضية التي تصدى لها ودفع الناس للموت من أجلها... بدلا من الجلوس على منصة كسرى انو شروان والنظر من على بعد إلى ميدان المعركة وهو آمن!.

    لدينا هنا شهادة حاسمة تثبت ما ذهبنا إليه عن حالة البانارويا عند عبد الواحد. تكمن أهمية هذه الشهادة في أنها ليست من عندي، وثانيا لأن مصدرها رجل محارب كان من أبرز القادة الميدانيين في جماعة عبد الواحد، وثالثا لأن الرجل كان شاهدا على ما حدث، ورابعا لأن الحادثة وقعت قبل بضع سنوات. الرجل هو الجنرال علوي سعيد إبراهيم (كابيلا) أحد أبرز القادة الميدانيين في حركة جيش تحرير السودان. يقول علوي (أن السبب الرئيسي للخلاف بين عبد الواحد وبين القيادات العسكرية في الميدان يعود في الأساس إلى امتناع عبد الواحد عن دخول مواقع القتال في دارفور لزيارة القوات في الميدان وتفقد أوضاعهم وأيضا للمشاركة في مؤتمر الجماعة المقرر عقده في إحدى المناطق المحررة). ويقول علوي في حديثه الذي نقلته شبكة سودانيزأونلاين عن مصدر آخر، أن عبد الواحد أصر على عقد المؤتمر في طرابلس في ليبيا: (نحن كقادة وبعض القادة السياسيين طالبنا بقيام المؤتمر في إحدى الأراضي المحررة، إلا أن عبد الواحد رفض الفكرة دون أن يبرر لنا سبب رفضه، مما دفعنا للتحرك من الميدان إلى ليبيا للقائه هناك بدعوة من القذافي، وانعقد الاجتماع في فندق المهاري في طرابلس) على حد قول علوي. ويضيف علوي سعيد: (في اجتماع فندق مهارى أصر عبد الواحد على موقفه الرافض لقيام المؤتمر في الأراضي المحررة مقترحاً قيامه في طرابلس. ساعتها قلنا له نحن الميدانيون بأننا كقادة نطالب بزيارتك كرئيس للحركة إلى الأراضي المحررة لتفقد القوة وحضورك يعطى دافعاً معنويا كبيرا للجيش، ولكنه رفض ونشب خلاف حاد بينه وبين أركو مناوى).

    طبعا لا شيء آخر يمنع أي قائد من زيارة جنوده في الميدان، بل ومشاركتهم القتال، سوى الخوف المفرط على حياته وحرصه على سلامته الشخصية، وهو حرص لا يتوافق مع الموضع الذي وضع فيه نفسه كقائد مفترض لجماعة مسلحة. لذلك تمسك عبد الواحد بعقد مؤتمر جماعته في أحد الفنادق الوثيرة في طرابلس على بعد آلاف الأميال عن أتباعه.. وكفى نفسه شر القتال!. وطبعا تسبب هاجس عبد الواحد المرضي في حدوث أكبر انقسام في مجموعته عندما عقد مني أركو مناوي المؤتمر في حسكنيتة في دارفور وأطاح عبد الواحد ميدانيا. الخوف المرضي صار في حكم المؤكد. أما إذا كان خوف عبد الواحد من عدوه فهي مصيبة، وإن كان خوفه من جنوده فالمصيبة أعظم. المهم أن هاجس الخوف عند عبد الواحد ينعكس في تكراره الدائم لكلمة (الأمن) وفي وضعه للأمن كشرط وحيد للدخول في المفاوضات. ولما كنا قد تثبتنا أن عبد الواحد لا يأبه بما يصيب جماعته في الميدان أو للظروف القاسية التي يواجهها اللاجئون على مدار كل دقيقة، فإن الأمن في منظور عبد الواحد يعني نزول آلاف جنود الأمم المتحدة لأمنه الشخصي!. وفي ظني أن عبد الواحد حتى بعد نزول القوات الدولية سيقول اذهبوا أنتم فأنا هنا فاعد !.. مقاول الحرب لا يشارك في الحرب !.

    عبد الواحد حتى الآن يعيش حياته الهانئة في باريس وغيرها من المدن بعيدا عن مواقع القتال وجراحات الحرب وهو يدير حربه بالهواتف النقالة. وبما أن الانقسامات وتخلي المجموعات المسلحة قد سحب بساط الورقة العسكرية من تحت أقدامه، لجأ عبد الواحد إلى حيلة أخرى تبقيه في دائرة الأزمة وذلك من خلال الرسائل المكثفة التي يبثها في معسكرات اللاجئين والتي يعدهم فيها بتعويضات مالية كبيرة في حال بقائهم في معسكرات اللجوء إلى حين إكماله الصفقة المالية مع حكومة الخرطوم. من حيث المبدأ أستطيع أن أؤكد أن عبد الواحد لا يملك على المبالغ التي وعد بها اللاجئين، وثانيا من غير المحتمل أن تضع حكومة الخرطوم في يده المبالغ الضخمة التي طلبها، حوالي 5 ألف دولار لكل لاجئ، ويكفي في هذا الصدد تلك العبارات اللاذعة الممعنة في السخرية التي رفض بها رئيس حكومة الخرطوم دفع أموال لجماعة دارفور التي وقعت معه اتفاقا وساكنته في القصر الجمهوري أو لتلك الجماعات التي استخدمتها حكومة الخرطوم في أعمال دموية قذرة (الجنجويد)!. وثالثا إذا ما افترضنا حدوث الاحتمال البعيد وحصل عبد الواحد على الأموال والمغانم، فإنه بكل تأكيد سوف لن يدفعها للاجئين بحكم أنه مصاب بالخوف المرضي، وتلك من أعراضه. بعبارة مباشرة فإن عبد الواحد لم يتورع عن إطالة أمد معاناة اللاجئين فقط من أجل الإبقاء على حالة التوتر في الإقليم. والنصح الذي أزجيه لجميع أتباع عبد الواحد أن رئيس المجموعة المصاب بالخوف المرضي لا يتورع عن دفع غيره إلى موارد التهلكة وإن لم تكن له منفعة في ذلك. ثم على اللاجئين البحث عن حل لأوضاعهم مع أي جماعة دارفورية أخرى بدلا عن انتظار وعود عبد الواحد التي لا طائل منها. وأتمنى أن تصل كلماتي هذه إلى جميع لاجئي دارفور.



    في معطى هذه الجزئية، من الضروري أن يعرف الناس خاصة أهل دارفور ما يدور في بعض الأوساط الخارجية اللصيقة بملف دارفور وما يرشح عن هذه الأوساط. من ذلك على سبيل المثال:

    ـ أن عبد الواحد نور رفض التوقيع في آخر لحظة على اتفاقية أبوجا بسبب خلاف نشب بينه وبين وفد حكومة الخرطوم حول مبلغ المال الذي كان من المفترض أن يتسلمه عبد الواحد من وفد حكومة الخرطوم قبل أن يوقع على الاتفاقية. تراوح المبلغ في روايات مختلفة بين 8 إلى 18 مليون دولار. على أن اختلاف الروايات حول المبلغ لا ينفي الواقعة بل يؤكدها.

    ـ أن عبد الواحد نور برغم تكراره بأنه لن يذهب إلى مفاوضات سرت الليبية، إلا أنه قام بزيارة سرية لليبيا قبيل بضعة أسابيع من بداية مفاوضات سرت. وأذكر أن مقدم البرنامج في قناة فرانس 24 قد وجه سؤالا إلى عبد الواحد حول تلك الزيارة السرية، لكني لا أذكر إن كان السؤال ضمن البث أم كان في أثناء الاستراحة. ولعلني أذكر أن عبد الواحد لاذ بالصمت.

    ـ أن عبد الواحد كان على علم بموضوع استجلاب بعض أطفال دارفور إلى فرنسا عبر تشاد بواسطة منظمة فرنسية، ويرشح عن بعض المصادر أن عبد الواحد كان في انتظار إشارة وصولهم فرنسا ليكون في استقبالهم في المطار. لا أستطيع القطع بدقة تفاصيل هذه المعلومة، وإن كانت القرائن تنحو إلى تأكيدها من منطوق البيان الاستباقي الذي سارعت إلى بثه إحدى الجماعات الدارفورية ذات الصلة بعبد الواحد والتي اتهمت في بيانها مخابرات حكومة الخرطوم بالضلوع في عملية تهريب الأطفال عبر تشاد. فمن حيث أن البيان قد صدر بعد ساعات من ضبط عملية التهريب، فإن صدوره في حد ذاته يؤكد أحد احتمالين قد يقودان إلى ذات النتيجة: الاحتمال الأول أن الجماعة الدارفورية صاحبة البيان كانت على علم مسبق بالعملية قبل ضبطها، لكنها صمتت عن كشف العملية. والصمت في هذه الحالة هو تواطؤ جنائي يستبطن العلم مع الموافقة أو المشاركة سواء كان التواطؤ مع مخابرات حكومة الخرطوم أو مع المنظمة الفرنسية التي نفذت العملية سيان. وبما أن الجهة المنفذة هي منظمة فرنسية، فإن بيان الجماعة الدرفورية يفترض وجود تواطؤ بين المنظمة الفرنسية وبين أجهزة مخابرات حكومة الخرطوم. وبرغم أن القرائن تؤكد أن مخابرات حكومة الخرطوم لا تتورع عن التورط في أي عمل من هذا النوع، فإن المنطق الاستدلالي يستبعد مثل هذه الفرضية ما لم تقدم الجماعة الدارفورية الدليل الدامغ الذي يؤكد التواطؤ بين حكومة الخرطوم وبين المنظمة الفرنسية. كذلك يستبعد المنطق أن تكون هذه الجماعة الدارفورية قد غاصت في غضون سويعات قليلة إلى معقل مخابرات حكومة الخرطوم لتخرج لنا بمعلومة ضلوع الحكومة في عملية اختطاف الأطفال. في كل الأحوال فإن الراجح من جميع الفرضيات الواردة في هذا الاحتمال الأول أن جماعة دارفورية كانت على علم مسبق بموضوع استجلاب الأطفال إلى فرنسا. ومن حيث تواجد عبد الواحد وجماعته في فرنسا، وبالنظر إلى ما أشرنا إليه حول هذه الشخصية، فإن الشبهة تحوم حول هذه الجماعة دون غيرها.

    الاحتمال الثاني: أن بيان الجماعة الدارفورية بيان كاذب. وهنا يقوم السؤال حول دوافع إصدار بيان كاذب. فإذا كان الهدف الظاهر من البيان هو (إلقاء) الشبهة على حكومة الخرطوم، فهنالك أيضا الجانب الباطن من البيان الذي قد يهدف إلى (رفع) الشبهة عن جهة أخرى معلومة عند صاحب البيان!. فما هي يا ترى تلك الجهة التي أرادت الجماعة الدارفورية أن ترفع الشبهة عنها؟. وماذا عن تلك البيانات الخجولة التي رأت أن ما قامت به المنظمة الفرنسية كان بمثابة إنقاذ للأطفال؟!.

    أيا كان الاحتمال الأرجح، فإن موضوع أطفال دارفور أو تشاد، لا فرق، يعيدنا إلى ما سبق أن ذكرناه حول آلية العقل الأوروبي وتفاعله المختلف. فالعقل الغربي فسر التقارير الإعلامية المكثفة حول دارفور أن منطقة دارفور قد أصبحت سائبة، وأطفالها ثمار على قارعة الطرقات وقد حان قطافها. فمن يقرأ نص وثيقة منظمة آرك دو زوآى التي نفذت العملية سوف يجد التطابق والتداخل بين لغات الإعلام والسياسة الغربية. من ذلك أسلوب التهويل: (... إن لم نقم بذلك الآن فهؤلاء الأطفال سوف يموتون في الأشهر القليلة القادمة..). ونجد الدليل على مفهوم استباحة الأرض والناس في نفس الوثيقة حيث تنص (.. مع مراعاتنا واحترامنا لقوانين الدول التي سوف تستقبل هؤلاء الأطفال..)، أي أن المنظمة تحترم قوانين الدول الأوروبية دون اعتداد أو ذكر للقطر الذي يتم استجلاب الأطفال منه.. وهو السودان بالمناسبة.. يعني لا يوجد قطر ولا حكومة، فقط مجرد أرض محروقة. فإذا كان أحد أبناء دارفور يستصرخ الغرب بعبارات النساء المغتصبات والمذابح الجماعية والطائرات التي تحصد الأطفال، فلا ينبغي أن نلوم العقل الغربي على الطريقة التي يفهم بها مثل هذه التصريحات ولا على الكيفية التي يتصرف بها. أنا لا أدعو للصمت على فعائل حكومة الخرطوم والجرائم التي ارتكبتها في دارفور وغير دارفور بما في ذلك قلب الخرطوم، وبالتأكيد لا أبرر العمل الهمجي الذي أقدمت عليه المنظمة الفرنسية. لكن المجتمع الدولي يحتاج إلى لغة مخاطبة تختلف عن صرخات عبد الواحد وأمثاله. لقد أبادت أميريكا ملايين الأطفال في فييتنام ومزقت أجسادهم الغضة بقنابل النابالم وبقر الجنود الاميريكان بطون النساء الحوامل وانتزعوا بأيديهم أكباد الفييتناميين وهم أحياء، لكن لم يحضر فييتنامي واحد ليستصرخ الغرب، بل بادلوا أميريكا الجرح بجرحين... المقاربة معدومة بل ممنوعة بين جماعات دارفور وبين ثوار فييتنام، وإن نفعت الذكرى، فإن هوشي منه والجنرال جياب بقيا هناك في الأحراش يقاتلان ويواجهان مصير أي مقاتل فييتنامي ولم يقاتلا بالهواتف أو بالمراسلة أو من وراء حجاب!.



    وهنا يأتي ما كشف عنه اندرو ناتسيوس المبعوث الأمريكي إلى السودان قبل يومين ليؤيد معظم ما ذكرته آنفا، علما أنني قرأت تصريحات المبعوث الأميريكي بعد أن فرغت تقريبا من كتابة هذا السياق. واللافت أن حديث المبعوث الأميريكي قد لمس نفس الجوانب في شخصية عبد الواحد التي تناولتها في هذا السياق. فقد كشف ناتسيوس في ندوة مركز الدراسات الاستراتيجية في واشنطون عن تحالف سري أبرمه عبد الواحد نور مع احد قادة الجنجويد اسمه محمد علي (حمدتي). عبد الواحد لم ينكر الحقيقة التي ذكرها المبعوث الأميريكي، بل أضاف عليها أنه مستعد للتحالف مع أي شخص! ويصف المبعوث الأميريكي التحالف بين عبد الواحد وبين حمدتي بالتطور الكبير في النزاع من حيث أن قائد الجنجويد ظل متعاوناً مع حكومة الخرطوم في الحرب التي تدور في إقليم دارفور. ويضيف ناتسيوس أن عبد الواحد ظل يعلن يومياً في وسائل الإعلام عن ضرورة نزع سلاح الجنجويد مع نشر قوات أممية وإعادة النازحين إلى أراضيهم وحواكيرهم الأصلية وطرد عرب مالي والنيجر وتشاد الذين أسكنتهم حكومة الخرطوم في أراضي النازحين من أهل دارفور. حديث المبعوث الأميريكي يؤكد جملة حقائق. فكما يعلم الجميع فإن جماعات ما يسمى بالجنجويد كانت ضمن الأدوات التي استخدمتها حكومة الخرطوم في عملياتها الدموية في دارفور. وعليه فإن تحالف عبد الواحد مع الجنجويد، أعداء الأمس حلفاء اليوم، يؤكد بشكل قاطع أن الحرب في حد ذاتها هي الهدف الأساسي عند عبد الواحد بصرف النظر عن الفئة التي يتعاقد معها. كما تدحض هذه الحقائق كل مزاعم عبد الواحد من أنه يحارب لمصلحة "شعبه" في دارفور. وإذا أضفنا إلى هذه الحقائق أن عبد الواحد لا يغشى الوغى ويفضل حرب الفنادق على حرب الخنادق، فإن عبد الواحد لا يعدو كونه مقاول حروب أو متعهد حروب أو سمسار حروب. وبحكم العلاقة الناشئة بين حكومة الخرطوم وجماعات الجنجويد، فإن تحالف عبد الواحد مع الجنجويد يضعه في تحالف مباشر مع حكومة الخرطوم!!. أما لجهة استغلال عبد الواحد لأوضاع اللاجئين فقد أوضح ناتسيوس أن عبد الواحد هو المسؤول عن زعزعة الاستقرار في معسكرات النازحين علاوة على تهديداته لهم وتوزيعه للسلاح داخل مسكراتهم. مرة أخرى يؤكد المبعوث الأميريكي استغلال عبد الواحد لمعاناة اللاجئين، فها هو يتهددهم ويوزع عليهم الموت بدلا من الدولارات ويدفعهم دفعا إلى القتل.

    إذن ليس من باب الصدف أن يتوافق حديث المبعوث الأميريكي مع ما ذهبنا إليه، طبعا مع الفارق أن الأسلوب الأميريكي يعتمد على الرصد والمتابعة، بينما اعتمدت أنا على منهجي الخاص في الاستقراء والتحليل. المهم أننا تطرقنا إلى نفس الجوانب ووصلنا تقريبا إلى نفس النتائج في سلوك وتفكير وخطط عبد الواحد وهي: الاتجار بالقضية، استغلاله أوضاع اللاجئين، علاقته مع الإعلام الدولي، الإبقاء على التوتر، هاجس الأمن في إصراره على شرط القوات الأممية، ثم حالة الخوف المرضي عند عبد الواحد والتي تجسدت في بحثه عمن يقاتلون نيابة عن تطلعاته.. جنجويد أو غير جنجويد!.



    سيقول المخلفون والمرجفون أن ما شرحته فوق يصب في مصلحة حكومة الخرطوم. كبُرت كلمة، فهذا قول مردود على أهله لأسباب جد بسيطة ومعروفة منها:

    أولا جميع الحركات المسلحة التي تنامت في تخوم السودان ما هي إلا ردة فعل طبيعية على الأحكام العسكرية الشمولية الدكتاتورية التي استولت على السودان منذ عام 1969 إلى يوم الناس هذا. وبرغم علل تجارب السودان الديموقراطية، إلا أن الثابت أن حروب تخوم السودان تتقلص في أزمنة الديموقراطية. بالتأكيد نستثني عن ذلك الحركات التي نشأت في جنوب السودان منذ ما قبل الاستقلال وانتهاء بالحركة الشعبية باعتبار أن حركات الجنوب كانت لها دوافعها المختلفة التي تبرر نشأتها، ولسنا بصدد الخوض فيها هنا. أما الفصائل المسلحة الأخرى في دارفور فنلاحظ خضوع كل واحدة منها لزعيم أوحد هو المالك الوحيد المتصرف صاحب القرار المطلق، أي دكتاتور صغير يحكم مجموعة صغيرة، لكنه لا يختلف في تطلعاته عن الدكتاتورية المركزية الكبيرة القابعة في الخرطوم. الشمولية إذن هي الجذر المشترك بين حكومة الخرطوم وبين هذه الجماعات والفصائل المسلحة، بما يعني الغياب التام للآلية الديموقراطية داخل هذه الجماعات والفصائل. وإذا خطر للبعض أن الدكتور جون قرنق كان شخصية مسيطرة، فإن الحركة الشعبية كانت ذات بنية مؤسسية واستفادت من كارزيما قرنق وحنكته الإدارية وعلاقاته الدولية.. وأيضا كقائد عسكري عاش وسط جنوده في ميادين القتال، واغتيل وسطهم. وعليه فإن تغييب الآلية الديموقراطية هو السبب الوحيد لحالات الانقسامات اللانهائية داخل الجماعات الدارفورية، وأيضا داخل الأحزاب الطائفية السودانية، وأيضا حكومة الخرطوم التي أعتقد أنها مقبلة نحو مفاصلة حادة بين أجنحتها. والمحصلة فإن مفردات الشمولية والدكتاتورية والطائفية لا تعدو كونها مترادفات لمعنى واحد هو السلطة المطلقة للفرد سواء كان هذا الفرد زعيم طائفي أو رأس مجموعة مسلحة أو كانت مجموعة مسيطرة بالقوة والجبر مثل مجموعة حكومة الخرطوم الراهنة سيان. وحركات دارفور بوضعها الراهن محكومة بدكتاتورية الفرد، فهي بالتالي صنو لدكتاتورية وشمولية حكومة الخرطوم وسائر الأحزاب الطائفية التي تقوم على الولاء للفرد عقيدة واتّباعا. ومن زيادة الكلام أن نقول أن كل هذه المترادفات هي النقيض المباشر للديموقراطية وعدوها الأول.

    وإذا شئنا تجسيد الصورة، فإن شمولية حكومة الخرطوم مثلها كمثل شجرة ظالمة تحيط بها شجيرات وفسائل شمولية متجذرة معها وعنها هي جماعات دارفور وغيرها من الجماعات والأحزاب الطائفية (راجع كتابي: الطريق إلى الدولة ـ دار جامعة الخرطوم للنشر والتوزيع). فإذا كنا قد كتبنا ما كتبنا وعملنا ما عملنا وواجهنا ما واجهنا ونواجه على مدى أكثر من ربع قرن من أجل قطع شجرة زقوم الشمولية، نكون على حماقة لا توصف إذا تعهدنا بالسقيا والرعاية فسائل وشجيرات الشموليات التي تتنامى حول الشجرة الأم. فإن فعلنا ذلك فسوق يستغلظ عود شجيرات الشمولية فتصبح أشجارا سامقات ظالمات تستقوي بها الشجرة الأم ويظاهر بعضها بعضا، فنجد أنفسنا أمام غابة شمولية شرسة الأشواك يصعب اقتلاعها أو اختراقها. وما يقطع الشك باليقين في هذه الأمثولة أن جميع زعامات هذه الجماعات لا تقاتل حكومة الخرطوم من أجل إحلال الديموقراطية، لكنها تقاتل من أجل مشاركة شمولية الخرطوم في ما استملكته قسرا من ثروة وسلطة، فمن هؤلاء الزعامات ما قضى وطره في القصر الجمهوري ومنهم من ينتظر حصته وما بدلوا تبديلا. ليس كل من رفع السلاح في وجه حكومة الخرطوم ينوي إزالتها أو مؤيد للديموقراطية، والمشاركة القائمة وتلك المستقبلية التي سوف تنتهي إليها مفاوضات سرت تؤكد أن زعامات الجماعات الدارفورية هم الأقرب لحمة إلى حكومة الخرطوم الراهنة، بل إن غالبيتهم قد انفلتوا من نفس مجموعة حكومة الخرطوم. وتأسيسا عليه فإن الاتفاقات المزمعة في سرت أو غيرها سوف لن تدفع نحو حياة ديموقراطية بل تقوي من قبضة الشموليات، والشمولية والديموقراطية ضدان لا يجمعهما صعيد واحد أو قلب رجل واحد. زد على ذلك أن الجماعات الدارفورية تقوم على عنصرية عرقية قبلية جهوية. فمن المعيب بل من المضحك أن تسمي جماعة نفسها حركة تحرير السودان وليس بين أفرادها على قلّتهم فرد من شمال أو وسط أو شرق أو جنوب البلاد، أو حتى من قبيلة درافورية أخرى! وفي هذا تكريس للعرقية الإقليمية التي تتماهى مع منهجيات حكومة الخرطوم. وتأسيسا عليه، إذا نظرنا قليلا في اتجاه المستقبل فسوف نوقن أن رعاية الجماعات الدارفورية وهي على ما هي عليه اليوم يصب أيضا في اتجاه سياسات تقسيم السودان وتمزيق أهله إلى قبائل وأقاليم متناحرة، ويصب يشكل مباشر في نوايا الزعامات الدارفورية التي لم تعلن بعد عن أجندتها الخفية الرامية إلى إعلان انفصال دارفور. مثلا إذا تصفحنا أفكار عبد الواحد، وهي مهمة سهلة بالمناسبة، نجد أنه يلعب على عنصر الوقت ويرفض الانضمام إلى الجماعات الدارفورية الأخرى لعله يعثر في تضاريس المستقبل على فرصة مواتية تمكنه من إعلان انفصال دارفور تحت زعامته وبمساعدة بعض قوى خارجية أو إقليمية يتفق انفصال دارفور مع رغباتها!. كما نقرأ بحروف بارزة أن عبد الواحد يحاول استنساخ تجربة الدكتور جون قرنق عندما كان قرنق يرفض المبادرات والإغراءات الساذجة التي كانت تقدمها له أحزاب الخرطوم الطائفية وحكوماتها الشمولية والحكومات العسكرية، أو استنساخه لرفض قرنق تذويب الحركة الشعبية في الحركات الجنوبية الأخرى. ويمضي عبد الواحد في الاستنساخ إلى حد استنساخه اسم حركته المطابق لاسم الحركة الشعبية لتحرير السودان، جيش تحرير السودان.. بما في ذلك الحروف اللاتينية المختصرة لاسم الحركة الشعبية!!. لكن شتان بين رفض مؤسس وبين استنساخ ينم عن افتقار صاحبه للبرنامج والهدف الوطني. قرنق شخصية ذات مواصفات خاصة وقضية مختلفة، فلا يمكن إعادة التاريخ ولا يمكن لعبد الواحد أن يكون قرنق.. رفعت الأقلام وجفت الصحف.

    تلك إذن دوافعنا من وراء ما ذكرنا، هي أبعد ما تكون عن الدوافع الشخصية. وبرغم ذلك أقول نعم سوف ندعم بما نستطيع الجماعات الدافورية بمجرد أن تعتق نفسها من مسمى (دارفورية)، ومتى اعتمدت المنهاج الديموقراطي في بنيتها الداخلية، ومتى ما هدمت أسوار العرقية القبلية الإقليمية واشتملت عضويتها وقيادتها على كل أبناء وبنات السودان، ومتى ما تصعدت قياداتها من قاعدة وطنية سودانية عريضة عبر آلية ديموقراطية، ومتى ما وضعت مبدأ العمل من أجل بسط الديموقراطية الشاملة في أعلى سلم أجندتها السياسية في طاولات التفاوض. وبذلك يمكن أن تتحول هذه الجماعات إلى تنظيمات سياسية عسكرية وطنية يمكن إضافتها إلى الكل الوطني الذي يعمل على إحلال الديموقراطية وحكم الناس لأنفسهم. وبالمناسبة يحضرني الآن سؤال هو: أين اختفت جماعات النهب المسلح؟!

    نعم ولا محالة سوف يأتي اليوم الذي يحدث فيه التحول الديموقراطي في السودان طوعا أو كرها. وعندما يأتي هذا اليوم نخشى أن تدخل زعامات هذه الجماعات الدارفورية الخرطوم دخول الفاتحين تحت مزاعم أنهم كانوا يحاربون الحكومة، في حين أنهم لم يدفعوا بأتباعهم للحرب إلا من أجل مصالحهم الشخصية الضيقة. سوف يفعلون مثلما تفعل زعامات الأحزاب الطائفية التي برعت في سرقة ثمار التحولات الديموقراطية التي بذل الشعب الدم والعرق لأجلها. فإن حدث ذلك، تجر الديموقراطية في أذيالها فيضا من الشموليات الجديدة القائمة على العرقية والإقليمية وتحكم الأفراد. ومن ثم تحكم الأحزاب الطائفية والعقائدية والجماعات العنصرية قبضتها على مقاليد الأمور في القلب والتخوم، ويبقى الشعب السوداني خارج قسمة السلطة والثروة، هذا في حال بقي السودان ولم يذهب كل فصيل بما استملكت يداه من أقاليم. إن تحول جماعات دارفور إلى تنظيمات وطنية ديموقراطية يظل الشرط الأساسي والوحيد لقبولها واستيعابها داخل الحركة السياسية المناهضة للأحكام الشمولية.

    كان من الضروري، حسب تقديري، أن أقدم الملاحظات الوارد ذكرها، والتي كادت أن تجنح بنا عن موضوعنا الأساسي "حتى نفهم قضية دارفور"

    ونواصل.



    سالم أحمد سالم

    باريس

    ديسمبر 2007


                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de