جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين في السوداني)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-22-2024, 03:51 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-27-2008, 03:24 PM

zuhair zenaty

تاريخ التسجيل: 06-09-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين في السوداني)

    جبال النوبا غياب آني لحضور آجل
    أثنية تسافر بين احتراق الدم .... ومسارات الخوف

    هي سلسلة من المقالات نشرتها جريدة السوداني في الأيام الفائتة

    ورأيت لأهيمتها نشرها هنا ليتم حولها جدل ونقاش لانها تتطرق لمناطق

    جديدة من تاريخ ومساهمة منطقة جبال النوبا في تاريخ السودان السياسي والاجتماعي
                  

03-27-2008, 03:27 PM

zuhair zenaty

تاريخ التسجيل: 06-09-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين ف (Re: zuhair zenaty)

    الجزء الأول:
    (في مقدور السياسة الاجتماعية العامة أن تؤثر بوضوح في ما تحدثه أي درجة من عدم المساواة في مقدار الاستبعاد الاجتماعي وحدته).
    د. محمد الجوهري.
    السبر الثاني:-
    الحرب القادمة ليست بالحرب الأولى.
    فقد سبقتها في التاريخ حروب وحروب
    انتهت الحرب السابقة بمنتصرين ومهزومين
    عند المهزومين جاع عوام الناس
    وجاع عوام الناس أيضاً عند المنتصرين
    برتولد برشت
    السبرالثالث:
    إن مشكل السودان لا يكمن في التخلف بل يكمن في عدم الثورة على الأوضاع التي تنتج هذا التخلف.
    القائد / يوسف كوة مكي
    السبرالرابع:
    أنا شيعي وحبيبتي أموية * * * واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية
    أمير الشعراء: أحمد شوقي
    النوبا (المكان والزمان):-
    تستخدم لفظة "النوبا" لوصف الزنوج القاطنين في الرقعة الجغرافية المعروفة حالياً – ومن قبل- بجبال النوبا في القطاع الجنوبي الشرقي، من إقليم كردفان بجمهورية السودان. وإذا استقرأنا جغرافية وطبوغرافية منطقة جبال النوبا: تقع منطقة جبال النوبة بين خطي الطول 29 – 31 وخطي العرض 10 – 12 وتغطي مساحة تبلغ حوالي 82 ألف كلم2، أي ما يعادل مساحة دولة الإمارات تقريباً. وهي تبعد عن الخروم –العاصمة القومية- بنحو 400 كلم، وتعتبر المنطقة جغرافياً في مركز الدائرة بالنسبة للسودان، ومنطقة تماس قبائلي، بين الشمال والجنوب، وتجاورها 5 ولايات، من الجنوب ولاية الوحدة الغنية بالنفط ،ومن ناحية الغرب ولاية جنوب دارفور، الغنية بالثروة الحيوانية، ومن ناحية الشرق الحدود الغربية لولايتي النيل الأبيض، وأعالي النيل، حيث المشاريع الرئيسية لإنتاج الحبوب الغذائية، وتحدها شمالاً ولاية شمال كردفان، المركز الرئيسي لإنتاج وتسويق الصمغ العربي، وخلال سهول الولاية يمر خط أنابيب نقل النفط من حقل هجليج (ولاية الوحدة) مروراً بمدينة الأبيض إلى ميناء بشائر على البحر الأحمر. ومنطقة جبال النوبة أرض طينية، تتخللها سلسلة عنقودية تتكون من 99 هرماً من الجبال المتفرعة ،ويتفاوت ارتفاعها من 500 إلى 1000 متر فوق سطح السهول المحيطة بها، وتشكل قمة جبل مندي، بالقرب من مدينة رشاد أعلاها (4790 قدماً فوق سطح البحر). وتتصف بأنها منخفضة الرطوبة، ويمتد موسم الأمطار فيها من منتصف شهر مايو إلى منتصف أكتوبر، ويتراوح متوسط معدل هطول الأمطار من 600 إلى 800 ملم، مما يسمح بالرعي والزراعة المطرية الموسمية. كما تغطي المنطقة شبكة من الموارد المائية السطحية (خور أبو جبل وأودية القلة وشلنقو، خزان الميري، وأخوار العباسية والكري والعواي، وبحيرات كيلك وأبيض)، وتنتشر فيها الآبار الجوفية غير العميقة.
    وتستخدم لفظة "النُّوبيّيُن" لوصف أهل شمال السودان، حتى جنوب أسوان في مصر، أولئك الذين حافظوا على عاداتهم وتقاليدهم التليدة، على الرغم من قساوة التاريخ والجغرافيا عليهم. فقد ذهب المؤرخون في تعريف كلمة "نوبة" مذاهب شتى واتخذوا في سبيل ذلك طرائق متعددة، فمنهم من قال: أن الكلمة مشتقة من لفظة "نوب" (Nub) ،التي تعني الذهب في اللغة الفرعونية القديمة، فما زالت هنالك أسرة في مدينة الدلنج ،تحمل الاسم "سرنوب" أي سوار الذهب، كما عربها النوبيون أهل الشمال. ومن قال أن: الكلمة انحدرت إلينا عن طريق الكلمة القبطية (Anouba or Anobades) بمعنى يُضفِر، وفي هذه الحالة يكون معنى (نوبة) أو (نوبا)، ذو الشعر المضفر أو المجعد (د. شوقي الجمل – تاريخ سودان وادي النيل: حضارته وعلاقاته بمصر – الجزء الأول، القاهرة، 1969م).
    كما أنا هنالك رأي يقول أن كلمة "نوباتا" مشتقة من العاصمة نبتة "Napata"، كما أن هنالك تكهن، بأن الكلمة، ربما اشتقت من لفظة "Nubile" التي تعني في الإنجليزية الفتاة البالغة سن الزواج، ومن المعروف أن الإغريق استخدموا النوبيات كجواري في المنازل، بعد السبي والاسترقاق، ومهما يكن من أمر، فقد جاء العرب ،وأطلقوا اسم "النُّوبة" عليهم، كما أطلقوا اسم "المريس" (Nubile) على إقليم النوبة بين أسوان ودنقلا. استخدم مصطلح النوبا، أحياناً ليدل على سكان منطقة جبال النوبا الذين يبلغ مقدارهم نحو 1.5 مليون نسمة، لم يتجاوز 45% منهم سن 15 عاماً بعد. وتسكن المنطقة أكثر من 24 قبيلة متداخلة جغرافياً واجتماعياً، ويشكل النوبة 90% من سكانها، بينما ينتمي الآخرون، والذين يشكلون 10% الى قبائل البقارة (رعاة الأبقار)، وبصورة رئيسية إلى الحوازمة والمسيرية، وأولاد حميد، ومجموعات وافدة من السودان الغربي (الداجو والفلاتة)، وهناك قطاع صغير نشط من التجار، ذوي الأصول العربية ،الذين يطلق عليهم اسم "الجلابة".
    إن مصطلح النوبا، يشير إلى تداخل مُحير، من المجموعات السلالية، لم يستقر بعد تصنيف الباحثين والدارسين لهم, ولقد استطاع باحث اللغات والمبشر البريطاني/ رولاند ستيفنسون، من دراسته للمنطقة، والتي استمرت 3 عقود من الزمان ،تحديد أكثر من 50 لغة ولهجة (رطانة) متقاربة، تنتمي إلى 10 مجموعات رئيسية، تضم كل منها مجموعة من القبائل التي تتشابه في لغاتها وموروثاتها. ولقد أشار العديد من الدارسين إلى أن مصطلح "النوبا" يعتبر تصنيفاً غريباً ،استخدم لوصف كل سكان منطقة الجبال، باعتبارهم أفارقة "زنوجاً"، في مقابل البقارة "العرب"، ولكن عندما يستخدم النوبا، هذا الاسم لوصف أنفسهم، فإنهم يستخدمونه بشكل مختلف، يتعلق بإظهار ذاتيتهم وهويتهم، ومن جهة أخرى، يعتقد بعض آخر بأنهم يرتبطون عرقياً بمجموعات في غرب أفريقيا (الوجيز في جغرافية السودان الإقليمية – هنري رياض وآخرون 1974م)، وآخرون يرجعون أصولهم إلى انهيار مملكة كوش في شمال السودان ،وتفرق مجموعاتها السكانية في جميع أنحاء البلاد، بما فيها جبال النوبا. بل يؤكد باحث ينتمي إلى قبائل النوبا أنهم أحفاد تهراقا وبعانخي، وأنهم ينحدرون من صلب الحضارة النيلية، التي قامت خلال القرن التاسع قبل ميلاد المسيح (الباحث: لازم سليمان- الدور المهمل للنوبا- النفير- المجلد4 – العدد 4 فبراير 1999م)، بينما يذهب باحث، ينتمي إلى قبيلة الشلك، وهو الدكتور/ والتر كوا ينجوك ،إلى أن منطقة جنوب كردفان كانت تحت حكم السلطان الروحي والسياسي (رث) لقبيلة الشلك، واعتبرها امتداداً عرقياً وثقافياًَ لها، وبذلك يدلل على تبعيتها تاريخياً إلى جنوب السودان.
    وعلى الرغم من المشكلة، التي تنبع من استخدام المصطلح ،يمكن الافتراض، على نحو معقول، أن المجموعة العرقية ،التي تمثلها قبائل النوبا في الوقت الحاضر، كانت واسعة الانتشار في مناطق ولايتي شمال وجنوب كردفان. لكنها أجبرت، بعد الزحف المتواصل للقبائل ذات الأصول العربية نحو الجنوب والغرب على التراجع إلى الجبال، حيث تتوفر المياه ويسهل التحصن من الغزوات. وكما ذكر الباحث والإداري البريطاني هارولد ماكمايكل: "في الأزمنة الغابرة ولآلاف السنين من بعدها، يغلب الظن أن أسلاف النوبا ،كانوا يسيطرون على أجزاء كبيرة من البلاد التي يطلق عليها الآن اسم كردفان، ما عدا الاجزاء الشمالية التي تغلب عليها الصحراء. ولقد تعرض النوبا لهجمات غيرها من القبائل الداخلية، وأخيراً من العرب الرحل مما جعلهم يلتجأون إلى الجبال في جنوب كردفان". (قبائل شمال ووسط السودان -ماكمايكل- مطبعة جامعة كمبردج- إنجلترا1912م).
    وتتفرع قبائل وعشائر النوبا ، حسب الحيز التي تقيم فيه، إلى مجموعات تختلف لغة وثقافة عن بعضها. إن النكبات المتعاقبة منذ فجر التاريخ، جعلت إثنية النوبا، تسافر بين احتراق الدم ومسارات الخوف، فارضةً قدراً مشتركاً، لسكان هذه المنطقة، مما أفضى إلى تطوير شكل من أشكال الوحدة الفضفاضة ،وإلى نمو الشعور لقومية "نوباوية" مشتركة بينهم. إن تجاربهم التاريخية المشتركة، تجاه غزوات الاسترقاق العثماني (التركي)، ثم مقاومتهم لسيطرة الاستعمار البريطاني، ورفضهم لهيمنة واستغلال الحكومات الوطنية، منذ فجر الاستقلال، واستعلاء الأثنيات الأخرى المشاركة لهم الأرض والمعاش، بالإضافة إلى وجود سمات ثقافية نوباوية مشتركة وجامعة، هي التي تسمح للباحثين والمعلقين الآن بالحديث عن "شعب نوباوي" واحد. وبالتالي فإن الهوية النوباوية، يمكن تعريفها ذاتيا،ً كتمايز مضاد لعرب البقارة في مناطق كردفان ودارفور (بوصفهم غير نوبا)، كما تتحدد موضوعياً، بما يشغلون من حيز جغرافي مشترك، وما يتميزون به من قيم ثقافية متشابهة ونشاط اقتصادي متماثل (بوصفهم نوبا).
    إن خير دراسة علمية، أُخرِجت للناس، هي التي قام بها الدكتور/ ناديل، في الفترة بين 1938م – 1941م، في جبال النوبا، وقد غطت الدراسة عشر مجموعات نوباوية، مع التركيز على قبائل هيبان، عطورو، ويترا. هذه الدراسة قد تمت بدعوة، من السير/ دوقلاس نيو بولد، حاكم كردفان آنئذٍ، للدكتور/ ناديل، لإجراء بحث أنثروبولوجي، لمجموعات النوبا في جنوب كردفان، وإبراز طبيعة الحياة الاجتماعية والاقتصادية ،التي تعيشها هذه القبائل، وقد قسم د. ناديل –لاعتبارات عملية- القبائل النوباوية إلى مجموعات ثقافية مستخدماً المعايير الثلاثة الآتية:-
    1. التركيب الأسري، أي حسب الانتماء من ناحية الأب أو الأم.
    2. طبيعة العشيرة وقوة وضعف "التكافل الاجتماعي".
    3. الاعتقاد بوجود أو غياب عالم الآلهة، وأرواح السلف في المسائل الدينية.
    بيد أن أعظم عمل، خرج به الدكتور/ ناديل، من هذه الدراسة هو: "مفهوم" التكافل الاجتماعي-"The Concept of Social Symbiosis " ، وتعني نظرية التكافل الاجتماعي، طريقة فهم التركيبة الاجتماعية، التي بها تقوم كل شريحة في المجتمع بأعباء محددة، دينية ،كانت، أم سياسية، بالإنابة عن المجتمع ككل، فمثلما تعني لفظة التكافل، في علم الأحياء، فإن التعايش المقوِّ لأفراد الكائنات الحية، بحيث أن بقائهم الفردي، يصب في بقاء، واحتواء المجموعة كلها، كان هو نواة هذه الفلسفة الاجتماعية. وقد طبق د. نادل مفهومه هذا، في دراسة الـ 29 عشيرة ،التي تتكون منها قبيلة كرتالا، وكذلك الجبال الستة، التي منها تتكون مجموعة الكدرو، بالإضافة إلى بعض الأسر غير النوباوية، التي استوطنت في هذه المنطقة وتنوبنت (أي أمست نوباوية تقاليداً وعادات). ويتضح من هذا البحث الذي أجراه الدكتور/ ناديل، والذين خدموا الإمبراطورية البريطانية، في جبال النوبة من إداريين، وضباط سياسيين، إن للنوبا عادات اجتماعية عظيمة، وتقاليد ثقافية نبيلة، فهم يبجلون الصغار، ويوقرون الكبار، ويطعمون الجائع، فلا يقهرون اليتيم، ولا ينهرون السائل، ويكرمون وفادة الضيف، ويعينون ابن السبيل على نوائب الدهر. كما أنهم يمتنعون ويمانعون زواج الأقارب، ولا يمارسون عادة ختان الإناث، ويعتبرون القتل جريمة بشعة، وبالرغم من العقوبة التي يوقعونها على القاتل، من دية وهجر واستتابة، إلا أنهم يعتقدون، مهما بلغوا في إنصاف أهل القتيل، غير أن الذي يستطيع عقاب هذا الجاني القاتل، هو الله رب العالمين. هذه صورة مصغرة من النظام الاجتماعي القديم، الذي وجده البريطانيون والمصريون في جبال النوبا، فاعتمدوا عليه، وطوروه ،مع إدخال بعض القوانين الجنائية والمدنية، والأحوال الشخصية عليه.

    (عدل بواسطة zuhair zenaty on 03-27-2008, 03:41 PM)

                  

03-27-2008, 03:36 PM

zuhair zenaty

تاريخ التسجيل: 06-09-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين ف (Re: zuhair zenaty)

    الجزء الثاني :

    ويعيش في منطقة الجبال، بالإضافة إلى النوبا، بعض المجموعات العربية – أو هكذا تطلق على نفسها- مثل المسيرية، والحوازمة، وأولاد حميد، وتنتشر في المنطقة كذلك أقلية من الفلاتة، ويقطن منطقة آبيي دينكا نقوك، الذين اتبع البريطانيون إدارتهم إلى كردفان (جنوب كردفان حالياً) منذ العام 1905م، وباتت تشكل مشكلةً، في الصراع الدموي الدائر بين الشمال والجنوب. كما اقتطع البريطانيون منطقة المجلد -موطن دينكا نقوك، تحت كبيرهم ملوال كيريجي- ومنحوها للعرب المسيرية الزرق والحمر. أما المسيرية الزرق، فموطنهم حول جبل السنوط والمفرع، وينقسمون في كردفان إلى: أولاد أم سليم، والخزايا ،والديراوي، وأولاد أبو نعمان، وأولاد هيبان، وقد دخلوا في نزاع مع قبائل كردفان "النوباويَّة" ،بغرض التوسع. وينقسم الحمر إلى فرعين أساسيين: الحمر العجايرة، والحمر الفلايتة، وموطن الحمر بين البركة وشكا، ومن مراكزهم الأضية وأبوقلب، وفي فصل الدرت، يقيمون في منطقة المجلد.
    أما الحوازمة، فتقع منطقتهم إلى الشرق من الدلنج في جهات السنجكاية، وأم علواك، وبعض القرى بالقرب من كادقلي. وتنقسم قبيلة الحوازمة إلى ثلاثة أقسام: عبد العلي، حلافة، والرواوقة، ونتيجة لتوغلهم في جبال النوبة ،فقد اختلط بعضهم بشعب النوبا ،حتى إن بعضهم يسمى أولاد نوبا، وأخذوا كثيراً من أسماء النوبا "كوكو مثلاً"، وبعضاً من عاداتهم وثقافتهم، مثل المصارعة، ورقصة الكرنق. أما أولاد حميد فموطنهم حول تقلي، ويقولون أن: جدهم بابكر العباس من الجعليين، الذين نزحوا إلى كردفان في حوالي منتصف القرن الثامن عشر، حيث أقام في منطقة بين الرهد وشركيلة وفي جنوب غرب تقلي.
    أما الفلاتة، فهم في الأصل نيجيريين ،حضروا طوعياً، وسكنوا السودان ،أو جلبتهم السلطات البريطانية، قبل الحرب العالمية الأولى ،للعمل في تشييد سد مكوار (سنار). وأكثر هجرة جماعية حدثت العام 1903م بعد معركة بورمي، حيث فرَّ حوالي 25.000 لاجئ فولاني، واستوطنوا حول النيل الأزرق، ومنحتهم السلطات البريطانية الأرض للفلاحة. ومن أعيان الفلاتة أحمد عمر، الذي جاء من أقليم سوكوتو في نيجيريا، واستوطن أم درمان، ثم نزح إلى جبال النوبا ووجه نداءً للفلاتة للالتحاق به، ويقيم الفلاتة في جبال النوبا في الفرشاية، التكمة، البرداب، وتقلي.
    وفي المبتدأ، كانت كلمة كردفان، ترمز إلى جبل كردفان، الذي يقع بالقرب من منطقة العين، إحدى محطات السكة حديد بين الأبيض والرهد. وهو اصطلاح أخذ عن قول الأهالي (كلدفار) أي يغلي، وكلد، هذا هو: آخر ملوك النوبا، الذين احتلت منهم قبيلة الغديات جبل كردفان، وكان من عادة هؤلاء، التنقل خلف المرعى والماء، فَوُجِد بذلك اسم كردفان شيوعاً ،بين سائر السكان، حتى صار يغلب على بقية المناطق (عوض عبد الهادي العطا، تاريخ كردفان السياسي في المهدية (1881م – 1899م)، الخرطوم، 1973م).
    إن أهم ما يميز المجموعات "النوباوية" المتباينة –إضافة إلى عادات الأفراح والأتراح- التعدد اللغوي، حيث أن اللغة تلعب دوراً فعالاً في تحديد الفواصل العرقية بين هذه المجموعات. وهنا تجدر الإشارة إلى أن سهول جوس في نيجيريا وجبال النوبا في السودان، تعتبر من أكثر مناطق أفريقياً، تعدداً في اللغات، وفي هذين الإقليمين لتجدن القرى، التي تبعد بضع أميال عن بعضها البعض، تتحدث لغات مختلفة تماماً.
    هذه اللغات تطورت في غياب النفوذ الخارجي، حتى باتت تتميز بسمات لغوية خاصة. وقد أثبتت الجغرافيا والتاريخ ،أنه كلما استوطن الناس، بكثافة في مناطق جبلية، كلما تعددت وتنوعت اللغات، وتركز التحدث بها في مجموعات صغيرة. ويعرف علماء اللسانيات، اللغة: بأنها وسيلة للتخاطب والتخابر بين البشر، أما اللهجة فهي الاستخدامات المختلفة للغة الواحدة بين الشعب الواحد، أو المجتمعات المختلفة، فمثلاً لهجة الشايقية، في إطار اللغة العربية السودانية، أو لهجة البقارة وغيرهما.
    يدل النقاء اللغوي المبين، في جبال النوبا، على مقدار تمسك النوبا بثقافاتهم واعتزازهم بهويتهم، رغم تفشي الحروب القبلية ،وانتشار تجارة الرق على أيدي عملاء الاستعمار في تاريخ المنطقة قديماً، وحديثاً بوسائل اختيار الفتنة، وخلق المشاكل السياسية ،عبر اتخاذ سياسة لغوية وطنية، تحاول محو اللغات القومية الأخرى، وإزدراء وثقافات ومعتقدات النوبا.
    مما سبق من تعليل لأهمية اللغة، قسم عالم اللغات الألماني/ كارل مانيهوف، اللغات النوباوية، إلى ثلاثة مجموعات هي: لغة الجبال الستة، اللغات السودانية، واللغات التي تستخدم بادئة في ألفاظها. وتشمل المجموعة الأولى، نوبا جبل داير، دلنج، كدر، هبيلا، مجموعة كاركو (التي تضم دلمان، كندوكر، كوكندبكيرا، كاشا، وشيفر، مجموعة خلفان (بالإضافة إلى جبال مورونج)، مجموعة كدرو، مجموعة والي (والي بوباي، والي كوروم، ووالي أبو سعيدة)، أبو جنوك، طبق، وفجيرات (وتضم كيجا، شنشان، بوشا، سيجا، طبق، وأبو قرين)، فندا، كونيت (وتعرف باسم كجورية)، دبري، مجموعة نيمانج، ومجموعة مندل. باستثناء نيمانج ومندل وأفيتي في جبل داير،تتحدث هذه المجموعات لغة واحدة وشبيهة بلغة الدناقلة في شمال السودان (هوكس ورث – النوبا وجنوب كردفان 1932م).
    وتعتبر لغات الجبال الستة – لغة النيمانج بالتحديد – وتيمين، وبعض لغات النوبيين في شمال السودان، ومجموعة الداجو تعتبر من مجموعة اللغات السودانية الشرقية، التي صنفها العالم/ قرينبيرج في قسم شاري – النيل، والذي ينتمي إلى لغات الصحاري النيلية.
    وحسب تصنيف قرينبيرج ، تنقسم لغات النوبا، إلي مجموعتين :المجموعة الكردفانية ، التي هي فرع من النيجرـ الكردفاني ، حيث أن الفرع الآخر هو النيجر – الكونغولي ، والمجموعة الثانية هي: شاري ـ النيل. ويقول علماء اللسانيات إن لغات النوبا تنتمى إلي فصائل مختلفة ، وعليه يمكن تقسيم النوبا إلي عشر مجموعات لغوية.
    1- مجموعة (الأجانق) ،التي تقطن المناطق الشمالية والغربية، من جبال النوبا ، ولها إرتباط لغوى مع النوبيين في شمال السودان، وجنوب مصر. تعتبر هذه المجموعة من المجموعات العرقية الكبيرة ، وتضم قبائل جبال الداير ـ كدر ـ كدرو ـ دلنج ـ غلفان ـ كاركو ، أو ما يعرف بالجبال الستة ، وكذلك والي ، أبو جنوك ، طبق ، كاشا ، وشيفر (شمال شرق الجبال) فندا ، كجورية.
    2- مجموعة تقلي ، تشمل تقلي نفسها ، رشاد ، كيجاكجا ، تقوى ، توملي ، موريب ، وتورجوك.
    3- مجموعة النيمانج ، وتشمل قبيلة النيمانج ، مندل ، وأفيتي في الجانب الشرقي من جبل الداير ، فالنيمانج ينحدرون من منطقة كوجيا الواقعة غرب الأضية، غرب كردفان (دارفور الحالية) ، فالنيمانج هم النوبا الوحيدون الذين يتسمون بأسماء، ترجع لمنطقة دارفور، مثل الفاشر ودارفور.
    4- وحدة كتلا التي تضم قبيلة كتلا ، جلد ، ونيما.
    5- مجموعة تلشي ـ كرنقو في المنطقة الجنوبية من جبال النوبة ، وتضم تلشي ، كيقا ، ميري ، كادقلي ، كاتشا ، كرنقو ، وجزء من أبو سنون.
    6- مجموعة تيمين ، وتشمل قبيلة تيمين ، كيقا جيرو ، تيسى أم دنب ، وجزء من والي ، وتتفرع قبيلة والي نفسها إلي والي بوباي ، والي الشوك ، والي أم كرم ، والي كرندو (جوار كجوية) ، ووالي أبو سعيدة.
    7- مجموعة كواليب ـ مورو ، وتضم كواليب ، هيبان ، شواي ، أطورو ، تيرا (الأخضر ، ماندي ، ولمون) ، مورو ، كما تشمل هذه المجموعة فنقور ، كاو ، نيارو ، وورني في أقصى جنوب شرق الجبال في المنطقة المتاخمة للنيل الأبيض.
    8- مجموعة تلودي ـ مساكين ، وتشمل تلودي ، الليري ، مساكين (طوال وقصار) ، أشرون ، تاكو ، تورونا ، كوكو ، لمون.
    9- مجموعة لافوفا ، وتضم لافوفا نفسها وأميرة.
    10- مجموعة داجو ، وتضم داجو ، لقوري ، صبوري ، تالو ، وشات (الدمام ، صفية ، وتبلدية) ومجموعة صغيرة في أبو هشيم وأبو سنون.
    وقد اعتبرت حكومات المركز المتعاقبة، اللغات واللهجات المحلية –بما فيها لغات النوبا- أحد العوائق التي تعرقل مسيرة الوحدة الوطنية في السودان، وقد سماها البعض رطانات (جمع رطانة وتعني لغواً لا يفهم).
    اقتصاديات لمنطقة:-
    تمثل ولاية جنوب كردفان، احتياطياً استراتيجياً مهماً ،في رصيد الإمكانيات القومية للسودان. فهي تحتوي على ما يزيد عن 6 مليون فدان من الأراضي الزراعية الخصبة المخططة، وما يزيد عن 25 مليون فدان من الغابات، وبها ما يزيد عن 4 مليون رأس من الماشية. وتوجد بها كميات كبيرة من خام الحديد تقدر بحوالي 350 مليون طن، وتحتوي أراضيها على احتياطي نفطي كبير، لم يتم تحديده بعد في الجزء الغربي من الولاية، وهي استراتيجياً، تجاور مواقع النفط الجاري تشغيلها في المناطق الجنوبية الغربية (آبار، هجليج، والوحدة)، وفي غربها يقع حقلي أبو جابرة وشارف. ويمارس النوبا نشاطات إنتاجية عديدة، تشمل العناية بالحيوان والصيد، والبحث عن المراعي، ولكن الزراعة التقليدية، تعتبر عماد اقتصادهم، كما أنها تعتبر من دون شك، أحد العناصر التي تميز النوبا عن جيرانهم الآخرين، وتنتج جبال النوبة نحو 6% من إنتاج البلاد من القطن، وحوالي 11% من السمسم و10% من الذرة. وتعتبر الأسرة الصغيرة، عموماً الوحدة الأساسية للإنتاج الزراعي، وهدفها تحقيق الإكتفاء الغذائي الذاتي لأفرادها، وتوظيف جزءاً من الفائض في التبادل التجاري مع مجموعات الجلابة في المنطقة.
    وقد استحدثت في العقود القريبة الماضية، نظم انتاجية، بدعم مباشر من البنك الدولي، ومؤسسات تنموية غربية، أحدثت تحولاً في العمليات الزراعية، يمكن وصفه بالنظام شبه التقليدي، إذ يرتبط بالأسرة الواحدة، كوحدة إنتاجية، ويزرع نوع المحاصيل نفسه، ويقوم على أسس الملكية ،والإدارة نفسها، لكن مزارعه أكبر، ويعتمد على الآلات. كما لم تسلم المنطقة من التوسع الهائل، في مشاريع الزراعة الآلية، وارتباطها التام بالمحاصيل النقدية (الذرة – السمسم – الفول السوداني) ،واعتمادها على مؤسسات التمويل والاستثمار الزراعي، بقطاعيه الخاص والحكومي. تمددت مشاريع الزراعة الآلية، وتجاوزت المليون فدان، ومازالت تمتد نحو الغرب، مزيلة مساحات واسعة من الغابات، ولم تسلم حتى أحزمة أشجار الهشاب، مما أدى إلى انهيار أنظمة تكامل الزراعة والرعي، وأدي تذبذب الأمطار والتغير المناخي، إلى التأثير على قدرة مزارعي جبال النوبا على التأقلم مع هذه المتغيرات، مما عرض معيشة ونمط قبائل النوبا، لهزات كثيرة، فمشاريع الزراعة الآلية، لم تفلح في تنمية المجتمعات المحلية ،أو تطور وتقدم إمكانياتها الانتاجية –بل على العكس- ساعدت على تسريع عملية هدم النسيج الاجتماعي والنظام الاقتصادي لعشائر النوبا.
    و لله والحقيقة والتاريخ، نسلط الضوء على معاناة شعب النوبا، ونبدأها ببداية الزحف للقبائل العربية نحو الجبال، حين بدأت قبائل البقارة، والتي كانت تجوب سهول ولايات شمال كردفان وغرب دارفور نحو العام 1800 ميلادية ،في التقدم بنشاط إلى أودية جبال النوبا، بحثاً عن المياه والمرعى لحيواناتهم المتزايدة، وتزامن قدومهم مع بداية غزوات الاسترقاق البغيضة. فأجبر النوبا على اللجوء الي الجبال، ومارسوا حرفتهم التقليدية، بزراعة أراضي المرتفعات، ذات التربة الجبلية الفقيرة نسبياً، وشيئاً فشيئاً ،بدأت علاقة المقايضة التجارية ،تربط بين المجموعتين العرقيتين في علاقة متبادلة، وإن لم تكن متسقة تماماً. وقد ذكر حاكم كردفان البريطاني: السير/جون سانمار 1917م – 1921م، في العقد الثاني من القرن العشرين ،عن علاقات التعاون التي تمددت على الحدود الفاصلة بين النوبا والبقارة.
    (إن كل فرع من فروع البقارة، يحمي بقدر الإمكان الجبال، التي تقع في منطقته مقابل تزويده بالحبوب والرقيق)(الدين والعادات في جبال النوبة- ص 137 – 156- مقالات جون سانمار).
    وقد تراوحت هذه العلاقات المحلية، بين العدواة بين الأطراف المختلفة لقبائل البقارة، والتمازج مع النوبا (الزواج)، وإن تفاوتت درجة التمازج من منطقة لأخرى. لقد تفاقمت غزوات الاسترقاق، بصورة كبيرة إبان الحكم العثماني (التركية)، والتي بدأت باستيلاء حكام الخديوية المصرية على السودان العام 1821م. ولقد قام حكام كردفان، من قبل السلطات الاستعمارية، بشن العديد من الحملات العسكرية على جبال النوبا ،بحثاً عن الذهب في جبال شيبون، وجلب العبيد، لكنهم لم يبذلوا أي محاولات جادة لحكم المنطقة مباشرة. كما أن اشتهار النوبا برياضة الصراع، قادت إلى القول، بأنهم يتمتعون بمؤهلات تجعلهم جنوداً مطيعين أقوياء، لقد عادت عليهم رياضتهم، بالوبال لتشجيعها استمرار حملات الاسترقاق بهدف الحصول على جنود محاربين. وبذلك وجد النوبا أنفسهم يحاربون خلال العهد العثماني (التركي)، وما بعده، ويشاركون في معارك بعيدة عن ديارهم ،في الجزيرة العربية وشرق أوروبا وفلسطين ويوعندا، بل وفي المكسيك. وتحت تأثير هذه الدعوة أصبح أبناء منطقة جبال النوبا، منذ ذلك الوقت، وإلى الآن يمثلون جزءاً مهماً لكل القوات المحاربة في الجبهات المختلفة في السودان، الحكومية منها أو المعارضة على حد سواء.
    كان نهوض المهدية في الثمانينات من القرن التاسع عشر، قد جلب أيضاً مشاكل جديدة لشعب جبال النوبا، فلقد أيد بعضهم الإمام/ محمد أحمد المهدي، لاعتقادهم أنه قد يقود المسلمين إلى الخلاص من عذابهم، وبعض آخر قاومه. ولقد قدر لهذا الاختلاف في السلوك، تجاه دعوة الامام/ المهدي، أن يعتبر من خصائص سياسات الحكومات المركزية المتعاقبة تجاه النوبا في المستقبل، وذلك بتقسيمهم إلى فئتين: فئة متمردة على السلطة، وفئة أخرى صديقة لها. وبعد وفاة المهدي أرسل خليفته عبد الله التعايشي حملة عسكرية بقيادة حمدان أبو عنجة ،والنور عنقرة (1886م – 1887م)، وتجريدة بقيادة عبد الباقي الوكيل (1890م)، وأخرى أكثر عنفاً بقيادة إبراهيم الخليل (1891م) لإخضاع سكان المنطقة، فلقى الآلاف من النوبا حتفهم، بينما استرقت أعداداً كبيرة منهم، وتم الترحيل القسري لآلاف أخرى، إلى مدينة أم درمان. لقد كانت ممارسات جنرالات المهدية (1884م – 1898م) ضد سكان المنطقة ،ذات آثار وخيمة ومن سخرية القدر، وبعد قرن من الزمان أعاد التاريخ تكرار المأساة (1986- 1986م) ،ووجد سكان المنطقة أنفسهم يعانون من سياسات أحفاد القيادات المهدية (راجع تقرير أفريكا ووتش – مأساة جبال النوبة خلال الفترة 1985 – 1989م) – د. عمر شريكان – أبريل 1995م – إنجلترا.)
    تواصلت التحرشات المستمرة لشعب النوبا، بعد هزيمة المهدية على يد القوات المصرية – البريطانية المتحالفة، وذلك في معركة كرري العام 1989م.
    لم يرحب النوبا بالإدارة الاستعمارية الجديدة ،او يتحمسوا للتعاون معها، فتطلب ذلك ثلاثون عاماً، حتى يتم إخضاع قبائل النوبا المختلفة، وإحكام السيطرة عليهم، وبعد اكتمال سيادة الدولة الاستعمارية المركزية على كل جبال النوبا، تقلص حجم النزاعات بين الأطراف المحلية، وتدعم موقف ومركز الزعماء المحليين، بتعيين ورعاية الدولة لهم. وقد تم، على الدوام، توظيف الاستراتيجية القديمة – الجديدة ،التي تعتمد على تجنيد النوبا "الأصدقاء" ليتولون على الدوام إخماد انتفاضات النوبا "المتمردين". وهنا لابد لنا من وقفة وتأمل لهذه الإشكالية الكؤود ،التي تجعل شعب النوبا، يدمر نفسه بنفسه. فعليه أن يعي وينأى عن هذه الاستقطابات التي يسوق بعض مثقفي وعامة النوبا وقياداتها شعبهم إلى موارد التهلكة طمعاً في منصب أو جاه أو مال.
    أحدث إعلان نظام (المناطق المقفولة)، بواسطة المستعمر، استجابة لضغوط المؤسسات التبشيرية الغربية ،التي تذرعت بحجة الحفاظ على الأمن العام، وحماية المجتمعات المحلية من السخرة والاستغلال في عام 1932م، تغييرات كبيرة خلال فترة قصيرة نسبياً، منها إدخال طرق الزراعة الحديثة في زراعة القطن، كمحصول نقدي في العام 1925م، بغرض زيادة دخله، وللحد من هجرة النوبا إلى خارج المنطقة.
    أما التغيير الكبير الآخر، فهو إدخال نظام التعليم المدرسي الحكومي، وكان لظهور نخبة متعلمة من أبناء النوبا آثارها الكبيرة، على التاريخ اللاحق للمنطقة بما يتجاوز تأثير أي حدث منفرد أو عملية تطور أخرى.
    أدى التعليم دوره لاحقاً، بوصفه واحداً من أقوى العوامل، التي ساعدت على دفع عجلة الوعي السياسي ،ومهدت لبروز تنظيمات المجتمع المدني في المنطقة، وركيزة يشيد عليها صرح شعب نوباوي موحد.
                  

03-27-2008, 03:39 PM

zuhair zenaty

تاريخ التسجيل: 06-09-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين ف (Re: zuhair zenaty)

    الجزء الثالث :

    الإسلام في جبال النوبا :
    دخل الإسلام جبال النوبا، في أوقات متفاوتة، وبواسطة أفراد، وكان للعرب البقارة دوراً بارزاً ، وكذلك العابرين من غرب أفريقيا، في طريقهم إلي الحج ، وقد عرفت الجبال الشرقية الإسلام قبل الجبال الغربية ، إذ عرفت الإسلام في القرن الحادي عشر، ولكنه لم يتوسع إلا بعد دخول مؤسسي مملكة تقلي الإسلامية للمنطقة دعاة للإسلام.
    مؤسس مملكة تقلي الإسلامية، هو محمد أبو جريدة 1560م، إبن الفقيه/ محمد الجعلي الرباطابي، الذي نزح إلي تقلى حوالي 1530م ، كذلك من معالم الدعاة الصادقين، نجد الفكي / علي الميراوي، القادم من دارفور داعياً للإسلام، والذي طاب له المقام في (ميري) غرب كادقلي ، اضافة إلي بطولاته الوطنية المعلومة. إرتبط اسم الفكي/ على الميراوي بالقبيلة ميري، رغم أنه لا ينتمي لهذه القبيلة حسب النسب ، والعكس صحيح ،إرتبطت قبيلة ميري أيضاً بالفكي علي ، فكلما ذكر الفرد أنه من ميري ، تبادل للذهن، الفكي على الميراوي ، وهو جد السيدة / عواطف زوجة محمد هارون كافي (وزيرة الرعاية الاجتماعية) بحكومة ولاية جنوب كردفان الحالية. وكذلك نذكر على رأس قائمة الخيرين من الدعاة الشيخ / محمد الأمين القرشي ، والشيخ / محمد عبد الله البرناوي ، والمك كنده كربوس والسلطان / فرج الله كميرة بلقاوة. ومن الدعاة أيضاً، الفقهاء: الفكي/ شريف في البرداب وأبنائه ، والشيخ/ عبد النبي أبو رأس في كادقلي ، والشيخ/ ناصر في منطقة الكواليب، والفكي/ إدريس ، وفتح الجليل وغيرهم من أبناء النوبا الذين تعلموا على ايديهم وحملوا هم الدعوة الإسلامية بين أهلهم.
    تعرضت المنطقة لاحقاً إلى جهود تبشيرية إسلامية مكثفة على أيدي الإداريين الحكوميين، والطرق الصوفية ،وبتأثير فئات الجلابة، قادت إلى انتشاره بشكل غير متناسق، ليشمل حوالي 75% من سكان المنطقة. وهنالك اليوم مجموعات إسلامية تتركز خاصة في المنطقة الشرقية حول محور العباسية – تقلي، وأجزاء واسعة من المنطقة الشمالية والغربية (الدلنج ولقاوة)، وفي الجزء الشرقي من المنطقة الجنوبية (تلودي، كالوقي، الليري) وفي الأجزاء الغربية من المنطقة الجنوبية (الميري).
    كما توجد أقلية مسيحية (12%) نتيجة للحملات التبشيرية التي كان القس الإيطالي الكاثوليكي/ دانيال كمبوني، أحد روادها منذ العام 1864م، ويتركز أتباع الكنيسة اليوم في المنطقة الوسطى، حول محور جبال الأطورو – الليري، ومحور يترا – المورو. بينما توجد عشائر أخرى في كل أنحاء المنطقة، مازالت تتمسك بموروثاتها وعقائدها الروحية، تلك العقائد التي توصف خطأً في بعض الكتابات بالوثنية، فلا توجد أوثان في جبال النوبا، ولم نسمع عن ود ولا سواع ولا يغوث ويعوق ونسر. هذا التنوع الديني يحول دون فرض الشريعة الإسلامية حتى مع وجود اغلبية مسلمة، لأن القضية في الأساس، قضية حقوق مدنية ومواطنة، لذلك يكون النظام العلماني هو الأنسب لهذا الإقليم.
    وبلا مرية ، ما لم يصل السودانيون ، مرحلة الاستمتاع والتلذذ بالتعدد العرقي والثقافي والديني، فسوف تظل الطريق إلى إنهاء الحروب، والجهل، والمرض، والمجاعات، والتعذيب الجسدي والنفسي، وعرة وطويلة. فالمشكل الرئيسي في السودان، يكمن في تصنيف الناس على أساس العرق، والثقافة الأحادية لغةً (العربية)، وعقيدة (الإسلام)، مع العلم أن السودان، من موقعي قانون الاتحاد الأفريقي في 11/7/2000م ،في مدينة لومي حاضرة دولة توجو، الذي تنص المادة 25 منه (working language) على أن: لغات العمل في الاتحاد وكل مؤسساته هي اللغات الأفريقية السواحلية في شرق أفريقيا وكينيا، رواندا في رواندا، ولبنقالا في جمهورية الكنغو الديمقراطية، ولغات البانتو في أرض زولو، وتكوسا في إقليم تكوسا في جنوب أفريقيا، والأمازيغية لدى البربر في الجزائر، وكذلك جميع اللغات السودانية الأفريقية.
    عليه كان لزاماً علينا، أن نلج بطون المعرفة، ونحتكم الي الفطرة والوجدان السليم، ونغوص في أمهات الكتب بحثاً عن الحقيقة، لكي نجليها، لمن أراد أن يعتبر، أو يقدر. لذلك نقول: إن الأدب الاستعلائي، الذي انتشر بدخول العرب، عندما هبطوا السودان على ظهور الخيل، أو على كل ضامرٍ، وتفاقم الوضع الاجتماعي، في عهد السلطنة الزرقاء، بعد أن اتخذوا الإسلام لهم ديناً، والعربية لغة وثقافة، ثم هوية لهم، لتفادي غزو الأتراك – المصريين، الذين أفلحوا فقط في استبطاء الغزو، وساهم الخريجون الأوائل بأدبهم وتعليمهم ومنتدياتهم الفكرية، في تكريس ذلكم المفهوم الأحادي (الإسلامو عروبي) في مؤتمر الخريجين، مما أنتج غلاة وأصحاب عواطف ومحاباة ،وجدت سبيلها إلى أدمغة السودانيين- باستثناء فئة قليلة في بعض الحالات النادرة- والنادر لا حكم له – في شمال السودان، حتى بات جزءاً رائساً ،في تكوين عقلية "أهل الحل والعقد"، في هذا القطر المتعدد الأعراق والمترامي الأطراف. وعليه، بدأ هذا السلوك الاقصائي للآخر، يأخذ طابعاً سياسياً واجتماعياً ودينياً في المجتمع السوداني، بعدما وفرت له الدولة، كل السبل عن طريق الممارسة، والتسلط والقهر، والمحاكاة في الأسرة، التي هي نواة المجتمع، والمدرسة التي تصوغ الشخصية حسبما ترتضيها الدولة. بيد أن عروبة السودان الشمالي خاصة، ليست مما يصح نقصانه ببينة المادة التاريخية نفسها. وقد أفاض العلامة/ ويليام ي. آدمز في كتابه (النوبة رواق أفريقيا)، في مراجع تمحيصها من عرب وفرنجة على حد سواء. وهي عروبة تغلغلت عروقها وأعراقها، في أعماق السودان الجهوية بقبائلها الأصلية المتفردة، لا بدماء يوزن سائلها، ولا بملامح ترسم تقاسيمها، إنما بنسب وثقافة ممتزجة ، مهما كان حكم الماضي بقسمتها، فذلك مما يقف عزم الأصحاء على عدله في الحاضر، وفي ذلك كله، وفرة لأهل السودان. فمن ظهور أجدادهم عرباً وأفارقة، وتمازج الخؤولة والعمومة. ٍبزغت أجيال، وأنظمة من السياسة والاجتماع، وكان لها مع جيرانها في كافة الاتجاهات مدار، وكانت قبائل العرب التي أحاطت بالنوبيين هي "السندان الذي صٌهر عليه، مجتمع ما بعد النصرانية" – انصهاراً ما انفك يسيل على جنبات الوطن السوداني، لجيرة الشمال صدارة وجدارة، ولو ترك على رحي ثقافته المنسابة ،لأخرج مزيداً من بدائع الحضارة، فليس ثمة حرج على السودانيين إن ولعوا بأنسابهم، وتعلق المسلمون منهم، بما يقربهم منها بشرف بيت النبوة، وقد جعل الخالق ،خاتمتها في بيت عربي ،إلا أنه لن يبقى لأحدٍ ،من زهو النسب بحق شيء من ذلك: "فلا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى"، كما قال نبينا محمد بن عبد الله ( صلى الله عليه وسلم)، تصديقاً للقرآن المجيد "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير" (الحجرات13).
    إن بعض القول من طمس الهوية، واستهوان الطوية، والدوس على خصائص الاستقلال، لا يٌناقض إلا حكمة التعارف – الفطرة والحرية والحق الموهوب -حركة حقوق الإنسان، بأكملها كما تناقلتها ألسنةُ ،وتفرضها مواثيق ودساتير في عالم اليوم، وهي واضحة جلية في محكم التنزيل من لدن العليم الخبير، ليت الأدعياء ممن يتشدقون يتثبتون بالعمل كتسابقهم بالقول.
    إن السيرة الذاتية (للنوبة) و( للنوبا)، تعكس إصراراً في مسيرتهمتٍ الحياتية، على ممارسة حقوق الشعب الأساسية: التمتع بالحياة في الإقليم ،والمساهمة الوافرة في تنميته وتطويره، والانتفاع من موقعهما على العالم من حولهما. لقد خاض أهل النوبا، ما قدر لهم في ذلك تاريخاً حافلاً، بالصراع وبكافة أشكاله السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتخيروا من طرائقه الثقافية، ما اتسق مع إرثهم ومكونه الحضاري الفريد ،عبر رواق من الاتصال، والهجر، والهجرة، فالانقطاع، ثم الوصل تارة أخرى، يشكلون بتجربتهم الخاصة مدونهم الزمني وسجله التاريخي الطويل. تلاحمت معالم تلك الصورة الغنية ،بالأحداث والمواقف، مع أبناء الدنيا الكبرى ،التي تفاعلت معها النوبا أيما تفاعل: الإسلام، ومن قبله المسيحية، ومن قبلها عوالم الوثنية ، وحضارات الرومان وفارس، ومن قبلها الإغريق، وترويها في عمر الزمان، الآشورية والفرعونية، وما فقدت النوبة فكرتها! هؤلاء قوم غزوا مصر وأعادوا من جديد سلطان عبادتها، ثم عادوا إلى مسقط رأسهم، وما ذابوا.... . النوبة كذلك، ما أذابت نفسها إلا باختيارها .. عندما استدامت بعد غزو مصر، حكم فرعونها وآمونها.. وعندما اعتنقت المسيحية قروناً وأنشأت ممالكها.. وعندما دخلت الإسلام ،وأدخلت العروبة، وأصبحت أصولها العرقية، ترفد منها الفروع والأنساق الحضارية والثقافية، عادات وأعرافاً لشمال السودان بأكمله، وتلامس جنوبه عمقاً وأطرافاً.. ذلك كان درساً عن السيرة الذاتية لمائة ألف عام أو تزيد. وهل يقف الزمان عن دوران دولابه، أم أن مزيداً من التفاعل يقبل ويدبر، أو يسيل ويجمد؟!.
    إن إرسال البصر، يرتد تصوراً جريئاً حاسماً، حين تضحي النوبة كياناً آخر وأصولاً أخرى، هي السودان بأغلب شماله وأوسطه، وستمضي مسيرتها في التاريخ كياناً أكبر وأصولاً وأعراقاً عندما تعانق في السودان جنوبه، اختياراً وثقافة، مستقلة نواميس الرواق التي أملت تاريخه ربما تنبسط فسيحة أمامها نواميس رواقٍ من أعماق قارتها(د.محجوب التجاني محمود- ترجمة وتقديم -النوبة رواق افريقيا-الطبعة الثانية-القاهرة 2005).
    لله وللحقيقة والتاريخ.. لابد أن نطرح السؤال التالي: هل الشخصية السودانية في شمال السودان مأزومة أم لا؟
    إن الشخصية السودانية، في شمال السودان السياسي، تعاني من ازدواجية الضمير "Double Consciousness". إذ أن هذه الازدواجية، تجعله ينظر إلى نفسه من خلال عيون عنصر آخر – وهو العربي- وتشتمل هذه الازدواجية ،على أنه شخصين متباينين، وروحين منقسمتين، وفكرتين متنازعتين، في جسد واحد ذي بشرة سوداء. وكما بينا –سلفاً- فقد ساعدت الدولة، في ابتناء هذه السياسة ،منذ عهد السلطنة الزرقاء في سنار 1405هـ، وكذلك تحت السيادة الأجنبية، حيث رجحت العروبة كأداة سياسية عسكرية ،لاستمرار الدولة وديمومتها. وبمطالعتنا لسفر الكاتب/ هادي العلوي (من تاريخ التعذيب في الإسلام – بيروت – 1987م). نجده يكتب: ومما لا ريب فيه أن "التركية رجحت كفة العروبة، عندما قررت البحث عن رقيق قادر على حمل السلاح ،دون مقابل، أو أجر، وفي تلك المرحلة بدت العروبة، كما لو أنها المقابل للعبودية اجتماعياًَ واقتصادياً وثقافياً، فأصبحت العروبة خطاً سياسياً انتقائياً، للتعبير عن الحرية، التي يتمتع بها أفراد، لم يخضعوا لضرورات عبودية الدولة". وقد عززت الإدارة البريطانية – المصرية هذه الفكرة (1898م – 1956م)، وسار على نهجهم دعاة الاستقلال، وقادة الحكم الوطني إلى يومنا هذا. لذلك سواء علينا ،أن شئنا أم أبينا، فالسودان اليوم سقيم، ومرضه يكمن في مخلفات تاريخ الرق، التي باتت تنتج نفسها بصورة مستبطنة، تظهر نتائجها النتنة في التهميش الاقتصادي والاقصاء الثقافي وحرمان التمثيل المتكافئ في السلطة المركزية، وغيرها. بهذه القسمة الضيزي، مكثت السلطة السياسية والاقتصادية والعسكرية في أيدي قلة محتكرة، واستحوذت هذه الفئة على كل شيء على حساب الأغلبية المهمشة. وتسمى هذه الظاهرة الاحتكارية للسلطة لدى علماء الاجتماع بمفهوم المحصلة الثابتة في السلطة (A constant Sum Concept of Power ،حيث تتركز المصالح الذاتية ،في أيدي نفر من قابضي السلطة ، الذين هم في صراع دؤوب مع رعاياهم، وهم على ما يفعلون، يؤثرون على أنفسهم ،دون أن تكون لهم شمائل خاصة أو صفات نفسية تميزهم عن عامة الناس.
    ويقتضي الحياد والاعتراف بالخطأ ،في الممارسة، تذكير الشعب السوداني بهذه الحقائق الدامغة –الغابرة والمعاصرة معاً- وخاصة تلك التي لا تعرف عنها الأجيال المعاصرة إلا لماماً.إن محصلة هذه القسمة الضيزي، هي سبب استعار الحرب الأهلية الأولى في السودان، والحرب الثانية، وما حرب دارفور(اقليم العذاب) التي تدور رحاها اليوم، إلا امتداداً للأوليتين. إذ إن لكل حرب في التاريخ، بقية معلقة من حرب سبقتها، فمعاهدة فرساي للسلام، التي انتهت بها الحرب العالمية الأولى، كانت هي بذاتها خميرة وبذرة الحرب العالمية الثانية ،والنتائج التي انتهت إليها معركة السويس لعام 1956م ،كانت هي بذاتها مقدمات الإعداد لمعركة سيناء 1967م.
    إذ أخذنا السودان، حسب النظرية الوظيفية "Functional Theory" ، في علم الاجتماع، يمكننا اعتباره صرحاً ،أو جهازاً اجتماعياً ،غير متجانس، ويحوي في أحشائه الشروط الوظيفية (الانتفاعية) الآتية: الثقافات المتنوعة، والقوميات المتعددة، واللغات المتباينة، والديانات السماوية وغير السماوية. فما المطلوب إذاً؟ ليس هناك، أدنى شك، أن المطلوب هو: توفير حد من الإجماع القيمي (Value Consensus)، لكيما يتم الاعتراف بهذه الفوارق الاجتماعية والروحية والثقافية، بل وتشجيعها وتنميتها. هذا إذا تصالحت الصفوة الحاكمة مع أنفسهم، وكفوا عن التهالك على السلطة والتنافس فيها، ورأوا أن يكون للسودان من عوامل النمو ودواعي البقاء، والرقي. أما إذا لم يرض الصفوة الحاكمة (أحزاباً منفردة – أو إئتلاف – أو حكومة وحدة وطنية)، أمر إيلاء هذه الشروط اعتبارات قصوى، فإن الخلل السياسي والاقتصادي والتعليمي والتنموي والخدمي، الذي بدأ منذ فترة غير قصيرة ،في طريقها إلى حسم الصراع ،عن طريق تغيير الأجهزة التشريعية والتنفيذية والعسكرية، التي انتفعت به فئة قليلة ردحاً من الزمان، فعلينا إذاً أن نذكر أولئك الصفوة المنتفعين أن المهمشين قادمين، وبعدئذٍ، سيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون.
    ندلي بهذه الإفادات، وهي إفادة نوبي مستعرب مسلم ووحدوي حتي حدود الاعياء، ولم يكن أمامي بالضرورة وبالواجب وبالحق جميعاً، غير دور الدفاع، لن ندعي، أننا سنعيد لتلك الإثنية النبيلة التليدة والعظيمة (النوبا)، واخواتها الأخر، حيويتها الحضارية كلها، لأننا ندرك أن الجرح غائر، والجريح مكلوم، لكننا سنسعى أن نفعل شيئاً ما، ونجلو الحقائق، ولا خير فينا إن لم نقلها.
    وفي الختام، لابد لنا، من وقفة تأمل وتقييم، والسؤال الذي يٌطرح بشكل ملحاح ،في هذا السياق هو: ما هو الجديد في هذا السرد والبوح المسموع، وما هو الجديد المشتهى والاحتمالي، الذي لم يتحقق بعد، مع إمكانية تحقيقه فيما بعد؟.
    قبل الإجابة على هذا السؤال، نجد أن من الإنصاف القول، بأننا قد بذلنا قصارى جهدنا، في إيفاء موضوع المقال حقه من البحث والاطلاع والتحليل، وإن لم نتعرض لوقائع أليمة ومفجعة بذاتها ،تفادياً لفتق الجراحات ،واثارة الذكريات المريرة لآلآم اثنية النوبا التي تجرعتها تحت سطوة وبطش الأنظمة المتعاقبة والمهيمنة باختلاف أيديلوجياتها ، قبل وبعد الاستعمار والاستقلال علي التوالي. خاصةً، والبلاد تعيش فترة ما بعد توقيع اتفاقية السلام الشامل، وتحقن في شرايينها أكسجين التصالح ورد الاعتبار، متجاوزة عقد الماضي وقد بدأت مناطق الإثنيات المهمشة ،تشارك وتمارس سلطاتها داخل أقاليمها (النيل الأزرق – جبال النوبا) تحديداً، مشاركةً وممارسةً ، تبدو جيدة ومقبولة.
    الجديد الذي تطرق له هذا البحث، متعدد السمات، فقد عالجنا مشاكل الحرب والسلم في السودان عامة، وجبال النوبا خاصة، مع التركيز على العوامل السياسية والاجتماعية والدينية ،التي أدت إلى اشتعالها، ثم استفحالها –كما لم نغفل- في سبيل معالجتنا لهذه العوامل، عن التعدد الثقافي والإثني، وأهمية اللغات واللهجات والهوية، مستندين إلى تحاليل وبراهين، نحسبها جادة وبعضها جديدة. إذ تطرقنا إلى كل هذه المواضيع في مراحل تطور السودان السياسي بتجرد وأمانة. إذن، ما هي المراحل السياسية في تاريخ السودان عبر القرون؟.
    يمكن تقسيم التطور السياسي في السودان، إلى ثلاثة مراحل متداخلة ومتشابكة مع بعضها بعضاً: هي مرحلة ما قبل الاستقلال في غرة يناير 1956م، ومرحلة الحكومات الوطنية منذ الاستقلال ،حتى لحظة التوقيع على الاتفاق الإطاري في مشاكوس- كينيا في 20/7/2002م، بين حكومة السودان من جهة، والحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان، من جهة أخرى، والبروتوكولات التي تلت، كإتفاق الإجراءات الأمنية في 25/9/2003م، وقسمة الثروة في 7/1/2004م والبروتوكولات الثلاثة حول آبيي، وجبال النوبا، وجنوب النيل الأزرق، وتوزيع السلطة في 26/5/2004م، ثم المرحلة المستقبلية، التي سوف تكون عليها الحال، تتجلي التداعيات، بعد توقيع اتفاقية السلام بينهما.
                  

03-27-2008, 03:43 PM

zuhair zenaty

تاريخ التسجيل: 06-09-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين ف (Re: zuhair zenaty)

    الجزء الرابع :
    هذه المراحل في حياة الشعب السوداني، لها بعدان: بعد سكوني، وبعد متحرك "Static and Dynamic" وكلاهما مرتبط بالاخر أيما ارتباط،والعلاقة بينهما كما أسهبنا في الجدال – علاقة جدلية لا سبيل إلى الفكاك منها. ونعني بتعبير البعد السكوني والمتحرك للحياة السياسية في السودان، ذلك الطابع للحياة الاجتماعية والتقاليد الراسخة والعادات الموروثة ،التي ظلت باقية وشاهدة على العصر في أرجاء السودان المختلفة، بيد أن من بعض مظاهرها، التي لا يحمد عقباها، الجهل والمرض والتخلف والمجاعات ،التي ضربت بجذورها في مجتمع الريف السوداني (د. عمر مصطفى شركيان – النوبة في السودان – نضال شعب في سبيل العدالة والمشاركة في السلطة – دار الحكمة – لندن – الطبعة الأولى 2006م).
    وعن السودان قبل الاستقلال، نرى أن تاريخه يعود إلى ممالك النوبة القديمة (كوش ومروي)، والنوبة المسيحية (نوباتيا، المغرة، وعلوة)، ويتضمن في تاريخه القديم والحديث قوميات عديدة، لم تستعرب ولم تدخل الإسلام بعد، كما لعبت سلطنات سنار (السلطنة الزرقاء) والفور والمساليت والمسبعات وممالك تقلي والشلك والزاندي والبجة وغيرها دوراً رئيسياً في التطور السياسي في السودان، ومما لا شك فيه أن هذه الممالك كان يسودها نوع من التبادل، يخضع لظروف الغلبة أو الخسارة ، أو لظروف حضارية عامة هذا هو الواقع الموضوعي "Objective Realism" ،الذي تتولد منه الشخصية السودانية.
    فالسودان الجديد، الذي ينشده الجميع، لابد أن يقوم على أساس واقعنا الموضوعي: السودانوية (Sudanism)، بأبعادها الأفريقية والعربية والإسلامية والمسيحية والنوبية وغيرها، وقد استفضنا سابقاً في موضوع (السودانوية )،عبر مقالاتنا عن( الهوية السودانية بين مدرسة الشكلية الأفريقية ومدرسة الاستيعابية العربية ..رقص بلا ساق وتحديق بلا وجه) – بصحيفة السوداني في أعداد سابقة. ولا سبيل من الانعتاق من الواقع السياسي والديني، اللذين يحتمان علينا، الاعتراف بالتعدد بكل أبعاده المختلفة، حتى تجد كل طائفة مكانها تحت الشمس، وحسبما يرتأي لها. وفي واقع الأمر فإن السودان قديماً وحديثاً، قد شهد أحداثاً جسيمة، تخللها حالات الحرب والسلم والاسترقاق والإستغلال ونهب الممتلكات والسبي، وهي سمات تكوين الدولة في القرون الماضية. إذ يظن البعض حين تستدعي الحال الرجوع إلى مظان كثيرة، إن هذه الفترة، ما هي إلا حقبة تاريخية ولت من غير رجعة، ولهم نقول إنكم لمخطئون، فمازالت رواسب الماضي الفظيع تطل برؤوسها المستطيرة على الأمة السودانية، و ورغم معافاة جسد المجتمع السوداني ،من علاقات مؤسسة الرق والاسترقاق، في شكله الاجتماعي الاقتصادي الملموس. لكن مخلفاتها النفسية والثقافية والسلوكية تثقل كاهله، ولاعزاء في أنها مخلفات الماضي، فرب مخلفات أشد وطأة من ضغوط الحاضر.
    وقد ينبت المرعى على دمن الثرى *** وتبقى حزازات النفوس كما هي
    والمجتمع السوداني ليس العنزة الفاردة من معاناة مجتمعات أخرى في إفريقيا وقارات أخر، تعيش مرارات الماضي.
    كانت وقفة جريئة، سياسياً وأدبياً تلك التي أقدم عليها السياسي المخضرم المرحوم/ عبد الخالق محجوب، لمواجهة مخلفات الماضي وتجاوزها، في فقرة من خطابه أمام مؤتمر المائدة المستديرة لحل مشكلة الجنوب في مارس 1965م:
    "وكنا نأمل، لو شملت تلك التغيرات، مفاهيم بعض أخواننا هنا، الذين يسموننا أحفاد الزبير، ونحن نقول لهم بصراحة ووضوح: نعم نحن أحفاد الزبير باشا، فنحن لا نتهرب من تاريخنا. ولكن ننظر إليه نظرة موضوعية ناقدة. وفي غير مرارة نستمد منه الدروس ونستقي منه العبر. فتجارة الرقيق كانت مدفوعة من المستعمر ولمصلحته، وهي عار عليه في تلك العهود وعار على كل من نفذها. هذه حقائق بسيطة للذين يعرفون التاريخ. ولكننا نذكر من لا يرون سوى الجانب المظلم من تاريخنا العابر، أن أخواننا الأفريقيين نقلوا بالآلاف بل بالملايين لزراعة القطن في الولايات الجنوبية لأمريكا فأحفاد الزبير يتغيرون ويتطورون مع الزمن وهم يبنون السودان الحديث..." .
    تفاقمت أزمة المجتمع السوداني عما عرف وحصر آنذاك في مشكلة الجنوب لتصبح أزمة ومشكلة السودان بكلياته، هويته، وحدته، نظام حكمه، ثروته، ثقافته، مكانته في العالم المعاصر ... وتراكمت عليه مخالفات الماضي، بكل ثقلها، رواسب وإفرازات الأمس واليوم في الحاضر اللئيم. وشمخ التحدي، واستأسد وبان على أبناء السودان. من حيث هم كذلك: أحفاد الزبير، وأحفاد من استرقهم الزبير، مواطنون سودانيون أُباة، تجمعهم وتوحدهم مواطنة، لا يحد منها، ولا ينتقص فيها، فارق عرق، أو جنس أو دين، لا يستشعرون مذلة، من انكسار الرقيق، ولا مكرمة من زهو المالك، يعقدون خناصرهم لتحرير الإنسان السوداني، من عُقده ورواسبه، يردون اغترابه الجسدي، واستلابه الروحي، يصارعون، حتى يصرعوا مخلفات الماضي في العنجهية، وفي مركب النقص، في المباهاة بالحسب، وفي الحقد والانتقام المؤجل، في النسيان المخدر المريح، وفي الذاكرة القلقة الواخذة، في الاستعلاء وفي الاحتقار المكتوم، في الوقار المنافق، وفي الاستهتار الصَّلِف، في الثقة الزائفة وفي الشك المرتاب.
    تلك مهمة جيل، وجيل عطاء، يحمل رسالة عن وعي بثقلها، لا ظلوماً ولا جهولاً ذلكم هو جيل السودان الجديد بكل ما ذكرنا وأوضحنا :
    "جيل العطاء لعزمنا حتماً يذل المستحيل وننتصر
    وسنبدع الدنيا الجديدة وفق ما نهوي
    ونحمل عبء أن نبني الحياة ونبتكر
    الشاعر/محمد المكي إبراهيم
    فلا يتوهمن جيل العطاء، أن مهمة الإبداع سهلة، وطريق الابتكار سالكة، إنها شحنة من التوتر والعناء والفعل- الفعل الآمِر الناجز.
    ونلاحظ في واحدة من اجتهادات دكتور / سبولدنق (Dr. Spolding) في الدراسات السودانية ، وهي منهجية التوثيق ، ودونما تطاول أو استعلاء على أهل التخصص، وطول الباع في البحث العلمي ، فإن إستنتاجاته، تمثل بعض معالم ما أسماه عصر الوعي بالذات، في تطور مجتمع الفونج ، حيث تجلى ذلك الوعي في انتشار الخلاوي والتعليم، وشعائر تنصيب السلطان ، والاهتمام بالإنسان، والحرص على توثيق الملكية والهبة والمبايعات ، وتوسع العلاقات مع مصر والحجاز ، والأخذ عن العلماء، وسعة الأفق ، وسعة السوق الداخلي والخارجي.. وهو تشخيص سليم وشامل ، ولكن معالم الوعي بالذات، تلك ما كانت تتبلور على ما هي عليه ، لولا عمل الرقيق ،وإسهام الأرقاء في الدفاع عن السلطنة، وتوسيع رقعتها ، ولولا فعالية الأرقاء في المناصب، التي أحتلوها ذكوراً وإناثاً وخصيان، في الحاشية، وإدارة القصور وأمانة مخازنه ، وفي التربية والترفيه والفنون ، وتشعب أفرع عائلة السلطان، بالتسرى ووطء المحظيات .. ليس كل هذا وحسب ، بل وحسن بلاء في الحرب وتخطيط المعارك، وتنظيم الجيوش وقيادتها.
    فالرقيق، ما كان مستودع قوة عضلية وتبلد أحاسيس، كان ثرياً بالمواهب الذهنية والطاقة الإبداعية. كان حاضن لقاح هجين الثقافة الأفريقية الزنجية، والثقافة العربية الإسلامية، ووليدها الشرعي ، الشخصية السودانية ، الثقافة السودانية ، الهوية السودانية.
    أما، معلم العناية بالأنساب ،الذي أولاه د. سبولدنق، عناية خاصة ، فهو: ظاهرة عامة مشتركة في التكوينات الاجتماعية القبلية والإثنية والعرقية، في مراحل الإختلاط والهجرات والتداخل ، لأسباب طبيعية أو اجتماعية، كالجفاف والمجاعة والأوبئة ، والحروب والغزو والاحتياج ، ونشوء المدن، وإحتواء السوق، والتبادل السلعي، لدوائر متداعية، نحو أطراف السلطنة أو الدولة ، والاستقرار النسبي للنخبة الحاكمة وهيكلها الإداري وتراتبيته.
    لكن، ما تفردت به الظاهرة، في مجتمع الفونج كان: الوعي الزائف ،لدوافع نفسية وحضارية ، تود لو تبتعد بحبل نسب النخبة ، من أي عقدة، تربطه بالأصل الزنجي الأفريقي ، وبصفة خاصة أصول القبائل المسترقة، أو كانت ساحة لغزوات صيد الرقيق ! من مركب النقص هذا كان: التهافت، وكانت المغالاة في الإنتساب للسلالات العربية الإسلامية، وأوفرها عزاً ، قريش ببطونها العشر ، والبطن الأموي، إن قصر الحبل من البطن الهاشمي ! وبعضهم لم يتحرج عن شد الحبل نحو شاهق القمم حتى انفصلت قدماه عن أرض الواقع (محمد ابراهيم نقد-علاقات الرق في المجتمع السوداني-الطبعة الثانية-دار عزة للنشر- الخرطوم- 2003)
    وتتمظهر رواسب هذا الماضي ، في ظلم الحكام ،وجور المسئولين ،وعبث العابثين وألاعيبهم. فهمجية المهدية (1882م – 1898م) على المواطنين السودانيين، قبل الأتراك – المصريين، وتجاوزات حقوق الإنسان في سنوات الحرب الأهلية الأولى (1955م – 1972م)، والثانية (1983م – 2004م)، والأرواح التي تسفك في دارفور، وجنوب كردفان، واغتصاب النساء، حتى لحظة كتابة هذه الأسطر، والاحتكاكات الطائفية والإثنية، التي تنشب بين الفينة والأخرى، والمجازر الدموية المفتعلة، في مناطق الضواحي وطرف المدائن، في فترات الحكومات الوطنية المتعاقبة، كلها صور من الحالة المتحركة لتاريخ السودان السياسي. اعتمد حكم الصفوة في السودان على الميزات النفسية "Psychological Characteristics" ،التي عدها العالم (باريتو)، واعتبرها ركائز سلطة الصفوة، حيث يدفعهم الشعور النفسي إلى التصديق –وهماً وكذباً- بأنهم أولى الألباب، وينبغي عليهم التمتع بمقاليد السلطة. ومثلما ذهب (باريتو) في سبيل تحليل الصفوة، فقد رأى عالم الاجتماع/موسكا: أن الأقلية الحاكمة "Oligarchy" يتفوقون على الأغلبية بخصال تمنحهم مكاسب مادية – فكرية أو أخلاقية- ، وقد ناقشنا تاريخ النخب السودانية وممارساتها، عبر مقال سابق بصحيفة السوداني، تحت عنوان (تاريخ النخب السودانية المهيمنة وتأقلمها مع الفشل بنجاح)، في مطلع هذا العام. وما الحالات التي حدث فيها تغيير، في شكل السلطة في السودان، من الديمقراطية إلى العسكرية وبالعكس، إلا إحلال صفوة، مكان أخرى "Circulation of Elites "، لذلك لم نجد ،من الفرق كبير، في أنظمة الحكم التي تداولت السلطة في السودان، فيما يختص بقضايا الجهل والمرض والفاقة والتعليم والتنمية المتوازنة، ونشل إنسان الريف من حالة التهميش، بل أحياناً الإلغاء، إلى حالة الاهتمام. فالتغيير الاجتماعي، الذي يفي بحاجة السودانيين في بناء المجتمع بناءً ديمقراطياً ،لم يرد في الماضي، وكل الذي يحدث في هذا القطر ،هو دورة النخبات التقليدية الموبؤة بالفشل(أو دورة العصبيَّة) بحسب النموذج "الخلدوني" الدائري، ويتمثل في:
    1. يبدأ تقسيم العمل أو الأدوار بين المدينة، كمركز للتجارة والصناعة وللحرف والاستهلاك، وسكان الريف والتخوم، كمركز للأيدي العاملة الرخيصة.
    2. يدعم الدين الإسلامي والهوية العربية المصطنعة ،هذا الوضع ويعطيانه وسيلة للتعبير، ومصدراً للشرعية المزعومة.
    وفي العقدين الماضيين، ضعفت سيطرة الدولة الكاملة المطلقة على الريف والأقاليم، وخاصة في جنوب السودان وجبال النوبا، وجنوب النيل الأزرق، وغرب وشرق السودان، وبالرغم من الاستعانة بالمليشيات المسلحة لم تستطع الدولة من بسط سيطرتها.
    أدى هذا الوضع إلى قيام الروابط السياسية (الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان، ومؤتمر البجة، وحركة وجيش تحرير السودان، وحركة العدل والمساواة وغيرها)، للحماية المتبادلة والمطالبة بالحقوق المسلوبة، وأدت قوة هذه الروابط إلى إدامة ضعف الدولة، وإلى إدعائها بالمحافظة على نقاء العقيدة الإسلامية ، والمشروع الحضاري المتداعي، من تغول الملاحدة وعملاء الاستعمار ودول الاستكبار.
    إذن ما هي القوة ،التي في مقدورها كسر طوق هذه الدائرة الخبيثة، وتخليص المجتمع السوداني من الاستبداد العسكري والفوضى الحزبية؟.
    هنالك ثلاثة احتمالات، أولها متعلق بعامل خارج المجتمع السوداني نفسه، وهو الغزو الخارجي، وقد أصبح انتقائياً في عالم اليوم حسب مصالح الدول المتدخلة، كما حدث في جزيرة تيمور الشرقية، وهاييتي، ودولة يوغسلافيا سابقاً، وأفغانستان، والعراق، سيراليون، ليبريا. والاحتمال الثاني هو ممارسة الضغوط الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية، بواسطة المجتمع الدولي على النظام، وقد أثبت فشل هذا الأسلوب، في سبيل المعاش والحياة، وإطالة أمد الأنظمة، فضلاً عن أن هذه الضغوط لا يتضرر منها الحكام كثيراً، اللهم إلا في تقييد سفرهم خارج البلاد، كما قد تأتي ببديل لا يقل شراسة من سلفه. أما الحل الذي يجد الترحيب من كافة السودانيين، فيكمن في انعقاد "المؤتمر القومي الدستوري ،إذ أن الحل السياسي، والتنمية، وأزمة الحكم بين المركز وهذه المناطق، لم يكن حلاً شاملاً لجميع قضايا السودان المحورية، وإلا لما ظهرت الحرب الأهلية في دارفور.
    وحين نكتب عن مسألة جبال النوبا، في خضم وزخم التاريخ السياسي للسودان، ونحفر عميقاً في الحديث عن المنطقة، ونفكك في ظواهر أهلها ، دون مناطق السودان الأخرى ،التي نالت أيضاً ، قدراً مقدوراً، من التهميش الاقتصادي والسياسي، واسهامها في التشهير بالأنظمة الحاكمة، تجاه ما حاق بأهالي النوبا ،من جور مؤسس، وتجاوزات إنسانية فجة، لم يكن ذلك، إلا للطرح التصوري العام بأجهزة الإعلام المحلية، والأجنبية، لأهوال الحرب وطموحات السلام، بأنها حرب بين الشمال العربي المسلم، والجنوب الأفريقي المسيحي الأرواحي، رغم أن الحرب استعرت بمنطقة جبال النوبا منذ العام 1985م، ولم تطفو هذه الحرب، إلى سطح الإعلام الدولي حتى عام 1991م. هذا التحجيم يعود إلى أسباب عدة: محلية وأخرى عالمية. فقد ركزت الحكومات المتعاقبة، بعد سقوط الرئيس نميري 1985م، على وصف الحرب بأنها "مشكلة جنوبية" ،حتى لا تعطي انطباعاًَ، بأن ويلات الحرب تلتهم مناطق سودانية أخرى، زائداً الجنوب، كجبال النوبا في جنوب كردفان، وجبال الأنقسنا في النيل الأزرق.
                  

03-27-2008, 03:46 PM

zuhair zenaty

تاريخ التسجيل: 06-09-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين ف (Re: zuhair zenaty)

    الجزء الخامس (الأخير):


    أما إهمال العالم لوضع جبال النوبا إعلامياًَ، فيرجع إلى السياج الأمني ،الذي ضربته الأنظمة الحاكمة حول المنطقة ،ومنع الصحافة العالمية من ولوجها، باعتبارها منطقة عمليات عسكرية، فضلاً عن منع دخول مواد الإغاثة إلى النوبا المتضوعين جوعاً، والميتين عطشاً ومرضاً، والمطحونين بين رحي أبنائهم الموالين للنظام، تساندهم مليشيات الموت الزئام وكتائب المشروع الحضاري ، التي لا تبقي ولا تذر، استناداً علي فتوي فقهاء السلطان بالأبيض، بأن النوبا كفرة وزنادقة ، فدمائهم وأعراضهم حلال، وأموالهم فيئ وغنيمة!!فما راعت فيهم الاً ولا ذمة.
    بين قطبي هذا التصنيف المبسط، والحالة هذه، تضيع قضية المناطق، التي تقع وتقبع خارج نطاق الجنوب الجغرافي. ثم من بعد، نجيء إلى المرحلة الثالثة، من مراحل التطور السياسي في السودان، إذ هي مرحلة مستقبلية، ومن الصعب التكهن بما ستؤول إليه الأحوال، بعد التوقيع على اتفاق السلام الشامل، فبعد انقضاء الفترة الانتقالية، والمحددة بست سنوات، قد يصوت أهل الجنوب لاستقلال الجنوب، وهذا هو الإحتمال الأقوى، فماذا سيحدث لبقية السودان؟ هذا سؤال مهم يظل في أدمغة المشتغلين بالوضع السوداني.
    برز بعض مفكري الشمال من الشوفينين والأمويين الجُدد، بكتابات يزعمون، بأن انفصال الجنوب ،سوف يبقى الشمال على ما يرام، خاصة وأن من العبثية ،أن يٌطالب أهلُ الشمال، بإجراء أي تحوير أو تعديل جوهري، على النظام السياسي، وخطابهم حول الهوية، لاستيعاب مصالح ونظرة أهل الجنوب.
    وفي حقيقة الأمر، فإن الأحداث المتلاحقة في دارفور، وظهور الحركات المسلحة ،تحت يافطات متعددة، دليل دامغ، على أنه سوف لن تكون الاوضاع، كما يحلوا لهؤلاء المتوسمين بانفصال الجنوب، لذلك نجد أن إعراب ثلة من الشوفينين في الشمال ،عن أملهم أن يمسي الشمال مرتاح البال ،عشية الانفصال، قد يصبح خسراناً مبيناً.
    إن الحل العادل والدائم، لكافة قضايا السودان الجوهرية ، ينبغي فيه، إخراج قضية التسوية السلمية من الحيز الضيق (شمال - جنوب) إلى الإطار السوداني الشامل، أي انعقاد (المؤتمر الدستوري القومي) ،لإشراك كل القوى السياسية في الحل السياسي للدولة. فالسودان لكي يبقى، لا أن يضحى هشيماً، تذروه ريح الرؤية الضيقة ، ينبغي على القائمين بأمره، أن يتدبروا أمر مستقبل التعددية ،وإمكان إقرار مبدأ تداول السلطة، وإنهاء احتكار حزب واحد أو إئتلاف حزبين، عبر قوانين وأوضاع غير ديمقراطية، ورعاية حقوق الإنسان، وكفالة الحقوق المدنية، والحريات الأساسية للقوميات المختلفة، ومعالجة التظلمات السياسية ، لساكني الأقاليم المختلفة، واجتثاث الفساد الذي بات يزكم الأنوف، والمساواة في الحقوق والواجبات، واستغلال القضاء، وقيام الأحزاب السياسية على أسس علمية وفكرية، تٌساير المجتمع الدولي، وتنهض بالإنسان السوداني، وليس على أسس جهوية أو طائفية أودينيةأ وعشائرية، وذلك قبل فوات الأوان.
    لنعلم حين تضع الحرب أوزارها ،على كل الجبهات والاتجاهات، ستبدأ دورة الصراع الصغري، لأن الصراع مستمر في التاريخ، ويستنزف طاقات هائلة من البشر ومواردهم المادية والمعنوية. وإن من ينادي بنهاية الصراع، ينادي في الواقع- بنهاية التاريخ، أو كما يقول الكاتب خلدون حسن النقيب (إن الصراع والتصارع أصبحا، بعد تقادم العهد، سمة إنسانية سرمدية، تغذي نفسها بنفسها، في حركة دائرية مفتوحة، هي دورة العدوان. ودورة العدوان ضرورة للتحكم والضبط الاجتماعي). (خلدون حسن النقيب، في البدء كان الصراع، جدل الدين، الإثنية، الأمة والطبقة عند العرب، لندن، 1997م).
    فالترتيبات السياسية، التي نتجت عن عملية التسوية السلمية، في نيفاشا ،بكل وجوهها الأمنية، والثرواتية، والسلطوية وغيرها، هو تكيٌف طرفي النزاع (حكومة السودان، والحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان)، مع استمرار حالة التصارع والتنافس بينهما. ووضع السلاح، يعني لديهما، تقسيم العمل، لرفع كفاءة الطرفين في حالات الصراع والتصارع، بطرق أخرى بينهما، أو بين كل طرف وخصم خارج الحلبة. إذن ليس في الإمكان، بناء مجتمع مبني على التعاون، في حضارة وثقافة (قيم إنسانية وأعراف وتقاليد ومعايير وغيرها) ،مبنيتين على التنافس والصراع، لأن عقلية الصراع، تغلغلت في كل خلايا ،وأنسجة المجتمع (وقيمه وأعرافه ومعاييره وغيرها). ولأن حضارة الصراع وثقافته أصبح لهما امتداد سرمدي، ولأن الديانات عامة، والديانات السماوية خاصة، قد امتزجت بقيم القبلية والإثنية والقومية ،وهلمجرا، فأعطتها شرعية مفروضة ، وبعداً أيديلوجياً، وما السودان إلا واحداً من هذه المجتمعات. وعليه، كل ما يمكن عمله، والدفع نحو حدوثه ،هو الحد من هذا التصارع ،وذلكم التنافس، حتى لا يبلغا أوجهما، ويتحوران إلى دورة الصراع الكبرى، مع العلم أن دورتا الصراع تغذي إحداهما الأخرى (Feedback loop).
    لا شك، أننا معشر السودانيين، نريد سوداناً موحداً ،يلبي تطلعات أهل السودان، بما فيه تلك التخوم القصية والمهمشة، نريد سوداناً للجميع، حيث تتحقق، فيه الحرية السياسية والعدالة الاجتماعية، سوداناً يضمن عدالة التوزيع في الثروة والسلطة، سوداناً فيه تٌحفظ حقوق الإنسان، وفيه تٌصان كرامته، مهما كان لون بشرته أو نوع شعره أو تقاطيع وجهه، سوداناً به نفاخر الأمم، وإليه جميعاً نفتخر بالإنتماء، بالرغم من اختلاف ألواننا السياسية والبشرية، وتعدُد ألسنتنا، وتباعد مناطقنا. هذا هو السودان الذي به نحلم وإليه نتطلع بشيء من الشغف واللهفة.
    وأخيراً، ورغم المآسي، التي تعرضت لها منطقة جبال النوبا، إلا أن إيمان أهلها الراسخ بوحدة السودان لم يتزعزع، وقد عبر عن ذلك الراحل المقيم القائد/ يوسف كوة مكي، عضو القيادة العليا للحركة الشعبية لتحرير السودان، وقائد قواتها في منطقة جبال النوبا "إن خيار الحركة، الذي بدأت به، ولا تزال، هو الوقوف مع وحدة السودان، وعلى قيادات السودان، أن يعملوا لتحقيق خيار الوحدة، دون الاكتفاء برفع شعارها، فنحن دائماً، في نظر الأحزاب الشمالية، متهمين بالعنصرية، والشماليون هم وحدهم الوطنيون _ أؤكد أن السودان يهمنا جميعاً، ولا نريد مثل هذه التصنيفات .. أنا شخصياً، لم أتطرق مطلقاً إلى الدعوة إلى فصل جبال النوبا، عن السودان، لقد دخلت الحركة باسم الوحدة، ووجودنا فيها يمثل دعماً للوحدة.. ولكن إذا انفصل الجنوب، سيكون لنا رأي مختلف، لأن وجودنا داخل الحركة، ووقوفنا مع الجنوب والجنوبيين، ترتبت عليه حقوق، وإذا تحققت مطالب الجنوبيين في ظل الوحدة، فذلك ما ننشد، وإذا انفصل فلابد أن نحصل على حقنا في تقرير مصيرنا ليحدد أهلنا ما يريدون أن يكونوه.. إن الحركة الشعبية ملتزمة بوحدة البلاد، وإن الفصيل الغالب في الحركة، يؤيد بقاء السودان موحداً ،على النقيض، مما يذكر في وسائل الإعلام المختلفة.. إن انفصال الجنوب سيعني تمزيق بقية أرجاء السودان بما فيها الجنوب .. لا أعتقد أن جنوب السودان، سيكون بمنأى عن الحركة والتيارات، التي ستحاول قيام كيانات وممالك خاصة لها، إذا انفصل عن بقية أرجاء القطر". (تصريح للقائد/ يوسف كوة: التكهن بمصير مفاوضات نيروبي -سابق لأوانه - 16/7/1994م).
    ومسك ختام المبتغي لاتفاقية السلام الشامل، المتضمنة لبرتكول منطقة جبال النوبا، يتمثل في تحدي وتحقيق التنمية، لأن في استدامتها، استدامة السلام الحقيقي ، لا الكذوب ، التنمية العمرانية والاجتماعية، والتي ينتظرها كل ابناء الولاية بمختلف قبائلهم ،وتشرئب اعناقهم اليها، كعناقيد الزيتون، تنتظر الأمل الأخير الذي يحمله بنوها وحكومتها الحالية، والتي للحق يُعول عليها الكثير المثير الخطر، من تنمية لمصادر المياه، وتعبيد للطرق، يكسر كل حلقات سياسة المناطق المقفولة، وتبيان مبسط لاتفاقية السلام ، وتوفير لفرص العمل لأبناء المنطقة، وايواء كل السكان في منازل بمعايير انسانية، تلائم بيئة المنطقة، وتراثها الروحي والاجتماعي، ونزع كل ملغومات الصراع والتشاكس، بين منسوبي الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني، الذي لن يتأذي منه سوي مواطن الجبال المثخن بالمحن.والاهتمام باعادة دمج المقاتلين في نسيج الحياة العامة، ليسهموا بدورهم الهام ، مثلما ساهموا في انتزاع الحقوق، وٌُتٌُُُوجوا بالبرتكول الخاص بمنطقة جبال النوبا، كما نأمل من كل رجالات المال والأعمال الوطنيين، أن يَُنقبوا في فرص الاستثمار الواسعة وغير المحدودة هناك، حتي تعود رخاء وتنمية، وربح وفير لهم ولطموحاتهم المشروعة.
    وعبر هذا العمل نحي كل شعب النوبا، رجالاً ونساءاً، صنعوا تاريخ هذه المنطقة،وأضافوا للتاريخ الوطني للأمة السودانية، وأبانوا قضيتهم بكبرياء لا يعرف الخنوع، وباصرار لا يصيبه المساومة،وفتحوا نوافذ السودان الجديد، فالسودان الجديد،تقوي جنينه، من مشيمة رحم جبال النوبا،وستشرق شمسه ساطعة من جبال النوبا.ونخص بالتقدير والاجلال كل القامات النوباوية وعلي رأسها:السلطان عجبنا قائد ثورة 1917م،وابنته الأميرة/ مندي،والبطل اقومي/علي عبداللطيف ،قائد ثورة اللواء الأبيض 1924م،(اسمه النوباوي:أرضابيقو)،والكبير الراحل المقيم القائد/ يوسف كوه مكي، والقائد الراحل/محمد جمعة نايل، والراحل القائد/جبريل كرمبه،الأب الروحي/ فيليب عباس غبوش، والقائد المفضال اللواء/دانيال كودي أنجلو(رئيس الحركة الشعبية،ونائب الوالي بالولاية ،والقائدالفذالعائدالفريق/عبد العزيز الحلو، والقائد العميد/تلفون كوكو أبو جلحة، والقائد/خميس جلاب(وزير الولة بوزارة الثروة الحيوانية الاتحادية)،والصديق الخلوق د.هنود أبيا كدوف،د.عمر مصطفي شركيان،أ.د.علي عبيد(المحاضر بجامعة برنوي)،والأخ/ نميري شعراني دلدوم(رئيس شبكة منظمات جبال النوبا).ومن نساء النوبا نخص د.تابيتا بطرس شوكال(وزيرة الصحة الاتحادية)،وأم مسار علي جمعة(زوجة الشهيد/يوسف كوة)،ومدام/ ميري خميس(عضو المجلس التشريعي بالولاية)،وعائشة كافي كواسو كوكو،القائد/عواطف التوم ،حفيدة الفكي/علي الميراوي،ووزيرة الرعاية الاجتماعية بالولاية. كل اولئك، بعض من كل، بلون الأبنوس وطعم الباباي، وفوح القرنفل. وأقتبس بعض من رائعة الشاعر/ محمد عبد الله شمو، قصيدة (مريم الأخري)، تلك الكلمات الأنيقات التي كان ميلادها بمدينة الأسكندرية،تلك المدينة الملفوفة بالديباج والحرير،.مهداة الي كل أهلي في النوبا، عسي ان يوفي الكلم الطيب القليل، للأحياء منهم،ولمن قضي نحبه مستشهدًاَ في سبيل القضيةٌ، احبائي في جبال النوبا ..دمتم. .
    هاهي الأرض قد تغطت بالتعب
    والبحار اتخذت شكل الفراغ
    وأنا مقياس رسم للتواصل والرحيل
    وآن أوان الترقب وانتظار المستحيل
    أنجبتني مريم الأخرى قطاراً وحقيبة
    أرضعتني القوافي.. ثم أهدتني المنافي
    أنت يا كل المحاور والدوائر ... يا حكايات الصبا
    تحفظين السر والمجد الذي ما بين نهديك اختباء
    ليس يعنيك الذي قد ضاع من عمري هباء
    وأنا لا أدري ما الذي يدفعني دفعاً إليك
    ما الذي يجعلني أبدو حزيناً حين أرتاد التسكع على مرايا وجنتيك
    لا عليك .... فعلى هذه السفوح المطمئنة نحن قاتلنا سنينا واقتتلنا
    ثم سجلنا التآلف بانفعالات الأجنة
    واحتوانا البحر والمد المقاوم والشراع
    يالهذه البنت التي تمتد في دنياي سهلاً وربوعاً وبقاء
    مالذي قد هب في عينيك شيئاً من تراجيديا الصراع؟
    خبريني هل أنا أبدوا حزينا..ً؟ هل أنا القاتل والمقتول حيناً والرهينة.؟
    هل أنا البحر الذي لا يأمن الآن السفينة.. ؟
    خبئيني بين جدران المسام .... قبليني مرة كل عام
    فأنني أشتاق أن أولد في عينيك طفلاً من جديد
    أرتدي لون البنفسج ...أعتلي شكل الهوية
                  

03-27-2008, 04:09 PM

zuhair zenaty

تاريخ التسجيل: 06-09-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين ف (Re: zuhair zenaty)

    *
                  

03-28-2008, 10:02 PM

زهير الزناتي
<aزهير الزناتي
تاريخ التسجيل: 03-28-2008
مجموع المشاركات: 12241

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين ف (Re: zuhair zenaty)

    Quote: فالسودان الجديد، الذي ينشده الجميع، لابد أن يقوم على أساس واقعنا الموضوعي: السودانوية (Sudanism)، بأبعادها الأفريقية والعربية والإسلامية والمسيحية والنوبية وغيرها
                  

03-28-2008, 10:14 PM

زهير الزناتي
<aزهير الزناتي
تاريخ التسجيل: 03-28-2008
مجموع المشاركات: 12241

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين ف (Re: zuhair zenaty)

    Quote: ولا سبيل من الانعتاق من الواقع السياسي والديني، اللذين يحتمان علينا، الاعتراف بالتعدد بكل أبعاده المختلفة، حتى تجد كل طائفة مكانها تحت الشمس، وحسبما يرتأي لها. وفي واقع الأمر فإن السودان قديماً وحديثاً، قد شهد أحداثاً جسيمة، تخللها حالات الحرب والسلم والاسترقاق والإستغلال ونهب الممتلكات والسبي، وهي سمات تكوين الدولة في القرون الماضية. إذ يظن البعض حين تستدعي الحال الرجوع إلى مظان كثيرة، إن هذه الفترة، ما هي إلا حقبة تاريخية ولت من غير رجعة، ولهم نقول إنكم لمخطئون، فمازالت رواسب الماضي الفظيع تطل برؤوسها المستطيرة على الأمة السودانية، و ورغم معافاة جسد المجتمع السوداني ،من علاقات مؤسسة الرق والاسترقاق، في شكله الاجتماعي الاقتصادي الملموس. لكن مخلفاتها النفسية والثقافية والسلوكية تثقل كاهله، ولاعزاء في أنها مخلفات الماضي، فرب مخلفات أشد وطأة من ضغوط الحاضر.
    وقد ينبت المرعى على دمن الثرى *** وتبقى حزازات النفوس كما هي
                  

03-28-2008, 10:34 PM

amir jabir
<aamir jabir
تاريخ التسجيل: 01-12-2006
مجموع المشاركات: 5550

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين ف (Re: زهير الزناتي)

    اخطاء تاريخية ارتكبها قيادات جبال النوبة فى تحالفات مع حركات مسحلة بضمان اشخاص ؟؟؟ يجب ان يصحح المسار الان

    شكرا على المقال بعد القراءة لى عودة
                  

03-29-2008, 04:25 PM

زهير الزناتي
<aزهير الزناتي
تاريخ التسجيل: 03-28-2008
مجموع المشاركات: 12241

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين ف (Re: zuhair zenaty)

    Quote: وفي حقيقة الأمر، فإن الأحداث المتلاحقة في دارفور، وظهور الحركات المسلحة ،تحت يافطات متعددة، دليل دامغ، على أنه سوف لن تكون الاوضاع، كما يحلوا لهؤلاء المتوسمين بانفصال الجنوب، لذلك نجد أن إعراب ثلة من الشوفينين في الشمال ،عن أملهم أن يمسي الشمال مرتاح البال ،عشية الانفصال، قد يصبح خسراناً مبيناً
                  

03-30-2008, 02:04 PM

Biraima M Adam
<aBiraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 27770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين ف (Re: زهير الزناتي)

    والله العظيم .. قرأت على مضض الجزء الأول ثم بدأت فى الجزء الثانى .. ولكن لقد ربطت حلقى غصه لم استطع أن أبعلها ..

    لماذا يكتب هذه الأنسان د. أسامة سيد أحمد الحسين عن النوبا قبل ما يقرأ ويدقق !

    ناهيك عن التأريخ هناك أخطاء فى أسماء القبائل وأسماء المناطق وأسماء المعالم .. مما يدلل أن الراجل ينجر نجر دون أى علم ..

    لكن مع ذلك سوف أعود أواصل القراءة مع إننى وصلت مرحلة الطمام!

    بريمة
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de