|
إيقاظ الجيران.. .. توماس فريدمان
|
عمرو موسى يعلق بطرق غريبة تعكس ما تعيشه الجامعة العربية من تناقض، وما يشعر به الزعماء العرب، الذين يمثلهم، من خوف.. آخر تعليقاته أن ما يتم في السودان عن طريق مشاكوس أخطر مما يحدث في العراق.. وقبل مدة صرح بأنه فوجئ بالمقابر الجماعية في العراق!! هكذا!!
هذا المقال لتوماس فريدمان يستحق القراءة والتأمل.. http://www.asharqalawsat.com/view/leader/2003,08,13,186924.html ================ إيقاظ الجيران..! توماس فريدمان* بعد فترة قصيرة من تعيين مجلس الحكم في العراق، الذي يضم 25 عضوا، عبر الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى عن ارتيابه بشرعية المجلس الذي عينته الولايات المتحدة. وقال متذمرا «لو ان هذا المجلس كان قد انتخب، لكان قد نال الكثير من السلطة والمصداقية». وقد احببت ذلك الاقتباس. احببته، قبل كل شيء، بسبب ريائه الجريء، العاصف، السيئ من الطراز الاول. فموسى يقف على رأس جامعة عربية لا يوجد فيها اي زعيم من الدول الـ22 الاعضاء قد انتخب في انتخابات حرة وعادلة. ويقف على رأس ذلك ان موسى فعل، قبل الحرب، كل ما في وسعه، من اجل حماية صدام حسين من الهجوم، على الرغم من ان صدام لم يجر انتخابات حقيقية في حياته. ومع ذلك كان موسى يرتاب بالمجلس العراقي الجديد الذي عينته الولايات المتحدة، والذي يعتبر، حتى في صيغته الناشئة، الحكومة الاكثر تمثيلية في تاريخ العراق. غير انني احببت تعليق موسى، ايضا، بسبب رسالته الثورية غير المقصودة: «السلطة والمصداقية» تأتيان من حكومات «منتخبة» بحرية. لو ان ذلك كان شعار الجامعة العربية. لكنه، ويا للأسى، ليس كذلك، وربما يكون يوما ما، وهو ما يوصلني الى السؤال الجوهري لهذا العمود: ما هو رد فعل العرب تجاه العراق؟ الجواب الموجز هو: الصدمة، الرفض، الخوف، وبعض القلق من التغيير. فالصدمة تأتي من السهولة التي حطمت بها القوات الاميركية ـ البريطانية نظام صدام. والرفض يتجسد في غياب اية مناقشة عامة، فعليا، بين النخب العربية عن سبب سقوط بغداد السهل، ولماذا تساهل العالم العربي مع هذا النظام المرعب كل هذه الفترة الطويلة؟ وقد قال لي احد الدبلوماسيين العرب ان «الشيء الاكثر اثارة للدهشة هو انه ليست هناك مناقشات جارية في العالم العربي وليست هناك مناقشة لموضوع اسلحة الدمار الشامل. وليست هناك مناقشة حول المذابح والمقابر الجماعية. وحتى في داخل العراق لا يبدو ان هناك الكثير من تحليل الذات، كما كان الحال في المانيا بعد الحرب العالمية الثانية. وذلك ما يثير القلق بالنسبة لي. ان على الناس ان يتعلموا من الاخطاء التي ارتكبت، وليست هناك محاولة للقيام بذلك». ويرتبط الرفض، على نحو وثيق، بالمخاوف. فالكثير من الزعماء والمثقفين العرب يبدون ممزقين بين خوفين حول العراق: الخوف من ان الولايات المتحدة ستفلح في تحويل العراق الى مجتمع دستوري ديمقراطي، يضع ضغطا على كل نظام عربي آخر بقصد التغيير، والخوف من ان الولايات المتحدة ستفشل وسينهار العراق ويكون ضحية العنف الاثني الذي ستمتد آثاره الى الجيران، ويبدو شبيها بالحرب الاهلية في لبنان. غير انه في الوقت الحالي، هناك عدد قليل من الحكومات تتقدم على المنحنى، بينما لا يزال معظم الحكومات يحجب نفسه خلف ذلك. ويعتبر العاهل الاردني، الملك عبد الله، الاكثر فاعلية، دافعا بسكان بلده المحافظين الى طريق الاصلاح الاقتصادي، ومن المحتمل ان يبدأ، قريبا، تنفيذ اصلاح سياسي ايضا. والى ذلك اجرى ولي العهد السعودي، الامير عبد الله، مؤخرا، حوارا غير مألوف بين علماء الدين السنة والشيعة في المملكة العربية السعودية لمعالجة التوترات التي يمكن ان تنشأ عن عراق تحكمه اغلبيته الشيعية للمرة الاولى في تاريخه. ان المخاوف من حكومة في العراق منتخبة ديمقراطيا ويقودها الشيعة يمكن ان تحرض الاقليات الشيعية المضطهدة في انحاء العالم العربي على المطالبة بسلطة اكبر، ان هذه المخاوف ذائعة في اوساط المسلمين السنة المهيمنين على الحكم. ان الكثير من المسلمين السنة ينظرون بازدراء الى الشيعة كتابعين. تصوروا الكيفية التي يشعر بها البيض الجنوبيون لو ان شخصا زنجيا انتخب حاكما لولاية المسيسيبي عام 1920، وستدركون المشقة التي يمكن ان يعاني منها السنة بشأن حكومة في العراق يتزعمها الشيعة. وما دام من غير الواضح الكيفية التي سيكون عليها العراق، فان الانظمة العربية يمكن ان تمارس الرفض. ولكن اذا كانت هناك حكومة مقبولة منتخبة في بغداد خلال سنتين، فمن اليسير تجاهل الامر، كما يمكن تجاهل هزة ارضية خفيفة. اعتقد ان عبد الرحمن الراشد، رئيس تحرير صحيفة «الشرق الأوسط»، التي تصدر من لندن، كان على صواب عندما قال لي عن غزو الولايات المتحدة للعراق: «انه مزيج من غزو نابليون لمصر، وحرب عام 1967. فهناك صدمة الهزيمة مثل ما حدث عام 1967، وهناك حلول التفكير الجديد مثل ما حدث اثر غزو نابليون. ولا يمكنني ان اتكهن بالكيفية التي ستنتهي اليها الامور، ولكن، لسبب ما، اعتقد انها ستكون ايجابية».
* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»
|
|
|
|
|
|