بعض من حكايات الخروج.........دمعتان ولا ورود

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-12-2024, 02:47 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-08-2008, 03:08 PM

mohamed karib
<amohamed karib
تاريخ التسجيل: 10-24-2002
مجموع المشاركات: 459

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
بعض من حكايات الخروج.........دمعتان ولا ورود

    دمعتان ولاورود بدلا..عن
    خطاب و لا توقيع
     لازم الوكيل اوقع...
     طيب ما اهو عندك وكيل موقع هنا….
     لا لازم يكون وكيل الصحة
     يعنى وكيل اللاجئين ما عندو توقيع عندكم؟
     كيف ما عندنا…لكن العقد بتاعك دة لازم اوقعو وكيل الصحة
     يعني وكيل الصحة هو الوكيل الوحيد تقصد؟
     بالظبط كدة ولا وكيل غيره… وانت بعد كدة تتوكل على الله ومن هنا دربك عليهو…

    كنت في الواقع قد توكلت على الله قبل يومين من ذلك الحوار الذي دار بيني وبين احد الموظفين في مكتب العمل وذهبت فعلا لمكتب وكيل وزارة الصحة …وكان ذلك الوكيل قد علق على باب مكتبه اعلانا مكتوبا بالقلم الشيني الاحمر تقول كلماته مايلي :
    لن يوقع الوكيل على اي عقد عمل للاطباء ما لم يكن ذلك الطبيب مستقيلا من الوزاره…علما بانه لن تقبل اي استقاله من اي طبيب مهما كانت الظروف وسوف لن يتغير هذا الامر باي حال من الاحوال ….
    كانت سكرتيرة مريرة التقاطيع تشير لذلك الاعلا ن المكتوب بالاحمر الشيني لكل من يقف امامها متسائلا عن توقيع الوكيل الوحيد المتواري خلف مكتبه المغلق الابواب طوال تلك النهارات الغبراء ……………….
    ……سحابات الامل كانت قد فااارقت سماوات الخرطوم المحروسة ايامها بكالح الوجوه ……
    ..شارع النيل لم تعبره نسمة واحدة في ذلك الهجير …..وفي الافق البعيد كان هنالك سراب تحاول عبثا تجاوزه طيور غائبة الملامح كانها نسيت فجاة كيف يكون الطيران……..
    ..عدد من الموظفين يرتدون جميعا بنطلونات واسعة الارجل على موضة زمن كانوا فيه
    طلابا في ثانويات منسية ..وقمصانا مشجرة بأكثر الاشكال شتارة ليست مزررة ولا مثنية الاكمام ..يحملون اوراقا مهلهلة من مكتب الى اخر دون ان يرفعوا ولو لمرة عن الارض وجوههم غير الحليقه ودون ان يتبادلوا السلام...….
    هنالك موات مخيم على المكان وهنالك حزن معشعش على الطرقات …..وهذه الوزارة ذات الوكيل الوحيد المتواري خلف الابواب الموصدة والتي بناها ذات زمان الاتراك (الصابقون) كانت هما جاثما على النيل ومكان ينتمي الى عصر لم يعد موجودا ومع ذلك كانت قادرة على اعتقال الاف الاطباء والمهنيين دون ان يسمح لهم بالعمل ..ولا الاحتجاج ولا حتى الاستقالة……
    توجهت حاملا خطابي الذي ينتظر التوقيع الى مكتب احد اولائك الموظفين التعساء…. دون ان تكون هنالك اي فكرة محددة وراء اختياري لذلك المكتب بالذات فقد كنت احاول فقط البداية من مكان ما بعيدا عن مكتب الوكيل الوحيد وسكرتيرته المريرة التقاطيع……كان الكرسي الذي جلست عليه في مواجهة ذلك الموظف غير متوازن القوائم نتيجة لانكسار احداها وحتى لا ينهار ذلك الكرسي قام احدهم باسناده جهة القائم المكسور باحد الملفات ويبدو ان من قام بذلك كان محتاجا لملف شديد السماكة ومحتشدا عن اخره بالاوراق وذلك حتى يتحمل وزن الكرسي المكسور وذلك ربما كان السبب الذي حدا بي لالقاء نظرة على ذلك الملف وعلي كثرة مفاجاءات ذلك النهار لم انتظر ابدا ان يكون صاحب الملف المسنود عليه الكرسى المكسور هو من وجدت اسمه مكتوبا علي الغلاف فالاسم كان أشهر من ان تسقطه الذاكرة ولم يكن لدهشتي الشديدة سوى احد وزراء صحة السودان قبل زمان لم تتعدي سنواته اصابع اليد الواحدة!!!!......
    كنت انقل ناظرى بين الملف الذى يحول بين الكرسى الذى اجلس عليه وبين السقوط وبين الموظف ذو البنطلون الواسع القدمين والقميص الاشتر المشجر الجالس قبالتى ويبدو ان ذلك المشهد كان سيستمر الى اخر النهار اذ ان ذلك الاخير لم يرفع راسه تجاهي ولو لمرة واحدة وربما لم يكن حتى قد لاحظ وجودي لو لا انني اخيرا استعدت تركيزي وتذكرت انني هنا لاجل خطاب ينقصه التوقيع وبا درت الموظف بالسلام الذي رد عليه بدون ان ينظر الي لكني قطعت عليه تحديقه المستمر في اوراق كانت امامه بان وضعت خطابي مباشرة فوق تلك الاوراق امام عينيه تماما ….وتراجعت مستندا على ظهر الكرسي متوقعا ان يحتج على مافعلت لكنه لدهشتي التي كان ذلك فيما ييدو نهارها الطويل لم يفعل بل استمر فى التحديق في الخطاب كانما الاخير كان فى الاصل واحدا من الاوراق العديدة التى وجدته يعمل عليها ….انتظرت فى ترقب فاذا به بعد دقائق مديدة يشير بسبابته الي اعلا الخطاب حيث يوجد التاريخ الذى طبع فيه ثم يمرر ذات الاصبع الى الجانب الاخر من الصفحة واخيرا الى الاسفل حيث التوقيع والختم وعند ما وصل اصبعه الى هناك خيل الي انه يحدق مجددا فى اعلا الخطاب ثم حدث ما لم اعد انتظره فقد مد الموظف يده اليسري وخلع نظارته ثم دعك عينيه المجهدتين بيده الاخري قبل ان يرفع راسه وينظر تجاهي لاول مرة…..كانت عيناه بدون النظارة مثقلتين بتعب لم اتذكر ابدا انني شاهدت مثله من قبل….سنين من الرهق كانت تتسلق اخاديدا من التجاعيد لتطفو علي الخدين الضامرين قبل ان تنحدر تحت العينين وتلتقي عند الانف لتغوص عميقا في الاسفل…….يا الهي…كل هذا التعب……كل هذا المشى المرهق على ظهر الايام ..ماذا كان يعنى؟ وهل كانت تساويه علاوة هنا او ترقية بائسة هناك؟ اجتاحنى تعاطف هائل تجاه الموظف الجالس امامي يدعك عينيه المجهدتين بكلتا اليدين ونسيت لوهلة خطابى وتوقيعه المستحيل لكنه سرعان ما اعادنى لكل ذلك عندما خاطبنى لاول مرة بصوت رتيب النبرات:
     النمرة دى والتاريخ دة
     ايوا نعم نمرة شنو؟
     النمرة ياخي والتاريخ الفى جوابك دة
     مالهم ؟
     النمره دي م ص -15- د ر ج - ما مطابقة للنمرة بتاعت الوزارة والتاريخ ذاتو ما مطابق و بعدين عندك هنا سنتين فارقات من تاريخ توقيع جوابك من ناس اللاجئين ….
     وبعدين ؟
     والله مافي اي طريقة… النمر مختلفة والتاريخ فارق وما عندنا ليك حلل (قال كلمة حلل قاصدا بها( حل) بطيبعة الحال )
     طيب يا ابن العم ..لو كانت النمر و التواريخ مطابقة …تفتكر الوكيل بتاعكم حا اوقع؟
     لا(قال لا واضحة و قاطعة لانه نسى فجاة كل ذلك التعب)
     اذن لازم نبدا من مكان تاني ..مش كدة؟
     لا لا نبدا كيف اذا كانت النمر ما مطابقة والتواريخ فارقة تقول لي نبدا نبدا كيف؟ مافي حلل الا التواريخ والنمر تتطابق(مجددا فال كلمة حلل قاصدا بها حل) وبالمناسبة انت جبت النمر والتواريخ دي من وين؟ انا شغال لي 15 سنة في الوزارة دي اول مرة اشوف لي نمرة زي دى...
    ....ابتسمت انا عندما خطر لى ان اجيبه بانني قد جبت النمر والتواريخ التى يسال عنها باستغراب من ذات المحل الذى جاء منه هو بقميصه الاشتر المشجر وبنطلونه الواسع الاقدام.......لاحظ هو ابتسامتى على ما يبدو لاننى وجدته يضيف بمزاج المختص عند ما يخاطب شخصا بعيدا عن مجاله: انت ما تشوف السيرك.....تاكدت لحظتها ان الرجل يخاطبنى فعلا بذلك المزاج اذ ان الدهشة التى علت ملامحى وانا اسمع كلمة (السيرك) كانت قد اكدت له تماما مدي بعدى الشديد عن تلك الاشياء وزاد احساسى تاكدا عندما اضاف هو وخيال ابتسامة يرتسم على الملامح المكدودة: ما اصلو أي حاجة عندنا هنا ماشة بالسيرك........ كانت ذاكرتى فى تلك الاثناء قد استعادت تماما صورة ذلك الدفتر القديم المهلهل الذي تسجل عليه ارقام و تواريخ المعاملات فى الوزارات والمصالح الحكومية والذى ينتمى شأنه شأن تلك الاماكن لزمان الادارة التركية(الصابقة)الذكر....كان اخر عهدى بذلك الدفتر المسمى بالسيرك هو ايام الامتياز بذات الوزارة قبل ما يزيد قليلا على الثلاث سنوات.....
    قلت للموظف الذى كانت الابتسامة قد رسمت أخيرا كامل ملامحها على وجهه :
     طيب وين السيرك دة يا ابن العم؟
    أجابني دون أي جهد: مع ام الحسن
     نعم؟؟ ( تخيلت ان ام الحسن هذه لا بد ان تكون احدى الموظفات) و بينما كنت أرسم فى خيالى مأزقي القادم معها وبيناتنا حتما السيرك اذا بالموظف يشير ويده ممدووودة الى اقصاها خااارج المبنى الي فناء الوزارة (انكشف عن رسغه وجزءا من ساعده لحظتها كم القميص الاشتر المشجر الغير مثنى ولا مزرر الاكمام)....تابعت يد الموظف الممدودة عن اخرها لاجده لدهشتى يشير فى اتجاه ست الشاى الجالسة وسط أدواتها على (بنبرها) متوسطة فناء الوزارة تماما ....
    عدت انظر مجددا للموظف لكنى وجدت هذا الأخير قد اعاد لبس نظارته وعاد للتحديق من جديد فى أوراقه وبدا انه نسى تماما وجودي علي الكرسى المكسور القائم امامه.........نهضت بتثافل من مكانى ملقيا نظرة اخيرة علي اسم الوزير السابق المكتوب بوضوح بالاحمر الشينى على غلاف الملف السميك المسنود عليه الكرسى و......اتجهت بخطوات بطيئة نحو الحاجة ام الحسن.......
     اهلين حبابك يا ولدى...... مالك شايل هم الدنيا فوق راسك تعال اقعد.... اها قهوة يا ولدى ولا شاى؟... كان وجه الحاجة ام الحسن وترحابها الحقيقى هما اول الوقائع الدافئة فى ذلك النهار المكشر.... اخذت مجلسى امامها...نقدتها حق الشاي و اخذت منه اول رشفة ...كان طعمه بديعا حقا ولونه كذلك احمرا و رايقا ...تمهلت في قعدتى امامها واخذت من الشاي الرايق رشفة اخرى ثم وضعت الكباية و....سرحت بعييييدا.....لم انتبه للمراة الودودة الا عندما اخطات يدي موقع الكباية فاذا بها طوال المدة ترقبني ب ابتسامة بالغة الحنان..... ابتسمت بدورى خارجا من شرودى ثم فجاة تذكرت حوارى مع الموظف ووجهه المكدود ويده الممدودة عن اخرها ثم ....السيرك الموجود مع الحاجة ام الحسن وهنا بادرتها بالقول:
     يا حاجة.......قالوا السسيرك معاك؟!
    زادت ابتسامة الحاجة ام الحسن قبل ان تجيب:
     صدقوا والله يا ولدى ... والله كان ما انا كان السيرك محل اكوسوا ما القوهوا.....قالت ذلك ومدت يدها الى كرتونة بجوارها لتخرجها بالدفتر الذى لا تخطئه العين .....السيرك الشهير ثم واصلت حديثها :
     اها يا ولدي ....انت جوابك ده سجلتو هنا بتين؟

     جوابي ؟جواب شنو يا حاجة؟.....ضحكت الحاجه ام الحسن قبل ان تجيب:
     أجي يا ولدي!!الجواب ماك شايلو في ايدك دى من ما جيت ماشي علي.. .......نسيت ولا شنو ياولدي ...كل ذلك والابتسامة الطيبة على وجهها تزداد اتساعا
     ايوا ايوا يا حاجة الجواب اهو دا لكن والله العظيم ما متذكر اخر مرة مريت فيها باالسيرك ده بتين .....غايتو اخر مره اظنها كانت اخر سنة 88
     اييييك ياولدي من الزمن داك؟
     تصدقي واتامني ياحاجه من الزمن داك!
     اها و من سنة 88 مشيت وين؟ ضحكت وانا اجيبها :
     قولي ياحاجه ما مشيت وين؟
     ياحليلكم يااولادي....بقيتو تجونا زي السنبر من الحول للحول...
     والله ياحاجه ام الحسن السنبر ذاتو انحنا فتناهو لي غادي....على الاقل هو بجي من السنه للسنه على قولك وبجي وبفوت على كيفو...... انحن لو جينا كل اربعة سنين اكون كويس واذا جينا بعد داك نبقى فى التاشيرات والتوقيعات والسيرك و.... و.......كنت ساكمل كلامى لكنني توقفت كمن ضاعت منه الكلمات عندما فاجاتني دمعتان تسيلان علي خدى الحاجة ام الحسن......سارعت بكفكفتهما بطرف ثوبها قبل ان تقول: عارفة يا ولدى عارفة ...الله اجازيهم الشردوا وليداتنا وضيقوا عليهم لا نحن لقيناهم ولا هم لقوا رقبتهم....
    جلست صامتا ارقبها في الم ...
    ما لبثت ان ابتسمت و اضافت:
     عندي ليك حل يا ولدي .... عندي ليك حل (لم يفتنى ان الاحظ انها قالت حل وليس حلل كما فعل الموظف ذو القميص الاشتر المشجر الغير مثنى ولا مزرر الاكمام) و... واصلت الحاجة المدهشة حديثها قائلة: شوف يا ولدى السيرك يا هو دا قاعد (ومدت يدها بالدفتر القديم العائد لزمن التركية الصابقة) لكن ما اظنو يا ولدى انفعك ب شئ ....الجماعة ديل (ونظرت فى اتجاه مبنى الوزارة ) الجماعة المسكوا البلد بعد ما انتوا طفشتوا... لا بخافوا الله ولا برحموا خلقو ...اها يا ولدى دحين انت قلت لى اخر اشتغلت فيها هنا كانت متين؟.......(كنت احس بود والفة لا ينفكان يتزايدان تجاه الحاجة ام الحسن)..... اجبتها قائلا:
    --والله يا حاجة انا مشيت من هنا لادارة اسكان اللاجئين و و (حاولت ان اشرح لها كيف تدخلت الاوضاع التى سادت فى البلد وقتها فى تحديد مسارى كما مسار الالاف غيري ) لكنها بفطنة عالية قاطعتني بقولها:
    --عارفاهم عارفاهم اولاد ال.......ثم اضافت:
    --اسمعنى كويس يا ولدى......انت من مكانك دة تقوم تمشى على المكتب نمرة 5 الجنب ادارة شؤون الاطباء وراء الصالة الجنوبية ديك... اها بتلقي ليك بنية عديلة اسمها (سهام) ربنا احفظا منهم ...امش سالما وقول ليها انا من الزمن داك ما اشتغلت فى الوزارة اها الزول الزى حالتى دى الوزارة بتعمل معاهو شنو؟ بتقول ليك مافى غير تفصلو من الخدمة (رأيت الحاجة ام الحسن تدارى دمعتين اخريين وهى تقول هذه الكلمات الاخيرة).. لكنها واصلت :اها يا ولدي انت قول ليها طبقوا علي النظام...حا تملا ليك ورقة تشيلا وتمشي بيها طوالي ل مكتب (يسن) مندوب ديوان شؤون الخدمة يا ولدى ومكتبو فى الدور التانى فوق مكتب سهام طوالى ....اها يسن دة علول ما القي ورقة سهام معاك طوالى حا اوقع ليك قرار الفصل(و اختلج صوت الحاجة ام الحسن) لكنها واصلت بل و ابتسمت وهى تقول: قادر الله يا ولدى (يسن) القلت ليك عليهو دة معمش وشوفو طشاش... مسكين جاهو سكرى وعندو اكتئاب وما لقى الاعالجو ....اها يا ولدي من ما اوقع ليك ورقتك انت بقيت مفصول من الوزارة ومن هناك عديل علي مكتب الوكيل لانو( يسن) الطلطميس دة حا اكون ودى صورة من جواب الفصل هناك قدامك ... سبحان الله يا ولدى بي عماهو دة لا بنسى ورقة ولا بخلى صورة الا اوديها مكانها ...اها الوكيل بعد داك ما عندو طريقة غير اوقع ليك جوابك و خليني من اعلانو المعلقو زي القدر فى خشم بابو دة انا يا ولدى مانى خابراهم كلهم وكل شئ ما قاعد اتسجل عندى هنا فى السيرك دة
    ( قالت العبارة الاخيرة ضاحكة وهى ترفع يدها بالدفتر المهلهل العتيق....)
    قوم يا ولدى قوم البنية بعد دة بتتراوح اهلها وكان ما لقيتها ما اظنك تتخارج والله استر ما افصلوها للصالح العام ...انشاء الله صلاحا اغطس حجرهم
    نهضت من فوري لكن قبل ان اغادر ادخلت يدي في احد جيوبى ثم الثانى و الثالث بحثا عن ما اكرم به الحاجة ام الحسن ليس ثمنا لما قامت به لكن تعبيرا عن عرفانى ومودتى للمراة العظيمة لكنها وبفطنة توقعتها ولطف سارعت بالقول : يا ولدي اقيف انا مانى دايرة منك شئ انت صباح خير و مظلوم وديل شكيناهم على الله ... امش يا ولدى امش قبال البية تفوت امش ودعتك الله
    و هكذا وجدتنى امام مكتب سهام ...شرحت لها الموقف وتفهمته بسرعة ..شكرتها ثم دلفت بورقة منها الى مكتب الاخ يسن الذى كان العمش واضحا من نظارته التخينة وتشليقته التى ليس لها نظير....اخذ الاخ يسن الورق وتحسسه قليلا قبل ان يوقعه ثم فصل الاصل عن النسخ الكربونية واعاد كل ذلك الي وهو يتمتم :السيركو,شؤون العاملين,المالية,مكتب الوكيل,ال............كل ذلك دون ان ينظر فى اتجاهى او يقرا ايا من تلك الاوراق....... كنت ماخوذا بكل ذلك عندما فاجأني صوت الحاجه ام الحسن التي كانت قد دخلت المكتب دون ان انتبه لها........ التفت ثم خطوت في اتجاهها تاركا ورائي الاخ يسن يحدق عاليا نحو السقف ....قابلتني هي ضاحكة رافعة يدها بالدفتر الشهير :السيرك ياولدي ........وقع هنا ...النمرة هنا ..التاريخ هنا..ايوا هنا تمام يادكتور ................
    وجاء صباح جديد ليجدني واقفا امام مكتب الوكيل وطالعني مجددا ذلك الاعلان بالاحمر الشيني ولكنني كنت مسلحا هذه المرة بخطاب الفصل من الوزارة الذي ما ان رأته السكرتيرة المريرة التقاطيع حتى اخذته بدون أي سؤال وغابت برهة داخل المكتب المغلق ثم عادت ومدت يدها بالخطاب لاجده مذيلا بتوقيع الوكيل المستحيل!!!!
    لم اصدق ان الامر قد تم بهذه السرعة ولبثت لوقت ما احدق في الخطاب ثم في الاعلان بالاحمر الشيني ثم في السكرتيرة التي كانت قد عادت للجلوس وراء مكتبها دون ان تبادلني كلمة واحدة لكنها ازاء وقفتي التي طالت شيئا ما رفعت راسها وخاطبتني قائلة :
    --في حاجة تاني يادكتور
    --حاجه ام الحسن؟؟ لا ...لا ابدا ....في الواقع.....انا .....ماعارف ....لكن شكرا جزيلا على أي حال ...بس انتي امبارح ما قلتي لي حكاية السيرك والحاجه ام الحسن وسهام .........
    نظرت الي وخيل الي ان دهشة ما تحاول التسلل الى وجهها المرير ...........سارعت بالقول قبل ان تتعقد الامور او أتسبب بمشكلة للحاجة ام الحسن او سهام : شكرا يااستاذة شكرا جزيلا .
    ووجدت نفسي ابتعد بسرعة ادهشتني حاملا خطابي موقعا من الوكيل ومتجها الى خاااارج مبنى الوزارة وبينما انا أستدير عابرا البوابة اذا بصوت ينادي عاليا:
    دكتور محمد ......دكتور محمد
    كانت تلك هي الخالة ام الحسن ......لم اسامح نفسي لانني نسيت المرور عليها اثناء ابتعادي السريع او بالاحرى (هروبى ) من مكتب الوكيل وسكرتيرته المريرة ........عدت مسرعا في اتجاه الخالة ام الحسن لالتقيها في منتصف الطريق فقد كانت هي الاخرى قد تحركت في اتجاهي ...لكنني لم البث ان تسمرت في مكاني فهذه المرة لم تهتم مطلقا باخفاء الدموع التي غسلت وجهها السمح الملامح بينما تسابقت منها الكلمات :خلاص ياولدي .....وقعت جوابك؟ ومسافر؟ مسافر بتين؟ ....ابقوا عشرة يا اولادي على روحكم........الغربة مرة والزمن أغبر ......اظنك بعد ده ماشي مكتب العمل ماكدي ؟اها ..خليني اوصيك ...علول ما تخش هناك على ايدك (اليسار) بتلاقي سعاد ...ست الشاي يا ولدي ....طوالي امشي ليها وقول ليها خالتك ام الحسن بتسلم عليك وخليها توريك طريقة المخارجة من ناس هناك .......امشي ياولدي امشي ..ودعتك الله ........ابقى عشرة............ودعتك الله...........ودعتك الله ............................................................................................
    .....وعادت الحاجة ام الحسن الى مكانها ولم تنظر أبدا في اتجاهي مرة اخرى.........وقفت اراقبها حتى استقرت على بنبرها تحت الشجرة وسط فناء الوزارة ثم استدرت ببطء نحو الباب لكن قبل ان اخرج وجدتني التفت مجددا تجاه الحاجة ام الحسن فاذا بي أرى شابا مرهق الخطى خارجا من مبنى الوزارة م متجها الى مكان الحاجة ام الحسن.....رأيته يجلس اليها بينما وقفت أنا أراقب المشهد من بعيد وبعد لحظات وجدت الحاجة تشير بيدها التي تحمل السيرك في اتجاه مكتب سهام قبل ان ترفع كلتا اليدين امام وجهها في اشارة دالة على النفي الشديد و......في اخر المشهد رايتها تشيح بوجهها بينما يدها اليسرى ممدودة على امتدادها في اتجاه مكتب (يسن)
    ارتسمت في ذهني على الفور ما لم أراه من مكاني البعيد من تفاصيل ....و.........انحدرت على وجهي انا هذه المرة دمعتان .........لم امسحهما لكني تلفت حوالي ....هل كنت ابحث عن وردة؟؟ لست ادري .............لكني أذكر انه لم تكن هنالك من ورود.........و...قادتني خطاي الى مكتب العمل بينما ذاكرتي كانت تقودني الى امكنة اخرى.............................وزمن .........بعيييد


    د/محمد خليل الكارب







                  

02-15-2008, 02:25 AM

mohamed karib
<amohamed karib
تاريخ التسجيل: 10-24-2002
مجموع المشاركات: 459

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بعض من حكايات الخروج.........دمعتان ولا ورود (Re: mohamed karib)

    الي صديقى القاص عبدالفتاح عبدالسلام ....
    فاتنى ان اخد e mail بتاعك علي كل حال هذه واحدة من حكايات الخروج وفى انتظار تعليقك
                  

02-25-2008, 10:12 PM

mohamed karib
<amohamed karib
تاريخ التسجيل: 10-24-2002
مجموع المشاركات: 459

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بعض من حكايات الخروج.........دمعتان ولا ورود (Re: mohamed karib)

    ال صبرى الشريف
    هل وصلت القصة علي الE MAIL?
                  

02-27-2008, 05:15 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بعض من حكايات الخروج.........دمعتان ولا ورود (Re: mohamed karib)

    Quote: اها و من سنة 88 مشيت وين؟ ضحكت وانا اجيبها :
     قولي ياحاجه ما مشيت وين؟
     ياحليلكم يااولادي....بقيتو تجونا زي السنبر من الحول للحول..




    يا سلام محمد عمل رائع وعظيم والسنبر بجب كل عام في ناس السنبر احسن منهم/ن في حالة الشتات الجديدة كل فر بدينه او بدونه الي بلاد


    كحلت ماقيهم بطول الهجرة والتسافر


    اعود مرة تانية لهذه القصة الجميلة
                  

03-01-2008, 04:41 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بعض من حكايات الخروج.........دمعتان ولا ورود (Re: mohamed karib)

    فوق الي مزيد من القراءة البوست اتحشر في اخر الدنيا طلعتوا باخر بونيه
                  

03-01-2008, 11:42 AM

mohamed karib
<amohamed karib
تاريخ التسجيل: 10-24-2002
مجموع المشاركات: 459

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بعض من حكايات الخروج.........دمعتان ولا ورود (Re: Sabri Elshareef)

    ما حا اغلبك ابدا يا صبرى....
    هل من قراءة ذات نفس نقدى؟ ماذا لو ارسلت البوست للصديق بكرى جابر مثلا؟
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de