خمسون إنجازاً للحركة الإسلامية السودانية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 09:09 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-02-2008, 02:21 AM

يسرى معتصم
<aيسرى معتصم
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
خمسون إنجازاً للحركة الإسلامية السودانية

    السيرة الذاتية

    الاسم : محمد وقيع الله أحمد .

    الصورة الشخصية :





    الجنسية : سوداني , مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية.

    تاريخ الميلاد : 1954م .

    الحالة الاجتماعية : متزوج , وأب لأربعة أطفال .

    * المؤهلات العلمية :
    * الدكتوراه ــ جامعة المسيسبي ــ أكسفورد ــ المسيسبي 1994 م , التخصص : العلوم السياسية ــ العلاقات الدولية والسياسات المقارنة .
    * الماجستير جامعة أوهايو ــ أثينا ـــ أوهايو ــ 1981 م , التخصص العلوم السياسية ـــ السياسات المقارنة .
    * البكالوريوس ـــ جامعة أم درمان الإسلامية ـــ العلوم السياسية والإدارية .

    * الخبرات العملية :
    § عمل رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة أم درمان 1981 م ــ 1982 م .
    § مشرف على قسم الدراسات الإسلامية بمعهد العلوم الإسلامية والعربية في أمريكا 2003 م .

    * الخبرات التدريسية :
    قام بتدريس أكثر من عشرين مادة دراسية على مدى أكثر من ربع قرن من الزمان منها :
    - مقدمة علم السياسة .
    - المذاهب الفلسفية المعاصرة .
    - الإسلام والنظم السياسية .
    - السياسة الشرعية.
    - السيرة النبوية .
    -التاريخ الإسلامي .
    - الاستشراق .
    - مقارنة الأديان.

    * البحوث الأكاديمية المنشورة :
    نشر العديد من البحوث الأكاديمية في مجال التخصص , من أهمها :
    - الصين في القرن القادم (قراءات سياسية , صيف 1995 م ) .
    - ملامح الفكر السياسي للشيخ محمد الغزالي (إسلامية المعرفة شتاء 1996 م ) .
    - مداخل تحليل العلاقات الدولية (إسلامية المعرفة , خريف 1995 م ).
    - هل الإسلام خطر على العلاقات الدولية .. حقيقة التصور الإسلامي لقضايا الحرب والسلام (أفكار جديدة , ديسمبر 2004 ) .
    - The Main Obstaces to Westernization in the Muslim world ( Middle Eastern Studies september 1991 .

    * الكتب المنشورة :
    أصدر عدة كتب منها :
    - الفجر الكاذب , دار الفكر , الخرطوم 1987 م .
    - مناهج البحث , دار الفكر , الخرطوم 1987 م .
    - أكذوبة حزب البعث ,بيت المعرفة , لندن 1988 م .

    * كتب تحت الطبع :
    - مدخل إلى علم السياسة : وجهة نظر إسلامية .
    - السياسة الخارجية الصينية : دروس الماضي وآفاق المستقبل .
    - سجالات فكرية في زمان العولمة .
    - فصول في النقد الأدبي الإسلامي .

    * مساهمات إعلامية :
    نشر أكثر من سبعمائة وألف مقال في المجالات الفكرية والسياسية والأدبية، في مجلات وصحف عربية منها :الإصلاح , الرابطة , الصحافة , الأيام , ألوان , البيان , الجمهورية , المدينة , الشرق الأوسط , الحياة , المستقلة , الخليج وغيرها .
    ليقرأ الفاتحة على نفسه من يريد أن يقرأها عليها!!
    محمد وقيع الله
    (1 من 2)
    كم أتمنى أن أقرأ أو أسمع نقداً نزيهاً للحركة الإسلامية عموماً والسودانية خصوصاً، فالنقد النزيه الذي يُرى الحركة الإسلامية أخطاءها، قد يدفعها إلى معالجتها وتلافيها. والنقد النزيه الذي يعترف للحركة الإسلامية بإيجابياتها، قد يحضها على تجويدها وزيادتها. ولكني أنظر إلى أكثر النقد الموجّه إلى الحركة الإسلامية السودانية، فلا أرى إلا جيشاناً وهذياناً ونقداً مغرضاً لبعض الحاقدين والمنخلعين والمنبوذين من صفوفها، ممن يسلّطون عليها عيون السخط، ويغمضون عيون الرضا، ويتنزَّوْن من الغيظ، ويتميّزون من الحنق، ويمنون أنفسهم بقرب موت الحركة الإسلامية، ويتحينون ساعة دفنها ليرفعوا عليها الفاتحة كما يقولون!!
    أحلامنا التي تحققت:
    ولكن الحركة الإسلامية ماضية تحقق إنجازاتها غير مبالية بهم كثيراً أو قليلاً، خاصة أولئك الذين تخلوا عن الركب أو تخلى الركب عنهم، وصاروا يعتذرون لتخلّفهم عن ركب الحركة الإسلامية القاصد بتعقبه وتنقصه. لقد انتميت إلى الحركة الإسلامية السودانية وأنا في الحادية عشرة من العمر، وأسهمت بقدر محدود جداً في عملها الثقافي العام، وعشت مع أهلها أحلاماً كباراً من أحلامها، وراقبت تطورها الوئيد عن كثب أو عن بعد، وسجلت انجازاتها ما صغر منها وما كبر، والحق أقول فإنني ما كنت أتخيل قط أن الحركة الإسلامية السودانية ستصل بنجاحاتها إلى هذا المدى البعيد الذي أمنت فيه نفسها وأمنت فيه الوطن والموطن، وأسهمت بقدح معلى في ترقية الحياة وتهذيبها وتشذيبها وضبطها بإطار الإسلام.
    فقد انتقلت الحركة الإسلامية السودانية -بحمد الله - من طوّرها القديم لتصبح دولة حديثة، وجيشاً مهيباً، وجهازاً أمنياً متيناً مكيناً ركيناً يحميها. وأصبحت هي الحركة الإسلامية الوطنية التي تستحق هاتين الصفتين الكريمتين معاً. وهذه هي الحركة التي سأتحدث الآن عن انجازاتها بقليل من تفصيل.
    الحركة الإسلامية هي الحركة الوطنية:
    فمنذ تنفُّذ الحركة الإسلامية السودانية وتمكّنها بفجر الإنقاذ الأغر، أصبحت هي الفاعل الأكبر، الذي يدير العمل السياسي السوداني بالمبادرة والإقتدار، بينما لم يعد معارضوها وأعداؤها الحزبيون يشكلون سوى ردود فعل شاحبة خائبة غارقة في الضلال، فأصبحت الحركة الإسلامية السودانية بذلك هي الحركة الوطنية بحق وحقيق، بينما انتمت أكثر الجهات الحزبية المعارضة لها، إلى جهات أجنبية مشبوهة، لاذت بها، واستذرت بظلالها، ووظّفت نفسها في خدمة أجندتها، المضرة بأجندة الوطن، فهذا واحد من أكبر إنجازات الإنقاذ، أنها مازَت لنا الخبيث من الطيب، وأبانت لنا المعلول من الصحيح، وكشفت لنا العميل من الأصيل.
    ولدى إحساس الإنقاذ بتبعاتها الوطنية الملحة الكبرى، سعت للتو لإنقاذ الوطن من كيد الخصوم، واتجهت لإنجاز استقلال الوطن الاقتصادي قدر المستطاع، فأخذت ملاحم البناء، والنمو، والدفاع، تتالى لتحقق وعد الإنقاذ الحق.
    ففي غضون سنواتها الأولى وفي أقسى ظروف الحصار الذي ضرب عليها تمكّنت الإنقاذ من تحقيق إنجازها الأكبر، الذي قلب كل المعادلات، وهو استخراج البترول من باطن الأرض، بعد أن ظل استخراجه وتسويقه في عداد أحلام السياسيين العاجزين القاصرين مجرّد (أحلام ظلوط كما عبّر من ندم على قوله الآن!) وقد واصل هؤلاء السياسيون هزءهم ومساخرهم اللفظية، عندما هبطت أسعار البترول إلى تسع دولارات في وقت استخراج الإنقاذ له، فقالوا في ذلك ما قالوا من هذر القول، ولكن التاريخ كان في صف الإنقاذ، إذ سرعان ما ارتفع سعر البترول، حتى تخطى اليوم حاجز المائة دولار. ولهؤلاء السياسيين العاجزين الهازلين الهازئين وأتباعهم أرفع هذا السؤال المشروع: كيف كان للسودان أن يدبر اليوم نقداً يستورد به البترول من الخارج بهذا السعر الرهيب؟! وكيف كان يمكن أن تحصل البلاد على البترول اليوم، لو لم تقم الإنقاذ ببعد نظرها الثاقب، باستخراجه من باطن الأرض في ذلك الزمان؟!
    لقد أدى استخراج الإنقاذ للبترول إلى تغيير الخارطة الاقتصادية، وأدى إلى تحسن الوضع الاقتصادي باطراد، وبذلك نجحت الإنقاذ في رفع مستوى معيشة المواطن السوداني إلى حدٍّ ملحوظ. إذ تضاعف معدّل الدخل الفردي خلال خمس سنوات فقط (ما بين 2000 و2005م). ولا يملك من يتعامل بلغة الأرقام إلا أن يقر بأن المواطن السوداني يتمتع الآن بأعلى مستوى معيشي في تاريخه أجمع. هذا من حيث توفر الأشياء الاستهلاكية، وتوفر وسائل الرفاهية التي يجدها الآن، ولم ينعم بها بهذا القدر الكبير من قبل.
    وللمتحذلقين الذين يحبون أن يجيئوا بالأوابد، ويتحدثوا عن فناء الطبقة الوسطى، أن يقولوا ما شاءوا أن يقولوا من قول مستظرف مستطرف في هذا المجال، ولكن العارفين الجادين -غير أولي الحذلقة- والذين لهم حس احصائي واجتماعي جيد يعرفون أن المواطن العادي -حتى الفقير- غدا يستمتع من أشياء الحياة اليوم بأكثر مما كان يستمتع به الموظف الذي كان عماد الطبقة الوسطى إلى آخر عقد السبعينيات من القرن الماضي!
    وبالطبع فإننا لا نعني بهذا أن الفقر قد انقطع دابره في السودان، وغاب وذاب، فهو ما زال موجوداً متوطّناً، لأنه ظل موجوداً ومتوطّناً منذ آلاف السنين، ولا يمكن أن يقضى عليه في عقد أو عقدين من السنين، ولكن يمكن أن يقال إن الفقر ما عاد اليوم يسيطر على الجميع سيطرة مطلقة أو شبه مطلقة كما كان خلال عهود ما قبل الإنقاذ، فقد خرج الكثيرون من قبضته، وستخف قبضته تباعاً باطراد مع مضي الإنقاذ قدماً في إكمال مشروعاتها التنموية العملاقة، وعلى رأسها سد مروي، الذي شارف على الاكتمال، والذي سيغطي قريباً بقية حاجة بلادنا للطاقة ويفيض، فهو ينتج ما قدره (1250) ميغاواط بينما كل ما أنتجه السودان من الكهرباء منذ أن كان السودان لم يزد على (500) ميغاواط!!
    هذا الإنجاز الهائل الذي قام على إنشائه أبناء الحركة الإسلامية الأبطال الأماجد، وغيرهم من العلماء، والمهندسين، والموظفين، والعمال الوطنيين الغيورين، لا يرى فيه من يستعجل قراءة الفاتحة على الحركة الإسلامية شيئاً ذا بال، لكن إذا قامت على هامشه مظاهرة احتجاج، كما تقوم على هامش أي عمل تنموي ضخم مظاهر احتجاج، فتح صاحبنا عين السخط بأقصى سعتها، ورأى ما يحب أن يرى من المظاهر السلبية، وأعملَ قلمه في الكتابة عنها، وتضخيم خطرها، وأجهد نفسه في التربص، والتفكّر، والتدبّر، عله يجد صيداً ولو صغيراً في الماء العكر!
    وصديقنا الكريم أسامة القائم على هذا المشروع العظيم، نقول له إنه جدير بك أن تلاحظ وتتحسس تربص الخصوم بهذا المشروع الضخم وغيره، وجدير بك أن تتفادى بحكمتك التي عرفناها فيك قديماً، كل ما يبلبل مشاعر بعض الناس وخواطرهم، وهذه فرصة ننتهزها كي نقول له ولرفاقه من قادة العمل الحكومي الإنقاذي أن يكونوا أكثر كرماً مع مواطنينا الكرام، وذلك حتى لا تثور عليهم زوابع وزعازع، تصبح مادة لأقلام أصحاب الريب.
    وإنها لمناسبة ندعو فيها قادة الإنقاذ جميعا كي يعيدوا مراراً وتكراراً قراءة سيرة سيدنا ابن هشام، ليتذكروا كيف كان رسول الله لمن يستحق ومن لا يستحق، هبة من لا يخشى عادية الفقر. قال ابن هشام: «ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، من رد سبايا حنين إلى أهلها، ركب وأتبعه الناس، يقولون: يا رسول الله، أقسم علينا فيئنا من الإبل والغنم، حتى ألجأوه إلى شجرة، فاختطفت عنه رداءه، فقال: أدوا عليَّ ردائي أيها الناس، فوالله أَََنْ لو كان لكم بعدد شجر تِهامة نَعماً لقسمته عليكم، ثم ما ألفيتموني بخيلاً ولا جباناً»! صلى عليك الله كثيراً يا رسول الله، ورَغِم أنفُ هذا الذي يكره منا إيراد هذا الضرب من الوعظ الشجي، ويود أن لو يتمكّن من إخراس أصواتنا وإخمادها بتآمره، بل إنه ليحلم أكثر من ذلك بأن يدفننا ونحن ما زلنا في العنفوان!
    مؤشرات وكالة المخابرات المركزية الأمريكية:
    وفي الحديث عن الإنجازات الإيجابية للإنقاذ، تفيدنا مراجعة المؤشرات العلمية الاقتصادية الكبرى، أكثر مما يفيدنا الحديث المزاجي الانطباعي الفضفاض، فهذه المؤشرات يقوم على انشائها علماء اقتصاديون من كبار أهل الاختصاص، وعن طريقها نتمكّن من رؤية الصورة العامة للأداء الاقتصادي الكلي للقطر، وهذه المؤشرات أقوى دلالة على ما نقول في شأن التقدّم الاقتصادي الذي أحرزته الإنقاذ. وهنا لن نلجأ إلى استجلاب معلوماتنا من جهات أو مصادر بها أدنى شبهة محاباة للإنقاذ، بل سنأتي بها من جهات ومصادر بها شبهات العداء العظيم لها، ولكن هذه الجهات والمصادر مع شدة عدائها للإنقاذ، فإنها تلتزم الحق، وتقول الحق، ولا تتنكر للحق، كما ينكره، ويتناكره، ويغفله، ويتغافله، هؤلاء الذين يستعجلون رؤية مأتم الحركة الإسلامية السودانية، ويكادون يرفعون الأيدي لقراءة الفاتحة عليها!

    (عدل بواسطة يسرى معتصم on 04-02-2008, 02:34 AM)

                  

04-02-2008, 02:21 AM

يسرى معتصم
<aيسرى معتصم
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خمسون إنجازاً للحركة الإسلامية السودانية (Re: يسرى معتصم)

    ليقرأ الفاتحة على نفسه من يريد أن يقرأها عليها
    محمد وقيع الله
    (3)
    إن مجرّد بقاء الانقاذ في الحكم كل هذا الزمن يُعد انجازاً كبيراً لها. فلو لم يكن نظام الإنقاذ صالحاً لكان الشعب السوداني الأبي قد ثار عليه وأتى بنيانه من القواعد، كما فعل بغيره من أنظمة الاستعباد والاضطهاد،
    التي حكمت البلاد من قبل. وليس ثمة كابح يمنع الناس من الثورة على الإنفاذ إلا إيمانهم بصلاحيتها، ويقينهم من طرف آخر بفساد، وضعف، وتفرق، عداتها، من الحزبيين، والعنصريين، والعقائديين، الذين لا يجمعهم شيء إلا عدواة الإنقاذ.
    فالناس لا يأتمنون أمثال هؤلاء، على مصالح البلاد. وقد جربوهم من قبل، وجربوا فسادهم وحتى وهم في المعارضة. وجماهير الشعب السوداني تعرف، أن كثيراً من الرزايا والبلايا التي يعيشها الوطن، إنما جاءت بفعل هذه الأيدي المعارضة غير الشريفة. ?ولا نعمم فنقول عن المعارضين إنهم جميعاً غير شرفاء، فهذا من التجاوز وخطل القول هيهات أن نفوه به?. ولكن المقصودين?هم?أولئك الذين يثيرون الصراعات العنصرية، ويؤججون الفتن، ويطلقون بوادر الحروب الأهلية، هنا وهناك. حينا في الجنوب،?وحينا في الشرق، وحينا في الغرب، ومع ذلك يقول لك هؤلاء في حجاجهم معك بالباطل: إن البلاد لم تشهد مثل هذه الفتن إلا في عهد الإنقاذ! ولا ينتظرونك حتى تسألهم? ولكن من أشعل هذه الفتن الدواهي غيركم أنتم يا أدعياء الوطنية وعملاء القوى الأجنبية المتربّصة بوحدة هذا الوطن الكريم؟?
    تجاوز الحصار الاقتصادي?
    وهذه الأيدي والأصوات المعارضة غير الشريفة، هي نفسها التي تدعو إلى تدمير الاقتصاد الوطني، وتتبنى جرائم الحصار الاقتصادي الذي تشنها بعض القوى الخارجية، الصغرى، والكبرى، على الوطن. ومن عهد الؤنقاذ الأول، بدأت هذه الفلول المعارضة، في تحريض هذه القوى، وتزويدها بالتقارير الاستخبارية الزائفة عن السودان، زاعمين آناً أنه يؤوي معسكرات الإرهابيين، الذين يتأهبون للإنطلاق في أعمال إرهابية وشيكة، وآنا آخر يزعمون أن السودان على وشك أن ينتج أسلحة الدمار الشامل. وكان تدمير مصنع الشفاء، الذي هو أحد أبرز المنجزات التنموية الوطنية في عهد الإنقاذ حادثاً سعيداً لهؤلاء، بل إنه كان نتاجاً لتقاريرهم الكاذبة التي صاغوها عنه.
    ومن أعجب العجب أن بعض هؤلاء المعارضين المتطرفين من المشهود لهم بالفساد العريق المتأصل، قد باركوا ذلك القصف، الذي أدانه العالم أجمع، بل إن بعضهم ظنوا أن تلكم هي بداية النهاية لحكم الإنقاذ، فتهيأوا لرفع الفاتحة عليه، ولذلك دعوا إلى أن يتواصل القصف المدمر، ورشحوا مصانع جياد، التي هي مفخرة الصناعة الثقيلة بالسودان، لتكون الهدف الثاني للقصف??
    إن هؤلاء المعارضين?المفسدين غير الشرفاء، كانوا وما زالوا يظنون أن أي تخريب للاقتصاد الوطني، هو إنجاز كبير لهم، طالما تكبّدت خسارته حكومة الإنقاذ? فالمهم عندهم هو توهين الإنقاذ، ولو كان فيه توهين الوطن، فالمعارضة التي تفكر وتتصرّف على هذا النحو هي معارضة عاجزة وخاسرة، وقد خسرت بحمد الله أكثر جولات رهانها على تخريب الوطن وحرقه، فقد كسرت الإنقاذ بحكمتها، واعتدالها، ودبلوماسيتها النشطة الأمينة، طوق الحصار الظالم، فأخذ اقتصاد الوطن ينمو بوتائر متصاعدة، تحدثنا بلمحة خاطفة عنها في المقال الماضي، ولا نكرر ما قلناه هناك هنا، وإن كان هو أولى أمر بأن نستمرئ فيه التكرار?
    حرية الصحافة وتطورها?
    إن بقاء الإنقاذ في الحكم لدليل أي دليل على مشروعيتها، وانجازيتها، وشعبيتها، وقوتها، وليس فقط دليلاً على ضعف معارضيها، وضعفهم، وقلة مشروعيتهم، وانعدام انجازيتهم ?إلا في التخريب?- ولم تكن الإنقاذ لتميل كل الميل إلى القهر، وإلى التضييق في الحريات، كما كانت حكومة مايو ?مثلاً- تفعل. والدليل على ذلك أنا نجد أصوات معارضيها هي الأكثر والأعلى في صحف الخرطوم. بل إن معارضي الإنقاذ هم الذين يمارسون القهر والتغييب المتعمّد للأصوات المؤيدة للإنقاذ، ويستكثرون على مؤيدي الأنقاذ أن ينشروا بضع مقالات في إنصافها والدفاع عن مشروعيتها.
    ومهما يكن من ميل بعض الصحف السودانية، إلى النقد غير الموضوعي، فإني سعيد جداً بحرية الصحف التي كفلتها بأريحيتها الإنقاذ. وكم أتمنى أن تتمتّع بها الصحف أبداً، وأن تتفاعل?معها بشرف ومسؤولية، وذلك حتى يتواصل ازدهار الصحافة السودانية، الذي غدا ظاهرة ملموسة، حيث أخذ الناس يقبلون على قراءة الصحف والاهتمام بما فيها من تعليقات وتحليلات.
    ولقد قلت في مناسبة ماضية إن الصحافة السودانية قد نمت وتطورت كثيراً في عهد الإنقاذ،?وأقول الآن إنها موعودة بنمو عظيم إن نأت بنفسها عن التطرف، والمبالغة، والتهويل، والتصرّف غير المسؤول، وتأجيج النزاعات، والسعي بغير أهبة للإطاحة بالنظام، والغرق في الأوهام، والتهيؤ لرفع الفاتحة عليه، ظناً أن مظاهرة صغيرة، في قرب سد مروي، يمكن أن تطيح به، كما طاح حالم واهم قبل أيام في دنيا الأوهام??
    لقد قلت ما قلت عن تطوّر الصحافة السودانية في عهد الإنقاذ، مستنداً إلى حقيقة تنامي عدد هذه الصحف السودانية، وترقي مستويات تحريرها، وإخراجها، وتوزيعها، والقدر الكبير من الحرية ?المنضبطة? التي تتمتع بها، حيث لم نعد نرى بعض الصحف السودانية،?تتبع مباشرة -او بغير مباشرة- لأجهزة المخابرات، والسفارات الأجنبية، كما كان عليه الأمر، من النواحي، في الماضي القريب.
    كلمة عن التلفاز?
    ويتصل بنمو الصحافة السودانية وترقيها، نمو وترقي الأجهزة الإعلامية الحكومية، وشبه الحكومية، والمستقلة، في مجال البث الإذاعي والتلفازي. حيث أصبح يغطي رقعة الوطن بكاملها لأول مرة في تاريخ السودان، وأصبح يغطي رقعة الزمن بكاملها أيضاً? وهذا جلّ ما أستطيع أن أقوله هنا لأني أريد ان اكون دقيقاً واميناً.
    فأنا لا أشاهد تلفزيون السودان، ولا أيّاً من تلفزيونات الدنيا?الاخرى،?حيث?توقفت عن إضاعة الوقت في متابعة برامج التلفزة منذ عام 1999م? ولم أعد اشاهدها الا لماما، إن كنت محتبساً في فندق، أو في مناسبة مع قوم يشاهدون التلفاز. وربما لم اشهد خلال العشرين عاماً الماضية، إلا أقل من عشرين ساعة من بث تلفزيون السودان،?ولذلك فإني إذا استنجست، مما شاهدت، خلال ساعات قلائل، في العام الماضي، والحالي، أن تلفزيون السودان ساذج، ومتخلّف، وثقيل الدم، فهذا سيكون حكماً انطباعياً قاصراً، لا يحوز اطلاقه من طرفي للتعميم، إلا إذا عضدته شهادات المنصفين?
    وعلى كلٍّ فأرجو أن ينفتح التلفزيون السوداني على إصحاب الكفاءات الفنية، والثقافية، والسياسية، التحليلية،?الرفيعة، حتى لا يغدو اقطاعية مسيَّجة يرتع فيها فاقدو المواهب، من اتباع الانقاذ. فالاعلام -لا سيما الاعلام المرئي- يذوي ويتحلل حالما يُسوَّر باسوار الحزبية المتعصبة، ويختنق ويقضي سراعاً عندما تخيّم عليه الروح الدينية الضيقة.
    أقول هذا ولست احسب ان اهل الانقاذ الكبار، ضيقي الافق الى هذا الحد المزري، فهم ?ليبراليون? وقوميو التفكير، وتفكيرهم الحزبي ليس بهذا المستوى. ولكن للبيروقراطية احكامها، والتطبيق العملي، وقلة الكوادر المدربة، وضعف التجهيزات، وبؤس التحفيز، كل ذلك يشكل قيوداً تحد من ارتقاء عمل التلفاز المملوك للدولة. ومن ناحية اخرى، فأعتقد أن الدولة الانقاذية، لا يهمها كثيراً امر الاعلام، لا في التلفاز ولا في غيره، ولذلك فهي لا تدعمه الدعم اللازم. وعقيدة الاستخفاف بالاعلام، عقيدة ورثها القوم من شيخهم السابق، وما عادوا فيها يمترون، ويا ليتهم اليوم فيها يمترون?
    حرية العمل الحزبي?
    وحرية العمل الحزبي التي انداحت اخيرا في الوطن، يمكن أن نعدها مأثرة اخرى من مآثر الانقاذ، ووفاء منها بوعدها لانجاز الانفتاح السياسي على التدريج. فالانقاذ لا تخشى المنافسة السلمية من أي حزب او فريق، طالما التزم اصول العمل السياسي الشريف، فهي تعتقد أن حرية الممارسة السياسية أدعى إلى تحقيق الاستقرار السياسي في البلاد، وأنه لا يمكن كبت القوى السياسية، وإلا انفجرت انفجارات عنيفة تصعب محاصرتها ومعالجة آثارها. إن جميع الأحزاب تعمل الآن بحرية كبيرة، ?ليست كاملة بالطبع!? وقد شهد الصادق المهدي نفسه?بهذه?الحقيقة الإيجابية،?وهو الذي طالما?انفق وقته?في السابق،?في?نقد الانقاذ، والنعي عليها،?واطلاق كل وصف مستكره عليها?
    ?فخير للأحزاب إذن أن تهجر ألفاظ المكابرة، وسلوك التطرّف، وأن تنصرف إلى عمل سياسي، شعبي، صبور، دؤوب، راشد. إن ذلك خير لها من أن تتمادى في ارتباطاتها الخارجية المشبوهة، المضرّة بقضايا الشعب والأرض?
    وعلى هذه الأحزاب أن تفهم أصول ?اللعب السياسي? جيداً، وأن تتفهمه?بأريحية وسعة أفق وبال، وأن تتصرّف على ضوئه بلا طيش ولا استعجال، فليست الإنقاذ غبية إلى حد أن تسمح لأحد أن يجتاحها اجتياحاً سريعاً?بالتآمر، فيدمر برعونته ما بنته?لصالح الوطن من انجازات.
    إن مفهوم الأحزاب لحرية العمل السياسي، إذا كان لا يعني إلا شيئاً واحداً فقط، هو تدمير الانقاذ، وليس?له معنى إيجابي آخر على الإطلاق، فما أضل هذا الفهم، وما أتعسه، وما أخيب مسعى سياسي يهتدي بهداه، ثم ما أوهى آمال وأحلام من يحلمون بقراءة الفاتحة على الإنقاذ بفعله?
    إن هؤلاء الذين يستعجلون موت الانقاذ، ليشهدوا مراسيم دفنها، ويتسلوا، ويتفكهوا، ويبتهجوا بتقديم العزاء في مأتمها، عليهم أن ينتظروا طويلا وطويلا جدا، وعليهم أن يكفوا عن ادمان هذه الأحلام، أحلام صغار الأحلام.
    ومن هؤلاء الحالمين الواهمين المدفوعين بدواعي الأثرة، والحسرة لقطع الرزق، من كتب دراسة استخبارية مستفيضة، عن سيناريوهات موت الانقاذ، قدمها لأحد المراكز المشبوهة في بريطانيا، وهذه الدراسة المغرضة هي بحوزتي الآن، وقد أرسلها إلى أحد البروفيسورات البريطانيين، الذين استاءوا وامتعضوا، من هذا التحريض العريض، الذي اجترحه أحد المواطنين السودانيين، على دولته الأصل، لصالح الدولة التي صار يحمل جنسيتها. وفي وقت لاحق سأقوم بعرض نصوص هذه الدراسة ونقدها النقد اللازم، فالقراء الكرام موعودون بذلك في يوم قريب. كما سنمضي قدماً في الحديث عن انجازات الحركة الإسلامية السودانية ممثلة في الإنقاذ?

                  

04-02-2008, 02:22 AM

يسرى معتصم
<aيسرى معتصم
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خمسون إنجازاً للحركة الإسلامية السودانية (Re: يسرى معتصم)

    ليقرأ الفاتحة على نفسه من يريد أن يقرأها عليها!!
    (4)
    د. محمد وقيع الله
    لقد قلنا في المقال الماضي إن من فضائل الإنقاذ أنها مازت الخبيث من الطيب، والزبد من الصريح، والعميل من الأصيل، وكانت هي الطيب والصريح والأصيل، وكانت حركة سودانية وطنية مائة بالمائة، وشهد لها بذلك خصومها أجمعون، إذ لا يوجد من يدعي اليوم أدنى ادعاء بأن الإنقاذ كانت امتداداً أو ظلاً لقوة أجنبية من أي نوع.
    ومن فضائل الصادق المهدي السياسية، أنه شهد بهذا الحق من أول يوم للإنقاذ، فقال إنه اختفى يوم الانقلاب عليه في 30 يونيو 1989م وتوارى خصيصاً من أجل أن يستكشف هوية من قاموا بالانقلاب، ومن يقف وراءهم من القوى الخارجية، ولما تبيَّن له أنه لا توجد أي قوة أجنبية وراء الانقلاب جاء ليفاوض من قاموا به.
    قطع الأذناب الأجنبية:
    ولما كانت الإنقاذ حركة سودانية وطنية، سليمة، مائة بالمائة، بريئة من الإنتساب إلى الخارج، فقد كان طبيعياً أن تتجه لتصفية كل وجود أجنبي ذي نزعة وصائية أو تآمرية على البلاد. فقامت بتصفية المؤسسة العسكرية، وهي أخطر مؤسسات الوطن، من النفوذ الضارب لحزب البعث العراقي.
    وإذا كان يحمد للرئيس الأسبق جعفر نميري، أنه صفى الجيش السوداني، من النفوذ الضارب للحزب الشيوعي، الذي كاد أن يستولي على السودان بأكثر من انقلاب، فإن مما يحمد للإنقاذ أنها صفّت الجيش من نفوذ حزب البعث العراقي- فرع السودان، والذي كان على وشك أن ينفذ انقلاباً يتسلم به مقاليد الحكم، ويعيد في بلادنا إنتاج المذابح والجرائم والمآثم، التي أتاها طاغية العراق هناك.
    ومن ملامح الأصالة الوطنية التي لا تخفي في سمت الإنقاذ، أنها لم تعتمد في حماية الوطن على الجيش وحده، بل قامت منذ أيامها الأولى بتدريب الشباب السوداني على حمل السلاح ليذودوا به عن وطن الجدود، وهكذا نشأ خلال العقدين الماضيين جيل سوداني متين، صاعد، مدرب في غالبه، على حمل السلاح، وعلى استخدامه بكفاءة جيدة، وهذه ظاهرة جديدة لم يشهدها السودان منذ عهد الدولة المهدية. وفي التدريب العسكري تدريب على الجد، والرجولة، وتحمل المسؤولية، انعكس على تربية الشباب السوداني بشكل عام، فقلت فيه النـزعة الاعتمادية القديمة، وغدا يقبل على تكاليف الحياة وملاقاة صروفها بتحدٍ، وعُرام، وصدام، وكأن هذا الجيل الصلب، هو الجيل الذي خاطبه شاعر الإسلام، العظيم ألطاف حسين حالي بقوله:
    أنت في عالم الصراع فهيء ü لك زند المصارع الجبار
    لا تخف من خطوب وكن أنت خطباً ü وجحيما ومارجا من نار!
    وقد اهتمت الإنقاذ بأمر الجيش السوداني من كل النواحي، لاسيما ناحيتي التدريب والتسليح، فأصبح جيشاً عالي المهنية، لا يعاني من قلة التسليح كما كان عليه الأمر، قبيل قيام الإنقاذ. ولأول مرة في تاريخ السودان صار الإنتاج العسكري صناعة وطنية، وأخذ الجيش السوداني يعتمد، بشكل شبه كامل، على المنتجات العسكرية المحلية، من الرصاصة، إلى الدبابة، إلى راجمة الصواريخ.
    لقد أنقذت الحركة الإسلامية السودانية، بهذا التخطيط العبقري، الأصيل، المعتمد على الذات، هذا الوطن ومواطنيه، من الوقوع في قبضة حركة التمرد، التي كادت أن تستولي على الخرطوم في عام 1989م، حينما كان الجيش السوداني يتحطم ويتآكل، ونظام الحكم الطائفي يهترئ ويتقوض، ومنصور خالد يوجه إنذاراته الشامتة في الشماليين، يأمرهم فيها بالتهيؤ لوصول حاكم يحكمهم، ليس بعربي ولا مسلم، ولا ديمقراطي، وإنما هو حاكم يأتي مستنداً على الرماح!
    التأصيل الإسلامي:
    وليست دعاوى الإنقاذ في الأصالة، والوطنية، والإسلامية، دعاوى تشدق كدعاوى الأحزاب، وإنما كانت دعاوى لها براهينها العملية، الصادقة، في التأصيل الوطني، الإسلامي، لمجالات الحياة المختلفة، كمجال القانون، والاقتصاد، على الخصوص. حيث حافظت الإنقاذ على إسلامية القوانين، الجنائية، والمدنية، وقامت بصياغة مواد محكمة للقوانين مستمدة من الشرع الإسلامي الحنيف. وقد نسي العلمانيون المتطرّفون التعساء الشهر الميلادي، الذي صدرت فيه، فلم يسمونها به، فتعساً لهم وأضل أعمالهم!
    وقد طبقت الإنقاذ تلك القوانين باعتدال تام، وربما ببعض التحفظ، لأن الأهم في هذه المرحلة، وهي مرحلة طويلة شائكة، هو تمكين تلك القوانين، وكفكفة هجوم العلمانيين، والقوى الغربية عليها. واليوم لا يكاد شخص جاد يتحدث بنقد القوانين الشرعية في السودان. وقد يئس العلمانيون من امكانية تغييرها بعد أن تأصّلت كثيراً وتعمّقت، وأمست القوانين العلمانية الفاسدة المفسدة نشازاً لا يتفق مع الواقع الاجتماعي والإسلامي المتطوّر في البلاد.
    إن هذه القوانين التي صاغتها وطبقتها وحرستها الإنقاذ، لم تجد أدنى مقاومة من الشعب، بل وجدت كل الترحيب والدعم منه. وليس أدل على ذلك من أن الدكتور منصور خالد، قد واجه شيعته من العلمانيين (اليساريين!!) العابثين، الذين وجهوا له اللوم لأنه مع دهاقنة حركة التمرد قد خانوا العلمانية بموافقتهم على حكم السودان بقوانين الشرع، قائلا: إن الوسطاء «هكذا قالها، وهو يعني القوى الغربية التي تساندهم في حركة التمرد!» قد حدثونا في نيفاشا بأن نقلع عن عداء الشريعة، لأن السودان لم يشهد ولو مظاهرة واحدة ضدها، فلو لم تكن الشريعة تطبق برضا الشعب لثار الشعب عليها!
    ومالم يقله منصور خالد لشيعته، التي تعرف ذلك أفضل منه، هو أن الإنقاذ لم تبد طوال تاريخها أدنى تنازل في أمر الشريعة، وما كان لها، وأنى لها، فهي ماضية بحكم الله، تطبقه على عباده، وذلك مجد عزير من أعز أمجاد الإنقاذ، وهي لن تتنازل عن ذلك المجد الذي شرفها الله به، مهما تطاول عليها الخصوم والأعداء.
    تحرير الاقتصاد وتأصيله:
    وفي مجال الاقتصاد قامت الإنقاذ، بتأصيل مبادئ الاقتصاد الإسلامي ما أمكن في الاقتصاد السوداني، وعن طريقها حررت الاقتصاد السوداني من داء الربا، الذي هو حرب على الله تعالى، كما جاء في التنزيل. وعالجت داء الكساح الذي أعجز القطاع العام عن أن ينهض بأمر الاقتصاد، وحررت أسعار السلع، حيث كان نظام الأسعار، نظاماً مشوشاً ومهتزاً، وغير قائم على أساس راسخ، وكان مصطنعاً ومزوراً إلى حد أن الدولة كانت تدعم كل شيء بما في ذلك سعر الدولار!
    وأحيت الإنقاذ في الشعب السوداني، قيم الاعتماد على الذات، وعزائم السعي العفيف في طلب الرزق، (لا الارتزاق!)، وكافحت أمراض التبطل العطالة، والتواكل والتبعية، ونفسية الزهد الكاذب، التي ظلت متوطِّنة منذ قديم الزمان، فأصبح الكل الآن يتطلّع إلى وضع حياتي أفضل، وإلى نوال ميزات كريمة يستحقها، ويسعى لها سعيها، غير قانط، ولا يائس من أن يحصل عليها وعلى كل ما يريد.
    الشكوى من الفساد الاجتماعي ظاهرة إيجابية:
    وفي الحقيقة، فإن فترة حكم الإنقاذ، قد أصلحت الكثير من خلل الثقافة الشعبية السودانية، فتوارت مظاهر فساد كانت ضاربة الأطناب، كفساد السفور، والخمور، والفجور. وقد كان القانون الوضعي الفاسد المفسد يقنن، منذ استقلال السودان، وقبل ذلك، تجارة الخمر، والدعارة، ويحميها، وكانت لتلك التجارات مناظر يندى لها الجبين، وكان السياسيون العلمانيون يتوانون عن مقاومة تلك المنكرات، التي ورثوها عن الإنجليز، ويتفنن المثقفون العلمانيون في انتحال الحجج الزائفة لتأييد تلك الأوضاع المزرية وتثبيط جهود مقاوميها.
    ولنذكر هنا، أن الرئيس الأسبق، نميري، كان له فضل السبق في مقاومة الفساد الأخلاقي المقنن، ولكن بسقوطه كادت أن تسقط جهوده في هذا الاتجاه، لولا أن قامت عليها الحركة الإسلامية، قبل الإنقاذ فحمتها من أن تلغي أو تكتسح، وجاءت الإنقاذ فعززتها ودعمتها، ورشدتها، وزادت عليها، بعون الله.
    واليوم إذا اشتكى الناس من بعض مظاهر الفساد الأخلاقي التي تطفح بين الحين والحين، فتلك محمدة كبرى، أن الناس صاروا يحتدُّون في نقد الفساد الأخلاقي، ويشجبونه أشد الشجب، ويحثون الدولة، ويحضونها، للقضاء عليه قضاء مبرماً، وإلا فقد كانت الكثير من أنماط الفساد التي يتشكي الناس منها اليوم، تبدو طبيعية لأنها كانت مقننة، تتمتع بحماية الدولة، وقوتها، في سالف دهر قريب!
    إن الاهتمام بمكافحة المنكرات والمفاسد الاجتماعية، كان قد اختفى من أجندة السياسيين، منذ عهد الدولة المهدية، التي كافحت المنكرات كفاحاً لا هوادة فيه. وقد غرس الغزاة الذين دمروها، في أذهان بعض النخب المتغرّبة، التي تابعتهم في أفهامهم السقيمة، مفاهيم (الأخلاق النسبية). بمعنى أن الأخلاق مسألة نسبية، فما يراه زيد منكراً ليس بالضرورة أن يكون كذلك عند عمرو، وزعموا لهم أن الدين لا علاقة له أصلاً بالموضوع، وأن مسائل الحلال والحرام، هي من مسائل الثقافات المتخلفة، التي يجدر بالمتحضرين أن ينأوا عن الإلتزام بها!
    ولذلك كنت ترى الكثيرين من أتباع ذلك الفهم المنحرف، يتباهون بالمعاصي، والمفاسد، ويسخرون من شمائل المتدينين، الذين يشتقون حدود الأخلاق، مما قال الله تعالى، وقال رسوله، صلى الله عليه وسلم. ولم يكن لأولئك المتدينين الوقَّافين عند حدود الله تعالى ومحارمه، مكان كريم لدى كثير من تلك المؤسسات (القومية!) التي شادها لنا الإنجليز، وقاموا بتأصل قيمهم الغربية فيها ووطدوها، وكثيراً ما كانت مجالس الناس، حتى عقود قريبة، تردد شوارد التبكيت، والتنكيت، بمتدينين من منسوبي تلك المؤسسات (القومية!)، شاءوا أن يصلوا، وصمموا على أن يجتنبوا الخمر!
    ولكن الله تعالى (يخلق ما يشاء ويختار). فمن أعماق تلك المؤسسات، جاءت الإنقاذ لتطهر البلاد من الأرجاس، ولتعلي قيم الأخلاق. وقد طهرت تلك المؤسسات، أول ما طهرت، وجعلت من منسوبيها أمثلة تحتذى في سمو الأخلاق.

                  

04-02-2008, 02:24 AM

يسرى معتصم
<aيسرى معتصم
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خمسون إنجازاً للحركة الإسلامية السودانية (Re: يسرى معتصم)

    ليقرأ الفاتحة على نفسه من يريد أن يقرأها عليها!!
    د. محمد وقيع الله
    (5)
    تحدثنا في المقال الماضي عن مجاهدات الحركة الإسلامية السودانية، في مساقات متعددة، مما حفظت به هوية البلاد وأصالتها، ووقفت حارساً دونها، من أن يعدو عليها أولئك المتآمرون، من أصحاب الأجندة الغربية والشرقية، ووكلاء القوى المتربصة بالسودان.
    وسنقف اليوم عند مفاصل من جهاد الحركة الإسلامية الذي آتى ثمره، ولكنه ما عاد يذكر لطول العهد عليه. ولكن لا بد من التذكير به على كل حال، لأنه جهاد حق، ولأنه يحمل أقوى دلالة على أصالة هذه الحركة العتيدة، وعلى ثباتها على عهدها، وعلى أنها حركة لا تتحوَّل، ولا تتبدَّل، كما يتحول، ويتبدل، بعض من التصقوا بصفوفها وتشبثوا بثوبها زمناً، ثم نضتهم عنه، ونفضتهم، فسقطوا، وعادوا يتمنون لها السقوط!
    الإنجاز التاريخي المتصل:
    إن ما أثر عن المجاهد الإسلامي الكبير الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد قوله: إنه لولا جهاد الحركة الإسلامية السودانية على صعيد القوى الحديثة، لكان احمرار السودان يشع على إفريقيا اليوم!
    قال ذلك القول في أواسط سبعينيات القرن الميلادي الماضي، وبه استطاع ببصيرته الإيمانية النافذة أن يقوم جهاد الحركة الإسلامية الفكري والمذهبي ضد الفكرالشيوعي الوافد، الذي وجد له ملاذاً آمناً في السودان، فنمى واستقوى واستفحل، في الإعلام، والنقابات، ودور العلم، وإدارات الحكومة، وقطاعات الجيش، حتى بدا بنفوذ خطير مرعب، ارتاع له الكثيرون، وخشوه، وتملقوه، ولم يتصد له إلا الإسلاميون الأبطال الأماجد، فواجهوه بالتحرّك المناقض والمتفوّق عليه، فكراً، وتنظيماً، وعدة، وعتاداً، واخلاصاً، واحتساباً، فردوه على أعقابه حسيراً، كسيراً، مخذولاً بعد أن كان -كما كان يقال- أكبر حزب شيوعي في خارج المنطقة الشيوعية! وفي قول آخر أكبر حزب شيوعي في أفريقيا والشرق الأوسط معاً!
    وقد كانت ملاحظة الشيخ عبد الماجد حكيمة حقاً، فقد كان الحزب الشيوعي السوداني، مهيئاً بتلك العدة الضخمة، كي يكتسح الحكومات الحزبية الكسيحة في السودان، مدعوماً بالنفوذ الأجنبي، وليصبح رأس الرمح الدامي، الذي يدمي أفريقيا كلها، ويصبغها بلون الفكر الأحمر، ويحمِّل السودان أوزار تلك الغزوات، التي جاءت أفريقيا من قبل السودان، فدمرتها كما دمر الشيوعيون أوطاناً أخرى من أعز أوطان الإسلام في ألبانيا، واليمن (الجنوبي)، وافغانستان، والصومال، وأثيوبيا، وغيرها من الأوطان التي عاثوا فيها فساداً وإفساداً، ودمروا بنيتها التحتية والفوقيه سواء!
    هذه المغبات الكالحة حالت دونها بالنسبة لأوطان أخرى في افريقيا (من بينها السودان) الحركة الإسلامية السودانية، حيث قامت ثلة قوية صامدة من جند الله، فشدوا المئزر، وشمّروا لجهاد الشيوعيين، وقارعوهم، ولاحقوهم في أوكارهم في (القوى الحديثة!) في مجالات الإعلام، والمنتديات الفكرية، والمنابر النقابية، والبرلمان. فعروهم مما تدثروا به من زائف الشعارات، وفضحوهم على حقيقتهم المعادية للدين، والوطنية، والديمقراطية، وأنجوا بفضل الله تعالى، البلاد والعباد، من كوارث الخراب المنطوية هذا الإهاب.
    إن جهاد الحركة الإسلامية لكسر مؤامرات الحزب الشيوعي لتمزيق السودان (باستخدام الشعارات الاثنية هذه المرة!) لا يزال جهاداً متصلاً متلاحقاً، ولا يزال يحسب لها في إنجازاتها تلك التي تحدث عنها الشيخ عبد الماجد في السبعينيات. وحركة تحافظ على ولائها العتيد لهذا البلد الكريم، وعلى عهد حمايتها له من مكائد أعداء الله جميعاً، ليست حركة في طور تهاوٍ أو موات، وإن تهاوت وماتت عزائم بعض من عاشوا في أكنافها شهوراً معددوة، تلبثوا بها متأملين أن يأكلوا من غنائمها أكلاً كثيراً في العاقبة، فلفظتهم لفظ النواة، فأمسوا يتمنون لها الموات!!
    ومن بِرِّ الحركة الإسلامية السودانية بوطنها، أنها حافظت على ترابه وعلى سلطته المركزية من أن تجتاحها حركة التمرد. ثم كان من الانجازات الكبرى للحركة الإسلامية السودانية أنها كللت ذلك الجهد القديم، بأن تمكّنت من حل مشكلة الجنوب حلاً شاملاً، نرجو أن يكون هو الحل النهائي لهذه المشكلة ذات الإعضال.
    لقد قامت الحركة الإسلامية بتشكيل أقوى سد حال دون استيلاء حركة التمرد على البلاد في خلال عقد ثمانينيات القرن الماضي، وكان شدها لأزر الجيش، وكان موكب أمان السودان أعظم معلم حشد القوى السودانية الوطنية المخلصة ضد حركة التمرد فأفزعها وأفزع حلفاءها من الشماليين اليساريين وغيرهم.
    وخلال تنفذها في الحكم في آخر ذلك العقد حشدت الحركة الإسلامية السودانية، قواها النضالية كي ترد طغيان التمرد، وتفك احتلاله لمدن الجنوب ومناطقه، فأجلته عن أكثرها بصيف العبور، ومعارك الميل الاربعين وغير ذلك، وقدمت الحركة الاسلامية من أبنائها آلاف الشهداء والجرحى في هذا السبيل.
    ولما انصاعت حركة التمرد، وجنحت للسلم، جنحت إليه الحركة الاسلامية صابرة مصطبرة، طويلة البال، بشكل مذهل أذهل حتى المزايدين المتطرفين من المتمردين. وربما كانت محادثات الحل السلمي بين الحركة الإسلامية ممثلة في الانقاذ، وحركة التمرد، هي اطول محادثات سلمية في تاريخ السياسة في العصر الحديث، ولكنها انضجت الحل على تلك النار البطيئة، فجاء حلاً مفصلا، مقننا، رضي به الطرفان، وكانت الحركة الإسلامية، كما العهد بها، سخية، أريحية، بعيدة عن التعصب، والغلو، فأعطت لحركة التمرد أكثر مما كانت تحلم به من الامتيازات.
    ولم يكن ذلك تفريطا من الانقاذ، كما يقول نقاد الانقاذ، الذين لا يعجبهم كل ما يأتي من طرف الانقاذ، خصوصا أولئك الذين اكتالوا كثيرا من (الميرة) من مال الانقاذ (أولئك الذين عملوا في إعلامها -في وزارة الإعلام- قسم الإعلام الدعائي الخارجي، وليس في دبلوماسيتها كما يزعمون!) وعادوا يقولون الآن إن الإنقاذ قد دللت حركة التمرد وشجعت الأقاليم الأخرى على التمرد رجاء أن تنال نيلها، وهذا قول باطل لا يأتي إلا من خواطر الانتهازيين الذين مردوا على أخذ العطاء وأكل (الميرات)!
    أما الانقاذ فقد كان فكرها وهي تتصدى لحل مشكلة الجنوب، فكراً كبيراً بحجم الوطن وواسعاً بسعة آماله الفساح، لقد كانت لا تزال ترى ان اهدار الارواح، أرواح المواطنين جميعا، بما فيها ارواح المتمردين، والبسطاء الذين تستغلهم وتجعلهم وقودا لتلك الحرب، أغلى بكثير من أي موارد مادية يمكن ان تقتسم، قسمة عادلة أو ضيزى، وليكن اقتسامها في صالح لخوة الوطن الجنوبيين، إن كان ذلك كافياً لسفك الدماء السودانية التي هي أغلى دماء في الوجود، فمن يرفض ذلك إلا من كان في قلبه غل للوطن وللإنقاذ؟!
    لقد قدمت الحكة الاسلامية السودانية، ممثلة في الانقاذ، بعض أعظم من أنتجتهم من رجال الفكر، والحركة، والجهاد، ليمثلوها في لقاءات التفاوض مع المتمردين، فواصلوا كلال الليل، بكلال النهار: فكراً، واقتداراً، وصبراً، حتى حققوا للوطن هذا الإنجاز النفيس، صلح نيفاشا، الذي رضيه الجميع، إلا ما كان من اعترضه من أحزاب الفساد التي تريد أن تنقض عليه لتنقضه، وهيهات، وهيهات، وهيهات!
    البر بالشعب والأرض:
    ومن بِرِّ الحركة الإسلامية السودانية، بشعبها السوداني الكريم، أنها
    عملت على توزيع حقوق الناس، ومنحها لهم بأكثر مما فعلت أي حكومة في تاريخ السودان. ولنضرب المثل هنا بقيام الإنقاذ بتوزيع الأراضي السكنية على الناس. حيث تم في عهد تولي الحركة الاسلامية الحكم، توزيع الاراضي بسخاء على كل المستحقين من المواطنين الكرام.
    إن هذه الأراضي كانت موجودة من قبل، وكان المواطنون الكرام محتاجين اليها من قبل أشد الاحتياج، وكانت الحكومات الوطنية موجودة من قبل بالطبع، ولكنها لم تفعل شيئا يذكر في هذه الناحية، إذ كانت لا تزال تفكر وتتصرف بوحي الإرث الإداري الاستعماري القديم، الذي كان يقول إنه لا يمكن توزيع الاراضي على المواطنين بهذه الكثافة الكبيرة، لأنه لا يمكن تقديم خدمات لهم، حيث لا يتوفر الماء، ولا الكهرباء، ولا العلاج، ولا التعليم، ليكفيهم جميعاً!
    كانت تلك هي الحجة الجاهزة للحكومات السابقة جميعا (إمكانات مافي!!) وإذا كان للإنجليز عذرهم وسببهم لعدم توزيع الأراضي، في أنهم لم يكونوا يريدون تنامياً حضريا في السودان، حتى لا يتطور الوعي ويتكتل الناس في حركات مطلبية وثورية ضدهم، فما بال الحكومات الوطنية، سواء كانت حكومات انتخاب، ام حكومات استيلاء (بتعبير الماوردي)، تماطل، وترفض توزيع الاراضي السكنية على المستحقين؟! أكانت هي ايضا تخشى من تنامي الحضر واستيقاظ الوعي الشعبي؟! أم انها كانت تقلد بلا وعي سلفها الحكومي الإداري الإنجليزي؟! أم ان السبب كان خليطا من هذين السببين؟!
    لا أريد ان أجيب على هذا السؤال، ولغيري أن يجيب عليه مجتهدا ومتحريا الصواب، ولكني أكتفي بالقول بأن حكومة الحركة الإسلامية السودانية ممثلة في الانقاذ لم تخش أي اعتبار من تلك الاعتبارات الذرائعية الحذرة المتخوفة، بل إنها راهنت ولا تزال تراهن على حالة ازدياد حالة التحضر أكثر مما يراهن البعض على حياة البداوة.
    والإسلام الذي تستلهمه الإنقاذ، كان منذ يومه الأول، ولا يزال، يدعو إلى حياة التحضر، وينهى عن حياة البداوة استمرائها، وقد ثبت عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، أنه نهى ان يرتد المرء أعرابياً (أي بدويا) بعد هجرته، وما ذلك إلا لأن حياة البداوة هي معقل ركين حصين، من معاقل الجهل، والفقر، والتخلف، يصعب اقتحامه إلا بنور العلم والحضارة والإسلام!
    واهتداء بهذه المفاهيم الهادية، طرحت الحركة الإسلامية السودانية، كل المحاذير والمعاذير والذرائع، وانخرطت في تنفيذ أضخم خطة اسكانية في تاريخ السودان، واستطاعت عبرها ان تملِّك مئات الآلاف من المواطنين اراضٍ سكنية بالعاصمة والاقاليم. وقدمت لأكثر تلك الاراضي ما استلزمته واقتضته من خدمات المياه، والكهرباء، والطرق، والمدارس، والمستشفيات، ونقاط بسط الامن الشامل، وغير ذلك من المستلزمات.
    صحيح جداً أن تخطيط تلك الاراضي، وتوزيعها، شابه بعض الخبط والظلم، كما يشوب أي عمل كبير مثل هذا، بعض الخبط والظلم، ولكن هل من العدل والنصفة ان يحصر البعض حديثهم على هذه النواحي السلبية وحدها، ناسين ومتناسين دوافع، وأقدار، ونتائج، هذا العمل التنموي التحضيري العظيم؟!
    لا يفكر ويقدر كذلك إلا أصحاب الرؤية الإنشطارية المغرضة. أولئك الذين اشتطوا في الماضي، في مدح الإنقاذ بالباطل،لأكلهم حينها أموالها بالباطل، وها هم يشتطون في نقدها حالياً بالباطل، فحديثهم جله إذن أماني نفس، وأوهام، وأضغاث أحلام صغار الأحلام! وابشري بطول سلام يا حركة الإسلام.

                  

04-02-2008, 02:26 AM

يسرى معتصم
<aيسرى معتصم
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خمسون إنجازاً للحركة الإسلامية السودانية (Re: يسرى معتصم)

    ليقرأ الفاتحة على نفسه من يريد أن يقرأها عليها!!
    د. محمد وقيع الله
    (6)
    ترى هل يدري أبناؤنا الذين يرفعون شعيرة الأذان بأمان واطمئنان في كل آن بمساجد جامعة الخرطوم ومصلياتها العديدة، أنه قد كان دون تمتعهم بهذا الحق البدهي جهاد طال، جهاد قام به جيل باسل من أسلافهم، قارع عصابات التغريب بتلك الجامعة، التي أنشئت نواتها الأولى بعد ثلاث سنوات فقط من معركة كرري، لتصبح رأس الرمح لتغريب السودانيين وإبعادهم، قليلاً قليلاً، عن دين الإسلام..
    جهاد في سبيل البدهيات:
    وبحكم النشأة الأولى، والتوجيه التغريبي المتواصل، كانت أجواء ما كان يسمى بكلية غردون التذكارية عند النشأة، ثم كلية الخرطوم الجامعية، قبيل الإستقلال، ثم جامعة الخرطوم من بعده، أجواء تعادي صوت الأصالة الإسلامية الحق، وتكره ما يردده ويؤكده كل حين وهو نداء الصلاة، وهكذا ظل رفع الأذان في الوسط الجامعي (المتغرب) أمراً مستنكراً، وبقي من يقوم به شخصاً منبوذاً، يستحق أن يتحرّش به أتباع التغريب من يساريين ويمينيين.
    ولكن تلك الثلة الفدائية المحتسبة من طلائع الحركة الإسلامية بالجامعة، أصرت على رفع نداء الصلاة، كائناً ما كان الأمر، ولم يثنها عن ذلك وعيد أو تهديد، وظل أفراد تلك الثلة المرابطة على ثغور الإيمان، يتحمَّلون الأذى كلما رفعوا عقيرتهم بالأذان، حتى اضطروا إلى أن يكونوا من بين أنفسهم كتيبة حماية لمن يكلفونه برفع النداء، لئلا يقع عليه اعتداء، وعندها فطن أبالسة اليسار إلى حيلة ينفذون بها إلى من يطلق نداء الصلاة، فتسلَّقوا أعلى المباني وأخذوا يبصقون على رأسه من هناك!
    هذا طرف من الجهاد الذي بذله الإسلاميون لمجرَّد أن ينالوا حق ممارسة بعض شعائر الدين المهمة في الجامعة، وهو الحق الذي انتزعوه بقوة إيمانهم، ومضاء سواعدهم، ثم ملَّكوه للآخرين ممن لا يتجرأون على خوض مثل هذا الجهاد، أو لا يرون له ضرورة على الإطلاق، أو أولئك الذين لهم قابلية عجيبة للرضوخ للإرهاب الأدبي الإعلامي اليساري، وهو الإرهاب الذي لا يزالون يمارسونه بصور شتى على الناس حتى الآن!
    اللا طائفية السوقية:
    هكذا بدأ جهاد الحركة الإسلامية قبل أكثر من نصف قرن، من أجل أداء فريضة الصلاة، وصلاة الجماعة بالذات. وقد بقيت صلاة الجماعة في الجامعة تقليدا ينفر منه كبار العلمانيين، من الأساتذة، بل عامة الأساتذة. وحكى مؤرخ كتب في تاريخ الحركة الإسلامية السودانية خبر ذلك، وتحدّث عن جهوده لإقناع بعض الأساتذة -ومنهم من كان يحسب على (العروبيين) والإسلاميين- لتأييد مشروع يرمي لإقامة مسجد جامعة الخرطوم (الحالي)، فضاعت جهوده سدى، لأن الأساتذة احتجوه بأنه لا يجوز إنشاء مسجد بالجامعة إلا إذا أقيمت بها كنيسة للنصارى!
    من قال لأولئك الأساتذة الكرام (وهم مسلمون!) إنه لا بد أن تقام كنيسة بجامعة الخرطوم؟! النصارى لم يقولوا لهم ذلك، ولكنهم تصوروا الأمر كذلك، لأن جو التغريب الذي أنشئت في ظله المدرسة، ثم الكلية، ثم الجامعة، هو الذي كيف أذهانهم لتفهم الأمور كذلك!
    وتلكم هي-بحق- عقلية (اللا طائفية السوقية)، السوقية حقاً، التي تحدث عنها كثيراً الثائر الجزائري الفيسلوف عمار أوزيغان. كان عمار، رحمه الله، فيسلوفاً ماركسياً، على مستوى أوروبا كلها، ثم أسلم، وكتب كتابه الأروع (الجهاد الأفضل). وتحدث مستهزئاً ببعض المتعلمين المسلمين المتغربين، ممن شهدهم، يترك أحدهم الصلاة، إذا كان بمحضر من لا يصلون، وذلك حتى لا يؤذي مشاعرهم بإقامته الصلاة مع تركهم إياها! أو يرفض أحدهم أن يشرب الخمر، ولكنه لا يقول إنه يرفضها لأنها حرام في شرع الله، وإنما يعتذَّر بوضعه الصحي، قائلاً إن طبيبه قد منعه من معاقرتها!
    كانت العقلية المتفرنجة السائدة بجامعة الخرطوم شيئاً قريباً من ذلك حتى ستينيات القرن الماضي. ولذلك شاءوا أن يعرقلوا مشروع بناء مسجد الجامعة، حتى لا يؤذوا مشاعر النصارى، كما زعموا. ذلك مع أن النصارى لم يكونوا يعترضون على إقامة المسجد، ولا يرون في بنائه افتئاتاً على حقوقهم أو استفزازاً لمشاعرهم.
    ولكن كانت تلك هي الحجة التي انتحلت من قبل المسلمين التغربيين لإثبات (لا طائفيتهم السوقية!) وعطلوا بها مشروع قيام المسجد إلى أن تصدى لإنجازه بالفاعلية الحركية اللازمة شهيد الإسلام عبيد ختم، والحبيب الراحل محمد كبير، ومجاهدون آخرون، لهم في عنق الجيل الحالي، من أبناء جامعة الخرطوم، وأجيالها اللاحقة دين كبير. فهؤلاء المجاهدون البررة هم الذين توجوا بإقامة هذا المسجد، جهود الحركة الإسلامية السودانية الحافلة، التي بدأت منذ أكثر من نصف قرن، لتعظيم فرض الصلاة، وهو الفرض الذي سيظل، على رأس أعمال الحركة الإسلامية السودانية على الدوام.
    النحت في (ظلط) البلادة:
    هذه اللمحة من التاريخ ترينا كيف كانت الحركة الإسلامية السودانية تنحت في (ظلط) البلادة والتجمد، في أذهان ذراري مسلمين، ظلوا يقاومون مجرّد رفع شعيرة الأذان بالجامعة، وحاربوا طويلاً فكرة إنشاء مسجد بها، حتى أقنعتهم الحركة الإسلامية أن ذلك بالإمكان، وما أقنعتهم بذلك إلا بالجهاد الماضي وعزائم الإيمان.
    إن هذا جزء عزيز من إنجازات الحركة الإسلامية السودانية، وجانب حي من تراثها الغالي، الذي نرجو أن يعرفه الأبناء. وإن الحركة الإسلامية السودانية، صاحبة هذا التراث الفاخر، وهذه الإنجازات الضخمة المتنامية، ستظل حركة حيَّة يقظة لن تموت، بإذن الله، حتى تحقق أهدافها جميعاً، وتحبط مكايد ودعوات خصومها أجمعين، لا سيما هؤلاء الشانئين الذين انبتُّوا عنها، ثم نبتوا في حزب الشيطان! (ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون). المجادلة: 19.
    لكل شعيرة جهاد:
    هذا عن جهاد الحركة الإسلامية في سبيل رفع شعيرة الأذان. وقد كان لكل شعيرة أخرى من شعائر الدين جهاد بذل دون تقريرها واستقرارها. وحدّث ولا حرج عن حق إطلاق اللحى للشباب، وحق لبس الحجاب الشرعي للفتيات (ودع عنك حديث النقاب إلى حين!). كان إطلاق اللحية مثار السخرية الكبرى وسط السفهاء، وأما تحجيب النساء (بل حتى مجرد أدائهن الصلاة!) فقد كان مثار عجب واستهزاء وإيذاء لبنات حواء.
    وإذا شئنا أن نتحدّث عن شأن الحجاب والإلتزام الديني للفتيات، فقد خاضت الحركة الإسلامية السودانية هنا جهاداً فكرياً وحركياً تحديثياً هائلاً، أعاد إلى الفتيات الثقة بهذا الدين، بعد أن صوره المبطلون عدواً لدوداً للمرأة، فخيّبت المرأة ظنهم، بأن أصبحت أعظم نصير لهذا الدين.
    في الجامعة الإسلامية يختلفون مع القرآن:
    وأحب أن أتحدّث الآن عن جامعة أم درمان الإسلامية، التي تلقيت العلم بها، وأعرفها أفضل مما أعرف جامعة الخرطوم، وإن كنا ندين للحركة الإسلامية بجامعة الخرطوم بالفضل. كنا حتى أواسط سبعينيات القرن الميلادي الماضي نسمع بجامعة أم درمان الإسلامية أصوات طالبات يتحدثن على المنابر العامة (ربما كن شيوعيات يكتمن إيمانهن بدينهن!) يتحدثن فيقلن إنهن يختلفن مع القرآن في هذا الشأن أو ذاك! ولا يجدن أدنى حرج في أن يقلن هذا القول النُّكر بجامعة الإسلام، ومما كن يقلن إنهن يختلفن فيه مع القرآن، موضوع حجاب المرأة المسلمة، الذي كان غريباً جداً في الأوساط الجامعية، بما فيها جامعة أم درمان الإسلامية، ولم تكن بالجامعة الإسلامية حتى ذلك الحين أكثر من ثلاث عشرة طالبة محجبة، تخرج منهن في سنة واحدة ثمانية، وأبقين وراءهن خمساً يواصلن النضال!
    ولكن ما أن صدرت رسالة (المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع) التي وصلتنا في صورة خطوط عريضة، ثم قام الطالب (حينها) علي الخضر بخيت، بمعونة آخرين، بإكمال تحريرها، بإدخال النصوص، والأدلة، والأمثلة، عليها، حتى شع نورها، ونور الفكر والالتزام الإسلامي، في أوساط الطالبات، وتسابقن على الإهتداء بشرع الله.
    وما أن مضت أعوام قلائل حتى تنامى الوجود الإسلامي وسط الطالبات. ثم حلت رائدة من رائدات البعث الإسلامي بالجامعة، هي فضيلة الدكتورة سعاد الفاتح البدوي، حفظها الله، التي جاءت عميدة لكلية الطالبات، واتخذت القرار الطبيعي، بفرض الحجاب على جميع الطالبات.
    ومع أننا كنا ضد قراراها ذاك إذاك، إلا أنه بمضي الوقت اتضح أنه القرار الصحيح الرشيد، الذي صار في ما بعد الأساس المرشد لتعميم زي المرأة المسلمة بعموم السودان، فحيّا الله تعالى، أمنا وشيختنا سعاد الفاتح البدوي، وأسبغ عليها حلل الرضا، والصحة، والعافية، والإحسان، فكم لها في خدمة الإسلام، في السودان وخارجه، من شأن وأي شأن.
    المعالجات المتأنية الهادئة:
    هذه الحركة الإسلامية طويلة العمر، واسعة الأفق، رحبة الفكر، ظلت تعالج الأوضاع الروحية، والاجتماعية، وأوضاع الهوية الإسلامية، والقومية، بتأن وصبر تام. ولذلك يحق أن يقال في أمرها: كم قطعت من أرض وكم أبقت من ظهر!
    لم تلجأ الحركة الإسلامية السودانية إلى التسرع، ولا إلى التعسف، ولا إلى مصادمة المزاج العام، لأهل السودان، بل تسرّبت فيه بنفس اللطافة، والسماحة، التي تسرّب بها الإسلام إلى السودان قبل خمسمائة عام!
    لقد كان دخول الإسلام إلى السودان متأخراً جداً، كما حدثنا بذلك المؤرخون، فقد صدنا عن الدخول مبكراً في دين الإسلام، أولئك المحاربون الذين كانوا يدعون (رماة الحدق)، فهم الذين منعوا دعاة الإسلام من دخول السودان، لمدى سبعمائة عام، وهكذا لم يتمكّن الإسلام جيداً في بلادنا إلا بعد سقوط مملكة سوبا، في مطالع القرن السادس عشر الميلادي.
    ولكن مع هذا التأخير الكبير في ورود دين الحق إلى السودان، فسرعان ما تجذَّر هذا الدين، وتعمّق في أرض بلادنا الطيبة، التي نبذت عنها الأوثان والصلبان، وأتت مقبلة لترشف من نبع الإيمان. وقد جاهد العلماء والصوفية وأنصار المهدي في ترسيخ الإسلام في السودان لحقب طوال، واستمر الشأن كذلك حتى أتت الحركة الإسلامية الحديثة، وقد أتت هي الأخرى متأخرة زماناً إلى بلادنا، حيث طرقتها في آخر ما طرقت من أقطار العروبة والإسلام، بعد منتصف أربعينيات القرن الماضي، ولكنها كم وجدت من آذان صاغية، وعقول صافية، وكم أوجدت من دعاة أفذاذ، علقت قلوبهم بالدين، واستيقنوا حقائقه، واستلهموها، ونافحوا عنها في إخلاص، وصدق، ووفاء، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلاً، ولذلك فقد بقي غِراسهم وسيبقى غِراس خير أبداً بإذن الله.
    أما المنسلخون القلائل، ممن بدلوا، وانحرفوا عن خط الحركة الإسلامية السودانية، من بعد أن عاشوا في أحضانها شهوراً معدودة، ثم عادوا ليرتزقوا منها لمدى أعوام في عهد الإنقاذ، ثم تفرّقوا عنها، ثم تفرغوا لحربها، والتأليب عليها، وكتابة الدراسات الأمنية الزائفة عنها للأعداء، فهؤلاء ليسوا بضارِّينها شيئاً بإذن الله، أولئك:
    إن سمعوا الخير أخفوه، وإن سمعوا شراً أذاعوا، وإن لم يسمعوا كذبوا!


                  

04-02-2008, 02:28 AM

يسرى معتصم
<aيسرى معتصم
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خمسون إنجازاً للحركة الإسلامية السودانية (Re: يسرى معتصم)

    ليقرأ الفاتحة على نفسه من يريد أن يقرأها عليها??
    د. محمد وقيع الله
    (7)
    تحدثنا في المقال الماضي عن جوانب من الإنجازات التاريخية الباقية للحركة الإسلامية السودانية، على مستوى القضايا الروحية التربوية العميقة، ورأينا كيف اكتسحت بجهادها الروحي الصافي، التحدي الارهابي العلماني، التغريبي عامة، واليساري منه خاصة، الذي توطّن في مؤسسات التعليم التي أنشأها المستعمرون، ليجتالوا بها أبناء البلاد المستعمَرة، لاسيما في أصقاع العالم الإسلامي، عن دينهم، وتقاليدهم، وروح أصالتهم. ولكن انقلبت فصول التاريخ في السودان خاصة على هؤلاء المستعمرين المتجبرين، إذ انبثقت الحركة الإسلامية، ونمت، وترعرعت، واستفحلت، في تلك المهاد نفسها التي هيأوها لاستنبات حركة التغريب.
    في هذا المقال سنتحدث عن بعض منجزات الحركة الإسلامية السودانية، على المستوى النفسي، لأن هذا الشخص الشانئ الذي دعا عليها بالموت، وغدا يستعجل أوان الدفن، زعم أنها قد غرست في أتباعها روح الاستبداد، وطبائعه، وقد آن لنا أن نريه أنها ما فعلت غير أن وطّدت فيهم ورسّخت طبائع الرجولة، والشرف، والعزة، والأنفة، ومقارعة الاستبداد.
    في علم النفس السياسي?
    فلقد ربّت الحركة الإسلامية السودانية أتباعها على الحرية الكاملة، وعدم الخضوع إلا للنص الإلهي وحده، ونشأتهم على روح المساواة، وعدم الخضوع لأي زعامة مدعاة، فلم يتأسس كهنوت، ولا ازدهرت طائفية في حنايا هذه الحركة الفتية الأبية. ثم أقامت الحركة الإسلامية السودانية، ممثلة في الإنقاذ، أول حكومة لا تطلب من الناس أن يقدسوها أو يقدسوا حكامها الذين هم بشر من البشر? ?يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق?، ويخطئون ويصيبون، كغيرهم من الناس، ولا يتعالون على الناس، فأين هم من الناس الذين أصدروا في أيامهم، الأمر الجمهوري الرابع، الذي يقضي بعقوبة الإعدام على من ينتقدهم بكلام أو اشارة بالابهام؟ وأين هم ممن سبق هؤلاء وتلوهم، من الحكام الحزبيين، الطائفيين، الذين يقبِّل الناس أياديهم، ويعاملونهم بوصفهم كهنوتاً مرة، وبوصفهم بشراً سياسيين مرة أخرى، ووصف الكهنوت هو الألصق بهم في معظم الحين?
    إن الحكام الذين أنجبتهم الحركة الإسلامية السودانية، ممثلين برجالات الإنقاذ، لا يريدون من أحد أن يتملّقهم، وهذا معروف عنهم منذ يومهم الأول ومشهور وطرد الشهرة، وأبلغ دلالة عليه أن صور زعيم الإنقاذ، الرئيس البشير، لا تعلق في دواوين الدولة، وأرجو أن يكون هذا تقليداً مستمراً حتى اليوم، فالذي يمنع تعليق صوره في مكاتب الحكومة، ما أظنه يحب أو يقبل أن يتملقه أحد. ودعنا نفرض جدلاً أن البشير، أو غيره من رجالات الإنقاذ، يحبون أن نتملقهم، ويريدونا أن نفعل ذلك، فإنا لن نفعل ذلك أبداً ولم نفعله قط!
    وإني بصفة خاصة لم أدافع عن الإنقاذ، ولا ادافع عنها الآن، لأنني قريب منها، أو قريب من مسؤوليها، بل إني أبعد عنها وعن مسؤوليها من كل هؤلاء المثقفين الإسلاميين المتشائمين الذين عملوا فيها، وغدروا بها، وانقلبوا لها أعداء?
    وليست لي من صلة، ولو على المستوى الشخصي، بأيٍّ من مسؤولي الإنقاذ، ولم أتشرَّف بلقاء أحد منهم ?سوى دعوتي عشاء أقامهما في داريهما لاستقبالي الصديقان الدكتور مجذوب الخليفة، رحمه الله، والبروفيسور أحمد مجذوب أحمد، أبقاه الله ذخراً للسودان ونهر النيل?، وما عدا ذلك فصلتي بأهل الإنقاذ هي صلة من بعيد. ولو كانت صلة قربى، لكنت أستغللتها لأسمعهم صوت النقد الصريح لا صوت المديح?
    إننا لو كنا منصفين حقاً، ولو كنا على وعي حقيق، بالأبعاد النفسية في التحليل السياسي، وهذا جانب مهم من جوانب التحليل السياسي البنيوي، لقدرنا للحركة الإسلامية السودانية، ممثلة في الإنقاذ، حق القدر، تباعدها عن تقديس قياداتها، وحسبناه منجزاً أساسياً على صعيد التربية السياسية والوطنية الدينية لهذا الشعب، فتقديس البشر لا يكون إلا على حساب المبادئ، وحساب الحق، والعقل، والإفراط في ذلك يقود، بلا أدنى شك، إلى الشرك، وما أعجبه من قول فاه به أحد أئمة الحركة الإسلامية العقلية، العلامة العظيم مالك بن نبي، وهو قوله? إنه متى ما اختفت الفكرة برز الوثن?
    فالوثنية السياسية، التي تلغي عالم الأفكار، بعد أن تقوم بتجسيمه في هياكل الزعماء، يأتي بها هؤلاء الطائفيون السياسيون، كما تأتي بها كوادرالعقائديين اليساريين، ليغطوا بها عجزهم الكبير، الخطير، في مجال التفكير، والتنظير، والتقدير، والتدبير، أما الحركة الإسلامية السودانية فهي حركة عقلانية، عملية، ذات اقتدار، وانتصار، ولا تحتاج إلى أن تتدثر بثياب الكهانة، ولا تقدس أفراد البشر الفانين?
    العافون عن الناس?
    إن الحركة الإسلامية السودانية لا تقدس قادتها، ولا تستهين بعضويتها. ومما يحسب لهذه الحركة، من السجايا الخيرة، أنها بقيت طوال عهدها، حركة أريحية متسامحة مع الناس بشكل عام، ومع عضويتها بشكل خاص، سواء في ذلك من بقوا على عهد الولاء، والمصابرة، والتضحية، والبذل، أو ممن انعزلوا عنها أو عزلتهم، لأسباب محددة ووجيهة جداً. فهي تحاول أن تقيم معهم أفضل العلائق، أو علائق السلم على الحد الأدنى، وتعمل وتأمل أن يتجاوب معها هؤلاء، ويستجيبوا للتعاون في إنجاز المشترك المتفق عليه من الأهداف الوطنية والدينية.
    ومن هؤلاء من يَرجع بنفسه، أو يُسترجع، وبعضهم وهم قلائل من أصحاب النفسيات المنكوسة، من يشتط في عداء الحركة الإسلامية إلى آخر الشوط، حتى يشتهي لها الموت، كي يخلو له الجو ويحلو، ويرتاح من عقد تاريخه القديمة معها، وتجارب الفصل الأليم التي طالته عندما منعته الحركة من الكتابة في صحافة مايو المؤممة، التي كان يرأسها محمد الحسن أحمد، الذي كانت له به علاقة على نحو ما، وكانت تلك الصحيفة تمثل رأس الرمح في الهجوم على الحركة الإسلامية والطلابية في أعقاب ثورة شعبان، فرفض أن يمتثل للأمر الحق، وفصل لذلك جزاء وفاقاً، ثم سومح، ثم غدر، ونكص.
    ولا أخفي سراً إن قلت إن أكثر من اتصلوا بي عن طريق الهاتف، أو البريد الالكتروني، يرجونني أن أكف البأس عن هذا الغادر الناكص، هم من أفراد الحركة الإسلامية السودانية، ومن رجال السلك الدبلوماسي بوجه خاص، وبعض المتعاطفين مع الحركة الإسلامية والإنقاذ. وقد قدرت لهؤلاء عواطفهم الكريمة المتسامحة، وأنا أعرفها سلفاً، وأعرفها جيداً، ولكن أعرف أيضاً أن ما أنا بصدده من سجال، لا بد أن ينجز بشكل حاسم، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حيي عن بينة.
    لقد تسامحت الحركة الإسلامية السودانية مع كل خصومها المفرطين في العداء، وما زال البشير يعفو عنهم ويعفو، ?عفو القادر المحتكم?، وهم ما زالوا لا يقدرون ولا يشكرون، ولا يرعون هذه العواطف الكريمة السامية كما ينبغي. وصاحبنا هذا بالذات، المتمني لنا الموت، قد صفحت عنه الحركة الإسلامية السودانية كثيراً، وأغضت عنه إغضاءً وفيراً، رغم أنه فجر في الخصومة معها، وأصبح ظهيراً عليها، ونصيراً لمعارضيها، من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، وأهل الكفر المبين، وأنا شخصياً لم اعتد عليه، ولم أبدأه بنقد أو هجوم، ولم اجرِّحه كما زعم، وزعم من اعتذروا إليه، وكل ما هنالك أني كشفت حاله، فوجدته مثخناً بالجراح، فوضعت الملح على الجراح، فتعالى منه الصراخ?
    خلع الزعماء المتسلطين?
    هذا وما دام هذا الشخص المتعجل موتنا، قد جرنا إلى الحديث عن الفضائل النفسية، للحركة الإسلامية السودانية، فلننتهز هذه الفرصة إذن، ولنعطف عنان القول، لنتناول منجزاً آخر من المنجزات التاريخية على هذا الإتجاه.
    فمما عرف عن الحركة الإسلامية السودانية، أنها الحزب السوداني الوحيد، الذي تخلص خلال نصف القرن الماضي، من رؤسائه الكبار بسلام. فقد تمكّنت الحركة من أن تتخلّص من ثلاث من زعمائها واحداً إثر الآخر بأقل الأضرار. أولهم هو ذلك الزعيم الذي تخلصت منه في خمسينيات القرن الماضي، وثانيهم في ستينياته، والثالث في آخر القرن.
    وبذلك تخلّصت الحركة من داء الطائفية، الذي يقعد بالحركات السياسية التقليدية، والآيديولوجية، معاً، ويصيبها بالتجمد، والعجز، والعقم، والموات، الذي تشهده الأحزاب السودانية الأخرى.
    ومما نلحظه جليّاً من دراسة تاريخ الحركة الإسلامية السودانية، القديم منه والحديث، أنه لم يتبع عمليات التخلّص من هذه الزعامات المنحرفة انشقاق كبير في الحركة، إلا ما كان من انشقاق عام 2000م، ولكنه انشقاق لم يخل من فائدة كبرى، حيث سلمت سفينة الدولة من تشاكش أكثر من ربان، وهو أمر بدع لا نرضاه، ولا تقره أحكام السياسة الشرعية، التي علمنا إياها الماوردي، هي الأحكام التي نرتضيها، ونفخر بها، لأنها الحق عين الحق، ونرجع إليها ونعمل بها في شأن تنازع الحكام?
    كما لم تخل تلك التجربة من فائدة أخرى، إذ نفت عن الحركة الإسلامية السودانية خَبثها، بعد أن صهرتها، وطهرتها، وأبعدت عنها الأوشاب التي تسّربت فيها، ورضيت لنفسها أن تسرب أسرار الحركة الإسلامية، وتكشفها للأعداء، ولقد شهدنا فيما مضى أن طلاب المدرسة الثانوية الصغار المنضوين تحت لواء الحركة كانوا يأنفون من إتيان هذا الصغار، فغدا به يصبح دأب بعض الكبار?
    مهما يكن فقد تخلّصت الحركة الإسلامية السودانية في عام 2000م من زعيمها السابق أو نائبه، الذين مرَدَا على نشر الأسرار، وتخلّصت أيضاً من صحافيين إثنين من أتباعهما ارتكبا نفس الأوزار، وبقيت بعد ذلك، بمنجاة من الأخطار.
    وهذا من فضل الله تعالى على الحركة الإسلامية السودانية أن خلصها من أمثال هؤلاء: ?لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم? ?النور?11?? وبعد ذلك تبقى الحركة على تسامحها حتى على من حملوا عليها السلاح إذا فاءوا إلى ظل السلم وأصغوا إلى صوت الحق، والنصفة، والعدل. وكذا أفعل بخصوم الحركة الإسلامية السودانية أيضاً? ولكن قبل ذلك لا أرضى أبداً أن أرى منظر الفجار وهم يقذفون الأبرار بالأحجار?


                  

04-02-2008, 02:30 AM

يسرى معتصم
<aيسرى معتصم
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خمسون إنجازاً للحركة الإسلامية السودانية (Re: يسرى معتصم)

    ليقرأ الفاتحة على نفسه من يريد أن يقرأها..!!
    محمد وقيع الله
    «8»
    كان سيدنا كعب بن مالك، رضي الله عنه، ممن تخلفوا عن ركب الحركة الإسلامية، يوم زحف تبوك، وبقي في المدينة يماطل ويتلبث، حين طابت الظلال والثمار، وكان يتلفت حوله، فلا يرى فيمن بقي معه بالمدينة، إلا منافقا أو ضعيفا، وآذاه ذلك وأرَّقه، وعبر عما وخزه من الألم، فقال: كان«يحزنني أني لا أرى إلا رجلاً مغموصا عليه في النفاق، أو رجلا ممن عذر الله من الضعفاء».
    ولكن كعبا بنقائه وصلابته، صبر ولم يتمادَ، ولم يخن عهد الدعوة وميثاقها، ولم يغدر بالدعوة أو يطعنها، كما خان صاحبنا وغدر وطعن. لقد خيب كعب بن مالك ظنون أعداء الإسلام، الذين قعدوا وهم غير معذورين، كما خيَّب ظنون أعداء الإسلام الذين أرادوا أن يستميلوه إلى جانبهم، حتى يكتب لهم التقارير المفصلة عن مسار الحركة الإسلامية، وخططها، ويعمل موظفا «برتبة ومرتب» في آلة الدعاية لديهم، فيقوم بهجاء الحركة الإسلامية والتعريض بها، فقد كان كعب شاعرا مُفْلِقا «أي صحفيا ضليعا بلغة اليوم، فقد كان الشاعر هو الذي ينافح وقتها عن الدعوات، والحركات السياسية، والحكومات!».
    قال كعب، رضي الله تعالى عنه: فبينا أنا أمشي بالسوق، إذا نبطي يسأل عني من نبط الشام، ممن قَدِم بالطعام يبيعه بالمدينة: من يدل على كعب بن مالك؟ فجعل الناس يشيرون له إليَّ، حتى جاءني فدفع إليَّ كتاباً من ملك غسان... فإذا فيه: أما بعد: فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان، ولا مضيعة، فالحق بنا نُواسِك. قلت حين قرأتها، وهذا من البلاء أيضا، قد بلغ بي ما وقعت فيه أن طمع في رجل من أهل الشرك، فعمدت بها إلى تنُّور فسجَّرته بها..!!
    الأصيل والعميل:
    فها هو كعب بن مالك الداعية الصحابي الصادق الأصيل، يعي خطورة موقفه الذي بدأ بالتخلف عن الركب الزاحف، ويدرك أنه ربما ينجر بعد ذلك إلى ما هو أخطر من ذلك، بارتكاب الخيانة الأعظم: خيانة عهد الدعوة، وميثاقها، ومعاونة أهل الكفر عليها، فاستيقظ ضميره بلا تراخٍ ولا انتظار، ولم يكن في حاجة إلى أن يفكر أكثر وأكثر، فهذا العرض السخي، الذي جلبه له أحد عملاء الامبراطورية الرومانية «إحدى القوتين العالميتين العظميين حينها!» لم يستحق لديه إلا أن يحرق فوريا، فأخذه وسجَّره حالا في التنور..!!
    فهل يا ترى يملك صاحبنا، هذا الذي يجادلنا، شيئاً من صلابة كعب بن مالك، رضي الله تعالى عنه، ووفائه، ونقاء ضميره الديني، فيسجِّر كتب الدعوات التي تترامى إليه من المراكز ذات الصلة الوثقى بالاستخبارات البريطانية، والاميركية، والتي ما تَنِي تطلب منه الرأي والمشورة الناجزة في أساليب التصدي للمسلمين؟!!
    إن أملنا في ذلك، وفيه ضعيف، جد ضعيف! فها هو يدين حركة المقاومة الفلسطينية علنا كمطلوب من متطلبات العمل بمعهد بروكنجز، ومعهد السلام بواشنطون، وكلاهما من معاهد المحافظين الجدد، والقدامى، وعتاة الصهاينة، ولقد أرضى صاحبنا بإدانته للمقاومة الفلسطينية، كبير الصهاينة الذي يتزعم ذلك المعهد، فقربه إليه، وأسبغ عليه المنح، التي يُشترى بمثلها أمثاله.
    وإذا عرفنا أن كبير الصهاينة بذلك المعهد، هو ذات الشخص الذي دبر مسألة الرسوم الكرتونية المسيئة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما كشفت ذلك إحدى صحف فيلادلفيا، في العام قبل الماضي، فربما نقف ذات يوم قريب على سر علاقة صاحبنا هذا، الناقم على الحركة الإسلامية السودانية، الراجي موتها، بذلك الصهيوني العتيد، فقد أمسينا لا نستغرب صلات معارضي الإنقاذ بالصهاينة، فها هم يصافحون الصهاينة «مصافحات غير عفوية ولا بريئة كما يزعمون!»، وها هم يزورون إسرائيل ويستنجدون بها، وها هم قد قرروا أخيرا أن يقيموا مكاتب لحركاتهم التخريبية، المتمردة في دارفور، في عقر ديار الإسرائيليين، وفي عز أيام غطرستهم، وعدوانيتهم، التي يبيدون بها جماعيا أهل فلسطين..!!
    وإذا كنا لا نستغرب مكائد السياسيين من خصوم الإنقاذ، فإن استغرابنا يزيد ونحن نطالع مطالع الخيانة عند بعض مؤيدي الإنقاذ وجلاوزتها القدماء، هؤلاء الذين صرحوا بطموحاتهم الزائدة على الحد، عندما زعموا أنهم شركاء في الإنقاذ، وليسوا أجراء لديها، مع أنهم ما كانوا إلا مجرد أجراء لديها جاءوا إلى خدمتها بإغراء المرتبات والامتيازات والعلاوات والبدلات.
    فقد قامت ثورة الإنقاذ، ثم تأسست دولة الإنقاذ، ولم يسهم أمثال هؤلاء في التمهيد لها بشيء، فقد ظلوا أبعد ما يكونون عن ساحات العمل اليومي، دع عنك ساحات الفداء، ولا يغرن أحد تشدق صاحبنا هذا، بأنه لولا جهاده لما صار المشير عمر البشير، ولما صار الشيخ على عثمان، فيما صارا فيه من مجد ومن علياء، ومن أسف فإن صاحبنا صدق زعمه هذا، كما صدق أشعب وهمه، ولهذا ظن صاحبنا، وظنه إثم مُتَجانفٌ لإثم، أن إبعاده عن الخارجية كان افتئاتا على حق أصيل له!
    بين الخارجية والإعلام:
    ولقد كنت في السابق قد أوردت معلومتين متضاربتين بشأن «رتبة» صاحبنا هذا في خدمة الإنقاذ، في أعوام التمكين، وزمان الشدة على المخالفين، أولاها أنه عمل بالخارجية، وثانيها أنه عمل بالثقافة والإعلام، والصحيح أنه عمل وزيرا مفوضا «برتبة» ملحق إعلامي «ومرتب» مقطوع لتلك الرتبة، وسار سيرته التي يعلمها الكل، في مسار التطرف البالغ، في تأييد الإنقاذ، بالحق وبالباطل، بلا تريث، ولا تورع، ولا اكتراث، وبذل جهده كله في تغطية وتبرير جرائرها، وبطشاتها الأولى، ولم يقدم صاحبنا هذا حتى يوم الناس هذا نقدا ذاتيا، لا مجملا ولا مفصلا، يتناول أخطاءه الأولى، التي لا يزال يلاحقه بها المتضررون، في أروقة المنظمات الدولية وساحات الإعلام، ولا يريد صاحبنا أن يتفضل حتى بمجرد ردود على هؤلاء الذين يلاحقونه، ويتقدمون ضده بالاتهامات على صفحات الصحف والانترنت..!!
    صحيح أن صاحبنا عمل بوزارة الخارجية، ولكنه وصل إلى منصبه بالخارجية، بطريقته الانتهازية الفريدة، التي فاق بها كل الانتهازيين العالقين بأطراف الحركة الإسلامية السودانية، ممن تكاثروا على أبوابها في أيام الطمع، وتراجعوا عن رحابها في أيام الشدة الفزع.
    فالمعروف أن الملحق الإعلامي، يكون في العادة تابعا لوزارة الإعلام لا الخارجية، وكذلك يكون الملحق العسكري تابعا لوزارة الدفاع لا الخارجية، وكذلك الملحق التجاري يتبع لوزارة التجارة لا الخارجية. ولكن صاحبنا هذا باعترافه قد قام باختراق القاعدة الدبلوماسية الوطيدة، وأصبح الملحق الإعلامي الوحيد، المعين على وجهين: وجه ظاهر معلن للناس، وهو وجه الملحق إعلامي، ووجه خفي مخفي عنهم كوزير مفوض..!!
    وهذا مما يدل على قوة صلة صاحبنا هذا بقادة التنظيم الذي درج على أن يدعوه خطأ على أنه «سوبر- تنظيم»، ويدل كذلك على عظيم تودده إلى هؤلاء القادة في «المايكرو- تنظيم» كما يجب أن يسمى، أولئك الذين منحوه، لسبب وجيه، نفهمه، ونتفهمه جيدا، تلك المعاملة التفضيلية، التي ضنوا بها على أبناء الحركة الإسلامية السودانية الأوفياء المجاهدين، وصناع الإنقاذ الحقيقيين واعطوها إياه. فأبناء الحركة الإسلامية الأصيلين الأماجد لا يُشتَرَوْن بالمناصب والأعطيات والصدقات، ولا يبيعون الحركة الإسلامية مهما بلغ الإغراء، وهذا يُشترى بالثمن البخس، ويَبيع الحركة الإسلامية بثمن بخس!
    ومهما يكن، وسواء أعمل صاحبنا هذا بالخارجية أم بالإعلام، فإن نتائج أعماله وصنائعه سيَّان، لقد عمل صاحبنا بوظيفة إعلامية شبيهة بوظيفة الشاعر في بلاطات الحكام في العهود الخالية، فهو إذن قد كان «شاعرا» كشعراء البلاط الأموي، يرضى فيمدح، ويسخط فيهجو، يمدح الخلفاء، ويهجو المعارضين، ويشتط في الحالتين، ويتكسب قوته بهذا السبيل، كما يتكسب الشاعر الأموي قوته بهذا السبيل، وذلك مع فارق واحد جوهري مهم، هو أن شعراء بني أمية كانوا «مخلصين»، ولم ينقلبوا على سلاطينهم كما انقلب هذا على سلاطينه.
    فهل تعلم صاحبنا هذه المراوغة من الشاعر الشيعي الرافضي الخبيث دِعَبْل الخزاعي، الذي فاجأنا بالحديث عن حبه له، وإيثاره إياه، والاستشهاد بشعره، مع أن دِعبلا هذا كان قد حشا ديوانه بأشنع السوءات وافظعها، عندما هجا أبا بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وسائر الصحابة الأجلاء، من المهاجرين والأنصار، الذين حضروا أعظم مجلس شورى في التاريخ، في يوم السقيفة المجيد.
    جيل القيادة الجديد:
    لقد ظن صاحبنا بنيله لتلك المعاملة التفضيلية في وزارة الخارجية، أنه كادر ذو قيمة نادرة يعز وجود مثيل له، وأن الإنقاذ لا يمكنها أن تستغني عنه، ذلك مع أن الإنقاذ تملك آلاف الكوادر غيره، بعضهم أفضل منه كثيرا، حتى في المجال الذي برع فيه وهو مجال الإعلام، وجلهم من أهل الصدق، والوفاء، والغيرة على الإسلام.
    وهذه ميزة خاصة للحركة الإسلامية السودانية، دون سواها من الحركات الحزبية السودانية الأخرى، لأنها ربت جيلا إسلاميا، رساليا، محتسبا، من أصحاب المهارات القيادية المصقولة في مجالات مختلفة، وهؤلاء هم الذين يقودون البلاد بنجاح الآن، وربما صح أن نسميهم جيل شعبان، أو جيل دبك، كما يحلو لأحدهم أن يقول، وهذا الجيل هو الذي خاض ملاحم الكفاح اللافحة، يوم كان صاحبنا يحبر مقالاته في صحافة مايو المؤممة.
    هذا الجيل الذي ربته الحركة الإسلامية السودانية، وعجمت عوده بمعاركها، ومجاهداتها النبيلة، هو الجيل الذي خبر طلائعه عن قرب عمنا الفاضل، الشيخ مضوي محمد أحمد، الذي مهما اختلفنا معه فلن نصفه بغير الصدق، فقد عُرف الزعيم الاتحادي الشيخ مضوي محمد أحمد هذا الجيل الإسلامي الصلد المجاهد، أيام الندوات السياسية ضد مايو، وأيام المعتقلات الطوال، ووبخ قومه من الاتحاديين، لأنهم لم ينتجوا قادة سياسيين وإداريين مدربين ومقتدرين مثلهم، أو مثل بهاء الدين، كما قال..!!
    ولكن كم في الحركة الإسلامية السودانية من أمثال بهاء الدين؟! إنه يوجد فيها من أمثاله عشرات المئين..!! فهي حركة «ديناميكية» مستقبلية، لا تتوقف ولا تدور إلى الخلف، كما تدور دوائر الأحزاب السياسية السودانية الأخرى، بلا استثناء قليل أو كثير.
    إن أكثر قيادات الحركة الإسلامية السودانية، هم في طور الشباب أو الكهولة، ومعهم شيوخ قليلون، والتركيبة القيادية للحركة الإسلامية السودانية، تماثل الشعب السوداني بتركيبته العمرية تماما، حيث لا يحتكر القيادة السياسية في الحركة الإسلامية السودانية، مجموعة قليلة، من الطاعنين كثيراً في السن، الأمر الذي تعاني منه الأحزاب الساسية السودانية الأربعة الأخرى، التي «يتحكر» في قيادة إحداها شخص منذ عام 1963م، وفي الثانية شخص منذ عام 1965م، وفي الثالثة شخص منذ عام 1968م وفي الرابعة يتحكم من هو الأحدث عهدا بالقيادة، لأن وصوله إلى منصبه هذا لم يكن إلا في عام 1971م..!! وأمثال هؤلاء أحرى أن يقودوا البلاد إن تمكنوا فيها إلى الخلف كما يفعلون بأحزابهم، أما قادة الحركة الإسلامية السودانية فإنهم يقودون البلاد والحركة الإسلامية إلى غد وضئ، رغم مشاكسات الرجعيين الراجعين بأحزابهم وأنفسهم إلى ظلام الأمس الوبيل.
    سوسيولوجيا الحركة الإسلامية:
    وكما شكلت الحركة الإسلامية السودانية، على مستوى القيادة، تركيبة متماثلة مع التركيبة العمرية للشعب السوداني، فقد شكلت على مستوى القاعدة تشكيلة قومية متجانسة مع التشكيلة القومية السودانية. فعضوية الحركة الإسلامية السودانية موزعة توزيعا إثنيا متكافئا بين أقاليم السودان الأربعة، بما فيها جنوب السودان رغم ظروفه المعروفة.
    وقد عملت الحركة الإسلامية السودانية بوعي ثاقب على أن تكون تشكيلتها القاعدية قومية متناسقة مع تشكيلة هذا البلد العظيم. ولحسن الحظ، فقد نشأت الحركة الإسلامية السودانية، في أوساط العلم، ومعاهد التعليم الحديث، واكتسبت أكثر عضويتها من تلك البيئة الكريمة، حيث تم تجنيد أكثر المريدين، وتم تسليكهم في سلك الطريقة، وهم في سن البراءة، والمثالية، والطهر والتطهر.
    ولما كان قبول الطلاب في تلك المدارس والجامعات، يتم على أساس غير جهوي، ولا عرقي، ولا طائفي، فقد نشأت الحركة الإسلامية على ذلك النهج، بِمَنْجَاةٍ من عقد الجهوية والعرقية والطائفية وعقابيلها. ثم ساعدت تعاليم الإسلام المتفوقة، والمتجاوزة لنُعرات التعصب للأرض، والعرق، في توجيه أتباع الحركة الإسلامية السودانية ومنسوبيها، وجهة لا جهوية ولا عنصرية ولا قبلية، فلم يسمع فيها قبل انشقاقها الأخير، صوت ناعق ينعق باسم قبيلته دون الإسلام.
    وفي أكثر دهرنا الذي عشناه في رحاب الحركة الإسلامية السودانية، لم نكن نسمع كلمة صريحة، ولا كنائية، تشير إلى توجه إقليمي، أو قبلي، أو عرقي، أو نحو ذلك، فكان ذلك مما لا يصرح به، ولا يشار إليه، ولو على سبيل المزاح، لأنه أمر «جاهلي»، منكر، منافٍ لمفاهيم الحركة، ومُتَبَنَيَاتِها، ومقاصدها، وركائزها الخُلقية الكبرى، وإذا كانت هذه المشاعر المنحرفة قد ثارت أخيرا في بعض الأوساط التي انخلعت عن سعة هذا المفهوم الإسلامي الجامع، واعتصمت بتخوم القبلية الضيقة، فإنما جاء ذلك بفعل من كانوا يضمرون قديما ما لا يظهرون، وقد كان طبيعيا أن يخرج هؤلاء من الحركة الإسلامية السودانية، التي لا تتسع لغير الولاء لله تعالى، ولرسوله، صلى الله عليه وسلم، وللمؤمنين أجمعين، بمختلف أعراقهم، ومنابتهم، «من دون فرز» قبلي أو جهوي.
    «ونواصل الحديث في تفصيل إنجازات الحركة الإسلامية السودانية وفضح خصومها في الأسبوع القادم بإذن الله».


                  

04-02-2008, 02:31 AM

يسرى معتصم
<aيسرى معتصم
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خمسون إنجازاً للحركة الإسلامية السودانية (Re: يسرى معتصم)

    ليقرأ الفاتحة على نفسه من يريد أن يقرأها عليها!!
    د.محمد وقيع الله
    (9)
    تحدثنا في المقال الماضي عن توازن الحركة الإسلامية السودانية، في تركيبتها القيادية العُمْرية، حيث بان لنا أنها الحركة السياسية السودانية الوحيدة التي تملك تشكيلة قيادية، تمثل أفضل تمثيل التركيبة العمرية العامة للشعب السوداني في الوقت الحاضر. وتناولنا بالحديث التركيبة الاجتماعية للحركة الإسلامية السودانية، فاتضح أنها تركيبة قومية، بحق وحقيقة، تتمثل فيها جميع ألوان الطيف الإثني السوداني.
    وبهذا التركيب المتوازن، الذي ميز الحركة الإسلامية السودانية، وزانها، اكتسبت تصرفاتها، وأفعالها، توازنا مشهودا، نأى بها عن التطرف في وجهيه: إفراطا وتفريطا.
    التعامل المتوازن مع الأحزاب:
    ونود اليوم أن نتحدث اليوم عن بعض أنماط التعامل السياسي المتزن، للحركة الإسلامية السودانية، بادئيه بتعامل هذه الحركة مع الأحزاب السياسية الأخرى. فبالرغم من أن الأحزاب السياسية التقليدية والعقائدية قد استقبلت الحركة الإسلامية السودانية، في تجليها السياسي، منذ حقبة جبهة الميثاق الإسلامي(1965-1969م) ، بكثير من التحفظ، والاستهانة، والاستخفاف، والازدراء،( تشهد على ذلك مداولات الجمعية التأسيسية بوجه خاص، وهي مصدر جيد لدراسة السلوك السياسي في حقبة الديمقراطية الثانية)، إلا أن الحركة الإسلامية السودانية، ظلت تعامل تجمعات الأحزاب السياسية الأخرى (عدا الحزب الشيوعي) بقدر كبير ووافر من التقدير والإحترام، ويمكن القول بأنها ما زالت تعاملها منذ ذلك الزمان بكثير من التقدير والاحترام لأوزانها وأقدارها.
    لقد جاءت الحركة الإسلامية السودانية بمحتوى حزبي، أصيل، واعد، متفوق، من حيث الخلفية والبنية الفكرية، والبرامج السياسية المفصلة، ونوعية الكوادر المدربة المحتسبة. ومع أنها كانت متقدمة على الأحزاب من هذه النواحي، إلا أنها عمدت مع ذلك إلى التعامل مع هذه الأحزاب، على أساس التفهم والاستفادة من تجارب من سبقوها في التجربة والبلاء، بدل أن تصادمهم وتسعى سعيا عاجلا لإزاحتهم، وهكذا أخذت الحركة الإسلامية السودانية من كل حزب خير ما فيه، ونبذت ما فيه من الشرور والبذور التي لا تنسجم مع برنامجها السياسي المستقبلي التقدمي.
    وقد بحثت الحركة الإسلامية السودانية دوما عن المشترك بينها وبين الأحزاب السياسية السودانية الأخرى، فاتضح لها أن ما يجمعها بالأحزاب التقليدية هو البرنامج الإسلامي، أي التوجه السياسي الإسلامي، أو ما كان يدعى حينها بالدستور الإسلامي، إذ لم يكن أمر القانون الإسلامي، أو الأسلمة الشاملة مما يمكن أن يطرح أو يستوعب في أفق ذلك الزمان.
    (معالم في الطريق) السوداني:
    وهكذا أخذت الحركة الإسلامية السودانية، في ذلك الزمان الذي كان فيه كتاب (معالم في الطريق)، يرج العالم العربي والإسلامي، بأطروحاته الجسورة الخطرة، تتعامل تعاملا هادئا غير ثوري، ولا جذري، مع الأوضاع السياسية السودانية. بل تعدى الأمر ذلك عندما كتب أحد فلاسفة الحركة الإسلامية السودانية، وهو الدكتور جعفر شيخ ادريس، حلقات متصلة بصحيفة (الميثاق) الإسلامي، لسان حال الحركة حينها، يحلل فيها أطروحات (معالم في الطريق)، وينتقدها، وقد بلغ أمر تلك الانتقادات إلى سيد قطب، ولم يقبلها، وذلك شأنه، رحمه الله، فقد كان صادقا في مواجهة الواقع القمعي الذي يتعرض له، وكانت الحركة الإسلامية السودانية، صادقة في تعاملها مع واقعها الذي تتعامل معه، ولم يكن يطغى عليه الغزو الفكري والاستبداد اليساري الشيوعي الناصري، كما كان الأمر في مصر، وهكذا لم تكن الحركة الإسلامية السودانية، مستعدة لاستيراد أطروحات فكرية حركية جاهزة، من واقع بعيد، من دون أن تتأملها، وتحللها، وتقبل منها ما تقبل، وترفض ما ترفض.
    والتزاما بهذه المنهجية التحليلية، النقدية، الحصيفة، المتوازنة، نأت الحركة الإسلامية السودانية، عن اتباع أساليب الاستعلاء، والبراء، والمقاطعة مع الآخرين، والتزمت بمنهج التلاقي والتعامل الرصين الجاد معهم ، من أجل التأثر الخِّير بهم، والتأثير الخيِّر فيهم. وسعت للتحالف مع الآخرين من العاملين في المسرح السياسي السوداني ولو التقت بهم عرضا في الطريق، وما اتخاذ الحركة لمسمى (الجبهة) منذ ذلك الوقت، إلا دلالة على رسوخ تلك النزعة لاتخاذ التحالف مع الآخرين نهجا ثابتا في العمل السياسي.
    وفي طوال دهرها لم تبادر الحركة الإسلامية السودانية أحدا بالعداء، وما زالت على ذلك النهج، تأمل أن تتحالف مع كل من فيه ذرة خير، حتى مع أصحاب تلك الأحزاب (العروبية) الهزيلة الكارهين للإسلام، كرها غير مفهوم، والذين لا يترددون في ان يتحالفوا (تحالفات استراتيجية كما يقولون!) مع الحركات الشعوبية، العنصرية، الحاقدة، الكارهة للعروبة، وذلك لأن هذه الحركات تشاركهم كره الإسلام!
    ويوما بعد يوم، نرى الحركة الإسلامية السودانية، تزداد التزاما بهذا النهج المستبين، وتمكن بحكمتها من كسر عداء الآخرين لها، حتى عداوة من عادوها عن حسد. أولئك الذين رموها جميعا عن قوس واحدة، يوم وصلت إلى السلطة، بانقلاب عسكري، اضطروها إليه اضطرارا، بممارستهم للمكائد السياسية من ناحية، وبعجزهم عن ممارسة السلطة السياسية من ناحية أخرى.
    وهنا أود أن أقول إن الوصول إلى السلطة، عن طريق انقلاب عسكري، لم يكن هو الوضع الملائم، هذا ما أقر به وأعتقده، ولكن إذا لم يكن إلا الأسنة مركبا فما حيلة الحركة الإسلامية السودانية إلا ركوبها؟!
    إن اللوم موجه إلى الآخرين لا إلى الإسلاميين في هذا الخصوص، إن اللوم موجه هنا إلى أولئك الذين استهانوا بالحركة الإسلامية السودانية، وأدانوها في البرلمان، عندما كانت في المعارضة، لمجرد أن الطلاب التابعين لها سيروا بعض التظاهرات في الخرطوم، ثم سعوا إلى إقصائها من الحكم، عندما اشتركت في حكومة الوفاق الوطني، وحرضوا عليها الجيش، مع أنها كانت أكبر سند للجيش في حرب التمرد في الجنوب، وشرع الكثيرون من الحزبيين في استغلال الجيش لتدبير انقلاب تكون أولى ضحاياه الحركة الإسلامية كما علَّمنا التاريخ.
    هكذا جاء هؤلاء:
    وهكذا اضطرت الحركة الإسلامية السودانية، إلى تجاوز هذه المؤامرات المتتابعة بتنفيذها لانقلاب الإنقاذ. والغريب أن خصوم الحركة لم يتعلموا الدرس، وواصلوا استهانتهم بها، وتوقعوا انهيار حكمها بعد شهور، وسأل سائلهم سؤال الغافل: من أين جاء هؤلاء؟!ّ ولم يفطنوا، أو قل إنهم لم يشاؤوا - في إصرار - أن يفطنوا إلى أن هؤلاء القادمين الذين سألوا عنهم، تضرب جذورهم عميقا، في تاريح العمل السياسي السوداني، إلى منتصف أربعينيات القرن الميلادي الماضي، وأنهم لم يتوقفوا عن الفعل السياسي يوما واحدا منذ ذلك التاريخ، وأن آثارهم برزت واضحة في كل مفصل من تاريخ البلاد، في حملة الدستور الإسلامي، في أوائل الخمسينيات، وفي مقاومة الحكم العسكري، في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات، وفي قيادة ثورة أكتوبر 1964م، وإنشاء جامعة أم درمان الإسلامية في عام 1965م، (التي أنجز قرار قيامها السياسي الوطني العظيم الوزير الإتحادي بدوي مصطفى، أفسح الله له في مقامات المجاهدين، وقاد خطوات تأسيسها شيخنا العلامة الرائد الدكتور كامل الباقر أفسح الله له في مقامات الصديقين).
    وقد قادت الحركة الإسلامية السودانية، حملة الدستور الإسلامي، مرة ثانية، في الستينيات، وشاركت في حرب فلسطين في السبعينيات، وشاركت في مقاومة النظام الشيوعي الناصري المايوي في حرب الجزيرة أبا، بالاشتراك مع الأنصار المجاهدين، وواصلت مقاومتها للحكم المايوي لسبع سنوات تلت، وأنجبت أكثر كوادرها الصلبة خلال تلك الحقبة، وأسست العديد من المؤسسات الإسلامية خلال السبع سنين التي تلت المصالحة الوطنية، وأيدت التشريعات الإسلامية بقوة وحمتها، واجتاحت دوائر العاصمة، ونالت أكثر عدد دوائرها، وأكثر عدد ناخبيها، ونالت أكثر دوائر الخريجين، في انتخابات عام 1986م. فهل هذه حركة خفية، يسأل عنها إلا واهم فيقول: من أين جاء قادتها وأتباعها؟!
    هذا الوهم أو(اللا واقعية) السياسية، هي من بعض ما تعاني منه الحركة الإسلامية السودانية، خلال تعاملها مع الآخرين. والغريب أن هذا الوهم يطرق أحيانا بعضاً من يعرفون الحقائق عن كثب، معرفة وثيقة، لا ريب فيها، ولكن لا يحبون أن يصيخوا لصوتها، أويعترفوا بها. وآية ذلك أن هذا الشخص الذي أطلق تساؤله: من أين جاء هؤلاء؟! كان من قدامى أبناء الحركة الإسلامية السودانية في الأربعينيات، ولكنه تخلى عنها بهدوء، تخليا كريما، ونحن نحترمه، ونجله، كمفخرة أدبية وفكرية إجلالا واحتراما فائقا، ولم نستشهد بقوله هنا إلا في مقام جلاء العبرة لتبيان مكامن العلة في تعامل البعض مع الحركة الإسلامية السودانية. وعلى كل حال فصاحب هذا التساؤل قد برهن في سيرته أنه شخص وطني شريف، ولم يكتب التقارير الإستخبارية عن الحركة الإسلامية السودانية، ولم يساند الشعوبيين، العنصريين، الإنفصاليين، الذين أرادوا لفرط عدائهم للإنقاذ أن يدمروا الوطن برمته. وقد أكثر هذا الأديب الكبير المفكر في مقالاته من نقد الشعوبيين، العنصريين، الإنفصاليين، وتوبيخهم، ولم يكن قط كصاحبنا هذا اللا مبدئي، الناقم، الواهم، الذي ظن أن الحركة الإسلامية السودانية، قد ماتت بخروجه هو عنها، أو بالأحرى بإخراجه من خدمتها، ولم يهده ذكاؤه وفكره الزاخر، إلى أن يدرك أن هذه الحركة لم تمت عندما فصلته من صفوفها، عندما كان يكتب في صحافة مايو المؤممة في السبعينيات، وإنما ازدادت حياة على حياة، ولم يدرك أنها أضحت تزداد حياة على حياة، منذ أن استغنت عن استخدامها إياه في الدعاية لها في التسعينيات!
    لقد دل تاريخ الحركة الإسلامية السودانية، قبل الإنقاذ، وفي ظلها، على أنها تحسن التعامل مع الفرقاء السياسيين الآخرين، وأنها تستطيع أن تتعامل معهم تعاملا وفيا ذكيا حصيفا متوازنا، وقد استمرت بعض تحالفات الحركة مع الآخرين، فيما انفرط بعضها، وما أبرئ الحركة الإسلامية من الأخطاء في هذا الصدد، فبعض الأخطاء التي أدت إلى انفراط التحالفات مع الآخرين، تأتت من بعض تجاوزات قادة الحركة الإسلامية السودانية، وبعضها جاء من الآخرين، الذين تجاوزوا بطموحاتهم كل المألوف (مبارك الفاضل كمثال).
    ومن قديم كنت أدعو إلى ضرورة إحسان التعامل مع الحلفاء السياسيين، ولي بحث في ذلك مكتوب، تعرضت فيه لبيان هذا الأمر، وكانت لي محاضرة قدمتها مرارا لكوادر الحركة الإسلامية من الشباب الواعدين، كنت أحرص فيها على تربيتهم على رعاية حقوق الآخرين، بل إني دعوت بلا تردد إلى عدم السعي لـ (تجنيد) الحلفاء السياسيين، والعمل على إدخالهم في سلك الحركة الإسلامية السودانية، لأن هذا وإن كان أمرا طيبا، إلا أنه يهدر هدفا أهم منه، وهو هدف إحسان التعامل مع الآخر، والتعلم منه، والتعود على العمل التضامني، والتكيف مع بيئات وأساليب العمل المشترك مع الآخرين.
    وما كنت أحرص على تنبيه الشباب الناهض إليه، كان من نوافل تجارب الحركة الإسلامية السودانية، ولكني حرصت على تأصيله ببعض معارف العلوم السياسية، وهو في الأصل، خلق حميد، مستمد من أخلاق الإسلام، ومنتزع من شيم أهل السودان الكرام، وهو ولا ريب أجمل تراث يزين سيرة الحركة الإسلامية السودانية، ويحليها، ويرشد خطوها على الدوام، لاسيما في هذه الأيام، التي تواصل فيها السعي الحثيث الصادق مع الإمام، وأعوانه الأعلام، لإنجاز ما نأمل أن يتحقق بالفعل على أرض الواقع السياسي بالتحالف مع حزب الأمة العملاق المقدام.

                  

04-02-2008, 01:08 PM

بدر الدين اسحاق احمد
<aبدر الدين اسحاق احمد
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 17127

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خمسون إنجازاً للحركة الإسلامية السودانية (Re: يسرى معتصم)
                  

04-09-2008, 11:35 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خمسون إنجازاً للحركة الإسلامية السودانية (Re: يسرى معتصم)

    صورة البروفايل اجمل من مشروع الدولة الدينية بالسودان
    50 اجارك الله

    طيب الهدم والتكسيييير عدده كم

    عارف الحاج وراق قال لنا في زيارته الاخيرة

    ان التخريب والتدمير للسودان لو ادهو لمقاول لما نجح في التخريب مثلما فعلت عصابة الجبهة الاسلامية



    الصورة ممتازة
    ولي معك حكي اخر
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de