من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-14-2024, 01:38 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-01-2008, 11:58 PM

حامد بدوي بشير
<aحامد بدوي بشير
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 3669

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا

    - إشكالات الماضي سأقراؤها هنا. أرجوا أن تصبروا حتى النهاية.


    - رماد الحاضر كلنا شهود عليه.


    - أطرحوا لنا هنا آمال المستقبل.


    - لا مكان لمفردة اليأس في قاموس الشعوب.


    - كل الآراء مقبولة وشرعية، إلا إذا كانت تنشر اليأس. فالشعوب لا تموت.
                  

03-02-2008, 00:25 AM

حامد بدوي بشير
<aحامد بدوي بشير
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 3669

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا (Re: حامد بدوي بشير)

    توطئة

    ثمة دافع قوي يعطي المشروعية لأية محاولة للكتابة في الراهن السياسي السوداني. ذلكم الدافع هو ما يصطبغ به هذا الراهن من أزمة مزمنة لا يختلف حولها أثنان، تحولت الآن إلى كارثة. وإذا كان الناس لا يختلفون بشأن مأزومية الراهن السياسي في السودان، فإنهم، بلا شك يختلفون في المدخل والمنظور وزاوية المقاربة.

    لهذا فقد رأينا أن نبدأ التوطئة لهذه المساهمة بتحديد مدخلنا ومنظورنا وزاوية مقاربتنا، إذ هنا مبرر المساهمة ودافع الكتابة. فنحن نرى أن الراهن السياسي المأزم الذي يعيشه السودان اليوم هو من صنع أيدي الحركة السياسية السودانية. وليست هذه الرؤية مبررا أو تمهيدا للإدانة القبلية لهذه الحركة الساسية، ولكن، ببساطة، لأن التطور السياسي، في أي بلد، وما يرتبط بهذا التطور السياسي من إستقرار سياسي وإزدهار إقتصادي وترسيخ للقومية ومحو للقبلية وتركيز لضمانات الوحدة والحرية والعدالة والمؤسسية، كل ذلك هو نتاج مباشر لعمل الحركة السياسية في البلد المعين. وكذلك العكس، من عدم إستقرار سياسي وخراب إقتصادي...الج. فالنجاح والتقدم السياسيين أو الفشل والتخلف هي مسئولية الحركة السياسية في أي بلد في العالم.

    ومن المعتاد, عندما يصل الحديث لمثل هذه النقطة أن تلتفت الأذهان مباشرة إلى العامل الخارجي والسياسات والمصالح الدولية وتبرز كلمة الإستعمار التي فقدت معنها لكثرة ما استعملت مشجبا لتعليق كل إخفاقات العالم المسمى بالثالث.

    نعم العالم الخارجي من اضعف جار إلى أقوى دولة في العالم, يتدخل كلما وجد الدافع والفرصة. لكن منع الأضرار الناتجة عن التدخل الخارجي نفسه هو من مسئوليات الحركة السياسية في البلد المعين. فهي المسئولة عن تحويل العلاقة مع العالم إلى علاقة تعاون ومصالح متبادلة. وهذا حكم عام لا يخص الحركة السياسية السودانية وحدها.

    من ناحية أخرى نعتقد أنه لا يتأتى فهم ما حدث في بلد معين في زمن معين إلا من خلال تحليل عمل الحركة السياسية في البلد المعين في الزمن المعين. وهذا أيضا حكم عام لا يخص الحركة السياسية السودانية.

    من هنا تجئ هذه المساهمة منصبة كلياً على الحركة السياسية السودانية في كلياتها وجزئياتها بغرض إنتاج معرفة بالشأن السياسي السوداني. وحيث أن الازمات السياسية هي مثل الازمات النفسية، فإن المعرفة بها هي الخطوة الأولى في طريق علاجها.

    يتمتع السودان مقارنة مع مثيلاته من أقطار العالم الثالث، بحركة سياسية عريقة تعود بداياتها لبدايات القرن العشرين. وقد إستطاعت هذه الحركة السياسية العريقة، أن تنجز إستقلال البلاد في وقت مبكر، مقارنة مع الدول ذات الظروف المشابهة في العالم. وكان إنجاز الإستقلال عام1956م نتيجة مباشر لنشاط الحركة السياسية الوطنية. ذلك النشاط المشهود له والذي اتسم بالرقي والتحضر، واعتمد على تنظيم الجماهير السودانية وتوظيف قواها السياسية مما جنب الشعب السوداني الكثير من التضحيات التي كان يمكن أن يضطر إلى تقديمها، لو لم تنتزع حركته السياسية إحترام المستعمر، وتنتزع بالتالي حقها في حكم وإدارة السودان.

    ومع ذلك فان واقع الحال يقول بوضوح أن الحركة السياسية السودانية لم تفعل شيئاً لصالح تأسيس الوطن القومي السوداني سوى إنجاز الإستقلال وإخراج الإدارة السياسية الإستعمارية وجيش الإحتلال الإنجليزي. فمنذ أن حصلت البلاد على إستقلالها وسيادتها عام1956م، لم تستطع الحركة السياسية السودانية أن تخطو بالبلاد خطوة واحدة إلى الأمام في طريق الإستقرار السياسي والإزدهار الإقتصادي وترسيخ القومية ومحو القبلية وتركيز ضمانات الوحدة والحرية والعدالة والمؤسسية, رغم ما اتصقت به من وعى ورقي. بل ان هذه الحركة السياسية العريقة ذات الخمسين عاماً من العمر قد أوصلت البلاد إلى أزمة سياسية وإقتصادية وقومية من الحدة والتعقيد بحيث سدت جميع المنافذ وهددت وجود الوطن.

    فخلال ما يزيد على نصف قرن من الزمان، أبدت الحركة السياسية السودانية عجزاً لازمها وكبلها ومنعها من أن تتخطى بالبلاد نقطة البداية، بداية تأسيس الوطن القومي السوداني. فمنذ امتلاك هذه الحركة السياسية لآليات صنع القرار في بداية الحكم الذاتي عام 1953م، لاتزال هذه الحركة عاجزة عن تحصيل وتصميم إجابات ذات نتائج عملية حول أسئلة تأسيس الوطن القومي من حيث نظام الحكم وسبل توحيد شعوب وقبائل هذا الكيان الشاسع، على أسس من العدالة والحرية. ومن ناحية نظام الحكم والدستور الضامن للإستقرار، لايزال السودان مشروع جمهورية ولايزال طوال نصف قرن موضوعاً للتجريب، وكأن البلاد قد نالت إستقلالها بالأمس.

    وهذه دون أدنى ريب مشكلة تستدعي البحث. ومن الطبيعي أن تكون هذه المشكلة بؤرة إهتمام العديد من الكتاب ذوي الشهرة المتمكنين. وبالفعل، فقد تنأولت هذه المشكلة أقلام العديد من السودانيين والأجانب، ومن جهات نظر مختلفة. ومع إحترامنا وتقديرنا لما قدمه هؤلاء الكتاب المتميزون، دون ذكر إسماء، إلا أن كل هذه الإجابات لم تردعنا عن محالولة المساهمة من خلال منهج مختلف، نعتقد أنه قادر على كشف وإضاءة مناطق كثيرة ظلت معتمة ومستعصية على الفهم رغم الكم الهائل من الكتابات حول المشكل السياسي السوداني.

    ونسعى هنا وراء بكارة ما في التناول بدون أية إدعاءت بمعرفة ما وراء الكولبيس أو تورط في محاولات إثبات فرضيات مسبقة أو محاولات البرهنة والتدليل على قناعات قبلية أو محاولات التبشير بحلول سحرية أو محاولات البحث عن كبش فداء مسئول عما حاق بالبلاد ومن ثم محاكمته.
                  

03-02-2008, 11:58 AM

حامد بدوي بشير
<aحامد بدوي بشير
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 3669

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا (Re: حامد بدوي بشير)

    ****
                  

03-02-2008, 08:41 PM

حامد بدوي بشير
<aحامد بدوي بشير
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 3669

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا (Re: حامد بدوي بشير)

    [B]1 - الأزمة أو الحالة الراهنة

    لا يختلف أثنان حول إحتدام أزمة سياسية حادة في الساحة السياسية السودانية اليوم. وإذ أردنا أن نعدد مظاهر هذه الأزمة كما تتبدى لأي مراقب للشأن السياسي السوداني، لوجدنا إنها تشمل :

    - أزمة دستور البلاد الدائم وما تسببه من عدم إستقرار سياسي.

    - أزمة الديمقراطية والحريات العامة وما تجره من صراع سياسي.

    - أزمة الحرب الأهلية المستمرة وما تخلفه من ويلات وقتل وهجرة ونزوح.

    - أزمة التدهور الإقتصادي وما يترتب عليها من فوضي إجتماعية.

    - أزمة علاقات السودان الخارجية وانحطاط سمعته دوليا وما يترتب علي ذلك من مقاطعات وعقوبات دولية.

    - الأزمة الثقافية العامة

    - أزمة الخدمة المدنية وتفشي الفساد والمحسوبية السياسية.

    وإذ شئنا تحديد الجذر الحقيقي لكل هذه التفرعات والمظاهر العامة، فأننا نقول بان ما نراه اليوم هو في جوهرة أزمة نظام حكم، أي أن أساس هذه الأزمة هو عدم التواضع بين أجنحة الحركة السياسية السودانية علي نظام لحكم السودان قادر علي استيعاب كل تباينات أهل السودان دون إجحاف أو غبن. فعدم إنجاز الدستور ومشكل الحريات العامة والحرب الأهلية، هي مظاهر لأزمة نظام الحكم، والتي فرخت الإزمات الأخرى.

    وأول ما يتبادر إلى الذهن بناءًا علي هذا المنظور للأزمة السودانية هو أن هذه الأزمة هي أزمة مزمنة. وهذا حقيقي وصحيح. فالحركة السياسية السودانية ومنذ نشأتها في أوائل أربعينات القرن العشرين قد فشلت وبإستمرار في أن تتواضع وتتراضي علي نظام للحكم متفق عليه من قبل جميع أجنحتها وأطرافها. وهذا يعني بان هذه الحركة السياسية قد فشلت في الإتفاق علي بناء الدولة. فالدولة وكما يراها بيتروودورد، هي (هيكل إجتماعي محكوم دستوريا) وهذا الهيكل يقوم بالضرورة علي قاعدة دستورية تحدد أول ما تحدد، نظام الحكم وطريقة تدأول السلطة. هذا الهيكل لم يتفق علية في السودان حتى الآن. وقد توصل بيتر وودورد لنفس النتيجة، في ورقته المقدمة بعنوان (الإطار الدستوري للسلام والإستقرار) عندما قال بان (الدولة السودانية الحديثة لم تبنى علي هذا الأساس) .

    ومع ذلك فان الزعم بعدم تواضع وتراضي الحركة السياسية السودانية علي نظام لحكم السودان، يبدو مناقضا لحقيقة تاريخية كبري، وهي حقيقة إتفاق وتواضع الحركة السياسية السودانية علي نظام الحكم الديمقراطي البرلماني ثلاث مرات في تاريخها. فقد تراضت هذه الحركة السياسية علي النظام البرلماني الديمقراطي عام 1954 في بداية فترة الحكم الذاتي، ثم عادت وتراضت علي نفس النظام في عام 1964 بعد سقوط الدكتاتورية العسكرية الأولي، ومرة ثالثه تراضت علي نظام الحكم الديمقراطي البرلماني عام 1985 بعد سقوط الدكتاتورية الثانية. كما أن حقيقة إنتظام الحركة السياسية في شكل أحزاب سياسية يؤشر للإتجاهات الديمقراطية البرلمانية لدي مكونات هذه الحركة. فمجرد وجود تعددية حزبية، لهو دليل علي إتفاق الحركة السياسية، علي النظام الديموقراطي التعددي وهذه حقيقة كبري ثانية.

    لكن يقابل هاتين الحقيقتين الكبيرتين، حقيقتان كبيرتان هما المظهر الحقيقي لفشل الحركة السياسية السودانية في الإتفاق علي نظام لحكم السودان. الحقيقة الأولى هي الفشل المتكرر من قبل هذه الحركة في وضع دستور دائم للبلاد يحدد نوع نظام الحكم. والحقيقة الثانية هي تكرار إستخدام القوة المسلحة من قبل مختلف أجنحة هذه الحركة السياسية للإستيلاء على السلطة وإجهاض نظام الحكم الديمقراطي مرة بعد الأخرى.

    ومن أجل الوصول إلى رأي يمكن الركون إليه حول إتفاق أو عدم إتفاق الحركة السياسية السودانية علي نظام دائم لحكم السودان، لابد أن نعود أولا إلى إرهاصات الإستقلال وفترة الحكم الذاتي. ونعود ثانيا إلى بداية تشكل الحركة السياسية السودانية. ثم نعود ثالثا إلى المرجعيات التاريخية للحركة السياسية السودانية حتى نتمكن من احراز فهم متكامل حول أزمة نظام الحكم في السودان. وهذا ما نحن بصدده.
                  

03-02-2008, 09:57 PM

محمد على طه الملك
<aمحمد على طه الملك
تاريخ التسجيل: 03-14-2007
مجموع المشاركات: 10624

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا (Re: حامد بدوي بشير)

    لغاية الآن وجهات نظرنا متطابقة رغم إن التفاصيل بعض الأحيان تلقي مزيدا من الضوء..
    طبعا الغريق لا قدام ..
    متابع معاك.
                  

03-02-2008, 10:12 PM

حامد بدوي بشير
<aحامد بدوي بشير
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 3669

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا (Re: محمد على طه الملك)

    محمد علي طه المك،

    أحترم الكتاب الذين يوقعون بالإسم الكامل والصحيح. فالكتابة مسئولية.

    يسرني أن نتفق (حتى الآن)، وإن اختلفنا عند (الغريق)، فهذا أدعى لإثراء النقاش.

    لك تحياتي.
                  

03-03-2008, 02:29 AM

سلمى الشيخ سلامة
<aسلمى الشيخ سلامة
تاريخ التسجيل: 12-14-2003
مجموع المشاركات: 10754

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا (Re: حامد بدوي بشير)

    بمقدورنا بالقطع
    لكن
    كيف الى ذلك ونحن ايدى سبأ
    كل يوم تستمع فيه الى اذاعة امدرمان يصيبك ياس مطبق
    وحين تستمع الى اطفالك يزداد المك
    وكلما بدات مشوارا يقطتعوه منك عنوة
    كلما وكلما يا صديقى بدانا املا انسرب الحزن ليخيم عليه
    يدخل الحزن الى عمقنا
    ويستريح بلاهوادة
    قل لنا كيف ؟
    ونحن زبدة الوطن المرجوة تقطعت بنا السبل
    البعض حرق مراكبه بلا امل فى العودة
    حيث جربناها تلك العودة ووجدنا دوننا الابواب توصد عنوة وبدقة يعجز الوصف عنها
    شهدت مئات العائدين الى السودان كان جميعهم يقول
    ـ البلد دى ما ياها ما قدرنا عليها
    وكلهم اقل من فيهم بدرجة ماجستير من اكبر الجامعات
    خبرات مهدرة عنوة يا سيدى
    وامال باتت خابية
    وخيبات لا تعد
    لست متشائمة ولست متفائلة بالقدر نفسه
    ولا استطيع ان اقول الا لنحاول مرة اخرى
    ولم لا؟
                  

03-03-2008, 05:58 AM

الطيب شيقوق
<aالطيب شيقوق
تاريخ التسجيل: 01-31-2005
مجموع المشاركات: 28804

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا (Re: سلمى الشيخ سلامة)

    استاذنا حامد بدوي

    لك التحية والتجلة لهذا الطرح المنهجي

    Quote: فقد تراضت هذه الحركة السياسية علي النظام البرلماني الديمقراطي عام 1954 في بداية فترة الحكم الذاتي، ثم عادت وتراضت علي نفس النظام في عام 1964


    هل لنا ان نسمى هذا بالعقد الاجتماعي (Social contract ) كما جاءت به نظرية جان جاك روسو؟

    عميق مودتى

    شيقوق
                  

03-03-2008, 11:30 AM

حامد بدوي بشير
<aحامد بدوي بشير
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 3669

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا (Re: الطيب شيقوق)

    Quote: بمقدورنا بالقطع
    لكن
    كيف الى ذلك ونحن ايدى سبأ
    كل يوم تستمع فيه الى اذاعة امدرمان يصيبك ياس مطبق
    وحين تستمع الى اطفالك يزداد المك
    وكلما بدات مشوارا يقطتعوه منك عنوة
    كلما وكلما يا صديقى بدانا املا انسرب الحزن ليخيم عليه
    يدخل الحزن الى عمقنا
    ويستريح بلاهوادة
    قل لنا كيف ؟
    ونحن زبدة الوطن المرجوة تقطعت بنا السبل
    البعض حرق مراكبه بلا امل فى العودة
    حيث جربناها تلك العودة ووجدنا دوننا الابواب توصد عنوة وبدقة يعجز الوصف عنها
    شهدت مئات العائدين الى السودان كان جميعهم يقول
    ـ البلد دى ما ياها ما قدرنا عليها



    الأستاذة سلمى الشيخ سلامة،

    أنا من بين الذين جربوا العودة والذين لم يطيقوا الحال فهاجروا مرة أخرى.
    لكن هي بلادنا. لن نتركها ونتخلى عنها نهائيا لأن فئة متسلطة تسوم الناس العذاب والتجويع والتركيع.

    نقاوم.
    والكتابة أضعف الإيمان وهناك من يحمل السلاح.

    وما أحاوله هنا هو إستكشاف جذور الداء. لماذا حدث ما حدث؟
    أما العلاج فالناس حياله مدارس. وكلها مدارس مشروعة لأن وقودها المحرك هو حب الوطن.

    ولك خالص تحياتي
                  

03-03-2008, 12:55 PM

عمر التاج
<aعمر التاج
تاريخ التسجيل: 02-08-2008
مجموع المشاركات: 3428

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا (Re: حامد بدوي بشير)

    استاذي حامد بدوي بشير
    ألمس منك اهتمام جاد في العديد من القضايا الوطنية ..
    وأرجو أن أشرح وجه نظري في كلمات قلائل .
    كل النظم التي تحكم في السودان تنادي بأهمية ذهاب المعارضة الى غير رجعة لأنها عميلة وغير وطنية ولا تقدم مايفيد الوطن ...الخ
    كل الأنظمة المعارضة في بلدي تعطي أهمية قصوى لكنس النظام القائم لأنه يمثل كل معاني الاستبداد والقهر والسلب والنهب .
    أعتقد أن معضلتنا الحقيقية هي عدم استيعابنا الحقيقي لمعاني السلطة القويمة والمعارضة الهادفة وافلاسنا عند حل هذه المعادلة المهمة.
    إذا لم يستقم أمر المعارضة فلن يستقيم أمر السلطة والعكس صحيح.
    نحن في حاجة لمناقشة مفهوم المعارضة والسلطة باسلوب متقدم قبل أن نحدد من يحكم ما ننادي به من وطن جميل
    تقبل كامل الود
                  

03-03-2008, 01:30 PM

حامد بدوي بشير
<aحامد بدوي بشير
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 3669

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا (Re: عمر التاج)

    أستاذنا الكبير الطيب شقوق (الكبير دي لا علاقة لها بجدو . فأنت قطعا أصغر مني سنا)

    شكرا على مرورك الكريم.

    قررت في هذه المساهمة ألا أحاول إثبات فرضية مسبقة. حاولت ان أحلل المعلومات والسلوك السياسي والأحداث والخطابات السياسية وأتركها هي لتقول. وأن أعيد ترتيب الأحداث بحيث تعطي دلالة منطقية ويكون لها مغزى. وما زلت في البدايات الأولى. ولهذا لا أريد أن أقفز لاستنتاجات. وأريدك أن تبقى معي وتواصل المتابعة، فهذا حقي عليك كصديق.
                  

03-03-2008, 05:32 PM

حامد بدوي بشير
<aحامد بدوي بشير
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 3669

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا (Re: حامد بدوي بشير)

    Quote: كل النظم التي تحكم في السودان تنادي بأهمية ذهاب المعارضة الى غير رجعة لأنها عميلة وغير وطنية ولا تقدم مايفيد الوطن ...الخ
    كل الأنظمة المعارضة في بلدي تعطي أهمية قصوى لكنس النظام القائم لأنه يمثل كل معاني الاستبداد والقهر والسلب والنهب .
    أعتقد أن معضلتنا الحقيقية هي عدم استيعابنا الحقيقي لمعاني السلطة القويمة والمعارضة الهادفة وافلاسنا عند حل هذه المعادلة المهمة.


    الأستاذ عمر التاج،

    شكرا على الإهتمام.

    هذا الذي تقوله صحيح ومشاهد. وأعتقد أن السؤال هو: لماذ؟ لماذ ليس هناك اسيعاب حقيقي لمعاني السلطة القويمة والمعارضة الهادفة؟

    هذا ما سأحاول الإجابة عليه عن طريق تحليل الحركة السياسية السودانية منذ بداياتها الأولى.

    سؤالك صحيح والأسئلة الصحيحة أهم من الإجابات.

    لك الشكر مرة أخرى.
                  

03-03-2008, 06:39 PM

حامد بدوي بشير
<aحامد بدوي بشير
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 3669

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا (Re: حامد بدوي بشير)

    3 - المشكلة أو بدايات الحركة السياسية الوطنية

    منطقي أن نقول بان (الأزمة) السياسية الراهنة التي عرفناها وصفا أعلاه هي وليدة (مشكلة) أو إشكال سياسي مزمن لازم الحركة السياسية السودانية منذ بدايتها الأولى. فالثابت تاريخيا هو أن الحركة السياسية السودانية، ومنذ نشأتها قد إنقسمت إلى تيارين رئيسيين هما التيار الإتحادي العروبي والتيار الإستقلالي الديني. وكان هذان التياران من التباعد في طرحهما السياسي وفي تصورهما لمستقبل السودان، ومن فقدان للأرضية المشتركة، بحيث شكلا تصورين سياسيين لمستقبل وطنين مختلفين لا علاقة بينهما. فليس ثمة علاقة بين إنضمام السودان إلى مصر وذوبانه فيها وبين إعادة الحكم الوطني المهدوي الذي دكاه الغزو الثنائي من جانب مصر وبريطانيا.

    ولم تكن الإدارة البريطانية الإستعمارية في السودان بغافلة أو غير مهتمة بمستقبل السودان. لذا فقد سعت، بل حاولت جاهدة خلق تيار سياسي ثالث يعمل لمستقل السودان بعيدا عن مصر وبعيدا، في نفس الوقت، عن ابن المهدي الذي كان يسعي، أو تظن الساحة السياسية آنذاك، بأنه يسعى، لإستعادة ما يعتقد بأنه حقه الطبيعي والتاريخي في حكم السودان.

    ومن هذه الصورة يبدو أن أمر إستقلال السودان ومستقبله كان أمرا معقدا وغامضا إلى أبعد الحدود بعيد إنتهاء الحرب العالمية الثانية. ويبدو أن هذا الوضع الغامض والمعقد قد إستمر حتى قيام الثورة المصرية في يوليو من عام 1952. غير أن السنوات الثلاث من عام 1952 حتى عام 1955 قد شهدت تحولات دراماتيكية في الساحتين السودانية والمصرية بحيث فرضت واقعا جديدا. فمن ناحية، حدث فجأة إنقلاب عسكري في مصر التي هي سند الإتحاديين، وبدأت سلطة الإنقلاب منذ أيامها الأولى تتكلم لغة، صعب علي قيادة التيار الإتحادي في السودان فهمها وهضمها. وعلي الرغم من أن الإتحاديين قد حاولوا الإستمرار في العلاقة الخاصة مع مصر بعد الإنقلاب، إلا انهم بمرور الوقت قد تيقنوا من وجود تعارض لا يمكن تجاهله بين أهدافهم وأهداف الثورة في مصر لدرجة أنهم لم يجدوا مفرا من التنصل من مبدأ الإتحاد مع مصر تدريجيا. وهكذا هزم التيار الإتحادي نفسه بنفسه من ناحية تحقق هدفه الإستراتيجي الذي هو ربط مستقبل السودان بمصر.

    ومن الناحية الأخرى، فقد هزم (حزب الأمة) ممثل التيار الإستقلالي الديني شر هزيمة في إنتخابات الحكم الذاتي أواخر عام 1953، وفاز الإتحاديون المتنصلون آنذاك عن الإتحاد مع مصر والهاربون بعيدا عن شعارات الثورة المصرية.

    وهذا هو السبب الحقيقي الذي جعل الحركة السياسية السودانية تتخلى طواعية عن إجراء الإستفتاء الذي كان مقررا عند نهاية فترة الحكم الذاتي. فقد صمم الإستفتاء بناءا علي توجهات التيارين السياسيين المتنافسين وكان ينص علي الإختيار بين العلاقة مع مصر أو الإستقلال التام حسب طرح الإتحاديين والإستقلاليين. لكن تلك التحولات والمتغيرات السياسية التي طرأت خلال سنوات الحكم الذاتي قد أسقطت موضوع الإستفتاء. فالإتحاديون لم يعودوا حريصين علي مبدأ الإتحاد و(حزب الأمة) المهزوم لم يعد يتطلع لإعادة الحكم المهدوي الديني بنفس الزخم والفورية لما قبل هزيمته. وكانت بريطانيا السعيدة بكل هذا علي إستعداد لمنح السودان إستقلاله علي الأسس الديمقراطية الليبرالية. وهكذا تجاوزت الأحداث موضوع الإستفتاء.

    وإذا لم يجئ الإستقلال تبعا للتصور الإتحادي بسبب تخلي الإتحاديين عن تصورهم الذي كان مطروحا حول مستقبل البلاد، ولا جاء متمشيا مع الأماني الإستقلالية بأجندتها الدينية الخفية والمعروفة في نفس الوقت، للجميع، فإنه إذن، وبعملية إستبعاد الخيارات، كان لا بد من أن يجئ الإستقلال حسب رؤية التيار الثالث، التيار العلماني الحداثي الديموقراطي، وإن كان ذلك التيار ضعيفا ولا يزال في حيز أماني مسئولي الإدارة الإستعمارية. والسبب في ذلك، ببساطة،هو أنه لم يكن هنالك تصور رابع مطروحا في الساحة، تقف خلفه فئات إجتماعية واعية بمصالحها.

    غير أن كل ذلك لا يعني، ولو للحظة واحدة، تفكك الأرضية التي قامت عليها مواقف التيارين الكبيرين. فقد كان الإتحاديون لا يزالون قلقين من إمكانية عودة الدولة المهدية، كما أن الإستقلاليين كانوا لا يزالون متوجسين من الهيمنة المصرية. لكن مسار الأحداث السياسية كان قد حتم نيل البلاد إستقلالها ضمن نظام الحكم الحداثي العلماني الديموقراطي. وهكذا كان علي الجميع التراضي التكتيكي بنظام الحكم الديمقراطي كوسيلة لنيل الإستقلال وليس أكثر من ذلك. وهكذا صار نظام الحكم الديمقراطي في السودان هو مجرد نقطة لبداية السباق، ظلت الحركة السياسية السودانية تعود إلية كلما احتاج الأمر نقطة للبداية. وهكذا ظلت هذه الحركة السياسية تعود لنقطة البداية تلك في كل مرة ينتهي فيها حكم دكتاتوري ولنفس الأسباب التي ألجأتها إليها ظروف انتهاء الحكم الإستعماري، نقطة بداية في حلبة الصراع يبدأ بعدها رمي الخصوم خارج الحلبة. وهكذا، وبالنتيجة، فان ما حدث وظل يحدث بشأن التقاء أطراف الحركة السياسية حول النظام الديمقراطي التعددي، لا يعني إتفاق وتراضي وتواضع أجنحة هذه الحركة علي نظام دائم لحكم السودان. ويظل عدم الإتفاق علي نظام الحكم هو المظهر الأساسي للأزمة السودانية.

    وإذا كان هذا يعني بأننا نفترض بان تلك (المشكلة ) قد نشأت مع نشوء الحركة السياسية السودانية، فان هذا ما نعتقد وما نقصد، فالثابت تاريخيا هو أن الحركة السياسية السودانية قد إنقسمت منذ بدايتها الجنينية بين أسلوبين للنضال من اجل الإستقلال وهما أسلوب الثورة والعنف الذي جربه التيار الإتحادي خلال السنوات ما بين 1919 – 1924، وأسلوب التطور الدستوري، وهذا ما عمل به التيار الإستقلالي منذ أواخر ثلاثينيات القرن العشرين. وقد كانت هذه الرؤية واضحة تماما لدي قائد التيار الإستقلالي السيد عبد الرحمن المهدي وقد عبر عن ذلك بوضوح في مذكراته حيث ذكر بأنه قد إختار سبيل التطور الدستوري لنيل إستقلال السودان. وأشار بوضوح لفشل السبيل الآخر، سبيل الثورة المسلحة موضحا أن الثورة لن تنجح إلا إذ كانت بقيادته وانه لا يرغب في إهدار دماء السودانيين.

    وفي حقيقة الأمر فان هذا قد كان خيارا تاريخيا عاما واجهته كل الحركات السياسية في كل دول العالم الثالث التي كانت ترزح تحت الحكم الإستعماري الأوربي. ونتائج هذا الخيار قد ظلت تؤثر بصورة مباشرة علي واقع ومستقبل معظم دول العالم الثالث حتى اليوم. فتلك الدول التي اختارت الحركات السياسية فيها طريق الثورة المسلحة، وأولها الجزائر وآخرها زيمبابوي، قد إنتهت إلى سلطة الحزب الواحد كنظام للحكم. أما الدول التي اختارت طريق التطور الدستوري، وأولها الهند وآخرها جنوب أفريقيا، فقد إنتهت إلى الديمقراطية البرلمانية كنظام للحكم. ويشهد التاريخ بان الحركة السياسية السودانية قد ظلت منقسمة حول هذا الأمر الجوهري حتى نال السودان إستقلاله بالكيفية التي ذكرناها.

    ولكن لم يكن الإنقسام حول هذا الأمر مؤثرا أو ظاهرا للعيان بسبب الهيمنة الطاغية لبريطانيا العظمي على الأوضاع في مصر والسودان معا. فمن ناحية لم يكن في مقدور التيار الإتحادي العروبي تفجير وقيادة ثورة مسلحة حقيقية دون السند المباشر أوحتى التورط المباشر من قبل مصر في تلك الثورة. و كانت مصر المحتلة من قبل بريطانيا أضعف من أن تعين وتساند ثورة مسلحة في السودان. ومن ناحية أخرى فان الطبقات والفئات المؤيدة للتيار الإتحادي العروبي في السودان كانت هي البرجوازية التجارية والبرجوازية الصغيرة في المدن، وهذه فئات ليست من طبيعتها تفجير وقيادة الثورات المسلحة. أما أهل التيار الإستقلالي الديني فقد وجدوا في خيار التطور الدستوري ضالتهم من حيث إتجاهه الواضح الرامي لفصل السودان عن مصر.

    إذن فالحركة السياسية السودانية كانت في جناحها الإتحادي العروبي مرغمة علي السير في طريق التطور الدستوري لنيل إستقلال البلاد وهي كارهة، خاصة وان تطور المؤسسات الدستورية في السودان، (المجلس الاستشاري والجمعية التشريعية)، كان يؤكد انفصال السودان عن مصر. وكانت مصر ترفض بشدة مثل هذه الخطوات. ولم يكن أمام الإتحاديين الكارهين لطريق التطور الدستوري سوي الاحتجاج وإزعاج السلطات الإستعمارية. أما الجناح الإستقلالي الديني فقد نزلت علية هذه المؤسسات الدستورية بردا وسلاما لأنها كلما قويت ونمت أبعدت الخطر المصري الساعي لضم السودان إلى ممتلكات ملك مصر.

    وهكذا فرض النضال السلمي وفرض طريق التطور الدستوري علي الحركة السياسية السودانية ما ظلت بريطانيا ممسكة بزمام الأمور في مصر والسودان. وهذا يعني أن يؤجل كل تيار سياسي أجندته حتى ينال السودان إستقلاله وترحل بريطانيا، وليرجئ كل من له حديث حديثة حتى ذلك الحين.

    وهنا يكمن الخطاء ويكمن الإشكال الذي لازم الحركة السياسية السودانية. فقد تراضت الحركة السياسية السودانية علي الركون إلى طريق التطور الدستوري من أجل بلوغ هدف مبتور ومؤقت. فقد جعلت هذه الحركة من التطور الدستوري وسيلة لنيل الإستقلال لما أعجزتها الهيمنة والسطوة البريطانية عن إتخاذ طريق النضال المسلح. أي إنها جعلت من النظام الديمقراطي وسيلة مؤقتة لنيل الإستقلال. وفي الواقع فانه لم يكن في مقدور هذه الحركة السياسية أن تتجاوز بالنظام الديمقراطي هدف نيل الإستقلال بسب طبيعة الجذور المرجعية لأجنحة هذه الحركة. ويتضح ذلك من مجرد النظر للبنية العامة لهذه الحركة السياسية الوطنية. فهي منذ نشوئها قد توزعت إلى ثلاث تيارات رئيسية هي:-

    = التيار الإتحادي العروبي المرتبط بمصر:

    وهذا تيار سياسي ثقافي عرقي كبير,شكل لحد بعيد أساس الحركة السياسية الوطنية بسبب سبق عناصره غيرها في الوعي الوطني. ويدين بوجوده تاريخيا للعلاقة الخاصة بين السودان ومصر وعبرها بالعالم العربي. ويدين هذا التيار بوجوده أيديولوجيا لتأثيرات الثقافة العربية في عصر النهضة بمصر وأثره علي المتعلمين السودانيين. كما يدين بوجوده عرقيا للعنصر العربي ذي الإمتيازات اليسياسية والإقتصادية والثقافية في السودان.

    = التيار الإستقلالي المرتبط بالمهدية:

    وهذا تيار سياسي ديني، شكل المنافس الند للتيار الإتحادي العروبي ويدين بوجوده تاريخيا وأيديولوجيا للثورة المهدية وما تلاها من حكم ديني وطني. وعبرها للتراث الديني الشعبي الصوفي المتجذر في الحياة السودانية. كما يدين بقوته للزخم الديني الشعبي ولحجم طائفة الأنصار المؤمنين بمهدية الإمام محمد احمد، وقد تماسكت هذه الطائفة وقويت بعد صعود نجم ابن الإمام المهدي السيد عبد الرحمن خلال فترة الحرب العالمية الأولى (1914- 1918).

    = الإتجاهات الحداثية العلمانية:

    هذه إتجاهات متعددة المنابع والمرامي، ذات صبغة صفوية لحد كبير، خاصة في جناحها الذي يضم المتعلمين. وتدين في وجودها وأيديولوجيتها لتأثيرات التنوير العلماني بعد تقلص نفوذ الدولة التركية العثمانية، وما تبع ذلك من انفتاح ثقافي علي الغرب خلال فترة ما بين الحربين العالميتين ومن ظهور للأفكار التحررية في آسيا وأفريقيا والإتحاد السوفيتي، بل وحتى في أوربا الغربية نفسها، خاصة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. أما في جناحها الثاني الذي يضم سكان الأطراف والهوامش، فهي لم تعي، في الغالب، شرط وجودها السياسي وتناقض مصالحها مع التيارين الآخرين إلا بعد الإستقلال.

    ونظرة واحدة لهذه التيارات السياسية الثلاث تنبئ بإنعدام تام لأي أرضية مشتركة بينها.ويتضح هذا بجلاء إذ سقنا التوجهات السياسية لهذه التيارات إلى نهاياتها المنطقية. فإذ كان التيار الإتحادي ينادي بإنضمام السودان لمصر فان هذا لكي يتحقق لابد من إجتثاث وإزالة التيار الإستقلالي الديني من الوجود. فلا يعقل أن تقبل الدولة العربية الكبيرة التي تضم مصر والسودان وجود تيار سياسي قوي يسعي لفصل جنوب الوادي عن شماله.

    وبالمقابل فان الدعوة الإستقلالية المرتبطة بالإرث المهدوي لن تتحقق إلا إذ اجتثت وأزالت التيار الإتحادي من الوجود. إذ لا يعقل أن تسمح الدولة المهدية الدينية وغالبا ما تكون ملكية، بوجود تيار سياسي قوي ينادي بمحو السودان من خريطة العالم بضمه إلى مصر.

    أما الإتجاهات الحداثية العلمانية فقد كانت من الضعف والتشرزم بحيث أنها لم تشكل أي نوع من الفعالية السياسية المؤثرة في تحديد تصور لمستقبل سودان ما بعد الإستقلال. فقد كان واضحا أن السودان أمامه خيارين لا ثالث لهما، هما الإنضمام إلى مصر أو الإستقلال تحت رأية المهدية الثانية. وهذا هو تحديدا مضمون إتفاقية السودان أو ما عرف بإتفاقية الحكم الذاتي لعام 1953.

    ويتمثل الإشكال السياسي هنا في أن الحركة السياسية السودانية ولظروف سياسية محددة قد اختارت طريق التطور الدستوري لنيل الإستقلال. وهذا الطريق لا يقود إلا إلى الديمقراطية البرلمانية كنظام ثابت للحكم. غير أن نظام الحكم البرلماني يتطلب وجود أرضية مشتركة في الحد الأدنى، تجمع كل أجنحة وتيارات الحركة السياسية، كما يتطلب الإعتراف بحق الآخر في الوجود وفي الدعوة لبرنامجه، إذ اريد لها أن تنجح. لكن بإزاء ذلك الإنعدام للأرضية المشتركة حول مستقبل البلاد بين التيارات السياسية الرئيسية فما كان للحركة السياسية إلا أن تجعل من طريق التطور الدستوري والنظام الديمقراطي وسيلة مؤقتة مرتبطة بهدف مبتور هو نيل الإستقلال.

    أي أن الحركة السياسية السودانية قد تواضعت وتراضت علي طريق التطور الدستوري وعلي النظام الديمقراطي البرلماني من اجل نيل الإستقلال فقط. وإنها لم تتفق أو تتواضع على نظام دائم لحكم السودان لفترة ما بعد الإستقلال، وذلك بسبب التعارض والتضاد في الطرح السياسي حول مستقبل السودان بين التيار الإتحادي العروبي والتيار الإستقلالي الديني والإتجاهات الحداثية العلمانية.

    ولهذا كان الإداريون الإستعماريون يخشون و لأسباب موضوعية من أن يؤدي فوز الإتحاديين في إنتخابات الحكم الذاتي إلى حرب أهلية يشنها الأنصار، أو أن يؤدي فوز حزب الأمة في هذه الإنتخابات إلى أن تجتاح مصر السودان. وسوف نتعرض إلى كل ذلك في حينه.أما الآن فإننا فقط بصدد إثبات أن الحركة السياسية السودانية لم يحدث أن أتفقت أو تراضت، في الحد الأدنى، على نظام لحكم السودان. وأن الأزمة السياسية الحالية تعود بجذورها لبداية نشوء الحركة السياسية السودانية. وان التصورات التي عملت أجنحة تلك الحركةعلى تكريسها، بشأن مستقبل الوطن ليس بينها ما هو مشترك، في أي حد من الحدود. وذلك لأنها تتراوح بين دولة عربية كبيرة تضم مصر والسودان، ودولة ثانية مستقلة هي في جوهرها إستعادة للدولة الوطنية الدينية التي دمرها الغزو الأجنبي، ودولة ثالثة هي دولة برلمانية ديمقراطية تعددية علمانية علي نمط الدولة القومية العصرية في أوربا. وهذا التصور الثالث هو ما كان يعشش في أوساط المثقفين والمتعلمين والأقليات بدعم مباشر من الإداريين الإستعماريين البريطانيين دون أن يقف على رجليه كتيار فاعل قادر على فرض رؤيتهه على الساحة السياسية.

    إذن فهذا التباعد في الطرح السياسي وهذا التناقض حول مستقبل الوطن وهذا الإفتقار لحد ادني للإتفاق الوطني وهذا الغياب لمفهوم موحد لماهية وهوية الوطن، كل ذلك قد كوَّن جوهر (المشكلة) التي صاحبت نشأة الحركة السياسية السودانية والتي تطورت مع الزمن إلى (الأزمة) الراهنة. وقد لاحظ الدكتور فرانسيس دينق هذا القصور الذي صاحب الحركة السياسية السودانية منذ فجر الإستقلال حيث ذكر: (لم تكن القيادة قادرة علي صياغة رؤية واضحة، بالإضافة إلى ذلك، فإنها لم تجابه التحدي الداعي لإيجاد أرضية مشتركة لقطر بمثل ذلك التنوع) غير أن كل هذا التوصيف لنشأة الحركة السياسية السودانية لا يجيب علي السؤال الأساسي هنا، وهو لمإذ جاءت الحركة السياسية السودانية بهذا التركيب ؟ ومن أين جاء هذا التشوه البنيوي ؟

                  

03-04-2008, 07:48 AM

حامد بدوي بشير
<aحامد بدوي بشير
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 3669

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا (Re: حامد بدوي بشير)

    *****
                  

03-04-2008, 09:18 PM

حامد بدوي بشير
<aحامد بدوي بشير
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 3669

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا (Re: حامد بدوي بشير)

    ****
                  

03-05-2008, 07:43 AM

حامد بدوي بشير
<aحامد بدوي بشير
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 3669

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا (Re: حامد بدوي بشير)

    ****
                  

03-05-2008, 11:28 AM

الطيب شيقوق
<aالطيب شيقوق
تاريخ التسجيل: 01-31-2005
مجموع المشاركات: 28804

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا (Re: حامد بدوي بشير)

    Quote: وأريدك أن تبقى معي وتواصل المتابعة، فهذا حقي عليك كصديق.


    ابشر يا زعيم واصل ونحن متابعون بشقف تسلسل تلك الاحداث .
                  

03-05-2008, 10:26 PM

حامد بدوي بشير
<aحامد بدوي بشير
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 3669

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا (Re: الطيب شيقوق)

    أستاذنا الطيب شقوق،

    لك التحية ولك الشكر على الإهتمام. وحتما سأواصل، لأن ثمة ما يجب أن يقال.
                  

03-06-2008, 01:31 AM

حامد بدوي بشير
<aحامد بدوي بشير
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 3669

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا (Re: حامد بدوي بشير)

    4 - التشوه البنيوي
    أو المرجعية التاريخية لتيارات الحركة السياسيةالسودانية


    يعود الفضل في التحديد الجغرافي للسودان إلى حملة الفتح التركي المصري في عام 1821. وأهمية هذه الحملة وما تلاها من حكم دام علي مدي أربعة وستين عاما، تأتى من حقيقة أن ذلك العهد قد ادخل السودان ولأول مرة ضمن التاريخ السياسي الحديث للعالم. فلأول مرة قد صار السودان منفعلاً مباشراً لما يحدث في أوربا والشرق الأوسط. وبالمقابل، فقد صار ما يحدث في السودان يهم مراكز القوي في الشرق الأوسط وفي أوربا. وكان هذا بداية حقيقية لوعي سياسي وطني إتفاقا أو معارضة للحكم التركي، اكتمل وتجلي في الثورة المهدية ثم تطور وتوسع إبان العهد الإستعماري الحديث، مشكلاً البدايات الحقيقية للحركة السياسية السودانية الحديثة. إذن ومنذ الغزو التركي - المصري وحتى نيل السودان إستقلاله في بداية عام 1956 ، ليس ثمة أكثر من ثلاث علامات مرجعية يمكن أن نعتبرها أسسا مرجعية للحركة السياسية السودانية الحديثة وللتيارات التي انتظمتها.

    العلامة المرجعية الأولى:

    هي العهد التركي- المصري (التركية السابقة1821-1885) والذي ربط السودان بمصر إداريا وإقتصاديا وثقافيا علي مدي أربعة وستين عاماً. وقد ترك هدا الإرتباط الطويل آثارا من العمق بحيث أنها أصبحت عنصرا أساسيا ضمن الأركيولوجيا السياسية - الثقافية لشعب السودان، لا تزال تتفاعل حتى اليوم. والي هذه العلامة المرجعية ننسب مباشرةً نشأة التيار الإتحادي العروبي المرتبط بمصر ضمن الحركة السياسية السودانية. وبالطبع يستفيد هذا العامل السياسي – الإداري من عوامل أخرى كثيرة لها أهميتها الكبيرة في ربط السودان بمصر مثل التداخل العرقي والديني والثقافي على مر عصور التاريخ.

    العلامة المرجعية الثانية:

    هي الثورة المهدية (1885 – 1898). فقد إستطاعت قيادة هذه الثورة أن تبرز مساوئ الحكم التركي وأن تعبئ معظم الشعب السوداني ضده وأن تدكه دكا لتقيم على أنقاضه حكما وطنيا ذا أساس صوفي محلي. ويتضح الأثر العميق لهذه الثورة وما أسست من حكم وطني، في أنها لا تزال حتى اليوم باقية بكل حيويتها لدى الجماهير الغفيرة التي تعتنق وتعتقد في المهدية. كما أن هذه الثورة الوطنية الدينية قد تحولت إلى مفخرة قومية لدى جميع الأجيال السودانية. لهذا لم يكن من المستغرب محاولة بعث هذه الثورة في صورة المهدية الثانية وما إرتبط بها من تيار سياسي، هو التيار الإستقلالي الديني. وهنا أيضا توجد عوامل أعمق جذورا حتى من الثورة المهدية، تجعل من الدين مركز جذب أساسي في الحياة السياسية السودانية وتغذي تيارا سياسيا دينيا يتجاوز أهداف القسم المهدوي من التيار الديني في السودان.

    العلامة المرجعيةالثالثة:

    هي العهد الإستعماري الحديث الذي دام ثمانية وخمسين عاما (1898- 1956). وهو ما عرف بالحكم الثنائي في تاريخ السودان الحديث. ومع جيوش الفتح الإنكليزي – المصري في عام 1898 دخلت الأفكار الحداثية العلمانية إلى السودان. وقد خرَّجت المدارس النظامية، مع قلتها فئة من المثقفين والمتعلمين، صارت تتطلع إلى أن تصير جزءاً من العالم المتنور المتقدم وتتطلع إلى أن تكون ضميرا وصوتا لشعبها في عالم بدأ يسرع من وتأئر تحولاته، خاصة في فترة ما بين الحربين وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. ولهذا العهد الإستعماري الحديث يعود الفضل في ظهور التيار الحداثي العلماني ضمن الحركة السياسية السودانية.

    وقد أكد الأهمية المرجعية لهذه الحقب التاريخية الثلاث في فهم السياسية السودانية المعاصرة، الدكتور شريف حرير في ورقته (إعادة تدوير الماضي في السودان) حيث قال (( بينما كانت الممالك القديمة التي سيطرت علي أواسط وادي النيل وما تلتها من ممالك – ممالك النوبة والمقرة وعلوه المسيحية – مهمة كخلفية تاريخية لتشكيل السودان كدولة، فهي لا علاقة لها بفهم السياسة السودانية الراهنة لأسباب ألمحنا إليها آنفا، ومما له أهمية خاصة في هذا السعي إلى هذا الفهم , هي الفترات الثلاث التي تلت صعود مملكة الفونج (1504) وسلطة الفور حوالي (1650) ، وهي الحكم الإستعماري التركي – المصري (1821- 1885) والدولة المهدية (1885- 1898) وفرض الحكم الثنائي الإنكليزي- المصري (1898 - 1956) .

    وقد زاد من حدة تأثيرهذه المرجعيات التاريخية الثلاث، الصراع المكشوف الذي كان دائرا حول مستقبل السودان ما بين مصر التي تريد ضمه إليها والمهدية الثانية التي تحاول تأكيد إنفصاله عنها وضرورة عودته وطناً مستقلا،ً وبريطانيا التي لها رؤية ثالثة وهي ضرورة إنشاء وطن قومي علماني ديمقراطي في السودان. ولهذا لم يعد تأثير الحقب التاريخية الثلاث، التركية السابقة والمهدية والعهد الإستعماري، لم يعد تأثيرا تاريخياً مستبطناً لدي أجنحة الحركة السياسية السودانية الوليدة، وإنما صار وقودا حيا لصراع حاضر انعدمت فيه الفواصل الزمانية. وكأن تاريخ السودان السياسي قد بعث وجمع في حيز زمني واحد، مما جعل منه محدداً وحيداً لجوهر الحركة السياسية السودانية وهي تتكون.

    هذا الإستقطاب السياسي الحاد الذي يتغذى من عوامل ماضية - حاضرة هو المسؤول عن التباعد والتضاد فيما طرحت أجنحة الحركة السياسية السودانية من رؤى لمستقبل السودان. وذلك لأننا إذ نظرنا إلى نوع العلاقة بين هذه العهود التاريخية الثلاثة، والتي شكل كل واحد منها مرجعية تامة ونقية لأحد أجنحة الحركة السياسية السودانية الوليدة (الإتحاديين العروبيين، والإستقلاليين الدينيين، والحداثيين العلمانيين)، إذ نظرنا لنوع هذه العلاقة لوجدنا لها توصيفا واحداً وهو أنها قد كانت علاقة إجتثاث، وليس علاقة إفضاء. فقد قامت الثورة المهدية من أجل إجتثاث العهد التركي المصري، وجاءت جيوش الفتح الإنجليزي المصري لإجتثاث الدولة المهدية. ومن هنا لا يمكن منطقا أن تكون ثمة أرضية مشتركة أو قإسم مشترك بين الإتحاديين العروبيين ذوى المرجعية المصرية وبين الإستقلاليين الدينيين ذوي المرجعية المهدية وبين الحداثيين العلمانيين ذوي المرجعية الأوربية الحديثة. بل أن هذه التيارات السياسية لم تتكون في السودان أصلا إلا تلبية مباشرة لإستمرار هذه الحقب التاريخية أصلا، أو لمنع إستمراريتها.

    فقد جاء التيار الإستقلالي الديني بهدف واضح وعته كل الساحة السياسية السودانية آنذاك وهو إعادة الدولة المهدية الدينية ومنع ذوبان السودان في مصر. وبهذا فان التيارالإتحادي العروبي لم يجيء إلا بهدف منع عودة الدولة المهدية الدينية والذي لا سبيل لإنجازه إلا باللجؤ لقوة مصر. ولهذا السبب نجد أن مؤيدي هذا التيار هم الفئات التي اكتوت بنار الدولة الدينية علي عهد الخليفة عبد الله، وهم سكان المدن والمتعلمين والختمية. أما التيار الحداثي العلماني فهوالآخر لم يجيء إلا لمنع تحقق كل من الدولة المهدية الدينية والدولة الإتحادية العروبية، ومن أجل بناء الدولة السودانية القومية، الحديثة والمرتبطة بالفكر الحداثي العلماني الأوربي.

    وهذا بحسب تقديرنا، تشوه بنيوي خطير صاحب نشأة الحركة السياسية السودانية، وهو اصل(المشكلة) المتمثلة في عدم التواضع والتراضي بين أجنة الحركة السياسية علي نظام لحكم السودان، كما هو مرجعية (الأزمة) السياسية التي يعانيها السودان الآن.

    وثمة تشوه بنيوي آخر يتعلق بالبنيات الأساسية للحركة السياسية السودانية، وهو لا يرتبط بالمرجعية التاريخية للحركة السياسية الوطنية كما عرضناها أعلاه، وإنما يرتبط بالظروف والعوامل التاريخية التي لم يكن للحركة السياسية الوطنية يد فيها. فهذا التشوه الثاني يكاد يكون قدرا تاريخيا علينا أن نعيه ونتعامل معه وندرك نتائجه. وخطورة هذا التشوه البنيوي الذي سوف نحلله الآن تكمن في تأثيره السلبي علي المنظومات المفهومية الخاصة بالوطن والمواطنة والقومية والهوية.

    فالثابت تاريخيا أن أي من العهود التاريخية السودانية الحديثة الثلاث، التركية والمهدية والإستعمار، لم ينعم بالمدى الزمني اللازم والكافي له ليتمكن من خلال آليات التطور التاريخي التلقائية من التحول والترقي. فلم يتح لأي من هذه العهود أن يتطور من المرحلة العسكرية الفجة، مرحلة الفتح والغزو والثورة إلى مرحلة الدولة.

    فقد قامت التركية السابقة وإنتهت دون أن تتجاوز مرحلة الغزو والحملة العسكرية. وقامت المهدية وإنتهت دون إن تتجاوز مرحلة سلطة الثورة. وأضطر الإنجليز للخروج من السودان، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية قبل أن يؤسسوا الدولة الديمقراطية المستقلة المرتبطة ببريطانيا عبر الكومونولث مثلما فعلوا في الهند قبل إستقلال السودان، ونيجيريا بعده. فقد كانت بريطانيا مضطرة للتخلي عن العديد من مستعمراتها حسب مقتضيات النظام العالمي لما بعد الحرب العالمية الثانية. ومعلومة تماما الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة والأمم المتحدة ضد بريطانيا للتخلي عن السودان. وقد ذكر جابريل د. وار بيرج ذلك بوضوح في قوله: (كان الرأي السائد أن السودان سيظل تحت النفوذ البريطاني في المستقبل المنظور، ولهذا لا يبدو أن هناك سبباً في التنمية السريعة. ولقد تغير هذا كله بعد الحرب العالمية الثانية بعد أن أجبر الإرهاق والضغوط من الأمم المتحدة وظهور الوطنية المتطرفة في كل من مصر والسودان، حكومة العمال البريطانية بتفكيك الإمبراطورية بأقصى سرعةٍ ممكنة).

    ولتوضيح هذه الفكرة أكثر، نعقد مقارنة بسيطة بين مصر والسودان من ناحية تطور نظم الحكم خلال نفس الفترة الزمنية الممتدة من الغزو التركي عام 1821 ألى خروج المستعمر عام 1956.

    فبينما تعاقبت على السودان ثلاث عهود تاريخية ذات طبيعة حكم مختلفة، لا رابط بينها سوى علاقة الإجتثاث من عهد لآخر، نجد أن مصر قد ظلت طوال هذه الفترة البالغة مائة وثلاثين عاما، تحت نظام حكم واحد هو حكم أسرة محمد علي باشا، الذي بدأ عسكرياً صرفاً ثم تحول إلى ملكية إقطاعية، ثم تحول في خمسينيات القرن الماضي إلى ملكية دستورية ذات نظام حكم ديمقراطي تعددي.

    فبينما ظل السودان طوال هذه الفترة يعود مرة تلو الأخرى إلى نقطة الصفر والمرحلة العسكرية (الغزو التركي - 18821 والثورة المهدية - 1885 والفتح الإنجليزي – المصري 1898)، ظل نظام الحكم في مصر يترقي ويتطور ويثري التجربة السياسية المصرية ويؤسس لمفاهيم الوطن والقومية والمواطنة بصورة سليمة.
                  

03-07-2008, 04:01 AM

حامد بدوي بشير
<aحامد بدوي بشير
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 3669

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا (Re: حامد بدوي بشير)

    ***
                  

03-07-2008, 06:38 PM

حامد بدوي بشير
<aحامد بدوي بشير
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 3669

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا (Re: حامد بدوي بشير)

    **
                  

03-08-2008, 02:34 AM

محمد على طه الملك
<aمحمد على طه الملك
تاريخ التسجيل: 03-14-2007
مجموع المشاركات: 10624

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا (Re: حامد بدوي بشير)

    Quote: فبينما ظل السودان طوال هذه الفترة يعود مرة تلو الأخرى إلى نقطة الصفر والمرحلة العسكرية (الغزو التركي - 18821 والثورة المهدية - 1885 والفتح الإنجليزي – المصري 1898)

    متابعك يا ود البدوي .
                  

03-08-2008, 10:57 AM

حامد بدوي بشير
<aحامد بدوي بشير
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 3669

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا (Re: محمد على طه الملك)

    ود المك،

    تكفيني متابعتك لأكمل الفكرة حتى آخرها.

    لك تحياتي.
                  

03-08-2008, 07:32 PM

حامد بدوي بشير
<aحامد بدوي بشير
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 3669

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا (Re: حامد بدوي بشير)

    [U]تحليل

    1- إن التصورات التي طرحتها أجنحة الحركة السياسية السودانية المتمثلة في التيارات السياسية الثلاثة، حول مستقبل السودان، كانت من التباعد والتوازي بالمعني الهندسي بحيث إنها لا تلتقي أبدا وهذا الوضع قد جعل من كل تصور بنية مغلقة علي ذاتها ومستقلة وذات مسار خاص. وتبادلت هذه التصورات التجلي والغياب علي واجهة الحياة السياسية في السودان بصور مختلفة، بعضها ظاهر وبعضها خفي. فقد أوجد كل تصور سياسي قاعدته الجماهيرية وسلطته التنفيذية المعبرة عن أماني تلك القاعدة، وتنظيماته السياسية ودستوره ونظامه التعليمي وخطابه الإعلامي العام، وظل تجلي أي تصور من هذه التصورات علي السلطة يعود بالبلاد إلى نقطة الصفر وذلك لانه جوهريا هو إلغاء وإجتثاث للتصور السابق له في السلطة وإلغاء لكل منجزات التصور السابق في إتجاه تأسيس مفاهيم الوطن والمواطنة والقومية. وهذا هو سبب إجهاض المشروع القومي حول نظام الحكم وهوية الوطن، وهذا هو ما كّرس المسار الدائري المفرغ في حياتنا السياسية. فمن أخطر نتائج العودة المتكررة لنقطة البداية وتكرار طرح نفس الأسئلة، أسئلة التأسيس، بعد إلغاء وشجب الإجابات المتحصلة ضمن التصور السابق للسلطة، اخطر ما يحدث هنا، هو ذلك التشوه المفهومي حول الوطن والمواطنة في العقل الجمعي السوداني. فما يبدو انه جريمة وفضيحة وطنية في هذا العهد، يصير بطولة وطنية في العهد التالي له.
    وتوالي سقوط وإستبدال السلطة وهي بعد فجة لم تتجاوز مرحلة صياغة الشعارات قد أوجد في السودان سياقا تكراريا (للوطن المؤقت) و(الوطن السلطة). فحيث أن مفاهيم الوطن والمواطنة تظل عرضة للتبديل المستمر مع تبدل السلطة، وحيث أن السلطة في السودان هي أبدا سلطة مؤقتة فان المواطنة تصير هي الأخرى، مؤقتة ومرتبطة بالسلطة. فأنت مواطن صالح ولك كل حقوق المواطن في هذه السلطة المعينة، ولكنك مارق وخائن وعدو للوطن في ظل السلطة التي تأتي بعدها.

    2- علي الرغم من تأصل نزعة النفي والأبعاد والإجتثاث بين أجنحة الحركة السياسية السودانية، وعلي الرغم من أن هذه النزعة موروثة من العلاقة بين العهود التاريخية الثلاث، التركية والمهدية والإستعمار، إلا أن الواقع يعكس بكل وضوح فشل هذه النزعة في تحقيق غاياتها علي مستوي العلاقة بين أجنحة الحركة السياسية السودانية الحديثة. بل إن إستمرار وجود هذه الأجنحة المتوازية للحركة السياسية الحديثة هو الدليل الساطع علي فشل نزعة الإجتثاث في تحقيق غايتها حتى علي مستوي العلاقة بين العهود التاريخية نفسها. فلو أن العهد المهدوي (1885 – 1898) كان قد نجح في إجتثاث العهد التركي السابق، لما بقيت العلاقة الخاصة بمصر رقما في الحياة السياسية السودانية ولما ظهر بين أجنحة الحركة السياسية الحديثة ذلك التيارالإتحادي العروبي القوي. وبالمثل فلو أن الإستعمار الحديث (18898 – 1956) كان قد نجح في ما كان يصبو إلية من إجتثاث العهد المهدوي من جذوره، لما بقيت العلاقة بين الدين والدولة بهذه الحيوية التي عليها اليوم في السودان ولما ظهر بين أجنحة الحركة السياسية السودانية الحديثة ذلك التيار الديني القوي.

    3- إن الحركة السياسية السودانية وهي تطرح مشروع الدولة العروبية الإتحادية ومشروع الدولة الدينية المستقلة، قد تجاهلت عن عمد كل السودانيين الذين هم ليسو عربا أو مسلمين ولم تعاملهم سوي معاملة الأقليات. ونسبة لانخفاض الوعي والتخلف السائد في عموم المناطق التي يقطنها غير العرب وغير المسلمين في السودان، فان هذا الطرح الانتقائي لأكبر أجنحة الحركة الوطنية، قد إستطاع أن يمر وسط زخم الفرحة بالإستقلال على الكثيرين ألا مواطني جنوب السودان، الذين تنبهوا باكرا وقبل الإستقلال إلى الخلل الذي صاحب الحركة السياسية السودانية.
    ولإن غامت الرؤية علي البسطاء من سكان الأرياف والهوامش حول ما يحاك في الخرطوم، فان الرؤية قد كانت واضحة لدي الصفوة السياسية الشمالية. وهذا هو سبب ذلك الموقف الشجاع الذي وقفه السيد إبراهيم بدري والذي وثقه في مذكرة تقدم بها إلى لجنة تعديل الدستور لعام 1951 والتي دعا فيها إلى ( تضمين بنود احترازية خاصة بالجنوب والمناطق المتخلفة في الشمال ) وقد فسر ما عناه بالجنوب قائلا (عندما أقول الجنوب فأنا لا اعني سكان المديريات الجنوبية الثلاثة فقط، بل أيضا سكان جنوب الفونج في مديرية النيل الأزرق وأيضا بعض السكان من دار فور وجبال النوبة في كردفان .. كل هؤلاء لا يدينون بالإسلام ولا يتحدثون باللغة العربية ولا توجد روابط في التقاليد، الدين، اللغة، أو الثقافة بينهم وبين الشماليين. الصلة الوحيدة هي التواجد الجغرافي الذي يمكن إرجاعه لتاريخ الفتح المصري عام1820)*.

    هذا الرأي الثقاقب يؤكد أن السودانيين في أقاليم الجنوب وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان وفي دار فور وأمثالهم من مواطني الأقاليم الطرفية، لا تتحقق مصالحهم ولا ينالون حقوقهم المشروعة ضمن الطرح السياسي للمشروعين السياسيين المهيمنين، الإتحادي العروبي والإستقلالي الديني.

    ومع انتشار الوعي السياسي في نهاية القرن العشرين، فإن هذه القوى السياسية الضخمة سوف تكون عاملا حإسما في تغيير السياق السياسي الذي ظل سائدا حتى الوقت الراهن.

                  

03-09-2008, 09:46 AM

حامد بدوي بشير
<aحامد بدوي بشير
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 3669

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا (Re: حامد بدوي بشير)

    ****
                  

03-10-2008, 09:14 AM

حامد بدوي بشير
<aحامد بدوي بشير
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 3669

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا (Re: حامد بدوي بشير)

    هل هذه الأزمة السياسية التي عرفناها وصفا وحاولنا البحث عن جذورها القريبة عند بداية الحركة السياسية السودانية الحديثة وجذورها البعيدة في العلاقة بين الفترات التاريخية التي شكلت مرجعيات لأطراف هذه الحركة السياسية، هل هذه الازمة أزمة مستعصية خلقت وضعا ميؤوسا منه؟

    هل هناك بصيص أمل في نهاية النفق؟

    ما هي تصورات الحلول؟
                  

03-11-2008, 07:37 AM

حامد بدوي بشير
<aحامد بدوي بشير
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 3669

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من إشكالات الماضي .. من رماد الحاضر .. من آمال المستقبل.. في مقدورنا أن نبني وطنا جميلا (Re: حامد بدوي بشير)

    ***
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de