|
جدول حصص كاتب
|
جغرافيا النص: المكان: بحرٌ عريض جداً.. عرض هذا الأنف.. وهذا الحلم الفطير.. وبعض حجارة سوداء موزّعة بعشوائيةٍ مدهشة.. مما يعني.. أنّ هذا المكان يصلح للعشاقِ ليلاً.. و"للحواتة" من ذوي المزاج "الرايق" مغيباً. الإنسان: ثمة رجل يبدو عليه الذكاء الشديد و السذاجة معاً.. وبعض حزن ٍغير ظاهر.. يجلسُ على صخرةٍ سوداء كبيرة.. مادّاً رجليه تحت الماء.. ليصابَ بذلك الخدر اللذيذ.. متكئٌ على جزع نجمة زرقاء نزلت لتوّها لتستحم في الماء.. استلقتْ على الشاطئ حتى تسترد أنفاسها من جرّاء الرحلة الطويلة عبر هذا الفضاء البعيد.. ليداهمها هذا الرجل بالإتكاء.. فلم تملك حياله سوى الإستسلام له تماماً. بالقرب منهما خرجت سمكة بلباس البحر.. كانت تزحف على الشاطئ بغنج ٍ"سمكوي" وعرضتْ عليه "سمكوتها" في إغراء فاحش وفاضح.. لكنه أعرض عنها في استياء وبرود تام.. لأنه فرغ لتوّه من صحن "بوش" كاربْ!. خرج أطفال الماء بكرتهم "الطحلبية" يلعبون "كمبلتْْ" بالقرب من أبيهم البحر.. وكان أطفال أسفل الماء يتفوّقون دائماً على أطفال أعلى الماء.. لعبوا حتى ملوّا.. جلسوا بالقرب منه يتهامسون.. حاول أن يسترق السمع.. لكن كانت لا تصلهُ إلاّ فقاقيع ماء.. وبعد برهة انقضّوا عليه.. وصاروا يجرّونه نحو الماء ليشاركهم اللعب هناك.. لكنه روّع من فكرة "التميؤ" هذه.. وهو الذي عندما كان طفلاً كان يخشى الغرق في "طشت الغسيل".. ولكن لا مفر فقد بدأ الماء يزداد ارتفاعه على جسده.. أو بدأ جسده ينخفض داخل الماء.. وعندما أوشك أن يغطس تماماً.. أخرج أصبعه السبّابة بصعوبة.. ليلوّح بإشارة لكاتب النص ألاّ يتوقف عند هذا الحد.. فالماء على ما يبدو باردٌ جداً.. وربما عميقٌ جداً وهو يتذّكر "طشت الغسيل".. ليغوص بعد ذلك الأصبع بكاملهِ إلى أسفل.. لكنها كانت فرصة جيدة لكاتب النص ليتخلّص من ذلك الفضولي الذي أقتحم النص.. وليضفي على نزوله إلى الماء شيئاً من الغموض.. وإنجهال مصيره.. ليقف بعدها كاتب النص.. مطبقاً أوراقه تحت إبطهِ بعناية.. ويضع قلمه بين إرتفاع الاذن ومضيق الرأس.. ثم يخرج من جيبه "لفافة" خضراء.. أشعلها بحرفة.. وصار يحاور الكائنات التي تخرج من بين سحابات دخانها الكثيف.. ويكتب قصته هذه المرة في الهواء.. بعينين حمراوتين ضيقتّين.. وخيال واسع جداً.. وكان ثمة قارئ لزج يجلس على أنفهِ بهدوء.. يتابع ما يُكتب باهتمام ٍبالغ.. ومتعةٍ كبيرة . تاريخ النص : تاريخ زماني: في الساعةِ الأولى من اليوم الأول من الشهر الأول من السنة الأولى .. لبدءِ الخليقة - واحد. في الساعةِ الأخيرة من اليوم الأخير من الشهر الأخير من السنة الأخيرة. لنهاية الخليقة - اثنين. أطرح واحد من اثنين تجد النتيجة "صفر". إذن تاريخ كتابة النص الزماني- صفر، وتاريخ الأحداث- مالا نهاية، وتاريخ حكم العنكبوت- جزَرْ ثلاثة عشر. وإذا خصمنا "حق" الفطور، والمواصلات ، وكيس السعوط ، وحق "ست العرقي" ، يفضل معاك الباقي حق الورنيش السنوي. و"طُزْ" فيك يا "كتيرة" ست البيت.. حق الإيجار الاّ تخلصي.........!! تاريخ فلكي: عندما كان القمر الفقير الوسيم.. يتدارى خلف سحابةٍ ناعمة.. تسكن الرياض.. وتركب "النوبيرا".. وعندما استمعت لقصته الحزينة مع النجمة "الشديدة اللضيضة" التي " باعته " وركبّته "التونسية" وعرّست "الصائع الضائع" الشهاب.. أجهشت بالبكاء.. حتى سقطت العدسات اللاصقة على حجر"حليمة الداية" ومن يومها وناس الحلة يطلقون عليها "حليمة البعاتية".. ولم تكف السحابة الناعمة عن البكاء حتى غرّقت ناس "أمبدة" بالسيول الباردة.. وسجم خشم ناس "الحاج يوسف" و"الكلاكلات" و"كرتون كسلا" وبالعكس. تاريخ خاص: عندما سقطت قطرة ندى من زهرتي الحبيبة على قلبي الضعيف.. في ذلك الليل الموحش.. الذي صحوت فيه من النوم منخلعاً مدفوعاً بالأمل الليلي والحنين والرغبة.. وأنا بالسروال والفنيلة "أم حمّالات".. لأفض بكارة هذا الورق بوجع ٍمكتوم.. وفرحة عريس "طرشقتْ" الأمطار حفلة عرسه.. فذهب إلى الفندق مع عروسهِ منذ الثامنة مساء. عربي النص: هذا النص "قادّي" عربي تماماً، وكاتبه كذلك. دين النص: احياناً يختلط الحابل بالنابل.. والحلفاوي بالدينكاوي.. والأدروبي بالغرباوي.. والفول بالجبنة.. والفسيخ بالشربات.. أنا فقط من مواطني هذا البلد "السودان".. ومن "مشاكسيّ" هذه العاصمة "الخرطوم". فيزياء النص : عندما أضفنا الماء إلى النار، والشطة إلى السكر، والسياسة إلى الإقتصاد.. والبترول إلى الولايات، والرماد إلى العيون، والكريمات إلى البنات، والأولاد إلى بلاد الدولارات.. وستات الشاي إلى الكافتيريات، والكهرباء للأجساد، انفجر النص عن بكرة أبيه، ولم يعدْ يحفل "بقدْ" الأوزون . كيمياء النص: لماذا تركتيني وحيداً في هذا الشتاء القاسي؟! وتركتِ هذا الحلم يعاني التسوّلَ في الطرقات.. فأنيميا القلب اجتاحت الجسد كله.. لماذا تركتِ هذه العيون " تبحلّق " في هذا الفراغ القاتل.. فهذا الدم كان يغيّر أوردته وشرايينه من أجلك.. وهذا الأنف كان يتتبّع رائحتكِ أينما ذهبتِ.. وهذا الفم الذي أكلنا به "التسالي" معاً ونحن نشاهد فيلماً هندياً مكروراً.. وهذه الاذن التي كنّا نسمع بها عقد الجلاد وعركي ومصطفى معاً.. وهذه الأنامل التي كنّا نعانق بها العصافير معاً.. وهذه الأقدام الحافية التي كنّا نقصّر بها المسافة معاً.. وهذا البلد الذي كنّا نتقاسمه معاً.. ونوزّعه بكيفنا على ستات الشاي، وبتاعين الورنيش، والمتسولين، والصعاليك، والشعراء الذين ما فتئوا يقطنون بيوتهم الورقية، لماذا ضيّعت ِكل هذا؟!! أسألكِ ببراءةٍ شديدة.. ِبت أم زردْ . احياء النص: أختارُ أن يموت هذا النص واقفاً كما الأشجار بيد. وبالأخرى أدس بذرة أخرى في جوف الأرض.. إني أسمعها الآن تتململ تحت التراب تقاوم موتها.. وأقفل راجعاً تحت وخز المطرعلّه يمنحها الحياة.. ويمنحني طريقاً مائياً إلى بداية هذا النص. بداية النص: هاهو الآن يقفُ شامخاً "مسطولاً" أمام البحر.. يضع أوراقه البيضاء على الشاطئ.. بجوارها قلمه الأثير.. ويقذف بجوارهما بقايا لفافةٍ خضراء لم تنطفئ تماماً.. ويسحب جسده نحو الماء.. طافياً عليها كحلم ٍزائف.. يلمح بطرف عينه.. أصبع الرجل السبّابة.. يؤشر له ألاّ يتوقف عن كتابة النص في هذا الحد.. فالماء على ما يبدو باردٌ جداً.. وربما عميقٌ جداً.. وكانت فرصة جيدة لكاتب النص أن يغوص داخل الماء لاحقاً بالرجل.. ليكتب نصهُ الآخر. وعلى الشاطئ ما تزال الكائنات تخرج من بقايا اللُفافة الخضراء لتكمل هذا النص.. وثمة ضفدع لزج يجلس بهدوء على صخرة سوداء.. يتابع ما يُكتب باهتمام ٍ بالغ.. ومتعةٍ كبيرة .
|
|

|
|
|
|