|
Re: جـــــــــــزيرة أبـــــــــا ....عقلاء....بهاليل...وظرفاء..... (Re: آدم صيام)
|
يتناهى إلى مسامعنا أصوات طرق عنيف على باب الشارع، يهرع حيدر ابن خالتي إلى الباب الخارجي ، يفتح الباب، فيفاجأ بشخص في ثياب رثة بمعية كلب عليه الكثير من علامات الزينة والإشارات. يسأل : ده بيت الأستاذ ؟ فيرد عليه حيدر نعم. وينو؟ تفضل أدخل . أنت الأستاذ؟ نعم ، تفضل أجلس. لا ما بقعد قبل ما عنتر ده تجيبو ليه كرسي يقعد أولاً! لازم يعني؟ أيوه انت عارف كلبي ده أهم من القاضي بتاع الجزيرة، بعدين دقن القاضي ...... البيضة دي .. قايمة لي في أباطي!! يردد: جزيراب يا إسكراب تودوا الجداد السوق وتاكلوا الويكاب يجلس الضيف الذي هبط علينا من السماء ، يشرب الماء ويدلق نصف الكوب في جلبابه، ثم يأخذ نفس . الأولاد قالوا لي ده بيت الأستاذ ، إنتو ليه الأولاد ديل ما بتربوهم؟ كده دقيقة إنت منو؟ أنا حنديبو ما بتعرفني؟؟؟ جزيراب يا إسكراب تودوا الجداد السوق وتاكلوا الويكاب هـــــــــــا ! حنديبو ! أيوه أيوه. أولاد طيبة طردوني لحد أبو دلي ـ وأولاد أبو دلي طردوني لحد ود رشوان، وأولاد ود رشوان طردوني لحد الحلة الجديدة، وأولاد الحلة الجديدة طردوني لحد دار السلام ، الكلام ده كويس منك؟ جزيراب يا إسكراب تودوا الجداد السوق وتاكلوا الويكاب. لا والله عيب وعيب كبير . حيدر ؟ بالله سجل الأولاد الملاعين ديل وجيبهم لي بكرة في الطابور. لا يا أستاذ ، لازم تقدموني لحد الغار . ليه يا حنديبو؟ عشان أولاد ميدوب ديل ملاعين، وأولاد لزينا . طيب جزيراب يا إسكراب تودوا الجداد السوق وتاكلوا الويكاب
| |

|
|
|
|
|
|
Re: جـــــــــــزيرة أبـــــــــا ....عقلاء....بهاليل...وظرفاء..... (Re: آدم صيام)
|
ذهبت ذات يوم إلى منزل الأستاذ الكبير أبي بكر الجباري المرحوم الذي تقرب إليه بنسب لتعزيه في ابنه الذي قتله الثعبان . فقالت له : أخوي أبكر الفاتحـة . فرد عليها يا خديجة أبو بكر أبو بكر وبعدين الولد سلف ودخري ، خلاص أرجعي لأن بيتك بعيد والليل أليل . عندما تركب المواصلات لاتدفع الأجرة مطلقاً بحجة أنها أنصارية ، وقد سبقت حكومة هونغ كونغ بثلاثة عقود من اتخاذ قرارها بتخفيض قيمة التذكرة للكبار إلى النصف لما يسمى Senior Citizens .
ذات صباح مدرسي ونحن طلاب ثانوية نقف في المحطة فإذا هي هي تمر مسرعة تجر عنزتها تنقا – ولعنزاتها أسماء في حياتنا - عبرت مجموعتنا ولم تسلم ، فإذا بطالبة من بيننا أرادت إحراجها ، نادتها : حبوبة خجيجة ما بتسلمي مالك ؟ فردت بأنها لم ترنا لأنها مشغولة وفي طريقها إلى منزل عبدالله التلب الذي لديه تيس فحل وعنزتها منذ حولين لم تحبل وفي طرف ثوبها صرة خمسة قروش لزوم البياض فما كان من السائلة إلا أن ابتلعت سؤالها وريقها .
من الأشياء التي لا تفرط فيها صلاتها وقسمها بالمهدي وخليفته ولربما سجعتها باليماني ورغيفته ، ثم أنها تتحدث طوال اليوم مع نفسها لدرجة يحسبها المار أن بمعيتها أشخاص ، وكانت أول محاولة شعرية لي فيها إذ قلت : جدتــــي شمطاء متقرفـص تثرثر أعواماً وتبصبص
| |

|
|
|
|
|
|
Re: جـــــــــــزيرة أبـــــــــا ....عقلاء....بهاليل...وظرفاء..... (Re: آدم صيام)
|
الجدات في بلادي أصناف وألوان ، فهناك جارتنا زرقة أم حماد الكباشية التي تنتعل المركوب الرجالي وتلبس السروال أبو درة وتحضر مجالس الرجال لدرجة أن وصفها العامة والدهماء بزرقة أم بيض . تنفس الحوامل وتفك الزار وتتحدث مع الدستور الذي يمتطي النساء عدد لغاتهم ، وتعرفهم بأسمائهم من شريف الحبشي إلى جرجس القبطي ، كما تخفض البنات فرعونياً وكوشياً ، وتنهر الرجال وتهجرهم ، وترجع المطلقات إلى بيوتهن وتسافر ليلاً بلا مرافق ولا فتوى . وهنالك بنت المجذوب فالتة اللسان في رواية الطيب صالح ، وبت قضيم على لسان الفاضل سعيد وغيرهن .
والجدة في الميراث الإسلامي يحق لها السدس من الميراث بشروط بناء ً على حديث قبيصة بن ذؤيب ، وهناك جدات خارقات مثل الحبوبة جورجينا هارود من جنوب أفريقيا التي تبلغ من العمر اثنين وتسعين عاماً ، قامت بالقفز بالمظلة في مدينة الكاب من إرتفاع تسعة آلاف قدم لتفي بما وعدت به اثنين من أحفادها .
الجدة في الماضي لها شنة ورنة ودور مؤثر في تربية وتغذية الأحفاد بالقصص الخيالية والشهامة والسلوك التربوي ، وهذا ما جعل الكثير من الناس يقودهم السائد العام بلا روية الممتوح من الجدات حتى بعد أن فارقوا الطفولة . تقلص دور الجدة لدرجة أنها أصبحت لعبة للأطفال تسمى الجدة في الجنة Granny in Paradise لعبة أركيد طريفة بها جدة تحاول إنقاذ قطتها المسماه الدكتور ميـــــو .
وبمناسبة الجدة والسائد العام فقد طرح أحد دارسي معهد الموسيقى والمسرح إبان الديمقراطية السابقة في دار الكتاب سؤالاً موجهاً لشاعرنا الكبير الفيتوري في قصيدته عرس السودان ، فقال له : لماذا كان جنوبياً هواها وكان العرس عرس الشمال ، ولم يكن شمالياً هواها وكان العرس عرس الجنوب ؟ أم أنك واقع في السائد العام؟ فما كان رد الشاعر : حقيقة لا يخرج ذلك من نمط السائد العام . والسؤال السائد هو : هل السائد العام الذي رضعناه من محبوباتنا هو الموقف الصحيح الذي يؤطر الهوية ويشكل المزاج السوداني العام بضبانته ؟
| |

|
|
|
|
|
|
|