ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 08:49 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-22-2007, 12:25 PM

Waeil Elsayid Awad
<aWaeil Elsayid Awad
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 2843

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين

    واحد من اكثر الكتب التى اعجبتنى
    عرض فيه كاتبه ابو الحسن الندوى للنواحى ايجابية عند
    النظر للاسلام كحضارة
    العالم يحتاج الان اكثر من ذى قبل للتعرف على الاسلام
    لان القيم التى يحملها الاسلام تكفل السعادة لكل الناس حتى
    لغير معتنقيها
    للذين انبهروا بأضواء الغرب القى اليهم ببعض ضؤنا
    عسى ان تنجلى الغشاوة التى فى اعينهم
                  

12-22-2007, 12:27 PM

Waeil Elsayid Awad
<aWaeil Elsayid Awad
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 2843

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
العصر الجاهلي (Re: Waeil Elsayid Awad)

    الباب الأول
    العصر الجاهلي
    الفصل الأول
    الإنسانية في الاحتضار

    كان القرن السادس والسابع (لميلاد المسيح) من أحط أدوار التاريخ بلا خلاف ، فكانت الإنسانية متدلية منحدرة منذ قرون ، وما على وجه الأرض قوة تمسك بيدها وتمنعها من التردي ، فقد زادتها الأيام سرعة في هبوطها وشدة في إسفافها ، وكأنَّ الإنسان في هذا القرن قد نسي خالقه ، فنسي نفسه ومصيره ، وفقد رشده ، وقوة التمييز بين الخير والشر ، والحسن والقبيح ، وقد خفتت دعوة الأنبياء من زمن ، والمصابيح التي أوقدوها قد انطفأت من العواصف التي هبت بعدهم أو بقيت ، ونورها ضعيف ضئيل لا ينير إلا بعض القلوب فضلاً عن البيوت فضلاً عن البلاد ، وقد انسحب رجال الدين من ميدان الحياة ، ولاذوا إلى الأديرة والكنائس والخلوات ، فراراً بدينهم من الفتن وضناً بأنفسهم ، أو رغبة إلى الدعة والسكوت ، وفراراً من تكاليف الحياة وجدها ، أو فشلاً في كفاح الدين والسياسة والروح والمادة ، ومن بقي منهم في تيار الحياة اصطلح مع الملوك وأهل الدنيا ، وعاونهم على إثمهم وعدوانهم ، وأكل أموال الناس بالباطل ... على حساب الضعفاء والمحكومين . وإن الإنسانية لا تشقى بتحول الحكم والسلطان والرفاهية والنعيم من فرد إلى فرد آخر من جنسه ، أو من جماعة إلى جماعة أخرى مثلها في الجور والاستبداد وحكم الإنسان للإنسان ، وإن هذا الكون لا يتفجع ولا يتألم فقط بانحطاط أمة أدركها الهرم وسرى فيها الوهن ، وسقوط دولة تآكلت جذورها وتفككت أوصالها ، بل بالعكس تقتضي ذلك سنة الكون ، وإن دموع الإنسان لأعز من أن تفيض كل يوم على ملك راحل وسلطان زائل ، وإنه لفي غنى ، وإنه لفي شغل عن أن يندب من لم يعمل يوماً لإسعاده ، ولم يكدح ساعة لصالحه ، وإن السماء والأرض لتقسوان كثيراً على هذه الحوادث التي تقع ووقعت كل يوم ووقعت ألوف المرات { كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ{25} وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ{26} وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ{27} كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ{28} فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ } .
    بل إن كثيراً من هؤلاء السلاطين والأمم كانوا كلاً على ظهر الأرض ، وويلاً للنوع الإنساني وعذاباً للأمم الصغيرة والضعيفة ، ومنبع الفساد والمرض في جسم المجتمع البشري ، يسري منه السم في أعصابه وعروقه ، ويتعدى المرض إلى الجسم السليم فكان لا بد من عملية جراحية ، وكان قطع هذا الجزء السقيم وإبعاده من الجسم السليم مظهراً كبيراً لربوبية رب العالمين ورحمته ، يستوجب الحمد والامتنان من جميع أعضاء الأسرة الإنسانية ، بل من جميع أفراد الكون { فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } ، ولكن لم يكن انحطاط المسلمين ووال دولتهم وركود ريحهم- وهم حملة رسالة الأنبياء ، وهم للعالم البشري كالعافية للجسم الإنساني- انحطاط شعب أو عنصر أو قومية ، فما أهون خطبه وما أخف وقعه ، ولكنه انحطاط رسالة هي للمجتمع البشري كالروح ، وانهيار دعامة قام عليها نظام الدين والدنيا .
    فهل كان انحطاط المسلمين واعتزالهم في الواقع مما يأسف له الإنسان في شرق الأرض وغربها ، وبعد قرون مضت على الحادث ؟
    وهل خسر العالم حقاً- وهو غني بالأمم والشعوب- بانحطاط هذه الأمة شيئاً ؟ وفيم كانت خسارته ورزيته ؟
    وماذا آل إليه أمر الدنيا ، وماذا صارت إليه الأمم بعدما تولت قيادها الأمم الأوروبية حتى خلفت المسلمين في النفوذ العالمي ، وأسست دولة واسعة على أنقاض الدولة الإسلامية ؟
    وماذا أثر هذا التحول العظيم في قيادة الأمم وزعامة العالم في الدين والأخلاق والسياسة والحياة العامة وفي مصير الإنسانية ؟
    وكيف يكون الحال لو نهض العالم الإسلامي من كبوته وصحا من غفوته ، وتملك زمام الحياة ؟
    ذلك كله ما نحاول الإجابة عنه في الصفحات الآتية ! ...
    أبو الحسن علي الحسني

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

    ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ؟

    لم يكن انحطاط المسلمين أولاً ، وفشلهم وانعزالهم عن قيادة الأمم بعد ، وانسحابهم من ميدان الحياة والعمل أخيراً ، حادثاً من نوع ما وقع وتكرر في التاريخ من انحطاط الشعوب والأمم ، وانقراض الحكومات والدول ، وانكسار الملوك والفاتحين ، وانهزام الغزاة المنتصرين ، وتقلص ظل المدنيات . والجزر السياسي بعد المد . فما أكثر ما وقع مثل هذا في تاريخ كل أمة . وما أكثر أمثاله في تاريخ الإنسان العام ! ولكن هذا الحادث كان غريباً لا مثيل له في التاريخ . مع أن في التاريخ مثلاً وأمثلة لكل حادث غريب .
    لم يكن هذا الحادث يخص العرب وحدهم ، ولا يخص الشعوب والأمم التي دانت بالإسلام ، فضلاً عن الأسر والبيوتات التي خسرت دولتها وبلادها ، بل هي مأساة إنسانية عامة لم يشهد التاريخ أتعس منها ولا أعم منها . فلو علم العالم حقيقة هذه الكارثة ، ولو عرف مقدار خسارته ورزيته ، انكشف عنه غطاء العصبية ، لاتخذ هذا اليوم النحس – الذي وقعت فيه يوم عزاء ورثاء ، ونياحة وبكاء ، ولتبادلت شعوب العالم وأممه التعازي ، ولبست الأمة ثوب الحداد ، ولكن ذلك لم يتم في يوم ، وإنما وقع تدريجياً في عقود من السنين ، والعالم لم يحسب إلى الآن الحساب الصحيح لهذا الحادث ، ولم يقدره قدره ، وليس عنده المقياس الصحيح لشقائه وحرمانه .
    إن العالم لم يخسر شيئاً بانقراض دولة ملكت حيناً من الدهر. وفتحت مجموعاً من البلاد والأقاليم. واستعبدت طوائف من البشر. ونعمت وترفهت .

    نظرة في الأديان والأمم :
    أصبحت الديانات العظمى فريسة العابثين والمتلاعبين ، ولعبة المحرفين والمنافقين ، حتى فقدت روحها وشكلها ، فلو بعث أصحابها الأولون لم يعرفوها ، وأصبحت مهود الحضارة الثقافة والحكم والسياسة مسرح الفوضى والانحلال والاختلال وسوء النظام ، وعسف الحكام ، وشغلت بنفسها ، لا تحمل للعالم رسالة ولا للأمم دعوة ، وأفلست في معنوياتها ، ونضب معين حياتها ، لا تملك مشرعاً صافياً من الدين السماوي ، ولا نظاماً ثابتاً من الحكم البشري.

    المسيحية في القرن السادس المسيحي :
    لم تكن المسيحية في يوم من الأيام من التفصيل والوضوح ومعالجة مسائل الإنسان ، بحيث تقوم عليه حضارة ، أو تسير في ضوئه دولة ، ولكن كان فيها أثارة من تعليم المسيح ، وعليها مسحة من دين التوحيد البسيط ، فجاء بولس فطمس نورها ، وطعّمها بخرافات الجاهلية التي انتقل منها ، والوثنية التي نشأ عليها ، وقضى قسطنطين على البقية الباقية ، حتى أصبحت النصرانية مزيجاً من الخرافات اليونانية والوثنية الرومية والأفلاطونية المصرية والرهبانية ، اضمحلت في جنبها تعليم المسيح البسيطة كما تتلاشى القطرة من اليم ، وعادت نسيجاً خشبياً من معتقدات وتقاليد لا تغذي الروح ، ولا تمد العقل ولا تشعل العاطفة ، ولا تحل معضلات الحياة ، ولا تنير السبيل ، بل أصبحت بزيادات المحرفين ، وتأويل الجاهلين ، تحول بين الإنسان والعلم والفكر ، وأصبحت على تعاقب العصور ديانة وثنية ، يقول (Sale) مترجم القرآن إلى الانكليزية عن نصارى القرن السادس الميلادي : ((وأسرف المسيحيون في عبادة القديسين والصور المسيحية حتى فاقوا في ذلك الكاثوليك في هذا العصر(11))) .

    الحرب الأهلية الدينية في الدول الرومية :
    ثم ثارت حول الديانة وفي صميمها مجادلات كلامية، وسفسطة من الجدل العقيم شغلت فكر الأمة ، واستهلكت ذكاءها ، وابتلعت فدرتها العملية ، وتحولت في كثير من الأحيان حروباً دامية وقتلاً وتدميراً وتعذيباً ، وإغارة وانتهاباً واغتيالاً ، وحولت المدارس والكنائس والبيوت معسكرات دينية متنافسة وأقحمت البلاد في حرب أهلية ، وكان أشد مظاهر هذا الخلاف الديني ما كان بين نصارى الشام والدولة الرومية ، وبين نصارى مصر ، أو بين (الملكانية) و (المنوفيسية) بلفظ أصح ، فكان شعار الملكانية عقيدة ازدواج طبيعة المسيح ، وكان المنوفيسيون يعتقدون أن للسيد المسيح طبيعة واحدة ، وهي الإلهية التي تلاشت فيها طبيعة المسح البشرية ، كقطرة من الخل تقع في بحر عميق لا قرار له . وقد اشتد هذا الخلاف بين الحزبين في القرنين السادس والسابع ، حتى صار كأنه حرب عوان بين دينين متنافسين ، أو كأنه خلاف بين اليهود والنصارى ، كل طائفة تقول للأخرى : إنها ليست على شيء . يقول الدكتور ألفرد . ج . بتلر :
    (( إن ذينك القرنين كانا عهد نضال متصل بين المصريين والرومانيين ، نضال يذكيه اختلاف في الجنس واختلاف في الدين ، وكان اختلاف الدين أشد من اختلاف الجنس ، إذ كانت علة العلل في ذلك الوقت تلك بين الملكانية والمنوفيسية ، وكانت الطائفة الأولى- كما يدل عليها اسمها- حزب مذهب الدولة الإمبراطورية وحزب الملك والبلاد ، وكانت تعتقد العقيدة السنية الموروثة ، وهي ازدواج طبيعة المسيح ، على حين أن الطائفة الأخرى وهي حزب القبط المنوفيسيين –أهل مصر- كانت تستبشع تلك العقيدة وتستفظعها ، وتحاربها حرباً عنيفة في حماسة هوجاء يصعب علينا أن نتصورها أو نعرف كنهها في قوم يعقلون ، بلة يؤمنون بالإنجيل (12))) .
    وحاول الإمبراطور هرقل (610-641) بعد انتصاره على الفرس سنة 638 جمع مذاهب الدولة المتصارعة وتوحيدها ، وأراد التوفيق ، وتقررت صورة التوفيق ، أن يمتنع الناس عن الخوض في الكلام عن كنه طبيعة السيد المسيح ، وعما إذا كانت له صفة واحدة ، أم صفتان ولكن عليهم بأن يشهدوا بأن الله له إرادة واحدة أو قضاء واحد . وفي صدر عام 631 حصل وفاق على ذلك وصار المذهب المنوثيلي مذهباً رسمياً للدولة ، ومن تضمهم من أتباع الكنيسة المسيحية ، وصمم هرقل على إظهار المذهب الجديد على ما عداه من المذاهب المختلفة له متوسلاً إلى ذلك بكل الوسائل ، ولكن القبط نابذوه العداء وتبرأوا من هذه البدعة والتحريف ، وصمدوا له واستماتوا في سبيل عقيدتهم القديمة ، وحاول الإمبراطور مرة أخرى توحيد المذاهب وحسم الخلاف ، فاقتنع بأن يقر الناس بأن الله له إرادة واحدة ، وأما المسألة الأخرى ، وهي نفاذ تلك الإرادة بالفعل ، فأرجأ القول فيه ، ومنع الناس أن يخوضوا في مناظراتها ، وجعل ذلك رسالة رسمية ، وبعث بها إلى جميع جهات العالم الشرقي ، ولكن الرسالة لم تهدئ العاصفة في مصر ووقع اضطهاد فظيع على يد قيرس في مصر واستمر عشر سنين ، وقع خلالها ما تقشعر منه الجلود ، فرجال كانوا يعذبون ثم يقتلون إغراقاً ، وتوقد المشاعل وتسلط نارها على الأشقياء حتى يسيل الدهن من الجانبين على الأرض ، ويوضع السجين في كيس مملوء من الرمل ويرمى به في البحر ، إلى غير ذلك من الفظائع .
                  

12-22-2007, 12:33 PM

Waeil Elsayid Awad
<aWaeil Elsayid Awad
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 2843

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الانحلال الاجتماعي والقلق الاقتصادي (Re: Waeil Elsayid Awad)

    الانحلال الاجتماعي والقلق الاقتصادي :
    بلغ الانحلال الاجتماعي غايته في الدولة الرومية والشرقية ، وعلى كثرة مصائب الرعية ازدادت الإتاوات ، وتضاعفت الضرائب . حتى أصبح أهل البلاد يتذمرون من الحكومات . ويمقتونها مقتاً شديداً . ويفضلون عليها كل حكومة أجنبية ، وكانت الإيجارات والمصادرات ضغثاً على إبّالة ، وقد حدثت لذلك اضطرابات عظيمة وثورات . وقد هلك عام 532 في الاضطراب ثلاثون ألف شخص في العاصمة(13) . وعلى شدة الحاجة إلى الاقتصاد في الحياة أسرف الناس فيه ، ووصلوا في التبذل إلى أحط الدركات . وأصبح الهم الوحيد اكتساب المال من أي وجه ، ثم إنفاقه في التظرف والترف وإرضاء الشهوات .
    ذابت أسس الفضيلة . وانهارت دعائم الأخلاق . حتى صار الناس يفضلون العزوبة على الحياة الزوجية ليقضوا مآربهم في حرية(14) . وكان العدل كما يقول (سيل) يباع ويساوم مثل السلع . وكانت الرشوة والخيانة تنالان من الأمة التشجيع(15) . يقول (جيبون) : ((وفي آخر القرن السادس وصلت الدولة في ترديها وهبوطها إلى آخر نقطة(16) . وكان مثلها كمثل دوحة عظيمة كانت أمم العالم في حين من الأحيان تستظل بظلها الوارف . ولم يبق منها إلا الجذع الذي لا يزداد كل يوم إلا ذبولاً(17) )) . ويقول مؤلفو (تاريخ العالم للمؤرخين) : ((إن المدن العظيمة التي أسرع إليها الخراب ولم تسترد مجدها وزهرتها أبداً ، تشهد بما أصيبت به الدولة البيزنطية في هذا العهد من الانحطاط الهائل الذي كانت نتيجته المغالاة في المكوس والضرائب والانحطاط في التجارة ، وإهمال الزراعة ، وتناقص العمران في البلدان(18) )).

    مصر في عصر الدولة الرومية ديانة واقتصاداً :
    أما مصر ذات النيل السعيد ، والخصب المزيد ، فكانت في القرن السابع من أشقى بلاد الله بالنصرانية ، وبالدولة الرومية معاً ، أما الأولى فلم تستفد منها إلا خلافات ومناظرات في طبيعة المسيح ، وفي فلسفة ما وراء الطبيعة والفلسفة الألهية . وقد ظهرت في القرن السابع في شر مظاهرها ، وأنهكت قوى الأمة العقلية ، وأضعفت قواها العملية ، وأما الأخرى فلم تلق منها إلا اضطهاداً دينياً فظيعاً واستبداداً سياسياً شنيعاً تجرعت في سبيلهما من المرائر في عشر سنين ما ذاقته أوربا في عهد التفتيش الديني في عقود من السنين ، فألهاها ذلك عن كل وطر من أوطار الحياة ، وعن كل مهمة شريفة من مهمات الدين والروح ، فلا هي تتمتع بالحرية السياسية رغم كونها مستعمرة رومية ، ولا هي تتمتع بالحرية الدينية والعقلية ، رغم كونها نصرانية .
    ويقول الدكتور غوستاف لوبون في كتابه (حضارة العرب) :
    ((ولقد أكرهت مصر على انتحال النصرانية . ولكنها هبطت بذلك إلى حضيض الانحطاط الذي لم ينتشلها منه سوى الفتح العربي ، وكان البؤس والشقاء مما كانت تعانيه مصر التي كانت مسرحاً للاختلافات الدينية الكثيرة في ذلك الزمن . وكان أهل مصر يقتتلون ويتلاعنون بفعل تلك الاختلافات ، وكانت مصر التي أكلتها الانقسامات الدينية ، وأنهكها استبداد الحكام تحقد أشد الحقد على سادتها الروم . وتنتظر ساعة تحريرها من براثن قياصرة القسطنطينية الظالمين(19) )).
    ويقول الدكتور الفرد .ج . بتلر في كتابه (فتح العرب لمصر) :
    (( فالحق أن أمور الدين في القرن السابع كانت في مصر أكبر خطراً عند الناس من أمور السياسة ، فلم تكن أمور الحكم هي التي قامت عليها الأحزاب ، واختلف بعضها عن بعض فيها ، بل كان كل الخلاف على أمور العقائد والديانات ، ولم يكن نظر الناس إلى الدين أنه المعين يستمد منه الناس ما يعينهم على العمل الصالح ، بل كان الدين في نظرهم هو الاعتقاد المجرد في أصول معينة .
    (( فكان اختلاف الناس ومناظراتهم العنيفة كلها على خيالات صورية من فروق دقيقة بين المعتقدات ، وكانوا يخاطرون بحياتهم في سبيل أمور لا قيمة لها ، وفي سبيل فروق في أصول الدين وفي فلسفة ما وراء الطبيعة يدق فهمها ، ويشق لإدراكها(20) )) .
    هذا ، وقد اتخذها الروم شاة حلوباً يريدون أن يستنزفوا مواردها ، ويمتصوا دمها ، يقول ألفرد:
    ((إن الروم كانوا يجبون من مصر جزية على النفوس وضرائب أخرى كثيرة العدد..مما لاشك فيه أن ضرائب الروم كانت فوق الطاقة، وكانت تجري بين الناس على غير عدل(21)))
    ويقول مؤلفو (تاريخ العالم للمؤرخين) :
    (( إن مصر كانت تضيف إلى مالية الدولة البيزنطية مجموعاً كبيراً من حاصلها ومنتجاتها ، وكانت طبقات الفلاحة المصرية – مع حرمانها من كل قوة سياسية ومن كل نفوذ – مرغمة على أداء الخرج للدولة الرومية ككراء الأرض فضلاً عن الضرائب ، وكانت ثروة مصر في هذا العهد إلى الانتقاص والانحطاط(22) )) .
    وهكذا اجتمع لمصر من الاضطهاد الديني ، والاستبداد السياسي والاستغلال الاقتصادي ما شغلها بنفسها ، وكدر عليها صفو حياتها ، وألهاها عن كل مكرمة .

    الحبشة :
    أما جارتها الحبشة فكانت على المذهب (المونوفيسي) كذلك ، وكانت مع ذلك تعبد أوثاناً كثيرة استعارت بعضها من الهمجية ، ولم يكن التوحيد إلا ضرباً راقياً من الوثنية خلعت عليها لباساً من علم ومصطلحات نصرانية ، ولم تكن في الدين بذات روح ، ولا في الدنيا بذات طموح ، وقد قضى مجمع (نيقية) أن ليس لها استقلال بأمورها الدينية ، وإنما هي تابعة للكرسي الإسكندري .

    الأمم الأوروبية الشمالية الغربية :
    أما الأمم الأوروبية المتوغلة في الشمال والغرب فكانت تتسكع في ظلام الجهل المطبق ، والأمية الفاشية ، والحروب الدامية ، لم ينبثق فيها فجر الحضارة والعلم بعد ، ولم تظهر على مسرحها الأندلسي لتؤدي رسالتها في العلم والمدنية ، ولم تصهرها الحوادث ، وكانت بمعزل جادة قافلة الحضارة الإنسانية بعيدة عنها ، لا تعرف عن العالم ولا يعرف العالم المتمدن عنها إلا قليلاً ، ولم تكن – مما يجري في الشرق والغرب مما يغير وجه التاريخ – في عير ولا نفير ، وكانت بين نصرانية وليدة ، ووثنية شائبة ، ولم تكن بذات رسالة في الدين ، ولا بذات راية في السياسة .
    يقول هـ . ج . ويلز :
    (( ولم تكن في أوربا الغربية في ذلك العهد أمارات الوحدة والنظام(23) )) .
    ويقول (Robert Briffault ) :
    ((لقد أطبق على أوربا ليل حالك من القرن الخامس إلى القرن العاشر ، وكان هذا الليل يزداد ظلاماً وسواداً . قد كانت همجية ذلك العهد أشد هولاً وأفظع من همجية العهد القديم ، لأنها كانت أشبه بجثة حضارة كبيرة قد تعفنت ، وقد انطمست معالم هذه الحضارة وقضي عليها بالزوال ، وقد كانت الأقطار الكبيرة التي ازدهرت فيها هذه الحضارة وبلغت أوجها في الماضي ، كإيطاليا وفرنسا ، فريسة الدمار والفوضى والخراب(24) )) .

    اليهود :
    وكانت في أوربا وآسيا وإفريقيا أمة هي أغنى أمم الأرض مادة في الدين ، وأقربها فهماً لمصطلحاته ومعانيه ، أولئك هم اليهود ، ولكن لم يكونوا عاملاً من عوامل الحضارة والسياسة أو الدين يؤثر في غيرهم ، بل قُضي عليهم من قرون طويلة أن يتحكم فيهم غيرهم ، وأن يكونوا عرضة للاضطهاد والاستبداد ، والنفي والجلاء ، والعذاب والبلاء ، وقد أورثهم تاريخهم الخاص وما تفردوا به بين أمم الأرض من العبودية الطويلة والاضطهاد الفظيع والكبرياء القومية ، والإدلال بالنسب ، والجشع وشهوة المال وتعاطي الربا ، أورثهم كل ذلك نفسية غريبة لم توجد في أمة وانفردوا بخصائص خلقية كانت لهم شعاراً على تعاقب الإعصار والأجيال ، منها الخنوع عند الضعف ، والبطش وسوء السيرة عند الغلبة ، والختل والنفاق في عامة الأحوال ، والقسوة والأثرة وأكل أموال الناس بالباطل ، والصد عن سبيل الله . وقد وصفهم القرآن الكريم وصفاً دقيقاً عميقاً يصور ما كانوا عليه في القرنين السادس والسابع من تدهور خلقي ، وانحطاط نفسي ، وفساد اجتماعي، عزلوا بذلك عن إمامة الأمم وقيادة العالم.
                  

12-22-2007, 02:04 PM

Waeil Elsayid Awad
<aWaeil Elsayid Awad
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 2843

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
بين اليهود والمسيحيين (Re: Waeil Elsayid Awad)

    بين اليهود والمسيحيين :
    وقد تجدد في أوائل القرن السابع من الحوادث ما بغضهم إلى المسيحيين ، وبغض المسيحيين إليهم وشوه سمعتهم ، ففي السنة الأخيرة من حكم فوكاس (610 م ) أوقع اليهود بالمسيحيين في أنطاكية ، فأرسل الإمبراطور قائده " أبنوسوس" ليقضي على ثورتهم ، فذهب وأنفذ عمله بقسوة نادرة ، فقتل الناس جميعاً ، قتلاً بالسيف ، وشنقاً وإغراقاً وتعذيباً ، ورمياً للوحوش الكاسرة .
    وكان ذلك بين اليهود والنصارى مرة بعد مرة . قال المقريزي في كتاب الخطط : ((وفي أيام فوقا ملك الروم ، بعث كسرى ملك فارس جيوشه إلى بلاد الشام ومصر فخربوا كنائس القدس وفلسطين وعامة بلاد الشام ، وقتلوا النصارى بأجمعهم وأتوا إلى مصر في طلبهم ، وقتلوا منهم أمة كبيرة ، وسبوا منهم سبياً لا يدخل تحت حصر وساعدهم اليهود في محاربة النصارى وتخريب كنائسهم . وأقبلوا نحو الفرس من طبرية وجبل الجليل ، وقرية الناصرية صور ، وبلاد القدس ، فنالوا من النصارى كل منال ، وأعظموا النكاية فيهم ، وخربوا لهم كنيستين وأحرقوا أماكنهم ، وأخذوا قطعة من عود الصليب ، وأسروا بطرك القدس وكثيراً من أصحابه(25) )) .
    إلى أن قال بعد أن ذكر فتح الفرس لمصر :
    ((فثارت اليهود في أثناء ذلك بمدينة صور وأرسلوا بقيتهم في بلادهم وتواعدوا على الإيقاع بالنصارى وقتلهم ، فكانت بينهم حرب اجتمع فيها من اليهود نحو عشرين ألفا وهدموا كنائس النصارى خارج صور فقوي النصارى عليهم وكاثروهم فانهزم اليهود هزيمة قبيحة وقتل منهم كثير ، وكان هرقل قد ملك الروم بقسطنطينية ، وغلب الفرس بحيلة دبرها على كسرى حتى رحل عنهم ، ثم سار من قسطنطينية ليمهد ممالك الشام ومصر ، ويجدد ما خربها الفرس ، فخرج إليه اليهود من طبرية وغيرها ، وقدموا له الهدايا الجليلة طلبوا منهم أن يؤمنهم ويحلف لهم على ذلك فأمنهم وحلف لهم ، ثم دخل القدس وقد تلقاه النصارى بالأناجيل والصلبان والبخور والشموع المشعلة ، فوجد المدينة وكنائسها وقمامتها خراباً ، فساءه ذلك وتوجع له ، وأعلمه النصارى بما كان من ثورة اليهود مع الفرس وإيقاعهم بالنصارى وتخريبهم الكنائس ، وأنهم كانوا أشد نكاية لهم من الفرس وقاموا قياماً كبيراً في قتلهم من آخرهم ، وحثوا هرقل على الوقيعة بهم ، وحسنوا له ذلك فاحتج عليه بما كان من تأمينه لهم وحلفه ، فأفتاه رهبانهم وبطاركتهم وقسيسوهم بأنه لا حرج عليه في قتلهم ، فإنهم عملوا حيلة حتى أمنهم من غير أن يعلم بما كان منهم ، وأنهم يقومون عنه بكفارة يمينه بأن يلتزموا ويلزموا النصارى بصوم جمعة في كل سنة عنه على ممر الزمان والدهور ، فمال إلى قولهم وأوقع باليهود وقيعة شنعاء أبادهم جميعهم فيها ، حتى لم يبق في ممالك الروم بمصر والشام منهم إلا من فر واختفى الخ )) .
    وبهذه الروايات يعلم ما وصل إليه الفريقان ، اليهود والنصارى ، من القسوة والضراوة بالدم الإنساني وتحين الفرص للنكاية في العدو ، وعدم مراعاة الحدود في ذلك ، وبهذه الأخلاق المنحطة والاستهانة بحياة الإنسان لا يمكن لطائفة أو أمة أن تؤدي رسالة الحق والعدل والسلام وتسعد البشرية في ظلها وتحت حكمها .

    إيران والحركات الهدامة فيها :
    أما فارس التي شاطرت الروم في حكم العالم المتمدن فكانت الحقل القديم لنشاط كبار الهدامين الذين عرفهم العالم ، كان أساس الأخلاق متزعزعاً مضطرباً منذ عهد عريق في القدم ، ولم تزل المحرمات النسبية التي تواضعت على حرمتها ومقتها طبائع أهل الأقاليم المعتدلة موضع خلاف ونقاش ، حتى إن يزدجرد الثاني الذي حكم في أواخر القرن الخامس الميلادي تزوج بنته ثم قتلها(26)، وأن بهرام جوبين الذي تملك في القرن السادس كان متزوجاً بأخته(27)
    يقول البروفسور (( أرتهر كرستن سين)) أستاذ الألسنة الشرقية في جامعة كوبنهاجن بالدنمارك المتخصص في تاريخ إيران في كتابه (إيران في عهد الساسانيين) :
    (( إن المؤرخين المعاصرين للعهد الساساني مثل (جاتهياس) وغيره ، يصدقون بوجود عادة زواج الإيرانيين بالمحرمات ، ويوجد في تاريخ العهد الساساني أمثلة لهذا الزواج ، فقد تزوج بهرام جوبين وتزوج جشتسب قبل أن يتنصر بالمحرمات(28) ، ولم يكن يعد هذا الزواج معصية عند الإيرانيين ، بل كان عملاً صالحاً يتقربون به إلى الله ، ولعل الرحالة الصيني (هوئن سوئنج) أشار إلى هذا الزواج بقوله : إن الإيرانيين يتزوجون من غير استثناء (29))) .
    ظهر "ماني" في القرن الثالث المسيحي ، وكان ظهوره رد فعل عنيف غير طبعي ضد النزعة الشهوية السائدة في البلاد ، ونتيجة منافسة النور والظلمة الوهمية فدعا إلى حياة العزوبة لحسم مادة الفساد الشر من العالم ، وأعلن أن امتزاج النور بالظلمة شر يجب الخلاص منه فحرَّم النكاح استعجالاً للفناء وانتصاراً للنور على الظلمة بقطع النسل . وقتله بهرام سنة 276م قائلاً إن هذا خرج داعياً إلى تخريب العالم فالواجب أن يبدأ بتخريب نفسه قبل أن يتهيأ له شيء من مراده . ولكن تعاليمه لم تمت بموته بل عاشت إلى ما بعد الفتح الإسلامي .
    ثم ثارت روح الطبيعة الفارسية على تعاليم ماني المجحفة ، وتقمصت دعوة مزدك الذي ولد 487 م فأعلن أن الناس ولدوا سواء لا فرق بينهم ، فينبغي أن يعيشوا سواء لا فرق بينهم ، ولما كان المال والنساء مما حرصت النفوس على حفظه وحراسته كان ذلك عند مزدك أهم ما تجب فيه المساواة والاشتراك .
    قال الشهرستاني(30) . (( أحل النساء وأباح الأموال وجعل الناس شركة فيها كاشتراكهم في الماء والنار والكلأ )) . وحظيت هذه الدعوة بموافقة الشبان والأغنياء والمترفين وصادفت من قلوبهم هوى ، وسعدت كذلك بحماية البلاط فأخذ قباذ بناصرها ونشط في نشرها وتأييدها حتى انغمست إيران بتأثيرها في الفوضى الخلقية وطغيان الشهوات ، قال الطبري : (( افترض السّفلة ذلك واغتنموا وكاتفوا مزدك وأصحابه وشايعوهم فابتلى الناس بهم وقوي أمرهم حتى كانوا يدخلون على الرجل في داره فيغلبونه على منزله ونسائه وأمواله لا يستطيع الامتناع منهم ، وحملوا قباذ على تزيين ذلك وتوعدوه بخلعه فلم يلبثوا إلا قليلاً حتى صاروا لا يعرف الرجل ولده ولا المولود أباه ولا يملك شيئاً مما يتسع به(31))) إلى أن قال : (( ولم يزل قباذ من خيار ملوكهم حتى حملة مزدك على ما حمله عليه فانتشرت الأطراف وفسدت الثغور(32))) .

    تقديس الأكاسرة :
    وكانت الأكاسرة ملوك فارس يدَّعون أنه يجري في عروقهم دم إلهي ، وكان الفرس إليهم كآلهة ويعتقدون أن في طبيعتهم شيئاً علوياً مقدساً فكانوا يكفرون لهم ، وينشدون الأناشيد بألوهيتهم ويرونهم فوق القانون وفوق الانتقاد وفوق البشر ، لا يجري اسمهم على لسانهم ، ولا يجلس أحد في مجلسهم ، ويعتقدون أن لهم حقاً على كل إنسان ، وليس لإنسان حق عليهم وأن ما يرضخون لأحد من فضول أموالهم وفتات نعيمهم إنما هو صدقة وتكرم من غير استحقاق ، وليس للناس قِبلهم إلا السمع والطاعة ، وخصصوا بيتاً معيناً – وهو البيت الكياني فكانوا يعتقدون أن لأفراده وحدهم الحق أن يلبسوا التاج ويجبوا الخراج ، وهذا الحق ينتقل فيهم كابراً عن كابر وأباً عن جد لا ينازعهم ذلك إلا ظالم ولا ينافسهم إلا دعي نذل ، فكانوا يدينون بالملك والوراثة في البيت المالك لا يبغون به بدلاً ولا يريدون عنه محيصاً ، فإذا لم يجدوا من هذه الأسرة كبيراً ملكوا عليهم طفلاً ، وإذا لم يجدوا رجلاً ملكوا عليهم امرأة فقد ملكوا بعد شيرويه ولده أزدشير وهو ابن سبع سنين وملك فرُّخ زاد خسروا ابن كسرى أبرويز وهو طفل ، وملكوا بوران بنت كسرى ، وملكت كذلك ابنة كسرى ثانية يقال لها أزرمي دخت(33) ولم يخطر ببالهم أن يملكوا عليهم قائداً كبيراً أو رئيساً من رؤسائهم مثل رستم وجابان وغيرهما لأنهم ليسوا من البيت الملكي .

    التفاوت بين الطبقات :
    وكذلك اعتقادهم في الببيوتات الروحية والأشراف من قومهم ، فيرونهم فوق العامة في طينتهم وفوق مستوى الناس في عقولهم ونفوسهم . ويعطونهم سلطة لا حد لها ، ويخضعون لها خضوعاً كاملاً- يقول البروفسور أرتهرسين مؤلف تاريخ (إيران في عهد الساسانيين) :
    ((كان المجتمع الإيراني مؤسساً على اعتبار النسب والحِرف ، وكان بين طبقات المجتمع هوة واسعة لا يقوم عليها جسر ولا تصل بينها صلة(34) ، وكانت الحكومة تحظر على العامة أن يشتري أحد منهم عقاراً لأمير أو كبير(35) ، وكان من قواعد السياسة الساسانية أن يقنع كل واحد بمركزه الذي منحه نسبه ، ولا يستشرف لما فوقه(36) ، ولم يكن لأحد أن يتخذ حرفة(37) غير الحرفة التي خلقه الله لها(38) ، وكان ملوك إيران لا يولون وضيعاً وظيفة من وظائفهم(39) ، وكان العامة كذلك طبقات متميزة بعضها عن بعض تميزاً واضحاً ، وكان لكل واحد مركز محدد في المجتمع(40) )) .
    وكان في هذا التفاوت بين طبقات الأمة امتهان للإنسانية يظهر لك جلياً في مجالس الأمراء والأشراف ، حيث يقوم الناس على رؤوس الأمراء كأنهم جماد لا حراك بهم ويجلسون مزجر الكلب ، وقد أكبر ذلك على رسول المسلمين وأنكره ، ويتبين مما روى الطبري ما وصل إليه الفرس من الاستكانة والخضوع لسادتهم جرياً على عاداتهم ، قال :
    ((عن أبي عثمان النهدي قال لما جاء المغيرة إلى القنطرة فعبرها إلى أهل فارس أجلسوه واستأذنوا رستم في إجازته ، ولم يغيروا شيئاً من شارتهم تقوية لتهاونهم ، فأقبل المغيرة بن شعبة والقوم في زيهم عليهم التيجان والثياب المنسوجة بالذهب ، وبُسطهم على غلوة ، ولا يصل إلى صاحبهم حتى يمشي عليها غلوة ، وأقبل المغيرة وله أربع ضفائر يمشي حتى جلس معه على سريره ووسادته ، فوثبوا عليه فترتروه وأنزلوه ومغثوه ، فقال : كانت تبلغنا عنكم الأحلام ولا أرى قوماً أسفه منكم ، إنا معشر العرب سواء لا يستعبد بعضنا بعضاً إلا أن يكون محارباً لصاحبه، فظننت أنكم تواسون قومكم كما نتواسى ، وكان أحسن من الذي صنعتم أن تخبروني أن بعضكم أرباب بعض ، وأن هذا الأمر لا يستقيم فيكم فلا نصنعه ، ولم آتكم ولكن دعوتموني . اليوم علمت أن أمركم مضمحل ، وأنكم مغلوبون ، وأن ملكاً لا يقوم على هذه السيرة ولا على هذه العقول(41))) .
                  

12-22-2007, 11:13 PM

سيف النصر محي الدين محمد أحمد

تاريخ التسجيل: 04-12-2011
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين اليهود والمسيحيين (Re: Waeil Elsayid Awad)

    Quote: واحد من اكثر الكتب التى اعجبتنى


    الأخ وائل ..كل عام وأنتم بخير:

    ده واحد من أبيخ الكتب في الدنيا.

    ذم الرجل فيه كل الأديان و الأفكار في العالم و قدم صورة وردية عن ماضي الخلافة الأسلامية في المقابل..لا حديث عن الصراعات..و لا الفتن و لا العصبيات ..
                  

12-23-2007, 04:31 AM

Waeil Elsayid Awad
<aWaeil Elsayid Awad
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 2843

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين اليهود والمسيحيين (Re: سيف النصر محي الدين محمد أحمد)

    الاخ سيف الدين
    كل عام و انت بخير
    الكتاب الف فى فترة خمسينات القرن الماضى عندما كانت الطبقة المثقفة
    تنظر لماضى الامة باعتباره فترة تخلف
    اراد الكاتب ان يقدم صورة ايجابية لتاريخنا من منظور حضارى
    و يكفيك فقط ان تتخيل حال العالم الان اذا حذفنا منه العصر الذهبى للحضارة
    الاسلامية
                  

12-23-2007, 05:50 AM

الزوول
<aالزوول
تاريخ التسجيل: 05-14-2003
مجموع المشاركات: 2463

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين (Re: Waeil Elsayid Awad)

    السلام عليكم
    الأخ وائل
    تحياتي وكل سنة وانت طيب
    شكراً لك على عرض الكتاب والمجهود المقدر في تلخيصه وإن كنت أعيب عليك عدم تعريفك بالمؤلف
    وسنناقش ما ستأتي به بعد أن تعرض ما تراه ( واحداً من أكثر الكتب التي اعجبتك)
    وهذا شيء مطلوب
    ابداء الرأي في الشيء ومن ثم الإتيان بما يدعم وجهة النظر هذه
    وترك الحرية للقاريء ليحدد جماله أو (بياخته)
    وليس كما يفعل بعضهم
    يأتيك برأيه هذا يعجبني وهذا لا يعجبني وهذا أحبه وهذا اكرهه
    من غير مجهود ولا تحليل ولا تبيان لأوجه (البياخة) في الطرح
    وكأن رأيه في الأشياء هو مسوق لنا لموافقته الرأي
    واصل مع الشكر ...ونحن متابعون..
    .............................
    وما الناس إلا هالك وأبن هالك *** وذو نسب في الهالكين عريق
                  

12-23-2007, 11:37 AM

Waeil Elsayid Awad
<aWaeil Elsayid Awad
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 2843

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين (Re: الزوول)

    الزول
    تحية طيبة
    سأنقل لكم تعريف الاستاذ ابى الحسن الندوى كما جاء فى الويكبيديا
    Quote: اسمه ونسبه
    عليٌّ أبو الحسنِ بنُ عبد الحي بن فخر الدين الحسني ـ ينتهي نسبه إلى عبد الله الأشتر بن محمد ذي النفس الزكية بن عبد الله المحض بن الحسن السبط بن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه هاجر بعض أجداده وهو الأمير السيد قطب الدين محمدالمدني (م 677هـ) إلى الهند في أوائل القرن السابع الهجري.

    أبوه علامة الهند ومؤرِّخُها السيد عبدالحي بن فخرالدين الحسني رحمه الله صاحب المصنَّفات المشهورة: “ نُزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر في تراجم علماء الهند وأعيانها”.


    [تحرير] ميلاده ونشأته
    وُلِدَ بقرية تكيه بمديرية راي بريلي- في الولاية الشمالية -(Uttar Pardash) بالهند في

    بدأ تعلُّمَه للقرآن الكريم في البيتِ تُعاوِنُه أمُّه، ثم بدأ في تعلُّم اللغتَينِ الأرديةَ والفارسيةَ.

    تُوُفِّي أبوه عام 1341هـ - ( 1923م) وهو لم يزل دون العاشرة، فتولَّى تربيتَه أمُّه الفاضلةُ،وأخوه الأكبُر الدكتور عبد العلي الحسني الذي كان هو الآخَرُ طالباًفي كلية الطب بعد تخرُّجِه من دار العلوم ندوة العلماء ومن دار العلوم ديوبند.

    بدأ تعلُّم العربيةِ على الشيخ خليل بن محمد الأنصاري اليماني عام 1342هـ (1924م) وتخرَّج عليه،كما استفاد- في دراسة اللغة العربية وآدابها - من عمَّيهِالشيخ عزيز الرحمن والشيخ محمد طلحة،وتوسع فيها وتخصص على الأستاذ الدكتور تقي الدين الهلالي عند مقدمه في ندوة العلماء عام 1930م.

    حضراحتفالَ ندوة العلماء بكانفور عام 1926م، وشدَّ انتباه المشاركين في الاحتفال بكلامه العربي، واستعان به بعضُ الضيوفِ العرب في تنقُّلا ته خارجَ مقرِّ الحفل.

    التحق بجامعة لكهنؤ في القسم العربي عام 1927م -وكان أصغرَ طُلاب الجامعةِ سِنّاً - وحصل علىشهادة فاضل أدب في اللغة العربية وآدابها.

    قرأ -أيام دراسة اللغة العربية الأولى -كتبا تعتبر في القمة في اللغة الأردية وآدابها ، مِمَّاأعانه على القيام بواجب الدعوة، وشرح الفكرة الإسلامية الصحيحة، وإقناع الطبقة المثقَّفة بالثقافة العصرية.

    عكف على دراسة اللغة الإنجليزية في الفترة مابين 1928- 1930م ممامكَّنَتْه من قراءة الكتب المؤلَّفة -بالإنجليزية - في المواضيع الإسلامية والحضارة الغربية وتاريخها وتطورها، والاستفادة منها مباشرة.

    التحق بدار العلوم لندوة العلماء عام 1929م، وحضَر دروسَ الحديث الشريف للعلامة المحدِّث المربِّي حيدر حسن خان- وكان قد دَرَسَ كتاب الجهاد من صحيح الإمام مسلم على شيخه خليل الأنصاري- ولازَمَه سنتَيْنِ كاملَتَيِن فقرأ عليه الصحيحين، وسنن أبي داوود، وسنن الترمذي حرفاً حرفاً، وقرأ عليه دروساً في تفسير البيضاوي أيضاً، وقرأ على الشيخ الفقيه المفتي شبلي الجيراجبوري الأعظمي بعض كتب الفقه.

    تلقَّى تفسيرَ سورٍ مختارة من شيخه خليل الأنصاري، ثم تلقَّى دروساًفي التفسير من الشيخ عبد الحي الفاروقي، وحضر دروس البيضاوي للمحدث حيدرحسن خان، ودَرَسَ التفسيرلكامل القرآن الكريم - حسب المنهج الخاص للمتخرجين من المدارس الإسلامية - على العلامة المفسِّر أحمد علي اللاهوري في لاهور عام 1351هـ / 1932م . أقام عند العلامة المجاهدحسين أحمد المدني عام 1932م في دار العلوم ديوبند عدة أشهر، وحضردروسَه في صحيح البخاري وسنن الترمذيِّ، واستفاد منه في التفسيروعلوم القرآن الكريم أيضاً،كما استفادمن الشيخ الفقيه الأديب إعزاز علي في الفقه، و من الشيخ المقرئ أصغر علي في التجويد على رواية حفص.


    [تحرير] حياته العملية وجهوده الدعوية
    تَعيَّن مُدَرِّساً في دارالعلوم لندوة العلماء عام 1934م، ودرَّس فيها التفسير والحديث، والأدب العربي وتاريخه’ والمنطق.

    تزوج عام 1934م، وعوضه الله عن أولاده من الصلب ابن الأخ الداعية الكاتب الموهوب[ محمد الحسني رحمه الله] وأبناء الأخت الصالحين البررة الدعاة المخلصين[ محمد الثاني رحمه الله، محمد الرابع، ومحمد الخامس وهو المعروف بـ: واضح رشيد حفظهما الله]

    استفادمن الصُّحف والمجلات العربية الصادرة في البلاد العربية - والتىكانت تصل إلى أخيه الأكبر،أوإلىدار العلوم ندوة العلماء-مما عرَّفَه على البلاد العربية وأحوالها، وعلمائها’وأدبائها’ومفكِّر يهاعن كثب.

    بدأ يتوسع في المطالعة والدراسة - خارجاً عن نطاق التفسير والحديث والأدب والتاريخ أيضاً- منذ عام 1937م، واستفاد من كتب المعاصرين من الدعاة و المفكرين العرب ، وفضلاء الغرب ،و الزعماء السياسِيِّينَ.

    قام برحلة استطلاعية للمراكز الدينيَّة في الهند عام 1939م تعرَّف فيها على الشيخ المربِّي عبد القادر الراي بوري والداعية المصلح الكبيرمحمد إلياس الكاندهلوي، وبقي علىصلة بهما، فتلقَّى التربيةَ الروحيةَ من الأول وتأسَّى بالثاني في القيام بواجبِ الدعوةوإصلاح المجتمع، فقضى زمناً في رحلات دعوية متتابعة للتربية والإصلاح والتوجيه الديني على منهجه، واستمرت الرحلات الدعوية - على اختلاف في الشكل والنظام - إلى مرض وفاته رحمه الله في ذي الحجة عام 1420هـ.

    أسَّسَ مركزاً للتعليمات الإسلامية عام 1943م’ ونظَّم فيها حلقاتِ درسٍ للقرآن الكريم والسنَّة النَّبوِيَّةِ فتهافتَ عليها الناسُ من الطبقة المثقفةِ والموظَّفِين الكبار.

    اختير عضواً في المجلس الانتظامي [الإداري] لندوة العلماء عام 1948م ، وعُيِّن نائبا لمعتمد (وكيل)ندوة العلماء للشؤن التعليمية بترشيحٍ من المعتمد العلامة السيد سليمان النَّدْوي -رحمه الله - عام 1951م، واختيرمعتمداً-إثرَ وفاة العلامة رحمه الله-عام 1954م،ثم وقع عليه الاختيارُ أميناًعاماًلندوة العلماء -بعد وفاة أخيه الدكتور السيد عبد العلي الحسني - عام 1961م.

    أسَّسَ حركة رسالة الإنسانية عام 1951م.

    أسَّسَ المجمع الإسلامي العلمي في لكهنؤ عام 1959م

    شارك في تأسيس هيئة التعليم الديني للولاية الشمالية (U.P.) عام 1960م، وفي تأسيس المجلس الاستشاري الإسلامي لعموم الهند عام 1964م، وفي تأسيس هيئة الأحوال الشخصية الإسلامية لعموم الهند عام 1972م . دعا إلى أوَّل ندوة عالمية عن الأدب الإسلامي في رحاب دارالعلوم لندوة العلماءعام 1981م . بسم الله الرحمن الرحيم


    الإمام النَّدْوي أبوالحسن علي بن عبد الحي بن فخرالدين الحسني


    إعداد/ محمد طارق زبير النَّْدوي

    اسمه ونسبه: عليٌّ أبو الحسنِ بنُ عبد الحي بن فخر الدين الحسني ـ ينتهي نسبه إلى عبد الله الأشتر بن محمد ذي النفس الزكية بن عبد الله المحض بن الحسن السبط بن علي ابن أبي طالبرضي الله عنه هاجربعض أجداده وهو الأمير السيد قطب الدين محمدالمدني (م 677هـ) إلى الهند في أوائل القرن السابع الهجري.

    أبوه علامة الهند ومؤرِّخُها السيد عبدالحي بن فخرالدين الحسني رحمه الله صاحب المصنَّفات المشهورة: “ نُزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر في تراجم علماء الهند وأعيانها” - طُبع أخيراً باسم : الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام- في ثمانية مجلدات. “والهند في العهد الإسلامي”،و”الثقافة الإسلامية في الهند”.

    أمه - رحمها الله - كانت من السيدات الفاضلات،المربِّيات النادرات،المؤلِّفات المعدودات، تحفظُ القرآن وتكتبُ وتؤلِّف، وتقول الشعرَ.

    ميلاده ونشأته:


    وُلِدَ بقرية تكيه بمديرية راي بريلي- في الولاية الشمالية -(Uttar Pardash) بالهند في 6/ محرم 1333هـ الموافق عام 1914م.

    بدأ تعلُّمَه للقرآن الكريم في البيتِ تُعاوِنُه أمُّه، ثم بدأ في تعلُّم اللغتَينِ الأرديةَ والفارسيةَ.

    تُوُفِّي أبوه عام 1341هـ - ( 1923م) وهو لم يزل دون العاشرة، فتولَّى تربيتَه أمُّه الفاضلةُ،وأخوه الأكبُر الدكتور عبد العلي الحسني الذي كان هو الآخَرُ طالباًفي كلية الطب بعد تخرُّجِه من دار العلوم ندوة العلماء ومن دار العلوم ديوبند.

    بدأ تعلُّم العربيةِ على الشيخ خليل بن محمد الأنصاري اليماني عام 1342هـ (1924م) وتخرَّج عليه،كما استفاد- في دراسة اللغة العربية وآدابها - من عمَّيهِالشيخ عزيز الرحمن والشيخ محمد طلحة،وتوسع فيها وتخصص على الأستاذ الدكتور تقي الدين الهلالي عند مقدمه في ندوة العلماء عام 1930 م.

    حضراحتفالَ ندوة العلماء بكانفور عام 1926م، وشدَّ انتباه المشاركين في الاحتفال بكلامه العربي، واستعان به بعضُ الضيوفِ العرب في تنقُّلا ته خارجَ مقرِّ الحفل.

    التحق بجامعة لكهنؤ في القسم العربي عام 1927م -وكان أصغرَ طُلاب الجامعةِ سِنّاً - وحصل علىشهادة فاضل أدب في اللغة العربية وآدابها.

    قرأ -أيام دراسة اللغة العربية الأولى -كتبا تعتبر في القمة في اللغة الأردية وآدابها ، مِمَّاأعانه على القيام بواجب الدعوة، وشرح الفكرة الإسلامية الصحيحة، وإقناع الطبقة المثقَّفة بالثقافة العصرية.

    عكف على دراسة اللغة الإنجليزية في الفترة مابين 1928- 1930م ممامكَّنَتْه من قراءة الكتب المؤلَّفة -بالإنجليزية - في المواضيع الإسلامية والحضارة الغربية وتاريخها وتطورها، والاستفادة منها مباشرة.

    التحق بدار العلوم لندوة العلماء عام 1929م، وحضَر دروسَ الحديث الشريف للعلامة المحدِّث المربِّي حيدر حسن خان- وكان قد دَرَسَ كتاب الجهاد من صحيح الإمام مسلم على شيخه خليل الأنصاري- ولازَمَه سنتَيْنِ كاملَتَيِن فقرأ عليه الصحيحين، وسنن أبي داؤد، وسنن الترمذي حرفاً حرفاً، وقرأ عليه دروساً في تفسير البيضاوي أيضاً، وقرأ على الشيخ الفقيه المفتي شبلي الجيراجبوري الأعظمي بعض كتب الفقه.

    تلقَّى تفسيرَ سورٍ مختارة من شيخه خليل الأنصاري، ثم تلقَّى دروساًفي التفسير من الشيخ عبد الحي الفاروقي، وحضر دروس البيضاوي للمحدث حيدرحسن خان، ودَرَسَ التفسيرلكامل القرآن الكريم - حسب المنهج الخاص للمتخرجين من المدارس الإسلامية - على العلامة المفسِّر أحمد علي اللاهوري في لاهور عام 1351هـ / 1932م . أقام عند العلامة المجاهدحسين أحمد المدني عام 1932م في دار العلوم ديوبند عدة أشهر، وحضردروسَه في صحيح البخاريِّ وسنن الترمذيِّ، واستفاد منه في التفسيروعلوم القرآن الكريم أيضاً،كما استفادمن الشيخ الفقيه الأديب إعزاز علي في الفقه، و من الشيخ المقرئ أصغر علي في التجويد على رواية حفص.


    [تحرير] حياته العملية وجهوده الدعوية
    تَعيَّن مُدَرِّساً في دارالعلوم لندوة العلماء عام 1934م، ودرَّس فيها التفسير والحديث، والأدب العربي وتاريخه’ والمنطق.

    تزوج عام 1934م، وعوضه الله عن أولاده من الصلب ابن الأخ الداعية الكاتب الموهوب[ محمد الحسني رحمه الله] وأبناء الأخت الصالحين البررة الدعاة المخلصين[ محمد الثاني رحمه الله، محمد الرابع، ومحمد الخامس وهو المعروف بـ: واضح رشيد حفظهما الله]

    استفادمن الصُّحف والمجلات العربية الصادرة في البلاد العربية - والتىكانت تصل إلى أخيه الأكبر،أوإلىدار العلوم ندوة العلماء-مما عرَّفَه على البلاد العربية وأحوالها، وعلمائها’وأدبائها’ومفكِّر يهاعن كثب.

    بدأ يتوسع في المطالعة والدراسة - خارجاً عن نطاق التفسير والحديث والأدب والتاريخ أيضاً- منذ عام 1937م، واستفاد من كتب المعاصرين من الدعاة و المفكرين العرب ، وفضلاء الغرب ،و الزعماء السياسِيِّينَ.

    قام برحلة استطلاعية للمراكز الدينيَّة في الهند عام 1939م تعرَّف فيها على الشيخ المربِّي عبد القادر الراي بوري والداعية المصلح الكبيرمحمد إلياس الكاندهلوي، وبقي علىصلة بهما، فتلقَّى التربيةَ الروحيةَ من الأول وتأسَّى بالثاني في القيام بواجبِ الدعوةوإصلاح المجتمع، فقضى زمناً في رحلات دعوية متتابعة للتربية والإصلاح والتوجيه الديني على منهجه، واستمرت الرحلات الدعوية - على اختلاف في الشكل والنظام - إلى مرض وفاته رحمه الله في ذي الحجة عام 1420هـ.

    أسَّسَ مركزاً للتعليمات الإسلامية عام 1943م’ ونظَّم فيها حلقاتِ درسٍ للقرآن الكريم والسنَّة النَّبوِيَّةِ فتهافتَ عليها الناسُ من الطبقة المثقفةِ والموظَّفِين الكبار.

    اختير عضواً في المجلس الانتظامي [الإداري] لندوة العلماء عام 1948م ، وعُيِّن نائبا لمعتمد (وكيل)ندوة العلماء للشؤن التعليمية بترشيحٍ من المعتمد العلامة السيد سليمان النَّدْوي -رحمه الله - عام 1951م، واختيرمعتمداً-إثرَ وفاة العلامة رحمه الله-عام 1954م،ثم وقع عليه الاختيارُ أميناًعاماًلندوة العلماء -بعد وفاة أخيه الدكتور السيد عبد العلي الحسني - عام 1961م.

    أسَّسَ حركة رسالة الإنسانية عام 1951م.

    أسَّسَ المجمع الإسلامي العلمي في لكهنؤ عام 1959م

    شارك في تأسيس هيئة التعليم الديني للولاية الشمالية (U.P.) عام 1960م، وفي تأسيس المجلس الاستشاري الإسلامي لعموم الهند عام 1964م، وفي تأسيس هيئة الأحوال الشخصية الإسلامية لعموم الهند عام 1972م . دعا إلى أوَّل ندوة عالمية عن الأدب الإسلامي في رحاب دارالعلوم لندوة العلماءعام 1981م .


    [تحرير] أهم مؤلفاته
    نُشِرَله أوَّلُ مقالٍ بالعربية في مجلة “المنـار” للسيد رشيد رضا عام 1931م حول حركة الإمام السيدأحمد بن عرفان (الشهيد في بالاكوت عام 1831م)

    ظهر له أوَّلُ كتاب بالأردية عام 1938 م بعنوان “ سيرة سيد أحمد شهيد” ونال قبولاً واسعاًفي الأوساط الدينية والدعوية.

    ألّف كتابه “ مختارات في أدب العرب” عام 1940م ، وسلسة “قصص النبيين” للأطفال’وسلسلةً أخرىللأطفال’باسم:“القراءة الراشدة” في الفترة مابين 1942-1944م.

    بدأ في تاليف كتابه المشهور “ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين” عام 1944 م،وأكمله عام 1947م، وقد طُبِعت ترجمتُه الأرديةُ في الهند قبل رحلته الأولى للحج عام 1947م.

    ألَّف - عام 1947م - رسالة بعنوان : “إلى مُمثِّلي البلاد الإسلامية” موجَّهةً إلى المندوبين المسلمين والعرب المشاركين في المؤتمر الآسيوي المنعقد في دلهي- على دعوة من رئيس وزراء الهند وقتها : جواهر لال نهرو - فكانت أولَ رسالةٍ له انتشرت في الحجاز عند رحلته الأولى.

    كلَّفته الجامعة الإسلامية في عليكره (A.M.U.) الهند، بوضع منهاج لطلبة الليسانس في التعليم الديني أسماه “إسلاميات”، وألقى في الجامعة الملية بدلهى - على دعوة منها- عام 1942م محاضرةًطُبعت بعنوان : “بين الدين و المدنِيَّةِ”.

    دُعِي أستاذاً زائِراً في جامعة دمشق عام 1956م، وألقى محاضرات بعنوان : "التجديد و المجدِّدون في تاريخ الفكر الإسلامي" ضُمَّت - فيما بعد- إلى كتابه الكبير"رجال الفكر والدعوة في الإسلام ".

    ألقى محاضرات في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة - على دعوة من نائب رئيسها سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز- عام 1963م، طُبِعت بعنوان: "النبوة والأنبياء في ضوء القرآن".

    سافر إلى الرياض- على دعوة من وزير المعارف السعودي - عام 1968م للمشاركة في دراسة خطة كلية الشريعة،وألقى بها عدَّةَ محاضرات في جامعة الرياض وفي كلية المعلِّمين، وقد ضُمَّ بعضُها إلى كتابه: "نحو التربية الإسلامية الحرة في الحكومات والبلاد الإسلامية".

    ألّف - بتوجيهٍ من شيخه عبد القادر الراي بورى - كتاباً حول القاديانية ، بعنوان: "القادياني والقاديانية " عام1958م.

    ألَّف كتابه " الصِّراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية في الأقطار الإسلامية" عام 1965م، وكتابه " الأركان الأربعة" عام 1967م ، و"العقيدة والعبادة والسلوك" عام 1980م، و " صورتان متضادتان لنتائج جهود الرسول الأعظم والمسلمين الأوائل عند أهل السنة و الشيعة" ، عام 1984م، و"المرتضى" في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عام 1988م.


    [تحرير] الصحافة
    شارك في تحرير مجلة " الضياء"العربية الصادرة من ندوة العلماء عام 1932م، ومجلة "الندوة" الأردية الصادرة منها أيضاً عام 1940 م ، وأصدر مجلة " التعمير" الأردية عام 1948م.

    وتولَّى كتابة افتتاحيات مجلة " المسلمون" -الصادرة من دمشق- في الفترة مابين59- 1958 م وكانت أُوْلاها هي التي نُشِرت فيما بعد بعنوان : "رِدَّة و لا أبا بكر لها"،كما ظهرت له مقالات في مجلة "الفتح"للأستاذ محب الدين الخطيب.

    أشرف على إصدار جريدة "نداي ملت" الأردية الصادرة عام 1962م، وكان المشرفُ العام على مجلة "البعث الإسلامي" العربية الصادرة منذ عام 1955م، وجريدة "الرائد" العربية الصادرة منذ عام1959م، وجريدة "تعمير حيات" الأردية الصادرة منذ عام 1963م، والمجلة الإنجليزية The Fragrance الصادرة منذ عام 1998م، أربعتُها تصدر من ندوة العلماء، وكان هو المشرف العام على مجلة "معارف" الأردية الصادرة من دار المصنفين بأعظم كره، ومجلة الأدب الإسلامي الصادرة من رابطة الأدب الإسلامي العالمية مكتب البلاد العربية، ومجلة "كاروان أدب" الصادرة من رابطة الأدب الإسلامي العالمية مكتب بلاد شبه القارة الهندية.


    [تحرير] رحلاته في طلب العلم
    سافر إلى مدينة لاهور عام 1929م، وكانت أوَّلَ رحلةٍ له إلى بلدٍ بعيد’ حيث تعرَّف على علمائها وأعيانها، والتقى بشاعر الإسلام الدكتور محمد إقبال وكان قد ترجم بعض قصائده -قصيدة القمر- إلى النثر العربي.وفي هذه الرحلة عرضه عمه الشيخ محمد طلحة على المربي الكبير الأستاذ محمد شفيع واستشاره في الميدان الذي يختاره للدراسة في المستقبل فأشار عليه المذكور بالاستمرار في تعلم العربية.

    سافر ثانية إلى لاهور عام 1930م وقرأ عليه تفسير أوائل سورة البقرة.

    وفي رحلته الثالثة إلى لاهور عام 1931م قرأ على العلامة اللاهوري كتاب حجة الله البالغة للإمام ولي الله الدهلوي رحمه الله.

    رافق العلامة الدكتور تقي الدين الهلالي في رحلته إلى بنارس وأعظم كره ومؤ ومبارك فور، ولعله في هذه الرحلة قرأ أوائل الصحاح على صاحب تحفة الأحوذي العلامة عبد الرحمن المباركفوري وأخذ منه - أيضاً - الإجازة في الحديث.

    سافر إلى ديوبند عام 1932م وأقام بدارالعلوم ديوبند للحضور في دروس العلامة المحدث المجاهد حسين أحمد المدني في الحديث الشريف ، كما استفاد منه بصفة خاصة في التفسيروعلوم القرآن.

    وفي رحلته الرابعة إلى لاهور عام 1932م قرأ على العلامة اللاهوري تفسير كامل القرآن الكريم حسب المنهاج المقرر للمتخرجين من المدارس الإسلامية.

    رافق العلامة السيد سليمان النَّدْوي في سفره إلى كرنال و باني بت، وتهانيسر ودلهي عام 1939م.


    [تحرير] تقدير وتكريم
    اختير عضوا مراسِلاً في مجمع اللغة العربية بدمشق عام 1956م .

    أدار الجلسة الأولى لتأسيس رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة عام 1962م نيابةً عن رئيسها سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ -وقد حضر أولَّها جلالةُ الملك سعودُ بن عبد العزيز آل سعود كما حضرها الملك إدريس السنوسي حاكم ليبيا، وشخصيات أخرى ذات شأن-وقدَّم فيها مقالَه القيِّمَ بعنوان: "الإسلام فوق القوميات والعصبيات".

    اختير عضواً في المجلس الاستشاري الأعلى للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة منذ تأسيسها عام 1962م،ظلَّ عضوا فيه إلى انحلال المجلس- وانضمام الجامعة في سلك بقية الجامعات السعودية تابعةً لوزارة التعليم العالي - قبل أعوام.

    اختير عضواً في رابطة الجامعات الإسلامية منذ تأسيسها عام

    اختير عضوا مؤازراً في مجمع اللغة العربية الأردني عام 1980 م

    تمَّ اختياره لجائزة الملك فيصل العالمية لخدمةالإسلام عام 1980م .

    مُنح شهادة الدكتوراة الفخرية في الآداب من جامعة كشمير عام 1981م.

    اختير رئيساً لمركز آكسفورد للدراسات الإسلامية عام 1983م.

    اختيرعضواً في المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية (مؤسسة آل البيت) عام 1983م

    تأسَّست رابطة الأدب الإسلامي العالمية عام 1984م فاختيررئيسا عاما لها.

    أقام عبدالمقصود خوجة ـ من أعيان جدة ـ حفلا لتكريم سماحته بجدة عام 1985م .

    أقيمت ندوة أدبية حول حياته وجهوده الدعوية والأدبية عام 1996م في تركيا على هامش المؤتمر الرابع للهيئة العامة لرابطة الأدب الإسلامي العالمية .

    منح جائزة الشخصية الإسلامية لعام 1998م من دولة دبي في رمضان 1419هـ

    منح جائزة السلطان حسن البلقية العالمية في موضوع " سيرأعلام الفكر الإسلامي" من مركز آكسفورد للدراسات الإسلامية عام 1998م (1419هـ) ( )

    منحه معهد الدراسات الموضوعية بالهند جائزة الإمام ولي الله الدهلوي لعام1999م - والتي تم منحها لأول مرة - وكان قد تقرر اختياره لهذه الجائزة في حياته ولكن وافته المنية قبل الإعلان الرسمي، وقد استلم هذه الجائزة باسم - رحمه الله - ابن أخته وخليفته فضيلة الشيخ محمد الرابع الحسني النَّدْوي في دلهي في 7/ من شعبان 1421هـ (نوفمبر2000م).

    منحته المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ( ايسسكو ISESCO) -تقديرا لعطائه العلمي المتميز وإكباراً للخدمات الجليلة التي قدمها إلى الثقافة العربية الإسلامية - وسام الإيسسكو من الدرجة الأولى. وقد استلم هذا الوسام نيابة عن ابن أخت سماحته وخليفته امينِ ندوة العلماء العام فضيلةِ الشيخ محمدٍ الرابعِ الحسني النَّدْوي وكيلُ ندوة العلماء للشؤون التعليمية سعادةُ الدكتور عبد الله عباس النَّدْوي في الرباط في 25/ من شعبان 1421هـ.


    [تحرير] وصيته
    سمعوها مني صريحةً أيها العرب بالإسلام أعزَّكم الله "لو جُمع لي العربُ في صعيدٍ واحد واستطعت أن أوجّه إليهم خطاباً تسمعه آذانهم، وتعيه قلوبهم لقلتُ لهم : أيها السادة ! إنَّ الإسلام الذي جاء به سيدنا محمد العربي صلى الله عليه وسلم هو منبع حياتكم، ومِنْ أُفُقه طلع صبحُكم الصادق، وأن الـنبـي صلى الله عليه وسلم هو مصدر شرفكم وسبب ذكركم، وكل خير جاءكم - بل وكل خير جاء العالم - فإنَّما هو عن طريقه وعلى يديه، أبى الله أن تتشرفوا إلا بانتسابكم إليه وتمسُّكِكُم بأذياله والاضطلاع برسالته، والاستماتة في سبيل دينه، ولا رادَّ لقضاء الله ولا تبديل لكلمات الله، إن العالم العربي بحرٌ بلا ماءٍ كبحر العَروض حتى يتخذ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إماماً وقائداً لحياته وجهاده، وينهض برسالة الإسلام كما نهض في العهد الأول، ويخلـِّص العالَم المظلوم من براثن مجانين أوروبا- الذين يأبون إلا أن يقبروا المدنيَّة وقضوا على الإنسانية القضاء الأخير بأنانيتهم واستكبارهم وجهلهم- ويوجِّه العالم من الانهيار إلى الازدهار، ومن الخراب والدَّمار والفوضى والاضطراب، إلى التقديم والانتظام، والأمن والسلام، ومن الكفر والطغيان إلى الطاعة والإيمان ، وإنه حق على العالم العربي سوف يُسألُ عنه عند ربه فلينظر بماذا يجيب ؟!
    وفاته
    الجمعة 23/رمضان/1420ه‍ الموافق 31/12/1999م

                  

12-23-2007, 08:21 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين (Re: Waeil Elsayid Awad)

    ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ؟


    الاحساس بعدم الامان وارتفاع معدل الارهاب

    وازدياد العقل اغلاقا



    كل عام وانت بخير

    ربنا يكفينا شر شفوت الدين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    اتابع معاك وواصل
                  

12-23-2007, 12:24 PM

Waeil Elsayid Awad
<aWaeil Elsayid Awad
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 2843

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين (Re: Sabri Elshareef)

    الاخ صبري
    كل عام و انت بخير
    اتفق معاك
    Quote: الاحساس بعدم الامان وارتفاع معدل الارهاب وازدياد العقل اغلاقا

    نحن اول ضحايا الارهاب
    الحرب المقدسة التى تخوضها امريكا نيابة عن حلفائها الغربيين ضيقت علينا العالم اكثر مما هو ضيق

    ما نعيشه الان هو لعب مخابرات و تصفية حسابات لعبة لا علاقة للاسلام بها
    نفس الذين استخدمتهم امريكا بالوكالة فى حرب استنزاف الاتحاد السوفيتى تستخدمهم الان لاحكام سيطرتها
    على مواقع النفط الحيوية

    امريكا اكبر كذاب فى العالم غزت العراق بعد تأكيدها وجود اسلحة دمار شامل و بعدين قالوا بكل بجاحة
    غشينا عليكم.
    الارهاب فى الخمسينات و الستينات و السبعينات كان صناعة سوفيتية
    بادير ماينهوف و الالوية الحمراء و كارلوس و المنظمات الفلسطينية حمراء اللون
    ثم تحول وانتج بالعون الذاتى ارهاب سيخى فى الهند اودى بحياة انديرا غاندى و ارهاب
    التاميل الذى اطاح براجيف غاندى
    من هو اسامة او الظواهرى علامات استفهام كثيرة تدور عليهما. ان كان الارهاب الاسلامى قد
    خرج من عباءة الجماعة الاسلامية و جماعة الجهاد المصريتين فأن قادتهما تبرؤ من العنف و اخرجوا المراجعات
    التى تنسف اى مرجعية شرعية لافعال بن لادن و تابعه الظواهرى
                  

12-23-2007, 12:31 PM

Waeil Elsayid Awad
<aWaeil Elsayid Awad
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 2843

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نواصل (Re: Waeil Elsayid Awad)

    القومية الفارسية
    يبالغون في تمجيد القومية الفارسية ويرون أن لها فضلاً على سائر الأجناس والأمم ، وأن الله قد خصها بمواهب ومنح لم يشرك فيها أحداً ، وكانوا ينظرون إلى الأمم حولهم نظرة ازدراء وامتهان ، ويلقبونها بألقاب فيها الاحتقار والسخرية .
    عبادة النار وتأثيرها في الحياة :
    كانوا في الزمن القديم يعبدون الله ويسجدون له ، ثم جعلوا يمجدون الشمس والقمر والنجوم وأجرام السماء مثل غيرهم من الأوائل ، وجاء زرادشت صاحب الديانة الفارسية فيقال : إنه دعا إلى التوحيد وأبطل الأصنام ، وقال : إن نور الله يسطع في كل ما يشرق ويلتهب في الكون . وأمر بالاتجاه إلى جهة الشمس والنار وساعة الصلاة لأن النور رمز إلى الإله وأمر بعدم تدنيس العناصر الأربعة وهي : النار والهواء والتراب والماء ، وجاء بعده علماء سنوا للزرادشتيين شرائع مختلفة فحرموا عليهم الاشتغال بالأشياء التي تستلزم النار فاقتصروا في أعمالهم على الفلاحة والتجارة ، ومن هذا التمجيد للنار واتخاذها قبلة في العبادات تدرج الناس إلى عبادتها حتى صاروا يعبدونها عيناً ويبنون لها هياكل ومعابد ، وانقرضت كل عقيدة وديانة غير عبادة النار وجُهلت الحقيقة ونسي التاريخ(42) .
    ولما كانت النار لا توحي إلى عبّادها بشريعة ولا ترسل رسولاً ، ولا تتدخل في شئون حياتهم ولا تعاقب العصاة والمجرمين أصبحت الديانة عند المجوس عبارة عن طقوس وتقاليد يؤدونها في أمكنة خاصة في ساعات خاصة ، أما في خارج المعابد ، وفي دورهم ودوائر حكمهم وتصرفهم ، وفي السياسة والاجتماع ، فكانوا أحراراً يسيرون على هواهم . وما تملي عليهم نفوسهم ، أو ما يؤدي إليه تفكيرهم . أو ما توحي به مصالحهم ومنافعهم ، شأن المشركين في كل عصر ومصر .
    وهكذا حُرِمت الأمة الفارسية في حياتها ديناً عميقاً جامعاً يكون تربية للنفس ، وتهذيباً للخلق، وقامعاً للشهوات ، وحافزاً على التقوى وفعل الخيرات ، ويكون نظاماً للأسرة وتدبيراً للمنزل وسياسة للدولة ، ودستوراً للأمة ، ويحول بين الناس وطغيان الملوك ، وعسف الحكام ، ويأخذ على يد الظالم ، وينتصف للمظلوم ، وأصبح المجوس لا فرق بينهم وبين اللادينيين والإباحيين في الأخلاق والأعمال .

    الصين ديانات :
    وكانت تسود الصين في هذا القرن ثلاث ديانات . ديانة " لا وتسو" وديانة "كونفوشيوس" والبوذية ، أما الأولى ففضلاً عن أنها تحولت وثنية في عهد قريب فهي تُعني بالنظريات أكثر منها بالعمليات ، وكان أتباعها متقشفين زاهدين ، لا يتزوجون ولا ينظرون إلى المرأة ولا يتصلون بها اتصالاً ، فلم يكن لها أن تكون أُسّاً لحياة سديدة أو حكومة رشيدة ، حتى التجأ الذين جاءوا بعد مؤسسها إلى مخالفته والعدول عنه إلى غيره .
    أما "كونفوشيوس" فقد كان يعني بالعمليات أكثر من النظريات ، ولكن انحصرت تعاليمه في شؤون هذه الدنيا وتدبير الأمور المادية والسياسية والإدارية ، وقد كان أتباعه لا يعتقدون –في بعض الأزمنة- بعبادة إله معين ، فيعبدون ما يشاءون من الأشجار والأنهار ، وليس فيها نور من يقين ولا باعث من إيمان ولا شرع سماوي ، وإنما هو حكمة حكيم وتجارب خبير ، يستفيد بها الإنسان إذا شاء ويرفضها إذا شاء .

    البوذية- تطوراتها وانحطاطها :
    أما البوذية فقد فقدت بساطتها وحماستها ، وابتلعتها البرهمية الثائرة الموتورة فتحولت وثنية تحمل معها الأصنام حيث سارت. وتبني الهياكل. وتنصب تماثيل بوذا حيث حلت ونزلت. وقد غمرت هذه التماثيل الحياة الدينية والمدنية التي ظهرت في عهد ازدهار البوذية(43) . يقول الأستاذ "إيشوراتوبا" أستاذ تاريخ الحضارة الهندية في إحدى جامعات الهند : (( لقد قامت في ظل البوذية دولة تعني بمظاهر الآلهة وعبادة التماثيل وتغير محيط الرابطات الأخوية البوذية ، وظهرت فيها البدع(44) )). ولا حظ ذلك أيضاً أحد الكتاب العصريين وكبار السياسيين في الهند فقال :
    (( جعلت البرهمية بوذا مظهراً للآلهة ، وقلدتها في ذلك البوذية نفسها ، وأصبحت الرابطة الأخوية البوذية تملك ثورة هائلة ، وأصبحت مركزاً لمصالح جماعات خاصة ، وفقدت النظام وتسرب إلى مناهج العبادة السحر والأوهام ، وبدأت الديانة تتقهقر وتنحط بعدما سادت في الهند وازدهرت ألف سنة ، وقد ذكرت (Mrs Rhys DaVids) ما أصيبت به الديانة البوذية في هذا العهد من الوهن والاعتلال فقالت كما نقل عنها "سير رادها كرشنن" في كتابه "الفلسفة الهندية" :
    (( لقد أظلت الأفكار العليلة تعليم بوذا الخلقي حتى توارى وراء هذه التخيلات السقيمة ، لقد نشأ مذهب جديد في الديانة وازدهر ، وملك على الناس القلوب ، ثم اضمحل وخلفه مذهب آخر ، وهلم جرا ، حتى تراكمت هذه الأوهام الخلابة ، وحجبت الجو وساد الظلام ، وقد اضمحلت دروس مؤسس الديانة الغالية البسيطة بسبب التدقيقات الكلامية والتنطعات(45) )) .
    لقد أصيبت البرهمية والبوذية بالانحطاط ، ودخلت فيها العادات الساقطة ، وأصبح من العسير التمييز بينهما ، لقد اندمجت البوذية في البرهمية وذابت فيها (46))).
    ولم يزل وجود الإله الإيمان به في البوذية موضع خلاف وشك عند مؤرخي هذه الديانة ومترجمي مؤسسها ، حتى يحار بعضهم ويتساءل : كيف قامت هذه الديانة العظيمة على أساس رقيق من الآداب التي ليس فيها الإيمان بالله(47) . فلم تكن البوذية إلا طرقاً لرياضة النفس وقمع الشهوات ، والتحلي بالفضائل ، والنجاة من الألم ، والحصول على العلم .
    إذن فلم تكن عند الصينيين رسالة دينية للعالم يحلون بها مشاكله ، وكانوا في أقصى شرق العالم المتمدن محتفظين بتراثهم الديني والعلمي، لا يزيدون في ثروتهم ولا في ثروة غيرهم.

    أمم آسيا الوسطى :
    أما الأمم الأخرى في آسيا الوسطى وفي الشرق ، كالمغول والترك واليابانيين ، فقد كانت بين بوذية فاسدة ، ووثنية همجية ، لا تملك ثروة علمية ، ولا نظاماً سياسياً راقياً ، إنما كانت في طور الانتقال من عهد الهمجية إلى عهد الحضارة ، ومنها شعوب لا تزال في طور البداوة والطفولة العقلية .

    الهند : ديانة ، واجتماعاً ، وأخلاقاً .
    أما الهند فقد اتفقت كلمة المؤلفين في تاريخها على أن أحط أدوارها ديانة وخلقاً واجتماعاً ذلك العهد الذي يبتدئ من مستهل القرن السادس الميلادي ، قد ساهمت الهند جاراتها وشقيقاتها في التدهور الخلقي والاجتماعي ، الذي شمل الكرة الأرضية في هذه الحقبة من الزمن وأخذت نصيباً غير منقوص من هذا الظلام الذي مد رواقه على المعمورة ، وامتازت عنها في ظواهر وخلال يمكن أن نلخصها في ثلاث 1)كثرة المعبودات والآلهة كثرة فاحشة. (2) الشهوة الجنسية الجامحة . (3) التفاوت الطبقي والمجحف والامتياز الاجتماعي الجائر .

    الوثنية المتطرفة :
    قد بلغت الوثنية أوجها في القرن السادس ، فقد كان عدد الآلهة في "ويد" ثلاثة وثلاثين ، وقد أصبحت في هذا القرن 330 مليون . وقد أصبح كل شيء رائع وكل شيء جذاب وكل مرفق من مرافق الحياة إلهاً يعبد .. وهكذا جاوزت الأصنام والتماثيل والآلهة والإلاهات الحصر وأربت على العد ، فمنها أشخاص تاريخية ، وأبطال تمثل فيهم الله-زعموا- في عهود وحوادث معروفة ، ومنها جبال تجلى عليها بعض آلهتهم ، ومنها معادن كالذهب والفضة تجلى فيها إله ، ومنها نهر الكنج الذي خرج من رأس "مهاديو" الإله ، ومنها آلات الحرب وآلات الكتابة وآلات التناسل وحيوانات أعظمها البقرة والأجرام الفلكية وغير ذلك ، وأصبحت الديانة نسيجاً من خرافات وأساطير وأناشيد وعقائد وعبادات ما أنزل الله بها من سلطان ، ولم يستسغها العقل السليم في زمن من الأزمان .
    وقد ارتقت صناعة نحت التماثيل في هذا العهد ، وبلغت أوجها في القرن السادس والسابع ، حتى فاق هذا العصر في ذلك العصور الماضية . وقد عكفت الطبقات كلها وعكف أهل البلاد من الملك إلى الصعلوك على عبادة الأصنام ، حتى لم تجد الديانة البوذية والجينية منها بدا ، وتذرعت هاتان الديانتان بهذه الوسيلة للاحتفاظ بحياتهما وانتشارهما في البلاد . ويدل على ما وصلت إليه الوثنية والتماثيل في هذا العصر ما حكاه الرحالة الصيني الشهير " هوئن سوئنج " الذي قام برحلته بين عام 630 وعام 644 عن الاحتفال العظيم الذي أقامه الملك هرش الذي حكم الهند من عام 606 إلى 647 : (( وأقام الملك احتفالاً عظيماً في قنوج اشترك فيه عدد كبير جداً من علماء الديانات السائدة في الهند ، وقد نصب الملك تمثالاً ذهبياً لبوذة على منارة تعلو خمسين ذراعاً ، وقد خرج بتمثال آخر لبوذة أصغر من التمثال الأول في موكب حافل قام بجنبه الملك " هرش " بمظلة وقام الملك الحليف " كامروب " يذب عنه الذباب(49) )) .
    ويقول هذا الرحالة عن أسرة الملك ورجال بلاطه : " إن بعضهم كان من عباد " شو " وبعضهم من أتباع الديانة البوذية ، وكان بعضهم يعبد الشمس وبعضهم يعبد " وشنو " وكان لكل واحد أن يخص من الآلهة أحداً بعبادته أو يعبدهم جميعاً(50) )) .

    الشهوة الجنسية الجامحة :
    وأما الشهوة فقد امتازت بها ديانة الهند ومجتمعها منذ العهد القديم ، فلعل المواد الجنسية والمهيجات الشهوية لم تدخل في صميم ديانة بلاد مثل ما دخلت في صميم الديانة الهندية ، وقد تناقلت الكتب الهندية وتحدثت الأوساط الدينية عن ظهور صفات الإله وعن وقوع الحوادث العظيمة وعن تعليل الأكوان روايات وأقاصيص عن اختلاط الجنسين من الآلهة وغارة بعضها على البيوت الشريفة تستك منها المسامع ويتندى لها الجبين حياء ، وتأثير هذه الحكايات في عقول المتدينين المخلصين المرددين لهذه الحكايات في إيمان وحماسة دينية وفعلها في عواطفهم وأعصابهم واضح ، زاد إلى ذلك عبادتهم لآلة التناسل لإلههم الأكبر " مهاديو " ، وتصويرها في صورة بشعة ، واجتماع أهل البلاد عليها من رجال ونساء وأطفال وبنات ، زد إليه كذلك ما يحدث به بعض المؤرخين أن رجال بعض الفرق الدينية كانوا يعبدون النساء العاريات والنساء يعبدن الرجال العراة(51) وكان كهنة المعابد من كبار الخونة والفساق الذين كانوا يرزءون الراهبات والزائرات في أعز ما عندهن ، وقد أصبح كثير من المعابد نواخه يترصد فيها الفاسق لطلبته ، وينال فيها الفاجر بغيته ، وإذا كان هذا شأن البيوت التي رفعت للعبادة والدين فما ظن القارئ ببلاط الملوك وقصور الأغنياء ؟ ! فقد تنافس فيها رجالها في إتيان كل منكر وركوب كل فاحشة ، وكان فيها مجالس مختلطة من سادة وسيدات ، فإذا لعبت الخمر برؤوسهم خلعوا جلباب الحياء والشرف وطرحوا الحشمة فتوارى الأدب وتبرقع الحياء ... هكذا أخذت البلاد موجة طاغية من الشهوات الجنسية والخلاعة ، وأسفّت أخلاق الجنسين إسفافاً كبيراً .

    نظام الطبقات الجائر :
    أما نظام الطبقات فلم يعرف في تاريخ أمة من الأمم نظام طبقي أشد قسوة وأعظم فصلاً بين طبقة وطبقة وأشد استهانة بشرف الإنسان من النظام الذي اعترفت به الهند دينياً ومدنياً ، وخضعت له آلافاً من السنين ولا تزال ، وقد بدت طلائع التفاوت الطبقي في آخر العهد الويدي بتأثير الحرف والصنائع وثوراتها ، وبحكم المحافظة عل خصائص السلالة الآرية المحتلة ونجابتها ، وقبل ميلاد المسيح بثلاثة قرون ازدهرت في الهند الحضارة البرهمية ، ووضع فيها مرسوم جديد للمجتمع الهندي ، وألف فيه قانون مدني وسياسي اتفق عليه البلاد وأصبح قانوناً رسمياً ومرجعاً دينياً في حياة البلاد ومدنيتها وهو المعروف الآن بـ "منوشاستر " .
    يقسم هذا القانون أهل البلاد إلى أربع طبقات ممتازة وهي (1) البراهمة ، طبقة الكهنة ورجال الدين . (2) شتري رجال الحرب . (3) ويش رجال الزراعة والتجارة . (4) شودر رجال الخدمة . ويقول " منو " مؤلف هذا القانون :
    (( إن القادر المطلق قد خلق لمصلحة العالم البراهمة من فمه ، وشتري من سواعده ، وويش من أفخاذه ، والشودر من أرجله ، ووزع لهم فرائض وواجبات لصلاح العالم . فعلى البراهمة تعليم ويد أو تقديم النذور للآلهة وتعاطي الصدقات ، وعلى الشتري حاسة الناس والتصدق وتقديم النذور ودراسة " ويد " والعزوف عن الشهوات ، وعلى ويش رعي السائمة والقيام بخدمتها وتلاوة ويد والتجارة والزراعة ، وليس لشودر إلا خدمة هذه الطبقات الثلاث ))(52) .

    امتيازات طبقة البراهمة :
    وقد منح هذا القانون طبقة البراهمة امتيازات وحقوقاً ألحقتهم بالآلهة فقد قال إن البراهمة هم صفوة الله وهم ملوك الخلق ، وإن ما في العالم هو ملك لهم فإنهم أفضل الخلائق وسادة الأرض(53) ولهم أن يأخذوا من مال عبيدهم شودر- من غير جريرة – ما شاؤوا ، لأن العبد لا يملك شيئاً وكل ماله لسيده(54) .
    وإن البرهمي الذي يحفظ رك ويد " الكتاب المقدس " هو رجل مغفور له ولو أباد العوالم الثلاثة بذنوبه وأعماله(55) ، ولا يجوز للملك حتى في أشد ساعات الاضطرار والفاقة أن يجبي من البراهمة جباية أو يأخذ منهم إتاوة ، ولا يصح لبرهمي في بلاده أن يموت جوعاً(56) وإن استحق برهمي القتل لم يجز للحاكم إلا أن يحلق رأسه ، أما غيره فيقتل(57) .
    أما الشتري فإن كانوا فوق الطبقتين " ويش وشودر " ولكنهم دون البراهمة بكثير فيقول " منو " : إن البرهمي الذي هو في العاشرة من عمره يفوق الشتري الذي ناهز مائة كما يفوق الوالد ولده(58) .

    المنبوذون الأشقياء :
    أما شودر " المنبوذون " فكانوا في المجتمع الهندي- بنص هذا القانون المدني الديني- أحط من البهائم وأذل من الكلاب ، فيصرح القانون بأن " من سعادة شودر أن يقوموا بخدمة البراهمة وليس لهم أجر وثواب بغير ذلك(59) . وليس لهم أن يقتنوا مالاً أو يدخروا كنزاً فإن ذلك يؤذي البراهمة(60) ، وإذا مد أحد من المنبوذين إل برهمي يداً أو عصاً ليبطش به قطعت يده ، وإذا رفسه في غضب فدعت رجله(61) ، وإذا هم أحد من المنبوذين أن يجالس برهمياً فعلى الملك أن يكوي إسته وينفيه من البلاد(62) ، وأما إذا مسه بيد أو سبه فيقتلع لسانه ، وإذا ادعى أنه يعلمه سقي زيتاً فائراً(63) ، وكفارة قتل الكلب والقطة والضفدعة والوزغ والغراب والبومة ورجل من الطبقة المنبوذة سواء(64) " .

    مركز المرأة في المجتمع الهندي :
    وقد نزلت النساء في هذا المجتمع منزلة الإماء(65) ، وكان الرجل قد يخسر امرأته في القمار ، وكان في بعض الأحيان للمرأة عدة أزواج(66) فإذا مات زوجها صارت كالموءودة لا تتزوج ، وتكون هدف الإهانات والتجريح ، وكانت أمة بيت زوجها المتوفى وخادم الأحماء وقد تحرق نفسها على إثر وفاة زوجها تفادياً من عذاب الحياة وشقاء الدنيا . وهكذا صارت هذه البلاد المخصبة أرضاً وعقولاً ، وهذه الأمة- التي وصفها بعض مؤرخي العرب بكونها معدن الحكمة وينبوع العدل والسياسة وأهل الأحلام الراجحة والآراء الفاضلة(67) لبعد عهدها عن الدين الصحيح وضياع مصادره وتحريف رجال الدين وإمعان الناس في القياس والتخمين واتباع هوى النفوس ونزعات الشهوات .. أصبحت هذه البلاد مسرحاً للجهل الفاضح والوثنية الوضيعة والقسوة الهمجية والجور الاجتماعي الذي ليس له مثيل في الأمم ولا نظير في التاريخ.

    العرب : خصائصهم ومواهبهم :
    أما العرب فقد امتازوا بين أمم العالم وشعوبه في العصر الجاهلي بأخلاق ومواهب تفردوا بها أو فازوا فيها بالقِدْح المعلَّى ، كالفصاحة وقوة البيان وحب الحرية والأنفة والفروسية والشجاعة والحماسة في سبيل العقيدة والصراحة في القول وجودة الحفظ وقوة الذاكرة وحب المساواة وقوة الإرادة والوفاء والأمانة .
    ولكن ابتلوا في العصر الأخير- لبعد عهدهم من النبوة والأنبياء وانحصارهم في شبه جزيرتهم وشدة تمسكهم بدين الآباء وتقاليد أمتهم بانحطاط ديني شديد ووثنية سخيفة قلما يوجد لها نظير في الأمم المعاصرة ، وأدواء خلقية واجتماعية جعلت منهم أمة منحطة الأخلاق فاسدة المجتمع متضعضعة الكيان حاوية لأسوأ خصائص الحياة الجاهلية وبعيدة عن محاسن الأديان .

    وثنية الجاهلية :
    كان الشرك هو دين العرب العام والعقيدة السائدة ، كانوا يعتقدون في الله أنه إله أعظم خالق الأكوان ومدبر السماوات والأرض ، بيده ملكوت كل شيء فلئن سئلوا : من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم ،{ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ } ولكن ما كانت حوصلة فكرهم الجاهلي تسع توحيد الأنبياء في خلوصه وصفائه وسموه ، وما كانت أذهانهم البعيدة العهد بالرسالة والنبوة والمفاهيم الدينية تسيغ أن دعاء أحد من البشر يتطرق إلى السموات العلى ويحظي عند الله بالقبول مباشرة بغير واسطة وشفاعة ، قياساً على هذا العالم القاصر وعاداته وأوضاع الملوكية الفاسدة ومجاري الأمور فيها ، فبحثوا لهم عن وسطاء توسلوا بهم إلى الله وأشركوهم في الدعاء ، وقاموا نحوهم ببعض العبادات ورسخت في أذهانهم فكرة الشفاعة حتى تحولت إلى عقيدة قدرة الشفعاء على النفع والضرر . ثم ترقوا في الشرك فاتخذوا من دون الله آلهة ، واعتقدوا أن لهم مماثلة ومشاركة في تدبير الكون ، وقدرة ذاتية على النفع والضرر والخير والشر والإعطاء والمنع ، فإذا كانوا الأولون يعترفون لله بالألوهية والربوبية الكبرى ، ويكتفون بالشفعاء والأولياء كان الآخرون يشركون آلهتهم مع الله ويعتقدون فيهم قدرة ذاتية على الخير والشر والنفع والضر والإيجاد والإفناء مع معنى غير واضح عن الله كإله أعظم ورب الأرباب(68) .

    أصنام العرب في الجاهلية :
    ولم يزل هذا الفريق الثاني يقوى أمره ويستفحل مع إمعان القوم في الجاهلية وقرب هذه النزعة الوثنية إلى الحواس والمحسوسات واتفاقه مع ضعف التفكير حتى أصبحت هذه العقيدة السائدة وأصبح الذين يميزون بين الآلهة والوسطاء شواذ في الأمة ، ومن رجال الطبقة المثقفة ، وهكذا انغمست الأمة في الوثنية وعبادة الأصنام بأبشع أشكالها ، فكان لكل قبيلة أو ناحية أو مدينة صنم خاص ، بل كان لكل بيت صنم خصوصي : قال الكلبي : كان لأهل كل دار من مكة صنم في دارهم يعبدونه ، فإذا أراد أحدهم السفر كان آخر ما يصنع في منزله أن يتمسح به ، وإذا قدم من سفر كان أول ما يصنع إذا دخل منزله أن يتمسح به أيضاً(69) . واستهترت العرب في عبادة الأصنام ، فمنهم من اتخذ بيتاً ، ومنهم من اتخذ صنماً ، ومن لم يقدر عليه ولا على بناء بيت نصب حجراً أمام الحرم ، وأمام غيره ، مما استحسن ، ثم طاف به كطوافه بالبيت وسموها الأنصاب(70) . وكان في جوف الكعبة- البيت الذي بني لعبادة الله وحده- وفي فنائها ثلاث مائة وستون صنماً(71) ، وتدرجوا من عبادة الأصنام والأوثان إلى عبادة جنس الحجارة .
    روى البخاري ن أبي رجاء العطاردي قال : كنا نعبد الحجر ، فإذا وجدنا حجراً هو خير منه ألقيناه وأخذنا الآخر ، فإذا لم نجد حجراً ، جمعنا حثوة من تراب ، ثم جئنا بالشاة فحلبنا عليه ثم طفنا به(72) .
    وقال الكلبي : كان الرجل إذا سافر فنزل منزلاً أخذ أربعة أحجار ، فنظر إلى أحسنها فاتخذه رباً ، وجعل ثلاث أثافي لقدره ، وإذا ارتحل تركه(73) .
    الآلهة عند العرب :
    وكان للعرب- شأن كل أمة مشركة في كل زمان ومكان- آلهة شتى من الملائكة والجن والكواكب ، فكانوا يعتقدون أن الملائكة بنات الله ، فيتخذونهم شفعاء لهم عند الله ويعبدونهم ويتوسلون بهم عند الله ، واتخذوا كذلك من الجن شركاء لله وآمنوا بقدرتهم وتأثيرهم وعبدوهم(74) .
    قال الكلبي : كانت بنو مليح من خزاعة يعبدون الجن (75).
    وقال صاعد : كانت حِمْيَر تعبد الشمس ، وكنانة القمر ، وتميم الدبران ، ولخم وجذام المشتري ، وطيء سهيلاً ، وقيس الشِّعري العبور ، وأسد عطارداً(76) .

    اليهودية والنصرانية في بلاد العرب :
    وانتشرت اليهودية والنصرانية في بلاد العرب ، ولم تستفد منها العرب كثيراً من المعاني الدينية ، وكانتا نسختين من اليهودية في الشام ، والنصرانية في بلاد الروم والشام قد طرأ عليها من التحريف والزيغ والوهن ما شرحناه من قبل .

    الرسالة والإيمان بالبعث :
    أما الرسالة فقد تصور العرب للنبي صورة خيالية ، وتمثلوه في ذات قدسية ، لا يأكل ولا يشرب ولا ينكح ولا يلد ولا يمشي في الأسواق . وكانت عقولهم الضيقة لا تهضم أن هنالك بعثاً بعد الموت ، وحياة بعد هذه الحياة ، فيها الحساب ، والثواب والعقاب ، قالوا : { وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} وقالوا : { أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً }
    قال صاعد : كان جمهورهم ينكر ذلك "الميعاد" لا يصدق بالمعاد ولا يقول بالجزاء ، ويرى أن العالم لا يخرب ولا يبيد ، وإن كان مخلوقاً مبتدعاً ، وكان فيهم من يقر بالمعاد ، ويعتقد إن نحرت ناقته على قبره يحشر راكباً ، ومن لم يفعل ذلك يحشر ماشياً (77).

    الأدواء الخلقية والاجتماعية :
    أما من جهة الأخلاق ، فكانت فيهم أدواء وأمراض متأصلة ، وأسبابها فاشية ، فكان شرب الخمر واسع الشيوع شديد الرسوخ فيهم تتحدث عن معاقرتها والاجتماع على شربها الشعراء ، وشغلت جانباً كبيراً من شعرهم وتاريخهم وأدبهم ، وكثرت أسمائها وصفاتها في لغتهم ، وكثر فيها التدقيق والتفصيل كثرة تدعو إلى العجب(78) ، وكانت حوانيت الخمارين مفتوحة دائماً ، يرفرف عليها علم يسمى غاية .
    قال لبيد(79) :
    قد بتُّ سامرها وغاية تاجر *** وافيت إذا رفعت وعز مُدامها
    وكان من شيوع تجارة الخمر أن أصبحت كلمة التجارة مرادفاً لبيع الخمر ، كما قال لبيد : وغاية تاجر ، وقال عمرو ابن قميئة (80):
    إذا سحب الريط والمروط إلى *** أدنى تجاري وأنقص اللمما
    وكان القمار من مفاخر الحياة الجاهلية . قال الجاهلي(81) :
    أعيرتنا ألبانها ولحومها *** وذلك عار يا بن ريطة ظاهر
    نحابي بها أكفاءنا ونهينها *** ونشرب في أثمانها ونقامر
    وكان عدم المشاركة في مجالس القمار عاراً ، يقول الشاعر(82) :
    وإذا هلكتُ فلا تريدي عاجزاً *** غساً ولا برماً ولا معزالا
    قال قتادة : كان الرجل في الجاهلية يقامر على أهله وماله فيقعد حزيناً سلبياً ينظر إلى ماله في يد غيره ، فكانت تورث بينهم عداوة وبغضاً(83) .
    وكان أهل الحجاز ، العرب واليهود ، يتعاطون الربا ، وكان فاشياً فيهم ، وكانوا يجحفون فيه ويبلغون إلى حد الغلو والقسوة ، وقال الطبري : كان الربا في الجاهلية في التضعيف وفي السنين ، يكن للرجل فضل دين فيأتيه إذا حلّ الأجل فيقول له : تقضيني أو تزيدني ؟ فإن كان عنده شيء يقضيه قضى وإلا حوله إلى السن التي فوق ذلك ، إن كانت ابنة مخاض يجعلها ابنة لبون في السنة الثانية ، ثم حُقَّة ثم جَذَعة ثم رباعياً هكذا إلى فوق ، وفي العين يأتيه ، فإن لم يكن عنده أضعفه في العام القابل وإن لم يكن عنده أضعفه أيضاً فتكون مائة فيجعلها إلى القابل مائتين ، فإن لم يكن عنده جعلها أربعمائة يضعفها له كل سنة أو يقضيه(84) .
    وقد رسخ الربا فيهم وجرى منهم مجرى الأمور الطبيعية التي صاروا لا يفرقون بينه وبين التجارة الطبيعية وقالوا إنما البيع مثل الربا ، وقال الطبري إن الذين كانوا يأكلون الربا من أهل الجاهلية كان إذا حل مال أحدهم على غريمة يقول الغريم لغريم الحق : " زدني في الأجل وأزيدك في مالك " فكان يقال لهما إذا فعلا ذلك : هذا ربا لا يحل ، فإذا قيل لهما ذلك قالا : سواء علينا زدنا في أول البيع أو عند محل المال(85) .
    ولم يكن الزنى نادراً وكان غير مستنكر استنكاراً شديداً ، فكان من العادات أن يتخذ الرجل خليلات ويتخذ النساء أخلاء بدون عقد ، وكانوا قد يُكرهون بعض النساء على الزنى ، قال ابن عباس : كانوا في الجاهلية يكرهون إماءهم على الزنى يأخذون أجورهن(86) .
    قالت عائشة : " إن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء ، فنكاح منها نكاح الناس اليوم يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو بنته فيصدقها ثم ينكحها ، والنكاح الآخر كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها : أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه ، ويعتزلها زوجها ولا يمسها أبداً حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه ، فإذا تبين حملها أصابها زوجها إذا أحب ، وإنما يفعل ذلك رغبة في نجاة الولد ، فكان هذا النكاح نكاح الاستبضاع ، ونكاح آخر يجتمع الرهط ما دون العشرة فيدخلون على المرأة ، كلهم يصيبها ، فإذا حملت ووضعت ومرَّ عليها ليال بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم فلم يستطيع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها ، تقول لهم : قد عرفتم الذي كان من أمركم وقد ولدت فهو ابنك يا فلان ، تسمي من أحبت باسمه فيلحق به ولدها ولا يستطيع أن يمتنع ممن جاءها ، وهن البغايا كن ينصبن على أبوابهن رايات تكون علما ، فمن ارادهن دخل عليهن فإذا حملت إحداهن ووضعت حملها جمعوا لها ودعوا لها القافة ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون فالتاطه ودعي ابنه لا يمتنع من ذلك(87) .
                  

12-23-2007, 01:06 PM

العوض المسلمي
<aالعوض المسلمي
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 14076

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين (Re: Waeil Elsayid Awad)

    عزيزي وائل
    كل سنه وانت بخير
    عرض رائع لكتاب مهم في موضوع متجدد
    عزيزي
    ان خسارة العالم كبيره بانحطاط المسلمين فكل ما يحدث اليوم هو نتيجة بعد الناس عن الدين
    ومايحدث الان وليس سابقا كله نتيجة عدم تمسك المسلمين بالدين وتطبيقه التطبيق الصحيح في حياتهم
    كثير من عداوات اليوم سببها البعد عن الدين مما جعل البعض ينظرون الي قصور المسلمين في دينهم وتطبيقه جعلهم مما جعلهم ينسبون هذا القصور للدين
    حقيقه التطبيق الصحيح للدين في انفسنا هو ما يجعلنا نحبب اعداءنا فينا باحترامنا لهم ومن ثم احترامنا له

    مع شكري وتقديري
    ابوتسابيح
                  

12-23-2007, 01:26 PM

Waeil Elsayid Awad
<aWaeil Elsayid Awad
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 2843

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين (Re: العوض المسلمي)

    الاخ العوض المسلمي

    كل عام و انت بخير ومشكور على المرور
    ما نعانيه هو مخلفات الاستعمار و الهيمنة الامريكية الحالية
    من خلال حكامنا الذين يحكمون بالنيابة عن امريكا
    التقدم و التخلف ليس مرتبط بدين او ثقافة سنن الله الكونية
    لا تحابى احد
    النجاح مرتبط بالارادة و التخطيط السليم و العمل الدؤوب بغض النظر
    عن شكل الحكم او المجتمع اسلامى ليبرالى اشتراكى
                  

12-23-2007, 04:44 PM

مهيرة
<aمهيرة
تاريخ التسجيل: 04-28-2002
مجموع المشاركات: 946

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين (Re: Waeil Elsayid Awad)

    Quote: التقدم و التخلف ليس مرتبط بدين او ثقافة، سنن الله الكونية
    لا تحابى احد
    النجاح مرتبط بالارادة و التخطيط السليم و العمل الدؤوب، بغض النظر
    عن شكل الحكم او المجتمع اسلامى ليبرالى اشتراكى


    الأخ الكريم وائل

    شكرا على هذا العرض الشيق لذلك السفر القيم.

    لقد لخصت الموضوع بأوضح وأصدق العبارة فى الاقتباس أعلاه

    وكل عام وانت بخير

    تحياتى
                  

12-24-2007, 04:26 PM

Waeil Elsayid Awad
<aWaeil Elsayid Awad
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 2843

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين (Re: مهيرة)

    الاخت مهيرة
    كل عام و الامة بخير
    نحن فى زمن نحارب فيه فى كل الجبهات بعضنا اعمته نيران
    الباطل عن ضؤ الحق
    الهم اهدنا و اهدى بنا
                  

12-23-2007, 04:31 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين (Re: Waeil Elsayid Awad)

    ما نعيشه الان هو لعب مخابرات و تصفية حسابات لعبة لا علاقة للاسلام بها



    للاسلام علاقة بها
    هؤلاء واؤلئك ضحايا للمنهج

    ارجع الي القران المكي والمدني
    لتجد الناسخ والمنسوخ يا عزيزي

    ايات السماح وهي مكية وايات السيف وهي مدنية

    والمسلم لم يستطع ان يعمل انفاذ ونسخ متبادل ما بين مكي ومدني الا الاستاذ محمود


    ولذلك تري ضيق الدرب لان النصوص مفارقة للعصر الان

    هل يا تري سوف تحمل سيفك للدعوة الي لا الله الا الله محمد رسول الله

    ام الدعوة تكون وفقا للسلام والامن والمحبة ودي ايات مكه تدعو لذلك
    بمعني ايه ذكر انما انت مذكر لست عليهم بمسيطر الا من تولي وكفر فيعذبه الله العذاب الاكبر

    دي مكيه
    ايات السيف اتت لتاسيس دولة المدينة

    الان لا حل سواء السلام والسلام يحتاج الي تشغيل ذهنك اون تقول ما شرحته لك اعلاه

    او عينك ماتشوف الا التكفيييير والارهاب وواضح الان للعيان
                  

12-23-2007, 04:51 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين (Re: Waeil Elsayid Awad)

    حن اول ضحايا الارهاب
    الحرب المقدسة التى تخوضها امريكا نيابة عن حلفائها الغربيين ضيقت علينا العالم اكثر مما هو ضيق

    ما نعيشه الان هو لعب مخابرات و تصفية حسابات لعبة لا علاقة للاسلام بها
    نفس الذين استخدمتهم امريكا بالوكالة فى حرب استنزاف الاتحاد السوفيتى تستخدمهم الان لاحكام سيطرتها
    على مواقع النفط الحيوية

    امريكا اكبر كذاب فى العالم غزت العراق بعد تأكيدها وجود اسلحة دمار شامل و بعدين قالوا بكل بجاحة
    غشينا عليكم.
    الارهاب فى الخمسينات و الستينات و السبعينات كان صناعة سوفيتية
    بادير ماينهوف و الالوية الحمراء و كارلوس و المنظمات الفلسطينية حمراء اللون
    ثم تحول وانتج بالعون الذاتى ارهاب سيخى فى الهند اودى بحياة انديرا غاندى و ارهاب
    التاميل الذى اطاح براجيف غاندى
    من هو اسامة او الظواهرى علامات استفهام كثيرة تدور عليهما. ان كان الارهاب الاسلامى قد
    خرج من عباءة الجماعة الاسلامية و جماعة الجهاد المصريتين فأن قادتهما تبرؤ من العنف و اخرجوا المراجعات
    التى تنسف اى مرجعية شرعية لافعال بن لادن و تابعه الظواهرى

    [Email] [Profile] [Edit] [اضف رد]



    عزيزي وائل عيد مبارك عليك

    بالله ارجع الوراء لتري وتعرف كمية السيوف والخناجر التي ازهقت ارواح في صدر الدولة الدينية

    حتي طالت احد الخلفاء وكفر من احد الفرق الاخري
    اقصد علي بن ابي طالب وقاتله يري انه فعل شيئا عظيما

    وتسلسل الي ان تصل لحالنا المخزي اليوم بسبب الهوس الديني


    تعرض للدولتين العباسية والاموية وظلمها لال البيت النبوي

    وتعال الي السنابك التي حفرت اراضي سالمة اوان الدولة العثمانية وهي خلافة المسلمين

    يا عزيزي يجب تناول التاريخ بوجهة صادقة حتي نخرج من هذا الزقاق الضيق
    الذي ادخلنا فيه اهل العقل المغلق

    سوف ارجع لك بمصادر سنية وليست شيعية وبرضو بمصادر شيعية وليست سنية
    لتعرف مدي عدم فهمنا للتاريخ المشترك
                  

12-23-2007, 10:26 PM

سيف النصر محي الدين محمد أحمد

تاريخ التسجيل: 04-12-2011
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين (Re: Sabri Elshareef)

    Quote: يأتيك برأيه هذا يعجبني وهذا لا يعجبني وهذا أحبه وهذا اكرهه
    من غير مجهود ولا تحليل ولا تبيان لأوجه (البياخة) في الطرح
    وكأن رأيه في الأشياء هو مسوق لنا لموافقته الرأي








                  

12-23-2007, 10:58 PM

سيف النصر محي الدين محمد أحمد

تاريخ التسجيل: 04-12-2011
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين (Re: سيف النصر محي الدين محمد أحمد)

    Quote: ذم الرجل فيه كل الأديان و الأفكار في العالم و قدم صورة وردية عن ماضي الخلافة الأسلامية في المقابل..لا حديث عن الصراعات..و لا الفتن و لا العصبيات


    مكرر للفائدة.
                  

12-24-2007, 04:31 PM

Waeil Elsayid Awad
<aWaeil Elsayid Awad
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 2843

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين (Re: سيف النصر محي الدين محمد أحمد)

    الاخ سيف النصر
    كل عام و انت بخير
    اراد مؤلف الكتاب ان يعرض الصورة الوردية لان انشغالنا بنقد تأريخنا (و هو عمل مطلوب )
    زرع فينا الاحساس بأن ماضينا كله اسود
    بعض الاباء لحرصهم على تربية ابنائهم يمارسون ضدهم النقد و التوجيه و حتى الضرب
    لكن انجح الاباء هو من يعرف كيف يستثمر ايجابيات ابنائه و ينميها فيهم وهذا غرض الكتاب


    تحياتى
                  

12-24-2007, 04:19 PM

Waeil Elsayid Awad
<aWaeil Elsayid Awad
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 2843

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين (Re: Sabri Elshareef)

    الاخ صبرى
    فقه الدولة غير فقه المجتمع غير فقه الافراد
    المشاكل حصلت عندما خلط الناس بين هذه الثلاثة
    الرسول صلى الله عليه و سلم دعى و صالح و حارب و قاتل وقتل و عفى
    قطع السارق و رجم الزانى
    اطعم الفقير و الان جانبه للوضيع
    رحم الصغير ووقر الكبير
    تبسم فى وجه اصحابه و غضب لله
    شاور فيما ليس فيه امر الهى و خضع لامر الله حتى فيما يكره
    نحن قدوتنا الرسول صلى الله عليه و سلم و ان كنا و محال ان نصل لمقامه
    ندع لمخالفينا بالهداية و لانفسنا قبل ذلك
    نحب الصحابة و التابعين و الصالحين و كل من قال لا اله الا الله
    نعلم ان البشر غير كاملين فلا نطلب الكمال فى البشر
    كل الناس حتى الصحابة غير معصومين من الخطأ و لكنهم تربية محمد صلى الله عليه و سلم
    تاريخنا فيه الابيض و الاسود و الرمادى و الاحمر بلون الدم
    و لكنا ايجابيون نبحث عن الحكمة و نطلبها حتى من غيرنا
    اذا ما تفعله العصابات الارهابية خطأ فان ما تفعله امريكا بنا خطيئة
    منذ الحرب العالمية الثانية و اصابع امريكا خلف كل كارثة تصيب العالم
                  

12-24-2007, 03:05 PM

Waeil Elsayid Awad
<aWaeil Elsayid Awad
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 2843

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المرأة في المجتمع الجاهلي : (Re: Waeil Elsayid Awad)

    المرأة في المجتمع الجاهلي :
    وكانت المرأة في المجتمع الجاهلي عرضة غبن وحيف ، وتؤكل حقوقها وتُبْتز أموالها وتُحرم إرثها وتعضل بعد الطلاق أو وفاة الزوج من أن تنكح زوجاً ترضاه(88) وتورث كما يورث المتاع أو الدابة(89) ، عن ابن عباس قال : (( كان الرجل إذا مات أبوه أو حميّه فهو أحق بامرأته ، إن شاء أمسكها أو يحبسها حتى تفتدي بصداقها أو تموت فيذهب بمالها )) وقال عطاء بن أبي رباح: إن أهل الجاهلية كانوا إذا هلك الرجل فترك امرأة حبسها أهله على الصبي يكون فيهم وقال السُدّي : إن الرجل في الجاهلية كان يموت أبوه أو أخوه أو ابنه فإذا مات وترك امرأته فإن سبق وارث الميت فألقى عليها ثوبه فهو أحق بها أن ينكحها بمهر صاحبه أو يُنكحها فيأخذ مهرها ، وإن سبقته فذهبت إلى أهلها فهي أحق بنفسها(90) وكانت المرأة في الجاهلية يطفف معها الكيل ، فيتمتع الرجل بحقوقه ولا تتمتع هي بحقوقها ، يؤخذ مما تؤتي من مهر وتمسك ضراراً للاعتداء(91) ، وتلاقي من بعلها نشوزاً أو إعراضاً وتترك في بعض الأحيان كالمعلقة(92) ومن المأكولات ما هو خالص للذكور ومحرم على الإناث(93) ، وكان يسوغ للرجل أن يتزوج ما يشاء من النساء من غير تحديد(94) .
    وقد بلغت كراهة البنات إلى حد الوأد . ذكر الهيثم بن عدي – على ما حكاه عنه الميداني- أن الوأد كان مستعملا في قبائل العرب قاطبة ، فكان يستعمله واحد ويتركه عشرة ، فجاء الإسلام ، وكانت مذاهب العرب مختلفة في وأد الأولاد فمنهم من كان يئد البنات لمزيد الغيرة ومخافة لحوق العار بهم من أجلهن ، ومنهم من كان يئد من البنات من كانت زرقاء أو شيماء (سوداء) أو برشاء (برصاء) أو كسحاء (عرجاء) تشاؤماً منهم بهذه الصفات ، ومنهم من كان يقتل أولاده خشية الإنفاق وخوف الفقر ، وهم الفقراء من بعض قبائل العرب فكان يشتريهم من بعض سراة العرب وأشرافهم(95) . قال صعصعة بن ناجية : جاء الإسلام وفديت ثلاثمائة موءودة(96) ومنهم من كان ينذر- إذا بلغ بنوه عشرة – نحر واحد منهم كما فعل عبدالمطلب ، ومنهم من يقول : الملائكة بنات- الله سبحانه عما يقولون- فألحقوا البنات به تعالى فهو عز وجل أحق بهن(97) .
    وكانوا يقتلون البنات ويئدونهن بقسوة نادرة في بعض الأحيان ، فقد يتأخر وأد الموءودة لسفر الوالد وشغله فلا يئدها إلا وقد كبرت وصارت تعقل ، وقد حكوا في ذلك عن أنفسهم مبكيات ، وقد كان بعضهم يلقي الأنثى من شاهق(98) .

    العصبية القبلية والدموية في العرب :
    وكانت العصبية القبلية والدموية شديدة جامحة ، وكان أساسها جاهلياً تمثله الجملة المأثورة عن العرب : ((انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً )) فكانوا يتناصرون ظالمين أو مظلومين .
    وكانت في المجتمع العربي طبقات وبيوت ترى لنفسها فضلاً على غيرها ، وامتيازاً ، فتترفع على الناس ولا تشاركهم في عادات كثيرة حتى في بعض مناسك الحج ، فلا تقف بعرفات وتتقدم على الناس في الإفاضة والإجازة (99)، وتنسأ الأشهر الحرم ، وكان النفوذ والمناصب العليا والنسيء متوارثاً ، يتوارثه الأبناء عن الآباء ، وكانت طبقات مسخرة وطبقات سُوقة وعوام ، فكان التفاوت الطبقي من مسلمات المجتمع العربي .
    وكان الحرب والغزو مما طبعت عليه طبيعتهم العربية ، وألهمتهم إياه معيشتهم البدوية ، حتى صارت الحرب مسلاة لهم وملهى فقال قائلهم (100):
    وأحياناً على بكر أخينا *** إذا ما لم نجد إلا أخانا
    هانت عليهم الحرب وإراقة الدماء حتى كانت تثيرها حادثة ليست بذات خطر ، فقد وقعت الحرب بين بكر وتغلب ابني وائل ومكثت أربعين سنة أريقت فيها دماء غزيرة ، وما ذاك إلا لأن كليباً- رئيس معدّ- رمى ضلع ناقة البسوس بنت منقذ فاختلط دمها بلبنها وقتل جساس بن مرة كليباً ،واشتبكت الحرب بين بكر وتغلب ، وكان كما قال المهلهل أخو كليب: ((قد فني الحيان وثكلت الأمهات ويتم الأولاد دموع لا ترقأ وأجساد لا تدفن(101) ))
    كذلك حرب داحس والغبراء فما كان سببها إلا أن داحساً فرس قيس بن زهير كان سابقاً في رهان بين قيس بن زهير وحذيفة بن بدر فعارضه أسدي بإيعاز من حذيفة فلطم وجهه وشغله ففاتته الخيل ، وتلا ذلك قتل ثم أخذ بالثأر ونصر القبائل لأبنائها ، وأسر ونزح للقبائل ، وقتل في ذلك ألوف من الناس(102) .
    وكانت الحياة كلها شبكة محبوكة من تراث وثارات وفشت حبائلها في القبائل وأوصى بها الآباء والأبناء ، وحملت العيشة البدوية وقلة أسباب الحياة ، والطمع والجشع ، والأحقاد والاستهانة بحياة الإنسان على الفتك والسلب والنهب ، حتى كانت أرض الجزيرة كِفة حابل لا يدري الإنسان متى يغتال وأين ينهب . وكان الناس يُتخطفون من بين عشيرتهم في القوافل ، حتى احتاجت الدول القوية إلى الخفارة الساهرة ، والبذرقة القوية(103) ، فكانت عير كسرى تبذرق من المدائن حتى تدفع إلى النعمان بن المنذر بالحيرة ، والنعمان يبذرقها بخفراء من بني ربيعة حتى تدفع إلى بني هوذة بن علي الحنفي باليمامة فيبذرقها حتى تخرج من أرض بني حنيفة ثم تدفع إلى تميم وتجعل لهم جعالة فتسير بها إلى أن تبلغ اليمن وتسلم إلى عمال كسرى باليمن(104).

    ظهر الفساد في البر والبحر :
    وبالجملة لم تكن على ظهر الأرض أمة صالحة المزاج ، ولا مجتمع قائم على أساس الأخلاق والفضيلة ، ولا حكومة مؤسسة على أساس العدل والرحمة ، ولا قيادة مبنية على العلم والحكمة ، ولا دين صحيح مأثور عن الأنبياء .

    لمعات في الظلام :
    وكان النور الضعيف الذي يتراءى في هذا الظلام المطبق من بعض الأديرة والكنائس أشبه بالحباحب الذي يضيء في ليلة شديدة الظلام فلا يخترق الظلام ، ولا ينير السبيل ، وكان الذي يخرج في ارتياد العلم الصحيح ، وانتجاع الدين الحق يهيم على وجهه في البلاد ، ترفعه أرض وتخفضه أخرى ، حتى يأوي إلى رجال شواذ في الأمم والبلاد ، فيلجأ إليهم كما يلجأ الغريق إلى ألواح سفينة مكسرة ، هشمها الطوفان ، يدل على ندرتهم خبر سلمان الفارسي أكبر الرواد الدينيين في القرن السادس الذي شرق وغرب في الفحص عنهم ، ولم يزل يتنقل من الشام إلى الموصل ، ومن الموصل إلى نُصيبين ، ومن نصيبين إلى عمورية ، ويوصي به بعضهم إلى بعض ، حتى أتى على آخرهم فلم يجد لهم خامساً ، وأدركه الإسلام في هذا الظلام ، قال سلمان :
    (( لما قدمت الشام ، قلت : من أفضل أهل هذا الدين ؟ قالوا : الأسقف في الكنيسة ! قال فجئته ، فقلت : إني قد رغبت في هذا الدين ، وأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك وأتعلم منك وأصلي معك ، قال : فادخل ، فدخلت معه ، قال فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها ، فإذا جمعوا إليه منها أشياء اكتنزه لنفسه ، ولم يعطه المساكين حتى جمع سبع قلال من ذهب وورِق، قال : وأبغضته بغضاً شديداً لما رأيته يصنع ، ثم مات فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه ، فقلت لهم : إن هذا كان رجل سوء ، يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ، ولم يعط المساكين منها شيئاً ، قالوا : وما علمك بذلك ؟ قال قلت : أنا أدلكم على كنزه ، قالوا : فدلنا عليه ، قال فأريتهم موضعه ، قال : فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهباً وورقاً ، قال : فلما رأوها ، قالوا : والله لا ندفنه أبداً ، فصلبوه ثم رجموه بالحجارة ، ثم جاؤوا برجل آخر فجعلوه مكانه ، قال : يقول سلمان: فما رأيت رجلاً لا يصلي الخمس أرى أنه أفضل منه وأزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة ولا أدأب ليلاً ونهاراً منه ، قال : فأحببته حباً لم أحبه من قبل وأقمت معه زماناً ، ثم حضرته الوفاة ، فقلت له يا فلان : إني كنت معك وأحببتك حباً م أُحبه من قبلك ، وقد حضرك ما ترى من أمر الله ، فإلى من توصى بي ، وما تأمرني ؟ قال : يا بني والله ما اعلم أحداً اليوم على ما كنت عليه ، لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه إلا رجلاً بالموصل وهو فلان ، فهو على ما كنت عليه فالحق به ، قال : فلما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل ، فقلت له : يا فلان إن فلاناً أوصاني عند موته أن ألحق بك ، وأخبرني أنك على أمره . قال : فقال لي : أقم عندي ، فأقمت عنده ، فوجدته خير رجل على أمر صاحبه ، فلم يلبث أن مات فلما حضرته الوفاة ، قلت له : يا فلان ، إن فلاناً أوصى بي أليك وأمرني باللحوق بك ، وقد حضرك من الله عز وجل ما ترى ، فإلى من توصى بي وما تأمرني ؟ قال : يا بني والله ما أعلم رجلاً على مثل ما كنا عليه إلا رجلا بنصيبين وهو فلان فالحق به ، فلما مات وغيب لحقت بصاحب نصيبين فجئته فأخبرته بخبري وما أمرني به صاحبي ، قال فأقم عندي فأقمت عنده فوجدته على أمر صاحبيه ، فأقمت مع خير رجل ، فو الله ما لبث أن نزل به الموت ، فلما حضر قلت له : يا فلان إن فلاناً كان أوصى بي إلى فلان ثم أوصى بي فلان إليك ، فإلى من توصى بي وما تأمرني ؟ قال : أي بني والله ما نعلم أحداً بقي على أمرنا آمرك أن تأتيه إلا رجلاً بعمورية فإنه بمثل ما نحن عليه ، فإن أحببت فأته ، قال : فإنه على أمرنا ، قال فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية ، وأخبرته خبري ، فقال : أقم عندي ، فأقمت مع رجل على هدي أصحابه وأمرهم . قال : واكتسبت كان لي بقرات وغنيمة ، قال : ثم نزل به أمر الله ، فلما حُضِر قلت له : يا فلان ، إني كنت مع فلان ، فأوصى بي فلان إلى فلان ، وأوصى بي فلان إلى فلان ، ثم أوصى بي فلان إليك ، فإلى من توصى بي وما تأمرني ؟ قال : أي بني ، والله ما أعلم أصبح على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه ، ولكنه قد أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب مهاجراً إلى أرض بين حرتين بينهما نخل به علامات لا تخفى ، يأكل الهدية ، ولا يأكل الصدقة ، بين كتفيه خاتم النبوة ، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل )
                  

12-24-2007, 04:03 PM

Elawad
<aElawad
تاريخ التسجيل: 01-20-2003
مجموع المشاركات: 7226

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين (Re: Waeil Elsayid Awad)

    الأخ وائل
    عيد مبارك إن شاء الله و جزاك الله خيرا على مثابرتك و عرضك لهذا السفر القيم للعلامة الندوي.

    الاخ سيف النصر
    Quote: ماضي الخلافة الأسلامية في المقابل..


    فقط لتعرف أن هذا الأسلوب سهل لكنه غير كريم و لا يقدم النقاش. لا يفوتني هنا أن أشكر الاخ الكريم الزول على كلامه الذي أتفق معه فيه جملة و تفصيلا.
                  

12-24-2007, 04:22 PM

Waeil Elsayid Awad
<aWaeil Elsayid Awad
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 2843

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين (Re: Elawad)

    الاخ العوض
    عيد مبارك علينا و عليكم
    ليكن قدوتنا رسول الله فى تحمل الاذى
    بالحوار الجاد ان نعرض افكارنا التى
    تستمد قوتها من قوة الحق
                  

12-24-2007, 04:41 PM

الزوول
<aالزوول
تاريخ التسجيل: 05-14-2003
مجموع المشاركات: 2463

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين (Re: Waeil Elsayid Awad)

    السلام عليكم
    شكراً الأخ وائل على الصبر والمجهود لعرض الكتاب وأرجو أن تواصل بدون التفات للمداخلات الجانبية ( ومنها مداخلتي هذه ) وسوف نعود حتما لنقاش الكتاب بعد أن تنتهي من عرضك
    ............
    الأخ العوض
    تحية وكل سنة وانت طيب
    شكراً على تفهمك
    يبدو أن الأخ أخذ الموضوع بشكل شخصي ، وقد حاولت أن أقول له أن رأيه بدون عرض وتفصيل واستدلال لما يراه يبقى رأي شخصي وانطباعي فقط.
    ويبقي ما أتى به أن المؤلف
    Quote: ذم كل الأديان و الأفكار في العالم
    يحتاج أولاً الى إثبات من الكتاب نفسه ، ومن ثم إثبات خطله
    ويبقى ما أتى به أن المؤلف
    Quote: قدم صورة وردية عن ماضي الخلافة الإسلامية
    يحتاج ايضاً الى إثبات من الكتاب نفسه ، ومن ثم تبيان مدى الخطأ فيه
    ويبقى ما أتى به ان الكتاب ليس فيه
    Quote: حديث عن الصراعات..و لا الفتن و لا العصبيات
    قول يثبت خطأه بمجرد أن يجيئناأي قارئ للكتاب بأي اقتباس فيه
    Quote: حديث عن الصراعات..و لا الفتن و لا العصبيات

    والى ذلك الوقت تبقى (بياخة) الكتاب رأي انطباعي شخصي لا يغني عن الحق شيئاً
    .............................
    وما الناس إلا هالك وأبن هالك *** وذو نسب في الهالكين عريق
                  

12-27-2007, 08:34 PM

Elawad
<aElawad
تاريخ التسجيل: 01-20-2003
مجموع المشاركات: 7226

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين (Re: Waeil Elsayid Awad)

    فوق لمزيد من القراءة.
                  

12-28-2007, 05:56 PM

Waeil Elsayid Awad
<aWaeil Elsayid Awad
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 2843

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الفصل الثاني (Re: Waeil Elsayid Awad)

    النظام السياسي والمالي في العصر الجاهلي
    الملكية المطلقة :


    كان العصر الجاهلي مسرحاً للحكم الجائر المستبد ، فقد كانت السياسة في هذا العصر ملكية مطلقة ، قد تقوم على تقديس البيوتات الخاصة ، كما كان في فارس ، فقد كان آل ساسان يعتقدون أن حقهم في الملك مستمد من الله ، وقد عملوا كل ما في استطاعتهم للتأثير في رعاياهم حتى أذعنوا لهذا الحق الملكي المقدس وصارت لهم عقيدة يدينون بها ، وقد تقوم على تقديس الملوك مطلقاً ، فكان الصينيون يسمون ملكهم الإمبراطور ابن السماء ، ويعتقدون أن السماء ذكر ، والأرض أنثى ، وقد ولد الكائنات ، وكان الإمبراطور ختا الأول هو بكر هذين الزوجين(106) ، وكان الإمبراطور يعتبر كالأب الوحيد للأمة ، له أن يفعل ما يشاء ، وكانوا يقولون له : " أنت أبو الأمة وأمها " ولما مات الإمبراطور "لي يان" أو "تاي تسونغ" لبست الصين ثوب الحداد ، وحزنت الأمة حزناً شديداً ، فمنها من أثخن وجهه بالإبر ، ومن قطع شعره ، ومن ضرب أذنيه بجانب النعش . وقد تقوم على تقديس بعض الشعوب والأوطان كما كان في المملكة الرومية ، فكان المبدأ الأساسي هو تقديس الوطن الرومي ، والشعب الرومي . ولم تكن الأمم والبلاد إلا خادمة لمصلحتها وعروقاً يجري منها الدم إلى مركزها ، فكانت الدولة تستهين في ذلك بكل حق ومبدأ ، وتدوس كل شرف وكرامة ، وتستحل كل ظلم وشنيعة ، ولا يمنع بلاداً من هذا الحيف والظلم اشتراك في دين وعقيدة ولا إخلاص ووفاء للملكة ، ولا يعترف لها في زمن من الأزمان بحق حكمها نفسها بنفسها والتمتع بحقوقها في أرضها إنما هي ناقة ركوب في بعض الأحيان ، حلوب في بعضها ، لا يقدم لها العلف إلا ما يقيم صلبها ويدر ضرعها .
    يقول (Robert Briffault ) عن الدولة الرومية :
    (( لم يكن سبب انقراض الدولة الرومية وسقوطها الأساسي الفساد الزائد (كالرشوة وغيرها) بل كان الفساد والشر وعدم المطابقة بالواقع مما صحب نشوء هذه الدولة من أول يومها وتغلغل في أحشائها . إن كل مؤسسة بشرية تقوم على أساس زائف منها ولا تستطيع أن تنقذ نفسها بذكاء أو نشاط ، ولما كان الفساد مما قامت عليه هذه الدولة فكان لا بد أن تبيد يوماً وتنهار ، لقد رأينا أن الدولة الرومية إنما كانت وسيلة لرفاهية طبقة صغيرة على حساب الجماهير الذين كانت هذه الطبقة تستغلهم وتمتص دمائهم . لقد كانت التجارة تسير في رومة بأمانة وعدل وقد كان ذلك مما طبعت عليه هذه الدولة ، وقد كانت فائقة في قوة الحكم والقضاء ، وفي الكفاءة ، ولكن هذه المحاسن كلها لم تكن لتحفظ الدولة من عواقب الزيف الأساسي والخطأ (107))) .

    الحكم الروماني في مصر والشام :
    يقول الدكتور الفرد. ج. بتلر عن الحكم الروماني في مصر :
    (( إن حكومة مصر (الرومية) لم يكن لها إلا غرض واحد ، وهو أن تبتز الأموال من الرعية لتكون غنيمة للحاكمين ، ولم يساورها أن تجعل قصد الحكم توفير الرفاهية للرعية أو ترقية حال الناس والعلو بهم في الحياة أو تهذيب نفوسهم أو إصلاح أمور أرزاقهم ، فكان الحكم على ذلك حكم الغرباء لا يعتمد إلا على القوة ولا يحس بشيء من العطف على الشعب المحكوم(108) )).
    ويقول مؤرخ عربي شامي عن الحكم الروماني في الشام :
    (( كانت معاملة الروماني للشاميين بادئ ذي بدء عادلة حسنة مع ما كانت عليه مملكتهم في داخليتها من المشاغب والمتاعب . ولما شاخت دولتهم انقلبت إلى أتعس ما كانت عليه من الرق والعبودية ، ولم تضف رُومية بلاد الشام مباشرة ولم يصبح سكانها وطنيين رومانيين ، ولا أرضهم أرضاً رومانية ، بل ظلوا غرباء ورعايا ، وكثيراً ما كانوا يبيعون أبنائهم ليوفوا ما عليهم من الأموال ، وقد كثرت المظالم والسخرات والرقيق ، وبهذه الأيدي عمر الرومان ما عمروا من المعاهد والمصانع في الشام(109) )) .
    (( حكم الرومان الشام سبعمائة سنة بدأ معهم في البلاد النزاع والشقاق والاستبداد والأنانية وقتل الأنفس ، وحكم اليونان الشام 369 سنة سادت في عهدهم الحروب الطاحنة والمظالم وظهرت المطامع اليونانية بأعظم مظاهرها وكان حكمهم من أشد الويلات وأشأم النكبات على الأمة الشامية(110) )) .
    وبالاختصار كانت الولايات الرومية والفارسية غير مرتاحة في حكم الأجانب ، وكانت الأحوال السياسية والاقتصادية مضطربة حتى في مراكز الدولة وعواصمها .

    نظام الجباية والخراج في إيران :
    ولم يكن النظام المالي والسياسة المالية في إيران عادلة مستقرة بل كانت جائرة مضطربة في كثير من الأحوال ، تابعة لأخلاق الجباة العاملين وأهوائهم والأحوال السياسية والحربية .
    يقول مؤلف (( إيران في عهد الساسانيين )) :
    (( كان الجباة لا يتحرزون من الخيانة واغتصاب الأموال في تقدير الضرائب وجباية الأموال ، ولما كانت الضرائب تختلف كل سنة وتزيد وتنقص لم يكن دخل الدولة وخرجها مقدرين مضبوطين ، وقد كانت الحرب تنشب في بعض الأحيان وليست عند الدولة أموال تنفقها على الحرب ، فكان يلجئها ذلك إلى ضرائب جديدة ، وكانت المقاطعات الغربية الغنية- وخاصة بابل- هدف هذه الضرائب دائماً (111))) .

    كنوز الملوك ومدخراتهم :
    ولم يكن ما ينفق على أهل البلاد في إيران من مالية الدولة شيئاً كثيراً . وقد اعتاد ملوك إيران من القديم أن يكتنزوا النقود ويدخروا الطرف والأشياء الغالية(112) ، ولما نقل خسرو الثاني في المدائن أمواله إلى بناية أحدثها سنة 607- 608م وكان ما نقله 460 مليون وثمانية ملايين مثقال ذهب وذلك ما يساوي 370 مليون وخمسة ملايين فرنك ذهبي ، وفي العام الثالث عشر من جلوسه على العرش كان في خزانته 800 مليون مثقال ذهب(113) .

    الفصل الشاسع بين طبقات المجتمع :
    كان الغنى لأفراد معدودين والفقر لمعظم الأهلين ، يقول مؤلف " إيران في عهد الساسانيين " عن أخصب عهد من عهود إيران وعن أعدل ملك من ملوكها وهو كسرى أنوشروان :
    (( إن ما قام به كسرى من إصلاح النظام المالي كان في مصلحة مالية المملكة أكبر منه في مصلحة الرعية ، فلم تزل العامة يعيشون في الجهل والضنك كما كانوا في السابق وما شاهد الفلاسفة البيزنطيون من فوارق نسبية بين طبقات المجتمع والفصل الشاسع بينها والبؤس الذي كان يعش فيه رجال الطبقات المنحطة أقلق خاطرهم وانتقدوا المجتمع الفارسي بقولهم : إن الأقوياء فيه يقهرون الضعفاء ويعاملونهم بظلم وبقسوة شديدة(114) )).
    وكانت المناصب وقفاً على بعض البيوتات والسلائل ذات الثروة والجاه والنفوذ عند الحكام .
    ويقول (Robert Briffault ) عن النظام الطبقي في الدولة الرومية :
    (( مما جرت العادة أنه إذا أصيبت مؤسسة اجتماعية بالزوال والانحطاط لا يرى القائمون عليها حيلة إلا أن يمنعوها من الحركة والتطور ، لذلك كان المجتمع الرومي (في عهد الانحطاط) خاضعاً لنظام طبقي جائر يرزح تحته ، وما كان لأحد في هذا المجتمع أن يغير حرفته ، وكان لا بد للابن أن يتخذ حرفة أبيه(115) )).


    الفلاحون في إيران :
    أثقلت الضرائب المتنوعة المتجددة كاهل الجمهور حتى ترك كثير من المزارعين أعمالهم أو دخلوا الأديرة فراراً من الضرائب والخدمة العسكرية لأمة لا يحبونها أو لغرض لا يتحمسون له وفشت في الناس البطالة والجنايات وطرق غير شرعية للكسب .
    يصر قول مؤلف " إيران في عهد الساسانيين " :
    (( كان الفلاحون في شقاء وبؤس عظيم وكانوا مرتبطين بأراضيهم ، وكانوا يُستخدمون مجاناً ويكلفون كل عمل ، يقول المؤرخ " اميان مارسيلينوس " إن هؤلاء الفلاحين البؤساء كانوا يسيرون خلف الجيوش مشاة كأنه قد كتب عليهم الرق الدائم ، ولم يكونوا ينالون إعانة أو تشجيعاً من راتب أو أجرة(116) وكانت علاقة الفلاحين بالملاك أصحاب الأراضي كعلاقة العبيد بالسادة(117) )).

    الاضطهاد والاستبداد :
    واضطهد اليوم في الشام والعراق واليعقوبيون في مصر اضطهاداً كبيراً واستبد الحكام استبداداً شديداً وعاثوا في البلاد والدماء والأموال والأعراض . وتصامَّ أهل الحل والعقد عن شكواهم حتى صار الناس يعدون هذه الأوضاع الفاسدة ضربة لازب وقضاء محتوماً ، وصاروا في بعض الأيام يفضلون الموت على الحياة .

    المدنية المصطنعة والحياة المترفة :
    استحوذت على الناس في الدولتين- الفارسية والرومية- حياة الترف والبذخ وطغى عليهم بحر المدينة المصطنعة والحياة المزورة وغرقوا فيه إلى أذقانهم . فكان ملوك فارس والروم وأمراء الدولتين سادرين في غفلتهم لا هم لهم إلا اللذة والتهام الحياة ، وبذخوا بذخاً عظيماً تخطى القياس ، ودققوا في مرافق المعيشة وفضول المدنية وحواشي الحياة تدقيقاً عظيماً جداً ، فكان لكسرى أبرويز 12 ألف امرأة وخمسون ألف جواد وشيء لا يحصى من أدوات الترف والقصور الباذخة ومظاهر الثروة والنعمة ، وقصره مثال في الأبهة والغنى(118) ، يقول مكاريوس :
    (( لم يرو في التاريخ أن مليكاً بذخ وتنعم مثل الأكاسرة الذين كانت تأتيهم الهدايا والجرايات من كل البلدان الواقعة ما بين الشرق الأقصى والشرق الأدنى(119) ولما خرجوا من العراق في الفتح الإسلامي تركوا في الخزائن من الثياب والمتاع والآنية والفضول والألطاف والأدهان ما لا يدرى ما قيمته )).
    وقد وجد العرب قبابا تركية مملوءة سلالاً مختمة بالرصاص ، قال العرب : فما حسبناها إلا طعاماً فإذا هي آنية الذهب والفضة(120) )).
    ووصف المؤرخون العرب بهار كسرى الذي أصابه المسلمون يوم المدائن فقالوا :
    (( هو ستون ذراعاً في ستين ذراعاً ، بساط واحد مقدار جريب ، أرضه بذهب ووشيه بفصوص وثمره بجوهر وورقه بحرير وماء الذهب فيه طرق كالصور وفصوص كالأنهار ، وخلال ذلك كالدير ، وفي حافاته كالأرض المزروعة ، والأرض المبقلة بالنبات في الربيع من الحرير على قضبان الذهب ، ونواره بالذهب والفضة وأشباه ذلك ، وكانوا يعدونه للشتاء ، إذا ذهبت الرياحين ، فكانوا إذا أرادوا الشرب شربوا عليه فكأنهم في رياض(121) )) ، وهذا يدل على ما وصل إليه البذخ والترفه في المدنية الفارسية .
    كذلك كان الشام في الدولة الرومية وحواضرها ، وكانت الدولتان والمدنيتان – الفارسية والرومية .. كفرسي رهان في البذخ والترفه في دقائق المدنية ، وقد بذخ الأباطرة ونوابهم وأمراؤهم في الشام بذخاً عظيماً وحوى بلاطهم وقصورهم ومجالس شربهم ولهوهم من آلات الترف وأسباب الرفاهية شيئاً كثيراً ، وبلغت من الترف والأناقة شأوا بعيداً ، وقد وصف حسان بن ثابت الشاعر المخضرم مجلس جبلة بن الأيهم الغساني فقال : لقد رأيت عشر قيان خمس روميات يغنين بالرومية بالبرابط وخمس يغنين غناء أهل الحيرة أهداهن إليه إياس بن قبيصة وكان يفد إليه من يغنيه من العرب من مكة وغيرها ، وكان إذا جلس للشراب فرش تحته الآس والياسمين وأصناف الرياحين وضرب له العنبر والمسك في صحاف الفضة والذهب وأتى بالمسك الصحيح في صحاف الفضة وأوقد له العود المندَّي إن كان شاتياً ، وإن صائفاً بطن بالثلج وأتي هو وأصحابه بكسى صيفية يتفضل هو وأصحابه بها في الصيف ، وفي الشتاء الفراء الفنك وما أشبهه(122) .
    وكان الأمراء والأقيال والأغنياء ورجال البيوتات الشريفة وأفراد الطبقة الوسطى على آثار الملوك يحاولون أن يقلدوهم في لباسهم وطعامهم ومجالسهم وترفهم وكانوا يأخذون أنفسهم بعاداتهم ومناهج حياتهم ، وارتفع مستوى الحياة ارتفاعاً عظيماً وتعقدت المدنية تعقداً عظيماً ، وصار الواحد ينفق على نفسه وعلى جزء من لباسه ما يشبع قرية أو يكسو قبيلة ، وكان لابد منه لكل شريف أو وجيه ، حتى إذا أخل به وأغفله أشير إليه بالبنان وتفادته العيون ، حتى صار ذلك واجباً من وجبات الحياة وشريعة من شرائع المجتمع التي لا يحل العدول عنها . عن الشعبي قال : كان أهل فارس يجعلون قلانسهم على قدر أحسابهم في عشائرهم ، فمن تم شرفه فقيمة قلنسوته مائة ألف ، وكان هرمز ممن تم شرفه فكانت قيمتها مائة ألف وكانت مفصصة بالجوهر(123) ، وتمام شرف أحدهم أن يكون من بيوتات السبعة ومن الأزادية كان مرزبان الحيرة أزمان كسرى ، وكان قد بلغ نصف الشرف ، وكانت قيمة قلنسوته خمسين ألفاً (124) وبيع ما على رستم بسبعين ألفاً وكانت قيمة قلنسوته مائة ألف(125) .
    درج الناس على هذه المدنية المترفة وعاداتها الفاسدة ورضعوا بلبانها ونشأوا عليها حتى أصبحت لهم الطبيعة الثانية ، وعز عليهم الفصال وشق عليهم أن يتنازلوا إلى الحياة الطبعية البسيطة حتى في ساعة عصيبة وفي فاقة واضطرار ، ذكروا أن يزدجرد آخر ملوك فارس لما فر من المدائن أخذ معه ألف طاه وألف مغن وألف قيم للنمور وألف قيم للبزاة وآخرين وكان يستقل هذا العدد(126) ، واستسقى الهرمزان ملك الأهواز أمام عمر فأتى به في قدح غليظ ، فقال : لو مت عطشاً لم أستطع أن أشرب في مثل هذا . فأتي به في إناء يرضاه (127).

    الزيادة الباهظة في الضرائب :
    كانت نتيجة هذا البذخ والترف الطبيعية الزيادة الباهظة في الضرائب وسن القوانين الجديدة لابتزاز الأموال من طبقات الفلاحين والصناع والتجار وأهل الحرف حتى وصلت إلى حد الإرهاق وأثقلت كاهل الأهلين وانقضت ظهرهم .
    يقول مؤلف " إيران في عهد الساسانيين " :
    وقد جرت عادة ملوك إيران بقبول الهدايا والتقديمات من الرعية وكانوا يسمون ذلك " آيين" وكان ذلك علاوة على الضرائب الرسمية ، وكانوا يأخذون من الناس الهدايا جبراً يوم نوروز والمهرجان وكانت مناجم الذهب في أرمينيا ملكاً للملك ولنفقاته الخاصة(128) )).
    ويقول المؤرخ العربي الشامي :
    (( كان يقضي على الشعب الشامي أن يؤدي الجزية وعشر غلاته وأتاوة من المال ورسماً على كل رأس ، وللشعب الروماني موارد مهمة من الجمارك والمناجم والضرائب والحقول الصالحة لزرع الحنطة والمراعي يؤجرونها من شركات المتعهدين يسمونهم العشارين ، يبتاعون من الحكومة حق جباية الخراج ، وفي كل ولاية عدة شركات من العشارين ، ولكل شركة مستخدمون من الكتاب والجباة يظهرون في مظهر السادة ، ويتناولون أكثر مما يجب لهم أخذه ، ويسلبون نعمة الأهلين ، وكثيراً ما يبيعونهم كما يباع الرقيق(129) )).
    (( أوجز أحدهم السياسة الإمبراطورية في الرومان بقوله : (( الراعي الصالح يجز صوف غنمه ولا ينتفه )) فمضى القرنان وأباطرة الرومان يكتفون بجز سكان مملكتهم يسلبون منهم كثيراً من الأموال ولكنهم يحمونهم من العدو الخارجي(130) )) .
    شقاء الجمهور :
    وهكذا أصبح أهل البلاد في كلتا المملكتين طبقتين متميزتين تمام التمييز : طبقة الملوك والأمراء ورجال البلاط الملكي وأسرهم وعشائرهم والمتصلون بهم والأغنياء ، فكانوا يعيشون بين الأزهار والرياحين ويتقلبون في أعطاف النعيم ، وينعلون أفراسهم عسجداً ، ويكسون بيوتهم حريراً وسندساً .
    وطبقة الفلاحين والصناع والتجار الصغار وأهل الحرف والأشغال ، كانوا في جهد من العيش يرزخون تحت أثقال الحياة والضرائب والإتاوات ويرسفون في القيود والأغلال ويعيشون عيش البهائم ، لا حظ لهم في الحياة إلا العمل لغيرهم والشقاء لنعيمهم ولا همَّ لهم إلا الأكل والعلف ، فإذا سئموا هذا العيش المر تعللوا بالمسكرات والملهيات ، وإذا تنفسوا من هذا العناء رتعوا في المحرمات ،ورغم هذا الجهد في لمعيشة يجهدون أنفسهم في تقليد رجال الطبقة العليا في كثير من أساليب حياتهم ، فكان ذلك أشد من الجهد في سبيل الكفاف من الرزق والبلغة من العيش ، فتنغص حياتهم ، ويتكدر صفوهم ويشتغل بالهم .

    بين غنى مطغ وفقر منس :
    وهكذا ضاعت رسالة الأنبياء ، والأخلاق الفاضلة والمبادئ السامية في العالم المتمدن المعمور بين غنى مطغ وفقر منس ، وأصبح لغني في شغل عن الدين والاهتمام بالآخرة والتفكير في الموت وما بعده بنعيمه وترفه ، وأصبح الفلاح أو العامل في شغل عن الدين كذلك لهمومه وأحزانه وتكاليف حياته ، وأصبحت الحياة ومطالبها همَّ الغني والفقير وشغلهما الشاغل ، وكانت رحى الحياة تدور حول الناس في قوة لا يرفعون فيها إلى الدين والآخرة رأساً ، ولا يتفرغون لما يتصل بالروح والقلب والمعاني السامية ساعة .

    تصوير الجاهلية :
    وقد صور أحد كبار علماء الإسلام(131) هذه الحال فأجاد التصوير ، قال :
    (( اعلم أن العجم والروم لما توارثوا الخلافة قروناً كثيرة وخاضوا في لذة الدنيا ونسوا الدار الآخرة واستحوذ عليهم الشيطان ، وتعمقوا في مرافق المعيشة وتباهوا بها ، وورد عليهم حكماء الآفاق يستنبطون لهم دقائق المعيشة ومرافقها ، فما زالوا يعملون بها ويزيد بعضهم على بعض ويتباهون بها حتى قيل إنهم كانوا يعيرون من كان يلبس من صناديدهم منطقة أو تاجاً قيمتها دون مائة ألف درهم أو لا يكون له قصر شامخ وآبزن(132) وحمام وبساتين ، ولا يكون له دواب فارهة وغلمان حسان ، ولا يكون له توسع في المطاعم وتجمل في الملابس وذكر ذلك يطول ، وما تراه من ملوك بلادك يغنيك عن حكاياتهم ، فدخل كل ذلك في أصول معاشهم ، وصار لا يخرج من قلوبهم إلا أن تمزع ، وتولد من ذلك داء عضال دخل في جميع أعضاء المدينة وآفة عظيمة ، ولم يبق منهم أحد من أسواقهم ورستاقهم وغنيهم وفقيرهم ، إلا قد استولت عليه وأخذت بتلابيبه ، وأعجزته في نفسه وأهاجت عليه غموماً وهموماً لا أرحاء لها ، وذلك أن تلك الأشياء لم تكن لتحصل إلا ببذل أموال خطيرة ، ولا تحصل تلك الأموال إلا بتضعيف الضرائب على الفلاحين والتجار وأشباههم والتضييق عليهم ، فإن امتنعوا قاتلوهم وعذبوهم ، وإن أطاعوا جعلوهم بمنزلة الحمير والبقر تستعمل في النضح والدياس والحصاد ، ولا تقتنى إلا ليستعان بها في الحاجات ، ثم لا تترك ساعة من الغناء ، حتى صاروا لا يرفعون رؤوسهم إلى السعادة الأخروية أصلاً ولا يستطيعون ذلك ، وربما كان إقليم واسع ليس فيه أحد يهمه دينه
                  

12-29-2007, 07:22 PM

Waeil Elsayid Awad
<aWaeil Elsayid Awad
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 2843

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
من الجاهلية إلى الإسلام (Re: Waeil Elsayid Awad)

    الفصل الأول
    منهج الأنبياء في الإصلاح والتغيير

    العالم الذي واجهه محمد صلى الله عليه وسلم :


    بعث محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم والعالم بناء أصيب بزلزال شديد هزه هزاً عنيفاً ، فإذ كل شيء فيه في غير محله ، فمن أساسه ومتاعه ما تكسر ، ومنه ما التوى وانعطف ، ومنه ما فارق محله اللائق به وشغل مكاناً آخر ، ومنه ما تكدس وتكوم .
    نظر إلى العالم بعين الأنبياء فرأى إنساناً قد هانت عليه إنسانيته ،رآه يسجد للحجر والشجر والنهر ، وكل مالا يملك لنفسه النفع والضر .
    رأى إنساناً معكوساً قد فسدت عقليته ، فلم تعد تسيغ البديهيات ، وتعقل الجليات ، وفسد نظام فكره ، فإذا النظري عنده بديهي وبالعكس ، يستريب في موضع الجزم ، ويؤمن في موضع الشك . وفسد ذوقه فصار يستحلي المر ويستطيب الخبيث ، ويستمرئ الوخيم ، وبطل حسه فأصبح لا يبغض العدو الظالم ، ولا يحب الصديق الناصح .
    رأى مجتمعاً هو الصورة المصغرة للعالم ، كل شيء فيه في غير شكله أو في غير محله ، قد أصبح فيه الذئب راعياً والخصم الجائر قاضياً ، وأصبح المجرم فيه سعيداً حظيا ، والصالح محروماً شقياً لا أنكر في هذا المجتمع من المعروف ، ولا أعرف من المنكر ،ورأى عادات فاسدة تستعجل فناء البشرية ، وتسوقها إلى هوة الهلاك .
    رأى معاقرة الخمر إلى حد الإدمان ، والخلاعة والفجور إلى حد الاستهتار ، وتعاطي الربا إلى حد الاغتصاب واستلاب الأموال ورأى الطمع وشهوة المال إلى حد الجشع والنهامة ورأى القسوة والظلم إلى حد الوأد وقتل الأولاد .
    رأى ملوكاً اتخذوا بلاد الله دولاً ، وعباد الله خولاً ، ورأى أحباراً ورهباناً أصبحوا أرباباً من دون الله ، يأكلون أموال الناس بالباطل ، ويصدون عن سبيل الله .
    رأى المواهب البشرية ضائعة أو زائغة لم ينتفع بها ولم توجه التوجيه الصحيح ، فعادت وبالا على أصحابها وعلى الإنسانية ، فقد تحولت الشجاعة فتكاً وهمجية ، والجواد تبذيراً وإسرافاً ، والأنفة حمية جاهلية ، والذكاء شطارة وخديعة ، والعقل وسيلة لابتكار الجنايات ، والإبداع في إرضاء الشهوات .
    رأى أفراد البشر والهيئات البشرية كخامات لم تحظ بصانع حاذق ، ينتفع بها في هيكل الحضارة ، وكألواح الخشب لم تسعد بنجار يركب منها سفينة تشق بحر الحياة .
    رأى الأمم قطعاناً من الغنم ليس لها راع ، والسياسة كجمل هائج حبله على غاربه ، والسلطان كسيف في يد سكران يجرح به نفسه ، ويجرح به أولاده وإخوانه .

    نواحي الحياة الفاسدة :
    إن كل ناحية من نواحي هذه الحياة الفاسدة تسترعي اهتمام المصلح وتشغل باله ، فلو كان رجل من عامة رجال الإصلاح لتوفر على إصلاح ناحية من نواحيها ، وظل طول عمره يعالج عيباً من عيوب المجتمع ويعانيه ، ولكن نفسية الإنسان معقدة التركيب دقيقة النسج كثيرة المنافذ والأبواب ،خفية التخلص والتنصل ، وإنها إذا زاغت أو اعوجت لا يؤثر فيها إصلاح عيب من عيوبها وتغيير عادة من عاداتها ، حتى يغير اتجاهها من الشر إلى الخير ومن الفساد إلى الصلاح ، وتقتلع جرثومة الفساد من النفس البشرية التي قد تنبت بفساد المجتمع واختلال التربية كما تنبت الحشائش الشيطانية في أرض كريمة ، وتحسم مادة الشر ويغرس فيها حب الخير والفضيلة ومخافة الله عز وجل .
    وكل داء من أدواء المجتمع الإنساني وكل عيب من عيوب الجيل الحاضر يتطلب إصلاحه حياة كاملة ، ويستغرق عمر إنسان بطوله ، وقد يستغرق أعمار طائفة من المصلحين ولا يزول ، فإذا ذهب أحد يطارد الخمر في بلاد قد نشأت على حياة الترف والبذخ ودانت باللهو واللذة أعياه أمرها وحبطت جهوده ، لأن شرب الخمر ليس إلا نتيجة نفسية تعشق اللذة حتى في السم ، وتبتغي النشوة حتى في الإثم ، فلا تهجره بمجرد الدعاية والنشر والكتب الخطب وبيان مضاره الطبية ومفاسده الخلقية ، وبسن القوانين الشديدة والعقوبات الصارمة(134) لا تهجره إلا بتغيير نفس عميق ، وإذا أرغمت على تركه بغير هذا التغيير تسللت إلى غيره من أنواع الجريمة واستباحته بتغيير الأسماء والصور .

    لم يكن الرسول رجلاً إقليمياً أو زعيماً وطنياً :
    وكان مجال العمل في بلاد العرب فسيحاً إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم رجلاً إقليمياً وسار في قومه سيرة القادة السياسيين والزعماء الوطنيين ، كان له أن يعقد للأمة العربية لواء تنضم إليه قريش والقبائل العربية ، ويكوِّن إمارة عربية قوية موحدة يكون رئيسها ، ولاشك أن أبا جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وغيرهما كانوا في مقدمة من ينضم إلى هذا اللواء القومي ، ويقاتلون تحته ويقلدونه الزعامة . أما كانوا يشهدون بصدقه وأمانته ؟ أما حكموه في أكبر حادث من حوادث حياتهم المكية ومنحوه أكبر شرف ، إذ حكموه في وضع الحجر الأسود في مكانه من البيت ؟ أما قالوا له على لسان عتبة ، وهم ما عرفوا الإغراء السياسي : (( إن كنت إنما بك الرياسة عقدنا ألويتنا لك فكنت رأساً ما بقيت(135) )) ، وإذا صار له ذلك كان يمكنه أن يرمي الدولة الفارسية بفرسان العرب وشجعانهم ، وينتصر للعروبة المهضومة ، وينتصر من العجم الظالمين ، ويغرز علم الفتح العربي والمجد القومي على هضاب الروم وفارس، وإذا لم يكن من حكمة السياسة أن يناجز إحدى الإمبراطوريتين في ذلك الحين، فكان يمكنه أن يغير على اليمن أو الحبشة أو جارة أخرى ويصمها إلى الإمارة العربية الوليدة.
    وكانت في الحياة العربية نواح اجتماعية واقتصادية كثيرة تحتاج إلى حنكة سياسي وكفاية إداري وعزيمة عصامي وابتكار عبقري ، فلو قيض لها رجل من هؤلاء الرجال لكان للعرب شأن كبير وتاريخ جديد .

    لم يبعث لينسخ باطلا بباطل :
    ولكنّ محمداً صلى الله عليه وسلم لم يبعث لينسخ باطلاً بباطل ويبدل عدواناً بعدوان ، ويحرم شيئاً في مكان ويحله في مكان آخر ، ويبدل أثرة أمة بأثرة أمة أخرى ، لم يبعث زعيماً وطنياً أو قائداً سياسياً ، يجر النار إلى قرصه ويصغي الإناء إلى شقه ، ويخرج الناس من حكم الفرس والرومان إلى حكم عدنان وقحطان . وإنما أرسل إلى الناس كافة بشيراً ونذيراً ، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً ، إنما أرسل ليخرج عباد الله جميعاً من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ، ويخرج الناس جميعاً من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ، ويحل لهم الطيبات ، ويحرم عليهم الخبائث ، ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم .
    فلم يكن خطابه لأمة دون أمة ووطن دون وطن ، ولكن كان خطابه للنفس البشرية وللضمير الإنساني ، وكانت أمته العربية لانحطاطها وبؤسها أحق من يبدأ به مهمته الإصلاحية وجهاده العظيم ، وكانت أم القرى والجزيرة العربية لموقعها الجغرافي واستقلالها السياسي خير مركز لرسالته ، وكانت الأمة العربية بخصائصها النفسية ومزاياها الأدبية خير محل لدعوته وخير داعية لرسالته .

    قفل الطبيعة البشرية ومفتاحها :
    ولم يكن صلى الله عليه وسلم من عامة المصلحين الذين يأتون البيوت من ظهورها ، أو يتسللون إليها من نوافذها ، ويكافحون بعض الأدواء الاجتماعية والعيوب الخلقية فحسب ، فمنهم من يوفق لإزالة بعضها مؤقتاً في بعض نواحي البلاد ، ومنهم من يموت ولم ينجح في مهمته (136) .
    أتى النبي صلى الله عليه وسلم بيت الدعوة والإصلاح من بابه ، ووضع على قفل الطبيعة البشرية مفتاحه ، ذلك القفل المعقد الذي أعيا فتحه جميع المصلحين في عهد الفترة ، وكل من حاول فتحه من بعده بغير مفتاحه . ودعا الناس إلى الإيمان بالله وحده ، ورفض الأوثان والعبادات والكفر بالطاغوت بكل معاني الكلمة وقام في القوم ينادي : (( يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا !)) ودعاهم إلى الإيمان برسالته ، والإيمان بالآخرة
                  

12-30-2007, 03:27 PM

Waeil Elsayid Awad
<aWaeil Elsayid Awad
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 2843

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الفصل الثاني (Re: Waeil Elsayid Awad)

    رحلة المسلم من الجاهلية إلى الإسلام

    دفاع الجاهلية عن نفسها :
    ما أخطأ المجتمع الجاهلي فهم هذه الدعوة ومراميها ، وما غُمَّ على أهله أمرها ، وأدركوا عندما قرع أسماعهم صوت النبي صلى الله عليه وسلم أن دعوته إلى الإيمان بالله وحده سهم مسدَّد إلى كبد الجاهلية ونعي لها ، فقامت قيامة الجاهلية ودافعت عن تراثها دفاعها الأخير ، وقاتلت في سبيل الاحتفاظ به قتال المستميت ، وأجلبت على الداعي صلى الله عليه وسلم بخيلها ورجلها ، وجاءت بحدها وحديدها : {وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ } ووجد كل ركنٍ من أركان هذه الحياة ومن أثافي الجاهلية نفسه مهدداً وحياته منذرة ، وهنا وقع ما تحدث عنه التاريخ من حوادث الاضطهاد والتعذيب ، وكان ذلك آية توفيق النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أصاب الغرض ، وضرب على الوتر الحساس ، وأصاب الجاهلية في صميمها وفي مقتلها ، وثبت النبي صلى الله عليه وسلم على دعوته ثبوتاً دونه ثبوت الراسيات ، لا يثنيه أذى ، ولا يلويه كيد ، ولا يلتفت إلى إغراء ، ويقول لعمه : (( يا عم لو وضعت الشمس في يميني والقمر في يساري ما تركت هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك في طلبه(137))).

    في سبيل الدين الجديد :
    مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة حجة يدعو إلى الله وحده والإيمان برسالته واليوم الآخر في كل صراحة ، لا يكنى ولا يلوّح ولا يلين ، ولا يستكين ولا يحابي ولا يداهن ويرى في ذلك دواء لكل داء ، وقامت قريش وصاحوا به من كل جانب ، ورموه عن قوس واحدة ، وأضرموا البلاد عليه ناراً ليحولوا بينه وبين أبنائهم وإخوانهم فأصبح الإيمان به والانحياز له جد الجد ، لا يتقدم إليه إلا جاد مخلص هانت عليه نفسه ، وعزم على أن يقتحم لأجله النيران ، وتمشي إليه ولو على حسك السعدان ، فتقدم فتية من قريش لا يستخفهم طيش الشباب ، ولا يستهويهم مطمع من مطامع الدنيا ، إنما همهم الآخرة وبغيتهم الجنة ، سمعوا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فضاقت عليهم الحياة الجاهلية بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وقلقت بهم مضاجعهم ، فكأنهم على الحسك ، ورأوا أنهم لا يسعهم إلا الإيمان بالله ورسوله فآمنوا وتقدموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو في بلدهم وبين سمعهم وبصرهم فكانت رحلة طويلة شاقة لما أقامت قريش بينه وبين قومه من عقبات ، ووضعوا أيديهم في يديه ، وأسلموا أنفسهم وأرواحهم إليه ، وهم من حياتهم على خطر ، ومن البلاء والمحنة على يقين ، سمعوا القرآن بقول : { الم{1} أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ{2} وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ } وسمعوا قوله تعالى : {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ } فما كان من قريش إلا ما توقعوه ، وقد نثرت كنانتها ، وأطلقت عليهم كل سهم من سهامها ، فما زادهم كل هذا إلا ثقة وتجلداً ، وقالوا : { هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً } ولم يزدهم هذا البلاء والاضطهاد في الدين إلا متانة في عقيدتهم وحمية لدينهم ومقتاً للكفر وأهله ، وإشعالاً لعاطفتهم وتمحيصاً لنفوسهم فأصبحوا كالتبر المسبوك واللجين الصافي ، وخرجوا من كل محنة وبلاء خروج السيف بعد الجلاء .

    التربية الدينية :
    هذا والرسول صلى الله عليه وسلم يغذِّي أرواحهم بالقرآن ويربي نفوسهم بالإيمان ويخضعهم أمام رب العالمين خمس مرات في اليوم عن طهارة بدن وخشوع قلب وخضوع جسم وحضور عقل ، فيزدادون كل يوم سمو روح ونقاء قلب ونظافة خلق وتحرراً من سلطان الماديات ومقاومة للشهوات ونزوعاً إلى رب الأرض والسموات ، ويأخذهم بالصبر على الأذى والصفح الجميل وقهر النفس ، لقد رضعوا حب الحرب وكأنهم ولدوا مع السيف ، وهم من أمة ، من أيامها حرب بسوس وداحس والغبراء ، وما يوم الفجار ببعيد . ولكن الرسول يقهر طبيعتهم الحربية ويكبح نخوتهم العربية ، ويقول لهم : { كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ } فانقهروا لأمره وكفوا أيديهم ، وتحملوا من قريش ما تسيل منه النفوس في غير جبن وفي غير عجز ، ولم يسجل التاريخ حادثة دافع فيها مسلم في مكة عن نفسه بالسيف مع كثرة الدواعي الطبيعية إلى ذلك وقوتها ، وذلك غاية ما روي في التاريخ من الطاعة والخضوع ، حتى إذا تعدت قريش في الطغيان وبلغ السيل الزبى أذن الله لرسوله ولأصحابه بالهجرة : وهاجروا إلى يثرب وقد سبقهم إليها الإسلام .

    في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم :
    والتقى أهل مكة بأهل يثرب . لا يجمع بينهم إلا الدين الجديد . فكان أروع منظر لسلطان الدين شهده التاريخ . وكان الأوس والخزرج لم ينفضوا عنهم غبار حرب بعاث . ولا تزال سيوفهم تقطر دماً . فألَّف الإسلام بين قلوبهم . ولو أنفق أحد ما في الأرض جميعاً ما ألَّف بين قلوبهم . ثم آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم وبين المهاجرين . فكانت أخوة تزري بأخوة الأشقاء . وتبذ كل ما روي في التاريخ من خلة الأخلاء .
    كانت هذه الجماعة الوليدة- المؤلفة من أهل مكة المهاجرين وأهل يثرب الأنصار- نواة للأمة الإسلامية الكبيرة التي أخرجت للناس ومادة للإسلام ، فكان ظهور هذه الجماعة في هذه الساعة العصيبة وقاية للعالم من الانحلال الذي كان يهدده . وعصمة للإنسانية من الفتن والأخطار التي أحدقت بها . لذلك قال الله تعالى لما حض على الأخوة والألفة بين المهاجرين والأنصار : { إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ } .

    انحلت العقدة الكبرى :
    ولم يزل الرسول صلى الله عليه وسلم يربيهم تربية دقيقة عميقة . ولم يزل القرآن يسمو بنفوسهم ويذكي جمرة قلوبهم . ولم تزل مجالس الرسول صلى الله عليه وسلم تزيدهم رسوخاً في الدين وعزوفاً عن الشهوات ، وتفانياً في سبيل المرضاة ، وحنيناً إلى الجنة ، وحرصاً على العلم وفقهاً في الدين ومحاسبة للنفس . يطيعون الرسل في المنشط والمكره . وينفرون في سبيل الله خفافاً وثقالاً . قد خرجوا مع الرسول للقتال سبعاً وعشرين مرة في عشر سنين . وخرجوا بأمره لقتال العدو أكثر من مائة مرة . فهان عليهم التخلي عن الدنيا وهانت عليهم رزيئة أولادهم ونسائهم في نفوسهم . ونزلت الآيات بكثير مما لم يألفوه ولم يتعودوه . وبكل ما يشق على النفس إتيانه في المال والنفس والولد والعشيرة فنشطوا وخفوا لامتثال أمرها . وانحلت العقدة الكبرى- عقدة الشرك والكفر- فانحلت العقد كلها وجاهدهم الرسول جهاده الأول فلم يحتج إلى جهاد مستأنف لكل أمر ونهي . وانتصر الإسلام على الجاهلية في المعركة الأولى- فكان النصر حليفه في كل معركة ، وقد دخلوا في السلم كافة بقلوبهم وجوارحهم وأرواحهم كافة ، لا يشاقون الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى ، ولا يجدون في أنفسهم حرجاً مما قضى ولا يكون لهم الخيرة من بعد ما أمر أو نهى . حدثوا الرسول عما اختانوا أنفسهم ، وعرضوا أجسادهم للعذاب الشديد إذا فرطت منهم زلة استوجبت الحد- نزل تحريم الخمر والكئوس المتدفقة على راحاتهم ، فحال أمر الله بينها وبين الشفاه المتلمظة والأكباد المتقدة ، وكسرت دنان الخمر فسالت في سكك المدينة .
    حتى إذا خرج حظ الشيطان من نفوسهم ، بل خرج حظ نفوسهم من نفوسهم . وأنصفوا من أنفسهم إنصافهم من غيرهم . وأصبحوا في الدنيا رجال الآخرة وفي اليوم رجال الغد . لا تجزعهم مصيبة ولا تبطرهم نعمة ولا يشغلهم فقر ولا يطغيهم غنى ولا تلهيهم تجارة ولا تستخفهم قوة ، ولا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً . وأصبحوا للناس القسطاس المستقيم قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسهم أو الوالدين والأقربين . وطَّأ لهم أكناف الأرض وأصبحوا عصمة للبشرية ووقاية للعالم وداعية إلى دين الله . واستخلفهم الرسول صلى الله عليه وسلم في عمله ولحق بالرفيق الأعلى قرير العين من أمته ورسالته .



    أغرب انقلاب وقع في تاريخ البشر :
    لقد كان هذا الانقلاب الذي أحدثه صلى الله عليه وسلم في نفوس المسلمين وبواسطتهم في المجتمع الإنساني أغرب ما في تاريخ البشر ، وقد كان هذا الانقلاب غريباً في كل شيء : كان غريباً في سرعته وكان غريباً في عمقه وكان غريباً في سعته وشموله . وكان غريباً في وضوحه وقربه إلى الفهم . فلم يكن غامضاً ككثير من الحوادث الخارقة للعادة ، ولم يكن لغزاً من الألغاز . فلندرس هذا الانقلاب عملياً ، ولنتعرف مدى تأثيره في المجتمع الإنساني والتاريخ البشري .

    تأثير الإيمان الصحيح في الأخلاق والميول :
    كان الناس- عرباً وعجماً- يعيشون حياة جاهلية ، يسجلون فيها لكل ما خلق لأجلهم ويخضع لإرادتهم وتصرفهم ، لا يثيب الطائع بجائزة ولا يعذب العاصي بعقوبة ولا يأمر ولا ينهى ، فكانت الديانة سطحية طافية في حياتهم ، ليس لها سلطان على أرواحهم ونفوسهم وقلوبهم ، ولا تأثير لها في أخلاقهم واجتماعهم . كانوا يؤمنون بالله كصانع أتم عمله واعتزل وتنازل عن مملكته لا ناس خلع عليهم خلعة الربوبية . فأخذوا بأيديهم أزمّة الأمر وتولوا إدارة المملكة وتدبير شئونها وتوزيع أرزاقها ، إلى غير ذلك من مصالح الحكومة المنظمة ، فكان إيمانهم بالله لا يزيد على معرفة تاريخية ، وكان إيمانهم بالله وإحالتهم خلق السموات والأرض إلى الله لا يختلف عن جواب تلميذ من تلاميذ فن التاريخ يقال له : من بنى هذا القصر العتيق ؟ فيسمى ملكاً من الملوك الأقدمين من غير أن يخافه يخضع له ، فكان دينهم عارياً عن الخشوع لله ودعائه ، وما كانوا يعرفون عن الله ما يحببه إليهم ، فكانت معرفتهم مهمة غامضة ، قاصرة مجملة ، لا تبعث في نفوسهم هيبة ولا محبة .
    وهذه الفلسفة اليونانية قد عرفت بواجب الوجود في سلوب ، ليست فيها صفة مثبتة من صفات القدرة والربوبية والإعطاء المنع والرحمة ، ولم تثبت له إلا الخلق الأول ، ونفت عنه الاختيار والعلم والإرادة ، ونفت الصفات وقرَّرت كليات كلها حط من قدر الخالق وقياس على الخلق ، والسلوب إذا اجتمعت لم تفد فائدة إيجاب واحد ، ولم نعلم مدينة واحدة ولا مجتمعاً ولا نظاماً ولا عملاً ولا بناية قامت على مجرد أسلوب ، فتجردت الديانة في أوساط الفلسفة الإغريقية عن روح الخشوع والاستكانة لله والالتجاء إليه في الحوادث ومحبته بكل القلب . وهكذا فقدت الديانة السائدة على العالم روحها وأصبحت طقوساً وتقاليد وأشباحاً للإيمان .
    انتقل العرب والذين أسلموا من هذه المعرفة العليلة الغامضة الميتة إلى معرفة عميقة واضحة روحية ذات سلطان على الروح والنفس والقلب والجوارح ، ذات تأثير في الأخلاق والاجتماع ، ذات سيطرة على الحياة وما يتصل بها ، آمنوا بالله الذي له الأسماء الحسنى والمثل الأعلى ، آمنوا برب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر ، الخالق البارئ المصور ، العزيز الحكيم ، الغفور الودود ، الرؤوف الرحيم ، له الخلق والأمر ، بيده ملكوت كل شيء ، يجير ولا يجار عليه ، إلى آخر ما جاء في القرآن من وصفه ، يثيب بالجنة ويعذب بالنار ، ويبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ، يعلم الخبء في السماوات والأرض ، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، إلى آخر ما جاء في القرآن من قدرته وتصرفه وعلمه ، فانقلبت نفسيتهم بهذا الإيمان الواسع العميق الواضح انقلاباً عجيباً ، فإذا آمن أحد بالله وشهد أن لا إله إلا الله انقلبت حياته ظهراً لبطن ، تغلغل الإيمان في أحشائه وتسرب إلى جميع عروقه ومشاعره ، وجرى منه مجرى الروح والدم واقتلع جراثيم الجاهلية وجذورها ، وغمر العقل والقلب بفيضانه وجعل منه رجلاً غير الرجل ، وظهر منه روائع الإيمان واليقين والصبر والشجاعة ومن خوارق الأفعال والأخلاق ما حير العقل والفلسفة وتاريخ الأخلاق ، ولا يزال موضع حيرة ودهشة منه إلى الأبد ، وعجز العلم عن تعليله بشيء غير الإيمان الكامل العميق .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de